logo
علماء يستكشفون المنطقة المسؤولة عن الوعي في الدماغ

علماء يستكشفون المنطقة المسؤولة عن الوعي في الدماغ

الشرق السعودية٠٣-٠٥-٢٠٢٥

الوعي هو جوهر الوجود البشري، لأنه القدرة على الرؤية والسمع والحلم والتخيل والشعور بالألم أو المتعة أو الخوف أو الحب وغيرها، لكن أين يقع هذا الوعي تحديداً في الدماغ؟ سؤال لطالما حير العلماء والأطباء. وتقدم دراسة جديدة رؤى حديثة عن تلك المسألة.
في مسعى لتحديد أجزاء الدماغ المسؤولة عن الوعي، أجرى علماء الأعصاب قياسات للنشاط الكهربائي والمغناطيسي، بالإضافة إلى تدفق الدم، في أدمغة 256 شخصاً في 12 مختبراً في أنحاء الولايات المتحدة وأوروبا والصين، أثناء مشاهدة المشاركين صوراً متنوعة. وتتبعت القياسات النشاط في أجزاء مختلفة من الدماغ.
ووجد الباحثون أن الوعي قد لا ينشأ في الجزء "الذكي" من الدماغ، وهي المناطق الأمامية حيث تحدث عملية التفكير التي نمت تدريجياً في عملية التطور البشري، لكنه قد ينشأ في المناطق الحسية في الجزء الخلفي من الدماغ الذي يعالج الإبصار والسمع.
وقال عالم الأعصاب كريستوف كوك من "معهد ألين" في سياتل، بالولايات المتحدة: "لماذا كل هذا مهم؟". وكوك أحد المعدين الرئيسيين للدراسة المنشورة هذا الأسبوع في دورية "نيتشر" العلمية.
وأوضح: "إذا أردنا أن نفهم ركيزة الوعي ومن يملكها، البالغون والأطفال قبل اكتساب اللغة والجنين في الثلث الثاني من الحمل والكلب والفأر والحبار والغراب والذبابة، فنحن بحاجة إلى تحديد الآليات الأساسية في الدماغ..."
وعُرضت صور وجوه أشخاص وأشياء مختلفة على المشاركين في الدراسة.
وذكر كوك: "الوعي هو الشعور الذي نحس به عند رؤية صورة لمحمصة خبز أو وجه شخص. الوعي ليس السلوك المرتبط بهذا الشعور، على سبيل المثال الضغط على زر أو قول أرى فلاناً".
نظريتان رائدتان حول الوعي
واختبر الباحثون نظريتين علميتين رائدتين حول الوعي. وبموجب نظرية "مساحة العمل العصبية الشاملة"، ينشأ الوعي في مقدمة الدماغ، ثم تنتشر المعلومات المهمة على نطاق واسع في جميع أنحائه.
أما بموجب نظرية "المعلومات المتكاملة"، فينبع الوعي من تفاعل أجزاء مختلفة من الدماغ وتعاونها، إذ تعمل هذه الأجزاء معاً لدمج المعلومات المستقبلة في حالة الوعي.
ولم تتفق النتائج مع أي من النظريتين.
وقال كوك متسائلاً: "أين توجد المؤشرات العصبية التي تدل على الوعي في الدماغ؟ ببساطة شديدة، هل هي في مقدمة القشرة المخية، أي الطبقة الخارجية من الدماغ، مثل القشرة الجبهية، مثلما تنبأت نظرية مساحة العمل العصبية الشاملة؟".
والقشرة الجبهية الأمامية هي التي تجعل جنسنا البشري فريداً من نوعه، فهي التي تحفز العمليات المعرفية العليا مثل التخطيط واتخاذ القرار والتفكير والتعبير عن الشخصية وتعديل السلوك الاجتماعي.
ومضى كوك في تساؤلاته: "أم أن علامات (الوعي) موجودة في المناطق الخلفية من القشرة؟". والقشرة الخلفية هي المنطقة التي تحدث فيها معالجة السمع والإبصار.
وقال: "هنا، تصب الأدلة بشكل قاطع في مصلحة القشرة الخلفية. إما أن المعلومات المتعلقة بالوعي لم يُعثر عليها في الأمام، وإما أنها كانت أضعف بكثير من تلك الموجودة في الخلف. وهذا يدعم فكرة أن الفصوص الجبهية، وإن كانت ضرورية للذكاء والحكم والاستدلال إلخ، لا تشارك بشكل حاسم في الرؤية، أي في الإدراك البصري في حالة الوعي".
ديناميات الوعي في الدماغ
ومع ذلك، لم تتمكن الدراسة من تحديد ما يكفي من الاتصالات التي تستمر للمدة التي تستغرقها تجربة الوعي في الجزء الخلفي من الدماغ لدعم نظرية المعلومات المتكاملة.
وتوجد تطبيقات عملية لتكوين فهم أعمق لديناميات الوعي في الدماغ.
وقال كوك إن ذلك "سيكون مهماً لكيفية تعامل الأطباء مع المرضى في حالات الغيبوبة أو متلازمة اليقظة بلا استجابة، وهي حالة يكونون فيها مستيقظين، ولكن لا تظهر عليهم أي علامات على الوعي بسبب إصابة دماغية أو سكتة دماغية أو سكتة قلبية أو جرعة زائدة من المخدرات أو أسباب أخرى".
ومن بين هؤلاء المرضى، يموت ما بين 70 إلى 90% بسبب اتخاذ قرار بسحب العلاج الذي يدعم الحياة.
وذكر كوك: "مع ذلك، نعلم الآن أن حوالي ربع المرضى في حالة الغيبوبة أو متلازمة اليقظة بلا استجابة يكونون واعين، وعياً خفياً، ومع ذلك لا يستطيعون الإشارة إلى ذلك"، في إشارة إلى بحث منشور العام الماضي في دورية "نيو إنجلاند" الطبية.
وأضاف: "ستمكننا معرفة آثار الوعي في الدماغ من أن نرصد بشكل أفضل هذا الشكل غير الظاهر من الوجود، دون القدرة على الإشارة".

