logo
هل يغرق ترامب العالم في عهد جديد من 'الافتراس'؟

هل يغرق ترامب العالم في عهد جديد من 'الافتراس'؟

الأيام٠٤-٠٣-٢٠٢٥

قالت صحيفة 'ليمانيتي' الفرنسية إنه خلال تمثيل عملية التخلي عن أوكرانيا أمام الكاميرات، يثبت الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، رغبته في خلق نظام عالمي جديد يسود فيه الاستغلال على القانون.
جاء ذلك، في تحليل بالعدد الأخير للصحيفة الفرنسية الصادر اليوم الإثنين، تحت عنوان 'بالتخلي عن أوكرانيا أمام الكاميرات.. ترامب يغرق العالم في عهد جديد من الافتراس'.
وأضافت الصحيفة، أنه 'أمام أعين العالم، تعرّضَ رئيس دولة ذات سيادة – فولوديمير زيلينسكي – للإذلال على يد رئيس ونائب رئيس القوة الرائدة في العالم – دونالد ترامب وجي دي فانس'، مشيرة إلى أن الأمر كان أشبه بمشهد في ساحة مدرسة، حيث يُوبّخ مدير المدرسة ونائبه طفلا سرقت منه بعض الكرات الزجاجية: 'سيتعين علينا أن نتغلب على هذا'.
وقال دونالد ترامب، الذي يسارع دائما إلى توفير خدمات ما بعد البيع لعروضه الخاصة، إنها 'لحظة تلفزيونية حقيقية'.
واعتبرت الصحيفة، أنه من الواضح أن نطاق القضية يتجاوز مجرد الخلاف. فلا شك في أن ما حصل يشكل علامة فارقة في حقبة جديدة في العلاقات الدولية.
وسجلت أن فولوديمير زيلينسكي يبدو أنه ما زال لديه بعض الأوهام بشأن موقف إدارة ترامب إلى درجة أنه جاء إلى واشنطن لطلب الدعم وإثارة اجتماع في المكتب البيضاوي أمام الكاميرات من أجل تمثيل ما اعتقد أنه يمكنه الحصول عليه.
فالرئيس الأوكراني يدفع ثمن 'سذاجته' نقدا، ومن الواضح أنه لم يكن مستعدا لهذا 'الفخ'، فقد تلعثم في نطق بعض الجمل ذات الأهمية الضئيلة، وضاع في معركة غير متوازنة مع مضيفيه، وفشل في تذكر بعض الحقائق الواضحة، بدءا بحقيقة انتهاك القانون الدولي، حسب تحليل الصحيفة.
وقالت الصحيفة إنه بحجر واحد – وقف إطلاق النار أو اتفاق عالمي – يريد الرئيس الأمريكي القومي قتل عدة عصافير.. فمن خلال اتهامه لفولوديمير زيلينسكي باللعب 'بالحرب العالمية الثالثة' و'بحياة الملايين من الناس'، يأمل ترامب في أن يظهر بمظهر 'صانع السلام' الذي وعد به خلال خطاب تنصيبه.
إن هذا الغطاء السلمي يخفي (بشكل سيئ) هدفا: الاستفادة من موقف أوكرانيا الضعيف للغاية للانخراط في عمليات ابتزاز واسعة النطاق ــ وهو أمر نادر الحدوث في تاريخ العلاقات الدولية، توضح الصحيفة الفرنسية.
في مقابل استمرار المساعدات الاقتصادية والعسكرية الأمريكية، والتي من دونها ستنهار أوكرانيا بالتأكيد في غضون أسابيع قليلة، يطالب دونالد ترامب بامتلاك المعادن النادرة على الأراضي الأوكرانية. تم التوصل إلى اتفاق 'مبدئي' بين البلدين، لكن في نهاية المطاف لم يتم التوقيع عليه، بسبب الخلاف في المكتب البيضاوي.
وينص الاتفاق على إنشاء 'صندوق استثماري' لإعادة إعمار أوكرانيا، حيث تساهم كل من الدولتين بنسبة 50%. ومن شأن هذا في الواقع أن يعمل كمضخة شفط للإيرادات من الموارد المعدنية الأوكرانية إلى واشنطن.
