
إنهاء "الإيجار القديم".. استرداد لحقوق الملاك أم تشريد لملايين المصريين؟
القاهرةـ بعد 75 عاما من تطبيق قانون العلاقة بين المالك والمستأجر، بدأت الحكومة المصرية طرح مشروع قانون جديد ينهي عقود الإيجار القديم، استنادا لحكم المحكمة الدستورية الذي اعتبر تثبيت القيمة الإيجارية مخالفا للدستور.
ويقترح القانون الجديد رفع الحد الأدنى للإيجار إلى 1000 جنيه في المدن و500 في القرى، مع زيادة سنوية بنسبة 15% لمدة 5 سنوات.
الأخطر -حسب مراقبين- أن المشروع يمنح المالك حق إخلاء المستأجر بعد الفترة الانتقالية ما لم يُتفق على شروط جديدة، مع إمكانية اللجوء للقضاء لإصدار قرار بطرد ملايين المستأجرين للعقارات القديمة، أكثرهم في المحافظات الكبرى مثل القاهرة الكبرى و الإسكندرية والقليوبية، بحسب بيانات رسمية.
ويُحذر خبراء من أن هذه التعديلات قد تُعرّض نحو 6 ملايين مصري لخطر الإخلاء، ما ينذر بأزمات اجتماعية واقتصادية في ظل الوضع المتأزم في البلاد، وقد بدأت شرارات التوتر تظهر في منشورات تدعو لاحتجاجات وسط تحريض متبادل.
وكان الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي قد دعا في خطاب سابق الحكومة لإعادة النظر في الإيجارات القديمة، مؤكدا أن المستفيدين رحلوا، ومقدرا الخسائر الناجمة عن ترك الأمر على ما هو عليه بأكثر من تريليون جنيه (الدولار يساوي نحو 51 جنيها).
التفاف على الحكم
رفض محمود العسال، رئيس المجلس الوطني لحقوق الإنسان والمستشار القانوني لاتحاد المستأجرين، مشروع القانون الحكومي الذي يعيد تنظيم العلاقة بين المالك والمستأجر، واعتبره طعنا في دولة القانون والدستور والمؤسسات.
وأوضح أن الحكومة "تروج زورا لاعتمادها على حكمي المحكمة الدستورية لعامي 2002 و2024، حيث اقتصر الحكم الأول على عدم دستورية امتداد العلاقة الإيجارية للأحفاد، واقتصرها على الأبناء، في حين تناول الحكم الثاني عدم دستورية تثبيت القيمة الإيجارية، دون التطرق لمسألة الإخلاء والطرد، التي تتصدر مشروع القانون الحالي".
وأكد العسال أن الحكومة، لو كانت جادة في الحفاظ على الاستقرار الاجتماعي، لالتزمت بنطاق أحكام المحكمة الدستورية دون تجاوزها، مشيرا إلى أنه لا يعترض على زيادة القيمة الإيجارية بشرط أن تكون منطقية ومتوازنة، لكنه يرفض تجاهل الحكم القضائي وفرض زيادات مجحفة تنتهي بطرد ملايين المصريين.
ولفت إلى أن توقيت طرح القانون في ظل الأزمة الاقتصادية يمثل عبئا إضافيا على الأسر المستأجرة، التي لن تستطيع تحمّل الأعباء الجديدة، ما يعرضها للطرد بعد انتهاء المهلة الانتقالية.
ووصف العسال مشروع القانون بـ"العبث بالسلم الأهلي وبأحكام القضاء الدستوري ذات الحجية المطلقة"، منتقدا في حديثه للجزيرة نت حديث الحكومة عن "حوار مجتمعي"، في ظل ضغوط من تجمعات مصالح تسعى لتمرير القانون رغم مخاطره الاجتماعية الكبيرة.
ووصف المستشار القانوني والمحامي بالنقض محمود عطية مشروع قانون تنظيم العلاقة بين المالك والمستأجر بأنه "كارثة دستورية وقانونية"، مؤكدا أن الأعراف القانونية وأحكام محكمتي النقض والدستورية العليا تمنع المساس بالعقود المستقرة.
