
بصمة للذكاء الاصطناعي في 14% من ملخصات أبحاث الطب الحيوي للعام الماضي
تضمنت ملخصات الأبحاث من ذاك العام عبارات كاشفة لاستخدام الذكاء الاصطناعي، منها عبارتا "منقطع النظير"، و"لا يُقدر بثمن"، اللتان شاع ظهورهما في النصوص المستحدثة بالنماذج اللغوية الكبيرة.
وفقًا لتحليل واسع النطاق للأدبيات البحثية1 يرجح أن ملخصًا واحدًا تقريبًا من كل سبعة ملخصات بحثية نُشرت في مجال الطب الحيوي خلال العام الماضي، قد كُتب بالاستعانة بـالذكاء الاصطناعي. فمن أصل 1.5 مليون ملخص بحثي أُدرج عام 2024 على فهرس قاعدة بيانات المؤلفات البحثية «بب ميد» PubMed، تضمن أكثر من 200 ألف ملخص كلمات شاع اقتراح النماذج اللغوية الكبيرة لها لدى إنتاج النصوص.
نُشرت الدراسة على الإنترنت كمسودة بحثية 2 في يونيو عام 2024 بدايةً، وقدرت آنذاك أن واحدًا من كل تسعة ملخصات بحثية نُشرت في النصف الأول من ذاك العام قد كُتب بمساعدة الذكاء الاصطناعي . وفي الثاني من يوليو من العام الجاري، نُشرت النسخة المحدثة من تحليل الدراسة في دورية «ساينس أدفانسز» Science Advances1.
تعقيبًا على نتائج الدراسة، يقول آندرو جراي، اختصاصي دعم دراسات تحليل الاستشهادات المرجعية في كلية لندن الجامعية: "تواصًل ارتفاع إجمالي عدد الأوراق البحثية المُنقحة بالنماذج اللغوية الكبيرة بخطى مطردة". وهو يرى أن الباحثين حتى اليوم لم يستوعبوا تمامًا حجم الاعتماد والتعويل على هذه الأدوات في إنتاج الأبحاث. من هنا يضيف: "يؤمل أن تسهم هذه الورقة البحثية في خلق اهتمام بهذه المشكلة".
كلمات "مرتفعة التكرار"
في الوقت الراهن، تسعى العديد من الفرق البحثية إلى الوقوف على أثر النماذج اللغوية الكبيرة في حركة النشر العلمي، غير أنها ليست بالمهمة اليسيرة، نظرًا لأن كثيرًا من مستخدمي هذه الأدوات لا يفصحون عن لجوئهم لها. لذا، تعتمد هذه الجهود عادة على تدريب نماذج الذكاء الاصطناعي على التمييز بين النصوص المستحدثة بشريًا وتلك المُنتجة باستخدام النماذج اللغوية الكبيرة، لتوظف بعد ذلك الرؤى المستقاة من هذه العملية في تقييم الأدبيات البحثية. بيد أن الآلية التي تُميز بها هذه النماذج بين كلا نوعي النصوص تبقى غير واضحة، كما أن مجموعات البيانات التي تتدرب عليها لا تعبر دائمًا عن أحدث الاتجاهات في النصوص المنُتجة بالنماذج اللغوية الكبيرة.
لهذا، سلك ديميتري كوباك، اختصاصي علم البيانات من جامعة توبينجين بألمانيا، مع فريقه البحثي مقاربة أكثر مرونة. فبحثوا في ملخصات الأبحاث عن الكلمات "مرتفعة التكرار" (التي أخذت تظهر بوتيرة أكبر من المتوقع) بعد نوفمبر من عام 2022، أي بعدما أصبح نظام الذكاء الاصطناعي «تشات جي بي تي» متاحًا على نطاق واسع. استلهم الفريق هذه الفكرة من دراسة تقدر "الزيادة في عدد الوفيات" خلال جائحة «كوفيد-19».
