logo
الطلاب الصينيون في أميركا.. مستقبل غامض ومخاوف من الترحيل

الطلاب الصينيون في أميركا.. مستقبل غامض ومخاوف من الترحيل

الشرق السعوديةمنذ يوم واحد

شنّت الحكومة الأميركية ما يُشبه الحرب على الطلاب الصينيين الدارسين في جامعاتها، وتعتزم إلغاء تأشيراتهم، بدعوى الخوف من تهديدهم الأمن القومي للولايات المتحدة، والتجسس لصالح وطنهم، أو "نقل العلوم"، في المجالات الحساسة، لا سيما التكنولوجيا والفيزياء وهندسة الحاسوب وغيرها، ووصل الأمر ببعض المؤيدين لهذا النهج، إلى حد وصف هؤلاء الطلاب، بأنهم "حصان طروادة".
وفي ظل تصاعد الضغوط، أصحبت هذه الشريحة من الطلاب تحت المجهر، وباتت تعيش كابوس الخوف من الترحيل، والقلق على مستقبلهم ومصيرهم الدراسي، حسبما قالوا لـ"الشرق"، بعد جهود مضنية لإقناعهم بالحديث دون الكشف عن هوياتهم.
وفي بكين، اعتبر خبراء صينيون، أن القرار الأميركي بإلغاء تأشيرات الطلاب الصينيين، يأتي ضمن "نهج حرب الرسوم الجمركية واتهامات (مخدر) الفنتانيل"، والتي يصفونها بـ"الباطلة".
أما حكومة بكين فوصفت الخطوة بأنها "هجوم صارخ على الحرية الأكاديمية والتبادلات بين الشعبين"، لكن دون الكشف عن آلية، أو خطة، ترسم ملامح بدائل لعشرات الآلاف من طلابها، المهددين بخسارة الغطاء القانوني لبقائهم في الولايات والمتحدة، وإكمال دراستهم.
كان وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو، أعلن في 28 مايو، أن بلاده بصدد تنفيذ سياسة تأشيرات جديدة تضع "أميركا أولاً، وليس الصين"، وفق تعبيره، مؤكداً أنها تستهدف الطلاب الذين يُشتبه في ارتباطهم بالحزب الشيوعي الصيني أو الذين يدرسون في مجالات تعتبرها واشنطن "حيوية"، بحسب بيان أصدرته وزارة الخارجية الأميركية آنذاك.
ومن غير المتوقع أن تقتصر السياسة الجديدة على الطلاب، ذلك أنها تأتي ضمن توجه أوسع للإدارة الأميركية لإعادة تقييم معايير منح التأشيرات للوافدين من الصين وهونج كونج، في ظل تصاعد التوتر التجاري والدبلوماسي بين البلدين.
تأتي هذه الخطوة في وقت تدهورت فيه العلاقات بين البلدين بسبب التعريفات الجمركية التي فرضها الرئيس الأميركي دونالد ترمب، على بكين، قبل أن يعُلقها لمدة 90 يوماً، وتزامن ذلك مع ما اعتبره مراقبون "حرباً على الجامعات الأميركية"، شملت خفض التمويل الفيدرالي لعدد من المؤسسات ومحاولات منع جامعة هارفارد من استقبال طلاب دوليين.
وبينما لم يتضح بعد عدد الطلاب الذين سيتأثرون بالقرار من بين 277 ألف طالب صيني يدرسون في الجامعات الأميركية، ندّدت الصين بقرار الرئيس الأميركي، معتبرة أنه "تمييزي" ويُعرقل التبادل العلمي والثقافي بين الشعبين.
وقالت السفارة الصينية بواشنطن في بيان، إن "مثل هذه الخطوة ستقوض بشكل خطير الحقوق والمصالح المشروعة للطلاب الصينيين في الولايات المتحدة. كما ستضر بصورة وسمعة الولايات المتحدة نفسها".
ترمب: نريد التحقق فقط
ورد ترمب على سؤال عما إذا ناقش الموضوع خلال مكالمته مع الرئيس الصيني شين جين بينج، الخميس، قائلاً إن "الطلاب الصينيين يأتون، لا مشكلة في ذلك.. نحن نرغب في استقبال طلاب أجانب، لكن نريد التحقق منهم.. أنتم تعرفون ما حدث في جامعتي أوبورن وكولومبيا وغيرهما، ما نريده هو الاطلاع على تلك القوائم، وهذا لا يُشكّل أي مشكلة، الأمر لا يقتصر على الصين، بل يشمل أي شخص من خارج أميركا، أي طالب دولي".
وأضاف: "عندما نرى بعض الأشخاص الذين نراقبهم، نتساءل: من أين جاء هؤلاء؟، نحن نرحب بالطلاب الأجانب ونعتز بذلك، لكننا نريد أن نرى القوائم، جامعة هارفارد لم تكن تريد إعطاءنا القائمة، لم يكونوا يتعاونون معنا، لكن أعتقد أنهم بدأوا يتصرفون بشكل أفضل الآن، ربما تحت الضغط من بعضهم البعض أيضاً".
"سلطة مطلقة"
"الشرق" التقت بعض الطلاب الصينيين في جامعات أميركية بالعاصمة واشنطن، والذين أعربوا عن صعوبة المرحلة التي يعيشونها.
دعت الطالبة في جامعة هارفارد، جيانج يورونج، إلى الوحدة. وقالت خلال حفل تخرج أقيم في 29 مايو: "نحن لا ننهض بإثبات خطأ بعضنا البعض، نحن ننهض برفضنا السماح لبعضنا البعض بالرحيل".
وقالت طالبة في مرحلة الماجستير بجامعة بنسلفانيا، طلبت عدم الكشف عن هويتها، إن الكثيرين قلقون من التحدث للصحافة أو الكتابة بسبب الإجراءات الأخيرة التي أعلنتها الحكومة الأميركية، والتي تشمل تدقيقاً متزايداً في حسابات وسائل التواصل الاجتماعي، وإمكانية إلغاء تأشيرات الطلاب الصينيين.
