
تركيا تحظر بيع الأسهم على المكشوف بعد سجن رئيس بلدية إسطنبول
حظرت هيئة أسواق المال التركية الأحد البيع على المكشوف في بورصة إسطنبول، كما خففت قيود إعادة شراء الأسهم ومتطلبات نسب حقوق المساهمين إلى صافي الأصول حتى 25 أبريل، في ظل اضطرابات السوق عقب اعتقال رئيس بلدية إسطنبول وسجنه.
والبيع على المكشوف (Short Selling) في البورصة هو استراتيجية تداول يستخدمها المستثمرون لتحقيق أرباح من انخفاض أسعار الأسهم أو الأصول المالية.
كما قررت تخفيف شرط نسب حقوق المساهمين إلى صافي الأصول في معاملات سوق الائتمان، وألغت الحد الأقصى لإجمالي المبلغ المستخدم لإعادة شراء أسهم الشركات المدرجة.
وأعلنت الهيئة أنها اتخذت هذه القرارات لضمان عمل أسواق رأس المال على نحو يتسم بالمصداقية والشفافية والاستقرار ولحماية المستثمرين.
وفي سياق متصل، قال اتحاد البنوك التركية إن رئيس البنك المركزي فاتح قره خان أبلغ المصرفيين أمس الأحد بأن البنك سيستخدم جميع الأدوات المتاحة ضمن قواعد السوق بفاعلية وحسم للحفاظ على الاستقرار.
وأضاف الاتحاد في بيان أن قره خان وأعضاء مجلس الإدارة ناقشوا أحدث التطورات في السوق في اجتماع الأحد، بعد أن أمرت محكمة في إسطنبول رسميا باعتقال رئيس بلدية المدينة أكرم إمام أوغلو.
وشهدت الليرة التركية والأسهم والسندات انخفاضا حادا منذ الأربعاء الماضي عندما احتجزت السلطات إمام أوغلو.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الشروق
منذ يوم واحد
- الشروق
اقتصاد إندونيسيا يتحوّل… فهل يشهد العالم ولادة قوة جديدة؟
تُعد إندونيسيا أكبر دولة إسلامية من حيث عدد السكان، كما أنها صاحبة أكبر اقتصاد بين الدول ذات الغالبية المسلمة من حيث الناتج المحلي الإجمالي، والذي يقدّر حاليا بنحو 1407 مليار دولار أمريكي (بالقيمة الاسمية)، ما يضعها في المرتبة السادسة عشرة عالميا، أما على أساس تعادل القوة الشرائية (PPP)، فتحتل إندونيسيا المرتبة الثامنة عالميا، بإجمالي ناتج محلي يقدّر بحوالي 4983 مليار دولار، متقدمة على اقتصادات كبرى مثل بريطانيا وفرنسا. وتُجمع توقعات مؤسسات اقتصادية دولية، على رأسها معهد ماكينزي (McKinsey)، على أن إندونيسيا مرشحة لأن تصبح سابع أكبر اقتصاد في العالم بحلول عام 2030، متقدمة على دول صناعية راسخة، بفضل مقوماتها السكانية، ومواردها الطبيعية، ومسارات الإصلاح الاقتصادي التي تنتهجها بثبات. في هذا المقال، نسلط الضوء على أبرز مميزات الاقتصاد الإندونيسي الصاعد، والتحديات التي واجهها، والبرامج التنموية التي مكّنته من التقدم بخطى واثقة نحو مصاف الكبار في الاقتصاد العالمي. إندونيسيا بين الجغرافيا والتاريخ عرفت إندونيسيا عند العرب والمسلمين بعد الإسلام، وأطلقوا عليها أسماء مثل 'جزر المهراج' و'جزر الجاوي'، وخلال فترة الاحتلال الهولندي، عرفت باسم 'جزر الهند الشرقية'، قبل أن تُسمى في منتصف القرن التاسع عشر باسمها الحالي إندونيسيا، الذي يتكون من مقطعين 'إندو' وتعني الهند، و'نيسيا' التي تعني الجزر، لتصبح 'جزر الهند'. تمتد إندونيسيا على أرخبيل ضخم يتألف من 13677 جزيرة، منها 6044 مأهولة بالسكان، منتشرة على طول المحيطين الهندي والهادئ، بمساحة تقارب 2 مليون كيلومتر مربع، وبعدد سكان يقدر بحوالي 285.7 مليون نسمة (2025)، الغالبية العظمى من السكان من عرقية الملايو، منهم نحو 86 بالمائة في المائة مسلمون، فيما يشكل المسيحيون حوالي 10 في المائة، ويتركز 60 بالمائة من السكان على جزيرة جاوة التي تبلغ مساحتها 131500 كيلومتر مربع، وتضم العاصمة جاكرتا، بينما اللغة الرسمية هي باجاسا إندونيسيا، فرع من اللغة الملايوية التي تحتوي على العديد من الكلمات العربية، وسط أكثر من 300 لهجة ولغة محلية. اضطرابات سياسية وانعطافات حاسمة في ستينيات القرن الماضي، عانى الاقتصاد الإندونيسي أزمات متكررة جراء انعدام الاستقرار السياسي، الناتج عن محاولات انقلاب متكررة طوال خمسينيات وستينيات القرن العشرين، فقد كانت البلاد تُدار من حكومات عديمة الخبرة، ما أدى إلى تفشي الفقر والجوع وسط أمية واسعة، في ظل تضخم مالي هائل أدى إلى تعطّل مطابع النقود في البنك المركزي. وفي 30 سبتمبر 1965، قاد المقدم 'أونتونغ'، أحد حراس القصر الرئاسي، محاولة انقلاب كبرى أسفرت عن مقتل ست جنرالات، لكن الجنرال سوهارتو تصدّى للعملية، فعينه الرئيس أحمد سوكارنو قائدا للجيش، ثم قرر التنحي عن السلطة في مارس 1966، وكلف سوهارتو بقيادة البلاد، تلا ذلك وضع مأساوي، إذ اتُهم الحزب الشيوعي بتنفيذ الانقلاب، فشنت 'وحدات الجيش وجماعات إسلامية'، خاصة بالقرى، عمليات إبادة وصل ضحاياها إلى ما بين 300 ألف ومليون قتيل (1965)، وفي مارس 1966، توقف نشاط الحزب الشيوعي، واعتقل مئات الآلاف من المتهمين بالتورط في محاولة الانقلاب. إصلاحات اقتصادية لتعافي الاقتصاد أسس سوهارتو حكومة النظام الجديد وفق توجهات متقاربة مع السياسات الغربية، وأنهى المواجهات مع ماليزيا، لتنخرط إندونيسيا بعدها في مجالها الإقليمي كعضو مؤسس في منظمة اتحاد دول جنوب شرق آسيا (آسيان) التي تأسست عام 1967، كما ركزت الحكومة على الانخراط في النظام الاقتصادي الدولي عبر الانضمام إلى الهيئات المالية الدولية مثل صندوق النقد الدولي والبنك الدولي. وجاءت إصلاحات سوهارتو الاقتصادية في إطار خططه الرامية إلى الاستفادة من المساعدات التقنية والمالية المقدمة من الغرب واليابان لتعزيز الاقتصاد الإندونيسي، وكانت الخطوة الأبرز في مسعى الإصلاح خفض آثار التضخم الذي بلغ مرحلة الخطر، فكلّف سوهارتو مجموعة من الخبراء الأكاديميين 'التكنوقراط'، الذين تلقى معظمهم تكوينا اقتصاديا في جامعات أمريكية، بوضع سياسات تعزز تعافي الاقتصاد وتدعم انتعاشه. اعتمد سوهارتو سياسة السوق المفتوحة مع تعديل قوانين الاستثمار الداخلية والخارجية خلال الفترة 1967-1968، مما شكّل تحفيزا قويا للمستثمرين الأجانب، وجذب استثمارات من اليابان والدول الغربية، وحققت هذه السياسة نتائج إيجابية على حركة وتطور الاقتصاد، إذ بلغ معدل النمو أكثر من 9 بالمائة، ممهدا لعصر 'الاقتصاد الذهبي' لإندونيسيا. من الحقول إلى المصانع خلال ثمانينيات القرن الماضي، غيرت إندونيسيا قواعد اللعبة الاقتصادية، وبدأت تتحول من دولة فلاحية تعتمد على الزراعة والنفط إلى بلد مصنّع، مع تحوّل البنية التحتية نحو القطاعات الصناعية، حيث تحولت العديد من القرى إلى مدن صناعية ضخمة، وتم تبني خطة إصلاح شاملة شملت مراجعة السياسات النقدية لحماية العملة وتحسين تنافسية المنتجات الإندونيسية. في الوقت نفسه، جرى تعديل إدارة القطاع المالي ليتمكن من دعم الإصلاحات الاقتصادية الجديدة، وتيسير القروض الخارجية لقطاع التصنيع، ونتيجة لهذه السياسات، حقق الاقتصاد معدل نمو مستمر بنحو 7 بالمائة في الفترة من 1989 حتى 1997، ورغم هذه الإنجازات الاقتصادية، استمر التفاوت الاقتصادي والاجتماعي بالتزايد، خصوصا بين سكان جاوة الريفيين، إذ توسعت الهوة الاقتصادية مع زيادة السكان، رغم نجاح برنامج تنظيم الأسرة. ومع البيئة الاقتصادية الجاذبة، أصبحت إندونيسيا وجهة للاستثمارات الأجنبية من أوروبا والخليج العربي واليابان، التي استهدفت قطاعات البنية التحتية، والتصنيع، والزراعة، والسياحة، لكن إندونيسيا أدركت أهمية الانخراط الفعلي في قطاع التصنيع الحديث لتحقيق التنمية والثروة، وذلك في ظل تحديات تقلبات أسعار النفط العالمية ونمو السكان، فقد تركزت استراتيجياتها على بناء قاعدة صناعية متنوعة تشمل الصناعات الخفيفة والثقيلة والعسكرية، مع التوازن بين إحلال الواردات والتنمية الزراعية والريفية، وأدت سياسة النمو التبادلي بين قطاعات الاقتصاد إلى زيادة الطلب على اليد العاملة، والحد من البطالة، ورفع الأجور. الصادرات لتعزيز التنافسية الاقتصادية في تسعينيات القرن الماضي، اتخذت إندونيسيا خطوات استراتيجية لتعزيز قدرتها التصديرية والتقليل من التكاليف المرتبطة بسياسات الحماية الجمركية التقليدية، فقد أنشأت مناطق تجهيز مخصصة للصادرات، إضافة إلى مخازن إيداع وأنظمة فعالة لاسترداد الرسوم الجمركية، مما خلق بيئة مواتية لتدفق السلع نحو الأسواق العالمية. وكانت هذه الخطوة تتطلب نظاما إداريا متطورا وعالي الكفاءة، وهو ما أشار إليه عدد من الأكاديميين في دراستهم 'تجارب تنموية في النمو والتنويع الاقتصادي: إندونيسيا نموذجا'، عندما شعرت هذه الدول، بما فيها إندونيسيا، بنقص في هذه الكفاءة، لجأت إلى حلول غير تقليدية لتعزيز الأداء الإداري، من بينها خصخصة الإدارة الجمركية لفترة مؤقتة. وعقب تجاوز الأزمة المالية الآسيوية في عام 1997، تمكنت إندونيسيا من تعزيز قدرتها على إدارة عمليات الصادرات بكفاءة غير مسبوقة، مما مكنها من انتزاع مكانة بارزة على الخريطة الاقتصادية العالمية، وتأمين تدفق مستدام ومتنوع للسلع، وهو ما ساهم في تحقيق نمو اقتصادي مستقر وتعزيز قدرتها التنافسية. الصناعة تقود إندونيسيا للنمو برزت إندونيسيا خلال فترة ما قبل الأزمة الآسيوية بقدرتها على تحقيق نمو اقتصادي تميّز بكثافته في خلق فرص العمل، فقد شهدت الأجور زيادة سنوية بمعدل 5 بالمائة على مدى عقدين قبل الأزمة المالية الآسيوية لعام 1997، وبين سنتي 1990 و1996، ارتفعت نسبة التشغيل في القطاعات غير الزراعية النظامية من 28.6 بالمائة إلى 35 بالمائة من مجموع القوى العاملة، بينما انخفضت حصة اليد العاملة في الزراعة من 55 بالمائة إلى 43.5 بالمائة. وفي مرحلة ما بعد الأزمة، تراجعت بعض مكاسب التنمية، غير أن الزيادة التناسبية في الفقر بقيت في أدنى مستوياتها ضمن فئة العمال الزراعيين، في السياق ذاته، أصبح قطاع الصناعة مؤقتا أكبر قطاع في الاقتصاد الإندونيسي، حيث ساهم بنسبة 46.4 بالمائة من الناتج المحلي الإجمالي، متقدما على قطاع الخدمات بنسبة 37.1 بالمائة، والزراعة بنسبة 16.5 بالمائة سنة 2010، ونتيجة لهذا التحوّل، ارتفعت صادرات البلاد بشكل كبير، لتحتل إندونيسيا المرتبة 26 عالميا بين أكبر المصدّرين في العالم عام 2010، بقيمة بلغت 179 مليار دولار أمريكي، ويُضاف إلى ذلك أنها تمتلك سوقا محلية استهلاكية ضخمة أسهمت في تعزيز دينامية الطلب الداخلي. وبالرغم