logo
برلماني إيطالي لـ القاهرة 24: صمت روما على مجازر غزة مخزٍ.. وترامب ونتنياهو يدفعان العالم نحو حرب عالمية ثالثة

برلماني إيطالي لـ القاهرة 24: صمت روما على مجازر غزة مخزٍ.. وترامب ونتنياهو يدفعان العالم نحو حرب عالمية ثالثة

24 القاهرةمنذ 3 ساعات

في أواخر مايو الماضي، وقف النائب في البرلمان الإيطالي، أنجيلو بونيلي، موجهًا انتقادات لاذعة لرئيسة الوزراء جورجيا ميلوني، وذلك خلال جلسة داخل البرلمان ومن قلب العاصمة روما، على خلفية صمتها تجاه ما وصفه بالإبادة الجماعية التي ترتكبها
إسرائيل
في غزة، في واقعة أثارت جدلا كبيرا، وتداولتها وسائل الإعلام الإيطالية والدولية علي نطاق واسع.
جورجيا مليوني خلال جلسة البرلمان الإيطالي
بونيلي اتهم ميلوني بالنفاق وانعدام الشجاعة، معبّرًا عن صدمته من موقفها المتخاذل، وقال إن الشعب الإيطالي يشعر بالاشمئزاز من هذا الصمت، متسائلًا كيف يمكن لرئيسة وزراء وأم أن تتابع مقتل 18 ألف طفل دون أن تحرّك ساكنًا.
وفي حوار خاص مع القاهرة 24، أوضح النائب الإيطالي رؤيته تجاه تطورات الأوضاع في غزة والموقف الأوروبي، إضافة إلى التظاهرات الداعمة لغزة في بلاده، وإلى نص الحوار:
ما تقييمك للموقف الأوروبي من الحرب على غزة؟
أوروبا مارست ازدواجية غير مقبولة في التعامل مع الجرائم ضد الإنسانية المرتكبة في غزة، ففي الوقت الذي فرضت فيه عقوبات اقتصادية صارمة على روسيا، لم تتخذ أي إجراء مماثل ضد إسرائيل، رغم مسؤوليتها عن مقتل 60 ألف مدني، من بينهم 18 ألف طفل، وتدميرها المستشفيات والمدارس، وقتلها رجالًا ونساءً كانوا يطلبون فقط القوت، ويصف هذا الموقف الأوروبي بالعار.
كيف تنظر إلى خطة إعادة التسلح الأوروبية في ظل النزاعات الجارية في الشرق الأوسط؟
إعادة التسلح الأوروبي جنون مطلق، مؤكدًا أن السلاح لا يجلب إلا مزيدًا من السلاح، والحروب تفتح الباب لحروب أخرى، وأوروبا أنفقت أكثر من 600 مليار يورو في عام 2024، في حين أن المطلوب هو بناء مسار دبلوماسي حقيقي يضع السلام في المقدمة.
شهدت روما تظاهرة حاشدة أمس ضد الحرب على غزة وتسليح إسرائيل.. ما تفسيرك لهذا الحدث؟
الشارع الإيطالي يشهد تعبئة شعبية واسعة رفضًا للحرب ودعمًا للشعب الفلسطيني، وملايين المواطنين شاركوا في مظاهرات خلال الأسابيع الماضية، والحكومة الإيطالية أصبحت شريكًا أخلاقيًا في الجرائم التي تُرتكب في غزة.
ما رأيك في موقف روما وحكومة جورجيا ميلوني من العدوان الإسرائيلي؟
موقف الحكومة الإيطالية يتسم بالنفاق والتواطؤ، كما أن رئيسة الوزراء ميلوني رفضت اقتراحي بإلغاء اتفاقيات التعاون العسكري مع إسرائيل، وبالنسبة لي كأب أشعر بالغضب والاشمئزاز من موقف الحكومة، التي اكتفت بالصمت في وجه مقتل آلاف الأطفال، معتبرًا أن ما صدر عنها لا يتجاوز كونه حسابات سياسية ضيقة.
كيف تقيم لموقف العالم العربي من الحرب على غزة؟
أدعو الدول العربية إلى التوحد واتخاذ موقف أكثر حزمًا من أجل وقف إطلاق النار وإنهاء جميع أشكال الإرهاب، كما أطالب بوقف فوري لكل أشكال التعاون الاقتصادي مع إسرائيل طالما بقي بنيامين نتنياهو على رأس الحكومة الإسرائيلية.
هل أصبحنا على مشارف حرب عالمية ثالثة؟
أشعر بقلق بالغ، لا يوجد زعيم عالمي يتحدث عن السلام، بل الجميع يتحدث عن السلاح والحرب، أخشى أننا نقترب من اندلاع حرب عالمية ثالثة.
كيف تنظر إلى قرار ترامب بمهاجمة المنشآت النووية الإيرانية؟ وما التداعيات المحتملة لذلك؟
الهجوم الأمريكي على المنشآت النووية الإيرانية، تصعيد بالغ الخطورة يعكس سعي كل من ترامب ونتنياهو نحو إشعال حرب عالمية جديدة، وإعادة تشكيل النظام الجيوسياسي الدولي على أساس التفوق العسكري.
هذا القصف، الذي بدأته إسرائيل وتبعته الولايات المتحدة، يُعد انتهاكًا صارخًا لاتفاقيات جنيف، ويحمل خطر إشعال سلسلة من التداعيات الكارثية على مستوى الشرق الأوسط والعالم بأسره.
وفي روما، تحدث وزير الخارجية الإيطالي، أنطونيو تاياني، عن خفض التصعيد بعد القصف، ولكن كيف يمكن الحديث عن السلام بينما المنطقة تحترق؟، وغدًا ستقف جورجيا ميلوني، أمام البرلمان، ونرجو أن توضح لنا أسباب خضوع السياسة الخارجية الإيطالية للإرادة الأمريكية والإسرائيلية، ختامًا، العالم يندفع بسرعة نحو حرب عالمية، بينما يواصل قادته تزييف الحقائق عبر الترويج للحرب تحت اسم السلام.
المفتي: أبشع صور التحدي الإنساني تتمثل فيما يرتكبه الكيان الصهيوني الغاصب بحق أهلنا في غزة
بينهم يوناثان سمرانو.. إعلام إسرائيلي: استعادة 3 جثث أسرى من غزة