ووقف على 454 كلمة ظهرت خلال عام 2024 بوتيرة أعلى كثيرًا مما ظهرت في الأعوام بدءًا من عام 2010. كانت هذه الكلمات "أسلوبية" في الغالب وغير ذات صلة بموضوع البحث، ومالت إلى أن تكون من الأفعال والصفات. كما أن بعضها كان شائعًا مثل كلمة Findings (النتائج)، وCrucial (حاسم)، وPotential (محتمل)، في حين أن بعضها الآخر كان أقل شيوعًا، مثل الفعل delves (يسبُر)، والمضارع showcasing (يعرض). أما الكلمات مرتفعة التكرار التي شاع ظهورها في الملخصات البحثية المنشورة في النصف الثاني من العام الماضي، فقد تضمنت، بحسب ما يفيد كوباك، كلمات مثل heighten (بمعنى يعزز درجة أو شدة)، ولفظة hinder (بمعنى يعرقل)، وصيغ تفضيل مثل unparalleled (منقطع النظير)، و invaluable (لا يُقدر بثمن).
تجدر الإشارة إلى أن المفردات العلمية تختلف بمرور الوقت، وقد تشهد تحولات كبيرة بالتزامن مع الأحداث المهمة، كما حدث خلال جائحة «كوفيد-19» التي اندلعت عام 2020. فبعد الجائحة، شهد عام 2021 ظهور 190 كلمة مرتفعة التكرار، كانت في الغالب من الأسماء ذات الصلة بمضمون الأبحاث، مثل كلمة "الكمامات". إلا أن الاختلاف الذي طرأ على المفردات العلمية منذ رواج استخدام النماذج اللغوية الكبيرة كان أكثر وضوحًا وأخذ طابعًا سلوبيًا في المقام الأول.
اختلافات جغرافية
أظهر تحليل الدراسة أنه في بعض الدول مثل الصين وكوريا الجنوبية، وفي بعض المجالات مثل الحوسبة ونظم المعلومات الحيوية، كُتب أكثر من ملخص بحثي واحد من كل خمس ملخصات بحثية بمساعدة النماذج اللغوية الكبيرة. ويفيد كوباك بأن العدد الإجمالي للملخصات البحثية المكتوبة بمساعدة هذه النماذج تزايد على الأرجح خلال العام الماضي. فيضيف: "استخدام النماذج اللغوية الكبيرة لا يزال يشهد ارتفاعًا".
ويُحتمل أن الوتيرة التي يُستخدم بها الذكاء الاصطناعي في كتابة الأبحاث أعلى مما أشارت إليه الدراسة الأخيرة. ففي مسودة بحثية، 3 نُشرت على خادم «آركايف» arXiv في فبراير الماضي، يفيد مينجمينج جينج اختصاصي دراسة تأثيرات النماذج اللغوية الكبيرة في المجتمع بمدرسة المعلمين العليا (PSL) في باريس مع فريقه البحثي أن بعض الكلمات والعبارات الكاشفة لاستخدام الذكاء الاصطناعي مثل "يسبر" أخذت تظهر بوتيرة أقل مع اقتراب نهاية عام 2024. والسبب، بحسب ما يوضح جينج، قد يكون أن الدراسات التي تحذر من هذه الكلمات والعبارات بوصفها تعابير كاشفة لاستخدام الذكاء الاصطناعي دعت مؤلفي الأوراق البحثية إلى حذف هذه التعابير من نصوص أبحاثهم أو إلى تعديل أوامرهم للنماذج اللغوية الكبيرة لإنتاج نصوص تتحاشى هذه التعابير.
وحسبما يشير جينج، تزايدت صعوبة تقييم أثر الذكاء الاصطناعي في المؤلفات الأكاديمية مع أخذ مؤلفي الأوراق البحثية بهذه التحذيرات.