في حين قال فولوديمير زيلينسكي لهيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي)، يوم الأربعاء الماضي، إنه 'من المبكر للغاية الحديث عن المال'، فإن دونالد ترامب يفعل ذلك بالفعل. وحدد ترامب سقف 300 مليار دولار حتى تتمكن الولايات المتحدة من 'استعادة' الأموال التي دفعتها لأوكرانيا منذ العدوان الروسي في فبراير 2022.
ومضت صحيفة 'ليمانيتي' قائلة إنه كما جرت العادة، يكذب الرئيس الأمريكي بلا خجل لتحقيق أهدافه، ويذكر مبلغ 350 مليار دولار الذي دفعته الولايات المتحدة لأوكرانيا على مدى ثلاث سنوات – وهو مبلغ خيالي فشل فولوديمير زيلينسكي مرة أخرى في دحضه يوم الجمعة.
وترى الصحيفة، أن الواقع يكشف أن الكونغرس الأمريكي وافق على خمس حزم من المساعدات المالية والعسكرية بقيمة إجمالية بلغت 175 مليار دولار، ذهب جزء منها فقط (106 مليارات دولار) مباشرة إلى الحكومة الأوكرانية، بينما ذهب الباقي لتمويل شركات الأسلحة الأمريكية التي تزود أوكرانيا بالأسلحة.
ولكن ما هو الهدف الإستراتيجي لدونالد ترامب؟ ومن خلال التحالف مع فلاديمير بوتين، فهل يحاول إضعاف العلاقة بين روسيا والصين، حيث تعتبر الأخيرة التحدي الرئيسي الذي يواجه القوة الأمريكية في القرن الحادي والعشرين؟ تتساءل الصحيفة الفرنسية.
ويعكس هذا سوء فهم صارخ للعلاقة بين شي وبوتين والاعتماد الروسي الحالي على الصين. ولكن بوتين لن يقطع علاقته مع شي ليراهن على ترامب الذي لن يبقى في السلطة سوى بضع سنوات، وعلى سياسة أمريكية غير متوقعة.
لقد برز نموذج جديد للعلاقات الدولية، كما لاحظ رام إيمانويل على شبكة سي إن إن: 'أصبح الأمر الآن عبارة عن افتراس مقابل مبدأ'. من المؤكد أن رئيس الأركان السابق للرئيس باراك أوباما، والسفير السابق في اليابان، يريد أن يصدق أن أمريكا كانت دائما إلى جانب 'المبادئ' (التي تدحضها الحقائق التاريخية، من تشيلي في عهد بينوشيه، إلى الحرب في العراق التي شنها جورج دبليو بوش)، تتابع الصحيفة الفرنسية.
ولكن الولايات المتحدة الأمريكية تتولى الآن قيادة المعسكر المفترس، وهو ما يثير تساؤلات حول البنية الأمنية التي صممتها أمريكا في عهد فرانكلين ديلانو روزفلت.
وفي عالم 'متعدد الأقطاب'، يُنظر إلى التعددية باعتبارها عقبة أمام ممارسة القوة الأمريكية بحرية. وفي واشنطن، الشعارات هي 'القوة' و'الأحادية'.
وأخيرا، تقول الصحيفة الفرنسية إن التأكيد الوحشي على هيمنة الولايات المتحدة من خلال أسلوب ترامب قد يؤدي إلى عزلتها المتزايدة على الساحة الدولية.
وأكدت أن دعم جو بايدن غير المشروط لبنيامين نتنياهو وحربه الشاملة في غزة، ساهم بالفعل في تقويض سلطة (أو ما تبقى منها) 'منارة الديمقراطية' على الساحة الدولية.
إن البلد الذي يُهدد شركاءه (المكسيك وكندا)، ويتخلى عن حلفائه (أوروبا)، ويتخلى عن دولة تتعرض للهجوم (أوكرانيا)، لم يعد قادرا على تزيين نفسه بالتظاهر الأخلاقي، تختتم صحيفة 'ليمانيتي'.