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

مندوبة أمريكا بمجلس الأمن: ضربنا إيران لحماية إسرائيل
مندوبة أمريكا بمجلس الأمن: ضربنا إيران لحماية إسرائيل

24 القاهرة

timeمنذ 20 دقائق

  • 24 القاهرة

مندوبة أمريكا بمجلس الأمن: ضربنا إيران لحماية إسرائيل

قالت ممثلة الولايات المتحدة الأمريكية بمجلس الأمن، إن قصف أمريكا للمنشآت النووية هدفه تقويض قدرات إيران النووية ولحماية أمن إسرائيل ومساعدتها في الدفاع عن نفسها. وأضافت في جلسة لمجلس الأمن اليوم، أنه حان الوقت أخيرا لندافع بشكل حاسم عن حليفنا ومواطنينا ومصالحنا، بحسب قولها. وأكدت ممثلة الولايات المتحدة بمجلس الأمن، أن أي هجوم إيراني مباشر أو غير مباشر على مواطنينا أو قواعدنا سيقابل برد مدمر، ودعت مندوبة أمريكا، إيران العودة للتفاوض بنوايا حسنة، وفق تعبيرها. ترامب: حرمنا إيران من القنبلة النووية مسؤولون أمريكيون وإسرائيليون: منشآت إيران النووية لم تدمر بالكامل.. وربما أفرغتها طهران مبكرا هجوم أمريكي على إيران وشنت الولايات المتحدة هجومًا عسكريًا واسعًا على إيران، مستهدفة 3 منشآت نووية رئيسية هي فوردو، نطنز، وأصفهان. ووصف الرئيس الأمريكي الضرابات بـ "الناجحة جدًا" وأنها أفنت بالكامل قدرة إيران على تخصيب اليورانيوم، محذرًا طهران من عواقب وخيمة إذا لم توافق على إحلال السلام. واستخدمت القوات الأمريكية في هذا الهجوم قاذفات B-2 الشبحية، محملة بقنابل "بُنكر باستر" (GBU-57 Massive Ordnance Penetrator) المصممة لاختراق التحصينات تحت الأرض، وصواريخ توماهوك. تأتي هذه الضربات الأمريكية كمرحلة تصعيدية خطيرة في الصراع المتنامي بين إيران وإسرائيل، حيث تدخل الولايات المتحدة بشكل مباشر في الحملة العسكرية الإسرائيلية التي بدأت في 13 يونيو 2025 ضد الأهداف النووية والعسكرية الإيرانية. وعلى الرغم من تأكيد إيران بعدم وجود أي تسرب إشعاعي في المواقع المستهدفة، إلا أن طهران أدانت الهجوم بشدة، واصفة إياه بـ الخيانة الدبلوماسية وتوعدت بـ عواقب وخيمة. وأثارت هذه التطورات قلقًا دوليًا واسعًا بشأن احتمالية اتساع رقعة الصراع في المنطقة.