ومما يعزز هذه الصعوبة، بحسب جراي، أن الدراسات، بما فيها دراسة كوباك وفريقه البحثي، لا يمكنها الوقوف على الكيفية التي تُستخدم بها أدوات الذكاء الاصطناعي في كتابة المؤلفات البحثية. فكما يقول، لربما استخدمها مؤلفو الأوراق البحثية لأسباب مقبولة، على سبيل المثال، لصقل كتابة النصوص البحثية أو للمساعدة في الترجمة، أو لاستخدامات أكثر إثارة للشكوك الأخلاقية، مثل كتابة أجزاء كبيرة من النص البحثي دون إشراف. وهو ما يعقب عليه جراي قائلًا: "هذا يثير مخاوف حقيقية إزاء النزاهة البحثية"
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


القناة الثالثة والعشرون
منذ 5 ساعات
- القناة الثالثة والعشرون
بعد زلزال روسيا.. علماء صينيون يكتشفون حياة خفية في باطن الأرض
تحت أقدامنا، في أعماق مظلمة كانت تعتبر قاحلة، يزدهر نظام بيئي شاسع ونابض بالحياة. كشفت دراسة رائدة أجراها علماء صينيون وكنديون عن "محرك الطاقة" المفاجئ الذي يغذي هذا المحيط الحيوي الخفي، والمتمثلة في تكسر وطحن قشرة الأرض أثناء الزلازل والتحولات التكتونية. وبعيداً عن تصور الروائي الفرنسي جول فيرن الخيالي في القرن التاسع عشر لحيوانات الماستودون واليعسوب العملاقة التي تعيش في غابات الفطر التي يتراوح ارتفاعها بين 9 و12 متراً في عالم جوفي مضاء. فقد كان العلم التقليدي يعتقد أنه على بعد كيلومترات تحت السطح، ومعزولة عن ضوء الشمس والمواد العضوية السطحية، لا يمكن للحياة أن توجد. ومع ذلك، أظهرت الاكتشافات الحديثة عن وجود غلاف حيوي عميق وضخم ونشط، يؤوي ما يقدر بنحو 95% من بدائيات النوى على الأرض، ويشكل ما يقرب من خُمس الكتلة الحيوية الإجمالية للأرض. تقدم دراسة أجراها تشو جيانشي وهي هونغ بينغ، الأستاذان في معهد قوانغتشو للكيمياء الجيولوجية (GIG) التابع للأكاديمية الصينية للعلوم، وكورت كونهاوزر، الأستاذ في جامعة ألبرتا، إجابة على كيف يمكن لكائنات أن تتواجد تحت هذا العمق. نشرت نتائجهم في مجلة "ساينس أدفانسز" في 19 تموز، بحسب ما ذكرته صحيفة "SCMP" الصينية، واطلعت عليه "العربية Business". طاقة للحياة في الأعماق اكتشفوا أن النشاط الزلزالي والتشققات القشرية تعملان كمولد طبيعي، حيث تنتجان باستمرار طاقة للحياة في الأعماق. في الظلام الدامس، تولد التفاعلات الكيمياوية بين الصخور والماء طاقة. تعمل هذه العملية كالبطارية، حيث تنشئ أقطاباً موجبة وسالبة تحرك تدفق الإلكترونات - وهو جوهر عملية الأيض في الحياة، كما صرح تشو في بيان صحافي صادر عن GIG في 19 تموز. قام الفريق بمحاكاة معدن السيليكات الأكثر شيوعاً على الأرض، وهو الكوارتز، في المختبر لإعادة إنشاء نوعين أساسيين من كسور الصخور: الامتداد، حيث تتشقق الصخور فجأةً، معرضةً أسطحاً جديدةً للماء فوراً؛ وكسر القص، حيث تطحن الصدوع باستمرار، مسحقةً الصخور في الماء. يقسم كلا نوعي الكسور جزيئات الماء، منتجين غاز الهيدروجين وجزيئات الأكسجين التفاعلية. كانت الامتدادات فعالة بشكل خاص في تراكم بيروكسيد الهيدروجين. يتحد بيروكسيد الهيدروجين مع الهيدروجين المتولد لتكوين "ثنائي أكسدة-اختزال" طبيعي - وهو زوج من المواد الكيمياوية يحرك تفاعلات