
العثور على قبر حلم بعيد المنال في غزة
قرأها كاظم ولم يعرها اهتماماً، فمصابه في فقدان أخوه كان عظيماً. وبعد الوداع حمل الشاب جثمان شقيقه لمواراته الثرى، وأثناء المغادرة ركز ثانية في اللافتات المعلقة على أسوار المشرحة وأخذ يقرأ "نعلم حضراتكم أنه لا قبور لدينا، نفدت الكمية التي كانت متوافرة".
وفي المدافن لم يجد كاظم قبراً لشقيقه، أنزل الجثة على الأرض ووقف حائراً يبحث عن حفرة فارغة لمواراة أخيه، جال في المكان وسأل حارس المقبرة عن قبر فجاءه الرد المتوقع، "نفدت القبور".
يصرخ كاظم بصوت عال، ويقول "حتى الموتى لم يجدوا مكاناً يضم أجسادهم تحت التراب، في غزة الموت يطرق الأبواب من دون توقف، وجثث القتلى لا تجد تراباً يضمها، هذا المشهد تقشعر له الأبدان، وأمر لا يستوعبه العقل".
مرت ساعة ولم يجد كاظم مكاناً لدفن أخيه. وإلى جانب الجثة اصطفت نحو سبعة جثامين لم يجد ذووها قبوراً لها.
مقابر فاضت واكتفت
من بين أزمات غزة العديدة برزت أزمة القبور بفعل الأعداد الكبيرة من قتلى الحرب، وتواجه السلطات المحلية صعوبات جمة في مجاراة الأعداد اليومية من القتلى وتوفير ما يلزم لدفنها، ابتداء من أكياس الموتى المستخدمة لانتشال القتلى من تحت الأنقاض، مروراً بالأكفان، وحتى القبور التي فاضت بما استقبلته من جثث.
أخيراً، أعلنت وزارة الأوقاف والشؤون الدينية داخل قطاع غزة نفاد القبور في المناطق جميعها، مشيرة إلى أن الواقع المأسوي دفع الأهالي إلى استخدام ساحات المستشفيات والمدارس والمنازل كمواقع طارئة للدفن.
يقول المدير العام للأملاك الوقفية في وزارة الأوقاف والشؤون الدينية مازن النجار "هذه نكبة مزدوجة، لم نعد نملك قبوراً ولا حتى ساحات كافية لدفن القتلى، استخدمنا الساحات العامة كملاذ أخير، وحولنا باحات المستشفيات إلى مقابر موقتة، لكنها لم تعد تكفي".
ويضيف "من لم يُدفن في المقابر الموقتة تُرك في العراء تحت أشعة الشمس، بينما ذووهم يرفعون أيديهم نحو السماء، عاجزين عن تأمين متر واحد من الأرض لمواراتهم الثرى".
أمام هذا الواقع الصعب، اضطرت السلطات المحلية إلى الدفن الجماعي عبر حفر قبور جماعية في مقبرة الطوارئ بطريقة الخطوط المتوازية وبعمق متر واحد فحسب، ويجري فيها رص الجثث إلى جانب بعضها بعضاً، وإهالة التراب عليها من دون وضع حجارة تحيط بالجوانب الداخلية للقبور.
ويوضح النجار أنه داخل غزة لجأت وزارة الأوقاف إلى فكرة الدفن الجماعي بعدما حصلت على فتوى وإجازة من الفقهاء تراعي حجم الكارثة والزيادة غير المسبوقة في أعداد القتلى، لكن حتى المدافن الجماعية نفدت، حيث دُفنت جثامين على مساحة 13 دونماً بصورة جماعية.
الآن نفدت المساحات
في الوضع الطبيعي تستنزف غزة كل عام نحو تسعة دونمات من المقابر، يكفي كل دونم لنحو 240 قبراً، لكن ضمن الحرب ومع النزوح المستمر وسيطرة إسرائيل على الأرض تزداد الأزمة ولا يجد السكان مكاناً يدفنون فيه القتلى.
في حالات الحروب، تشكل أزمة الجثث تحدياً وتخلف أخطاراً صحية تترتب على التعامل غير السليم معها، وفق بروتوكولات التحضير والتخلص منها بصورة آمنة حتى لا تتحلل وتتعفن، بالتالي تؤدي إلى انتشار الأمراض.