ما بعد الضربة الأمريكية على إيران
ما بعد الضربة الأمريكية على إيران

بوابة الأهرام

timeمنذ ساعة واحدة

  • بوابة الأهرام

ما بعد الضربة الأمريكية على إيران

عكست الضربات الأمريكية ضد المنشآت النووية الإيرانية الرئيسية الثلاثة، نطنز وفوردو واصفهان، استراتيجية الرئيس ترامب فى التعامل مع إيران والتى ارتكزت على مفهوم الخداع الاستراتيجى. فقد جاءت مهلة الرئيس ترامب بشأن قرار المشاركة أو عدم المشاركة العسكرية فى الحرب الإسرائيلية الإيرانية خلال أسبوعين, فى إطار إعطاء فرصة للحوار والدبلوماسية وامكانية التوصل لاتفاق حول البرنامج النووى الايرانى، بينما اتخذ قرار الضربة العسكرية والتى كانت لكل المراقبين متوقعة فى اى لحظة، وهو ما تكرر فى شهر أبريل الماضى عندما منح ترامب الايرانيين مهلة شهرين للتوصل إلى اتفاق نووى جديد وفقا للشروط الأمريكية، وإما مواجهة عواقب وخيمة بما فيها الخيار العسكرى والذى بدا انه كان محتوما ومنسقا مع إسرائيل فى إطار نظرية تبادل الادوار بينهما. فبعد انتهاء مهلة الشهرين أعطى ترامب الضوء الاخضر لإسرائيل لشن الهجمات على الاهداف الايرانية بما فيها المنشأت النووية، والتى استعصى بعضها على الطائرات والقنابل الاسرائيلية خاصة منشأة فوردو المحصنة تحت الجبال وتتطلب القدرات العسكرية الامريكية خاصة القنابل الخارقة للتحصينات الت ى تطلقها القاذفة الاستراتيجية بى2. انخراط أمريكا فى الحرب جاء فى اطار تحقيق التوازن بين هدفين متناقضين, الأول عدم الانخراط فى الحروب العسكرية وتقليل النفقات الأمريكية الخارجية فى إطار شعاره «جعل أمريكا عظيمة مرة أخرى», والثانى هو دعمه لإسرائيل بحكم التحالف الإستراتيجى والعلاقات القوية بين البلدين. وفى هذا الإطار جاءت الضربات الأمريكية ضد المنشآت النووية بشكل مركز ومحدود لتحقيق هدف ترامب الأساسى والإستراتيجى وهو منع إيران من امتلاك الأسلحة النووية وتفكيك برنامجها, وجاءت بعد إعطاء الإيرانيين فرصة للعودة للمفاوضات والقبول بالشروط الأمريكية المتمثلة فى التوصل إلى اتفاق أقرب إلى الاستسلام غير المشروط, وتصفير برنامج إيران النووى عبر وقف التخصيب داخل أراضيها واستبداله بإنشاء اتحاد إقليمى لتخصيب اليورانيوم خارج إيران ويزودها باليورانيوم المخصب والوقود النووى اللازم لتشغيل بعض المفاعلات النووية الإيرانية للأغراض السلمية, وكذلك تخلص إيران من كمية اليورانيوم المخصب التى بحوزتها وتصل إلى أكثر من 400 كليو جرام من اليورانيوم المخصب بنسبة 60% وأن تتخلص طهران أيضا من أجهزة الطرد المركزى الحديثة خاصة آى آر 4 وآى آر 6, أى تفكيكا كاملا للقدرات النووية الإيرانية وضمان عدم قدرتها مستقبلا على امتلاك السلاح النووى وهو ما تعارضه إيران التى تتمسك بحقها فى التخصيب للأغراض السلمية. راهن ترامب على أن الضربات العسكرية الإسرائيلية ضد إيران سوف تدفعها للقبول باتفاق نووى وفقا للشروط الأمريكية, لكن امتصاص إيران للهجمات الإسرائيلية المباغتة والموجعة خلال اليوم الأول