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

ما هي الخطة المدعومة من أمريكا لمساعدات غزة ولماذا ترفضها الأمم المتحدة؟
ما هي الخطة المدعومة من أمريكا لمساعدات غزة ولماذا ترفضها الأمم المتحدة؟

بديل

timeمنذ ساعة واحدة

  • بديل

ما هي الخطة المدعومة من أمريكا لمساعدات غزة ولماذا ترفضها الأمم المتحدة؟

تهدف مؤسسة مدعومة من واشنطن إلى بدء العمل في غزة بحلول نهاية مايو للإشراف على نموذج جديد لتوزيع المساعدات، لكن الأمم المتحدة تقول إن الخطة تفتقر للنزاهة والحياد ولن تشارك فيها. وستشرف مؤسسة إغاثة غزة المدعومة من الولايات المتحدة على توصيل المساعدات في غزة، وأظهر السجل التجاري في جنيف أن المؤسسة أُنشئت في فبراير في سويسرا. وقال مصدر مطلع على الخطة إن المؤسسة تعتزم العمل مع شركتين أميركيتين خاصتين للأمن واللوجستيات، وهما (يو.جي سولوشنز) و(سيف ريتش سولوشنز). وقال مصدر ثان مطلع على الخطة إن مؤسسة إغاثة غزة تلقت بالفعل تعهدات بأكثر من 100 مليون دولار. ولم يتضح بعد مصدر هذه الأموال. وقالت دوروثي شيا القائمة بأعمال الممثل الدائم للولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة أمام مجلس الأمن في وقت سابق هذا الشهر إن مسؤولين أميركيين كبارا يعملون مع إسرائيل لتمكين المؤسسة من بدء العمل، وحثت الأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة على التعاون. وقالت إسرائيل إنها ستسمح للمؤسسة بأن تباشر عملها من دون المشاركة في إيصال المساعدات. قالت مؤسسة إغاثة غزة إن المؤسسة ستنفذ عملياتها في البداية من أربعة مواقع توزيع آمنة، ثلاثة في الجنوب وواحد في وسط غزة، وإنه سيجري 'خلال الشهر القادم افتتاح مواقع إضافية، بما في ذلك في شمال غزة'. وقال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يوم الخميس إن بناء مناطق التوزيع الأولى سيكتمل خلال الأيام المقبلة وإن إسرائيل تنوي إقامة مناطق آمنة واسعة جنوب غزة. وأضاف سينتقل السكان الفلسطينيون إلى هناك حفاظا على سلامتهم، بينما نخوض معارك في مناطق أخرى. وأكدت مؤسسة إغاثة غزة أنها لن تشارك أو تدعم أي شكل من أشكال التهجير القسري للمدنيين، وأنه لا يوجد حد لعدد المواقع التي يمكنها فتحها أو أماكنها. وذكرت في بيان ستستعين مؤسسة إغاثة غزة بمقاولين أمنيين لنقل المساعدات من المعابر الحدودية إلى مواقع التوزيع الآمنة. وبمجرد وصول المساعدات إلى المواقع، سيتم توزيعها مباشرة على سكان غزة بواسطة فرق إنسانية مدنية. وأعلن مندوب إسرائيل لدى الأمم المتحدة داني دانون أن بعض منظمات الإغاثة وافقت على العمل مع مؤسسة إغاثة غزة. ولم تعرف أسماء هذه المنظمات بعد. وأشارت المؤسسة إلى أنها تضع اللمسات الأخيرة على آليات إيصال المساعدات إلى من لا يستطيعون الوصول إلى مواقع التوزيع. وأضافت أنها لن تشارك أي معلومات شخصية عن متلقي المساعدات مع إسرائيل وأن الجيش الإسرائيلي 'لن يكون له وجود في المنطقة المجاورة مباشرة لمواقع التوزيع'. لماذا لن تتعاون الأمم المتحدة مع نموذج التوزيع الجديد؟ تقول الأمم المتحدة إن خطة التوزيع المدعومة من الولايات المتحدة لا تفي بمبادئ المنظمة الراسخة المتمثلة في النزاهة والحياد والاستقلالية. وقال توم فليتشر وكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية إنه لا ينبغي إضاعة الوقت على الاقتراح البديل. وفي إفادة قدمها فليتشر إلى مجلس الأمن، أوضح أن المشكلات في الخطة التي كانت إسرائيل أول من طرحها هي أنها تفرض مزيدا من النزوح. وتعرض آلاف الأشخاص للأذى… وتقصر المساعدات على جزء واحد فقط من غزة ولا تلبي الاحتياجات الماسة الأخرى. وتجعل المساعدات مقترنة بأهداف سياسية وعسكرية. وتجعل التجويع ورقة مساومة. - إشهار - وتقول الأمم المتحدة إن وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) هي العمود الفقري لعمليات الإغاثة في غزة. إلا أن إسرائيل تتهم الوكالة بالتحريض ضدها، وتتهم موظفيها بالتورط في أنشطة إرهابية. وتعهدت الأمم المتحدة بالتحقيق في جميع هذه الاتهامات. وتؤكد مؤسسة إغاثة غزة أن العمل مع إسرائيل لإيجاد 'حل عملي لا يعد انتهاكا للمبادئ الإنسانية'. لماذا طرحت خطة بديلة لتوزيع المساعدات؟ منعت إسرائيل دخول جميع المساعدات إلى غزة منذ الثاني من مارس متهمة حركة 'حماس' بسرقتها، وهو ما تنفيه الحركة. وتطالب إسرائيل بإطلاق سراح جميع الرهائن الذين جرى اقتيادهم لداخل غزة في هجوم السابع من أكتوبر 2023 على بلدات بجنوب إسرائيل والذي تقول إحصاءات إسرائيلية إنه أسفر عن مقتل 1200 شخص. واندلعت على إثر الهجوم الحرب في قطاع غزة التي قتل فيها 53 ألف شخص. وفي أوائل أبريل، اقترحت إسرائيل آلية منظمة للمراقبة ودخول المساعدات إلى غزة. لكن الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش سرعان ما رفضها وقال إنها تهدد بمزيد من القيود على المساعدات والسيطرة على كل سعرة حرارية وحبة دقيق. وأقر الرئيس الأميركي دونالد ترامب بأن الكثير من الناس يتضورون جوعا في غزة». ووسط جمود بشأن المقترح الإسرائيلي، دعمت واشنطن مؤسسة إغاثة غزة المنشأة حديثا للإشراف على توزيع المساعدات. وذكرت المؤسسة قبل أيام أنها تسعى إلى بدء العمل في غزة بحلول نهاية مايو أيار. في غضون ذلك، سمحت إسرائيل باستئناف دخول مساعدات محدودة بموجب الآليات القائمة حاليا. تقول الأمم المتحدة منذ اندلاع الصراع إن عمليتها الإنسانية في غزة تواجه مشاكل بسبب الحملة العسكرية الإسرائيلية والقيود التي تفرضها إسرائيل على الدخول إلى غزة والعمل في جميع أنحاء القطاع وعمليات نهب من قبل عصابات مسلحة. لكن الأمم المتحدة أكدت أن نظامها لتوزيع المساعدات فعال وأن الأمر ثبُت بصورة خاصة خلال وقف إطلاق النار الذي استمر شهرين قبل أن تستأنف إسرائيل العمليات العسكرية في منتصف مارس آذار. وكانت إسرائيل تفحص المساعدات وتوافق عليها أولا ثم تُنقل إلى داخل حدود غزة حيث تستلمها الأمم المتحدة وتوزعها. وقال المتحدث باسم الأمم المتحدة ستيفان دوجاريك يوم الاثنين 'يمكننا العودة إلى ذلك النظام. لدينا آلية تعمل. لسنا بحاجة إلى إعادة اختراع العجلة'. وأضاف 'لسنا بحاجة إلى شريك جديد في عمليات الإغاثة ليملي علينا كيفية أداء عملنا في غزة'.