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

إنجاز علمي يكشف.. الوعي ينبع من الجزء الخلفي للدماغ وليس الأمامي
إنجاز علمي يكشف.. الوعي ينبع من الجزء الخلفي للدماغ وليس الأمامي

صحيفة سبق

time٠٣-٠٥-٢٠٢٥

  • صحيفة سبق

إنجاز علمي يكشف.. الوعي ينبع من الجزء الخلفي للدماغ وليس الأمامي

في كشفٍ علمي قد يغيّر مفاهيم طبية وفلسفية راسخة، توصل علماء الأعصاب إلى أن مركز الوعي البشري قد لا يكون في الجزء الأمامي من الدماغ، كما كان يُعتقد سابقًا، بل في مناطقه الحسية الخلفية المسؤولة عن الإبصار والسمع. الدراسة واسعة النطاق، التي نشرتها مجلة "نيتشر"، الأسبوع الماضي، استندت إلى قياسات دقيقة للنشاط العصبي والدموي في أدمغة 256 شخصًا في 12 مختبرًا عالميًا، وشملت مشاهدتهم مجموعة من الصور في أثناء مراقبة ردود أدمغتهم. وبحسب عالم الأعصاب كريستوف كوك؛ من معهد ألين، فإن النتائج تدعم نظرية "المعلومات المتكاملة"، التي تقول إن الوعي ينتج من تفاعل وتكامل مناطق متعدّدة من الدماغ، خلافًا لنظرية "مساحة العمل العصبية الشاملة" التي كانت تربط الوعي بالقشرة الجبهية الأمامية. ويؤكّد كوك؛ وفق "روسيا اليوم"، أن هذه النتائج قد تغيّر أساليب تقييم الوعي لدى مرضى الغيبوبة أو "متلازمة اليقظة بلا استجابة"، حيث تبين أن نحو ربع هؤلاء المرضى قد يكونون في حالة "وعي خفي" رغم عدم قدرتهم على التواصل. ويفتح هذا الاكتشاف آفاقاً جديدة في مجالات تشخيص إصابات الدماغ، وتحديد أخلاقيات سحب أجهزة الإنعاش، والتعامل مع الوعي لدى الأجنة والحيوانات.