من الحرب, واستعادتها لزمام الأمور وتوجيه ضربات موجعة لإسرائيل عبر الصواريخ الباليستية الفرط صوتية والتى زادت على خمسمائة صاروخ, وأصابت العمق الإسرائيلى خاصة منطقة تل أبيب الكبرى وحيفا شمالا وبئر السبع والنقب جنوبا, وسقوط عشرات القتلى ومئات الجرحى, قد غير المعادلة وأربك حسابات ترامب, حيث بدا أن إيران قادرة على الدخول فى حرب استنزاف طويلة مع إسرائيل لن يتحملها الداخل الإسرائيلى بحكم التركيبة الجغرافية والديمغرافية لإسرائيل وهو ما بدا يشكل ضغطا على حكومة نيتانياهو وعلى الرئيس ترامب، ولذلك سارع الرئيس ترامب إلى توجيه الضربات لسرعة حسم الحرب. حيث تختلف الاهداف الأمريكية عن الاهداف الاسرائيلية، حيث تركز أمريكا على تفكيك البرنامج النووى الايرانى لمنع امتلاك إيران من السلاح النووى، إما بالمفاوضات أو عبر القوة العسكرية كما حدث امس، ولا تريد التصعيد حيث أكد الرئيس ترامب فى بيانه بعد الضربات انه لن يكرر الضربات ويسعى لصنع السلام ليلقى الكرة فى ملعب الإيرانيين للتوصل إلى اتفاق مع أمريكا، بينما فى المقابل تسعى حكومة نيتانياهو إلى توسيع اهداف الحرب لتشمل إلى جانب المنشآت النووية ومصانع إنتاج الصواريخ الباليستية ومنصات إطلاقها، إسقاط النظام الايرانى. سعى ترامب خلال الفترة السابقة إلى تهيئة البيئة الداخلية والتغلب على الانقسامات الداخلية, ما يبن مؤيد ومعارض للتدخل العسكرى الأمريكى فى الحرب بشكل مباشر, رغم أن أمريكا منخرطة بالفعل بشكل غير مباشر عبر الدعم الاستخباراتى واللوجيستى لإسرائيل ومساعدتها فى التصدى للصواريخ الإيرانية, كما سعى ترامب إلى تهيئة البيئة الدولية، وإيجاد مبررات الضربات الأمريكية، التى تتمثل فى أنه منح الإيرانيين فرصة للدبلوماسية والتوصل إلى اتفاق، ولكنهم رفضوا, كما سيبرر الضربات بأن إيران على وشك إنتاج الأسلحة النووية خلال أسابيع قليلة، وأنه اضطر لمنعها من ذلك, خاصة أن تقرير الوكالة الدولية للطاقة الذرية يصب فى هذا الاتجاه حيث أشار إلى انتهاك إيران لالتزاماتها وفقا لمعاهدة الانتشار النووى. لكن الضربات الأمريكية المحدودة باستهداف المنشأت النووية الايرانية قد لا يسير وفقا لما يريده ترامب, فقد تنجرف أمريكا لحرب واسعة وممتدة, خاصة أن هذه الضربات قد تزيد من نطاق وأطراف الحرب فى ظل رد الفعل الإيرانى واحتمالات استهداف المصالح والقواعد الأمريكية فى المنطقة سواء بشكل مباشر أو عبر أذرعها وحلفائها خاصة الميليشيات فى العراق والحوثى فى اليمن وحزب الله فى لبنان، وهو ما سيدفع أمريكا للرد على الرد الإيرانى. إضافة إلى التداعيات الاقتصادية السلبية المتمثلة فى ارتفاع أسعار النفط واحتمالات إغلاق إيران لمضيق هرمز, إضافة إلى التداعيات الأمنية واستهداف القوات والمصالح الأمريكية فى المنطقة ومخاطر انتشار الإشعاع النووى. وفى كل الأحول نحن أمام مشهد معقد فى الشرق الأوسط ومرحلة جديدة من التصعيد الذى سيكون له تداعيات خطيرة على المنطقة, خاصة بعد أن دخلت أمريكا عسكريا على الخط.