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
يقول مدير المكتب الإعلامي الحكومي إسماعيل الثوابتة "في بداية الحرب خصصنا قطعة أرض فضاء لدفن الجثث بصورة جماعية، لكن المقابر لم تعد تستوعب مزيداً من الأعداد، لذا يحول أهالي غزة مزيداً من مواقع الفضاء بما فيها الأسواق والملاعب وخلافه إلى مقابر جماعية، والآن نفدت المساحات".
لم تعد فرق وزارة الأوقاف تتبع الدليل الميداني للجنة الدولية للصليب الأحمر لدفن جثث قتلى الحرب، ويضيف الثوابتة "نواجه محدودية الإمكانات اللوجيستية نتيجة عدم وجود وسائل مساعدة في التعامل مع آلاف الجثث حتى ننفذ المعايير الصحيحة لتجنب الأخطار الفعلية التي تشكلها الجثث".
ويوضح أنه مع فرض إسرائيل قرارات إخلاء المناطق السكنية والنزوح القسري والسيطرة على نحو 77 في المئة من مساحة غزة وازدياد أعداد القتلى بصورة يومية، تقلصت الأراضي المتاحة للدفن حيث تحولت إلى خيام تؤوي النازحين، مما أدى إلى تكدس الجثامين داخل المستشفيات وساحاتها".
كل معالم الحياة والموت
ودمرت إسرائيل ضمن حربها على غزة نحو 40 مقبرة من أصل 60 مدفناً داخل القطاع، ومنعت المواطنين من الوصول إلى المقابر الواقعة ضمن مناطق سيطرة الجيش الأمنية والعسكرية، مما أدى إلى تقلص المساحات المخصصة للدفن واستنزاف المقابر القائمة، وتفاقم العجز الحاد في القبور اللازمة لدفن القتلى.
وخلال وقت نفدت القبور اضطر أحمد إلى فتح قبر والدته القديم من أجل دفن جثامين إضافية داخله، ويقول "لم أجد وسعاً لمواراة أختي، اضطررت لدفنها في قبر أمي، كان هذا الحل الوحيد المتاح أمامي".
توافر القبور أمر صعب جداً، وبخاصة إذا ما وضعنا في الاعتبار أن ثمن بناء القبر الواحد وصل إلى 320 دولاراً، وهو مبلغ مرهق للأسر التي فقدت معيلها، إذ تقول رنين "اشتريت قبراً لأدفن طفلتي بقيمة 320 دولاراً، ولم يكن كما عهدناه في المدافن".
لم يعد حفارو القبور يبنون المدافن كما في السابق من الحجارة والأسمنت، إذ يقول المدير العام للأملاك الوقفية مازن النجار "منذ بداية الحرب عملنا على مواجهة هذه المعضلة باستخدام الحجارة المستخرجة من المباني المدمرة، والطين كبديل للأسمنت، وألواح الزينكو بديلاً عن البلاط لتغطية القبور، غير أن الأزمة تتفاقم في ظل شح تلك المواد أو بدائلها، وارتفاع أسعارها بصورة كبيرة".
ويضيف "ممنوع دخول مواد البناء والأكفان والمعدات اللازمة لتجهيز القبور، مما يعوق دفن القتلى وفق المعايير الشرعية والإنسانية. إن حرمان السكان من حقهم في دفن موتاهم ليس فقط انتهاكاً خطراً للكرامة الإنسانية، بل يرقى إلى مستوى الأعمال الممنهجة التي تستهدف تقويض كل معالم الحياة والموت على حد سواء".