الدكتور بنطلحة يكتب: جنوب إفريقيا في قفص الاتهام
الدكتور بنطلحة يكتب: جنوب إفريقيا في قفص الاتهام

مراكش الآن

timeمنذ 2 ساعات

  • مراكش الآن

الدكتور بنطلحة يكتب: جنوب إفريقيا في قفص الاتهام

د. محمد بنطلحة الدكالي – مدير المركز الوطني للدراسات والابحاث حول الصحراء استقبل الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، رئيس جنوب إفريقيا سيريل رامافوزا في البيت الأبيض، في وقت وصلت العلاقة بين البلدين إلى أدنى مستوياتها، في هذا الصدد أعلن مكتب رامافوزا في بيان أن «زيارة الدولة التي يقوم بها إلى الولايات المتحدة ستوفر منصة لإعادة ضبط العلاقات الاستراتيجية بين البلدين»، سيما وأن الولايات المتحدة تعتبر ثاني أكبر شريك تجاري لجنوب إفريقيا بعد الصين، بموجب قانون فرص النمو في إفريقيا المعفاة من الرسوم الجمركية الذي تم تقديمه عام2000. اللقاء/ الفخ، فاجأ به الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، نظيره الجنوب إفريقي سيريل رامافوزا خلال لقائهما في المكتب البيضاوي، حيث بدا الأخير مرتبكا وغير قادر على التعبير السليم، لقد كان يحاول جاهدا جمع أفكاره والبحث عن الكلمات المناسبة، سيما أن اللقاء جرى أمام وسائل الإعلام..! خلال اللقاء أحرج الرئيس الأمريكي نظيره سيريل رامافوزا بعرض صور ومقاطع فيديو تثبت وجود إبادة جماعية تستهدف البيض في جنوب إفريقيا، وفي إحدى اللقطات من الفيديو، ظهر جوليوس ماليما زعيم حزب المناضلون من أجل الحرية الاقتصادية، وهو يدلي بتصريحات اعتبرها ترامب داعمة للاتهامات الأمريكية بشأن تعرض المزارعين البيض لأعمال إبادة. لقد أكد الرئيس الأمريكي أمام رامافوزا ووسائل الإعلام أن:' إيجاد حل لمسألة البيض هناك سيجعل العلاقة جيدة بين البلدين، وأن عدم حلها سيعني نهاية جنوب إفريقيا' وفق تعبيره. لقد ترجمت إدارة ترامب غضبها بطرد السفير الجنوب إفريقي لدى الولايات المتحدة، وقرر وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو، عدم المشاركة في قمة وزراء خارجية مجموعة العشرين في جوهانسبورغ فبراير الماضي. وفي أبريل الماضي فرضت إدارة ترامب، رسوما جمركية بنسبة 30 في المائة على جميع السلع الجنوب إفريقية و25 في المائة إضافية على السيارات والمركبات، ممارفع إجمالي الضريبة عليها إلى55في المائة، كما وقع ترامب أمرا بوقف المساعدات لجنوب إفريقيا متهما إياها بالتعاون مع إيران لتطوير برنامج نووي. لقد وجه ترامب ضربة اقتصادية ضد جنوب إفريقيا، حيث وقع أمرا بتنفيذ وقف المساعدات الخارجية لمدة تسعين يوما، ما أدى إلى تعطيل تمويل برامج مكافحة أمراض قاتلة مثل الإيدز، حيث كانت الولايات المتحدة تمول نحو 18 في المائة من موازنة جنوب إفريقيا لمكافحة المرض، حيث تصنف