
هل سرقت منا (فنانيس الـ أم بي سي ) شهر رمضان بالفعل؟!!
سعد صاحب الوائلي
بداية ، الـ(فنانيس) هي شخصيات خيالية تعرض خلال شهر رمضان على شكل فواصل غرافيكية على قنوات (إم بي سي) منذ عام 2015 ، وكانت تقدم كفواصل كوميدية بسيطة بين فقرات القنوات، حظيت هذه الشخصيات على مر السنين بإعجاب وتلقي كبير من الجمهور وتحولت إلى أيقونات تعبر عن شهر رمضان، والتي حولتها مجموعة قنوات (إم بي سي) فيما بعد لمسلسل كرتوني، حتى باتت لهذه الشخصيات الكارتونية شهرة واسعة جدا في العالم الإسلامي، بعد ان مهدت اللوغوات البصرية السابقة كما في مصر مثل ( بوجي وطمطم وبسنت ودياسطي)، ليتم الانتقال الى طفرة كبيرة في التأثير البصري عبر (شخصيات الفنانيس)، حتى وصلت الى مرحلة (التجسيم) و(التماثيل) لتجد لها مكان ملموساً في العالم الواقعي في داخل المجتمع الإسلامي، حيث بات لها في كل ممنازل المسلمين زاوية رمضانية تقبع فيها تلك الاصنام والمجسمات والصحون والفوانيس (الفنانيسية الامبيسية) اذا صح التعبير.
وبالطبع سوف لن نتمكن في هذه العجالة من نقد وفضح كل الاداء المغرض والملغوم لقنوات (ام بي سي)، وسوف لن نتطرق لنجاحها خلال الأعوام الماضية في تفريغ شهر رمضان (بل كل المفاهيم الدينية) من محتواها عبر (مقالب رامز جلال الباهضة التكاليف سنويا)، ولا بجهودها الحثيثة المستمرة في إنتاج (المسلسلات الدرامية الباهضة التكاليف أيضا) السيئة الأهداف والمرامي، بل ارتأينا في هذا العرض التركيز على استخدام قنوات الامبي سي الجانب الايقوني عبر هذا الاستخدام المفرط والمكرر للإيقونات الغرافيكية المتحركة (الفنانيس) والمشحونة بالرسائل المغرضة المشبوهة الموجهة في كل شهر رمضان، حتى افلحت ونجحت نجاحا منقطع النظير هذه القنوات، بجعل تلك الايقونات الغرافيكية الكارتونية ثيمة ولوغو وسمة لشهر رمضان المبارك بدل الهلال او شكل القرآن الكريم، او عبارات المباركة ونصوص الايات القرآنية الدالة او الادعية الرمضانية المعروفة كما في سالف الزمان.
لقد كان التأثير البصري بفعل هذه الايقونات الغرافيكية (الفنانيس) كبيراً جدا على المشاهدين المسلمين في كل ارجاء المعمورة، وباتت مشاهداتها مليونية بكل ما لهذه الكلمة من معنى، حتى باتت تلك الرموز تأخذ طابعاً تجسيديا صنمياً بين عام وآخر، حتى غدت تلك الاصنام والمجسمات والتماثيل الخاصة بتلك الفنانيس زاوية رمضانية خاصة في كل منزل في العالم الإسلامي تقريبا. والمفارقة ان أسعار تلك الدمى والمجسمات لفنانيس الامبيسي الرمضانية والفوانيس والصحون مازالت في ارتفاع الأسعار وبشكل جنوني وصل العام الماضي الى اكثر من 50% في مصر والعالم العربي.
وليس من نافلة القول خطورة ما تستبطنه عروض تلك الفنانيس المرئية من حجوم هائلة من الرسائل التبليغية المكثفة، المتجسدة عبر شخصيات تلك الرسوم الكارتونية المتحركة، والتي ليس لها هم الا ان إفراغ شهر رمضان الفضيل من تأثيره الإيجابي على المجتمع المسلم، لتجعله منصباً على تناول الأطعمة والحلويات والقطايف والكنافة والشره في تناول الأطعمة، حتى انها أظهرت بطل تلك الفنانيس رجلا بدينا سمينا لا هم له سوى تناول الأطعمة بشراهة، كما نجد (الشيخ الكبير) سلفياً متصابياً لا هم له سوى الولع بأجهزة الهاتف المحمول والتقاط صور (السيلفي) في مشاهد متصابية لا تنم عن حكمة وورع الشيوخ الكبار، ناهيك عن كون صانعيه البسوا عليه صورة ذهنية تاريخية شبيهة بشخصية (شيبوب) لابعاد كل اشكال الحكمة والرزانة عنه.
