
الحب يحميك من أمراض القلب
أكد باحثون أمريكيون من جامعة ميشغين أن الارتباط بعلاقة عاطفية يقلل من احتمالات الإصابة بنوبات قلبية. وأشاروا إلى أنه من غير المرجح أن تتسبب نوبة قلبية في وفاة شخص إذا كان متزوجاً.
تقرير مراسل بي بي سي للشؤون العلمية محمد طه.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


BBC عربية
منذ 2 أيام
- BBC عربية
الحب يحميك من أمراض القلب
أكد باحثون أمريكيون من جامعة ميشغين أن الارتباط بعلاقة عاطفية يقلل من احتمالات الإصابة بنوبات قلبية. وأشاروا إلى أنه من غير المرجح أن تتسبب نوبة قلبية في وفاة شخص إذا كان متزوجاً. تقرير مراسل بي بي سي للشؤون العلمية محمد طه.


BBC عربية
منذ 2 أيام
- BBC عربية
هل زيوت البذور مضرة فعلاً بصحتك؟
أصبحت زيوت البذور مثل زيت الكانولا (اللفت) وزيت دوّار الشمس مؤخراً محط جدل واسع بسبب ادعاءات تتعلق بتأثيراتها السلبية على الصحة. لكن، هل هناك بالفعل ما يثبت صحة هذه المزاعم؟ ربما تحتفظ بزجاجة من زيت دوار الشمس أو الكانولا في خزانة مطبخك، سواء لاستخدامها في الطهي أو لإضافتها على السلطات. فزيوت البذور تُعد من المكونات الأساسية في المطابخ حول العالم. ورغم مظهرها البسيط، أصبحت هذه الزيوت في قلب نقاش محتدم على الإنترنت. ففي السنوات الأخيرة، أصبحت زيوت البذور هدفاً لموجة من المنشورات على وسائل التواصل الاجتماعي، يتهمها البعض بأنها "سامة" و"ضارة"، بل ويزعمون أنها تدمّر صحتنا على المدى الطويل. وذهب المنتقدون إلى إطلاق لقب "الثمانية المكروهة" على ثمانية أنواع من الزيوت النباتية الشائعة: الكانولا، والذرة، والقطن، وبذور العنب، والصويا، ونخالة الأرز، ودوار الشمس، والقرطم، متهمين إياها بالتسبب في أمراض القلب والسكري من النوع الثاني. فهل هذه الزيوت حقاً عدو يجب الحذر منه، أم أن الهجوم عليها يفتقر إلى الأساس العلمي؟ هل هناك علاقة بين زيوت البذور وصحة القلب؟ يتركز جزء كبير من الانتقادات الموجهة مؤخراً إلى زيوت البذور على محتواها العالي من أحماض أوميغا-6 الدهنية. وتُعد أحماض أوميغا-6 من الدهون الأساسية التي يحتاجها الجسم، لكنه لا يستطيع إنتاجها بنفسه. ورغم أهميتها، حذّر بعض العلماء في السنوات الأخيرة من أن الاستهلاك المفرط لأوميغا-6 قد يؤدي إلى التهابات مزمنة في الجسم، ما قد يزيد من خطر الإصابة بأمراض القلب والسرطان. لكن البروفيسور داريوش مظفريان، مدير "معهد الغذاء كدواء" بجامعة تافتس في ولاية ماساتشوستس الأمريكية، يؤكد أن التجارب السريرية الخاضعة للرقابة لم تجد دليلاً على أن أحماض أوميغا-6 تزيد من الالتهابات. ويقول مظفريان: "تشير الأبحاث الحديثة إلى أن أحماض أوميغا-6 تنتج جزيئات طبيعية فريدة مثل الليبوكسينات، التي تمتلك تأثيرات قوية مضادة للالتهابات داخل الجسم". وفي دراسة حديثة تابعت النظام