
هل يتبدّل الموقف الأميركي مع إعفاء أورتاغوس؟
كتب محمد شقير في 'الشرق الأوسط':
إعادة إعمار المناطق التي دمّرتها إسرائيل وربط الملف بسحب سلاح «حزب الله» وحصريته بيد الدولة، يُقلق الثنائي الشيعي الذي يتخوف من وجود قرار دولي بتأجيل البحث في الإعمار وترحيل المسألة إلى ما بعد الانتخابات النيابية في ربيع 2026. ويخشى الثنائي أن يكون الهدف تحريض السواد الأعظم من المتضررين الشيعة وتأليبهم على الحزب، الذي استطاع بتحالفه مع «أمل» في الانتخابات البلدية تجديد شعبيته، فيما يترقب موقف واشنطن النهائي حيال ما يتردد لبنانياً على نطاق واسع، بأن البيت الأبيض يميل إلى تعيين خلف لنائبة المبعوث الخاص للرئيس الأميركي للشرق الأوسط مورغان أورتاغوس المكلفة بملف الجنوب، مبدياً ارتياحه إذا تقرر إعفاؤها من مهامها كونها، من وجهة نظره، تخلت عن وساطتها لتطبيق اتفاق النار بانحيازها لإسرائيل التي تعيق التنفيذ.
أخذ الحديث عن إعفاء أورتاغوس يتردد داخل الأروقة الرئاسية، كما تقول مصادر شبه رسمية لـ«الشرق الأوسط»، مع أن لبنان لم يُبلَّغ رسمياً بعد بقرار استبدالها، والموقف نفسه ينسحب على السفارة الأميركية في بيروت. وعلى الرغم من أن زيارتها المقررة للبنان في نهاية عطلة عيد الأضحى، لا تزال قائمة بلا أي تعديل، لكن لم يُعرف بعد إن كانت زيارة وداعية أم تأتي للرد على كل ما يشاع بأن الملف اللبناني سُحب منها. واستبعدت المصادر أن يشارك فيها، كما يتردد، السفير الأميركي لدى تركيا، اللبناني الأصل توماس برّاك المكلّف، في الوقت نفسه، بمتابعة الملف السوري، وبالتالي يستبعد أن يخلفها كونه يصعب عليه القيام بكل هذه المهام مجتمعة.
وقالت مصادر نيابية إن أورتاغوس كانت موضع انتقاد بسبب إملائها الشروط الإسرائيلية على لبنان وحصر لقاءاتها غير الرسمية برئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع، إلى جانب الرؤساء الثلاثة، على الرغم من أن السفيرة الأميركية لدى لبنان ليزا جونسون أوحت للذين التقتهم، على هامش عشاء أقامه النائب فؤاد مخزومي على شرف أورتاغوس، بأن ضيق الوقت حال دون توسيع مروحة الاتصالات.
وقالت المصادر بأن السفيرة الأميركية وعدت، في حينها، بأن أورتاغوس – وعلى مسمع منها – ستلتقي في زيارتها المقبلة عدداً من القيادات غير الرسمية، وخصت بالذكر الرئيس السابق للحزب «التقدمي الاشتراكي» وليد جنبلاط، لكن الأجواء بينهما سرعان ما توترت على خلفية انتقادها له واضطراره الرد عليها، قبل أن تتحرك الوساطات.
لذلك فإن عدم التزام إسرائيل باتفاق وقف النار يبقى عالقاً، بخلاف تنفيذه من الجانب اللبناني وتجاوب «حزب الله» بتسهيل مهمة انتشار الجيش اللبناني بمؤازرة قوات الطوارئ الدولية المؤقتة «يونيفيل» في المناطق التي انسحبت منها، وتعاونه معه في منطقة انتشاره في جنوب الليطاني، باعتراف هيئة الرقابة الدولية المشرفة على وقف النار. وهذا ما يضع من يخلف أورتاغوس، إذا تقرر استبدالها، أمام مسؤولية استكمال تطبيق الاتفاق الذي رعته الولايات المتحدة وفرنسا، برغم أن مصادر الثنائي الشيعي لا تخفي ارتياحها لاستبدالها بتحميلها مسؤولية تخلفها عن دور الوسيط، وعدم ملاحقتها إسرائيل من خلال لجنة الرقابة الدولية لإلزامها باتفاق وقف النار، وانسحابها من الجنوب تمهيداً لتطبيق القرار 1701.
