logo
اغتيال الشجر الفلسطيني

اغتيال الشجر الفلسطيني

صحيفة الخليجمنذ 7 أيام

الحديث عن حجم الخسائر التي تعرض لها الشعب الفلسطيني في صراعه مع الاحتلال الإسرائيلي، حديث طويل، حيث قدم هذا الشعب مئات الآلاف من الشهداء والجرحى والأسرى، ناهيك عن الخسائر الاقتصادية الهائلة، ورغم أنها تبدو فاتورة ثقيلة، فإن أحداً لا يستطيع إنكار الحقيقة التاريخية الدامغة، وهي أن الشعوب لا تنال حريتها وكرامتها إلا بثمنٍ غالٍ من التضحيات، وهو ما أدركه الشعب الفلسطيني منذ بدايات المشروع الإسرائيلي الاستعماري في وطنه، الذي يسعى إلى إغلاق كل منافذ الحياة أمامه، مستهدفاً البشر والشجر والمياه، وكل ما على سطح الأرض أو حتى في باطنها، في توحش همجي لم يشهد له التاريخ مثيلاً.
ولعل ما يلفت الانتباه في الحرب الوحشية التي تشنها قوات الاحتلال على قطاع غزة أو الضفة الغربية، هي سياسة تجريف الأراضي الزراعية التي تعتمدها بعد السابع من أكتوبر/تشرين الأول، وكأنما تريد الانتقام حتى من الشجرة الفلسطينية، بل وحتى من أصغر نبتة في الأرض.
وحسب أحدث تقييم جغرافي أجرته منظمة الفاو ومركز الأقمار الصناعية التابع للأمم المتحدة بين أكتوبر/تشرين الأول وديسمبر/كانون الأول 2024، فقد دمرت إسرائيل 75 في المئة من الحقول التي كانت تستخدم في السابق لزراعة المحاصيل وبساتين أشجار الزيتون في قطاع غزة، وأن حوالي 70 في المئة من الأراضي الزراعية في القطاع، أي ما يعادل 103 كلم مربع، تضررت من جراء الحرب، ناهيك عن الدمار الذي لحق بالأصول الزراعية، بما في ذلك أنظمة ري ومزارع وبساتين وآلات ومرافق تخزين، والتي تضررت بنسبة 80 في المئة و96 في المئة، وفق الأمم المتحدة، فيما وصلت خسائر الثروة الحيوانية إلى 96 في المئة، وتوقف إنتاج الحليب تقريباً، ولم يبق على قيد الحياة سوى واحد في المئة من الدواجن.
وإذا أضفنا إلى ذلك ما تتناقله الأنباء عن أن قطاع صيد الأسماك على وشك الانهيار، فإن هذا يؤدي إلى تفاقم انعدام الأمن الغذائي.
ولا بدّ من الإشارة هنا إلى أنه بالتزامن مع حرب الإبادة التي يشنها الاحتلال في قطاع غزة، تكبدت الزراعة في الضفة أيضاً خسائر بعشرات الملايين من الدولارات، حيث تشير معطيات وزارة الزراعة الفلسطينية إلى تضرر 8218 مزارعاً، في حين بلغت قيمة الأضرار الزراعية المباشرة حوالي 76 مليون دولار أمريكي، منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، وشملت هذه الأضرار حرق وتكسير واقتلاع أشجار الزيتون، ومنع المزارعين الفلسطينيين من الوصول إلى حقولهم، واستهداف مصادر المياه، وتجريف الأراضي والطرق الزراعية، وسرقة وقتل الأغنام.