الغذائي والصحة لأكثر من 200 ألف شخص في الولايات المتحدة على مدى نحو 30 عاماً، تبيّن أن من استهلكوا كميات أكبر من الزيوت النباتية (بما في ذلك زيوت البذور) كانوا أقل عرضة للوفاة بأمراض القلب أو السرطان. في المقابل، ارتبط تناول كميات أكبر من الزبدة بارتفاع خطر الوفاة خلال الفترة نفسها. هناك عدد كبير من الدراسات الرصدية التي تناولت تأثير أحماض أوميغا-6 الدهنية على صحة القلب، حيث يقوم الباحثون بتحليل بيانات حول الأنظمة الغذائية والصحة العامة لإيجاد روابط محتملة بينهما. لكن هذه الدراسات لا تخلو من التحديات، وفقاً لما يقوله الدكتور ماتي ماركلوند، أستاذ مساعد في تغذية الإنسان في كلية جونز هوبكنز بلومبيرغ للصحة العامة في الولايات المتحدة. ويشير ماركلوند إلى أن العديد من هذه الدراسات تعتمد على ما يذكره الناس بأنفسهم عن عاداتهم الغذائية، وهو ما قد يكون غير دقيق، إذ قد ينسى الأشخاص ما تناولوه فعلياً، أو قد لا يكونوا صادقين تماماً. ويوضح ماركلوند أن طريقة أخرى لقياس استهلاك أوميغا-6 هي عبر تحليل المكونات الغذائية المتناولة، وتقدير متوسط محتواها من هذه الأحماض. لكنه يضيف أن تحويل المعلومات التي يقدمها الأشخاص عن وجباتهم إلى كميات دقيقة يظل أمراً معقداً. تركز العديد من الدراسات على حمض اللينوليك، وهو أحد أحماض أوميغا-6 الدهنية المتوفرة بتركيز عالٍ في زيوت البذور. وقد أظهرت الأبحاث أن هذا الحمض يساعد في خفض مستويات الكوليسترول الضار (LDL) في الدم، وهو ما يعزز من صحته القلبية المحتملة. في دراسة نُشرت عام 2019، ركز ماركلوند على مستويات الأحماض الدهنية في دم المشاركين، بدلاً من الاعتماد على ما يصرح به الأفراد بشأن عاداتهم الغذائية. واعتمدت الدراسة على بيانات مأخوذة من نحو 30 دراسة رصدية، بعضها تتبّع المشاركين لمدة وصلت إلى 30 عاماً، حيث تم تحليل معدلات الإصابة بأمراض القلب والوفيات الناتجة عنها. وخلص ماركلوند إلى أن الأشخاص الذين كانت لديهم أعلى مستويات من حمض اللينوليك، كانوا الأقل عرضة للإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية. يقول كريستوفر غاردنر، مدير دراسات التغذية في مركز ستانفورد لأبحاث الوقاية في الولايات المتحدة، إن هناك بعض الالتباس فيما يتعلق بأوميغا 6 وصحة القلب. ويرجع ذلك جزئياً إلى دور أوميغا 6 في عملية تخثر الدم، والذي يربطه غاردنر خطأً بالسكتات الدماغية والنوبات القلبية فقط. ويضيف أن أوميغا 3 يميل إلى أن يكون أكثر تسييلًا للدم، ويقول: "إذا كان لديك جرح في يدك، فستريد أن يتجلط. أنت بحاجة إلى التوازن". وفي الوقت نفسه، خلص العلماء في تحليل أجري عام 2019 لـ 30 دراسة إلى أن الأشخاص الذين لديهم كميات أعلى من حمض اللينوليك في دمائهم كانوا أقل عرضة للإصابة بأمراض القلب بنسبة 7 في المئة. يقول ماركلوند: "قد يعمل حمض