logo
ذكرى عيد العرش المجيد في المغرب.. ملاحم متجددة من التنمية والتحديث والبناء

ذكرى عيد العرش المجيد في المغرب.. ملاحم متجددة من التنمية والتحديث والبناء

جريدة الرؤيةمنذ 4 أيام
طارق الحسيسن
يحتفل الشعب المغربي في الثلاثين من يوليو الجاري بالذكرى السادسة والعشرين لاعتلاء صاحب الجلالة الملك محمد السادس، نصره الله، عرش أسلافه الميامين، وهي مناسبة وطنية جليلة تحمل في طياتها العديد من الرموز والدلالات التي تعبر عن عمق أواصر الولاء والبيعة والتلاحم الوثيق بين العرش العلوي المجيد والشعب المغربي الوفي، وتكريس الالتزام الراسخ بمواصلة مسارات التنمية والبناء والتحديث، وتحقيق النموذج التنموي المغربي المتميز الذي أرسى دعائمه صاحب الجلالة، نصره الله، باعث نهضة المغرب الحديث، وفق مقاربة قوامها النمو الاقتصادي المستمر والتنمية المستدامة والتضامن الاجتماعي والحكامة الجيدة.
إن تخليد هذه الذكرى الغالية لعيد العرش المجيد، يشكل لدى كل المغاربة قاطبة مناسبة للتأمل في منجزات العهد الزاهر لصاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله، وهي لحظة سياسية مهمة لرسم معالم العشرية الثالثة من حكم جلالته الزاهر، والتي جعلت من إرساء الدولة الاجتماعية هدفا استراتيجيا ومحورا أساسيا لها يقوم على العدالة الاجتماعية والتنمية الاقتصادية والاجتماعية الشاملة، من خلال تعزيز المكتسبات المحققة، والعمل على انتهاج النموذج التنموي الجديد وفق الرؤية الملكية المتبصرة والسديدة.
على الصعيد الدبلوماسي، تواصل المملكة المغربية بقيادة صاحب الجلالة الملك محمد السادس، نصره الله، الإسهام الفاعل والمؤثر في القضايا الإقليمية والدولية، وفق رؤية ملكية سامية سديدة، مبنية على الحوار وحسن الجوار واحترام سيادة الدول ودعم الأمن والسلم الدوليين وتكريس التعاون الدولي وترقية حقوق الإنسان وتحقيق التنمية المستدامة. وفي هذا الإطار، فإن المغرب يعمل جاهدا، منذ سنوات، من أجل تفعيل الاتحاد المغاربي، وتعزيز العمل العربي المشترك، والدفاع عن القضايا المصيرية للأمتين العربية والإسلامية، وفي مقدمتها قضية الشعب الفلسطيني وحقه في إقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشريف في إطار حل الدولتين ووفقا للمرجعيات الأممية ذات الصلة. كما إن التوجه الإفريقي أضحى محددا ثابتا واستراتيجيا في السياسة الخارجية المغربية، والتي بفضل ديناميتها، حققت نتائج مهمة على مستوى دعم التنمية في عدد من البلدان الإفريقية، وفق قاعدة الكسب المشترك والمنفعة المتبادلة، والتنمية الجماعية المستدامة للقارة، وهو ما تمت بلورته فعليا وعلى أرض الواقع من خلال المبادرة الأطلسية التي أطلقها صاحب الجلالة الملك محمد السادس -نصره الله- لتعزيز ولوج دول الساحل إلى المحيط الأطلسي، وفق رؤية ملكية سامية طموحة ومبتكرة.
وفيما يخص واقع العلاقات المغربية العمانية وآفاقها، لا بد من التذكير أن هذه العلاقات الأخوية المتينة والراسخة والمتميزة بين البلدين الشقيقين والقائمة على الثقة المتبادلة والتعاون والتنسيق المثمر والبناء والتضامن المتواصل، عرفت وستعرف مزيدا من التقدم والتطوير إلى آفاق أرحب، في ظل القيادة الحكيمة والرشيدة لقائدي البلدين المبجلين صاحب الجلالة الملك محمد السادس -نصره الله، وأخيه صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم -حفظه الله ورعاه، والذي نتمنى لجلالته بهذه المناسبة السداد والتوفيق في قيادة الشعب العماني الشقيق نحو مزيد من التقدم والازدهار والرخاء.
وفي هذا الصدد، ينبغي التذكير أن العلاقات المغربية العمانية، تعززت خلال الفترة الأخيرة بالتوقيع -بمناسبة انعقاد الدورة السابعة للجنة المشتركة المغربية العمانية بمسقط بتاريخ 13 أبريل 2025، برئاسة معالي وزيري خارجية البلدين الشقيقين- على عدد من الاتفاقيات الثنائية ومذكرات التفاهم شملت العديد من القطاعات الحيوية والمهمة، كالرياضة والرقمنة وتبادل الخبرات بين وزارتي العدل بالبلدين ومجال الطاقة المتجددة والمجال السياحي والاعتراف بالشهادات الصادرة بموجب أحكام الاتفاقية الدولية لمعايير التدريب والإجازة والخفارة للملاحين لعام 1978 وتعديلاتها، إضافة إلى استمرار التشاور والتنسيق على مختلف المستويات بين مسؤولي البلدين الشقيقين، من أجل إبرام اتفاقيات جديدة تخص مجالات تعاون أخرى كالتعاون الأمني والعسكري وغيرها، فضلا عما تعرفه العلاقات الثقافية والعلمية من زخم متميز.
ويظل الطموح قائما للدفع بالعلاقات الاقتصادية بين البلدين الشقيقين إلى مستويات أرحب، خاصة في ظل توفر كل الظروف المواتية لتحقيق ذلك من موقع استراتيجي متميز، ومؤهلات اقتصادية كبيرة، وبيئة استثمارية جاذبة، فضلا عن وجود إطار قانوني غني يغطي كافة مجالات التعاون الثنائي بين البلدين الشقيقين.
وفي الختام، أغتنم هذه المناسبة لأتقدم إلى كافة أفراد الجالية المغربية المقيمة بسلطنة عمان، بأحر التهاني بهذه المناسبة الغالية، وأتمنى لهم مزيدا من التقدم والنجاح، كما لا يفوتني أن أعبِّر عن جزيل الشكر وعظيم الامتنان والتقدير العالي لكل المؤسسات والهيئات الرسمية والخاصة بهذه الأرض الطيبة المعطاء، التي أبت إلا أن تعبر لنا عن تهانيها بالذكرى السادسة والعشرين لعيد العرش المجيد.
**
سفير صاحب الجلالة ملك المغرب، عميد السلك الدبلوماسي
Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