ما شاب عهد الرئيس سوهارتو من اختلالات مؤسساتية، فقد حقّقت إندونيسيا في عهده إصلاحات اقتصادية متعددة الأبعاد جعلتها من بين أكثر الاقتصادات نموا في آسيا، غير أن انتشار الفساد، بما في ذلك تورّط سوهارتو نفسه، إضافة إلى ضعف سيادة القانون وهشاشة النظام القضائي والتنظيمي، أدّى إلى أزمة ديون حادّة، حالت دون تحقيق الأهداف التنموية المرجوة، وأدخلت البلاد فيما يُعرف بـ 'انحراف مسار التنمية'. إصلاحات على الطريق بعد انتهاء عهد الرئيس محمد سوهارتو، تولى الحكم الرئيس بحر الدين يوسف حبيبي، الذي قاد البلاد في فترة بالغة الأهمية بعد الأزمة المالية عام 1997، حيث شهدت إندونيسيا في فترة حكمه إصلاحات جوهرية مست جميع القطاعات الاقتصادية والاجتماعية، ما ساهم في إنعاش الاقتصاد الاندونيسي الذي كان قد تضرر بشدة من الأزمة المالية الآسيوية. ويُعتبر حبيبي مؤسّسا لعدد من المشاريع الصناعية الاستراتيجية، بالإضافة إلى كونه رائدا في عملية التحول الديمقراطي في إندونيسيا، فقد أطلق حبيبي مجموعة من الإصلاحات التي أدت إلى تحرير السياسة والإعلام، حيث ألغى القيود المفروضة على حرية الرأي والتعبير، ورفع الرقابة الإعلامية التي كانت تُمارس عبر وزارة الإعلام طوال عقود، وهو ما عزز حرية الصحافة والشفافية في البلاد، واستكمالا لهذه الإصلاحات السياسية، تم سنُّ قانون الأحزاب وقانون الانتخابات، مما مهد الطريق لانتهاء الهيمنة العسكرية في البرلمان وفتح المجال لتعددية حزبية كانت قد غابت عن البلاد منذ الخمسينيات، كما أسس حبيبي لنظام الحكم المحلي في الأقاليم، وهو ما عزز التنمية الاقتصادية المحلية وسمح بتطوير المناطق المختلفة في إندونيسيا عبر تشجيع روح المبادرة والتركيز الذاتي. وبفضل خلفيته الأكاديمية السابقة كوزير للبحوث والتقنية ورئيس لهيئة البحوث والتطبيقات العلمية، قام حبيبي بتوجيه البلاد نحو التطوير التكنولوجي والصناعي، فقد أرسل آلاف الطلاب إلى الدول المتقدمة مثل الولايات المتحدة واليابان، ليكونوا العقول المبدعة وراء تأسيس الصناعات الاستراتيجية الكبرى في البلاد، و في فترة حكمه، تم إنشاء العديد من الشركات الصناعية الهامة، مثل شركة 'إنكا' لصناعة القطارات، شركة 'بال' لصناعة السفن، شركة 'إنتي' لأجهزة الاتصالات، وشركة 'بينداد' لصناعة السلاح والعربات العسكرية، كما كانت مدينة 'باندونغ' مركزا لصناعة الطائرات التي حققت إنجازات كبيرة في تصنيع الطائرات وأجزاء الطائرات لشركات عالمية. وفي أعقاب الأزمة المالية، اتخذت الحكومة الإندونيسية إجراءات لتخفيف وطأة الأزمة على القطاع الخاص، حيث تم شراء أصول القروض المصرفية المتعثرة وأصول الشركات، وتمت إعادة هيكلة الديون، حيث ساعدت هذه الإجراءات في حماية الاقتصاد المحلي ودعمه، وتوفير الاستقرار المالي الذي كان ضروريا للانتعاش الاقتصادي في البلاد. الحرب على الفساد.. من إرث سوهارتو إلى هيئة 'كي بي كي' قال الكاتب الأمريكي 'جوناه بلانك' في مقال نشرته مجلة 'The Atlantic' إنّ قرار إنشاء هيئة مستقلة للتحقيق مع السياسيين المتورطين في قضايا الفساد ومقاضاتهم في إندونيسيا، قد بدأ يُؤتي ثماره فعلا، فقد عانت إندونيسيا لعقود من الفساد المستشري في مفاصل الدولة كافة، ووفقا للتصنيف الأولي الصادر عن منظمة الشفافية الدولية عام 1995، صُنّفت إندونيسيا آنذاك كواحدة من أكثر دول العالم فسادا، أما في عام 2023، فقد تقدّمت إلى المرتبة 89 من أصل 180 دولة، لتظهر لأول مرة ضمن النصف الأقل فسادا في التصنيف العالمي. وعندما تنحّى الرئيس سوهارتو عن الحكم عام 1998، ترك وراءه منظومة مترهّلة من الفساد المنظم، حيث تقدّر بعض التقارير الإعلامية أن سوهارتو اختلس ما يقارب 40 مليار دولار أمريكي خلال أكثر من ثلاثين سنة في السلطة، ليُدرج لاحقا ضمن قائمة أكثر زعماء العالم فسادا، وقد تجلّى الفساد في كافة مستويات الدولة، من الوزراء الذين زيّنوا مكاتبهم بالذهب من أموال المشاريع، إلى أفراد شرطة المرور الذين استغلوا نفوذهم لتحصيل الرشاوى في الشوارع. وردا على هذا الإرث الثقيل، أنشأت الحكومة الإندونيسية عام 2002 'لجنة استئصال الفساد' المعروفة اختصارا بـ ' KPK'، وهي هيئة مستقلة مُنحت صلاحيات واسعة، شملت التحقيق مع أي مسؤول حكومي وملاحقته قضائيا، إضافة إلى صلاحية التنصت على المشتبه بهم دون إذن قضائي. وقد أثبتت هذه اللجنة فاعليتها، إذ ساهمت في توجيه ضربات نوعية لأكبر شبكات الفساد، من خلال تعاونها الوثيق مع الشرطة ومكتب النائب العام، وبين عامي 2005 و2013، كشفت تقارير اللجنة عن حجم الدور الذي لعبه حزب 'غولكار' – الحزب السياسي المقرب من سوهارتو – في استشراء الفساد، حيث تم توجيه أربعين تهمة فساد لأعضاء بارزين من الحزب وصنّفت اللجنة 'غولكار' كأكثر الأحزاب السياسية تورطا في قضايا الفساد خلال تلك الفترة، ورغم هذه الجهود التي قلّصت بعض مظاهر الفساد، إلا أن المنظمات الدولية المتابعة للشأن الإندونيسي لا تزال تصنّف الفساد كأحد أبرز التحديات التي تواجه البلاد، لا سيما في ظل مقاومة شرسة من شبكات مصالح سياسية