
هل زيوت البذور مضرة فعلاً بصحتك؟
أصبحت زيوت البذور مثل زيت الكانولا (اللفت) وزيت دوّار الشمس مؤخراً محط جدل واسع بسبب ادعاءات تتعلق بتأثيراتها السلبية على الصحة. لكن، هل هناك بالفعل ما يثبت صحة هذه المزاعم؟
ربما تحتفظ بزجاجة من زيت دوار الشمس أو الكانولا في خزانة مطبخك، سواء لاستخدامها في الطهي أو لإضافتها على السلطات. فزيوت البذور تُعد من المكونات الأساسية في المطابخ حول العالم.
ورغم مظهرها البسيط، أصبحت هذه الزيوت في قلب نقاش محتدم على الإنترنت.
ففي السنوات الأخيرة، أصبحت زيوت البذور هدفاً لموجة من المنشورات على وسائل التواصل الاجتماعي، يتهمها البعض بأنها "سامة" و"ضارة"، بل ويزعمون أنها تدمّر صحتنا على المدى الطويل.
وذهب المنتقدون إلى إطلاق لقب "الثمانية المكروهة" على ثمانية أنواع من الزيوت النباتية الشائعة: الكانولا، والذرة، والقطن، وبذور العنب، والصويا، ونخالة الأرز، ودوار الشمس، والقرطم، متهمين إياها بالتسبب في أمراض القلب والسكري من النوع الثاني.
فهل هذه الزيوت حقاً عدو يجب الحذر منه، أم أن الهجوم عليها يفتقر إلى الأساس العلمي؟
هل هناك علاقة بين زيوت البذور وصحة القلب؟
يتركز جزء كبير من الانتقادات الموجهة مؤخراً إلى زيوت البذور على محتواها العالي من أحماض أوميغا-6 الدهنية.
وتُعد أحماض أوميغا-6 من الدهون الأساسية التي يحتاجها الجسم، لكنه لا يستطيع إنتاجها بنفسه. ورغم أهميتها، حذّر بعض العلماء في السنوات الأخيرة من أن الاستهلاك المفرط لأوميغا-6 قد يؤدي إلى التهابات مزمنة في الجسم، ما قد يزيد من خطر الإصابة بأمراض القلب والسرطان.
لكن البروفيسور داريوش مظفريان، مدير "معهد الغذاء كدواء" بجامعة تافتس في ولاية ماساتشوستس الأمريكية، يؤكد أن التجارب السريرية الخاضعة للرقابة لم تجد دليلاً على أن أحماض أوميغا-6 تزيد من الالتهابات.
ويقول مظفريان: "تشير الأبحاث الحديثة إلى أن أحماض أوميغا-6 تنتج جزيئات طبيعية فريدة مثل الليبوكسينات، التي تمتلك تأثيرات قوية مضادة للالتهابات داخل الجسم".
وفي دراسة حديثة تابعت النظام الغذائي والصحة لأكثر من 200 ألف شخص في الولايات المتحدة على مدى نحو 30 عاماً، تبيّن أن من استهلكوا كميات أكبر من الزيوت النباتية (بما في ذلك زيوت البذور) كانوا أقل عرضة للوفاة بأمراض القلب أو السرطان. في المقابل، ارتبط تناول كميات أكبر من الزبدة بارتفاع خطر الوفاة خلال الفترة نفسها.
هناك عدد كبير من الدراسات الرصدية التي تناولت تأثير أحماض أوميغا-6 الدهنية على صحة القلب، حيث يقوم الباحثون بتحليل بيانات حول الأنظمة الغذائية والصحة العامة لإيجاد روابط محتملة بينهما.
لكن هذه الدراسات لا تخلو من التحديات، وفقاً لما يقوله الدكتور ماتي ماركلوند، أستاذ مساعد في تغذية الإنسان في كلية جونز هوبكنز بلومبيرغ للصحة العامة في الولايات المتحدة.
ويشير ماركلوند إلى أن العديد من هذه الدراسات تعتمد على ما يذكره الناس بأنفسهم عن عاداتهم الغذائية، وهو ما قد يكون غير دقيق، إذ قد ينسى الأشخاص ما تناولوه فعلياً، أو قد لا يكونوا صادقين تماماً.