وأضافت أنها تشعر بالخطر وعدم الفهم، موضحة: "لدي إحساس بالإحباط، ولا أعرف بالضبط ماذا سأفعل وما هو مصيري، إن استهداف الإدارة الأميركية لنا فقط لأننا صينيون يُشعرني بالتهديد، وفي الوقت نفسه، لا أعرف ماذا أفعل الآن، إذ لم تقل الإدارة الأميركية أي المجالات الدراسية التي تعتبرها حيوية، ولا معايير التأشيرة التي سيقومون بمراجعتها ولا كيفية إلغائها".
ولم تحدد الإدارة الأميركية "المجالات الحرجة" في التخصصات الجامعية التي تنوي حظرها على الطلاب الصينيين، وعندما سُئلت المتحدثة باسم وزارة الخارجية تامي بروس، خلال مؤتمر صحافي قبل نحو أسبوع، عن كيفية تنفيذ عمليات الإلغاء عملياً، ردّت: "نحن لا نقدم تفاصيل بشأن أساليبنا في ما يتعلق بالتأشيرات".
ويبدو أن عدم إفصاح المتحدثة عن أساليب إلغاء أو مراجعة تأشيرات الطلاب الصينيين، ربما يعود في الأساس إلى الشعور بعدم الحاجة إلى تقديم تبريرات، إذ يتمتع الرئيس بسلطة مطلقة في ما يتعلق بسحب أو تقييد التأشيرات.
"ضغط سياسي"
الدبلوماسي السابق، وأستاذ العلاقات الدولية بقسم الأمن القومي في جامعة "نيو هافنط في كونيتيكت، حالياً، هوارد ستوفر، قال إن "ترمب لديه سلطة دستورية وقانونية، لا جدال فيها، على وزارتي الخارجية والأمن الداخلي، وهما الجهتان المعنيتان بإصدار ومراجعة تأشيرات الطلاب الأجانب، ما يمنحه القدرة على توجيه السياسة المتعلقة بالطلاب القادمين إلى الولايات المتحدة من سحب وإيقاف التأشيرات كيفما رأى".
لكن ستوفر، الذي عمل في السلك الدبلوماسي منذ 1980 حتى 2005، وشغل لمدة 7 سنوات منصب نائب المدير التنفيذي للجنة "مكافحة الإرهاب" التابعة لمجلس الأمن، أوضح لـ"الشرق"، أن الخطوات التي تتخذها الإدارة الأميركية تجاه الطلاب الصينيين تأتي كجزء من أدوات الضغط السياسي، وربط بين السياسة الجديدة للتأشيرات واقتراب جولة حاسمة من مفاوضات التجارة بين واشنطن وبكين، والتي ستحدد شكل العلاقات الاقتصادية بين القوتين في المستقبل".
استهداف متكرر وعدم يقين
هذه الخطوة جاءت ضمن جهود وزارة الخارجية لملاحقة المتظاهرين داخل الجامعات، والتي أدت إلى إلغاء نحو 300 تأشيرة لطلاب وزائرين، بحسب وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو.
واستهدفت هذه الإجراءات بشكل خاص جامعة هارفارد، إذ أمرت وزيرة الأمن الداخلي كريستي نويم، في 22 مايو بمنع الجامعة من قبول الطلاب الدوليين، متهمة إياها بـ"تغذية العنف، ومعاداة السامية، والتواطؤ مع الحزب الشيوعي الصيني" داخل الحرم الجامعي، ورداً على ذلك، أقامت جامعة هارفارد دعوى قضائية للطعن على قرار الحظر، ما أدى إلى إصدار أمر قضائي مؤقت بوقف تنفيذ القرار.
لكن الوقف المؤقت لم يُهدئ من روع طالبة دكتوراه صينية، في عامها الأول بكلية كينيدي بجامعة هارفارد، مؤكدة لـ"الشرق"، أنها تعيش حالة عدم يقين بشأن بقائها في الولايات المتحدة، فبينما لم تتأثر تأشيرة دراستها حتى الآن، إلا أن التغيرات الأخيرة وعدم وضوح ما ستؤول إليه الأمور في جامعة هارفارد بشأن قبول الطلاب الدوليين، وتحديداً الصينيين، جعلت من الصعب عليها التخطيط لحياتها الأكاديمية، التي تبدأ بعد 3 أشهر.
وقالت الطالبة إنها لا تزال ملتزمة ببرنامجها "لأنه خياري الأول، وأجد مجتمعاً داعماً للغاية من جامعة هارفارد ومن قسمي. ومع ذلك، أفكر أيضاً في بعض الخيارات الآمنة، مثل تأجيل الدراسة أو الانتقال إلى الدورات عبر الإنترنت لفترة من الوقت، تحسباً لتفاقم الوضع في المستقبل".
وعلى الرغم من شعورها بعدم الأمان، إلا أن الطالبة لم تُبدِ اندهاشها من سياسة استهداف الطلاب الصينيين، لافتة إلى إجراءات مماثلة قبل سنوات اتخذتها الإدارة الأميركية "لمنع الطلاب الصينيين في بعض التخصصات، كالعلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات، من مواصلة دراستهم في الولايات المتحدة، وتقييد موارد تمويلهم".
كانت إدارة ترمب الأولى، ألغت في عام 2020، تأشيرات نحو ألف باحث صيني، ومنعت إصدار تأشيرات لطلاب الدراسات العليا والباحثين الصينيين الذين تخرجوا من جامعات صينية تُصنف بأنها جزء من منظومة "الاندماج العسكري- المدني" بدعوى أن وجودهم في الجامعات الأميركية يُشكل تهديداً للأمن القومي من خلال احتمال نقل التكنولوجيا أو المعرفة إلى الجيش الصيني.
وكان المستهدف بشكل رئيسي من هذا الإعلان الطلاب الصينيين الذين يدرسون في تخصصات مثل الفيزياء والهندسة وعلوم الحاسوب، ما أدى إلى إلغاء أو رفض حوالى 3 آلاف تأشيرة في الفترة من 2020 إلى 2021.