وانتقد عطية -المدافع عن حقوق المستأجرين- ما وصفه بمحاولة الحكومة تمرير قانون لم تتطرق إليه أحكام المحكمة الدستورية من قريب أو بعيد، خاصة في ما يتعلق بتحرير العقود الإيجارية وطرد ملايين المستأجرين، وهو ما اعتبره المحور الأخطر في مشروع القانون.
وسخر عطية من اقتراح تأسيس صندوق حكومي بقيمة 200 مليار جنيه لمساعدة المستأجرين، معتبرا إياه "غير واقعي" في ظل الأزمة الاقتصادية الخانقة، متسائلا في حديثه للجزيرة نت "من أين ستأتي الحكومة بهذه الأموال؟".
وانتقد المتحدث التعديلات المقترحة التي تقضي بزيادة إيجارات المحلات التجارية 10 أضعاف، فضلا عن رفع قيمة إيجار المساكن بنسبة 1000%، معتبرا ذلك "عبئا غير محتمل على المواطنين".
وأوضح أن شركات الإسكان وتجمعات المصالح التي تهيمن على الأبراج السكنية، خاصة في وسط القاهرة، تمارس ضغوطا مكثفة على الدولة لإقرار القانون، ما يضع المستأجر بين مطرقة الحكومة وسندان هذه الشركات.
ودعا عطية إلى أن يكون للمستأجرين صوت موحد عبر تقديم شكاوى والتماسات للسلطات والرئيس لوقف القانون، مطالبا بإلغاء المحور الثالث الخاص بالإخلاء باعتباره غير دستوري، وبضرورة أن تكون الزيادات الإيجارية منطقية ومتوازنة بما يحفظ السلم الاجتماعي ويمنع تشريد ملايين المصريين.
بدوره، حذر أستاذ الاقتصاد السياسي عبد النبي عبد المطلب من أن التعديل المقترح على قانون العلاقة بين المالك والمستأجر -إذا أُقر- سيؤدي إلى تفاقم الأزمة الاقتصادية والاجتماعية والسياسية في مصر، مشبها في حديثه للجزيرة نت تأثيره بالأزمة التي أثارها قانون مماثل في التسعينيات، والتي أدت إلى تحويل ملايين الأفدنة الزراعية إلى أراضٍ للبناء، مخلّفة تبعات اقتصادية خطيرة ما زالت البلاد تعاني منها حتى اليوم.
وأشار عبد المطلب إلى أن الحكومة لم تراعِ في القانون الجديد أي أبعاد اجتماعية أو اقتصادية، بل تهدف بالأساس إلى تسويق الوحدات السكنية التي بنتها مؤخرا وبقيت مغلقة، على حساب ملايين المستأجرين الذين قد يجدون أنفسهم في الشارع بعد 5 سنوات.
وأوضح أن الحكومة لم تطرح أي بدائل حقيقية أو تسهيلات، ولم تضمن شققًا ميسّرة للمتضررين، ما ينذر بعواقب خطيرة، خاصة على العمالة المستقرة في مناطقها، والتي قد تُجبر على الانتقال إلى أماكن لا تناسب طبيعة عملها، كما حدث في حالات سابقة مثل الدويقة ومدينة نصر، ما أدى إلى عودة الكثيرين إلى مناطقهم الأصلية بحثًا عن الرزق.
وأضاف أن التعديل سيؤدي إلى ارتفاع التضخم، وانهيار القدرة الشرائية، وسيلحق ضررا بالدخل القومي، من خلال تحويل ملايين العاملين إلى عاطلين، وإغلاق أنشطة صغيرة ومتناهية الصغر، محذرا من اضطرابات محتملة نتيجة تجاهل الحكومة للواقع الاقتصادي الحرج.
تداعيات اقتصادية واجتماعية
من جانبه، يرى الخبير الاقتصادي هاني أبو الفتوح أن مشروع القانون الجديد لتنظيم العلاقة بين المالك والمستأجر يضع حدا لصراع طويل، ويعالج الالتباس الناتج عن الإيجار المؤبد المخالف للدستور والشريعة.