ويوضح ماركلوند أن طريقة أخرى لقياس استهلاك أوميغا-6 هي عبر تحليل المكونات الغذائية المتناولة، وتقدير متوسط محتواها من هذه الأحماض. لكنه يضيف أن تحويل المعلومات التي يقدمها الأشخاص عن وجباتهم إلى كميات دقيقة يظل أمراً معقداً.
تركز العديد من الدراسات على حمض اللينوليك، وهو أحد أحماض أوميغا-6 الدهنية المتوفرة بتركيز عالٍ في زيوت البذور. وقد أظهرت الأبحاث أن هذا الحمض يساعد في خفض مستويات الكوليسترول الضار (LDL) في الدم، وهو ما يعزز من صحته القلبية المحتملة.
في دراسة نُشرت عام 2019، ركز ماركلوند على مستويات الأحماض الدهنية في دم المشاركين، بدلاً من الاعتماد على ما يصرح به الأفراد بشأن عاداتهم الغذائية.
واعتمدت الدراسة على بيانات مأخوذة من نحو 30 دراسة رصدية، بعضها تتبّع المشاركين لمدة وصلت إلى 30 عاماً، حيث تم تحليل معدلات الإصابة بأمراض القلب والوفيات الناتجة عنها.
وخلص ماركلوند إلى أن الأشخاص الذين كانت لديهم أعلى مستويات من حمض اللينوليك، كانوا الأقل عرضة للإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية.
يقول كريستوفر غاردنر، مدير دراسات التغذية في مركز ستانفورد لأبحاث الوقاية في الولايات المتحدة، إن هناك بعض الالتباس فيما يتعلق بأوميغا 6 وصحة القلب.
ويرجع ذلك جزئياً إلى دور أوميغا 6 في عملية تخثر الدم، والذي يربطه غاردنر خطأً بالسكتات الدماغية والنوبات القلبية فقط.
ويضيف أن أوميغا 3 يميل إلى أن يكون أكثر تسييلًا للدم، ويقول: "إذا كان لديك جرح في يدك، فستريد أن يتجلط. أنت بحاجة إلى التوازن".
وفي الوقت نفسه، خلص العلماء في تحليل أجري عام 2019 لـ 30 دراسة إلى أن الأشخاص الذين لديهم كميات أعلى من حمض اللينوليك في دمائهم كانوا أقل عرضة للإصابة بأمراض القلب بنسبة 7 في المئة.
يقول ماركلوند: "قد يعمل حمض اللينوليك على تحسين الكوليسترول لتقليل خطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية، كما يعمل على تحسين عملية التمثيل الغذائي للجلوكوز، مما يقلل من خطر الإصابة بمرض السكري من النوع الثاني".
زيوت البذور ونسبة 3:6
من الاتهامات الشائعة الموجهة إلى زيوت البذور أنها تُخلّ بتوازن الأحماض الدهنية في الجسم، إذ يُقال إن استهلاك كميات كبيرة من أوميغا-6 مقارنة بأوميغا-3 قد يكون ضاراً بالصحة.
وفي العالم الغربي، تشكل أحماض أوميغا-6 الدهنية نحو 15 في المئة من إجمالي السعرات الحرارية المستهلكة. وتصل نسبة أوميغا-6 إلى أوميغا-3 لدى الشخص العادي إلى 50:1، في حين تشير إحدى الدراسات إلى أن النسبة المثلى للحد من خطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية يجب أن تكون أقرب إلى 4:1.
أشارت دراسة وتحليل أجرتها منظمة الصحة العالمية عام 2022، إلى أن ارتفاع نسبة أوميغا 6:3 كان مرتبطاً بخطر أكبر للإصابة بالتدهور المعرفي والتهاب القولون التقرحي، وهو مرض التهابي مزمن في الأمعاء.
من ناحية أخرى، ارتبط ارتفاع نسبة أوميغا 3:6 بانخفاض خطر الإصابة بالاكتئاب بنسبة 26 في المئة.
إجمالاً، خلُص العلماء المشاركون في دراسة منظمة الصحة العالمية إلى أن تناول كميات كبيرة من أحماض أوميغا 6 الدهنية من زيوت البذور من غير المرجح أن يزيد من خطر الوفاة والمرض، لكنهم أشاروا إلى ضرورة إجراء المزيد من الأبحاث عالية الجودة.