إن المقاصد التركيزية المبالغ فيها باتت واضحة من قبل قنوات الام بي سي لجعل أيام شهر رمضان المبارك اياماً للالتذاذ بالاطعمة والحلويات ومشاهدة المسلسلات ومتابعة (مقالب رامز جلال)، و جعل المرأى البصري للمجتمع المسلم مرآىً مشحوناً بالرقص والغناء والتركيز على الطعام وترويجياً لثقافة الاستهلاك، سلخاً للشهر الفضيل من دوره كشهرٍ لممارسة الشعائر الإسلامية الهدفة كالشعور بالجوع والتجوع ومواساة الفقراء والمساكين وشهرا لتلاوة القرآن الكريم وللدعاء، وشهرا للطاعة والتنسك والتضرع والتقرب للباري عزوجل، فأفلحت (الامبيسيات) بنزع الحالة الروحانية من الشهر الفضيل.
ان نجاح قنوات الامبي سي بجعل الشباب بل والشيوخ أيضا يعمدون لتغيير رنات هواتفهم الخلوية الى رنات أغاني (الفنانيس) الرمضانية لهو اعتراف صريح بالنجاح الكبير لهذه القنوات التي تقف وراءها الماسونية واللوبي الصهيواميركي وشركاته العظمى، والتي تقصدت عبر هذه الفضائيات و(فنانيسهم) مخاطبة العقل اللاوعي لدى المجتمع الإسلامي واجياله وناشئته وتهيئتهم لتقبل ما لم يكن آباؤهم يتقبلوه من الأمور والمفاهيم، حتى بات شهر رمضان في اذهانهم يعني التركيز على الجانب الغريزي والإلتذاذي والاهتمام بالنهم وبالشهوة الطعامية وملء البطون، وعدم الخشية من السمنة المفرطة، الى جانب جعله موسماً للارتباط بالجنس الاخر، فمؤخرا (اوجدوا للرجل البدين شريكة له حسناء بدينة).
ان ارتباط قنوات الام بي سي بالدوائر الماسونية لم يعد سراً مكتوماً، فمدوناتهم تؤكد ان استراتيجيتهم مع المسلمين هي استراتيجية ثقافة القطيع، فهم لا يدعون لمغادرة الرعاع لدينهم، بل يصروحون بان (إبق على دينك، ولكن مثلما يريد الشيطان، وليس مثلما يريد الدين). وبالتالي فهم ينظرون ان الأمم الإسلامية هي أمم اغنام، وأمم بهيمية و بوهيمية، فركزوا في طبيعة خطابهم الباطن على التركيز على الغرائز والشهوات فنجحوا في ذلك نجاحا كبيرا، فهل يعي أولو الامر، والمثقفون والاكاديميون والتربويون والموجهون ورجال الدين والمبلغون حجم الخطورة التي تمثلها تلك الطفرة في قود المجتمع بثقافة القطع عبر (فنانيس الام بي سي) التي سرقت منا الشهر الفضيل، شهر رمضان الذي لم يعد مباركاً بل شهراً فنانيسياً ، أم بي سياً، فهل من مدّكر. وهل من محطم لزاوية الفنانيس (الرمضانية) في منزله ومن عقول اسرته.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


وكالة أنباء براثا
منذ 2 أيام
- وكالة أنباء براثا
عندما تهندس أفلام الكارتون كسلاح ناعم لتقويض فطرة الاطفال وتشكيل وعيهم المستقبلي