علماء يستكشفون المنطقة المسؤولة عن الوعي في الدماغ
علماء يستكشفون المنطقة المسؤولة عن الوعي في الدماغ

الشرق السعودية

time٠٣-٠٥-٢٠٢٥

  • الشرق السعودية

علماء يستكشفون المنطقة المسؤولة عن الوعي في الدماغ

الوعي هو جوهر الوجود البشري، لأنه القدرة على الرؤية والسمع والحلم والتخيل والشعور بالألم أو المتعة أو الخوف أو الحب وغيرها، لكن أين يقع هذا الوعي تحديداً في الدماغ؟ سؤال لطالما حير العلماء والأطباء. وتقدم دراسة جديدة رؤى حديثة عن تلك المسألة. في مسعى لتحديد أجزاء الدماغ المسؤولة عن الوعي، أجرى علماء الأعصاب قياسات للنشاط الكهربائي والمغناطيسي، بالإضافة إلى تدفق الدم، في أدمغة 256 شخصاً في 12 مختبراً في أنحاء الولايات المتحدة وأوروبا والصين، أثناء مشاهدة المشاركين صوراً متنوعة. وتتبعت القياسات النشاط في أجزاء مختلفة من الدماغ. ووجد الباحثون أن الوعي قد لا ينشأ في الجزء "الذكي" من الدماغ، وهي المناطق الأمامية حيث تحدث عملية التفكير التي نمت تدريجياً في عملية التطور البشري، لكنه قد ينشأ في المناطق الحسية في الجزء الخلفي من الدماغ الذي يعالج الإبصار والسمع. وقال عالم الأعصاب كريستوف كوك من "معهد ألين" في سياتل، بالولايات المتحدة: "لماذا كل هذا مهم؟". وكوك أحد المعدين الرئيسيين للدراسة المنشورة هذا الأسبوع في دورية "نيتشر" العلمية. وأوضح: "إذا أردنا أن نفهم ركيزة الوعي ومن يملكها، البالغون والأطفال قبل اكتساب اللغة والجنين في الثلث الثاني من الحمل والكلب والفأر والحبار والغراب والذبابة، فنحن بحاجة إلى تحديد الآليات الأساسية في الدماغ..." وعُرضت صور وجوه أشخاص وأشياء مختلفة على المشاركين في الدراسة. وذكر كوك: "الوعي هو الشعور الذي نحس به عند رؤية صورة لمحمصة خبز أو وجه شخص. الوعي ليس السلوك المرتبط بهذا الشعور، على سبيل المثال الضغط على زر أو قول أرى فلاناً". نظريتان رائدتان حول الوعي واختبر الباحثون نظريتين علميتين رائدتين حول الوعي. وبموجب نظرية "مساحة العمل العصبية الشاملة"، ينشأ الوعي في مقدمة الدماغ، ثم تنتشر المعلومات المهمة على نطاق واسع في جميع أنحائه. أما بموجب نظرية "المعلومات المتكاملة"، فينبع الوعي من تفاعل أجزاء مختلفة من الدماغ وتعاونها، إذ تعمل هذه الأجزاء معاً لدمج المعلومات المستقبلة في حالة الوعي. ولم تتفق النتائج مع أي من النظريتين. وقال كوك متسائلاً: "أين توجد المؤشرات العصبية التي تدل على الوعي في الدماغ؟ ببساطة شديدة، هل هي في مقدمة القشرة المخية، أي الطبقة الخارجية من الدماغ، مثل القشرة الجبهية، مثلما تنبأت نظرية مساحة العمل العصبية الشاملة؟". والقشرة الجبهية الأمامية هي التي تجعل جنسنا البشري فريداً من نوعه، فهي التي تحفز العمليات المعرفية العليا مثل التخطيط واتخاذ القرار والتفكير والتعبير عن الشخصية وتعديل السلوك الاجتماعي. ومضى كوك في تساؤلاته: "أم أن علامات (الوعي) موجودة في المناطق الخلفية من القشرة؟". والقشرة الخلفية هي المنطقة التي تحدث فيها معالجة السمع والإبصار. وقال: "هنا، تصب الأدلة بشكل قاطع في مصلحة القشرة الخلفية. إما أن المعلومات المتعلقة بالوعي لم يُعثر عليها في الأمام، وإما أنها كانت أضعف بكثير من تلك الموجودة في الخلف. وهذا يدعم فكرة أن الفصوص الجبهية، وإن كانت ضرورية للذكاء والحكم والاستدلال إلخ، لا تشارك بشكل حاسم في الرؤية، أي في الإدراك البصري في حالة الوعي". ديناميات الوعي في الدماغ ومع ذلك، لم تتمكن الدراسة من تحديد ما يكفي من الاتصالات التي تستمر للمدة التي تستغرقها تجربة الوعي في الجزء الخلفي من الدماغ لدعم نظرية المعلومات المتكاملة. وتوجد تطبيقات عملية لتكوين فهم أعمق لديناميات الوعي في الدماغ. وقال كوك إن ذلك "سيكون مهماً لكيفية تعامل الأطباء مع المرضى في حالات الغيبوبة أو متلازمة اليقظة بلا استجابة، وهي حالة يكونون فيها مستيقظين، ولكن لا تظهر عليهم أي علامات على الوعي بسبب إصابة دماغية أو سكتة دماغية أو سكتة قلبية أو جرعة زائدة من المخدرات أو أسباب أخرى". ومن بين هؤلاء المرضى، يموت ما بين 70 إلى 90% بسبب اتخاذ قرار بسحب العلاج الذي يدعم الحياة. وذكر كوك: "مع ذلك، نعلم الآن أن حوالي ربع المرضى في حالة الغيبوبة أو متلازمة اليقظة بلا استجابة يكونون واعين، وعياً خفياً، ومع ذلك لا يستطيعون الإشارة إلى ذلك"، في إشارة إلى بحث منشور العام الماضي في دورية "نيو إنجلاند" الطبية. وأضاف: "ستمكننا معرفة آثار الوعي في الدماغ من أن نرصد بشكل أفضل هذا الشكل غير الظاهر من الوجود، دون القدرة على الإشارة".