الاختزال-الأكسدة. أنتج هذا التفاعل طاقة كهربائية تصل إلى 0.82 فولت، وهي طاقة كافية لتشغيل معظم التفاعلات التي تحافظ على الحياة. يعد الحديد، أحد أكثر العناصر وفرةً على الأرض، ناقلاً أساسياً للطاقة. كميات ضئيلة من بيروكسيد الهيدروجين تؤكسد الحديد الثنائي الذائب وتحوله إلى حديد ثنائي. في الوقت نفسه، تعيد ذرات الهيدروجين التفاعلية الوفيرة، الناتجة أثناء تكسير الصخور، معادن الحديد الثنائي إلى حديد ثنائي ذائب. شبكة طاقة جوفية ينشئ هذا التدفق المستمر للإلكترونات "شبكة طاقة جوفية"، تنشط الحياة الميكروبية وتحرك الدورات الجيوكيمياوية للكربون والنيتروجين والكبريت. وكما هو مبين في تقرير "GIG"، اكتشف الفريق في عام 2023 أن المعادن المجهدة يمكنها إنتاج الأكسجين على أسطحها، متجاوزةً بذلك معدلات الإنتاج المتأتية من الكيمياء الضوئية الجوية. وأوضح تشو: "قد تفسر هذه الكيمياء الجذرية، التي أهملت لفترة طويلة، أصول الأكسجين والهيدروجين الأوليين على الأرض". "قد تكون الآلية الجوهرية التي تحرك التطور المشترك المبكر للمعادن والحياة". علاوة على ذلك، يوفر باطن الأرض العميق ملاذاً آمناً، محمياً من الأحداث الكارثية مثل الأشعة فوق البنفسجية الشديدة واصطدامات الكويكبات، مما يوفر بيئة حيوية لم تكتشف من قبل لنشأة الحياة وتطورها. تقيس الدراسة الطاقة، حيث يمكن لزلزال واحد متوسط أن يولد تدفقات هيدروجينية أكبر بـ 100,000 مرة من الإنتاج عبر التحليل الإشعاعي، والذي يتضمن انقسام جزيئات الماء من خلال الإشعاع المؤين، أو السربنتينية - وهو تفاعل كيمياوي بين الماء والصخور في درجات حرارة وضغوط عالية. يمكن لهذا التدفق المكثف من الطاقة أن يدعم بسهولة تجمعات من الميكروبات الكيمياوية التخليقية العميقة، وقد يؤدي حتى إلى تراكمات موضعية لغاز ثنائي الهيدروجين. ووفقاً لهي، "إن عملية تحويل الطاقة الميكانيكية إلى طاقة كيميائية ليست فريدة من نوعها على الأرض". وأضاف "إنها تنطبق على أجسام كوكبية أخرى مثل المريخ... وإنسيلادوس (قمر كوكب زحل). إن رصد إشارات مرتبطة بأزواج الأكسدة والاختزال - مثل الهيدروجين والميثان والأكسجين، أو تقلبات أكسدة الحديد - داخل مناطق الصدع المريخية قد يشير إلى وجود حياة نشطة تحت السطح". لذا، في المرة القادمة التي تشعر فيها بهزة زلزالية، تذكر: في أعماق الأرض، في ظلام دامس، قد تشعل الصخور المتناثرة شرارات الحياة. قد تكون العوالم الخفية داخل الأرض - وربما حتى المريخ - أكثر حيوية مما كنا نتخيل. انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة. انضم الآن شاركنا رأيك في التعليقات تابعونا على وسائل التواصل Twitter Youtube WhatsApp Google News


تيار اورغ
منذ 7 ساعات
- تيار اورغ
بعد زلزال روسيا.. علماء صينيون يكتشفون سراً في باطن الأرض