جنوب إفريقيا أكبر مكان في العالم للمصابين بمرض نقص المناعة البشرية. سلسلة من الإجراءات الاقتصادية اتخذتها الإدارة الأمريكية ضد نظام جنوب إفريقيا الذي يعاني من ارتفاع معدلات البطالة التي تزيد على 30 في المائة، ومعدل نمو اقتصادي أقل من1 في المائة في المتوسط. تلك نكبة نظام جنوب إفريقيا، ولأن المصائب تأتي تباعا، تطالب «كيب الغربية» بالاستقلال عن جنوب إفريقيا.. نعم كما تدين تدان، لقد جاء في روضة العقلاء 'كما تدين تدان وبالكأس الذي تسقي به تشرب وزيادة لأن البادي لا بد له من أن يزاد'. تذكرت هذه الحكمة البليغة التي أوردها الشيباني وأنا أتصفح الأخبار القادمة من مختلف أنحاء العالم، وفحواها أن حركة 'ويسترن كيب' أو 'كيب الغربية' تطالب بالاستقلال عن دولة جنوب إفريقيا من خلال تنظيم استفتاء لتقرير المصير، وهو المطلب الذي يرفضه الحزب الحاكم في بريتوريا منذ سنوات. نعم محافظة كيب الغربية، التي تبلغ مساحتها حوالي 130 ألف كيلومتر مربع، والتي يقدر عدد سكانها بـ6,5 ملايين نسمة، والتي تحتضن مدينة كيب تاون، ثالث أكبر مدن جنوب إفريقيا، يتطلع شعبها إلى الاستقلال، لذلك انبرى فيها حزب 'كيب' إلى المناداة بالانفصال عن دولة جنوب إفريقيا وسط دعم شعبي يتزايد مع الأيام. ويرتكز هذا الحزب على الدستور الجنوب إفريقي لإعلان مطالبه بطرق سلمية، وتحديدا المادة 235، التي تسمح للشعوب المتميزة ثقافيا ولغويا بإنشاء دولة مستقلة، وهو الشيء الذي دفع زعيمه جاك ميلر إلى وصف جنوب إفريقيا بـ'الدولة الاستعمارية'. لذلك يطالب هذا الحزب بتنظيم استفتاء لتقرير المصير، وهو ما يرفضه الحزب الحاكم في بريتوريا (حزب المؤتمر الوطني الإفريقي)، بل رفض مجرد نقل سلطات معينة إلى حكومة المقاطعة مثل مجالات الشرطة والنقل العام. شعب منطقة كيب الغربية، الغني بموارده، يعاني أزمة اقتصادية واجتماعية مسّت كل جوانب الحياة وشملت جميع القطاعات، رغم القوة الاقتصادية لهذه المحافظة التي لا تتحكم حتى في ضرائبها، مما أدى إلى بلوغ معدل البطالة بها ما يزيد عن 25 بالمائة، وتفشت الجريمة بها بشكل كبير، حيث تسجل أعلى معدل لجرائم القتل في العالم، كما انهارت البنية التحتية والخدماتية، بل وصل الأمر إلى انقطاع التيار الكهربائي يوميا، ما أدى إلى خنق النمو الاقتصادي. ورغم هذه المعاناة يستمر نظام دولة جنوب إفريقيا في فرض الحصار على أحلام هذا الشعب، متحججا بكون دستوره ينص على تقرير المصير في إطار سيادة الدولة! في الوقت الذي يتبجح فيه مسؤولوه بالعديد من العنتريات السياسوية والشعارات البلهاء الفارغة، وينصبون أنفسهم حماة للعديد من الأوهام التي تجعلهم يتدخلون في سيادة الدول. ولكي لا نحرم أنفسنا من تتبع بعض اللحظات التراجيدية في مسرح التاريخ، أعلن الناطق