أما في غزة، فيشكل القطاع الزراعي ركناً أساسياً وحيوياً ضمن مكونات الاقتصاد الفلسطيني، إذ يساهم بشكل ملموس في الناتج المحلي الإجمالي إلى جانب قطاعات إنتاجية أُخرى. ويتميز هذا القطاع بدوره الفعّال في تعزيز الاقتصاد الوطني، وفي توفير فرص العمل والمساهمة في التخفيف من وطأة البطالة.
وكشفت إحصاءات رسمية، أن خسائر القطاع الزراعي بعد عام من العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة بلغت 1,050 مليار دولار أمريكي.
وبحسب تقرير، صادر عن وزارة الزراعة الفلسطينية، فإن قطاع غزة يعتمد اعتماداً رئيسياً على القطاع الزراعي في توفير الغذاء لأكثر من 2.4 مليون إنسان يعيشون في جميع المحافظات، إلا أن تعطل هذا القطاع أثر سلباً في الحركة الاقتصادية من بيع وشراء وتربية، لا سيما في القطاع الحيواني والأسماك.
وهو ما يؤكد نية الاحتلال في مواصلة حرب الإبادة ضد الشعب الفلسطيني وإن تعددت أشكالها، سواء بالقصف والتدمير أو بالمجاعة والحصار أو بتدمير المقدرات الزراعية.
والحقيقة أن من يتابع التاريخ الفلسطيني يكتشف أن جذور هذه السياسة بدأت مع قيام «إسرائيل»، فخلال فترة الحكم العسكري الأولى، الذي فُرض على الفلسطينيين الباقين تحت الاحتلال. دفع هؤلاء إلى حافة الجوع بعد أن صودرت منهم مقومات تأمين الغذاء لعائلاتهم. وهو المنطق الذي تجلّى اليوم بشكلٍ مكثّف في حرب الإبادة في قطاع غزة.
وهذه السياسة الإسرائيلية المدمرة للزراعة لم تأت مصادفة، أو مجرد انتقام فقط، وإنما عن عقيدة ووعي، فالحركة الصهيونية شجعت اليهود على الزراعة كوسيلة لتعزيز الارتباط بالأرض من خلال الزراعة، ولذلك فإن الاحتلال يعتقد أن تدمير الزراعة الفلسطينية يجب أن تكون جزءاً من حربه المفتوحة على الشعب الفلسطيني، لإضعاف ارتباطه بأرضه، وهو ما تفنده كل الوقائع على الأرض، فرغم كل الدمار والحصار الجائر يتمسك الفلسطيني بأرضه.
حيث أدرك هذا الشعب أن بقاءه لا يكون إلا بالبقاء في أرضه، وأن الزراعة، برغم الاستهداف المتعمد من قبل الاحتلال، هي جزء من معركة الهوية، فالأرض التي تُزرع تبقى حيّة، والأرض التي يهجرها أصحابها يعتريها الدمار والنسيان، وأن الاحتلال الذي يسعى لاغتيال كل مصادر الحياة الفلسطينية، لن يستطيع قهر إرادة الشعب الفلسطيني المتجذر في أرضه كزيتونه.

