
الصديق المهدي يعدد لـ«العين الإخبارية» نتائج الحرب الكارثية في السودان
أكثر من 26 شهرًا متواصلة من الحرب الدامية في السودان، أتت على الأخضر واليابس.
الأمين العام لتحالف "صمود" والقيادي في حزب الأمة القومي في السودان، الصديق الصادق المهدي، كشف لـ"العين الإخبارية" عن أرقام مخيفة لضحايا تلك الحرب في السودان.
المهدي قال لـ"العين الإخبارية" إنه يوجد حوالي 17 مليون طفل سوداني خارج النظام المدرسي، بالإضافة إلى نزوح 13 مليون شخص، منهم 4 ملايين نزحوا إلى دول الجوار.
وأضاف أن الحرب تسببت في كارثة إنسانية لم يشهدها العالم، إذ إن الجوع يهدد نصف سكان السودان، بالإضافة إلى أن مرض الكوليرا يحصد أرواح الآلاف من السودانيين، في ظل خروج أكثر من 80% من النظام الصحي عن الخدمة في السودان.
ومنذ أبريل/نيسان 2023، اندلعت الحرب بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، لتخلف أرقامًا غير مسبوقة في عدد القتلى والنازحين وضحايا الانتهاكات الإنسانية من كلا طرفي الحرب.
وبحسب تقديرات الأمم المتحدة، تجاوز عدد قتلى الحرب 20 ألف شخص، في حين تشير تقديرات لجنة الإنقاذ الدولية إلى 150 ألف قتيل، بينما تجاوز عدد النازحين 13 مليون نازح.
نفق العقوبات
وفيما يتعلق بالعقوبات الأخيرة التي فرضتها الولايات المتحدة على حكومة بورتسودان، بسبب استخدام الجيش السوداني للأسلحة الكيميائية في الحرب، بحسب تقارير أمريكية، انتقد المهدي فكرة "اللجنة الوطنية" التي كونها الجيش السوداني للتحقيق في مزاعم أمريكية باستخدام السلاح الكيميائي في الحرب، من الناحية السياسية.
وقال المهدي: "إن تكوين لجنة من قبل الجيش السوداني للنظر في الاتهام الأمريكي باستخدام الأسلحة الكيميائية، هو إجراء من الناحية السياسية بلا قيمة ولا يحمل أي تأثير".
وأضاف أن "الثورة السودانية هي التي أخرجت السودان من نفق العقوبات الأمريكية الخاصة بقائمة الدول الراعية للإرهاب، إلا أن الحرب الجارية الآن هي التي أعادت السودان إلى عهود العقوبات التي وضعته فيها المنظومة البائدة في حقبة الإخوان برئاسة عمر البشير".
وأشار إلى أن الطريق الوحيد أمام قيادة الجيش السوداني هو ضرورة "القفز للأمام" بوقف الحرب عبر عملية سياسية تفاوضية مؤسسة على رؤية سودانية خالصة.
واعتبر المهدي أن استمرار الحرب يهدد أمن دول الجوار السوداني، ويهدد استقرار القرن الإفريقي والبحر الأحمر، من خلال توفير البيئة المناسبة لاحتضان الإرهابيين ونشاط الهجرة غير الشرعية.
وقال: "لتجنب الانزلاق في نفق العقوبات من جديد، فلا سبيل إلى ذلك إلا بوقف الحرب عبر عملية سياسية تفاوضية تُنهي مأساة أهل السودان، وتعيد السودان إلى الطريق الصحيح".
فك الارتباط مع الإخوان
وحول اختطاف مؤسسة الجيش السوداني من قبل تنظيم الإخوان، قال المهدي: "إن مؤسسة الجيش السوداني عمرها أطول بكثير من تاريخ التنظيم الإخواني في السودان، وأطول من عمر دولتهم التي أقاموها في السودان بعد انقلابهم على السلطة الديمقراطية في يونيو/حزيران 1989".
وأقر المهدي بأن هناك "اختراقات" داخل الجيش السوداني تمت من قبل عدد من القوى السياسية السودانية، إلا أنه وصف اختراق الإخوان للجيش السوداني بـ"الأكبر" على مستوى تاريخه الطويل.
وقال إن "رئيس حزب المؤتمر الوطني، الواجهة السياسية للتنظيم الإخواني في السودان، ظل هو قائد الجيش السوداني لمدة 30 عامًا".