وقال وانج زيتشن، الذي تخرج حديثاً في كلية برينستون للشؤون العامة والدولية، لـ"الشرق" من بكين، إن تصرفات الحكومة الأميركية تُوجّه رسالة واضحة للشباب الصيني مفادها أن "أميركا دولة معادية، لا يمكن التنبؤ بسلوكها، وغير مُرحبة".
وتستمر شكوك الطلاب الصينيين، على الرغم من محاولة ترمب التقليل من مخاوف حاملي تأشيرات الطلاب بشأن تدقيق إدارته، قائلاً إنه سيطمئنهم بأن كل شيء سيكون "على ما يرام" أثناء متابعتهم دراستهم في الولايات المتحدة.
وعندما سُئل، الجمعة الماضي، عن رسالته للطلاب الراغبين في البقاء في البلاد، قال ترمب: "حسناً، ستكون الأمور على ما يرام. ستكون الأمور على ما يرام".
وأضاف: "نريد فقط التحقق من حالة الطلاب كأفراد. وهذا ينطبق على جميع الجامعات".
"مخاوف" على الأمن القومي
وفي وقت تنتشر في الأوساط الأمنية والسياسية، مخاوف من أن الطلاب الصينيين ربما يكونون أدوات لجمع معلومات أو نقل تقنيات حساسة إلى بلادهم، تُظهر دراسات أن هذه الصورة النمطية لا تعكس واقع دوافع معظم الطلاب، إذ أظهرت بيانات مجلة الأكاديمية الأميركية الوطنية للعلوم PNAS، أن الولايات المتحدة استفادت بشكل كبير في مجال العلوم والتكنولوجيا من الصينيين المهاجرين إليها، وأن 87% من طلاب الدكتوراه الصينيين في الولايات المتحدة بين عامي 2005 و2015، أعلنوا نيّتهم البقاء بعد إنهاء دراستهم، على الأقل، لفترة طويلة.
مع ذلك، دافعت مديرة دراسات السياسات في مركز دراسات الهجرة المناهض للهجرة، جيسيكا فوجان، عن قرار إدارة ترمب استهداف الطلاب الصينيين، وقالت لـ"الشرق"، إن الإدارة تسعى إلى إلغاء تأشيرات الطلاب الذين يُشتبه في أن وجودهم يُشكل تهديداً لسلامة الولايات المتحدة أو أمنها القومي أو علاقاتها الخارجية، على خلفية مخاوف من التجسس، أو نقل التكنولوجيا الحساسة، أو الانخراط في أنشطة موجهة ضد الأميركيين من أصل صيني.
واعتبرت فوجان أن هذه الخطوة تأتي ضمن حملة أوسع لمواجهة ما تعتبره واشنطن محاولات تسلل واختراق من الحكومة الصينية إلى المؤسسات الأميركية، وسرقة للملكية الفكرية، وبسط السيطرة على مواطنيها حتى أثناء إقامتهم في الخارج.
ولا تنفصل الخطوة الجديدة للإدارة الأميركية عن برنامج مبادرة الصين للأمن القومي الذي أطلقه ترمب خلال ولايته الأولى عام 2018 بهدف مواجهة "تهديد واسع النطاق من الحكومة الصينية، خصوصاً ما يتعلق بسرقة الأسرار العلمية والتكنولوجية، والتجسس الاقتصادي، والتوغل في المؤسسات البحثية والأكاديمية داخل الولايات المتحدة".
خلال ذلك العام، بدأت الولايات المتحدة فك ارتباطها بالصين في مجال العلوم والتعليم العالي، بحسب أستاذ التعليم العالي بجامعة "أكسفورد"، سيمون مارجينسون، لكن ما أثار دهشته وفق تعبيره، هو السرعة وغياب التروّي في سياسة تأشيرات الطلاب هذا العام، "لا سيما تهديد ماركو روبيو بسحب التأشيرات من حامليها الصينيين الحاليين لأسباب سياسية صارخة".
وقال مارجينسون لـ"الشرق"، إن تسييس التعليم العالي ونُظم البحث العلمي واتخاذ أي قرارات في هذه المجالات بناءً على اعتبارات غير الكفاءة الفكرية أو الحقوق الإنسانية الأساسية أو الإدارة المؤسسية السليمة "يُعد خطأً فادحاً".
ولفت إلى أن الصين ارتكبت هذا الخطأ خلال الثورة الثقافية في ستينيات القرن الماضي، حينما اتخذت قرارات مصيرية بشأن التعليم والجامعات على أسس سياسية، وليست علمية أو أكاديمية، وحين أُعيدت الاستقلالية المؤسسية عام 1978، مع بداية التحول نحو اقتصاد السوق الحر، "استغرق الأمر من الجامعات الصينية عقدين من الزمن ودفعة مالية كبيرة للتعافي".
"أجزاء أخرى من العالم" وخسارة مالية وعلمية
بيانات وزارة الخارجية الأميركية ومعهد التعليم الدولي، تفيد بأن الطلاب الصينيين يُشكلون التكتل الأكبر بعد الهنود في الجامعات الأميركية، التي تعتمد بشكل كبير على الطلاب الدوليين، بما فيهم الصينيين، الذين يدفعون رسوم دراسية أعلى من نظرائهم الأميركيين.
وتعد العلوم التكنولوجية والهندسة وبرامج الرياضيات وعلوم الحاسوب، المجالات الدراسية الأكثر شعبية لدى الطلاب الصينيين الدارسين في الولايات المتحدة، ورأى مارجينسون، الأستاذ بـ"أكسفورد"، أن الولايات المتحدة استفادت من هذه الشعبية.
وأوضح أن العلوم والجامعات كانتا محوريتين للأداء الاقتصادي والمكانة العالمية للولايات المتحدة منذ الحرب العالمية الثانية، لافتاً إلى أن طلاب الدراسات العليا الصينيين يُسهمون بشكل كبير في هذا الأداء العلمي في التخصصات العلمية، بما في ذلك الهندسة والكيمياء والحوسبة.