الرسمي باسم الرئاسة في جنوب إفريقيا، فينيست ماغوينيا، أن للرئيس سيريل رامافوزا 'نظرة متشائمة للغاية' تجاه الزيارة التي تعتزم 'مجموعة الدفاع عن استقلال كيب' القيام بها شهر أبريل المقبل للولايات المتحدة لطلب انفصال كيب الغربية عن جنوب إفريقيا، منهيا حديثه بالقول: 'نحن نشكل مجتمعا ديمقراطيا ينبغي ألا يزج به في دوامة الانقسامات العرقية'. وأضاف 'لا يمكن السماح لأي جزء من البلاد بالانفصال'. في المقابل يقوم شعب ويسترن كيب بترويج حضاري وديمقراطي لحملته التحررية، لاسيما أنه يسعى من خلال ذلك للضغط على حكومة جنوب إفريقيا لاحترام المبادئ الديمقراطية وإجراء استفتاء حول استقلال الإقليم، علما أن توترات شابت مؤخرا العلاقة بين جنوب إفريقيا والولايات المتحدة الأمريكية، في أعقاب إصدار الرئيس جنوب الإفريقي قانون مصادرة الأراضي، علاوة على طرد السفير الجنوب إفريقي بالولايات المتحدة، إبراهيم رسول، مؤخرا بحجة أن قانون المصادرة الجنوب إفريقي ينتهك حقوق الإنسان ويصادر الأراضي بشكل تعسفي. حركة 'كيب الغربية'، التي يقودها الأفارقة البيض، تعتزم إجراء زيارة لواشنطن للحصول على دعم دونالد ترامب لهذه المطالب، حسبما أعلنته 'مجموعة الدفاع عن استقلال كيب '(GIAC). إنهم يعتزمون إرسال وفد يمثل شعبهم إلى الولايات المتحدة الأمريكية للقاء مسؤولين أمريكيين من أجل الدعم الدبلوماسي حتى يمكنهم إجراء استفتاء لاستقلال كيب. الرئيس الجنوب إفريقي سيريل رامافوزا، الذي يحلو له أن يقدم نفسه بكونه مناصر الشعوب التي تتوق إلى الاستقلال في إفريقيا، أكد أن 'أي جزء من جنوب إفريقيا لن يسمح له بالانفصال'، وهو ما يتناقض مع الحق في تقرير مصير الشعوب، الذي تتبجح به دولة جنوب إفريقيا انطلاقا من 'الالتزام الأخلاقي والقانوني الذي يقع على عاتق بلاده'، كما صرح بذلك مؤخرا دبلوماسي جنوب إفريقي حول الصحراء المغربية. شعب ويسترن كيب (WC) يطمح إلى تأسيس دولة ديمقراطية لأنه من خلال الاقتراع الذي أجرته جهات مستقلة أجمع أغلبية سكان كيب الغربية على دعم الاستفتاء حول مسألة استقلال كيب، وفي حالة الرفض أعلن أنه سيلجأ إلى الأمم المتحدة كما يملي ذلك القانون الدولي. بقي أن أشير إلى أن هذا الشعب المحتل يطالب بمد العون له جراء ما يعانيه من نظام دولة جنوب إفريقيا. المغرب دولة ذات دبلوماسية ثابتة ونهج سياسي واضح يرتكز على عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول، رغم تعرضه لحملات دعائية معادية من قبل جنوب إفريقيا. بقي أن أشير، أنه في بعض اللحظات التراجيدية في مسرح التاريخ حري بنا التملي في الحكمة التراثية البليغة: 'كما تدين تدان، وبالكأس الذي تسقي به تشرب وزيادة لأن البادي لا بد له من أن يزاد'، وهذا ما يرويه تاريخ الشعوب.