وأضاف أن "هذا الوضع ساعد على تمكين الإخوان داخل الجيش السوداني، من خلال تصفية المؤسسة العسكرية عبر إحالة كثير من الضباط السودانيين إلى التقاعد نتيجة لعدم رضا الإخوان عن الذين لا ينتمون لتنظيمهم".
وأوضح أن المخرج من هذه المشكلة لن يتم إلا عبر عملية سياسية لإصلاح المؤسسة العسكرية، تُفضي إلى تأسيس جيش واحد مهني، عبر إعادة الدمج والتسريح لإنهاء أي امتياز يُحظى به المنتمون لتنظيم الإخوان داخل مؤسسة الجيش السوداني.
وأوضح أن ذلك يمكن أن يمهد الطريق إلى تحرير الجيش السوداني وضمان استقلاله، عندما يكون القبول في الكلية الحربية مضبوطًا ومتوازنًا، بحيث يتم ذلك بشرط عدم الانتماء الحزبي للطلاب، مقابل إفساح المجال لعموم أهل السودان بمختلف أعراقهم ومناطقهم الجغرافية للالتحاق بالجيش.
الإعلام الحربي وخطاب الكراهية
واستبعد المهدي أن يكون التحالف المدني الديمقراطي وحده مسؤولًا عن الفشل في إقناع طرفي الحرب بضرورة إنهاء الصراع، وقال: "ليست القوى المدنية الديمقراطية هي التي فشلت في إقناع طرفي الحرب بالجلوس إلى طاولة المفاوضات لإنهاء الحرب، ولكن هناك أطرافًا دولية وإقليمية عديدة فشلت أيضًا عبر مبادرات عديدة في إقناع طرفي الحرب بإنهاء الحرب".
وأرجع المهدي أسباب الفشل في الوصول إلى وقف لإطلاق النار في السودان، إلى أن الإعلام الحربي وخطاب التجييش بين طرفي الحرب يثير الكراهية، مؤكدًا أن أطراف الحرب نجحوا عبر هذا الخطاب في تحريك المدنيين نحو ساحة الاقتتال.
وقال: "إن طبيعة الحرب في السودان تغيرت من كونها محصورة بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، إلى حرب نصف قوامها من المدنيين أنفسهم، بسبب خطابات التحشيد والتجييش والاستنفار".
وأقر المهدي بأن خطاب التعبئة الحربية ظل يُضيق من حركة الحيز المدني، إلا أنه أكد أن خطاب السلام والدعوة إلى إيقاف الحرب بدأ يكتسب أرضًا جديدة من المؤيدين أوساط السودانيين، وتزداد رقعة تمدده بينهم يومًا بعد يوم.
تعيين كامل إدريس
وحول تعيين قيادة الجيش السوداني لكامل إدريس رئيسًا للوزراء لحكومة في بورتسودان، قال المهدي: "هذا التعيين يأتي في خضم المعركة والحرب، وأن التعيين تم في ركن من الحيز المدني الضيق، وأنه لا يتفق مع الأحاديث التي تروج إلى أن كامل إدريس تم تعيينه بصلاحيات واسعة، لأنه في الحقيقة يعبر عن الموقف العسكري بلسان مدني".
وأكد المهدي أن الأولوية الآن هي إيقاف الحرب في السودان، وأن تعيين كامل ليس له أي مرجعية دستورية في ظل استغراق الدولة بأكملها في الحرب.
وأشار إلى أن الغرض من هذا التعيين هو إضفاء شرعية على وضع يفتقد للشرعية الدستورية.
وفيما يتعلق باشتراط الاتحاد الإفريقي تكوين حكومة مدنية، مقابل فك تعليق عضوية السودان في الاتحاد، قال المهدي: "إن هذا الأمر يرتبط بمسار كامل هو في يد مجلس السلم والأمن الإفريقي، والذي يرى في استقرار كل أراضي السودان وتوافق السودانيين على حكومة مدنية، وهو شرط جوهري للاعتراف بحكومة السودان، وهو غير متوفر الآن عبر تعيين كامل إدريس".