ومع أن الثنائي، بحسب مصادره، يراهن على إمكانية تبدُّل الموقف الأميركي بالضغط على إسرائيل لوقف اعتداءاتها، فإنه في المقابل يتخوف من قيامها بتوسيع استهدافها لمناطق جديدة تحت عنوان ملاحقتها لمقاتلي «حزب الله» وتدميرها لمنشآته وبنيته العسكرية الواقعة خارج جنوب الليطاني امتداداً إلى البقاع، ما يؤدي إلى ارتفاع منسوب المخاوف لديه حيال لجوئها إلى تعكير موسم الصيف بتهديد الاستقرار في الجنوب، ما يعيق تحريك العجلة الاقتصادية في الموسم السياحي الواعد.
وتتساءل المصادر: لماذا لا تضغط واشنطن على تل أبيب لإلزامها بوقف خروقها أسوة بالضغط الذي تمارسه عليها؛ لمنعها من القيام بأي عمل عسكري يستهدف إيران لتوفير الحماية الأميركية لاستمرار المفاوضات مع إيران، في ظل رهان الإدارة الأميركية على أنها ستبلغ في نهاية المطاف الأهداف المرجوة منها؟
وإلى حين التأكد رسمياً من أن ملف الجنوب سيُسحب من أورتاغوس ويُعبّد الطريق، وسط توقعات لبنانية، أمام ضرورة تبدُّل الموقف الأميركي وعدم إطلاق يد إسرائيل في الجنوب، فإن «حزب الله» يربط استعداده للبحث في مصير سلاحه من ضمن استراتيجية دفاع وطني للبنان، بإلزام إسرائيل بالانسحاب من الجنوب ووقف اعتداءاتها وإطلاق الأسرى اللبنانيين لديها ووضع خطة تتعلق بإعادة إعمار المناطق المدمرة.
وتصدّرت خطة إعادة الإعمار تواصل رئيس المجلس النيابي نبيه بري برئيسي الجمهورية العماد جوزيف عون والحكومة نواف سلام، بالتلازم مع استحضارها في لقاء عون بوفد «حزب الله». لكن ربط ملف الإعمار بسحب سلاح «حزب الله» وحصريته بيد الدولة لن يمنع الانصراف لإعادة تأهيل البنى التحتية؛ لأنه من دونها لا يمكن الشروع بإعمار البلدات المدمرة.
وزير المال في واشنطن
وعلمت «الشرق الأوسط» أن زيارة وزير المال ياسين جابر، برفقة زميله وزير الاقتصاد عامر البساط إلى واشنطن، تمحورت حول تأهيل البنى التحتية بالإفادة من القرض الميسّر من البنك الدولي للبنان وقيمته 250 مليون دولار، وحظيت بتأييده لأن القرض مخصص لهذا الغرض.
واستعداداً لتكليف مجلس الإنماء والإعمار، بعد أن أُعيد تشكيل إدارته، بإعداد خطة لتأهيل البنى التحتية، فإن سلام يستعد لاستضافة طاولة مستديرة تُعقد الثلاثاء المقبل في السراي الحكومي، بمشاركة جابر وحضور أكبر حشد من السفراء العرب والأجانب وممثلين للمؤسسات المالية الدولية والهيئات المانحة، تخصص لجمع الهبات للشروع في تأهيلها على أن تصل إلى حدود 750 مليون دولار، تضاف إلى القرض الدولي ليبلغ المجموع مليار دولار لتغطية التكلفة المالية المترتبة على تأهيلها.