الأزمي: تضارب المصالح ينخر عمل الحكومة وملتمس الرقابة كان ضرورة سياسية ودستورية
الأزمي: تضارب المصالح ينخر عمل الحكومة وملتمس الرقابة كان ضرورة سياسية ودستورية

لكم

timeمنذ 3 ساعات

  • لكم

الأزمي: تضارب المصالح ينخر عمل الحكومة وملتمس الرقابة كان ضرورة سياسية ودستورية

أكد ادريس الأزمي الإدريسي، رئيس المجلس الوطني لحزب العدالة والتنمية، أن 'ملتمس الرقابة كان ضرورة سياسية ودستورية' أمام ما اعتبره إخفاقا شاملا للحكومة في تنفيذ برنامجها، مشيرا إلى أن الحكومة التي تم تنصيبها في أكتوبر 2021، لم تف بوعودها الأساسية بعد مضي أكثر من ثلاث سنوات، وأن 'أي حكومة لا تنجز التزاماتها يجب أن ترحل'. جاء ذلك في مداخلة ألقاها الأزمي، خلال ندوة صحفية حول 'ملتمس الرقابة' عقدها الحزب مساء الخميس 22 ماي الحالي، حيث استهل بتأكيد قاطع: 'نحن لا نقول إننا وصلنا إلى أزمة سياسية، لكننا على أبوابها'، مشيرا إلى أن هذا التقييم نابع من التراجع المستمر في ثقة المواطنين بالحكومة، وارتفاع مؤشرات القلق الاجتماعي والسياسي. وقال الأزمي إن فشل الحكومة يبرز في خمسة محاور كبرى، أولها عدم الوفاء بالتزامات البرنامج الحكومي، وعلى رأسها رفع معدل النمو إلى 4 بالمائة، وإحداث مليون منصب شغل، ورفع معدل النشاط النسائي من 20 إلى 30 بالمائة، وتعميم الحماية الاجتماعية، والنهوض بالقدرة الشرائية. وأضاف: 'عوضا عن ذلك، شهدنا انهيارا في عدد من المؤشرات: معدل البطالة ارتفع إلى 13.3 بالمائة، عدد العاطلين بلغ أكثر من مليون وستمائة ألف، بينما نسبة النشاط النسائي لم تتحرك، بل تراجعت، والفقر توسع بدل أن يتقلص'. أما المحور الثاني، فهو تفاقم العجز المالي، وأوضح الأزمي أن الحكومة رهنت المالية العمومية، قائلا: 'معدل المديونية بلغ مستويات غير مسبوقة، فقد ارتفعت الديون إلى 7.8 مليار دولار ما بين 2021 و2025، مقارنة بمعدل 3.2 مليار في الفترات السابقة'. وفي ما اعتبره ثالث المحاور، أشار الأزمي إلى ما سماه بـ'تعثر الإصلاحات الكبرى التي وعدت بها الحكومة، ولم تلمسها حتى من بعيد'، متهما إياها بإهدار فرص حقيقية لإجراء إصلاحات هيكلية كانت لتضع البلاد على سكة التوازن المالي والاجتماعي. ولم يخف الأزمي استياءه مما وصفه بـ'إفراغ المؤسسات الدستورية من مضمونها'، مضيفا: 'الدستور يمنح البرلمان أدوات رقابة واضحة، من بينها ملتمس الرقابة، لكن الحكومة تصر على مقاومة كل آلية من آليات المحاسبة، سواء عبر رفض الأسئلة، أو العرقلة داخل اللجان، أو التهرب من جلسات المساءلة'. وأشار في هذا الصدد إلى أن رئيس الحكومة لم يحضر إلا 28 مرة من أصل 64 جلسة دستورية كان يفترض أن يحضرها، مضيفا: 'وهذه الحضور كان جزئيا ومكررا، في مواضيع مريحة، مثل التعليم والصحة، دون أن يتطرق إلى القطاعات التي تعاني فعلا'. وانتقل الأزمي إلى المحور الرابع، وهو ما أسماه بـ'تغول الحكومة وتطبيعها مع الفساد'، قائلا: 'شهدنا خلال السنوات الأخيرة تناميا لحالات تضارب المصالح، ومنح صفقات عمومية لمقربين، بل إن بعض المستوردين الذين استفادوا من الدعم الحكومي في استيراد اللحوم هم برلمانيون'. وخص بالذكر ملف استيراد الأبقار والأغنام، قائلا: '40 بالمائة من الشركات التي استفادت من الدعم تم إنشاؤها بعد إعلان تدابير الدعم، وهذا مؤشر خطير على وجود نوايا ريعية واضحة'. وفي حديثه عن الزراعة، قدّم الأزمي أرقاما دقيقة: 'من 2021 إلى 2025، أنفقت الدولة 61.7 مليار درهم على القطاع الفلاحي، بما في ذلك 15 مليار على صندوق التنمية، و13 مليار على دعم الأعلاف، و8 مليارات على دعم استيراد الأبقار والأغنام'، متسائلا: 'أين ذهبت كل هذه الأموال، والمواطن لا يجد لحما بأسعار معقولة؟'. أما المحور الخامس الذي توقف عنده الأزمي فهو 'فشل الحكومة في تدبير الأزمات المستجدة'، وعلى رأسها الإضرابات العامة، وتداعيات الزلزال، وتعطيل ورش إصلاح التقاعد، والارتباك في دعم المتضررين. وقال: 'الإضراب العام، إضرابات الأطباء، المحامين، والتعليم، كلها مؤشرات على احتقان اجتماعي غير مسبوق، والحكومة لا تملك أي مقاربة جادة للتعامل معه'. وأبرز الأبعاد الدستورية لمبادرة ملتمس الرقابة، قائلا: 'الدستور يمنح البرلمان هذه الآلية من أجل حماية الديمقراطية، وليس فقط لإسقاط الحكومات. لذلك فإن التراجع عنها لأسباب حزبية ضيقة يضر بمصداقية المؤسسة التشريعية نفسها'. وأضاف: 'الحكومة فشلت، والبرلمان يجب أن يتحمل مسؤوليته الرقابية كاملة. أما المعارضة، فعليها أن ترتقي إلى مستوى انتظارات المغاربة، وتقطع مع منطق التموقع والمناورة'.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store