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


Independent عربية
منذ 5 ساعات
- Independent عربية
مقتل 21 مدنيا في السويداء ودمشق تحمل تل أبيب مسؤولية التصعيد
حملت وزارة الخارجية السورية اليوم الثلاثاء إسرائيل المسؤولية الكاملة عن الهجمات الأحدث على جنوب سوريا وتبعاتها. وأكدت الوزارة في بيان أنها "حريصة على حماية جميع أبنائها من دون استثناء، وفي مقدمتهم أهلنا من أبناء الطائفة الدرزية". وشنت إسرائيل غارات جوية على قوات الحكومة السورية في جنوب غربي سوريا لليوم الثاني على التوالي، متعهدة بالحفاظ على المنطقة منزوعة السلاح وحماية الأقلية الدرزية. وشهدت السويداء اليوم اشتباكات في أحياء عدة وقصفاً إسرائيلياً، فيما أعلنت وزارة الدفاع البدء بسحب الآليات الثقيلة منها وانتشار قوى الأمن الداخلي والشرطة العسكرية في المنطقة لضبط الأمن. 21 قتيلاً ميدانياً في الأثناء، أفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان اليوم بمقتل 21 مدنياً درزياً بعمليات "إعدام ميدانية" نفذتها قوات الأمن السورية في السويداء، بينهم 12 في مضافة لإحدى العائلات، فضلاً عن تنفيذ عمليات تخريب ممنهجة طاولت منازل وممتلكات للمدنيين. ودخلت القوات السورية المدينة الواقعة في جنوب البلاد صباح اليوم وأعلنت وقف إطلاق النار فيها، بعد مقتل أكثر من 100 شخص باشتباكات عنيفة بين مسلحين من الدروز وآخرين من البدو اندلعت في المحافظة أول من أمس الأحد. وقال المرصد، "أقدم عناصر من وزارتي الدفاع والداخلية على تنفيذ إعدامات ميدانية طاولت 12 مدنياً دزرياً، عقب اقتحام مضافة آل رضوان في مدينة السويداء". وأظهر مقطع مصوّر انتشر على منصات التواصل الاجتماعي 10 أشخاص في الأقل يرتدون ملابس مدنية مضرجين بالدماء داخل المضافة، طرح بعضهم أرضاً وبعضهم الآخر على أرائك، وإلى جانبهم صور لمشايخ دروز ملقاة على الأرض وأثاث مخرّب ومبعثر. وأفاد المرصد كذلك بإعدام مجموعة مسلحة قال إنها تابعة للقوات الحكومية لـ"أربعة مدنيين دروز بينهم امرأة في مضافة آل مظلومة بقرية الثعلة" في ريف السويداء. وبحسب المرصد كذلك، أطلقت "مجموعة مسلحة تابعة لدوريات الأمن العام، النار بصورة مباشرة على ثلاثة أشقاء قرب دوّار الباشا شمال مدينة السويداء، أثناء وجودهم برفقة والدتهم التي شاهدت لحظة إعدامهم ميدانياً". ولم يصدر تعليق من السلطات بعد على هذه الاتهامات. الضربات الإسرائيلية مع دخول القوات السورية إلى السويداء اليوم، شنت إسرائيل غارات عليها وتعهدت بإبقاء المنطقة منزوعة السلاح وحماية الأقلية الدرزية مع استمرار الاشتباكات الدامية في المنطقة. كما استهدف القصف الإسرائيلي اليوم مرتين أطراف مدينة إزرع بريف درعا، بحسب الوكالة العربية السورية للأنباء (سانا). وقال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع يسرائيل كاتس إنهما أمرا الجيش الإسرائيلي بضرب القوات السورية والأسلحة التي تنقل إلى السويداء لاستخدامها ضد الدروز. وأضافا خلال بيان أن نشر القوات السورية يعد انتهاكاً لسياسة نزع السلاح التي دُعيت دمشق بموجبها إلى الامتناع عن نقل قوات وأسلحة إلى جنوب سوريا لأن