واعتبر مارجينسون أن الحكومة الأميركية "ترتكب خطأً فادحاً يؤدي إلى نقص المواهب والدخل في الجامعات".
في المقابل، أشارت طالبة دكتوراه في هارفارد إلى أن هناك جامعات في هونج كونج واليابان وأماكن أخرى تُرحب بالطلاب الدوليين من هارفارد، بمن فيهم الصينيين، معتبرة أن هذه "إشارة إلى أن أجزاء أخرى من العالم ترحب بالمواهب العالمية، وتسعى لتوفير بيئة أكثر أماناً واستقراراً وشمولاً لنا".
وكانت دول أوروبية وآسيوية عدة أعلنت قبولها الطلاب الدوليين الذين قد يُجبرون على مغادرة جامعة هارفارد بسبب قرارات إدارة ترمب، مؤكدة استعدادها لتقديم تسهيلات لهم للدراسة في جامعاتها.
وبحسب تقرير صادر عن معهد التعليم الدولي، التحق حوالي 277 ألف طالب صيني بالجامعات الأميركية اعتباراً من العام الدراسي 2023- 2024، وهو ما يُمثّل ربع إجمالي الطلاب الدوليين، وثاني أكبر مجموعة طلابية أجنبية، وهو ما يُشكل مصدراً هاماً للتمويل والكفاءة في التعليم العالي الأميركي.
ويُحذر مارجينسون من "تبعات مالية هائلة"، خاصة على الجامعات من الدرجة الثانية والثالثة، التي تعتمد مالياً بشكل أكبر على الطلاب الأجانب، ومنهم الصينيين الذين يدفعون مصروفات دراسية كاملة.
ويعتمد الغالبية العظمى من الطلاب الصينيين على تمويلهم الذاتي، بينما يحصل الباقون على تمويل حكومي من بلدهم لإكمال دراساتهم في الخارج.
"أداة محتملة" للتجسس
عقب إعلان وزير الخارجية الأميركية ماركو روبيو إلغاءً واسع النطاق لتأشيرات الطلاب الصينيين، نددت كتلة "CAPAC" الأميركية الآسيوية والمحيط الهادئ، التي يقودها الديمقراطيون في الكونجرس، بالقرار.
وفي منشور على منصة "إكس"، وصفت الكتلة "إلغاء تأشيرات الطلاب بالجملة بناءً على الأصل القومي، ودون تحقيق، بأنه إجراء خاطئ ومعادٍ للأجانب"، معتبرةً أن رفض واشنطن هؤلاء الطلاب الذين يرغب الكثير منهم ببساطة التعلم في مجتمع حر وديمقراطي، "ليس مجرد قصر نظر، بل هو خيانة لقيمنا".
لكن المؤيدين من الحزب الجمهوري، احتفوا بقرار ترمب، وكتبت السيناتور الجمهورية آشلي مودي منشوراً عبر "إكس"، قالت فيه: "أميركا أولاً. لم تعد الولايات المتحدة تعمل في مجال استيراد التجسس. حان وقت تحرك الكونجرس وإقرار قانون إيقاف تأشيرات الحزب الشيوعي الصيني".
وكانت مودي قدمت، في مارس الماضي، مشروع قانون يحظر جميع التأشيرات للمواطنين الصينيين الراغبين في الدراسة في الولايات المتحدة.
ودعمت اللجنة المعنية بالصين في مجلس النواب الأميركي قرار روبيو، ورأت أن "نظام تأشيرات الطلاب في أميركا أصبح بمثابة "حصان طروادة" لبكين، إذ يوفر وصولاً غير مقيد إلى مؤسساتنا البحثية المرموقة، ويُشكل تهديداً مباشراً لأمننا القومي. هذا هو بالضبط نوع العمل الذي نحتاجه".
ضغط مالي على الجامعات
أستاذ العلاقات الدولية هوارد ستوفر، استبعد الطلاب الصينيين من دائرة شبهات الإدارة الأميركية، وقال لـ"الشرق": "رغم اعتقاد الإدارة الأميركية أن أولئك الذين يأتون للدراسة في مجالات تُعدُّ حرجة للأمن القومي، مثل الذكاء الاصطناعي والحوسبة الحكومية، ربما يعودون إلى وطنهم ويساهمون في جهود الصين لمنافسة الولايات المتحدة عسكرياً وفكرياً، لكن عموماً لا يُشكّل الطلاب الصينيون تهديداً حقيقياً للولايات المتحدة".
ويعتقد ستوفر أن الإدارة الأميركية تخوض الآن جهداً واسع النطاق من أجل السيطرة على الجامعات الرائدة مثل هارفارد وبرينستون وكولومبيا، وأن تقييد دخول الطلاب الصينيين إلى مثل هذه الجامعات الكبرى يمنح الرئيس الأميركي قدراً إضافياً من السيطرة، "لأن هذه الجامعات تعتمد بشكل كبير على الطلاب الأجانب الذين يدفعون الرسوم الدراسية كاملة، ليس فقط لتعزيز التنوع الفكري في مجتمعاتها الطلابية، ولكن أيضاً لدعم أوضاع الجامعة المالية".
لكن جيسيكا فوجان مديرة دراسات السياسات في مركز دراسات الهجرة، رأت أن الطلاب الصينيين "قد يشكلون تهديداً للأمن القومي الأميركي".
واستشهدت فوجان بحالات لطلاب من الصين أُلقي القبض عليهم، مؤخراً، "وهم يُقدمون معلومات سرية أو حساسة لعملاء صينيين،إضافة إلى حالات لباحثين يعملون في مؤسسات بحثية أميركية في مشاريع ممولة من الحكومة الأميركية، سرقوا تقنيات ووثائق بالغة الحساسية وسلموها لعملاء الحكومة الصينية"، على حد قولها.
وأشارت إلى أن "أي طالب صيني في الولايات المتحدة يُعتبر من منظور الحكومة الصينية بمثابة أداة محتملة في خدمة الحكومة الصينية، وبالتالي يُتوقّع منه أن يكون مستعداً دائما لتقديم معلومات لحكومته".
إجراءات سابقة في حق الطلاب الصينيين