وأشار إلى أن القانون سيعيد حقوق آلاف الملاك، ويوفر لهم الاستقرار الاقتصادي بعد حرمانهم من الاستفادة بوحداتهم، ما يمكنهم من تزويج أبنائهم وتحسين ظروفهم المعيشية، مؤكدا في حديثه للجزيرة نت أن "الوضع الحالي تجاوزته الظروف والتطورات".
ورغم تأييده لمشروع القانون، أقر أبو الفتوح بوجود تداعيات اقتصادية واجتماعية يجب أن تؤخذ بعين الاعتبار، داعيا الحكومة والمجتمع المدني إلى حماية المتضررين عبر تقديم وحدات سكنية بشروط ميسرة، وتوجيههم نحو مناطق ذات إيجارات منخفضة، كما أشار إلى أن الحكومة تمتلك ملايين الوحدات المغلقة، مما يمنحها قدرة على استيعاب التأثيرات السلبية المحتملة.
من جانبه، أكد وكيل لجنة الإسكان بمجلس النواب طارق شكري، وجود حاجة ملحّة لتعديل العلاقة الإيجارية بعد مرور 75 عاما على القانون القديم، معتبرا أن مشروع القانون يأتي تنفيذا لحكم المحكمة الدستورية بضرورة إصلاح هذا الوضع.
وأضاف أن نقاشات مجتمعية ستُعقد للوصول إلى صيغة متوازنة ترضي جميع الأطراف، مع إمكانية إجراء تعديلات على نص القانون، وأوضح في تصريحات صحفية أن مجلس النواب سيعقد جلسات استماع قبل التصويت النهائي، ما يتيح الفرصة لمراجعة القانون وتعديله بما يراعي الأبعاد الاجتماعية والاقتصادية للملف.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الجزيرة
منذ 2 أيام
- الجزيرة
الذهب يرتفع مدفوعا بتراجع الدولار والنفط ينخفض تحت تأثير بيانات صينية
ارتفعت أسعار الذهب اليوم الاثنين مع تراجع الدولار وتجدد التوترات التجارية في أعقاب تأكيد وزير الخزانة الأميركي مجددا على تهديدات الرئيس دونالد ترامب بشأن الرسوم الجمركية ، في حين تراجعت أسعار النفط متأثرة بخفض وكالة موديز للتصنيف الائتماني السيادي للولايات المتحدة وبيانات رسمية أظهرت تباطؤ وتيرة الناتج الصناعي ومبيعات التجزئة في الصين. ارتفع الذهب في المعاملات الفورية 1% إلى 3236.63 دولار للأوقية (الأونصة)، في أحدث تعاملات، وصعدت العقود الأميركية الآجلة للذهب 1.65% إلى 3239.80 دولار. كان الذهب انخفض بأكثر من 2% يوم الجمعة وسجل أسوأ أسبوع له منذ نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي وسط تزايد الإقبال على المخاطرة على خلفية الاتفاق التجاري بين الولايات المتحدة والصين. وانخفض مؤشر الدولار 0.7% اليوم الاثنين مما يجعل الذهب المسعر بالدولار أرخص بالنسبة لحاملي العملات الأجنبية. وقال كبير محللي السوق لدى كيه.سي.