ذلك يشكل تهديداً لإسرائيل. وقالا، "إسرائيل ملتزمة منع تعرض الدروز في سوريا للأذى انطلاقاً من تحالف الأخوة العميق مع مواطنينا الدروز في إسرائيل". وأضافا، "نعمل على منع النظام السوري من إلحاق الأذى بهم، ولضمان نزع السلاح من المنطقة المجاورة لحدودنا مع سوريا". وبعد ظهر اليوم، ذكر الجيش الإسرائيلي أن عشرات الإسرائيليين عبروا إلى سوريا من قرية مجدل شمس الدرزية في مرتفعات الجولان التي تحتلها إسرائيل، موضحاً أنه يعمل على ضمان عودتهم بسلام. اقرأ المزيد يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field) "هجوم بربري" ويشكل تصاعد العنف تحدياً لحكومة الرئيس أحمد الشرع التي وصلت إلى الحكم بعد الإطاحة بالرئيس السابق بشار الأسد في ديسمبر (كانون الأول) 2024 وتسعى إلى إخضاع جميع الأراضي السورية لحكم مركزي بعد ما يقارب 14 عاماً من الحرب التي قسمت البلاد إلى جيوب منفصلة. وعلى رغم تلقي الشرع دعماً من التحسن السريع في العلاقات مع إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب، سلط العنف الضوء على استمرار التوتر الطائفي وانعدام ثقة الأقليات بالحكومة الذي زاد بعد عمليات قتل جماعي لعلويين في مارس (آذار) الماضي. وشنت إسرائيل غارات على سوريا مرات عدة بدعوى حماية الدروز، وجاءت أحدث هجماتها بعدما أصدر الزعيم الروحي لطائفة الموحدين الدروز حكمت الهجري بياناً مسجلاً اليوم اتهم فيه القوات السورية بانتهاك وقف إطلاق النار، وحث المقاتلين على مواجهة ما وصفه بـ"الهجوم البربري". وأصدر وزير الدفاع السوري مرهف أبو قصرة بياناً بعد ذلك أعلن خلاله وقفاً تاماً لإطلاق النار، وأكد أن القوات الحكومية لن تطلق النار إلا إذا أطلق عليها النار. ونقلت "سانا" عن أبو قصرة قوله، "وجهنا ببدء انتشار قوات الشرطة العسكرية داخل مدينة السويداء لضبط السلوك العسكري ومحاسبة المتجاوزين". وشاهد مراسل "رويترز" رجالاً يرتدون زياً عسكرياً يحرقون وينهبون منازل ومتاجر ويضرمون النار في متجر خمور. "تحالف الأخوة العميق" واندلعت الاشتباكات في محافظة السويداء أول من أمس بين جماعات مسلحة درزية ومقاتلين بدو، مما أسفر عن مقتل العشرات ونزوح الآلاف. وقالت القيادة الروحية الدرزية في بيان مكتوب صباح اليوم إنها ستسمح للقوات السورية بدخول مدينة السويداء لوقف أعمال العنف، داعيةً الجماعات المسلحة إلى تسليم أسلحتها والتعاون مع القوات. لكن بعد ساعات، قال الهجري، المعارض بشدة للقيادة الجديدة في دمشق، إن البيان "فُرض" عليهم من قبل دمشق، وإن القوات السورية خرقت الاتفاق بمواصلة إطلاق النار على السكان. وقال في بيان مصور، "نحن نتعرض لحرب إبادة شاملة"، وناشد جميع الدروز "التصدي لهذه الحملة البربرية بكل الوسائل المتاحة".


Independent عربية
منذ 6 ساعات
- Independent عربية
تحذير أممي من "تطهير عرقي" في الضفة الغربية ونزوح غير مسبوق