تحت أقدامنا، في أعماق مظلمة كانت تعتبر قاحلة، يزدهر نظام بيئي شاسع ونابض بالحياة. كشفت دراسة رائدة أجراها علماء صينيون وكنديون عن "محرك الطاقة" المفاجئ الذي يغذي هذا المحيط الحيوي الخفي، والمتمثلة في تكسر وطحن قشرة الأرض أثناء الزلازل والتحولات التكتونية.وبعيداً عن تصور الروائي الفرنسي جول فيرن الخيالي في القرن التاسع عشر لحيوانات الماستودون واليعسوب العملاقة التي تعيش في غابات الفطر التي يتراوح ارتفاعها بين 9 و12 متراً في عالم جوفي مضاء. فقد كان العلم التقليدي يعتقد أنه على بعد كيلومترات تحت السطح، ومعزولة عن ضوء الشمس والمواد العضوية السطحية، لا يمكن للحياة أن توجد.ومع ذلك، أظهرت الاكتشافات الحديثة عن وجود غلاف حيوي عميق وضخم ونشط، يؤوي ما يقدر بنحو 95% من بدائيات النوى على الأرض، ويشكل ما يقرب من خُمس الكتلة الحيوية الإجمالية للأرض.تقدم دراسة أجراها تشو جيانشي وهي هونغ بينغ، الأستاذان في معهد قوانغتشو للكيمياء الجيولوجية (GIG) التابع للأكاديمية الصينية للعلوم، وكورت كونهاوزر، الأستاذ في جامعة ألبرتا، إجابة على كيف يمكن لكائنات أن تتواجد تحت هذا العمق. نشرت نتائجهم في مجلة "ساينس أدفانسز" في 19 تموز، بحسب ما ذكرته صحيفة "SCMP" الصينية، واطلعت عليه "العربية Business". طاقة للحياة في الأعماقاكتشفوا أن النشاط الزلزالي والتشققات القشرية تعملان كمولد طبيعي، حيث تنتجان باستمرار طاقة للحياة في الأعماق. في الظلام الدامس، تولد التفاعلات الكيمياوية بين الصخور والماء طاقة. تعمل هذه العملية كالبطارية، حيث تنشئ أقطاباً موجبة وسالبة تحرك تدفق الإلكترونات - وهو جوهر عملية الأيض في الحياة، كما صرح تشو في بيان صحافي صادر عن GIG في 19 تموز. قام الفريق بمحاكاة معدن السيليكات الأكثر شيوعاً على الأرض، وهو الكوارتز، في المختبر لإعادة إنشاء نوعين أساسيين من كسور الصخور: الامتداد، حيث تتشقق الصخور فجأةً، معرضةً أسطحاً جديدةً للماء فوراً؛ وكسر القص، حيث تطحن الصدوع باستمرار، مسحقةً الصخور في الماء.يقسم كلا نوعي الكسور جزيئات الماء، منتجين غاز الهيدروجين وجزيئات الأكسجين التفاعلية. كانت الامتدادات فعالة بشكل خاص في تراكم بيروكسيد الهيدروجين. يتحد بيروكسيد الهيدروجين مع الهيدروجين المتولد لتكوين "ثنائي أكسدة-اختزال" طبيعي - وهو زوج من المواد الكيمياوية يحرك تفاعلات الاختزال-الأكسدة. أنتج هذا التفاعل طاقة كهربائية تصل إلى 0.82 فولت، وهي طاقة كافية لتشغيل معظم التفاعلات التي تحافظ على الحياة. يعد الحديد، أحد أكثر العناصر وفرةً على الأرض، ناقلاً أساسياً للطاقة. كميات ضئيلة من بيروكسيد الهيدروجين تؤكسد الحديد الثنائي الذائب وتحوله إلى حديد ثنائي. في الوقت نفسه، تعيد ذرات الهيدروجين التفاعلية الوفيرة، الناتجة أثناء تكسير الصخور، معادن الحديد الثنائي إلى حديد ثنائي ذائب. شبكة طاقة جوفيةينشئ هذا التدفق المستمر للإلكترونات "شبكة طاقة جوفية"، تنشط الحياة الميكروبية وتحرك الدورات الجيوكيمياوية للكربون والنيتروجين والكبريت. وكما هو مبين في تقرير "GIG"، اكتشف الفريق في عام 2023 أن المعادن المجهدة يمكنها إنتاج الأكسجين على أسطحها، متجاوزةً بذلك معدلات الإنتاج المتأتية من الكيمياء الضوئية الجوية. وأوضح تشو: "قد تفسر هذه الكيمياء الجذرية، التي أهملت لفترة طويلة، أصول الأكسجين والهيدروجين الأوليين على الأرض". "قد تكون الآلية الجوهرية التي تحرك التطور المشترك المبكر للمعادن والحياة".