إم تريد، تيم ووترر إن "تخفيض وكالة موديز التصنيف الائتماني للولايات المتحدة وما صاحبه من رد فعل من جانب السوق للإحجام عن المخاطرة أعاد بعض الزخم إلى سعر الذهب". وقال وزير الخزانة الأميركي سكوت بيسنت في مقابلات تلفزيونية أمس الأحد إن ترامب سيفرض رسوما جمركية بالمعدل الذي هدد به الشهر الماضي على الشركاء التجاريين الذين لا يتفاوضون بحسن نية بشأن الاتفاقات. والذهب أداة تحوط من الاضطرابات الاقتصادية والجيوسياسية وينتعش في ظل انخفاض أسعار الفائدة. وجاء أداء المعادن النفيسة الأخرى كالتالي: ارتفعت الفضة في المعاملات الفورية 0.7% إلى 32.50 دولار للأوقية. صعد البلاتين 0.46% إلى 995.85 دولار. زاد البلاديوم 0.7% إلى 971.32 دولار. تراجعت أسعار النفط متأثرة بخفض وكالة موديز للتصنيف الائتماني السيادي للولايات المتحدة وبيانات رسمية أظهرت تباطؤ وتيرة الناتج الصناعي ومبيعات التجزئة في الصين. وانخفضت العقود الآجلة لخام برنت 0.73% إلى 64.94 دولار للبرميل، في أحدث تعاملات وتراجعت العقود الآجلة لخام غرب تكساس الوسيط الأميركي 0.67% إلى 62.07 دولار. وارتفع كلا الخامين بأكثر من 1% الأسبوع الماضي بعد أن اتفقت الولايات المتحدة والصين، أكبر اقتصادين ومستهلكين للنفط في العالم، على تهدئة الحرب التجارية بينهما لمدة 90 يوما سيخفضان خلالها الرسوم الجمركية بشكل كبير. وقالت كبيرة محللي السوق في شركة فيليب نوفا، بريانكا ساشديفا إن تخفيض تصنيف موديز يثير تساؤلات حول آفاق الاقتصاد الأميركي وتشير بيانات الصين إلى أن أي انتعاش اقتصادي سيواجه تحديات كبيرة. وخفضت موديز التصنيف الائتماني للولايات المتحدة يوم الجمعة بسبب تراكم ديون البلاد المتنامية البالغة 36 تريليون دولار، وهي خطوة قد تعقد جهود الرئيس دونالد ترامب لخفض الضرائب. وفي الوقت نفسه، أظهرت البيانات الرسمية في الصين، أكبر مستورد للنفط الخام في العالم، تباطؤ نمو الناتج الصناعي في أبريل نيسان، وإن كان لا يزال أفضل من توقعات الاقتصاديين. وساهمت حالة الضبابية بشأن نتائج المحادثات النووية بين أميركا وإيران في استقرار أسعار النفط. وقال المبعوث الأميركي الخاص ستيف ويتكوف أمس الأحد إن أي اتفاق بين الولايات المتحدة وإيران يجب أن يتضمن عدم تخصيب اليورانيوم ، وهو تصريح سرعان ما أثار انتقادات من طهران. وقال توني سيكامور محلل السوق لدى آي جي "تنعقد آمال كبيرة على تلك المحادثات". وأضاف "من الناحية الواقعية، ليس من المرجح أن توافق إيران طواعية على التخلي سلميا عن طموحاتها النووية التي أكدت مرارا وتكرارا أنها غير قابلة للتفاوض. علاوة على ذلك بعد انهيار وكلائها الذين شكلوا في الماضي حاجزا بينها وبين إسرائيل". وفي أوروبا تصاعدت حدة التوتر بين إستونيا وروسيا بعد أن احتجزت موسكو ناقلة نفط مملوكة لشركة يونانية أمس الأحد بعد أن غادرت ميناء في إستونيا على بحر البلطيق. وفي الولايات المتحدة خفض المنتجون عدد منصات النفط العاملة بمقدار منصة واحدة إلى 473 الأسبوع الماضي، وهو أدنى مستوى منذ يناير/ كانون الثاني.