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

نتنياهو في اختبار صعب.. حرب بلا أفق وغضب داخلي متصاعد
نتنياهو في اختبار صعب.. حرب بلا أفق وغضب داخلي متصاعد

سكاي نيوز عربية

timeمنذ ساعة واحدة

  • سكاي نيوز عربية

نتنياهو في اختبار صعب.. حرب بلا أفق وغضب داخلي متصاعد

فعلى وقع نيران الغارات والعمليات البرية، تتعالى أصوات الغضب داخل إسرائيل ، ويبرز سؤال محوري: إلى أين تتجه تل أبيب وسط هذا التصعيد؟ وهل تستطيع حكومة نتنياهو مقاومة التآكل الداخلي والضغط الدولي، أم أن منطق القوة ما زال يحكم قرار الحرب؟. قراءة في خطاب نتنياهو في قلب المشهد، يتمسك نتنياهو بخطابه الأمني الصارم، معلنا أن الجيش سيبسط سيطرته الكاملة على قطاع غزة. لكن هذا الإصرار يثير تساؤلات حقيقية حول أهداف الحرب، خاصة مع تأكيد وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس أن العملية البرية ما زالت "في بدايتها". وبينما تتكثف العمليات العسكرية تحت مسمى " عربات جدعون"، تتكشف أبعاد سياسية داخلية تدفع كثيرين للتشكيك في دوافع الحرب. حرب تخدم الائتلاف وليس الدولة أستاذ العلوم السياسية في جامعة القدس، جهاد الحرازين، يرى خلال مداخلته مع غرفة الأخبار على سكاي نيوز عربية أن ما يحدث في غزة هو تنفيذ حرفي لمخطط أعدته حكومة اليمين الإسرائيلي المتطرف مسبقا، بهدف تحقيق مكاسب سياسية داخلية، وليس حماية أمن الدولة. وأكد الحرازين أن نتنياهو يستغل الحرب لتأمين تحالفاته مع شخصيات مثل إيتمار بن غفير وبتسلئيل سموتريتش، مضيفا: "نتنياهو يتخذ من إسرائيل شعارا، لكنه في الحقيقة ينفذ أجندة خاصة لمصالحه الشخصية والحزبية". وأشار الحرازين إلى أن أكثر من 67 بالمئة من الإسرائيليين، بحسب استطلاعات داخلية، يطالبون بوقف الحرب وإطلاق سراح الرهائن بأي ثمن. واعتبر أن رفض نتنياهو لخيار التفاوض أو أي خطة سلام هو السبب الحقيقي وراء استمرار النزاع، مضيفا أن "نتنياهو قتل طريق السلام عمدا"، ومشيرا إلى تجاهل تام للمبادرة العربية للسلام منذ 2002. الاتهامات المزدوجة.. حماس ونتنياهو في دائرة المسؤولية الحرازين لم يوفر انتقاداته لحركة حماس، معتبرا أن استمرارها جزئيا نتاج مباشر لسياسات نتنياهو نفسه، الذي سهّل نقل الأموال إلى الحركة، بموافقة إسرائيلية وتنسيق أمني. وفي المقابل، شدد على أن غالبية ضحايا الحرب من الأطفال والنساء، رافضا تبرير استهداف المدنيين بذريعة الحرب على الإرهاب. وتابع: "الشعب الفلسطيني لا علاقة له بحماس، وحماس لا تمثل سوى نسبة ضئيلة لا تتجاوز 5 بالمئة من الفلسطينيين". في الجهة المقابلة، المستشار السابق في وزارة الدفاع الإسرائيلية كوبي لافي دافع عن استمرار العمليات العسكرية، معتبرا أن أمن إسرائيل لا يمكن تحقيقه إلا عبر "تفكيك البنية التحتية لحماس بالكامل". وأوضح أن المفاوضات الجارية في الدوحة لا تعني وقف العمليات، بل تسير بالتوازي معها. وبحسب لافي، فإن ما يصفه بـ"التهديد الإيراني" والدعم الإقليمي لحماس يعزز الحاجة لعملية عسكرية طويلة المدى. الضغط الداخلي: تململ شعبي وانقسام سياسي تعيش إسرائيل اليوم أحد أكثر فصولها الداخلية توترا، مع استمرار الاحتجاجات على حكومة نتنياهو، خاصة بعد التعديلات القضائية المثيرة للجدل. وتسود حالة من الغليان السياسي، في ظل اتهامات لرئيس الوزراء بإسكات المعارضين، وبتوزيع آلاف الأسلحة على المستوطنين عبر بن غفير، مما يهدد السلم الداخلي. وحسبما يرى الحرازين فإن: "نتنياهو لا يسعى إلى النصر العسكري بقدر ما يسعى للبقاء السياسي. إنه يتاجر بالدم الفلسطيني والإسرائيلي معا، من أجل تمديد عمر حكومته حتى نوفمبر 2026"، معتبرا أن "منطق الاحتلال لا يستطيع أن يحقق الأمن، وطريق السلام لا يمر عبر المجنزرات". الوجه الآخر للسلام في خضم التصعيد، تبرز المبادرة العربية للسلام التي طرحت عام 2002 كفرصة حقيقية ضاعت. الحرازين شدد على أن الدول العربية، قدمت مرارا مبادرات إنسانية وسياسية لحل النزاع، لكن إسرائيل قابلتها بالتجاهل. ولفت إلى أن السلام لن يتحقق إلا عبر التفاوض والاعتراف بحقوق الفلسطينيين، محذرا من استمرار الاحتلال كأكبر مولد للعنف وعدم الاستقرار في المنطقة. الواقع الميداني في غزة ينذر بكارثة إنسانية، والضغط الداخلي في إسرائيل يتصاعد، بينما يظل نتنياهو متمسكا بخيار الحرب تحت ذرائع أمنية لا تصمد أمام التحليل. وبينما تزداد العزلة السياسية لتل أبيب، وتتعاظم المأساة في غزة، يبقى سؤال المرحلة: هل سيستمر منطق القوة في فرض أجندته، أم أن خيار التهدئة، ولو مؤقتا، سيكسر دائرة الدماء؟ الجواب لا يتوقف فقط على قرارات نتنياهو، بل على ما إذا كان المجتمع الدولي والإسرائيلي معا قادرين على تغيير المعادلة قبل أن تفلت الأمور من كل سيطرة.