جلالة السلطان يعود إلى أرض الوطن بعد زيارة خاصة للمملكة المتحدة
جلالة السلطان يعود إلى أرض الوطن بعد زيارة خاصة للمملكة المتحدة

عمان اليومية

timeمنذ ساعة واحدة

  • عمان اليومية

جلالة السلطان يعود إلى أرض الوطن بعد زيارة خاصة للمملكة المتحدة

جلالة السلطان يعود إلى أرض الوطن بعد زيارة خاصة للمملكة المتحدة العُمانية: بحمد الله وتوفيقه، عاد حضرة صاحب الجلالة السلطان ⁧‫هيثم بن طارق‬⁩ المعظم ـ حفظه الله ورعاه ـ إلى أرض الوطن بعد زيارة خاصة للمملكة المتحدة الصديقة. وفّق الله سلطان البلاد المعظم لتحقيق المزيد من التقدّم والإنجازات، وأحاطه بالحفظ والسّداد.

في الذكرى الأولى لاستشهاده.. إسماعيل هنية كما عرفته
في الذكرى الأولى لاستشهاده.. إسماعيل هنية كما عرفته

جريدة الرؤية

timeمنذ 4 ساعات

  • جريدة الرؤية

في الذكرى الأولى لاستشهاده.. إسماعيل هنية كما عرفته

المستشار د. أحمد يوسف لم يكن يخطر ببالي يومًا أن أكتب في رثاء الصديق والأخ إسماعيل هنية، "أبو العبد"؛ ذاك الذي كنت أراه أصغر من أن يُرثى، وأقرب إلى روح الحياة من أن يخطفه الموت بهذه الطريقة الفاجعة. لقد أصابت عملية اغتياله في طهران الجميع بالذهول، وأعادت مشاهد التغريبة الفلسطينية بكل ما فيها من جراح ونزيف ومآسٍ، فيما شيّعه الآلاف من رفاقه ومحبيه من إيران إلى قطر، حيث دُفن بين دعاء القلوب ودموع العيون. في الذكرى الأولى لاستشهاده، أجدني أسترجع ما يقارب العقدين من الزمن قضيناها معًا في ميادين العمل السياسي والفكري والتنظيمي، جمعتنا تفاصيل كثيرة من المسؤولية اليومية والحوارات والمواقف التي تكشف عن معدن هذا الرجل وعمق تجربته وإنسانيته. صفحات من الذاكرة لم أعرف الشهيد إسماعيل هنية عن قرب قبل الانتخابات التشريعية عام 2006، لكن خطاباته خلال الحملة كانت لافتة؛ يمتلك حنجرة قوية وكاريزما خطابية تلامس وجدان الجماهير، خاصة في الأوساط الإسلامية التي تهتم بقوة البيان وبلاغة الطرح. فاز هنية، كما فازت حماس، بأغلبية مفاجئة، وتشكلت الحكومة العاشرة التي كنت أحد مستشاريها السياسيين، بتكليف مباشر منه، في لقاء جمعنا في القاهرة. كان أبو العبد قريبًا من الجميع، هادئًا، مستمعًا جيدًا، وصاحب صدر رحب للحوار والتعدد. لم يكن رجل تصادم، بل رجل توازن، يسعى للتوفيق أكثر من فرض الرأي. تلك الروح التوافقية جعلته محبوبًا حتى عند خصومه، وكانت إحدى أبرز نقاط قوته. القيادة بالكاريزما والمرونة لم يكن هنية مجرد وجه إعلامي أو خطيب مفوه؛ بل كان سياسيًا حاذقًا، يتقن فن الإدارة واللعب ضمن تعقيدات المشهد الفلسطيني والإقليمي. كان -رحمه الله- يدرك أن السياسة ليست شعارات بل توازنات، ولهذا سعى بذكاء إلى فتح قنوات الحوار مع العالم الخارجي، والتواصل مع الدبلوماسيين والسفراء، رغم التحريض المتواصل ضده وضد الحكومة من قبل الاحتلال الإسرائيلي. كنت أرافقه في كثير من هذه اللقاءات، وأشهد له ببساطة