بقلم : سعد صاحب الوائلي في خضم زحمة الحياة اليومية، قد يعمدُ الوالدان او الاهل إلى التلفاز أو الأجهزة اللوحية او الهواتف الذكية كوسيلة لإتاحة فسحةٍ من الترفيه والتسلية لأطفالهم، ومن المفترض ان يكون هذا الترفيه وتلك التسلية آمنة وبرئية بصفتها موجهة لمخاطبة الأطفال. ولكن مهلاً، ليس كُلُّ مُفترضٍ مُتحققا، فلطالما وجدنا الكثير الكثير من أفلام الكارتون وعلى مدى ربما أعوام طوال بل عقود تُعبَّئُ وتُحَمَّلُ بالكثير من المفاهيم التي لا تناسب عمر الطفولة، بل قد تُشحن بمفاهيم مخالفة للفطرة السلمية، ومنافية للنواميس والاخلاقيات الإنسانية العامة. من هنا، فها نحن نجد الكثير الكثير من أفلام الكارتون و(افلام الاينيمي) ليست بالبريئة البتّة، وينبغي التوقف الحذر عندها، والإلتفات الى فحواها، بل إعمَالُ التفحص في فحوى معظم ما يعرض للإطفال على الشاشات الصغيرة والكبيرة، سواء أفلام كارتون او اينيمي، مما يبدو بظاهر الأمر أنّهُا أفلام كارتون و اينيمي بريئة وملونة وساخرة، وطفولية، لكن – الكثير منها- في حقيقة الامر تحمل ما هو أعمق من مجرد الضحك والمرح والمغامرة!!. أفليس من المنطقي التفكير بأن ما يُدَسّ في طيات تلك المسلسلات والحلقات الطويلة هو جزءٌ من الأدوات الناعمة المراد منها إعادة تشكيل وعي أطفالنا ومراهقينا؟ وهل يمكن لبعض الشخصيات اللطيفة أن تزرع أفكارًا موجهة داخل العقول الغضة والناشئة؟ هذه الأسئلة وغيرها، هي جوهر هذه الإلماعة التي نحاول من خلالها إستعراض نماذج يسيرة جداً من الكم المهول مما يتلقاه أطفالنا ومراهقينا بصورة يومية وعلى مئات ومئات الفضائيات والمواقع الالكترونية المليونية بشكل متواصل على مدار الساعة. ولعلنا سنقتطف قطرة من بحار هذه الأمواج العاصفة التي تفتك بعقول أطفالنا ومراهقينا، فنلتقط بعض الأمثلة اليسيرة لتكون مدعاة للباحثين والكاتبين وطلبة الدراسات العليا للبحث فيها واعمال التخصص الدقيق فيها كي تكون نتاجاتهم إسهامة في تخليص الأطفال والجيل من ويلات ذلك الغزو الناعم الهائل على العقول وعلى المجتمعات وخصوصا المحافظة منها. من محيط الأمواج العاتية في هذه الحرب الناعمة، لنتلقط هذه الأمثلة البسيطة اليسيرة من غمرة ما يتلقاه صغارنا كل يوم. مثلا.. مسلسل (سبونج بوب) ومسلسل (بوبا) لنأخذ منهما نماذج صغيرة كدلالات من أفلام الكارتون الموجَّهة لأطفالنا، سنحاول هنا تسليط بعضاً من الضوء على ما بين طيات المشاهد البصرية، وفي تحليل يسير للرسائل المبطنة التي يتم تمريرها إلى الجيل الجديد. حين يصبح الترفيه أداة هندسة اجتماعية: لعل الكثيرين يتذكرون طرح جوزيف ناي في كتابه (القوة الناعمة ـ 2004)، حيث يشير الى إن التأثير الثقافي والإعلامي قد يكون أعمق أثرًا من أدوات القهر المباشر، وكذلك ما طرحه لورنس كولبرج في نظريته (التسلسل الهرمي للقيم)، حيث توصل هو وغيره بالاحصاء العملي الى كيفية إستخدام أفلام الكارتون في إختراق اللاوعي الجمعي. إنَّ ما نراه اليوم من أفلام الكارتون