شهود: فعالية مرتبطة بغزة كانت بمكان حادث المتحف اليهودي
شهود: فعالية مرتبطة بغزة كانت بمكان حادث المتحف اليهودي

سكاي نيوز عربية

timeمنذ ساعة واحدة

  • سكاي نيوز عربية

شهود: فعالية مرتبطة بغزة كانت بمكان حادث المتحف اليهودي

وبحسب شبكة "بي بي سي"، أوضحت كالين في تصريح صحفي أنها لم تكن شاهدة مباشرة على الحادث ولم تسمع إطلاق النار ، لكنها أعربت عن شعورها بالصدمة والذنب لما حدث. وأضافت: "لم أكن أعرف الشخصين اللذين تم إطلاق النار عليهما، لكنني أشعر بالذنب لأنهما كانا هناك في فعالية أنا من نظّمها". وأكدت كالين أن الحادث لن يثنيها عن مواصلة جهودها لبناء الجسور بين الطرفين، قائلة: "لن أفقد إنسانيتي بسبب ما حدث. الإسرائيليون و الفلسطينيون لا يزالون يستحقون تقرير مصيرهم. ومن المؤلم أن ما كنا نناقشه هو سبل التعاون والسلام، ثم نصطدم بهذا القدر من الكراهية". ونقلت شبكة "سي إن إن" عن شاهد كان في متحف العاصمة اليهودي مساء الأربعاء، يدعى يوني كالين، قوله إن حوالي 50 شخصا حضروا الفعالية، التي نُظمت لمناقشة كيفية تعاون المنظمات متعددة الأديان في تقديم المساعدات الإنسانية للمناطق التي تشهد حروبا مثل غزة. وأعلنت الشرطة الأميركية أنها حددت هوية المشتبه به في تنفيذ الهجوم الذي أسفر عن مقتل موظفين اثنين بالسفارة الإسرائيلية، قائلة إنه إلياس رودريغيز ويبلغ من العمر 30 عاما. ووفق شرطة واشنطن فإن المشتبه به "لم يكن معروفا لدى الشرطة". وأوضحت الشرطة أنها لم "تتلق أي معلومات استخباراتية عن تهديد إرهابي أو جريمة كراهية محتملة قبل إطلاق النار". ونشرت السفارة الإسرائيلية في الولايات المتحدة صورة للقتيلين اللذين سقطا في حادث إطلاق النار، مرفقة الصورة بمنشور جاء فيه: "كان يارون وسارة صديقين وزميلين لنا. كانا في ريعان شبابهما". وتابعت السفارة في منشورها: "هذا المساء، أطلق إرهابي النار عليهما وأرداهما قتيلين أثناء خروجهما من فعالية في متحف اليهود في العاصمة واشنطن، يشعر جميع موظفي السفارة بالحزن والأسى لمقتلهما. تعجز الكلمات عن وصف مدى حزننا إزاء هذه الخسارة الفادحة".

بعد حادث السفينة.. كوريا الشمالية تطلق تجريبياً عدداً من الصواريخ المجنحة
بعد حادث السفينة.. كوريا الشمالية تطلق تجريبياً عدداً من الصواريخ المجنحة

صحيفة الخليج

timeمنذ 3 ساعات

  • صحيفة الخليج

بعد حادث السفينة.. كوريا الشمالية تطلق تجريبياً عدداً من الصواريخ المجنحة

سيؤول ـ (أ ف ب) أعلنت كوريا الجنوبية أنّ جارتها الشمالية أطلقت الخميس باتجاه البحر «عدداً من الصواريخ المجنّحة غير المحدّدة»، في تجربة تأتي بعيد ساعات من إعلان بيونغ يانغ وقوع «حادث خطر» خلال احتفال تدشين سفينة حربية. وقالت هيئة الأركان المشتركة الكورية الجنوبية إنّها رصدت الصواريخ قرب مقاطعة هامغيونغ الجنوبية في كوريا الشمالية إثر إطلاقها باتجاه البحر الشرقي الذي يسمى أيضاً بحر اليابان. وفي 8 مايو/أيار، أطلقت كوريا الشمالية دفعة من الصواريخ البالستية القصيرة المدى باتجاه بحر اليابان، وفقاً للجيش الكوري الجنوبي، فيما أشار خبراء إلى احتمال إجراء تجربة أسلحة مخصصة للإرسال إلى روسيا. لكن عملية إطلاق الصواريخ لم يكن لها أي تأثير في اليابان المجاورة، بحسب وزارة الدفاع اليابانية. ووقّعت بيونغ يانغ وموسكو معاهدة دفاع مشترك في يونيو/حزيران 2024، تنصّ على «مساعدة عسكرية فورية» في حال تعرّض أحد البلدين لهجوم مسلّح من دولة أخرى. وتمنع العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة على بيونغ يانغ على خلفية برنامجها النووي، كوريا الشمالية من امتلاك صواريخ بالستية.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store