حذرت الأمم المتحدة اليوم الثلاثاء من أن النزوح الجماعي في الضفة الغربية بلغ مستويات غير مسبوقة منذ بدء احتلال إسرائيل للضفة قبل نحو 60 عاماً، وقالت الأمم المتحدة إن العملية العسكرية الإسرائيلية التي بدأت شمال الضفة الغربية في يناير (كانون الثاني) الماضي شردت عشرات آلاف الأشخاص، مما يثير مخاوف من احتمال وقوع "تطهير عرقي". وصرحت المتحدثة باسم وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) جولييت توما بأن العملية العسكرية "هي الأطول مدة منذ الانتفاضة الثانية" في أوائل العقد الأول من القرن الـ 21. وقالت للصحافيين في جنيف عبر اتصال بالفيديو من الأردن، إن ما يحدث "يؤثر في كثير من مخيمات اللاجئين داخل المنطقة ويتسبب في أكبر نزوح سكاني للفلسطينيين في الضفة الغربية منذ عام 1967"، في إشارة إلى الحرب العربية - الإسرائيلية التي استمرت ستة أيام وأدت إلى احتلال إسرائيل الضفة الغربية. بدورها حذرت مفوضية الأمم المتحدة لحقوق الإنسان من أن النزوح القسري الجماعي على يد قوات احتلال قد يرقى إلى مستوى "تطهير عرقي". 30 ألف مهجّر ومنذ شن الجيش الإسرائيلي عملية أطلق عليها "الجدار الحديدي" شمال الضفة الغربية في يناير الماضي "لا يزال نحو 30 ألف فلسطيني مهجرين قسراً"، بحسب المتحدث باسم مفوضية حقوق الإنسان ثمين الخيطان، والذي أضاف أن قوات الأمن الإسرائيلية أصدرت خلال الفترة نفسها أوامر هدم لـ 1400 منزل شمال الضفة الغربية، معتبراً بأن الأرقام مقلقة. وأشار الخيطان إلى أن عمليات الهدم الإسرائيلية شردت 2907 فلسطينيين في أنحاء الضفة الغربية منذ أكتوبر (تشرين الأول) 2023، وأن 2400 فلسطيني آخرين، نصفهم تقريباً من الأطفال، هُجروا نتيجة أعمال مستوطنين إسرائيليين، وعبّر عن أسفه لأن النتيجة الإجمالية كانت "إفراغ أجزاء كبيرة من الضفة الغربية من الفلسطينيين". وقال الخيطان إن "التهجير الدائم للسكان المدنيين داخل أراض محتلة يعد نقلاً غير قانوني"، مشدداً على أنه بحسب الظروف قد يُمثل "تطهيراً عرقياً وجريمة ضد الإنسانية". اقرأ المزيد يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field) هجمات المستوطنين وأفاد الخيطان بتسجيل 757 هجوماً شنها مستوطنون إسرائيليون في الضفة الغربية خلال النصف الأول من العام، بزيادة مقدارها 13 في المئة عن الفترة نفسها من عام 2024، وقال المتحدث باسم المفوضية إن "المستوطنين وقوات الأمن الإسرائيلية كثفا عمليات القتل والهجمات والمضايقات ضد الفلسطينيين في الضفة الغربية المحتلة، بما فيها القدس الشرقية، خلال الأسابيع الماضية". وصرح للصحافيين بأن الهجمات أسفرت عن إصابة 96 فلسطينياً داخل الأراضي المحتلة خلال يونيو (حزيران) الماضي وحده، مؤكداً أن هذا أعلى عدد إصابات خلال شهر بين الفلسطينيين جراء هجمات المستوطنين "منذ أكثر من عقدين". وقالت مفوضية الأمم المتحدة إن هذه العملية تسهم في ترسيخ ضم الضفة الغربية المستمر، ضمن انتهاك للقانون الدولي. وتصاعدت أعمال العنف في الضفة الغربية منذ الهجوم الذي شنته حركة "حماس" الفلسطينية على إسرائيل في أكتوبر 2023، والذي أشعل فتيل الحرب في قطاع غزة، ومنذ ذلك الحين قُتل ما لا يقل عن 964 فلسطينياً داخل الضفة الغربية بما فيها القدس الشرقية، وفقاً للأمم المتحدة. وخلال الفترة نفسها قُتل 53 إسرائيلياً في هجمات فلسطينية أو اشتباكات مسلحة، 35 منهم في الضفة الغربية و18 داخل إسرائيل.