ويُفترض أن يُستكمل لقاء بيروت بآخر يُعقد مع البنك الدولي في واشنطن بين جابر وإدارة البنك، بمشاركة مجلس الإنماء والإعمار، لإطلاق الضوء الأخضر الدولي للمباشرة بتأهيل البنى التحتية، مع استعداد البنك لزيادة القرض في حال أن الهبات المالية في هذا الخصوص لم تصل إلى المبلغ المقرر، على أن توضع في صندوق خاص يُخصص حصراً لتأهيل البنى التحتية.
وبذلك يكون لبنان قد استعد للانتقال من مرحلة التأهيل إلى إعادة الإعمار، ريثما تسمح الظروف المؤدية لحصر السلاح بيد الدولة على قاعدة تطوير التواصل بين عون و«حزب الله»، وصولاً لتزخيم الحوار لبلوغه خواتيمه بتسليم الحزب سلاحه، وأن لا موانع تحول دون البدء بالكشف على الأضرار لإشعار المتضررين عموماً، والجنوبيين خصوصاً، بأن الدولة تولي اهتماماً بإعمار بلداتهم وتتعامل معه، كما يقول بري، على أنه من أولى الأولويات ومن غير الجائز ربطه بالسلاح.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


ليبانون 24
منذ 39 دقائق
- ليبانون 24
البيت الأبيض بعد انتقادات إيلون ماسك لقانون الموازنة: لن نتشاور معه في كل قرار سياسي
البيت الأبيض بعد انتقادات إيلون ماسك لقانون الموازنة: لن نتشاور معه في كل قرار سياسي Lebanon 24


الديار
منذ ساعة واحدة
- الديار
رئيس كوريا الجنوبية الجديد يمد يده للشمال
اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب تعهّد رئيس كوريا الجنوبية الجديد لي جاي ميونغ باستئناف "الحوار" مع بيونغ يانغ وتحسين العلاقات مع جارته المسلحة نوويا. كما وعد بإخراج البلاد من فوضى أزمة الأحكام العرفية وإنعاش الاقتصاد، الذي يعاني من تباطؤ النمو وتهديدات الحماية التجارية العالمية. واتّسم خطاب لي جاي ميونغ (61 عاما) أثناء تنصيبه بنبرة تصالحية طاغية. وقال "سنداوي جراح الانقسام والحرب ونرسي مستقبلا يسوده السلام والازدهار". وأضاف "مهما كان الثمن، فالسلام أفضل من الحرب"، متعهدا بـ"ردع الاستفزازات النووية والعسكرية الكورية الشمالية وفي الوقت نفسه فتح قنوات اتصال" مع الشمال. وأعلنت لجنة الانتخابات في كوريا الجنوبية رسميا انتخاب لي جاي ميونغ رئيسا جديدا للجمهورية بعد فوزه في الانتخابات المبكرة التي أُجريت في ختام فوضى سياسية استمرت 6 أشهر ونجمت من محاولة الرئيس السابق يون سوك يول فرض الأحكام العرفية في البلاد. وحقّق لي فوزا ساحقا على المحافظ كيم مون سو من حزب الرئيس السابق يون سوك يول. وحصل لي على 49.4% من الأصوات، متقدما بفارق كبير على كيم الذي حاز 41.2% من الأصوات وسارع للإقرار بهزيمته. وبسبب شغور منصب الرئيس جراء عزل الرئيس السابق، فإنّ تنصيب لي جاي ميونغ تمّ فورا من دون الحاجة لانتظار المرحلة الانتقالية المعتادة بين الرئيس المنتهية ولايته والرئيس المنتخب. والرئيس الجديد ذو ميول يسارية، وقد سعى في السابق إلى الابتعاد عن الولايات المتحدة التي سارعت من جهتها إلى تهنئته على فوزه، مؤكّدة أن العلاقة بين البلدين راسخة. وتحدّث لي جاي ميونغ مع قائد الجيش الكوري الجنوبي وتولّى رسميا القيادة العملياتية للقوات المسلحة للبلاد. وحث الرئيس الجديد القوات