aXA6IDEwNC4xNjguMTYuNTEg
جزيرة ام اند امز
US

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


العين الإخبارية
منذ 24 دقائق
- العين الإخبارية
الأمم المتحدة تواجه تحديات وجودية في ذكراها الـ80
مع مرور 90 عاما على إنشائها، تكافح الأمم المتحدة أزمة مصداقية ونقص غير مسبوق في التمويل لإثبات أنها تلعب دورا ضروريا بعالم معقد. وتحيي الدول الأعضاء الـ193، الخميس المقبل، الذكرى الثمانين لتوقيع ميثاق الأمم المتحدة في 26 يونيو/حزيران 1945 في سان فرانسيسكو، الوثيقة المؤسسة التي انبثقت عنها المنظمة الأممية في 24 أكتوبر/تشرين الأول من العام نفسه. وتحل هذه الذكرى في وقت تواجه الأمم المتحدة أزمة متعددة الأوجه تطرح تساؤلات حول مستقبلها. وقال ريتشارد غوان المحلل في مجموعة الأزمات الدولية إنه "منذ نهاية الحرب الباردة، رأينا المنظمة تعاني محنا، من الإبادة الجماعية في رواندا إلى حرب العراق. وفي كل أزمة كبرى، يعلن معلقون نهاية الأمم المتحدة، ورغم ذلك تستمر". لكنه أقر بأن "هذه لحظة على قدر خاص من الصعوبة"، مشيرا إلى أن "معظم الدول الأعضاء في الأمم المتحدة تشعر بخيبة كبيرة حيال عدم تحرك مجلس الأمن بشأن أوكرانيا وغزة والسودان"، بسبب حق النقض (فيتو) الذي تحظى به الدول الدائمة العضوية فيه ما يؤدي إلى شلّه. وأوضح المحلل لوكالة "فرانس برس" أن "النظام الأممي بصورة عامة يعيش أزمة مصداقية، وليس من الواضح إن كان أعضاء المنظمة لديهم الموارد أو الطاقة السياسية لإنقاذه". فيما رأى روموالد سيورا من المعهد الفرنسي للعلاقات الدولية والإستراتيجية، أن أزمة المصداقية هذه لا يمكن أن تقود سوى إلى تلاشي منظمة باتت "قزما" سياسيا. موضحا: "لست واثقا من أن الأمم المتحدة ستزول، حتى مع حلول الذكرى المئة لتأسيسها"، لكن "أرى الأمم المتحدة تتلاشى ببطء وتتحول إلى ما يشبه طيفا... على غرار تلك المنظمات القديمة التي ننسى اسمها". غير أن الخبراء يرون أن الأمم المتحدة على الرغم من ثغراتها والحاجة إلى إصلاحها، ليست حكما المسؤولة الوحيدة عن وضعها الحالي، ومن الاستسهال تحميلها مسؤولية عجز دولها الأعضاء على التفاهم في سياق من الرفض للتعددية. عالم "أسوأ" وانتقدت غيسو نيا من مركز "المجلس الأطلسي" للدراسات عالما "يترسخ فيه نهج الأقوى هو على حق، ما يبعدنا أكثر وأكثر عن المُثل" التي قامت عليها الأمم المتحدة في نهاية الحرب العالمية الثانية. وإن كانت المحامية واثقة من أن تمسك الكثيرين بهذه القيم سوف "يبقي الأمم المتحدة على قيد الحياة"، فهي تبدي قلقها حيال عواقب التشكيك المتواصل في جدواها ولا سيما من جانب إسرائيل. وقالت لـ"فرانس برس"، إن "التوبيخ المتواصل من بعض الأصوات العالية جدا للأمم المتحدة لاتهامها بمعاداة السامية وبأنها هدر للأموال أو بدعم الدكتاتوريين، يترك في الواقع أثرا". من جانبه، يؤكد الأمين العام للمنظمة أنطونيو غوتيريش بأنه في عالم يواجه أكبر عدد من النزاعات منذ 1945 وعدة أزمات إنسانية كبرى، فإن "الأمم المتحدة لم تكن يوما ضرورية بقدر ما هي عليه الآن". وقال مؤخرا "لم تكن قيمنا يوما مهمة بقدر ما هي اليوم، ولم تكن الحاجات يوما أكبر مما هي اليوم". ورغم ذلك، تتراجع الموارد بسبب الاقتطاعات المالية التي تقوم بها الدول المانحة وفي طليعتها الولايات المتحدة التي قلصت بشكل حاد في عهد الرئيس دونالد ترامب برامج المساعدات الخارجية. "تدخل صعب" وفي هذا السياق وسعيا لتعزيز فاعلية المنظمة، أطلق غوتيريش مبادرة "الأمم المتحدة 80" التي