نجدها لا تُستخدم للإضحاك والتسلية وحسب، بل غدت أداة نفوذ ناعمة قادرة على إعادة تعريف المفاهيم داخل العقل اللاوعي للأطفال، إذْ تُمرر أفكار معقدة عن طريق صور ملونة وموسيقى مرحة، لتغدو أكثر قبولًا وتأثيراً، وهو بالذات ما رصده تقرير اليونيسف عام (2022) بصورة علمية، حيث أقرت دراسة متخصصة الحجوم الهائلة من الاثار السيئة والسلبية على الأطفال. ليس بخافٍ، أن الكثير من أفلام الكارتون الحديث يتبنى توجهات تربك وتشوه الفطرة، وتعمل على صياغة القيم، وتزرع تصورات جديدة عن مفاهيم كـالأسرة، والحرية، وحتى الهوية الجندرية، ولكن بأساليب غير مباشرة لكنها فعّالة. ( سبونج بوب) ، السخرية من القيم وخلط الأدوار: سبونج بوب، الإسفنجة الشهيرة، قد يبدو مضحكًا ومسليًا، لكنه في كثير من حلقاته يقدم محتوىً يحتاج لتأمل وتفحص. على سبيل المثال: = في الحلقة (78) من موسمه الخامس، يُظهر مشهدا رمزيا لزواج (سبونج بوب) و(باتريك/ بسيط)، ما يقدم نموذجًا غير تقليدي للعلاقات الأسرية، وسخرية من الزواج التقليدي، في قالب ساخر لكنه متكرر!، في إشارات غاية في الوضوح وعبر لغة جسد صريحة لشخصيات المسلسل الرئيسة، الامر الذي يشكل دعماً سافراً وترويجاً فاضحاً للمثلية وللشذوذ الجنسي في طيات هذا المسلسل الشهير والمُتقبّل لدى ملايين الأطفال، فلنتخيل حجم ما سيتركه من آثارٍ وخيمة على تفكير الصغار، إذ يطرح لهم الشذوذ الجنسي كشيءٍ مقبول وبكل براءة خلال مشاهد هذا المسلسل، بل وفي غيره كثير. = مثال آخر، في عدد لا يحصى من الحلقات، تتكرر عبارة (أنا لست طفلًا، أنا حر!)، في دعوة صريحة يومية متكررة لزرع التمرد كقيمة عليا لدى الطفل الذي يقتبس يوميا من هذه الحلقات الكارتونية، ليضع الأهل في موقع الخصم دائما، لا موقع الموجه والراعي. = مثال آخر من آلاف المواقف، في إحدى حلقات الموسم السادس من هذا المسلسل الكارتوني، يتقمص سبونج بوب دور (امرأة) لفترة طويلة لأداء مهمة ما، الامر الذي يبعث برسائل مفادها إرباك الهوية الجنسية للطفل، وتدفعه للتساؤل حول طبيعة الأدوار (الجندرية!)، والتمهيد التدريجي لتقبلها كمفاهيم مجتمعية مطروحة منذ الصغر. = كذلك، يتم تصوير الشخصيات العقلانية المتزنة مثل (شفيق/ Squidward Tentacles) على أنها مملة وسلبية وحزينة دائماً، في تهديد واضح للسلطة الابوية، بينما يتم تمجيد الشخصيات الفوضوية كسبونج بوب و(بسيط/باتريك)، ما يجعل الطفل ينفر من النظام والانضباط، ويمجد الفوضى، ويكره ملامح الجد لدى الكبار، ويعتبرها خرقاً لخارطة تفكيره التي يجهد المسلسل لاعادة ترسيمها وفق منهجية السخرية والفوضى والتشتت وسواه. لعل بعض الدراسات رصدت بالفعل العديد من الآثار السلبية لمسلسلات الكارتون الموجهة وبينها مسلسل (سبونج بوب)، على سبيل المثال علّق