اللينوليك على تحسين الكوليسترول لتقليل خطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية، كما يعمل على تحسين عملية التمثيل الغذائي للجلوكوز، مما يقلل من خطر الإصابة بمرض السكري من النوع الثاني". زيوت البذور ونسبة 3:6 من الاتهامات الشائعة الموجهة إلى زيوت البذور أنها تُخلّ بتوازن الأحماض الدهنية في الجسم، إذ يُقال إن استهلاك كميات كبيرة من أوميغا-6 مقارنة بأوميغا-3 قد يكون ضاراً بالصحة. وفي العالم الغربي، تشكل أحماض أوميغا-6 الدهنية نحو 15 في المئة من إجمالي السعرات الحرارية المستهلكة. وتصل نسبة أوميغا-6 إلى أوميغا-3 لدى الشخص العادي إلى 50:1، في حين تشير إحدى الدراسات إلى أن النسبة المثلى للحد من خطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية يجب أن تكون أقرب إلى 4:1. أشارت دراسة وتحليل أجرتها منظمة الصحة العالمية عام 2022، إلى أن ارتفاع نسبة أوميغا 6:3 كان مرتبطاً بخطر أكبر للإصابة بالتدهور المعرفي والتهاب القولون التقرحي، وهو مرض التهابي مزمن في الأمعاء. من ناحية أخرى، ارتبط ارتفاع نسبة أوميغا 3:6 بانخفاض خطر الإصابة بالاكتئاب بنسبة 26 في المئة. إجمالاً، خلُص العلماء المشاركون في دراسة منظمة الصحة العالمية إلى أن تناول كميات كبيرة من أحماض أوميغا 6 الدهنية من زيوت البذور من غير المرجح أن يزيد من خطر الوفاة والمرض، لكنهم أشاروا إلى ضرورة إجراء المزيد من الأبحاث عالية الجودة. ولكن بينما يُجادل بعض العلماء بأنه لا ينبغي الإفراط في تناول أوميغا 6 مقارنةً بأوميغا 3، يُشير ماركلوند إلى أنه من الأفضل زيادة تناول أوميغا 3 بدلاً من استهلاك كمية أقل من أوميغا 6، إذ يرتبط كل منهما بفوائد صحية. كيفية معالجة زيوت البذور على عكس الزيوت الأخرى، تُستخرج زيوت البذور من بذور النباتات. هناك بعض المخاوف من استخلاص زيوت البذور باستخدام الهكسان، وهي مادة كيميائية تُستخرج من النفط الخام، ولكن لا توجد حتى الآن أدلة كافية تشير إلى أن هذه العملية قد تُسبب مشاكل. في حين تشير بعض الأدلة إلى أن الهكسان قد يكون مرتبطًا بالعديد من الحالات الصحية، إلا أنه بعد استخراجه، يتم إزالة الروائح الكريهة من الزيت وتبييضه لإزالة المواد المضافة. يوضح غاردنر: "سيقول العلماء إن مستخلص الهكسان طبيعي في معالجة الأغذية، وأن إزالة الروائح والتبييض يزيلان المركبات الضارة المحتملة". تتجنب زيوت البذور المعصورة على البارد هذه العملية تماماً، لأنها تتضمن عصر البذور لاستخراج الزيت، ولكن هذا يؤدي إلى ارتفاع تكلفة المنتج. هل يمكن لزيوت البذور أن تُعزز نمو الأورام؟ على الرغم من كثرة الأبحاث التي تُظهر الفوائد المُحتملة لأوميغا 6 على صحتنا، فقد وجد الباحثون مؤخراً أن هذا الحمض الدهني يُمكن أن يُعزز نمو نوع مُحدد من سرطان الثدي. قد يكون لهذه النتائج آثار على تأثير استهلاك أوميغا 6 على أمراض أخرى أيضاً. تستخدم الخلايا السرطانية العناصر الغذائية كوقود للنمو والتكاثر، ولكن حتى الآن، كانت هناك أبحاث محدودة تبحث في دور أحماض أوميغا 6 الدهنية. نشرت دراسة في مارس/آذار 2025، كشفت عن آلية يسهم من خلالها حمض اللينوليك، وهو أحد أحماض أوميغا-6 الدهنية، في نمو وتكاثر الخلايا السرطانية لدى مرضى سرطان الثدي الثلاثي السلبي (TNBC)، وهو أكثر أنواع المرض عدوانية، ولا يستجيب بشكل جيد للعلاجات الموجهة. ويقول نيكولاوس كونذوروس، الباحث المشارك في مركز وايل كورنيل للطب في نيويورك، إن دراسات سابقة تشير إلى عدم وجود علاقة بين أحماض أوميغا-6 وسرطان الثدي، أو وجود زيادة طفيفة في الخطر. لكنه يوضح أن هذه الدراسات لم تأخذ في الحسبان أن هناك أنواعاً فرعية متعددة من سرطان الثدي، تختلف فيما بينها من حيث معدلات النجاة والتشخيص واستجابتها للعلاج الموجه. ويضيف كونذوروس أن سرطان الثدي الثلاثي السلبي يبدو الأكثر تأثراً بحمض اللينوليك من نوع أوميغا-6. اكتشف نيكولاوس كونذوروس، إلى جانب فريق من الباحثين، في تجارب مخبرية أن خلايا سرطان الثدي الثلاثي السلبي (TNBC) تُفعّل مركباً بروتينياً مرتبطاً بنمو الورم وتقدّمه عند تزويدها بأحماض أوميغا-6 الدهنية. كما رصد الباحثون بروتيناً آخر يوجد بكميات أكبر في أورام TNBC مقارنة بأنواع سرطان الثدي الأخرى، ويُعرف هذا البروتين بقدرته على نقل الأحماض الدهنية والدهون داخل الجسم وداخل الخلايا إلى مواقعها الدقيقة. ويشير كونذوروس إلى أن هذه البروتينات، بالتعاون مع أوميغا-6، قد تكون ذات صلة أيضاً بأمراض مزمنة أخرى مثل السمنة والسكري من النوع الثاني. يقول كوندوروس إن هذا البحث قد يُسهم في تحسين خيارات العلاج المتاحة لمرضى سرطان الثدي الثلاثي السلبي، ولكنه لا يُغطي بالضرورة جميع الحالات. ويضيف: "من المهم أن نتذكر أن دهون أوميغا 6 ضرورية لسبب وجيه؛ فإذا امتنعنا عنها تماماً، فقد نتعرض لآثار جانبية ضارة". أي زيت بذور هو الأفضل؟ تمت دراسة بعض زيوت البذور، مثل زيت الكانولا وزيت الصويا، بشكل أوسع مقارنة بغيرها، ما يجعلها تستند إلى قاعدة علمية أكثر صلابة. يقول البروفيسور داريوش مظفريان: "كل من هذه الزيوت توفر مزيجاً متوازناً من الدهون الصحية، بما في ذلك الدهون الأحادية غير المشبعة، وأحماض أوميغا-6 الدهنية المتعددة غير المشبعة، وأحماض أوميغا-3". ويضيف مظفريان أن زيت الكانولا يتمتع بتأثيرات مضادة للالتهاب، ويُظهر تحسناً أكبر في مستويات كوليسترول الدم مقارنة بزيت الزيتون، الذي طالما اعتُبر الزيت الأكثر فائدة للصحة. أظهرت دراسة شاملة حللت نتائج 27 تجربة أن زيت الكانولا يقلل بشكل ملحوظ من مستويات الكوليسترول الضار مقارنة بزيت دوار الشمس والدهون المشبعة. كما أظهرت دراسة أخرى أن زيت الكانولا يخفض بشكل كبير