تتضمن تغييرات "أليمة" ولا سيما إلغاء آلاف الوظائف. وقال ريتشارد غوان إن المنظمة "تعاني بالطبع مشكلات بيروقراطية عديدة" وتتطلب "تدقيقا وانتقادات"، مضيفا في المقابل "اعتدنا أكثر مما ينبغي أن يكون هذا النظام في خدمتنا ونميل إلى قضاء وقت أطول مما ينبغي نشكو من ثغراتها ولا نقضي وقتا كافيا نقر بنجاحاتها". وتبقى الأمم المتحدة مساحة تسمح لألدّ الأعداء بالجلوس إلى طاولة واحدة، ولأصغر الدول بإسماع صوتها. كما يجدر التنويه بالعمل الميداني الذي تقوم به، بدءا ببرنامج الأغذية العالمي الذي قدم مساعدات غذائية لأكثر من مئة مليون شخص في 120 دولة العام الماضي، وصولا إلى آلاف العناصر في قوات حفظ السلام المنتشرة في مناطق النزاعات لحماية المدنيين. ورأى روموالد سيورا أن "الأمم المتحدة كانت أداة رائعة... وبالطبع سيكون الأمر أسوأ إن اختفت بين ليلة وضحاها". aXA6IDgyLjI3LjIxNy4yMjUg جزيرة ام اند امز CR


العين الإخبارية
منذ 2 ساعات
- العين الإخبارية
اليوم العالمي للأرامل 2025.. حقوق منهوبة وظروف قاسية
تحيي الأمم المتحدة اليوم العالمي للأرامل في 23 يونيو/ حزيران، لمناقشة التحديات الجسيمة التي تواجهها أكثر من 258 مليون امرأة حول العالم، ممن فقدن شركاءهن ويكافحن من أجل حقوقهن الأساسية وكرامتهن الإنسانية. رغم العدد الهائل للأرامل عالميًا، إلا أنهن غالبًا ما يُتركن في الظل دون حماية أو دعم. وتزيد النزاعات المسلحة، والهجرة، والنزوح من تعقيد أوضاعهن، حيث تجد الآلاف من النساء أنفسهن في مواجهة حياة جديدة بعد فقد الشريك، دون سند قانوني أو اجتماعي. حرمان من الميراث والرعاية تُحرم الأرامل في كثير من المجتمعات من حقوق الميراث، وقد تُصادر ممتلكاتهن بعد وفاة أزواجهن، ويواجهن وصمًا وتمييزًا يصل في بعض الحالات إلى اعتبارهن "حاملات للأمراض". كما أن الكثيرات لا يحصلن على معاشات تقاعدية بسبب الفجوة بين الجنسين في الحقوق الاجتماعية، ما يزيد من معدلات الفقر بين المسنات، خاصة في غياب الدعم الحكومي أو المؤسساتي. المرأة المعيلة وسط الفقر والتهميش في العديد من الحالات، تكون الأرملة هي العائل الوحيد للأسرة، ما يزيد من هشاشتها الاقتصادية والاجتماعية. كما تعاني العازبات المسنات من الإقصاء، في ظل غياب سياسات تضمن لهن الأمان الاجتماعي والمعيشي. الأمم المتحدة تدعو إلى تحرك دولي شامل يشكّل اليوم الدولي للأرامل مناسبة مهمة لحشد الجهود من أجل تمكين الأرامل قانونيًا واجتماعيًا. وتؤكد الأمم المتحدة على ضرورة إتاحة المعلومات لهن بشأن حقوقهن في الميراث والأراضي والموارد الإنتاجية، إلى جانب دعمهن في الحصول على العمل الكريم والتعليم والتدريب والمعاشات، دون التمييز بناءً على الحالة الاجتماعية. قصور في الإحصاءات يعرقل الاستجابة تشير التقارير الأممية إلى أن ندرة البيانات الدقيقة والمصنفة بحسب النوع والعمر والحالة الاجتماعية، تمثل عائقًا كبيرًا أمام تطوير سياسات فعّالة تستجيب لمعاناة الأرامل، وتتصدى للفقر والعنف والتمييز ضدهن. دعوة لتعزيز الحقوق القانونية والقضائية تدعو الأمم المتحدة الحكومات إلى الالتزام بالاتفاقيات الدولية، مثل اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة، واتفاقية حقوق الطفل، لضمان حماية حقوق الأرامل. كما تُطالب بإصلاح الأنظمة القضائية التي تعجز كثيرًا عن إنصاف النساء بسبب نقص الوعي والتمييز داخل أجهزة القضاء. برامج دعم وتمكين متعددة المسارات تؤكد الأمم المتحدة ضرورة تنفيذ سياسات شاملة لحماية