التعبير، ورشاقة العرض، وقدرته على نقل الرسائل بلغة يفهمها الغرب دون أن يفرّط في ثوابت القضية. لم يكن يخشى النقد الداخلي، وإن ضاق به أحيانًا، لكنه بقي ثابتًا على قناعته بأهمية الانفتاح السياسي والدبلوماسي. وحدة لم تكتمل كانت العلاقات بين أبو العبد وعدد من قيادات حركة فتح، وعلى رأسهم الرئيس أبو مازن والنائب محمد دحلان، علاقات قديمة تتجاوز حدود الخصومة السياسية. لقد ظل أبو العبد يرفض الانزلاق إلى القطيعة، ويحرص على "شعرة معاوية"، حتى في أشد الأوقات حرجًا بعد الانقسام عام 2007. لم يُعرف عنه أنه أساء لخصومه، بل ظل متمسكًا بلغة الاحترام، محافظًا على ما تبقى من خيوط الوحدة الممكنة. ولكن الواقع الفلسطيني بانقسامه المعقّد لم يكن ليسمح بإصلاحٍ يسير، وقد باءت كل محاولاته -رغم إخلاصه- بالفشل، نظرًا لتشعب المصالح وتعقّد الحسابات. مدرسة الاعتدال داخل الحركة كان أبو العبد يمثل تيارًا معتدلًا داخل حركة حماس. وقد جلب عليه ذلك انتقادات المتشددين، خاصة مع ما كان يُكتب عني-كمستشار له- من توصيفات غربية مثل "الوجه الباسم لحماس" أو "الذي يهمس في أذن هنية". ورغم ذلك، كان يحتضن هذا التنوع داخل فريقه ويؤمن بأهمية تعدد الآراء. وقد ساعدت تجربته كابن للمخيم وصاحب مسيرة طويلة في النضال والميدان في أن يوازن بين منطق القيادة وشعور القرب من الناس. لم تكن المناصب عنده تشريفًا، بل تكليفًا، ولهذا بقي قريبًا من الجميع، يحمل همّ الوطن والمخيم والقضية في قلبه، دون أن تغريه الأضواء أو يفسده الكرسي. الإرث الذي تركه لا يمكن الحديث عن مسيرة أبي العبد دون التوقف عند محطات رئيسة: توليه رئاسة الوزراء، ثم قيادة الحركة سياسيًا، وصولًا إلى تمثيلها على المستوى الإقليمي والدولي. لقد عرّف العالم بحماس بلغة جديدة، وأكسبها حضورًا لم تكن تحظى به من قبل. فتح له خطاب الاعتدال أبواب العواصم العربية والإسلامية، واحتضنته القاهرة وتونس وقطر وتركيا، كما استقبله قادة الحركات الإسلامية والعلماء والدعاة باعتباره نموذجًا لحكم الإسلاميين عبر صناديق الاقتراع. وحتى في الغرب، حيث الصورة مشوّهة، استطاع أن يكسر بعض الحواجز، رغم حملات "الشيطنة" التي لم تهدأ. كلمة وداع في عام على استشهاده، لا يسعنا إلا أن نذكره بما له لا بما عليه. ليس من باب المجاملة، بل اعترافًا بالفضل، واحترامًا لما قدمه من تضحيات وخدمة، وبذل دمائه من أجل القضية والوطن. سيكتب التاريخ عن إسماعيل هنية أنه كان رجل وحدة، وأنه سعى -رغم كل المعوّقات- إلى تجاوز الانقسام. وستذكره الأجيال كقائد حمل همّ شعبه، وصبر على التجربة بكل ما فيها من تعقيد وضغوطات، دون أن يتخلى عن إنسانيته أو يُسقط البُعد الأخلاقي من العمل السياسي. رحم الله الأخ الشهيد، وتقبله في الصالحين، وألحقنا به على خير، وجعل من ذكراه منارة يهتدي بها القادة الجدد في درب التحرر والكرامة.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store