الوزن، لا سيما لدى الأشخاص المصابين بالسكري من النوع الثاني. يقول البروفيسور داريوش مظفريان: "زيت الكانولا يقدم فوائد ممتازة لمستويات الكوليسترول في الدم، كما يساعد بشكل معتدل في تقليل الوزن. الدهون الصحية في زيت الكانولا، وخاصة أحماض أوميغا-6 الدهنية المتعددة غير المشبعة، تحسن أيضاً من مستوى الغلوكوز في الدم، ومقاومة الأنسولين، وإنتاج الأنسولين". كما وجد أن زيت الصويا يحسن مستويات الكوليسترول مقارنة بالدهون المشبعة. وأظهرت إحدى الدراسات أن الأشخاص الذين يستهلكون كميات أكبر من زيت الصويا لديهم خطر أقل للوفاة من جميع الأسباب، بانخفاض يصل إلى 6 في المئة عن كل 5 جرامات يستهلكونها يومياً. أي زيت بذور هو الأكثر صحة؟ يقول البروفيسور داريوش مظفريان: "البذور هي واحدة من أعظم هدايا الطبيعة المغذية؛ فهي تحتوي على دهون صحية مفيدة". ويضيف أن الرفض الكبير الذي تعرضت له هذه الزيوت، رغم الأبحاث الكثيرة التي أجريت عليها في علوم التغذية، شكل مصدر ارتباك لدى بعض العلماء. ويرى مظفريان أن هذا الالتباس قد نابع من "مزيج خاطئ من حقائق جزئية". على سبيل المثال، قد يربط بعض الناس زيوت البذور بالأطعمة فائقة المعالجة، التي غالباً ما تحتوي على زيوت بذور مثل الكانولا، والذرة، والصويا، وزيت دوار الشمس. في السنوات الأخيرة، كان هناك تركيز كبير على المخاطر الصحية المرتبطة بالإفراط في استهلاك هذه الأطعمة، بما في ذلك زيادة خطر الإصابة بمرض السكري من النوع الثاني وأمراض القلب. يقول مظفريان: "لكن هذه المخاطر تنشأ من الإفراط في تناول النشويات، والسكريات، والملح، وفقدان البنية الطبيعية للطعام، بالإضافة إلى عشرات أو حتى مئات من الإضافات الصناعية". وقد ربط بعض الأشخاص بين زيادة استهلاك زيوت البذور في السنوات الأخيرة وارتفاع معدلات السمنة والسكري. ويعلق غاردنر قائلاً: "إذا أردت ربط زيادة استهلاك زيوت البذور بنتائج صحية سلبية، فذلك لأننا نأكل أطعمة تحتوي عادةً على كميات كبيرة من السكر والصوديوم". ويضيف أن هناك العديد من الطرق لتناول زيوت البذور في المنزل دون الاعتماد على الأطعمة فائقة المعالجة، مثل إضافتها إلى السلطة أو استخدامها في القلي السريع. يقول غاردنر: "لا أريد أن أرى الناس يتخلون عن زيوت البذور بسبب هذه الحرب على زيوت البذور". وفي النهاية، بينما يدعو بعض العلماء إلى إجراء تجارب أكثر صرامة لدراسة تأثير استهلاك زيوت البذور على صحتنا، يرى آخرون، من بينهم ماركلوند، أن هناك بالفعل ثروة من الدراسات عالية الجودة التي تُظهر فوائد هذه الزيوت على مستويات الكوليسترول في الدم، والجلوكوز، والأنسولين لدى عامة السكان. ويؤكد ماركلوند قائلاً: "أحماض أوميغا-6 الدهنية ممتازة للصحة، وقد ارتبطت بانخفاض خطر الإصابة بأمراض القلب، والسكتة الدماغية، والسكري، وحتى الموت من جميع الأسباب".