ولكن بينما يُجادل بعض العلماء بأنه لا ينبغي الإفراط في تناول أوميغا 6 مقارنةً بأوميغا 3، يُشير ماركلوند إلى أنه من الأفضل زيادة تناول أوميغا 3 بدلاً من استهلاك كمية أقل من أوميغا 6، إذ يرتبط كل منهما بفوائد صحية.
كيفية معالجة زيوت البذور
على عكس الزيوت الأخرى، تُستخرج زيوت البذور من بذور النباتات. هناك بعض المخاوف من استخلاص زيوت البذور باستخدام الهكسان، وهي مادة كيميائية تُستخرج من النفط الخام، ولكن لا توجد حتى الآن أدلة كافية تشير إلى أن هذه العملية قد تُسبب مشاكل.
في حين تشير بعض الأدلة إلى أن الهكسان قد يكون مرتبطًا بالعديد من الحالات الصحية، إلا أنه بعد استخراجه، يتم إزالة الروائح الكريهة من الزيت وتبييضه لإزالة المواد المضافة.
يوضح غاردنر: "سيقول العلماء إن مستخلص الهكسان طبيعي في معالجة الأغذية، وأن إزالة الروائح والتبييض يزيلان المركبات الضارة المحتملة".
تتجنب زيوت البذور المعصورة على البارد هذه العملية تماماً، لأنها تتضمن عصر البذور لاستخراج الزيت، ولكن هذا يؤدي إلى ارتفاع تكلفة المنتج.
هل يمكن لزيوت البذور أن تُعزز نمو الأورام؟
على الرغم من كثرة الأبحاث التي تُظهر الفوائد المُحتملة لأوميغا 6 على صحتنا، فقد وجد الباحثون مؤخراً أن هذا الحمض الدهني يُمكن أن يُعزز نمو نوع مُحدد من سرطان الثدي. قد يكون لهذه النتائج آثار على تأثير استهلاك أوميغا 6 على أمراض أخرى أيضاً.
تستخدم الخلايا السرطانية العناصر الغذائية كوقود للنمو والتكاثر، ولكن حتى الآن، كانت هناك أبحاث محدودة تبحث في دور أحماض أوميغا 6 الدهنية.
نشرت دراسة في مارس/آذار 2025، كشفت عن آلية يسهم من خلالها حمض اللينوليك، وهو أحد أحماض أوميغا-6 الدهنية، في نمو وتكاثر الخلايا السرطانية لدى مرضى سرطان الثدي الثلاثي السلبي (TNBC)، وهو أكثر أنواع المرض عدوانية، ولا يستجيب بشكل جيد للعلاجات الموجهة.
ويقول نيكولاوس كونذوروس، الباحث المشارك في مركز وايل كورنيل للطب في نيويورك، إن دراسات سابقة تشير إلى عدم وجود علاقة بين أحماض أوميغا-6 وسرطان الثدي، أو وجود زيادة طفيفة في الخطر. لكنه يوضح أن هذه الدراسات لم تأخذ في الحسبان أن هناك أنواعاً فرعية متعددة من سرطان الثدي، تختلف فيما بينها من حيث معدلات النجاة والتشخيص واستجابتها للعلاج الموجه.
ويضيف كونذوروس أن سرطان الثدي الثلاثي السلبي يبدو الأكثر تأثراً بحمض اللينوليك من نوع أوميغا-6.
اكتشف نيكولاوس كونذوروس، إلى جانب فريق من الباحثين، في تجارب مخبرية أن خلايا سرطان الثدي الثلاثي السلبي (TNBC) تُفعّل مركباً بروتينياً مرتبطاً بنمو الورم وتقدّمه عند تزويدها بأحماض أوميغا-6 الدهنية.
كما رصد الباحثون بروتيناً آخر يوجد بكميات أكبر في أورام TNBC مقارنة بأنواع سرطان الثدي الأخرى، ويُعرف هذا البروتين بقدرته على نقل الأحماض الدهنية والدهون داخل الجسم وداخل الخلايا إلى مواقعها الدقيقة.