في 31 مايو حلل حساب تابع لمجموعة الصين للإعلام (CMG) عبر مواقع التواصل، أنه بخلاف القيود السابقة التي استهدفت مجالات محددة، فإن الإجراءات الأميركية الحالية ضد الطلاب الصينيين توسّعت بشكل كبير، لتشمل نطاقاً أوسع من الطلاب.
ومنذ مارس، أُغلقت حسابات ما يربو على 1000 طالب دولي في أكثر من 200 جامعة أميركية على نظام معلومات الطلاب وتبادل الزوار (SEVIS) فجأةً ومن دون سابق إنذار.
ويُدار نظام "SEVIS" من قِبل إدارة الهجرة والجمارك الأميركية (ICE) التابعة لوزارة الأمن الداخلي، وهو نظام تتبع فيدرالي مصمم لمراقبة الوضع الأكاديمي وأنشطة الطلاب الدوليين في الولايات المتحدة.
وعادةً ما يؤدي إنهاء الوصول إلى نظام "SEVIS" إلى فقدان الإقامة القانونية، ما يجعل الطلاب المتضررين عرضة للترحيل.
وكانت الصين أدانت القيود الأميركية على التأشيرات معتبرةً أنها "ذات دوافع سياسية". وردّت الحكومة الصينية بمعارضة شديدة، واصفةً السياسة الأميركية بأنها هجوماً صارخاً على الحرية الأكاديمية والتبادلات بين الشعبين.
وصرح المتحدث باسم وزارة الخارجية، ماو نينج، خلال مؤتمر صحافي عُقد يوم 29 مايو، أن قرار الولايات المتحدة إلغاء تأشيرات الطلاب الصينيين "غير مبرر على الإطلاق"، متهماً واشنطن باستخدام "الأيديولوجيا والأمن القومي كذرائع للمساس بالحقوق والمصالح المشروعة للطلاب الدوليين القادمين من الصين، وتعطيل التبادلات بين الشعبين".
وقال ماو: "هذه الخطوة التمييزية ذات الدوافع السياسية تكشف نفاق الحكومة الأميركية فيما يُسمى التزامها بالحرية والانفتاح، وستُلحق المزيد من الضرر بصورة وسمعة الولايات المتحدة نفسها".
"ضحايا" للتوترات السياسية الداخلية
في حديث لـ"الشرق"، قارن شين تشيانج، الأستاذ ونائب مدير مركز الدراسات الأميركية بجامعة فودان في شانغهاي، القيود الأميركية على تأشيرات الطلاب الصينيين مع الإجرءات التي تتبعها إدارة ترمب في خصومتها مع الصين. وقال: "هذا يشبه نفس نهج حروب الرسوم الجمركية واتهامات (مخدر) الفنتانيل الباطلة".
واتهم شين الولايات المتحدة بأنها "تخلق مشكلات من العدم، ثم تطالب الدول الأخرى بالتفاوض على حلول بشروطها، وهي استراتيجية أشبه بإشعال حريق في منزلك وإجبار الجيران على المساعدة في إخماده".
بدوره، أكد لي هايدونج، الأستاذ في جامعة الشؤون الخارجية الصينية، المخاوف نفسها، وربط بين تحول سياسة التأشيرات وتصاعد التوترات السياسية الداخلية في الولايات المتحدة".
وقال هايدونج لـ"الشرق"، إنه "تحت ذريعة الأمن القومي، يستغل السياسيون التعليم لترويج رواية حرب ثقافية مثيرة للانقسام، حيث ينظرون إلى الطلاب الصينيين ليس باعتبارهم شركاء أكاديميين بل باعتبارهم بيادق في لعبتهم الجيوسياسية، ويدفعون نحو الفصل بين التكنولوجيا والتبادلات بين الناس لخدمة الاستراتيجيات المناهضة للصين والطموحات السياسية الشخصية".
تقويض دور أميركا في التعليم العالي
تاريخياً، كان من بين عومل ازدهار الولايات المتحدة، استقطاب المواهب العالمية، إذ ساهم الطلاب الأجانب، ومن بينهم الصينيون في مجالات كثيرة، من بينها الابتكار في مجالات مثل الذكاء الاصطناعي والبحوث الطبية الحيوية.
وهذا ما يُنبه إليه أستاذ التعليم العالي بجامعة "أكسفورد"، سيمون مارجينسون، إذ رأى أن التأثير الأوسع لقرار الإدارة الأميركية هو تقويض الدور الرائد الذي لعبته الولايات المتحدة في التعليم الدولي وجذب الدارسين من حول العالم، مستنداً إلى أن بيانات "ستادي بورتالز" المختص باستكشاف خيارات الدراسة ومقارنة برامج التعليم الدولي، التي تُظهر انخفاض عدد عمليات البحث عالمياً المتعلقة بالدراسة في أميركا إلى النصف بين 4 يناير و30 أبريل، حيث بلغت أدنى مستوى له منذ جائحة كورونا.
وفي حديث لـ"الشرق"، أشار مارجينسون إلى أن هذا حدث قبل إلغاء حق جامعة هارفارد في تسجيل الطلاب الأجانب، وتجميد المقابلات الجديدة الخاصة بتأشيرات الطلاب، والإعلان عن إعداد نظام لتفحّص حسابات المتقدمين على مواقع التواصل الاجتماعي، وتهديد وزير الخارجية ماركو روبيو.
وأضاف: "كلها عوامل من شأنها أن تُقلّل الطلب على التعليم الأميركي بشكل أكبر".
وفي ضوء النهج الذي تتبعه إدارة ترمب، تزداد الأسئلة بشأن تأثير مناخ الشك والقيود على الطلاب الأجانب، وحتى التهديد بالترحيل، على إرث الولايات المتحدة في التعليم العالمي، وذلك وسط تقديرات من أن تؤدي السياسة الجديدة، على المدى الطويل، إلى تآكل مكانة الولايات المتحدة كأرض للفرص والابتكار.