المسلحة على الحفاظ على "الاستعداد" تحسبا لأيّ استفزازات قد تصدر من بيونغ يانغ. تحديات الاقتصاد ويواجه لي جاي ميونغ ما قد تكون أصعب مجموعة من التحديات التي يواجهها رئيس لكوريا الجنوبية منذ قرابة ثلاثة عقود، والتي تشمل العمل على تعافي البلاد من محاولة فرض الأحكام العرفية والتعامل مع تحركات الحماية التجارية التي لا يمكن التنبؤ بها من جانب الولايات المتحدة، وهي شريك تجاري وحليف أمني رئيسي لسول. وفي خطاب تنصيبه، حذّر الرئيس الجديد من أن "تصاعد الحمائية وإعادة هيكلة سلاسل التوريد" يُشكّلان تهديدا وجوديا لرابع أكبر اقتصاد في آسيا. ويعتمد اقتصاد كوريا الجنوبية بشدة على التصدير الذي تضرّر بشدّة من فوضى التجارة العالمية التي أشعلها الرئيس الأميركي دونالد ترامب. وشدد لي جاي ميونغ على أنه سيتعامل مع التحديات الاقتصادية العاجلة التي تواجه البلاد من اليوم الأول من توليه منصبه، مع التركيز على مخاوف تكاليف المعيشة التي تؤثر على الأسر ذات الدخل المتوسط والمنخفض، والصعاب التي تواجه أصحاب الأعمال الصغيرة. ويواجه الرئيس الكوري الجديد أيضا موعدا نهائيا حدده البيت الأبيض للتفاوض على الرسوم الجمركية على الواردات، وهي مفاوضات تقول واشنطن إن سببها هو اختلال كبير في الميزان التجاري بين البلدين. وهنأ وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو الرئيس الجديد لي جاي ميونغ على فوزه في الانتخابات، وقال إن البلدين "يتقاسمان التزاما قويا بالتحالف القائم على معاهدة الدفاع المشترك والقيم المشتركة والعلاقات الاقتصادية العميقة". وقال مسؤول في البيت الأبيض إن انتخاب لي كان "حرا ونزيها"، لكن الولايات المتحدة لا تزال تشعر بالقلق وتعارض تدخلات الصين ونفوذها على ديمقراطيات في أنحاء العالم. وعبر لي جاي ميونغ عن خطط أكثر تصالحا بالنسبة للعلاقات مع الصين وكوريا الشمالية، مشددا بشكل خاص على أهمية بكين باعتبارها شريكا تجاريا رئيسيا، مع الإشارة إلى تردده في اتخاذ موقف حازم إزاء التوتر الأمني في مضيق تايوان. ومع ذلك، تعهد الرئيس الكوري الجديد بمواصلة التعاون مع اليابان، كما قال إن التحالف مع الولايات المتحدة هو العمود الفقري للدبلوماسية العالمية لكوريا الجنوبية.


الديار
منذ ساعة واحدة
- الديار
ترامب: الرئيس الصيني صارم
اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب أكّد الرئيس الأميركي دونالد ترامب، أنه "يقدّر" نظيره الصيني شي جين بينغ، ولكنه "صارم ومن الصعب التوصل إلى اتفاق معه" بشأن الرسوم الجمركية. وكتب ترامب، في منشور في شبكته للتواصل الاجتماعي "تروث سوشال": "أنا أحب الرئيس الصيني شي جين بينغ، ودائماً ما أحببته، وسأظل كذلك، ولكنه صارم للغاية، ومن الصعب للغاية التوصل إلى اتفاق معه!". وكان البيت الأبيض قد أعلن، أمس الإثنين، أنه من المرجح أن يتحدّث ترامب ونظيره الصيني هذا الأسبوع، بعد أيام من اتهام ترامب لبكين بانتهاك اتفاق خفض الرسوم الجمركية والقيود التجارية. ورداً على تصريحاته، اتهمت الصين الولايات المتحدة بأنها "قوّضت بشدة" الهدنة التجارية التي توصلت إليها الدولتان الشهر الماضي.