ويشير كونذوروس إلى أن هذه البروتينات، بالتعاون مع أوميغا-6، قد تكون ذات صلة أيضاً بأمراض مزمنة أخرى مثل السمنة والسكري من النوع الثاني.
يقول كوندوروس إن هذا البحث قد يُسهم في تحسين خيارات العلاج المتاحة لمرضى سرطان الثدي الثلاثي السلبي، ولكنه لا يُغطي بالضرورة جميع الحالات.
ويضيف: "من المهم أن نتذكر أن دهون أوميغا 6 ضرورية لسبب وجيه؛ فإذا امتنعنا عنها تماماً، فقد نتعرض لآثار جانبية ضارة".
أي زيت بذور هو الأفضل؟
تمت دراسة بعض زيوت البذور، مثل زيت الكانولا وزيت الصويا، بشكل أوسع مقارنة بغيرها، ما يجعلها تستند إلى قاعدة علمية أكثر صلابة.
يقول البروفيسور داريوش مظفريان: "كل من هذه الزيوت توفر مزيجاً متوازناً من الدهون الصحية، بما في ذلك الدهون الأحادية غير المشبعة، وأحماض أوميغا-6 الدهنية المتعددة غير المشبعة، وأحماض أوميغا-3".
ويضيف مظفريان أن زيت الكانولا يتمتع بتأثيرات مضادة للالتهاب، ويُظهر تحسناً أكبر في مستويات كوليسترول الدم مقارنة بزيت الزيتون، الذي طالما اعتُبر الزيت الأكثر فائدة للصحة.
أظهرت دراسة شاملة حللت نتائج 27 تجربة أن زيت الكانولا يقلل بشكل ملحوظ من مستويات الكوليسترول الضار مقارنة بزيت دوار الشمس والدهون المشبعة.
كما أظهرت دراسة أخرى أن زيت الكانولا يخفض بشكل كبير الوزن، لا سيما لدى الأشخاص المصابين بالسكري من النوع الثاني.
يقول البروفيسور داريوش مظفريان: "زيت الكانولا يقدم فوائد ممتازة لمستويات الكوليسترول في الدم، كما يساعد بشكل معتدل في تقليل الوزن. الدهون الصحية في زيت الكانولا، وخاصة أحماض أوميغا-6 الدهنية المتعددة غير المشبعة، تحسن أيضاً من مستوى الغلوكوز في الدم، ومقاومة الأنسولين، وإنتاج الأنسولين".
كما وجد أن زيت الصويا يحسن مستويات الكوليسترول مقارنة بالدهون المشبعة.
وأظهرت إحدى الدراسات أن الأشخاص الذين يستهلكون كميات أكبر من زيت الصويا لديهم خطر أقل للوفاة من جميع الأسباب، بانخفاض يصل إلى 6 في المئة عن كل 5 جرامات يستهلكونها يومياً.
أي زيت بذور هو الأكثر صحة؟
يقول البروفيسور داريوش مظفريان: "البذور هي واحدة من أعظم هدايا الطبيعة المغذية؛ فهي تحتوي على دهون صحية مفيدة".
ويضيف أن الرفض الكبير الذي تعرضت له هذه الزيوت، رغم الأبحاث الكثيرة التي أجريت عليها في علوم التغذية، شكل مصدر ارتباك لدى بعض العلماء. ويرى مظفريان أن هذا الالتباس قد نابع من "مزيج خاطئ من حقائق جزئية".
على سبيل المثال، قد يربط بعض الناس زيوت البذور بالأطعمة فائقة المعالجة، التي غالباً ما تحتوي على زيوت بذور مثل الكانولا، والذرة، والصويا، وزيت دوار الشمس.
في السنوات الأخيرة، كان هناك تركيز كبير على المخاطر الصحية المرتبطة بالإفراط في استهلاك هذه الأطعمة، بما في ذلك زيادة خطر الإصابة بمرض السكري من النوع الثاني وأمراض القلب.
يقول مظفريان: "لكن هذه المخاطر تنشأ من الإفراط في تناول النشويات، والسكريات، والملح، وفقدان البنية الطبيعية للطعام، بالإضافة إلى عشرات أو حتى مئات من الإضافات الصناعية".
وقد ربط بعض الأشخاص بين زيادة استهلاك زيوت البذور في السنوات الأخيرة وارتفاع معدلات السمنة والسكري.