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

الإمساك بالحزب الماسكي الوليد!
الإمساك بالحزب الماسكي الوليد!

الشرق الأوسط

timeمنذ ساعة واحدة

  • الشرق الأوسط

الإمساك بالحزب الماسكي الوليد!

لا نعلم يقيناً عن الفصل الأخير لدراما ترمب وماسك، اللذين قلبا ظهر المجن بعضهما لبعض، وكان المدشن للحرب الكلامية هو «قارون» العالم الرقمي والفضائي والأرضي، إيلون ماسك. لم يمتد حبل الود طويلاً، فانقطعت المودة، و«هان الود عليه». ما يهمني في ضجيج هذا العراك المثير بين الرجلين هو دعوى إيلون ماسك أن هناك حاجة إلى حزب سياسي جديد في الولايات المتحدة، وفقاً لوكالة «رويترز». جاء ذلك بعد يوم من سؤاله في استطلاع رأي لمتابعيه على موقع «إكس» عمَّا إذا كانت هناك حاجة لحزب يمثل «80 في المائة في الوسط». ربما يقال إن ماسك غير جاد وليس «ماسكاً» بالمقترح، والمسألة ليست سوى نوع من «الكيد» والتنكيد على ترمب، خصم اليوم وحبيب الأمس. نتذكر أن البيت الأبيض أعلن أن ترمب لا يعتزم التحدّث إلى ماسك، وأنه قد يتخلى عن سيارة «تسلا» حمراء، إثر سجال حاد بين الرجلين. وأفاد مسؤولون «وكالة الصحافة الفرنسية» بأن ماسك طلب الاتصال، لكن الرئيس ترمب غير مهتم بذلك... خلاص «هان الرد عليه»! أقول إن مقترح إيلون ماسك بشأن الحاجة لتكوين «تيار ثالث» في أميركا بين الجمهوريين والديمقراطيين، يتزامن مع إعلان كارين جان بيير، المتحدثة السابقة باسم البيت الأبيض، تحت ولاية الديمقراطي الأوبامي، جو بايدن، عن استقلالها واستقالتها من المعسكر الجمهوري وانتهاجها مساراً مستقلاً سياسياً. لا نعلم عن جدوى وجدية هذا المسار المقترح، لكن الأكيد أن أميركا والعالم كله يمر بحالة انقسام سياسي حاد، ومزاج متعكر، وشهوة عارمة لنفي وشطب الآخر، ورفض أي منطقة وسطى، «لا يوجد منطقة وسطى ما بين الجنة والنار»، كما قال نزار قباني! انظر، على وجه المثال، في سلوكيات وأقوال النشطاء على منصات «السوشيال ميديا»، حروب نفي متبادلة من الكل ضد الكل... والنماذج - للأسف - كثيرة وتصل أحياناً لنوع من السفه وقصف متبادل من قذائف البذاءة والإعدام المعنوي. أظن أن العالم كله بحاجة لتيار سياسي ثقافي فكري جديد، يضخ أكسجيناً جديداً... فهل تهب نسائم هذا التيار الهوائي الجديد؟!

استهداف الضاحية الجنوبية يفتح نقاشاً داخلياً حول أداء الدولة اللبنانية
استهداف الضاحية الجنوبية يفتح نقاشاً داخلياً حول أداء الدولة اللبنانية