BBC عربية
منذ 2 أيام
- BBC عربية
كيف يمكن لوالدين جدد أن يربيا أطفالهما بأسلوب مغاير لما نشآ عليه؟
أًصبحت أمّاً لأول مرة في عمر الرابعة والعشرين، ومنذ ذلك الحين، أي منذ ثلاث سنوات مضت، أقبع في دوامة الحنان والحزم، المرونة والانضباط، الصبر والضجر في تربية طفلي. أنا مثال للكثير من الأمهات اللاتي يصارعن من أجل تربية أطفالهن في زمن مغاير لما نشأنّ عليه. تُربكنا مصطلحات كـ"التربية الحديثة" التي لم يعرفها آباؤنا، ولم نجد من يطلعنا على أسرارها سوى بعض المقاطع المنشورة على مواقع التواصل الاجتماعي، والتي هي بالأساس توسّع الفجوة لدينا بين المثالية والواقع. وفي زمن كثرت فيه النصائح وإصدار الأحكام على الوالدين، يغفل محيطنا عن دعم جهد الأبوين، حتى وإن جاء الدعم على هيئة ثناء، فهو بالحقيقة يعني الشيء الكثير لنا. الأمم المتحدة وخصوصاً في اليوم العالمي للوالدين الذي يصادف الأول من يونيو/ حزيران، أطلقت شعار "تزويد الوالدين" لاحتفال هذا العام، للتركيز على حقيقة جوهرية مفادها أن "التربية مهارة مكتسبة". وتقول عبر موقعها الإلكتروني، إن "الآباء ومقدمي الرعاية في حاجة إلى الوقت والموارد والدعم المناسب لتربية أطفالهم في بيئة داعمة وإيجابية". ويتّفق خبراء تحدّثوا لبي بي سي، على أن مهارة التربية يجب تنميتها كأي مهارة أخرى نخضع لتدريبات من أجلها، لتأدية دور الأمومة والأبوة بأحسن حال. وهُنا يُخبرنا وليد والد الطفلة رفيف، في حديثه لبي بي سي أنه "على قناعة تامّة بأن التربية تحتاج مهارة فائقة ووعياً وصبراً وتعلّماً مستمراً، خصوصاً عندما تدرك أنك تساهم بشكل كبير في صقل شخصية طفلك". ويرى أن دور الأب في التربية لا يقتصر على تأمين الاحتياجات الأساسية للحياة، بل أيضاً على الحضور والمشاركة والمتابعة والاحتواء. ويمزج وليد بين الأساليب التي نشأ عليها وتلك المستجدة التي قد تكون برأيه، أكثر جدوى في التربية، خصوصاً أن هذا الجيل يُعاصر التطور التكنولوجي وثورة الذكاء الاصطناعي. "أوجد الأسلوب المناسب لك" وتعتقد نور والدة الطفلة قمر، أن أساليب التربية التي يتبعها الآباء تختلف تبعاً لعدد الأبناء. وترى-وهي أم لطفلة واحدة- أنها تعتمد أسلوباً مغايراً لذلك الذي نشأت عليه في طفولتها، إذ تربّت ضمن أسرة تضم إخوة وأخوات، ما فرض نمطاً تربوياً مختلفاً. وتقول في حديثها لبي بي سي، إن كل عائلة تعتمد أسلوباً خاصاً بها، دون تقمص أساليب عائلة أخرى، مظهرة إدراكها لكون التربية مهارة تتطور مع مرور الوقت. منى عوض الموجهة التربوية، تقول خلال حوارها مع بي بي سي إن "هناك أسلوبين متنافرين للتربية التي يلجأ إليهما الآباء الجدد، أحدهما يعتمد على ما تربوا عليه، والآخر يعتمد على استخدام أساليب جديدة أكثر إيجابية". وترفض عوض مصطلح "التربية الحديثة" بقولها: "لا يوجد تربية حديثه، بل هناك أساليب مناسبة للمرحلة العمرية للطفل تساعد الأهل على تمكينه". وتؤكد عوض ضرورة بحث كل عائلة عن الأساليب التي تناسبها والتي ستعكس هويتها التربوية، مبينةً أنه على الوالدين إدراك أهمية حصولهما على تدريبات تربوية. وتضيف: "أوجدوا الأسلوب المناسب لكم. لا يوجد أسلوب واحد مناسب للجميع، بل هناك ما يناسب والدين معينين وطفلهما وذلك من خلال المزج ما بين ما