ويعلق غاردنر قائلاً: "إذا أردت ربط زيادة استهلاك زيوت البذور بنتائج صحية سلبية، فذلك لأننا نأكل أطعمة تحتوي عادةً على كميات كبيرة من السكر والصوديوم".
ويضيف أن هناك العديد من الطرق لتناول زيوت البذور في المنزل دون الاعتماد على الأطعمة فائقة المعالجة، مثل إضافتها إلى السلطة أو استخدامها في القلي السريع.
يقول غاردنر: "لا أريد أن أرى الناس يتخلون عن زيوت البذور بسبب هذه الحرب على زيوت البذور".
وفي النهاية، بينما يدعو بعض العلماء إلى إجراء تجارب أكثر صرامة لدراسة تأثير استهلاك زيوت البذور على صحتنا، يرى آخرون، من بينهم ماركلوند، أن هناك بالفعل ثروة من الدراسات عالية الجودة التي تُظهر فوائد هذه الزيوت على مستويات الكوليسترول في الدم، والجلوكوز، والأنسولين لدى عامة السكان.
ويؤكد ماركلوند قائلاً: "أحماض أوميغا-6 الدهنية ممتازة للصحة، وقد ارتبطت بانخفاض خطر الإصابة بأمراض القلب، والسكتة الدماغية، والسكري، وحتى الموت من جميع الأسباب".
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


BBC عربية
منذ يوم واحد
- BBC عربية
هل يمكن أن تساعد الكولا والبطاطس في علاج الصداع النصفي؟
يُصيب الصداع النصفي أكثر من 10 ملايين شخص في المملكة المتحدة. ويُمكن لذلك أن يُغير مستقبلهم، ويُنهي مسيرتهم المهنية، ويُضيق عليهم عالمهم. لذا، عندما يظهر حل يُزعم أنه يُمكنه "الشفاء"، أو على الأقل الوقاية من الصداع النصفي، فسيُجربه الناس. وعلى الرغم من وجود علاجات طبية، إلا أنه لا يوجد علاج شافٍ وكافٍ للصداع النصفي. يُمكن أن تكون الأدوية الموصوفة فعالة للغاية، لكنها لا تُجدي نفعاً دائماً. وبالنسبة للكثيرين، لا يوجد حل بسيط. وقد يكتشف البعض طرقهم الخاصة للتعامل مع الألم المُنهك مثل: تسليط مجفف الشعر على جانب الوجه، أو الجلوس في حمام ساخن مع وضع كيس ثلج على مكان الألم وشرب عصير. ولكن مؤخراً، انتشر حل جديد فجأة وعلى نطاق واسع- وجبة "ماك مايغرين ميل" مع مشروب كولا كامل الدسم مع حصة من البطاطس المقلية المملحة يُجدي نفعاً لمئات الأشخاص الذين يُشيدون بفوائده على تيك توك. وإذا كان هناك أي دليل علمي وراء هذه الحيل، فما تأثيرها على الجسم؟ نيك كوك، من أوكسفوردشاير، يحمل معه "محفظة مليئة بالأدوية" تحسباً لنوبة صداع نصفي. يقول إنه "سيجرب أي شيء" لتخفيف الألم. ويضيف "عندما تتعايش مع هذه الحالة، وتعمل خمسة أيام في الأسبوع وتحتاج إلى الاستمرار، ستجرب أي شيء". وفي أسوأ حالاته، قد يشعر نيك بالألم حول محجر عينه كما لو أن مقلة عينه تُسحق. يقول إن الكافيين والسكر الموجودين في الكولا هما ما يُساعدانه. ويضيف "أحياناً إذا تمكنت من اكتشاف الأمر مبكراً، فقد يُجدي العلاج نفعاً أحياناً، عندما تُصبح رؤيتي ضبابية وأشعر باقتراب نوبة". و يُؤكد نيك أن شرب الكولا لا يُغني عن أقراص أميتريبتيلين- مسكنات الألم اليومية التي يتناولها للوقاية من الصداع النصفي- ولكنه يُساعده أحياناً على "البقاء حتى نهاية اليوم دون ألم". أما بالنسبة لكايلي ويبستر، البالغة من العمر 27 عاماً والتي عانت من الصداع النصفي المزمن طوال