العرب القطرية
منذ 4 أيام
- العرب القطرية
"بنك قطر الوطني QNB " يتوقع صمود أسعار النحاس أمام التحديات الكلية بفضل العوامل المواتية طويلة الأمد
قنا رجح /بنك قطر الوطني QNB / ألا تتأثر أسعار النحاس بالضغوط الكلية الدورية، وذلك بفضل عوامل داعمة قوية مثل الأسعار النسبية "الرخيصة"، والدعم المتأتي من أسواق الصرف الأجنبي، والتوازن الملائم بين العرض والطلب الذي تهيمن عليه الاتجاهات الصناعية طويلة الأجل. واعتبر /بنك قطر الوطني QNB / في تقريره الأسبوعي السلع الأساسية حجر الزاوية في الاقتصاد العالمي، فهي تغذي العمليات الملموسة التي تدعم الجوانب المادية للحياة الحديثة. وفي النطاق الأوسع للسلع الأساسية، يحتل النحاس مكانة بارزة باعتباره المعدن الأساسي الأكثر تداولا في العالم. بفضل خصائصه التي لا مثيل لها كموصل فعال للكهرباء وتعدد استخداماته، فإن النحاس عنصر لا غنى عنه في الكثير من الصناعات التي تشمل البناء والبنية التحتية والنقل والسلع المعمرة. وقال التقرير أنه إلى جانب فوائده الصناعية، ظلت أسعار النحاس منذ فترة طويلة مؤشرا استشرافيا للزخم الاقتصادي. ونظرا لأن التحولات في الطلب على النحاس غالبا ما تسبق التغييرات الأوسع نطاقا في النشاط الاقتصادي، فإن المشاركين في السوق يعتبرونه بمثابة مؤشر لاتجاهات الاستثمار ونقاط التحول الدورية. وقد أكسبت هذه التوقعات النحاس أهمية بالغة لدرجة أن البعض أسماه "دكتور نحاس" نتيجة لدوره الفعال في تحديد الاتجاهات الاقتصادية، كما لو كان خبيرا يحمل درجة الدكتوراه في الاقتصاد. وتجاوزت أسعار النحاس بشكل كبير نطاق تداولها التاريخي، حيث تبلغ الآن حوالي 4.6 دولار أمريكي للرطل، وهي قفزة واضحة تتجاوز الذروات السابقة التي شوهدت بعد الأزمة المالية العالمية وأثناء طفرة الاستثمار في مرحلة ما بعد جائحة كوفيد. ويعتبر هذا الصعود لافتا بشكل خاص نظرا للتدهور الأخير في آفاق النمو العالمي، بعد التعريفات الجمركية التي فرضتها إدارة ترامب، والتي كان من المتوقع أن تؤدي إلى تثبيط الطلب. بدلا من ذلك، فإن صمود أسعار النحاس يؤكد قوة العوامل الهيكلية الأكثر عمقا. وأرجع التقرير الطلب القوي على النحاس وبقاء أسعاره على ارتفاع خلال السنوات القادمة إلى ثلاثة عوامل رئيسية، أولها أن مختلف مؤشرات القيمة النسبية تشير إلى إمكانات كبيرة لارتفاع أسعار النحاس. فعلى الرغم من المكاسب الاسمية الأخيرة، لا تزال أسعار النحاس منخفضة بنحو 13% بالقيمة الحقيقية (معدلة وفقا لتضخم مؤشر أسعار المستهلك الأمريكي) مقارنة بذروتها في عام 2008 خلال الأزمة المالية العالمية. ويتناقض هذا بشكل حاد مع الارتفاع الحقيقي القوي الذي شهدته معادن أخرى مثل الذهب والبلاديوم والفضة، حيث كان مسار النحاس أشبه بمسار مزيج السلع الأساسية الأوسع نطاقا، والذي عانى أيضا من انخفاض كبير في أسعار الطاقة الحقيقية. وهذا يشير إلى أن النحاس "رخيص" ويمكن أن يرتفع سعره بشكل كبير قبل حدوث أي انخفاض في الطلب. العامل الثاني الذي أورده التقرير تعلقت بديناميكيات أسعار الصرف الأجنبي التي توفر دعما إضافيا لأسعار النحاس. تاريخيا، أظهر النحاس علاقة عكسية قوية مع الدولار الأمريكي - حيث يرتفع عادة عندما يضعف الدولار الأمريكي وينخفض