الأرامل من العنف والفقر، ودعمهن بالتعليم والرعاية الصحية والعمل اللائق. وتشدد على أهمية إشراك الأرامل في عمليات بناء السلام والمصالحة في مراحل ما بعد النزاع لضمان استدامة الأمن المجتمعي. تمكين الأرامل لحماية الأجيال القادمة يعني تمكين الأرامل ضمان مشاركتهن في صنع القرار والحياة العامة، وتوفير بيئة خالية من العنف وسوء المعاملة. كما أن تحسين أوضاع الأرامل يسهم في حماية أطفالهن من الفقر وتكرار دائرة الحرمان. aXA6IDgyLjI1LjI1MC40NSA= جزيرة ام اند امز FR


البوابة
منذ 3 ساعات
- البوابة
حافة الهاوية.. التصعيد بين إسرائيل وإيران وسط ضبابية الضربات النووية ورد طهران الموعود
يأتي التصعيد الأخير بين إسرائيل وإيران في إطار سياق طويل من التوترات المتصاعدة حول البرنامج النووي الإيراني، لكنه هذه المرة بلغ منعطفًا أكثر حدة، مع تنفيذ ضربات عسكرية مباشرة على منشآت نووية، وهو تطور يحمل تبعات استراتيجية بالغة الخطورة على أمن المنطقة والعالم. في تصريحات اتسمت بالتصعيد والحذر معًا، أعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أن بلاده "اقتربت للغاية" من تحقيق أهدافها في إيران، التي وصفها بالتخلص من "التهديد النووي والصواريخ الباليستية". هذا الإعلان يأتي بعد سلسلة من الضربات الجوية شاركت فيها الولايات المتحدة، مستهدفة منشآت نووية رئيسية، أبرزها موقع فوردو، والذي صُنّف سابقًا كأحد أكثر المواقع تحصينًا تحت الأرض. حرب استنزاف نتنياهو شدد على أنه لن يسمح بجر إسرائيل إلى "حرب استنزاف"، لكنه في الوقت نفسه أكد أن العمليات العسكرية لن تتوقف "قبل الأوان"، ما يعكس توازنًا دقيقًا بين الرغبة في الحسم العسكري وبين إدراك كلفة الحرب الطويلة في الشرق الأوسط. الخطورة في هذا التصعيد لا تقتصر فقط على أبعاد المواجهة الثنائية، بل تتعداها إلى التفاعلات الإقليمية والدولية. فاستهداف المنشآت النووية في إيران يمثل سابقة خطيرة، قد تدفع طهران إلى إعادة النظر في حساباتها الدفاعية وربما تسريع خطواتها نحو امتلاك قدرات ردع نووي فعلية، وهو سيناريو طالما حذرت منه قوى غربية وإقليمية. من جهتها، لم تتأخر طهران في الرد الخطابي، إذ أعلن مبعوثها لدى الأمم المتحدة، أمير سعيد إيرواني، أن "قواتنا المسلحة ستحدد توقيت وطبيعة ونطاق الرد المتناسب على الهجمات الأميركية"، في لهجة توحي بأن الرد قادم لا محالة، لكنه يخضع لحسابات دقيقة. قفزة نوعية ورغم أن نتنياهو أعلن أن الأضرار التي لحقت بموقع فوردو "كبيرة"، إلا أنه اعترف بأن "حجم الضرر لم يتحدد بعد"، ما يشير إلى أن تقييم نتائج العملية لا يزال جارياً، ويُحتمل أن يؤثر على القرارات العسكرية التالية. وفي الجانب التقني من الأزمة، فإن تخصيب إيران لليورانيوم بنسبة 60% يعد مؤشراً حرجاً. فبينما لم تصل هذه النسبة إلى العتبة التقنية لتصنيع سلاح نووي (90%)، إلا أنها تمثل قفزة نوعية مقارنة بالحد المسموح به وفق اتفاق 2015 (3.67%). وهذه النقطة هي التي أثارت حفيظة إسرائيل وأعادت إشعال فتيل التصعيد الحالي، خاصة بعد انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق في عهد دونالد ترامب عام 2018، وما تلاه من تعثر جهود العودة إليه. الضربات التي بدأت في 13 يونيو، واستهدفت طيفاً واسعاً من الأهداف الإيرانية، من قادة عسكريين وعلماء إلى منشآت استراتيجية، دفعت إيران إلى الرد بإطلاق صواريخ ومسيّرات على إسرائيل، ما جعل من هذه الجولة واحدة من أكثر جولات المواجهة المباشرة بين البلدين سخونة وخطورة.