حياتها، فإن الملح الموجود على رقائق البطاطس قد يُبطئ نوبة الصداع النصفي. تقول بحذر "قد يُساعد، لكنه بالتأكيد ليس علاجاً". وتضيف "الصداع النصفي حالة عصبية معقدة، ولا يُمكن علاجه بقليل من الكافيين والملح والسكر في وجبة سريعة". وقد جرّبت كايلي مزيجاً من الأدوية المختلفة، ووضع قدميها في ماء ساخن، ووضع قطعة قماش على مؤخرة رأسها، والوخز بالإبر، والحجامة، لكن لم يُؤدِّ ذلك إلى أي نتائج تُذكر. ومن العلاجات القليلة التي خففت من ألمها البوتوكس الطبي، حيث حُقِنَت عشرات الحقن في رأسها ووجهها ورقبتها. ولا يزال من غير الواضح كيف يعمل البوتوكس لعلاج الصداع النصفي، ولكن يُعتقد أنه يمنع إشارات الألم القوية المُنطلقة من الأعصاب. الصداع النصفي- الذي قد يستمر لأيام- يختلف تماماً عن الصداع، الذي عادةً ما يكون قصير الأمد، ويُمكن علاجه بسهولة أكبر باستخدام مسكنات الألم مثل الباراسيتامول. ويُمكن أن يُسبب الصداع النصفي ألماً في الرأس والرقبة، وخدراً، وتشوشاً في الرؤية، وقد يُؤثر حتى على الكلام و الحركة. وتُظهر جماجم يعود تاريخها إلى 3000 قبل الميلاد أن المصريين القدماء عانوا من الصداع النصفي، ولكن على الرغم من هذا التاريخ الطويل، لا يزال السبب الدقيق له مجهولاً. ويُعتقد أن مستقبلات الألم في الأوعية الدموية والأنسجة العصبية المحيطة بالدماغ تُرسل إشارات خاطئة تُشير إلى وجود خلل. لكننا لا نعرف لماذا يُعاني بعض الأشخاص من حساسية مفرطة في الجهاز العصبي، ولماذا يتفاعل مع بعض الأشياء دون غيرها. يقول الخبراء إنه لا توجد أبحاث كافية حول سبب إصابة بعض الأشخاص فقط- حوالي واحد من كل سبعة - بالصداع النصفي، أو ما الذي يُمكن أن يُساعد بالفعل في الإصابة به. تقول الدكتورة كاي كينيس، عضو مجلس أمناء مؤسسة الصداع النصفي وطبيبة عامة مُتخصصة في الصداع النصفي، إنه على الرغم من وجود عناصر في وجبة "ماك مايغرين" يُمكن أن تُساعد في الوقاية من النوبة، إلا أن هذه العناصر ليست متواجدة بشكل رئيسي في "ماكدونالدز". وتضيف "يمكن أن يعمل الكافيين الموجود في الكولا كمُعطّل للأعصاب، فهو مادة تؤثر على نشاط الأعصاب. وتقول الدكتورة كينيس: "بالنسبة للبعض، يكون هذا الاضطراب إيجابياً". وتوضح كاي "هناك بعض مسكنات الألم التي يتناولها الناس لعلاج الصداع النصفي والتي تحتوي على الكافيين- وبعضها يستجيب جيداً لذلك - لكننا لا نعرف السبب تماماً". لكنها تحذر من استخدام المشروبات الغازية التي تحتوي على الكافيين، مثل الكولا، كوسيلة لإدارة الصداع النصفي بانتظام. وتقول الدكتورة كينيس "قد يكون الإفراط في تناول الكافيين محفزاً أيضاً- وقد ينتهي بك الأمر في وضع أسوأ على المدى الطويل". وتوضح أن المكونات الأخرى في الوجبات السريعة، مثل الملح الموجود على رقائق البطاطس، يمكن أن تؤثر على نشاط الأعصاب، لكنها تضيف أن آثار الصوديوم على الصداع النصفي لم تُختبر بعد. كما تحذر من أن الوجبات السريعة غالباً ما تكون مُعالجة بشكل مفرط ولا تُناسب نظاماً غذائياً صحياً، بل قد تحتوي أيضاً على مستويات عالية من التيرامين، وهو مركب طبيعي شائع