الشرق الأوسط

timeمنذ ساعة واحدة

  • الشرق الأوسط

استهداف الضاحية الجنوبية يفتح نقاشاً داخلياً حول أداء الدولة اللبنانية

فتح الاستهداف الإسرائيلي الأخير للضاحية الجنوبية لبيروت، نقاشاً سياسياً في الداخل اللبناني حول الأداء الرسمي للدولة اللبنانية، عبّر عنه رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع بالقول إن استهداف بيروت مجدداً «يعود إلى أنه لا دولة فعلية في لبنان». وعكس الاستهداف الإسرائيلي الرابع للضاحية الجنوبية منذ دخول اتفاق وقف إطلاق النار حيز التنفيذ في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، تضارباً بين لبنان وإسرائيل، في حين قال متحدث باسم الخارجية الأميركية تعليقاً على الغارات الإسرائيلية، ليل الخميس، إن «الولايات المتحدة تدعم حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها وحماية مجتمعاتها في الشمال من (حزب الله) والمنظمات الإرهابية الأخرى التي تروّج للعنف وتعارض السلام». وأضاف المتحدث: «تُشكل البنية التحتية والأنشطة الإرهابية لـ(حزب الله) تهديداً خطيراً لسيادة لبنان وأمنه». في المقابل، ظهر التباين بين لبنان الرسمي والجانب الإسرائيلي؛ إذ زعمت تل أبيب عبر وسائل إعلامها، أن «الحكومة اللبنانية كانت على علم ببناء (حزب الله) مسيّرات قبل أسبوع من الضربة الإسرائيلية في ضاحية بيروت الجنوبية». وأفادت هيئة البث الإسرائيلية بأن «الجيش اللبناني لم يتصرف ضدّ بناء (حزب الله) مسيّرات في ضاحية بيروت الجنوبية رغم علمه بهذا النشاط»، وهو ما كان الجيش اللبناني قد نفاه؛ إذ نقلت «وكالة الصحافة الفرنسية» عن متحدث عسكري تأكيده أن إسرائيل «لم توجّه أي رسالة مسبقة عبر لجنة الإشراف على وقف إطلاق النار بشأن المواقع التي كانت تعتزم استهدافها خلال الليل». كما أعلن الجيش اللبناني، في بيان، الجمعة، أنه «فور إعلان العدو الإسرائيلي عن تهديداته، باشرت (قيادة الجيش) التنسيق مع لجنة مراقبة وقف الأعمال العدائية لمنع وقوع الاعتداء، في حين توجهت دوريات إلى عدد من المواقع للكشف عليها على الرغم من رفض العدو للاقتراح». ولم يتمكن الجيش «من تفتيش أحد المواقع قبل قصفه بسبب الضربات التحذيرية الإسرائيلية»، حسبما أفاد متحدث عسكري لبناني. شبان من سكان الضاحية الجنوبية لبيروت قرب موقع استهدفه القصف الإسرائيلي ليلة الخميس (إ.ب.أ) وكان الجيش اللبناني كشف بعد ظهر الخميس على مواقع زعمت إسرائيل وجود أسلحة فيها في منطقة المريجة، وهي منطقة لم تتعرض للقصف ليل الخميس – الجمعة. وإثر القصف، «لم يعثر الجيش على أي معدات عسكرية»، حسبما أكد وزير الإعلام بول مرقص الذي أشار إلى أنّ «لجنة المراقبة التابعة للأمم المتحدة كانت قد أُبلغت مسبقاً بعدم وجود أسلحة في المواقع قبل تنفيذ القصف الإسرائيلي على الضاحية الجنوبية»، مؤكداً أنّ «الجيش اللبناني قام بالكشف ميدانياً، ولم يُثبت أي وجود لعناصر مسلحة أو تجهيزات عسكرية». ورغم التنديد الرسمي اللبناني بالقصف الإسرائيلي على الضاحية، فتح الاستهداف نقاشاً داخلياً حول أداء الدولة لمنع إعطاء إسرائيل أي ذرائع للقصف. ورأى رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع أنه بعد ثمانية أشهر من توقيع اتفاق وقف إطلاق النار في نوفمبر (تشرين الثاني) 2024، تُضرب بيروت مجدداً لأن «لا دولة فعلية» في لبنان. وأضاف أنه «لا يجوز أن يبقى المواطن اللبناني تحت رحمة القصف الإسرائيلي، أو تحت وطأة الوجود الإسرائيلي في أرضنا، أو تحت رحمة غياب الاستقرار». وأضاف جعجع: «لقد حان الوقت، بعد كل ما حصل، لأن يستقرّ بلدنا، وينال حريّته وسيادته بالشكل الصحيح. لكن هذا يتطلّب من الجميع أن يفكوا (يرحلوا) عن ظهر الدولة»؛ وذلك «كي تتمكن الدولة من الحركة، والوصول إلى برّ الأمان». ولفت جعجع إلى أنه «لا أحد سيساعدنا على وقف الاعتداءات الإسرائيليّة، وإخراج الإسرائيليين من لبنان، إلا إذا أصبحنا دولة فعليّة، وفي الواقع لم نصبح بعد دولة فعليّة». وتابع: «إذا أردنا أن نكون دولة فعلية فالحل معروف، ولكن علينا ألا نضيّع أيامنا بالبكاء والندب، والهجوم اللفظي على إسرائيل وكأنّ هذا الهجوم سيحلّ لنا مشاكلنا، لا يتطلّب الأمر الكثير، فالحلول العمليّة موجودة وعلينا أن نُطبقها». جعجع خلال العشاء السنوي لـ«المسيرة»: لا نريد ولا نقبل العيش في بلد تحكمه العبثيّة والفوضى ومنطق القوّة#لبنان @DrSamirGeagea — Lebanese Forces News (@LebForcesNews) June 7, 2025 وفي السياق نفسه، قال عضو تكتل «الجمهورية القوية» (حزب القوات) النائب بيار بو عاصي: «الوقت ليس لربط الضربات الإسرائيلية بوجود سلاح (الحزب)، علينا أن نوقف هذه الضربات أولاً، مع الإشارة إلى أن تقاعس الدولة بجمع السلاح يوسع انتهاك إسرائيل». وتابع: «لدي تحفظ عن بيان الجيش (التلويح بوقف التعاون مع لجنة الرقابة الدولية المشرفة على تطبيق اتفاق وقف النار). فالموقف القائل إننا قاب قوسين من الانسحاب من اللجنة الأمنية من مسؤولية السلطة السياسية وليس من صلاحيات الجيش. لا خيار إلا بالدبلوماسية». لبنانيون يقفون قبالة مبانٍ دمَّرتها غارات إسرائيلية استهدفت الضاحية الجنوبية لبيروت ليل الخميس (أ.ف.ب) وعدَّ بو عاصي، في تصريح إذاعي، أن «الضربة الإسرائيلية الأخيرة سياسية وليست أمنية أو عسكرية وربما تأتي عقب زيارة وزير الخارجية الإيراني (عباس عراقجي لبيروت) ووسط مشاكل داخلية لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وفي ظل مناخات في المنطقة». وأضاف: «على سبيل المثال، تتمسك إسرائيل بالنقاط الخمس التي احتلتها في لبنان لأسباب سياسية وتفاوضية لأن لا قيمة عسكرية لها». وتابع: «يجب العمل على جبهتين، خارجية عبر العمل الدبلوماسي وداخلية، حيث يجب تفكيك منظومة الحزب (حزب الله) العسكرية والأمنية ضمن جدول زمني واضح لتحقيق سيادتنا. حصر السلاح بيد السلطات الشرعية ليس ترفاً، بل واجب على كل دولة في العالم. هذا الأمر ليس لمصلحة القوات بل لمصلحة لبنان وشعبه». في المقابل، عبّر نائب رئيس «المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى» الشيخ علي الخطيب عن تأييد موقف الرئيس اللبناني جوزيف عون «بالشروع في أخذ مواقف عملية تصعيدية لردع العدوان الصهيوني المتمادي على لبنان»، عادَّاً أن هذا الموقف الرسمي «وجد تأييداً ودعماً قويين من الشعب اللبناني وقواه الوطنية المختلفة».

ترمب يرفض التحدّث إلى ماسك.. ويتجه للتخلي عن سيارة تيسلا
ترمب يرفض التحدّث إلى ماسك.. ويتجه للتخلي عن سيارة تيسلا