واقتصادية مترسخة في الإدارات والمؤسسات المحلية. بين نوسانتارا وإنقاذ جاكرتا بـ 40 مليار دولار تشيّد إندونيسيا عاصمة جديدة تدعى نوسانتارا، في مشروع طموح يراد منه تخفيف الضغط الهائل على العاصمة الحالية جاكرتا، التي تعاني من اختناقات مرورية خانقة وتلوث هوائي يعد من الأسوأ عالميا، إضافة إلى مشكلات مزمنة تتعلق بالغرق التدريجي، والبنى التحتية المتقادمة، والازدحام السكاني الكبير، فقد أعلن الرئيس الإندونيسي السابق جوكو ويدودو في أوت 2019 عن خطة لبناء العاصمة الجديدة من الصفر، على أراضي الحكومة في إقليم كاليمانتان الشرقية، الواقع في جزيرة بورنيو، على بُعد أكثر من 1000 كيلومتر من جاكرتا، وتُقدّر تكلفة المشروع بين 33 و45 مليار دولار أمريكي خُصّص منها 20 بالمائة من الميزانية الحكومية، فيما يُفترض أن يأتي 80 بالمائة من استثمارات القطاع الخاص، مع احتمال تغيّر الرقم مع تقدم مراحل التنفيذ. بدأت أعمال البناء فعليا في جويلية 2022، وتم تحديد يوم الاستقلال في 17 أوت 2024 موعدا للافتتاح الرمزي، وقد شهد هذا التاريخ بالفعل أول احتفال رسمي بعيد الاستقلال في نوسانتارا، لكن الانتقال الكامل للموظفين لم يتم بعد، وأُجّل إلى مراحل لاحقة، ولغاية منتصف عام 2024، لم يُنفَّذ سوى 14 بالمائة تقريبا من الميزانية العامة للمشروع، أي حوالي 4.6 مليار دولار، فيما وصلت نسبة الإنجاز الفعلي، وفق بعض التصريحات الرسمية، إلى 80 بالمائة من المرحلة الأولى، ومن المقرر أن تصبح نوسانتارا مدينة ذكية ومستدامة، تعتمد على مصادر الطاقة المتجددة، وخالية من الوقود الأحفوري، كما صُممت باستخدام تقنيات حديثة لمقاومة الزلازل والتسونامي والفيضانات، في محاولة لبناء نموذج حضري بديل لجاكرتا. في المقابل، لم تُهمل الحكومة العاصمة الحالية، فقد أعلن وزير التخطيط عن خطة موازية تبلغ قيمتها 40 مليار دولار لإنقاذ جاكرتا من الغرق وتحسين جودة الحياة فيها، على مدى عشر سنوات، وتشمل الخطة تحسين شبكات المياه والصرف الصحي والنقل، وتعزيز البنية التحتية للحماية من الفيضانات وهبوط التربة، وهي مشكلات تهدد بابتلاع نحو 95 بالمائة من شمال جاكرتا بحلول عام 2050، وفق تقديرات بيئية. رؤية إندونيسيا 2045 وضعت إندونيسيا رؤية للإصلاح الاقتصادي والمجتمعي وفق أهداف تسعى لتحقيقها احتفاءً بمئوية استقلالها عن الاستعمار الهولندي، حيث تلتزم الحكومة بتحويل إندونيسيا إلى دولة متقدمة بحلول عام 2045 من خلال تحسين نوعية التنمية البشرية والنمو الاقتصادي المستدام، والتنمية العادلة والحكم الرشيد، وصيغت هذه الرؤية من قبل وزارة التخطيط التنموي الوطني بإندونيسيا، وأطلقها الرئيس الإندونيسي السابق جوكو ويدودو في 9 ماي 2019، حيث تفاءل بأن تصبح بلاده رابع أو خامس أكبر اقتصاد في العالم بحلول عام 2045. وجاءت الفكرة بعد أن كتب ويدودو رؤيته بعنوان 'الحلم الإندونيسي 2015-2085″، سبعة أحلام من الأهداف السامية للمستقبل الإندونيسي، وهي: الموارد البشرية الإندونيسية تحقّق التفوق، وتحقّق استخباراتها تقدّما على الدول الأخرى في العالم. يصبح الشّعب الإندونيسي داعما للقيم الأخلاقية، في إطار مساندة التعددية الثقافية والدينية. تكون إندونيسيا هي مركز التعليم والتكنولوجيا والحضارة العالمية. المجتمع والأجهزة الحكومية تكون خالية من الفساد. تطوير البنية التحتية العادلة في جميع أنحاء إندونيسيا. تكون إندونيسيا بلدا مستقلا وحرا وواحدا من أكثر بلدان آسيا والمحيط الهادئ نفوذا. تصبح إندونيسيا مثالا للنمو الاقتصادي العالمي. وبناء على توجّهات الرئيس الإندونيسي، انتهت وزارة التخطيط الوطني للتنمية في إندونيسيا من صياغة الرؤية عام 2017، ليطلق ويدودو رؤيته رسميا في 9 ماي 2019، حيث حدّدت الحكومة هدفا تبلغه إندونيسيا في عام 2045 تصبح بموجبه خامس أكبر اقتصاد في العالم، بإجمالي ناتج محلي يبلغ 7300 مليار دولار، ودخل فردي يصل إلى 25000 دولار أمريكي، وفق 5 سياسات نفّذها الرئيس ويدودو خلال فترة ولايته الثانية بين عامي 2019-2024، تتمثّلت في: مواصلة تطوير البنية التحتية. تنمية الموارد البشرية. دعوة وجلب الاستثمارات إلى أقصى حد. إنهاء البيروقراطية. التأكد من أن الإنفاق في ميزانيات الدولة يركز على الأهداف ويحسن استهدافها. الاقتصاد الإبداعي في إندونيسيا يُعد الاقتصاد الإبداعي نموذجا اقتصاديا حديثا يعتمد على الابتكار والإبداع في مجالات متعددة تشمل الثقافة، والفنون، والتصميم، والترفيه، والتكنولوجيا، وهو يمثل أحد المحركات الرئيسية للنمو الاقتصادي المستدام، حيث يساهم بشكل فاعل في زيادة الناتج المحلي الإجمالي وخلق فرص عمل متنوعة تدعم التنمية الشاملة، فبحلول نهاية عام 2024، بلغ إجمالي القيمة المضافة للاقتصاد الإبداعي الإندونيسي حوالي 1,500 تريليون روبية إندونيسية (ما يعادل نحو 100 مليار دولار أمريكي)، مما يمثل نموا بنسبة 119 بالمائة مقارنة بـ 700 تريليون روبية ( أقل من 50 مليار دولار) في عام 2013. وظلت ثروات إندونيسيا الاقتصادية مرتبطة لفترة طويلة بصناعة الموارد، لكن ويدودو أنشأ في عام 2015 