علاوة على ذلك، يوفر باطن الأرض العميق ملاذاً آمناً، محمياً من الأحداث الكارثية مثل الأشعة فوق البنفسجية الشديدة واصطدامات الكويكبات، مما يوفر بيئة حيوية لم تكتشف من قبل لنشأة الحياة وتطورها. تقيس الدراسة الطاقة، حيث يمكن لزلزال واحد متوسط أن يولد تدفقات هيدروجينية أكبر بـ 100,000 مرة من الإنتاج عبر التحليل الإشعاعي، والذي يتضمن انقسام جزيئات الماء من خلال الإشعاع المؤين، أو السربنتينية - وهو تفاعل كيمياوي بين الماء والصخور في درجات حرارة وضغوط عالية. يمكن لهذا التدفق المكثف من الطاقة أن يدعم بسهولة تجمعات من الميكروبات الكيمياوية التخليقية العميقة، وقد يؤدي حتى إلى تراكمات موضعية لغاز ثنائي الهيدروجين. ووفقاً لهي، "إن عملية تحويل الطاقة الميكانيكية إلى طاقة كيميائية ليست فريدة من نوعها على الأرض". وأضاف "إنها تنطبق على أجسام كوكبية أخرى مثل المريخ... وإنسيلادوس (قمر كوكب زحل). إن رصد إشارات مرتبطة بأزواج الأكسدة والاختزال - مثل الهيدروجين والميثان والأكسجين، أو تقلبات أكسدة الحديد - داخل مناطق الصدع المريخية قد يشير إلى وجود حياة نشطة تحت السطح". لذا، في المرة القادمة التي تشعر فيها بهزة زلزالية، تذكر: في أعماق الأرض، في ظلام دامس، قد تشعل الصخور المتناثرة شرارات الحياة. قد تكون العوالم الخفية داخل الأرض - وربما حتى المريخ - أكثر حيوية مما كنا نتخيل.


تيار اورغ
منذ 8 ساعات
- تيار اورغ
بعد زلزال روسيا.. علماء صينيون يكتشفون سر في باطن الأرض
تحت أقدامنا، في أعماق مظلمة كانت تعتبر قاحلة، يزدهر نظام بيئي شاسع ونابض بالحياة. كشفت دراسة رائدة أجراها علماء صينيون وكنديون عن "محرك الطاقة" المفاجئ الذي يغذي هذا المحيط الحيوي الخفي، والمتمثلة في تكسر وطحن قشرة الأرض أثناء الزلازل والتحولات التكتونية.وبعيداً عن تصور الروائي الفرنسي جول فيرن الخيالي في القرن التاسع عشر لحيوانات الماستودون واليعسوب العملاقة التي تعيش في غابات الفطر التي يتراوح ارتفاعها بين 9 و12 متراً في عالم جوفي مضاء. فقد كان العلم التقليدي يعتقد أنه على بعد كيلومترات تحت السطح، ومعزولة عن ضوء الشمس والمواد العضوية السطحية، لا يمكن للحياة أن توجد.ومع ذلك، أظهرت الاكتشافات الحديثة عن وجود غلاف حيوي عميق وضخم ونشط، يؤوي ما يقدر بنحو 95% من بدائيات النوى على الأرض، ويشكل ما يقرب من خُمس الكتلة الحيوية الإجمالية للأرض.تقدم دراسة أجراها تشو جيانشي وهي هونغ بينغ، الأستاذان في معهد قوانغتشو للكيمياء الجيولوجية (GIG) التابع للأكاديمية الصينية للعلوم، وكورت كونهاوزر، الأستاذ في جامعة ألبرتا، إجابة على كيف يمكن لكائنات أن تتواجد تحت هذا العمق. نشرت نتائجهم في مجلة "ساينس أدفانسز" في 19 تموز، بحسب ما ذكرته صحيفة "SCMP" الصينية، واطلعت عليه "العربية Business". طاقة للحياة في الأعماقاكتشفوا أن النشاط الزلزالي والتشققات القشرية تعملان كمولد طبيعي، حيث تنتجان باستمرار طاقة للحياة في الأعماق. في الظلام الدامس، تولد التفاعلات الكيمياوية بين الصخور والماء طاقة. تعمل هذه العملية كالبطارية، حيث تنشئ أقطاباً موجبة وسالبة تحرك تدفق الإلكترونات - وهو جوهر عملية الأيض في الحياة، كما صرح تشو في بيان صحافي صادر عن GIG في 19 تموز. قام الفريق بمحاكاة معدن السيليكات الأكثر شيوعاً على الأرض، وهو الكوارتز، في المختبر لإعادة إنشاء نوعين أساسيين من كسور الصخور: الامتداد، حيث تتشقق الصخور فجأةً، معرضةً أسطحاً جديدةً للماء فوراً؛ وكسر القص، حيث تطحن الصدوع باستمرار، مسحقةً الصخور في الماء.