الرياض

timeمنذ ساعة واحدة

  • الرياض

ترمب يرفض التحدّث إلى ماسك.. ويتجه للتخلي عن سيارة تيسلا

أعلن البيت الأبيض، أمس أن الرئيس الأميركي دونالد ترمب لا يعتزم التحدّث إلى الملياردير إيلون ماسك وأنه قد يتخلى عن سيارة تيسلا حمراء، إثر السجال الحاد بين الرجلين. وشدّد معسكر ترمب على أن سيّد البيت الأبيض يريد طي الصفحة مع رجل الأعمال المولود في جنوب إفريقيا، وقد أفاد مسؤولون وكالة فرانس برس بأن ماسك طلب الاتصال لكن الرئيس غير مهتم بذلك. بدلاً من ذلك سعى الرئيس الجمهوري إلى تركيز الجهود على إقرار مشروع الميزانية في الكونغرس والذي كانت انتقادات ماسك له أشعلت فتيل السجال الخميس. تداعيات الخلاف بين أغنى شخص في العالم ورئيس أقوى دولة في العالم، قد تكون كبيرة إذ يمكن أن تقلّص الرصيد السياسي لترمب في حين قد يخسر ماسك عقوداً حكومية ضخمة. وقال ترمب في تصريحات هاتفية لصحافيين في محطات تلفزة أميركية: إن الخلاف أصبح وراءه، ووصف ماسك بأنه "الرجل الذي فقد عقله" في اتصال أجرته معه محطة إيه بي سي، فيما قال في تصريح لقناة سي بي اس: إن تركيزه منصب "بالكامل" على الشؤون الرئاسية. في الأثناء، نفى البيت الأبيض صحة تقارير أفادت بأن الرجلين سيتحادثان. ورداً على سؤال عما إذا يعتزم الرجلان التحادث، قال مسؤول رفيع في البيت الأبيض في تصريح لوكالة فرانس برس طالباً عدم كشف هويته: "إن الرئيس لا يعتزم التحدث إلى ماسك اليوم". وقال مسؤول آخر: "صحيح" أن ماسك طلب الاتصال. وخلال توجهه إلى ناديه للغولف في نيوجيرسي في وقت متأخر الجمعة، قال ترمب للصحافيين على متن الطائرة الرئاسية: "بصراحة، كنت مشغولاً جداً بالعمل على الصين وروسيا وإيران، أنا لا أفكر في إيلون ماسك، أتمنى له كل التوفيق فقط". التخلي عن سيارة تسلا تراجعت أسهم شركة تيسلا بأكثر من 14 بالمئة الخميس على خلفية السجال، وخسرت أكثر من 100 مليار من قيمتها السوقية، لكنها تعافت جزئياً الجمعة. وفي مؤشر يدل على مدى تدهور العلاقة بينهما، يدرس الرئيس الأميركي بيع أو منح سيارة تيسلا كان اشتراها لإظهار دعمه لماسك إبان احتجاجات طالت الشركة. الجمعة كانت السيارة الكهربائية لا تزال مركونة في فناء البيت الأبيض. ورداً على سؤال لفرانس برس حول ما إذا قد يبيع ترمب السيارة أو يهبها قال المسؤول الرفيع في البيت الأبيض: "إنه يفكر في ذلك، نعم". وكانت التقطت صور لترمب وماسك داخل السيارة في حدث شديد الغرابة أقيم في مارس حوّل خلالها ترمب البيت الأبيض إلى صالة عرض لسيارات تيسلا بعدما أدت احتجاجات على الدور الحكومي الذي اضطلع به ماسك على رأس هيئة الكفاءة الحكومية إلى تراجع أسهم الشركة. مدة الصلاحية تأتي التطورات على الرغم من جهود يبدو أن ماسك بذلها لاحتواء التصعيد. الخميس، لوّح ماسك بسحب المركبة الفضائية دراغون من الخدمة، علماً أنها تعد ذات أهمية حيوية لنقل الرواد التابعين لناسا إلى محطة الفضاء الدولية، بعد تلويح ترمب بإمكان إلغاء عقود حكومية ممنوحة لرجل الأعمال. لاحقاً، سعى ماسك لاحتواء التصعيد وجاء في منشور له على منصة إكس "حسناً لن نسحب دراغون". والجمعة لم يصدر ماسك أي موقف على صلة بالسجال. لكن لم يتّضح بعد كيف يمكن إصلاح العلاقة بين الرجلين والتي كانت تشهد تأزماً أثار توترات في البيت الأبيض. مستشار ترمب التجاري بيتر نافارو الذي كان ماسك وصفه بأنه "أكثر غباء من كيس من الطوب" خلال جدل حول التعرفات الجمركية، لم يشأ التبجّح لكنه أشار إلى انتهاء "مدة صلاحية" ماسك. وقال في تصريح لصحافيين: "كلا لست سعيداً"، مضيفاً "يأتي أشخاص إلى البيت الأبيض ويذهبون". بدوره اتّخذ نائب الرئيس جاي دي فانس موقفاً داعماً لترمب، مندداً بما وصفها بأنها "أكاذيب" حول طبع "انفعالي وسريع الغضب" لترمب، لكن من دون توجيه انتقادات لماسك. وانهار التحالف السياسي الخميس مع سجال ناري هدد خلاله الرئيس الأميركي بتجريد الملياردير من عقود ضخمة مبرمة مع الحكومة بعدما وجّه ماسك انتقادات لمشروع قانون الميزانية الضخم الذي يسعى ترمب إلى إقراره في الكونغرس. وقال ترمب في تصريحات نقلها التلفزيون من المكتب البيضوي: "خاب أملي كثيراً" بعدما انتقد مساعده السابق وأحد كبار مانحيه مشروع قانون الإنفاق المطروح أمام الكونغرس. ويصف الرئيس الأميركي المشروع بأنه "كبير وجميل"، في حين يعتبره ماسك "رجساً يثير الاشمئزاز". وظل التوتر بين الرجلين حول مشروع الضرائب والإنفاق مكبوتاً إلى أن انتقد ماسك الخطة الأساسية في سياسة ترمب الداخلية لأنها ستزيد العجز برأيه. وأطلق ماسك استطلاعات للرأي لمعرفة إن كان عليه تشكيل حزب سياسي جديد ما يشكل تهديدًا كبيرًا من جانب رجل قال: إنه مستعد لاستخدام ثروته لإطاحة مشرعين جمهوريين يعارضون رأيه. والجمعة، قالت المتحدثة باسم المفوضية الأوروبية باولا بينيو: إن ماسك "مرحب به" في أوروبا. خلال إحاطتها اليومية سئلت بينيو عمّا إذا تواصل ماسك مع الاتحاد الأوروبي لنقل أعماله أو إنشاء أعمال جديدة، فأجابت "هو مرحّب به". بدوره قال المتحدث باسم المفوضية للشؤون التكنولوجية توماس رينييه: إن "الجميع مرحب بهم للانطلاق والتوسع في الاتحاد الأوروبي"، مشدداً على أن ذلك هو "بالتحديد الهدف من اختيار أوروبا" وجهة، في إشارة إلى مبادرة للاتحاد الأوروبي لتحفيز الشركات الناشئة وتلك الساعية لتوسيع نطاق عملها.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store