وكالة الاقتصاد الإبداعي لتعزيز الاستثمار الأجنبي في القطاعات المشرقة، مثل الترفيه والأزياء والنسيج والأغذية المعلبة، حيث ساعد سماح الحكومة بالاستثمارات الأجنبية في الأفلام وتوزيعها والعروض في جذب المستثمرين الأجانب، ومن ضمنها شركتا 'فوكس القرن الـ 21″ و'لوت سينما' الكورية الجنوبية لصناعة الترفيه، وقد زاد جراء ذلك عدد العاملين في هذا القطاع بنسبة 89 بالمائة بين عامي 2013 و2024، ليصل إلى 26.5 مليون شخص، كما ارتفعت صادرات المنتجات الإبداعية إلى 25 مليار دولار في عام 2024، بزيادة قدرها 67 بالمائة مقارنة بعام 2013، وتسعى الحكومة الإندونيسية إلى زيادة إسهام الاقتصاد الإبداعي في الناتج المحلي الإجمالي ليصل إلى 10 بالمائة بحلول عام 2029. الفجوة الاقتصادية بين الجزائر وإندونيسيا منذ عام 1962 وحتى تقديرات عام 2025، تظهر الأرقام الفارق الهائل الذي اتسع منذ الاستقلال في الناتج القومي الإجمالي بين الجزائر وإندونيسيا، ما يعكس اختلاف المسارات الاقتصادية والتنموية لكل منهما، ففي عام 1962، كان الناتج الجزائري نحو 2.5 مليار دولار مقابل 6.8 مليارات لإندونيسيا، بفارق 4.3 مليارات دولار فقط، وبحلول عام 1978، نما الناتج الجزائري إلى 26.5 مليار دولار، بينما قفز الناتج الإندونيسي إلى 70.2 مليار دولار، مع توسع الفارق إلى 43.7 مليار دولار، و بين عامي 1980 و1990 نما الناتج الجزائري من 30 إلى 61.9 مليار دولار، بينما قفز الناتج الإندونيسي من 91 إلى 150 مليار دولار، ما أدى إلى اتساع الفارق بينهما من 61 إلى 88.1 مليار دولار لصالح إندونيسيا، مع حلول عام 2000، حافظت إندونيسيا على تقدمها بـ 165 مليار دولار مقابل 54.7 مليار دولار للجزائر، ما يعكس توقف نمو الجزائر وانخفاضه نسبيا، وفي 2010، ارتفع الفارق بشكل حاد حيث وصل الناتج الإندونيسي إلى 705 مليارات دولار مقابل 161.2 مليار دولار للجزائر، بفارق تجاوز 543 مليار دولار، وفي عام 2020، بلغت الفجوة ذروتها مع 1.06 تريليون دولار لإندونيسيا مقابل 145 مليار دولار للجزائر. تُظهر التقديرات لعام 2024 اتساع الفارق في الناتج الاسمي إلى نحو 1.14 تريليون دولار تقريبا، مع توقع نمو هائل للاقتصاد الإندونيسي ليصل إلى 1,407 مليار دولار، مقابل تراجع نسبي في الناتج الجزائري إلى 269 مليار دولار، مما يعكس تحديات اقتصادية عميقة تواجهها الجزائر، خاصة في التنويع الاقتصادي والاعتماد الكبير على الطاقة، بينما تستفيد إندونيسيا من سياسات تنموية مستدامة وعوامل ديمغرافية وبنية تحتية متطورة. و تُظهر البيانات تنوُّع مصادر النمو إندونيسيا حيث يُشكل القطاع الصناعي حوالي 40 بالمائة من الناتج الإجمالي (1407 مليار دولار أمريكي) أي ما يقارب النصف (أي نحو 563 مليار دولار)، ويشغل ما يقرب من 22.6 بالمائة من إجمالي القوى العاملة (بنحو 32.3 مليون عامل من أصل 142.7 مليون موظف)؛ بينما يساهم اقتصاد المعرفة بنسبة تترواح بين 12 و15 بالمائة (أي نحو 169–211 مليار دولار)، ويوفّر وظائف لنحو 6–7 ملايين شخص في مجالات تكنولوجيا المعلومات والاتصالات والبحث العلمي؛ أما الاقتصاد الإبداعي فيمثل نحو 7–10 بالمائة من الناتج المحلي الإجمالي (بقيمة مضافة تقارب 100 مليار دولار) وقد وظَّف 23.98 مليون شخص في عام 2022 مقارنة بـ 16.4 مليون عام 2019، مع خطط حكومية لمضاعفة هذا الرقم عبر تعزيز صناعات التصميم والإعلام والفنون الرقمية والسياحة الإبداعية. من الفقر إلى رابع قوّة اقتصادية في آسيا تحوّل الاقتصاد الإندونيسي من اقتصاد زراعي خلال ستينيات القرن العشرين إلى اقتصاد صناعي وخدماتي في بداية التسعينيات، ومنذ بداية هذا القرن أصبحت بلاد جزر الهند وأكبر أرخبيل في العالم إلى رابع أكبر اقتصاد في آسيا بعد الصين واليابان وكوريا الجنوبية، مما يعكس تقدما كبيرا على الصعيد الإقليمي والدولي. وقد رشّح معهد ماكينزي العالمي إندونيسيا لتكون صاحبة سابع أكبر اقتصاد في العالم بدلا من بريطانيا بحلول العام 2030، مشترطا لتحقيق ذلك رفع جاكرتا معدل النمو الاقتصادي مستفيدة من الطبقة الاستهلاكية التي تنمو بوتيرة متسارعة، وأوضح المعهد أنّ ارتفاع نسبة الشباب بين سكان إندونيسيا، واستمرار التوسع الحضري، ونمو مستويات دخل الطبقة المتوسطة، تجعل آفاق النمو مواتية. وبحلول 2030، تشير التقديرات إلى أن إندونيسيا ستضيف 90 مليون مستهلك جديد إلى اقتصادها، بينما يُتوقع أن يصل حجم قطاع الخدمات إلى 1.1 تريليون دولار أمريكي، ومع ذلك، فإن تحقيق هذا النمو يتطلب من إندونيسيا التخلص – وفق مؤسسات اقتصادية – من إجراءات الحماية والتنظيمات المفرطة، وتطوير البنية التحتية للنقل والخدمات اللوجستية. وتُظهر الدراسات الدولية تفاوتا في تقدير الناتج القومي الإجمالي المتوقع، فقد قدّر تقرير معهد ماكينزي عام 2012 أن الناتج قد يتجاوز 3 تريليونات دولار في ثلاثينيات القرن، بشرط تنفيذ إصلاحات حقيقية، أما صندوق النقد الدولي، فكان أكثر تحفظا، مقدّرا أن يصل الناتج إلى ما بين 2.5 و3 تريليونات دولار في نهاية الثلاثينيات، إذا استمر النمو بمعدلات معتدلة.