يناسب احتياجات الطفل وما يناسب رؤية الأهل لطفلهم وأهدافهم ومعتقداتهم وثقافتهم". وتلخص عوض احتياجات الأطفال للتربية السوية بـ : "كاسرو حلقة الممارسات التربوية السلبية" وتشير سيرسا قورشة أخصائية الطفولة والإرشاد الوالدي، إلى بروز جيل جديد من الأهالي يسعى لكسر حلقة الممارسات التربوية السلبية، رافضاً تكرار الأساليب التقليدية. وتوضح في حديثها لبي بي سي، أن الأهل اليوم أصبحوا أكثر وعياً بتصرفاتهم تجاه أبنائهم، ويعيدون النظر في أساليبهم التربوية التلقائية، خاصة تلك التي تُعد تكراراً للممارسات التي تعرضوا لها في طفولتهم. وتؤكد على أهمية توعية الأهل بالخصائص النمائية لأطفالهم في مختلف المراحل العمرية، مشيرة إلى أن عدم توافق توقعات الأهل مع قدرات الطفل يشكل ظلماً بحقه. وتوجه الأبوين إلى أخذ المعلومات من المصادر الموثوقة في الإنترنت، أو من الكتب العملة، أو حتى من خلال التوجه إلى مرشد تربوي. وتقول إن إصدار الأحكام بات شائعاً بسبب الصورة المثالية التي تروج لها وسائل التواصل الاجتماعي، والتي نادراً ما تعكس الواقع الفعلي لصعوبات التربية. وفي هذا السياق تقول منى عوض إن "ثقة الأهل تبدأ تزداد عندما يدركون الأساليب والأدوات التي يجب استعمالها مع كل مرحلة عمرية لطفلهم"، موضحة "إن كانت لديك ثقة بالأساليب التربوية لن تتأثر بالانتقادات". ويضيف والد رفيف: "ربما أدركتُ أخيراً أنني لست أبنائي، ولا يصح أن أسقط عليهم كل ما أحب أو أكره. فهم كيان مستقل، ومن حقهم أن تُمنح لهم المساحة الكافية لاكتشاف اهتماماتهم وتحديد مساراتهم الخاصة". ويبيّن أنه اطلع على العديد من المراجع لتطوير مهاراته التربوية، وأنه تابع عدة حلقات مصوّرة حول أساليب التربية والخصائص العمرية للطفل. ويتعامل، وفق قوله، بمرونة مع اختلاف الآراء التربوية ويتبنى منها ما يناسب قيمه، معرباً عن قناعته بأنه لا يوجد نمط تربوي واحد صحيح. التحديات التربوية وترى نور أن أكبر تحدٍ يواجهها في التربية، هو دخول ابنتها في نوبات غضب، بينما يجسّد وليد التحدي الأكبر لديه بكيفية التوفيق بين العمل والعائلة. وترى قورشة أن التحديات التربوية التي يواجهها الأهل اليوم متعددة، وتتأثر بعدة عوامل معاصرة. وتوضح أن من أبرز هذه التحديات "رغبة الأهل في إيجاد حلول سريعة للمشكلات السلوكية، نتيجة لتأثرهم بعصر السرعة والتكنولوجيا، مما يؤدي إلى تجاهل أهمية الصبر والاستمرارية في التربية". كما تشير إلى أن الضغط الناتج عن وتيرة الحياة الحديثة قلّل من تقدير الأهل لأهمية الوقت والجهد المطلوبين في تربية الأطفال، خاصة فيما يتعلق بضبط انفعال الأطفال، وهو ما يتطلب تكراراً وتعليماً مستمراً، وفق قورشة. وتحذر كذلك من الآثار السلبية المتراكمة لاستخدام الأطفال المفرط للتكنولوجيا والوقت الذي يقضونه أمام الشاشات، مؤكدة أن ذلك ينعكس سلباً على سلوكهم وتطورهم النفسي والاجتماعي. أمّا الآن، وبعد كل ما مررتُ به من تساؤلات وتجارب وتحديات في مشواري كأم، أدرك أن طلب الدعم ليس ضعفاً، بل هو شجاعة ومسؤولية. لذا، أتطلّع بشغف إلى جلستي التدريبية المقبلة مع الأخصائية التربوية، آملةً أن تمنحني فهماً أعمق لخصائص المراحل العمرية المختلفة، بما يساعدني على اختيار الأساليب التربوية الأنسب لطفلي.