في العديد من الأطعمة، والذي قد يُسبب في الواقع صداعاً نصفياً شديداً. أما بالنسبة لإيلويز أندروود، فلا تُجدي أيٌّ من الحلول السريعة على وسائل التواصل الاجتماعي نفعاً. إذ تبحث إيلويز، المصابة بالصداع النصفي المزمن، عن "مزيج سحري" منذ سبع سنوات- فقد رأت الناس يوصون بوضع القدمين في ماء ساخن (لا ينصح به الخبراء لأنه قد يكون خطيراً)، أو شرب القهوة الساخنة ( لا ينصح بها أيضاً إذ قد يكون الكافيين مُحفِّزاً)، أو أجهزة اهتزازية مُختلفة لم تُؤدِّ إلى أي نتائج تُذكر. وتوضح إيلويز "هناك العديد من مقاطع الفيديو على الإنترنت التي تستغل اليأس الذي نشعر به جميعاً". وقد تركت إيلويز العديد من الوظائف- غالباً بسبب الإضاءة والضوضاء في بيئة المكتب التي تُحفِّز الصداع النصفي. وتوقفت مؤخراً عن العمل كمصممة ديكور داخلي، وأطلقت الآن مشروعاً لضغط وتأطير زهور الزفاف من منزلها. عادة ما ترتدي سماعات أذن دائرية لتقليل حدة الأصوات من حولها، وتُقيِّد حياتها الاجتماعية. تقول إيلويز "يعتقد الناس أن الصداع النصفي مجرد صداع- وهذا مجرد أحد أعراضه". بالنسبة لي، الصداع النصفي تجربة جسدية شاملة". وتضيف "لقد ضيّق الصداع النصفي عليّ حياتي تماماً". يقول البروفيسور بيتر غودسبي، طبيب أعصاب في منشأة الأبحاث السريرية التابعة للمعهد الوطني للأبحاث الصحية في جامعة كينغز كوليدج، إن الأبحاث بدأت تُحقق نتائج إيجابية بعد سنوات من نقص التمويل. وتُظهر أحدث دراساته أن الأدوية المعروفة باسم "جيبانت" يمكنها حجب مجموعة من مستقبلات الألم الخارجية في الفترة التي تسبق نوبة الصداع النصفي، ما يُخفف الألم قبل أن يبدأ. تقول إيلويز "أي علاج جديد هو بصيص أمل. صحيح أنهم يقولون إنه لا شيء يُجدي نفعاً مع جميع الناس، ولكن هناك علاج واحد يُجدي نفعاً مع شخص ما". يوضح البروفيسور غودسبي أن تغيير نمط الحياة يُمكن أن يُحدث فرقاً أيضاً. زقد يكون الأمر مملاً، كما يقول، ولكن باختصار "انتبه لعقلك". ويقول "أنت تريد أن تكون منتظماً، وتتجنب التقلبات. إذا شعرت بعلامات التحذير- التثاؤب، والنعاس، وتقلب المزاج، وزيادة التبول، وحتى الرغبة الشديدة في تناول الملح والسكر- فاستمع إلى جسدك. استمع لجسدك - لا تستمع لتيك توك، هذه نصيحتي". نيك يفعل ذلك تماماً. قد يلجأ أحياناً إلى الكولا والبطاطس المقلية المملحة، لكنه عدّل حياته كلها ليتمكن من التعامل مع صداعه النصفي. يقول "لا أشرب الكحول، أرتدي نظارات شمسية حتى لو كان الجو غائماً. وعندما نسافر أنا وصديقتي، نصف الأدوية التي نتناولها تكون لمساعدتنا في التعامل مع صداعنا النصفي". وفي عطلة نهاية أسبوع عزوبية مؤخراً، لاحظ نيك الفرق بين حياته وحياة أصدقائه. يقول نيك "لقد سهروا طوال الليل يشربون حتى الساعات الأولى من الصباح. أما أنا قد جئتُ ومعي وسادتي الخاصة، والتفاح، والموز، وحلوى ويتابيكس، وأي وجبات خفيفة أحتاجها، لأن الجوع قد يكون سبباً رئيسياً للصداع النصفي". ويضيف "أخلد إلى السرير بحلول منتصف الليل- وأصدقائي يعرفون ذلك عني، وهذا أمر طبيعي، لأن هذه هي الطريقة التي يجب أن أعيش بها حياتي".