المساء
١٨-٠٥-٢٠٢٥
- المساء
تسوية وضعية الشباب تجار "الكابة"
❊ تنفيذ ومعالجة الملفات الاجتماعية الكبرى بالتنسيق المباشر مع الوزير الأول ❊ تمكين الشباب العاملين في الاستيراد المصغّر في النشاط النظامي من مزايا قانون المقاول الذاتي ❊ تحديد قائمة المواد المسموح لهؤلاء الشباب باستيرادها بما يكفل استمرار نشاطهم قانونيا ❊ إمكانية استحداث ديوان وطني للسكر لضبط السوق من حيث الإنتاج والطلب والتصدير ❊ دراسة التحضير لإطلاق خط بحري يربط الجزائر بسلوفينيا ❊ إيلاء العناية التامة لمشاريع الاستثمارات المتفق عليها بين الجزائر وسلطنة عمان دعا رئيس الجمهورية القائد الأعلى للقوات المسلحة، وزير الدفاع الوطني، السيد عبد المجيد تبون الحكومة للعمل أكثر وبصرامة أكبر في الميدان لحلّ الانشغالات الحقيقية للمواطنين، بعيدا عن كل أشكال الفلكلور الإعلامي، مذكرا في هذا السياق بأن تنفيذ ومعالجة الملفات الاجتماعية الكبرى تجري بالتنسيق المباشر مع الوزير الأول. أخذت وضعية الشباب العاملين في الاستيراد المصغّر الذاتي، حيزا كبيرا في اجتماع مجلس الوزراء الذي ترأسه أمس، رئيس الجمهورية السيد عبد المجيد تبون، حيث أمر بتسوية شاملة ونهائية لوضعيتهم وحمايتهم بإدماجهم في النشاط النظامي للتجارة الخارجية من خلال تمكينهم من المزايا المنصوص عليها في القانون الخاص بالمقاول الذاتي. كما أمر رئيس الجمهورية بمنحهم صفة أعوان اقتصاديين، مما يوفّر لهم امتيازات اجتماعية وتجارية تكون بديلا لهم عن وضعيتهم الحالية غير القانونية إزاء عمليات الاستيراد المصغّر عبر الموانئ والمطارات، التي عرّضت بعضهم، لحجز سلعهم وفقدان توازنهم الاجتماعي، بخسارة رؤوس أموالهم البسيطة. ولأجل تدارك هذا الوضع، أمر الرئيس تبون الوزير الأول عاجلا بتكوين لجنة لتحديد آليات نشاط هؤلاء الشباب الذين يستثمرون رؤوس أموالهم المتواضعة في تلبية حاجيات بسيطة، لها أثرها في السوق وبكميات محدودة، على أن تحدّد قائمة المواد المسموح لهؤلاء الشباب باستيرادها، بما يكفل استمرار نشاطهم مع الالتزام بالضوابط القانونية والجبائية المُنظّمة. في سياق آخر، وجّه رئيس الجمهورية شكره لوزير الصناعة وكل عمال القطاع للتقدّم الكبير الذي تمّ إحرازه في مجال إنتاج وصناعة السكر محليا، خاصة مع دخول وحدات ومصانع جديدة في الخدمة، فضلا عن اتخاذ تدابير جديدة مع إمكانية استحداث ديوان وطني للسكر، يسمح بضبط السوق من حيث كمية الإنتاج وتغطية الطلب الوطني وما يوجّه منه إلى التصدير، وذلك بالعمل وفق إحصائيات دقيقة، تنعكس إيجابيا لدى البنك المركزي. وعن مشروع قانون الحالة المدنية، أمر رئيس الجمهورية وزير العدل بإثراء هذا المشروع بمزيد من الدقّة والعمق، مع تخفيف نصوصه بما يسمح بالتجاوب والتكفل بمختلف الانشغالات خاصة وأن الجزائر قطعت أشواطا معتبرة في رقمنة قطاع الداخلية، وهي مرحلة ينبغي أن تتبعها صرامة كبيرة في حماية الحالة المدنية في الجزائر. وذلك بالنظر إلى الأهمية التي يكتسيها مجال الحالة المدنية. وحول مشروع قانون حول الاستعمال والاستغلال السياحيين للشواطئ، شدّد الرئيس تبون على أهمية الاضطلاع بكل المسؤوليات من جميع الفاعلين المعنيين، مع تضافر الجهود وعلى رأسها السلطات المحلية في هذا السياق، حيث أكد في هذا السياق على ضرورة التنسيق التام بين قطاعي السياحة والداخلية للتحضير الجيد للموسم السياحي. وبخصوص عرض حول مدى تطبيق توصيات مجموعة العمل المالي (GAFI) أمر رئيس الجمهورية بتنفيذ التوصيات وفق ما تحدّده قوانين الهيئة المالية الدولية، خاصة وأن الجزائر حقّقت خطوات إيجابية في السنوات الأخيرة وهو ما تضمنته مختلف قوانين المالية التي جاءت في كنف الشفافية والنزاهة بشهادة مؤسّسات مالية دولية، وبالأخص فيما يتعلق بتطابق البيانات والمعطيات الاقتصادية للبلاد. كما تناول الاجتماع علاقات التعاون بين الجزائر وشركائها، فبخصوص الشراكة الجزائرية السلوفينية، أمر الرئيس تبون بالتحضير لعقد اجتماع عمل لمتابعة تنفيذ كل ما اتفق عليه رئيسي البلدين في مختلف القطاعات، على رأسها صناعة الأدوية، البحث العلمي والذكاء الاصطناعي، علاوة على دراسة التحضير لإطلاق خط بحري يربط الجزائر بسلوفينيا. أما فيما يتعلق بالشراكة الجزائرية العُمانية، أمر رئيس الجمهورية بإيلاء العناية التامة لمشاريع الاستثمارات وتنفيذ توصيات وقرارات قيادتي البلدين في مختلف القطاعات، خاصة فيما يتعلق بالفلاحة وصناعة السيارات (هيونداي) وكذلك مشروع استحداث شركة نقل بحري جزائرية ـ عُمانية بالإضافة إلى إطلاق خط بحري يربط الجزائر ومسقط. واختتم مجلس الوزراء، بالمصادقة على مراسيم تتضمن تعيينات وإنهاء مهام في عدد من الوظائف والمناصب العليا في الدولة.