Independent عربية
منذ 6 ساعات
- Independent عربية
ترمب يبدل موقفه تجاه أوكرانيا... هل تغيرت استراتيجية واشنطن؟
من خلال تهديد روسيا أمس الإثنين بعقوبات جمركية "قاسية جداً" وإعادة تسليح أوكرانيا، يبدو أن الرئيس الأميركي دونالد ترمب بدل مجدداً مواقفه في ظل "خيبته" من نظيره الروسي فلاديمير بوتين، لكن لا يعرف بعد إذا ما كان ذلك يعكس تغييراً فعلياً في الاستراتيجية الأميركية. فعلى رغم نفاد صبره الظاهر، منح الرئيس الأميركي مهلة جديدة تمتد 50 يوماً للرئيس الروسي الذي لا يزال يرفض إنهاء الحرب في أوكرانيا بعد ثلاث سنوات من شنها. منذ عودته للبيت الأبيض في يناير (كانون الثاني)، تقرب ترمب أكثر من بوتين سعياً منه إلى الوفاء بوعده الانتخابي بإنهاء الحرب في أوكرانيا، وهو هدف قال خلال الحملة إنه يستطيع تحقيقه في غضون 24 ساعة فقط. أثار هذا المسار مخاوف في كييف من تخلي الإدارة الأميركية عنها، لا سيما بعد المشادة الكلامية الحادة مع الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في المكتب البيضوي في فبراير (شباط). في هذا الوقت، وصف ترمب زيلينسكي بأنه "ديكتاتور" يحكم بلاده "من دون انتخابات"، مؤكداً أن أوكرانيا "لا تملك أوراقاً بيدها" ضد روسيا. لكن اللهجة تغيرت في الأسابيع الأخيرة، بعد سلسلة محادثات غير مثمرة، إذ أبدى ترمب استياءه الواضح من الرئيس الروسي، وأشار الرئيس الأميركي أمس إلى أن بوتين "يتحدث جيداً" نهاراً، ويبدأ "بقصف الجميع ليلاً". وتكثفت الغارات الجوية الروسية في أوكرانيا أخيراً، إذ تزيد موسكو أسبوعياً من أعداد الصواريخ التي تطلقها، التي تزودها بها صناعة دفاعية تعمل بكامل طاقتها. ترمب الذي لا يخفي إعجابه بالزعيم الروسي، ويقول إنه "كثيراً ما كانت تربطه به علاقات جيدة جداً"، وصفه أخيراً بأنه "مجنون تماماً". اقرأ المزيد يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field) تأثير لميلانيا؟ في موقف نادر، لمح الرئيس الأميركي إلى أن السيدة الأولى ميلانيا ترمب ربما أثرت في طريقة تفكيره. وقال "أعود للمنزل وأقول للسيدة الأولى: 'تحدثت مع فلاديمير اليوم، أجرينا محادثة رائعة'. فتقول: 'حقاً؟ هل تعرضت مدينة أخرى للقصف للتو؟'". وأضاف ترمب متحدثاً عن بوتين، "لا أريد أن أقول إنه قاتل، لكنه رجل صارم"، رافضاً أي كلام عن تعرضه للتضليل من جانب نظيره الروسي. وتحدث الزعيمان ست مرات منذ يناير، ولكن على عكس ما اقترحه ترمب، لم يحدد بعد أي اجتماع بينهما. وقالت هيذر كونلي، من معهد "أميركان إنتربرايز إنستيتيوت"، وهو مركز أبحاث محافظ في واشنطن، إن الرئيس الأميركي "وعد بأنه قادر على جلب بوتين إلى طاولة المفاوضات، لكنه لم يتمكن من ذلك". وأضافت أن تهديده بفرض رسوم جمركية "ثانوية" بنسبة 100 في المئة على حلفاء موسكو إذا لم يجر التوصل إلى اتفاق خلال 50 يوماً "يظهر إحباطه لعدم تمكنه من تحقيق ذلك، لكنني لا أعتبره تغييراً كبيراً في السياسة". وسارعت المعارضة الديمقراطية إلى الترحيب بتغيير موقف ترمب، وقالت السناتور الديمقراطية جين شاهين إنها "سعيدة لأنه يبدو أخيراً أنه يواجه الحقائق المتعلقة بمسؤولية بوتين عن هذه المذبحة الهمجية واللاإنسانية التي راح ضحيتها أبرياء"، ولكنها أضافت في بيان "حان الوقت الآن لنضع أقوالنا في مكانها الصحيح وننهي هذه الحرب". ولم يعلن ترمب أمس دعمه لمشروع قانون يحظى بتأييد واسع في الكونغرس، ويدعو إلى فرض رسوم جمركية بنسبة 500 في المئة على دول مثل الصين والهند والبرازيل تدعم آلة الحرب الروسية بشراء النفط والغاز الروسيين بأسعار رخيصة. لكن بالنسبة إلى هيذر كونلي، "فقد زج الكرملين قواه كلها في هذه المعركة"، و"يراهن على تآكل تدريجي لموقف أوكرانيا والغرب، راغباً في كسب هذا الصراع بشروطه الخاصة".