أستاذ علم النفس بجامعة القاهرة، الدكتور عبد الستار إبراهيم، على هذا النوع من الرسائل بأنها: " تخلقُ تشويشًا قيميًا لدى الأطفال بنسبة تصل إلى 68%، لا يُلاحظ في البداية، لكنه يتراكم ويؤثر في تشكيل السلوك والوجدان". رغم ان مسلسل سبونج بوب بمواسمه المتعددة غاصٌ حتى الركاب والركب بمشاهد موجهة مخزية موجهة لحرف براءة الطفولة عن فطرتها السليمة، لكننا سننتقل الى امثلة أخرى من مسلسلات كارتون أخرى، مثل مسلسل (بوبا) الحيوان المجهول ذو الذيل، تلك الشخصية الفضولية العبثيّة، الخرساء بفوضوية غامرة، شخصية متلفة حتى النخاع، مسببة للمئات من المشاكل طيلة السرد الكارتوني، كائن يفتقر للمسؤولية ويتصرف باندفاع دون أدنى نظر للعواقب الوخيمة التي يتركها في محيطه وأثاره المدمرة المخربة على من حوله. هو مسلسل دون حوار، ليبدو أكثر براءة، لكنه من حيث التأثير فهو أشد ضررًا. لنقتطف منه نزرا يسيرا وقطرات من بحر تأثيره السيء على عقلية الأطفال. = في إحدى الحلقات، (يدمر بالكامل مختبرا علميا)، حيث يدخل بوبا إلى المختبر ويعبث بالأجهزة حتى تدمر تمامًا، دون أية عواقب، او توبيح، بل يُحتفى به على أنه كائن فضولي ساخر ومضحك. = تكرار أنماط كثيرة من سنخ هذا السلوك طيلة حلقات المسلسل في مشاهد التخريب والتدمير والتكسير دون عواقب، وتوجيه الأمور كأنها تسلية وسخرية وإضحاك وحسب، ودون حساب للعواقب السيئة التي ستترك في اذهان الأطفال عما يشاهدوه ويقتبسوه من هذا الكائن الذي رسم بشكل محبب وغاية في الوضوح والتجسيم ليعلق في اذهان الأطفال بشكل لصيق. في إحدى الحلقات، يدخل أماكن مغلقة، يعبث بمحتوياتها، يفسد الأشياء، ثم يغادر ببساطة وسط ضحك الجميع، في حلقة أخر يداخل متجراً، يحطم البضائع ويغادر دون مساءلة، في أخرى يدخل محل لبيع الحلويات والمعجنات، يعبث بجميع المحتويات، ويخرب ويأكل دون حساب، ويحطم ما خلفه ويخرج مع ضحك وتندر في مشاهد تقولب التخريب بأنه (إبداع) وتخفف من وطأة الجنح والتجاوزات وتمييع وتضييع للحقوق كي ترسّخ في إطار (مبادئ!) في اذهان الأطفال خرقا لبراءتهم وطمسا لفطرتهم السليمة. بالمحصلة، فهذا النمط من سلوك بوبا المتكرر، يعزز لدى الطفل سلوك (العبث المرح المؤدي للتخريب)، ويشوّه فهمه للحدود والقواعد. وهو ما أكدته دراسة ميدانية لجامعة الأزهر عام 2023، حيث تبين أن 62% من الأطفال قلدوا سلوكيات بوبا التخريبية بعد مشاهدتهم المستمرة له. كما تشير تقارير اليونيسف لعام 2022 إلى أن التعرض المتكرر للمحتوى الفوضوي أو العنيف، حتى لو كان ساخرًا، "يضعف الضوابط الأخلاقية لدى الطفل، ويقلل من قدرته على التفريق بين المقبول والمرفوض سلوكيًا". ولعل ما اوردناه من امثلة هو غيض من فيض، وقطرة من بحر الأمواج العاتية الموجهة الى اذهان صغارنا عبر هذه المسلسلات الكارتونية والاينيمي، إذا ما البديل؟ وكيف نحمي أبناءنا؟ فالمنع وحده ليس حلًا، بل لا بد من تقديم بدائل جذابة متقبلة، قد يكون واحدا منها هو دعم إنتاج أفلام الكارتون المحلية التي ينبغي ان تقدم فيها القيم الأخلاقية بطريقة معاصرة وممتعة. كذلك يتوجب إدخال مفاهيم ومادة (التربية الإعلامية) في المناهج الدراسية الأساسية وكذا في الدراسات الجامعية الأولية وأشدَّ تركيزا في الدراسات العليا لتشخيص مكامن الخطر العديدة، وبالتالي وضع الآليات لتلافيها. بالطبع، وقبل اية حلول، فإن تشجيع الأهل على انتخاب ما يشاهده الأطفال والمراهقين، هو صمام الأمان الرئيس في الحد من تعرض الأطفال والجيل لأمواج الحرب الناعمة التي تشن عليهم وعلى المجتمع ككل، والعمل بشكل جدي لفتح حوارات صريحة مع الأطفال حول مضامين وفحوى الرسائل التي يستقبلونها خلال ساعات مشاهدتم لافلام الكارتون بغية رسم صورة أخرى في الاذهان غير المرادة من قبل واضعي وصانعي أفلام الكارتون تلك. لعل هذه الإلماعة قد تشكل خطوة او خطوات تعين الوالدين والاهل وتلفت انظارهم الى أهمية ووجوب إستعادة دورهم كمرشدين ومراقبين ومفلترين للحجوم الهائلة من الضخ الإعلامي الموجه لأطفالهم، وعدم الاكتفاء بدور (المراقب السلبي) كما نلمس ما تفعله عوائلنا وذوينا في اغلب الأحيان. ختاماً، بصفتنا كآباء وامهات واعلاميين وباحثيين وعلماء اجتماع وعلماء نفس، كلنا مسؤولون، بأن نكون نحن من يحرس البراءة؟ فجميعنا لسنا ضد أفلام الكارتون، ولا ضد أفلام الاينمي، كوسيلة تسلية، وربما تعليم، ولكن نحن وجميع العقلاء والمصلحين ضد التوظيف غير البريء لتلك الأفلام والمسلسلات الطفولية الموجهة الملغّمة، فبنهاية المطاف، العقول الغضة لا تملك آليات النقد والفرز ودرء تأثير السوء الذي حُمّل وشُحِنَت به آلاف المشاهد في المسلسلات الكارتونية والاينيمي ، وبما حُمِّلَتْ من بذور أفكار يُراد لها ان تُثمر لاحقًا بصورة مواقف وسلوك متبنى لدى الجيل المستقبلي، وهذا ما نخشاه جميعا. دون ريب، فإن براءة الطفولة لا ينبغي أن تُترك دون جدر حماية، فنحن بأمس الحاجة لنكون نحن من يتوى حراسة براءة الطفولة وصون الفطرة السليمة لديهم، لأجل إبقاء اذهانهم نقية متقدة لتلقي مفاهيم السلوك الحسن والعقلائية، ونعين الأبناء في رحلتهم الطويلة المقبلة في استكشاف العالم، لا أن نتركهم في مهب رسائل مُلَغَّمَة مُوَجَّهَة، قد لا نعرف من صاغها بالتحديد، ولا من يقف وراءها بالتحديد، ولا ندرك حجم المرامي الكبيرة وراءها، لكننا بتنا ندرك تماما انها ضارة بابنائنا وجيلنا، ولنجهد - وبالوقائع والأرقام- لكشف الاستراتيجيات الماكرة التي يتم استخدامها للتطبيع مع الشذوذ الجنسي ولنشر الفوضى الأخلاقية في العديد العديد من افلام الكارتون والاينيمي.