خبر للأنباء
٠٩-٠٥-٢٠٢٥
- خبر للأنباء
الانهيار الاقتصادي في اليمن.. التحديات والحلول
لم يعد انهيار العملة اليمنية مجرد نتيجة لصراع عسكري طويل الأمد، بل أصبح مؤشرًا واضحًا على خلل بنيوي عميق في المنظومتين الاقتصادية والمالية. وفي ظل غياب سياسات نقدية فعّالة وتوقف صادرات النفط، يعيش الريال اليمني أسوأ حالاته منذ اندلاع الحرب. بين مطرقة السوق السوداء وسندان الفساد وسوء الإدارة، تتفاقم الأزمة وسط عجز الدولة عن التدخل، مما يفتح الباب أمام سيناريوهات أشد قتامة. في هذا التحقيق، نحلل الأسباب الكامنة وراء الانهيار، ونستعرض تداعياته وسبل المواجهة الممكنة. يواصل الريال اليمني تراجعه بشكل يكاد أن يكون يومياً في المناطق المحررة، حيث سجّل في تداولات 9 مايو 2025، سعر شراء الدولار 2534 ريالًا، والبيع 2552 ريالًا، فيما بلغ سعر شراء الريال السعودي 666 ريالًا، والبيع 669 ريالًا. ووفقًا لتقرير برنامج الأغذية العالمي، فقد فقد الريال اليمني 72% من قيمته مقابل الدولار خلال السنوات الخمس الماضية، مع انخفاض سنوي بنسبة 30%، حيث وصل إلى أدنى مستوى تاريخي عند 2,351 ريالًا للدولار في مارس 2025، رغم الوديعة السعودية البالغة 500 مليون دولار. الانخفاض في قيمة العملة أدى إلى تضخم حاد، حيث ارتفعت أسعار البنزين بنسبة 18% والديزل بنسبة 33% سنويًا، فيما سجلت أسعار المواد الغذائية زيادة سنوية قدرها 28% مقارنة بعام 2024، و400% منذ عام 2018، وفقًا لبرنامج الغذاء. في حين تقول مصادر اقتصادية إنها سجلت أكثر من 1500% منذ انقلاب جماعة الحوثي في 2014، مما زاد من معاناة المواطنين. قال نبيل محمد صالح، موظف في قطاع التربية، إن راتبه أصبح 84 ألف ريال بعد الزيادة الأخيرة، أي ما يعادل 33.3 دولارًا، مقارنة بـ336 دولارًا قبل الحرب. في حين ارتفع سعر كيس دقيق القمح ليزيد حالياً عن 50 ألفاً مقارنة بنحو 3 آلاف سابقاً. ورغم أن موظفي الدولة في وضع "أفضل نسبيًا"، إلا أن مرتباتهم لم تعد تساوي سوى 10% من قيمتها السابقة، في حين فقد آلاف آخرون أعمالهم نتيجة إغلاق الشركات وتسريح العمال. وقد دفعت هذه الأوضاع كثيرًا من الموظفين إلى تنفيذ وقفات احتجاجية، كان آخرها في 5 مايو الجاري، نفذها أكاديميون من جامعات عدن ولحج وأبين وشبوة في مدينة عدن، مطالبين بمرتبات تعادل قيمتها الشرائية ما قبل 2015. يرجع خبراء اقتصاديون استمرار الانهيار إلى عدة أسباب، أبرزها إيقاف تصدير النفط، واعتماد البلاد على الاستيراد بنسبة 90%، ونفاد الاحتياطي الأجنبي، بعد تحويل الدعم السعودي من ودائع نقدية إلى مساعدات عينية، بالإضافة إلى عوامل أخرى، مثل: تفشي الفساد، وتهريب العملة عبر الحدود، وتعطّل الرقابة المالية، مما يعقد المشهد، بحسب تقرير مجموعة الأزمات الدولية. أوضح الخبير الاقتصادي خالد الريمي، أن اليمن خسر نحو ملياري دولار منذ أواخر 2022 بسبب توقف تصدير النفط، جراء هجمات الحوثيين على ميناءي الضبة والنشمة في أكتوبر 2022. وأكد الباحث والخبير الاقتصادي وحيد الفودعي أن الدولة فقدت 70% من إيراداتها بسبب توقف تصدير النفط، مما زاد الضغط على سوق العملات وعمّق الأزمة النقدية. قال مصدر مسؤول في البنك المركزي بعدن، إن منع الحوثيين تداول الطبعة الجديدة من العملة، وتهريب العملات الأجنبية إلى مناطقهم عبر مؤسسات مالية، جعل من بعض البنوك أدوات لغسل الأموال، وتقديم دعم للحوثيين، منها بنك اليمن الدولي (IBY) الذي صدرت ضده و3 من كبار مسؤوليه عقوبات أمريكية في منتصف أبريل/نيسان الماضي، وهو ما أسهم في تدهور العملة. بحسب الخبير الاقتصادي علي المسبحي، فإن سحب ما يقارب 300 مليون دولار خلال الربع الأول من 2025 لتغطية نفقات الحج والعمرة، سبّب ضغوطًا كبيرة على سوق الصرف. وبلغت تلك النفقات نحو مليار و140 مليون ريال سعودي، وهو ما ساهم في رفع سعر الدولار من 2070 إلى 2500 ريال خلال ثلاثة أشهر، بمتوسط 3.5 ريالات يوميًا. ويرى المسبحي أن السعر قد يصل إلى 3340 ريالًا بنهاية العام، مشيرًا إلى أن توقعاته السابقة بتحقيق 2000 ريال للدولار نهاية 2024 تحققت بالفعل. كما تُتهم بعض البنوك وشركات الصرافة بالمضاربة بالعملة وفتح حسابات غير مراقبة، وسط غياب رقابة البنك المركزي بعدن، ما أسهم في تفاقم فقدان الثقة بالقطاع المصرفي. من جانبها، اتهمت مصادر اقتصادية الحكومة بنهب 600 مليون دولار كانت مخصصة لدعم الكهرباء، التي لا تعمل سوى لساعات معدودة، إضافة إلى إنفاق 180 مليون دولار على إصلاح مصفاة عدن دون نتائج تُذكر، رغم أن تشغيلها جزئيًا قد يوفّر نحو 100 مليون دولار سنويًا. وتساءلت المصادر عن سبب عدم بناء مصفاة جديدة في حضرموت، في ظل توقف صادرات النفط واستمرار استنزاف العملة الصعبة لاستيراد الوقود. في خضم هذه التداعيات، يواصل الريال اليمني خسارة قيمته أمام العملات الأجنبية، وبشكل يومي، وسط موجة غضب شعبي واسعة ومطالبات متكررة باتخاذ تدابير جادة لإيقاف نزيف العملة. وفي 28 أبريل الماضي، أوقف البنك المركزي بعدن، بالتنسيق مع "جمعية الصرافين"، تداول العملات الأجنبية لمدة 48 ساعة فقط، ما أحدث تعافيًا