دراسة: ربع مرضى الغيبوبة لديهم 'وعي خفي'
دراسة: ربع مرضى الغيبوبة لديهم 'وعي خفي'

الوئام

time٠٣-٠٥-٢٠٢٥

  • الوئام

دراسة: ربع مرضى الغيبوبة لديهم 'وعي خفي'

في إنجاز علمي كبير قد يعيد تشكيل فهمنا لطبيعة الوعي البشري، كشفت دراسة حديثة أن الوعي لا ينشأ في المناطق الأمامية 'الذكية' من الدماغ كما كان يُعتقد، بل في المناطق الحسية الخلفية التي تعالج الإبصار والسمع. الدراسة التي نُشرت في مجلة Nature، وشارك فيها 256 شخصًا في 12 مختبرًا موزعة عبر الولايات المتحدة وأوروبا والصين، اعتمدت على قياسات دقيقة للنشاط الكهربائي والمغناطيسي وتدفق الدم في الدماغ أثناء عرض صور متنوعة للمشاركين. وأوضح عالم الأعصاب كريستوف كوك من معهد ألين في سياتل، وهو أحد المشاركين في إعداد الدراسة، أن النتائج تشير بقوة إلى أن الوعي يتشكل في القشرة الخلفية من الدماغ، وليس في القشرة الجبهية الأمامية المرتبطة بالتفكير والتخطيط. وقال: 'إما أن المعلومات المرتبطة بالوعي لم تظهر في المقدمة، أو كانت ضعيفة جداً مقارنة بما تم رصده في الخلف.' واختبرت الدراسة اثنتين من أبرز النظريات العلمية حول نشأة الوعي: 'مساحة العمل العصبية الشاملة' التي تركز على القشرة الأمامية، و'نظرية المعلومات المتكاملة' التي ترى أن الوعي نتاج تفاعل مترابط بين عدة مناطق دماغية. لكن اللافت أن نتائج الدراسة لم تتطابق تمامًا مع أي منهما، مما يعزز فرضية جديدة تركز على دور المناطق الحسية في الدماغ. وتكمن أهمية هذا الاكتشاف في تطبيقاته العملية، خصوصًا في التعامل مع المرضى فاقدي الوعي، مثل أولئك في حالات الغيبوبة أو متلازمة 'اليقظة بلا استجابة'. فبحسب كوك، تشير أبحاث سابقة إلى أن نحو ربع هؤلاء المرضى قد يكونون واعين دون القدرة على التعبير، وهو ما يجعل فهمنا لكيفية عمل الوعي أمرًا بالغ الأهمية في اتخاذ قرارات مصيرية بشأن حياتهم. وأضاف: 'إذا استطعنا تتبع آثار الوعي في الدماغ، فسنتمكن من رصد هذا الشكل الخفي من الوجود، حتى لدى من لا يستطيعون الإشارة إليه بأي طريقة تقليدية.' هذا الاكتشاف يعيد طرح أسئلة فلسفية وعلمية عميقة حول طبيعة الوعي، ليس فقط لدى الإنسان، بل أيضًا لدى كائنات أخرى كالكلاب والحبار والغربان، ويمهد الطريق أمام أبحاث أكثر دقة في محاولة لفهم هذا اللغز المعقد في جوهره.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store