الزمان
منذ 3 أيام
- الزمان
إختتام دورة المقامات الصوتية بالرياض
اختُتمت دورة 'المقامات الصوتية' التي أقيمت في 'ورث' – المعهد الملكي للفنون التقليدية بالرياض، والتي امتدت على مدار أربعة أيام من 11 إلى 14 ايار، يوميًا من الساعة الرابعة عصرًا حتى الثامنة مساءً. وقدّم الدورة المدرب المعتمد صابر المضحي، حيث تناولت الجوانب النظرية والتطبيقية لفنون المقام العربي، مع التركيز على الأداء الصوتي الأصيل في القصائد والموشحات، وكيفية توظيف المقامات الصوتية في تلاوة القرآن الكريم.وشهدت الدورة حضورًا لافتًا من المهتمين بالموسيقى التقليدية، وتخللتها نقاشات ثرية وتفاعلات مميزة. وكان من أبرز لحظاتها زيارة الدكتور سمير بن عبد الرحمن الضامر، الباحث في الدراسات الثقافية وعميد كلية الفنون الأدائية، والذي أضفى بحضوره دعمًا معنويًا كبيرًا للمشاركين. وقد تميّز المشاركون في هذه الدورة بخلفياتهم الفنية الثرية، إذ ضمّت القائمة مبدعين حازوا مراكز متقدمة في الفنون الأدائية، ومشاركين في MBC Academy، ومذيعين، وأصحاب فرق موسيقية، وفنانين يمتلكون تجارب حقيقية في المشهد الثقافي.وقد شكّل هذا التنوع بيئة حوارية متعمقة، وساهم في رفع مستوى التطبيق الفني والنقاشات داخل الورشة. وعبّر الأستاذ صابر المضحي عن سعادته بنجاح الدورة، مؤكدًا أن التفاعل الإيجابي من المشاركين يعكس شغفهم بالفنون التقليدية، ومشيرًا إلى أهمية مثل هذه البرامج في تعزيز الوعي الفني والحفاظ على التراث الموسيقي العربي.تأتي هذه الدورة ضمن برامج التعليم المستمر التي يقدمها المعهد الملكي للفنون التقليدية، بهدف إثراء المشهد الثقافي والفني في المملكة، وتوفير منصات تعليمية تفاعلية للمواهب الشابة والمهتمين بالفنون التقليدية.


شفق نيوز
١٠-٠٥-٢٠٢٥
- شفق نيوز
السليمانية.. "مهرجان إقرأ" يكّرم حفّاظ القرآن ويمنحهم ترخيصا رسميا
شفق نيوز/ انطلقت في محافظة السليمانية، بإقليم كوردستان، يوم السبت، فعاليات "مهرجان إقرأ"، تكريمًا لحفّاظ القرآن الكريم الذين أتموا دوراتهم تحت إشراف مدرّسين وأساتذة مؤهلين في مجال علوم القرآن. وقال المشرف على المهرجان، جليل حسن، لوكالة شفق نيوز، إنّ "21 حافظًا للقرآن الكريم تمّ تكريمهم بمنحهم شهادات رسمية تثبت إتمامهم لحفظ كتاب الله الكريم، كما تم منح 250 مشاركًا من مختلف الجنسيات تراخيص رسمية لقراءة القرآن الكريم في الجوامع والمساجد ضمن حدود محافظة السليمانية، بعد اجتيازهم برامج تأهيلية بإشراف أكاديمي وديني متكامل". وأوضح حسن أن "فعاليات المهرجان شملت عروضًا قرآنية حيّة لعدد من المشاركين، ومحاضرات دينية وتربوية حول أهمية حفظ القرآن في تعزيز القيم الأخلاقية لدى الأفراد والمجتمع، بالإضافة إلى تكريم عدد من الأساتذة والمشايخ الذين ساهموا في إعداد وتأهيل المشاركين". وأقيم المهرجان برعاية منظمة "إقرأ"، وهي منظمة مرخّصة رسميًا من قبل حكومة إقليم كوردستان، وتعمل في جميع مدن الإقليم بهدف دعم تعليم وحفظ القرآن الكريم، ورعاية وتأهيل المواهب القرآنية من جميع الفئات العمرية. وأكدت المنظمة في كلمة لها لها خلال المهرجان، أن من أبرز أهدافها هو إعداد جيل ملتزم ومتمكن من علوم القرآن، من خلال برامج تعليمية تخصصية في الحفظ والتجويد والتفسير، وذلك بالتعاون مع نخبة من المدرّسين المجازين والمؤسسات الدينية ذات العلاقة. وحمل المهرجان في نسخته الحالية شعار "نحو جيل قرآني واعٍ"، في إشارة إلى ضرورة تعزيز روح الالتزام الديني والتربوي في أوساط الشباب، وسط ترحيب كبير من قبل الأهالي والمؤسسات الدينية التي عبّرت عن دعمها لهذه الخطوة التي تسهم في ترسيخ القيم الإسلامية الصحيحة ونبذ الأفكار المتطرفة.