العربي الجديد
منذ 2 أيام
- العربي الجديد
دراسة: عقار محفز لإنتاج الصفائح الدموية يساعد مرضى بالسرطان
أفاد باحثون بأن عقار إنبليت الذي تنتجه شركة أمجين ويعالج انخفاض عدد الصفائح الدموية الناجم عن أحد أمراض المناعة الذاتية كان فعالاً للغاية في منع مضاعفات مماثلة خطيرة وشائعة يسببها العلاج الكيميائي للسرطان . وشملت التجربة التي كشف الباحثون عنها قبل اجتماع الجمعية الأميركية لعلم الأورام السريري في شيكاغو 165 مريضاً مصابين إما بسرطان القولون والمستقيم وإما بسرطان المعدة والمريء، وإما بسرطان البنكرياس. وكانوا جميعاً يتلقون أدوية سرطان أدت إلى إصابتهم بنقص الصفائح الدموية الناجم عن العلاج الكيميائي ، وهو انخفاض غير طبيعي في عدد هذه الصفائح، بعد جلسة علاج واحدة فقط. وقال قائد الدراسة الدكتور هاني السمكري، من مستشفى ماساتشوستس العام في بوسطن، إن انخفاض مستوى الصفائح الدموية "يعرض مرضى السرطان لخطر الإصابة بنزيف داخلي شديد أو ربما مميت". وأضاف أن ذلك "يؤثر أيضاً على القدرة على علاج المرضى بالعلاج الكيميائي بالجرعة الكاملة وفي الوقت المناسب". وتلقى المشاركون في التجربة إما حقنة أسبوعية تحت الجلد من دواء إنبليت، المعروف كيميائياً باسم روميبلوستيم، أو عقاراً وهمياً. ويعمل إنبليت عن طريق تحفيز نخاع العظم لزيادة إنتاج الصفائح الدموية. ووجد الباحثون أن 84% من مرضى المجموعة التي تلقت دواء إنبليت لم يحتاجوا إلى أي خفض في جرعات العلاج الكيميائي اللاحقة بسبب انخفاض عدد الصفائح الدموية، بينما لم ينطبق هذا سوى على 36% من مرضى مجموعة الدواء الوهمي. صحة التحديثات الحية نتائج إيجابية لأساليب علاجية مختلفة لبعض أنواع السرطان وبعد أخذ عوامل الخطر الفردية في الاعتبار، كان احتمال مواصلة تلقي أدوية السرطان من دون خفض الجرعة أكبر عشر مرات لدى المرضى الذين يتلقون إنبليت ممن هم في مجموعة الدواء الوهمي . وقال السمكري: "ثبت بوضوح أن تقليل كثافة العلاج الكيميائي يؤدي إلى تراجع فرص نجاة المرضى... إذ يقلل من احتمالات الشفاء لدى المرضى الذين يرجى شفاؤهم، وقد يعجل برحيل من لا يُرجى برؤهم". وأشار إلى أنه لا توجد أدوية معتمدة من قبل إدارة الأغذية والعقاقير الأميركية لعلاج فقد الصفائح الدموية الناجم عن العلاج الكيميائي. أضاف السمكري: "هذه النتائج قد تؤدي بالتالي إلى تغيير الممارسات المتبعة للتعامل مع حالة خطيرة شائعة يصادفها الأطباء دورياً في الممارسات السريرية على مستوى العالم، والتي تمنع تقديم العلاج المضاد للسرطان بالجرعة الكاملة وفي الوقت الملائم". (رويترز)


BBC عربية
منذ 2 أيام
- BBC عربية
الحب يحميك من أمراض القلب
أكد باحثون أمريكيون من جامعة ميشغين أن الارتباط بعلاقة عاطفية يقلل من احتمالات الإصابة بنوبات قلبية. وأشاروا إلى أنه من غير المرجح أن تتسبب نوبة قلبية في وفاة شخص إذا كان متزوجاً. تقرير مراسل بي بي سي للشؤون العلمية محمد طه.