عندما يكون هذا الأخير قويا. وقد انخفضت قيمة الدولار الأمريكي بالفعل بأكثر من 7.8% مقابل سلة من العملات الرئيسية منذ بداية العام. علاوة على ذلك، أوضح التقرير أنه على الرغم من هذا الانخفاض الحاد في القيمة، لا تزال تقييمات العملات تشير إلى أن قيمة الدولار الأمريكي مبالغ فيها بنحو 18%، مما يشير إلى وجود مجال أكبر لانخفاض قيمته في المستقبل. ومن شأن ضعف الدولار الأمريكي أن يعزز القوة الشرائية العالمية للسلع المقومة به مثل النحاس، مما يحفز الطلب ويوفر دعما إضافيا للأسعار. ورأى التقرير لدى تناوله العامل الثالث في تحليله أن ندرة النحاس على المدى المتوسط والطويل، تمهد الطريق لارتفاع الأسعار هيكليا. في جانب الطلب، من المقرر أن يتسارع استهلاك النحاس بشكل حاد، مدفوعا ليس فقط بالاتجاهات الراسخة في مجال الكهرباء والبنية التحتية، ولكن بشكل متزايد بالنمو الهائل في التقنيات المتعلقة بالذكاء الاصطناعي. وتؤدي الوتيرة السريعة لبناء مراكز البيانات وعناقيد الحوسبة عالية الأداء والبنية التحتية الرقمية كثيفة الاستهلاك للطاقة إلى زيادة كبيرة في الطلب على الكهرباء، مما يؤدي بدوره إلى تضخيم الحاجة إلى النحاس عبر الشبكات وأنظمة النقل. أما في جانب العرض، فلا تزال هناك قيود. ولفت التقرير إلى أن المخزونات تحوم بالقرب من أدنى مستوياتها التاريخية، ولا يزال الإنفاق الرأسمالي لشركات تعدين النحاس الكبرى متأخرا، فهو مقيد بعمليات التصاريح المعقدة، والمخاطر الجيوسياسية المتزايدة، وضغوط المستثمرين للحفاظ على الانضباط الرأسمالي. ومن المرجح أن يفرض هذا الاختلال بين العرض والطلب ارتفاعا في الأسعار لتحفيز الموجة التالية من الإنتاج. وتتعزز أهمية النحاس من خلال دوره الفريد في تمكين اللبنة الأساسية لكل من التحول في مجال الطاقة وثورة الذكاء الاصطناعي، مما يؤكد استمرار أدائه القوي في السنوات القادمة.


الراية
منذ 7 أيام
- الراية
الدولار يستقر بعد أكبر انخفاض في ثلاثة أسابيع
الدولار يستقر بعد أكبر انخفاض في ثلاثة أسابيع طوكيو - قنا: استقر الدولار اليوم بعدما سجل أكبر انخفاض له في أكثر من ثلاثة أسابيع خلال الليل، إذ عززت بيانات تضخم أسعار المستهلكين في الولايات المتحدة، التي جاءت أقل من المتوقع، موقف مجلس الاحتياطي الاتحادي الأمريكي (البنك المركزي) من تيسير السياسة النقدية، بالتزامن مع انحسار الأزمة التجارية بين الولايات المتحدة والصين. واستقر مؤشر الدولار، الذي يقيس أداء العملة مقابل ست عملات رئيسية أخرى، عند 100.94 بعد انخفاضه 0.8 في المئة يوم أمس. وكان المؤشر قفز واحدا بالمئة أمس الأول الإثنين ولامس أعلى مستوى له في شهر، مدعوما بتفاؤل بأن تهدئة الخلاف التجاري بين الصين والولايات المتحدة سيحول دون ركود عالمي محتمل. ومقابل العملة اليابانية، استقر الدولار عند 147.45 ين، بينما لم يطرأ تغير يذكر على اليورو والجنيه الإسترليني اللذين سجلا 1.1188 دولار و1.3311 دولار على الترتيب. وارتفع الدولار بنسبة 0.24 بالمئة إلى 7.2122 أمام اليوان الصيني في الأسواق الخارجية، بعد أن كان قد تراجع إلى أدنى مستوى له في ستة أشهر عند 7.1791 يوان أمس. في حين انخفض الدولار بنسبة 0.1 بالمئة أمام الفرنك السويسري إلى 0.8384.