يقسم كلا نوعي الكسور جزيئات الماء، منتجين غاز الهيدروجين وجزيئات الأكسجين التفاعلية. كانت الامتدادات فعالة بشكل خاص في تراكم بيروكسيد الهيدروجين. يتحد بيروكسيد الهيدروجين مع الهيدروجين المتولد لتكوين "ثنائي أكسدة-اختزال" طبيعي - وهو زوج من المواد الكيمياوية يحرك تفاعلات الاختزال-الأكسدة. أنتج هذا التفاعل طاقة كهربائية تصل إلى 0.82 فولت، وهي طاقة كافية لتشغيل معظم التفاعلات التي تحافظ على الحياة. يعد الحديد، أحد أكثر العناصر وفرةً على الأرض، ناقلاً أساسياً للطاقة. كميات ضئيلة من بيروكسيد الهيدروجين تؤكسد الحديد الثنائي الذائب وتحوله إلى حديد ثنائي. في الوقت نفسه، تعيد ذرات الهيدروجين التفاعلية الوفيرة، الناتجة أثناء تكسير الصخور، معادن الحديد الثنائي إلى حديد ثنائي ذائب. شبكة طاقة جوفيةينشئ هذا التدفق المستمر للإلكترونات "شبكة طاقة جوفية"، تنشط الحياة الميكروبية وتحرك الدورات الجيوكيمياوية للكربون والنيتروجين والكبريت. وكما هو مبين في تقرير "GIG"، اكتشف الفريق في عام 2023 أن المعادن المجهدة يمكنها إنتاج الأكسجين على أسطحها، متجاوزةً بذلك معدلات الإنتاج المتأتية من الكيمياء الضوئية الجوية. وأوضح تشو: "قد تفسر هذه الكيمياء الجذرية، التي أهملت لفترة طويلة، أصول الأكسجين والهيدروجين الأوليين على الأرض". "قد تكون الآلية الجوهرية التي تحرك التطور المشترك المبكر للمعادن والحياة".علاوة على ذلك، يوفر باطن الأرض العميق ملاذاً آمناً، محمياً من الأحداث الكارثية مثل الأشعة فوق البنفسجية الشديدة واصطدامات الكويكبات، مما يوفر بيئة حيوية لم تكتشف من قبل لنشأة الحياة وتطورها. تقيس الدراسة الطاقة، حيث يمكن لزلزال واحد متوسط أن يولد تدفقات هيدروجينية أكبر بـ 100,000 مرة من الإنتاج عبر التحليل الإشعاعي، والذي يتضمن انقسام جزيئات الماء من خلال الإشعاع المؤين، أو السربنتينية - وهو تفاعل كيمياوي بين الماء والصخور في درجات حرارة وضغوط عالية. يمكن لهذا التدفق المكثف من الطاقة أن يدعم بسهولة تجمعات من الميكروبات الكيمياوية التخليقية العميقة، وقد يؤدي حتى إلى تراكمات موضعية لغاز ثنائي الهيدروجين. ووفقاً لهي، "إن عملية تحويل الطاقة الميكانيكية إلى طاقة كيميائية ليست فريدة من نوعها على الأرض". وأضاف "إنها تنطبق على أجسام كوكبية أخرى مثل المريخ... وإنسيلادوس (قمر كوكب زحل). إن رصد إشارات مرتبطة بأزواج الأكسدة والاختزال - مثل الهيدروجين والميثان والأكسجين، أو تقلبات أكسدة الحديد - داخل مناطق الصدع المريخية قد يشير إلى وجود حياة نشطة تحت السطح". لذا، في المرة القادمة التي تشعر فيها بهزة زلزالية، تذكر: في أعماق الأرض، في ظلام دامس، قد تشعل الصخور المتناثرة شرارات الحياة. قد تكون العوالم الخفية داخل الأرض - وربما حتى المريخ - أكثر حيوية مما كنا نتخيل.