طفيفًا في سعر العملة. لكن "نقابة الصرافين الجنوبيين" عبّرت عن قلقها من القرار، واعتبرته تهديدًا للاستقرار النقدي، محذرة من فراغ رقابي قد يعزز السوق السوداء. ويعتقد الباحث والخبير الإقتصادي وحيد الفودعي أن القرار يعكس ارتباك إدارة السوق، مؤكدًا أنه ليس حلاً جذريًا بل إجراء مؤقت يخفف حدة المضاربة فقط. من جهته، أقر مصدر بالبنك المركزي أن القرار كان "الملاذ الوحيد" في ظل العجز الحاصل في النقد الأجنبي، مرجعًا السبب إلى توقف صادرات النفط والغاز، رغم إقراره بوجود أسباب أخرى. وفي 29 أبريل، أعلن البنك عن مزاد لبيع 30 مليون دولار، بعد بيع 8 ملايين سابقًا بسعر 2484 ريالًا للدولار، في وقت تقترب فيه العملة من حاجز 2600 ريال للدولار. هذا المزاد ليس الأول ولن يكون الأخير، حيث أجرى البنك 10 مزادات خلال الفترة (يناير وحتى أبريل)، بلغ إجمالي العرض 340 مليون دولار، بينما ما تم بيعه منها يقارب 164 مليون دولار فقط، وبنسبة 48%، بحسب الدكتور المسبحي. بينما يرى المسبحي أن المزادات أثبتت عدم قدرتها على تثبيت أسعار الصرف، يواصل البنك مزاداته حيث من المقرر عرض 30 مليون دولار للبيع في مزاد يوم 13 من مايو الجاري، بحسب إعلان البنك على موقعه الرسمي بتاريخ 7 من الشهر الجاري. وكان البنك المركزي قد حمّل مليشيا الحوثي مسؤولية تدهور العملة، بسبب ربطها تصدير النفط بموافقة الحكومة على دفع رواتب موظفيها، مشيرًا في بيان بتاريخ 12 فبراير الماضي، إلى أن الصراعات بين شركاء الحكومة حول الإيرادات عطّلت دوره كمركز مالي موحد. ودعا المجلس الرئاسي لتوريد جميع الإيرادات إلى حساب حكومي مركزي، وإعادة تخطيط الإنفاق على أساس الأولويات الوطنية، مؤكدًا أن البنك قدّم حلولًا من ضمنها إعادة تصدير النفط، لكنها لم تلقَ تجاوبًا حكوميًا جادًا. ازدواجية المعايير الدولية تُفاقم الأزمة الاقتصادية، إذ تتدخل الأمم المتحدة لصالح الحوثيين، بينما تتجاهل معاناة الحكومة الشرعية. ففي يوليو 2024، أجبرت المنظمة الدولية البنك المركزي في عدن على التراجع عن قرار نقل مقار البنوك من صنعاء، رغم مخالفة الحوثيين للقانون بحظر التعامل مع الطبعة الجديدة من العملة وسك عملة معدنية بقيمة 100 ريال. ويرى الباحث الفودعي أن هذا التدخل "كشف عن ضغوط حوثية وتخوف أممي من زعزعة النظام المالي في مناطق سيطرتهم"، مشيرًا إلى تناقض صارخ: تهديد الحوثيين لموانئ النفط يُقابل باعتبارات "إنسانية"، بينما لا يلقى انهيار العملة وارتفاع الأسعار في مناطق الحكومة أياً من تلك الاعتبارات. وحمِّل الفودعي الحكومة اليمنية جزءًا من المسؤولية، بسبب "ترددها في الدفاع عن مصالحها، مقابل فرض الحوثيين أجندتهم بالقوة واستغلال تردد المجتمع الدولي". ويتفق عبد الحميد المساجدي، رئيس منتدى الإعلام والبحوث الاقتصادية، مع هذا الطرح، مضيفًا أن الحكومة لم تتخذ خطوات مؤثرة بعد توقف تصدير النفط، بل كان ردها سلبيًا. ويؤكد المساجدي أن الحكومة تنازلت عن أوراق تفاوضية دون مقابل، مثل السماح بدخول الوقود عبر ميناء الحديدة، ما أفقدها أدوات كانت قادرة على تغيير المعادلة. أما الفودعي، فيرى أن "غياب قرار حكومي حاسم باستئناف التصدير، رغم مطالب البنك المركزي، يكشف عن ضعف الإرادة أو خضوع لضغوط دولية ترفض التصعيد خارج التفاهمات الشاملة". ويُحذر من استمرار تعليق التصدير، كونه المصدر الوحيد للعملة الأجنبية، حيث لا تُغطي الإيرادات الحالية سوى 40% من العجز، ما يستدعي خطة طوارئ عاجلة. وحول دفع رواتب وموازنات تشغيلية للمسؤولين الموجودين خارج البلاد، يرى المساجدي أن لذلك أثرًا سلبيًا مباشرًا على احتياطيات النقد الأجنبي. وفي ما يخص تهريب العملة عبر التحويلات بين المناطق المحررة وتلك الخاضعة للحوثيين، يدعو إلى فرض رقابة صارمة على شركات الصرافة والبنوك، وتوحيد السلطة النقدية تحت إدارة موحدة. وللحد من استغلال فارق سعر الصرف، يقترح المساجدي اعتماد آلية ثابتة لتسويته ضمن إطار تنظيمي صارم، ما قد يخفف الضغط على السوق السوداء، لكنه قد يدفع الحوثيين للجوء إلى قنوات غير رسمية، مما يزيد الوضع تعقيدًا. يخلص التحقيق إلى توصيات الخبراء والباحثين الاقتصاديين المشاركين فيه، والتي تتمثل في مجموعة من الإجراءات، أبرزها: استئناف تصدير النفط والغاز، على أن تُخصص هذه العائدات لإنشاء صندوق سيادي يدير تدفقات النقد الأجنبي بصورة أكثر كفاءة، وتعزيز الرقابة على القطاع المصرفي، ومكافحة تهريب العملة، وتنويع مصادر الدخل من خلال دعم قطاعات الإنتاج كالزراعة والصناعة. ويدعو المشاركون إلى إصلاحات مالية وإدارية شاملة، من بينها ضبط الإيرادات وتحسينها، وترشيد النفقات، بما في ذلك إيقاف دفع الرواتب بالدولار وتحويلها إلى العملة المحلية، وإلغاء الاعتمادات المزدوجة، بحيث يتم إلزام المناطق المحررة باستخدام الطبعة الجديدة من العملة حصرًا. كذلك يجب إيجاد آلية لتصغير الفارق بين الطبعتين من العملة، وفرض رقابة صارمة على عمليات التحويل بين البنوك والصرافين لمنع تهريب العملة، والتعاون مع المؤسسات الدولية للحصول على دعم مالي وفني يُسهم في استقرار الاقتصاد.