ما بعد دخول الولايات المتحدة الحرب الجارية ضد إيران
ما بعد دخول الولايات المتحدة الحرب الجارية ضد إيران

بوابة الأهرام

timeمنذ ساعة واحدة

  • بوابة الأهرام

ما بعد دخول الولايات المتحدة الحرب الجارية ضد إيران

مازالت الحرب الجارية بين إسرائيل وإيران تمثل فرصة مهمة لاختبار العديد من المقولات والافتراضات، خاصة بعد دخول الولايات المتحدة طرفا مباشرا فى هذه الحرب من خلال تنفيذها ضربات مباشرة لعدد من المنشآت النووية فجر أمس باستخدام قاذفات B-2 Spirit. الحرب أسهمت فى تراجع الاعتماد على الوكلاء، ومن ثم تراجع نموذج الحرب بالوكالة بشكل كبير. ومثلت فرصة كبيرة لاختبار علاقات صدق علاقات الشراكة بين إيران والقوى الصاعدة فى النظام العالمى (الصين وروسيا)، ومدى استعداد الأخيرة لحماية إحدى نقاط ارتكاز مهمة لهذه القوى، ليس بالضرورة من خلال تدخل عسكرى، لكن على الأقل من خلال التدخل السياسى لدى الولايات المتحدة وإسرائيل. صحيح أن الشريكين الصينى والروسى مارسا هجوما، بدرجات مختلفة، على الولايات المتحدة وإسرائيل داخل مجلس الأمن، لكن هذا لم يكن كافيا لوقف الحرب أو ردع إسرائيل والولايات المتحدة عن الاستمرار فى ضرب إيران، ما يشير إلى أن هناك حدودا أو سقفا ــ حتى الآن ــ لاستعداد أو لقدرة هذه القوى الصاعدة على حماية شركائها داخل النظام العالمى قيد التشكل. قد لا يكون ذلك استنتاجا نهائيا، فقد يرتبط ذلك مرحليا بحسابات القوى الصاعدة، والموازنة الاستراتيجية الدقيقة بين تكاليف التدخل والحماية من ناحية، والمكاسب التى يمكن أن تنجم عن هذا التدخل، من ناحية أخرى. لكن فى جميع الحالات، فإن الواقع يشير إلى أن إحدى الخلاصات المهمة للحرب الجارية ــ حتى الآن ــ أن هناك سقفا لحدود الاعتماد على القوى الصاعدة، وهى خلاصة ستمثل بلا شك محددا مهما فى بناء التحالفات والمحاور الدولية والإقليمية خلال المرحلة المقبلة، خاصة فى منطقة آسيا المحيط الهادي، ومنطقة الإندوباسيفيك بشكل عام. هذه الخلاصة تأكدت فى إقليم الشرق الأوسط مرتين خلال أقل من عام، كانت الأولى مع تخلى روسيا عن حليفها نظام بشار الأسد فى مواجهة المعارضة المحلية، وجاءت الحرب الجارية لتؤكد هذه الخلاصة مرة ثانية. مرة أخرى، قد يرتبط ذلك بحسابات مرحلية لهذه القوى، لكنها فى الأغلب ستكون حالة طويلة الأمد نسبيا، وقد يكون عدم التدخل لدعم الحلفاء/ الشركاء سمة هيكلية لإحدى هذه القوى وجزءا من عقيدتها الاستراتيجية، أو امتدادا لطبيعة نظامها الثقافى الداخلي. هذه الحقائق تؤسس لاستنتاج آخر وهو أننا سنظل فى مرحلة الأحادية القطبية القائمة بقيادة الولايات المتحدة لفترة غير محددة. ويمكن القول إن الحرب الجارية، بعد تدخل الولايات المتحدة، أشبه بحرب الخليج الثانية (1990/1991)؛ فإذا كانت الأخيرة قد مثلت توثيقا أو «شهادة موت» النظام ثنائى القطبية وميلاد النظام أحادى القطبية بعد تفكك الاتحاد السوفيتي، فإن قرار الولايات المتحدة بالتدخل فى الحرب الجارية ضد إيران هو أقرب إلى شهادة بإطالة حياة النظام أحادى القطبية إلى أمد غير معلوم فى المدى المنظور. هذا التدخل الأمريكى قد يتبعه حزمة أخرى من القرارات والسياسات لتأكيد الخلاصة نفسها. لقد كان من المتوقع أن تركز إدارة ترامب على المواجهة المباشرة مع الصين وروسيا كمدخل لحسم الصراع الجارى على قمة النظام العالمى للحفاظ على النظام أحادى القطبية، لكن الواضح أن التركيز قد يكون ــ فى الأغلب وحتى الآن ــ على حسم الصراع أولا فى «المناطق الطرفية»، بعيدا عن مركز النظام العالمى أو قمته. التدخل الأمريكى المباشر فى الحرب الجارية ضد إيران يبدو فى أحد وجوهه دعما للحليف الإسرائيلي، لكنه ليس بعيدا عن الصراع الجارى على قمة النظام العالمي، خاصة إذا أخذنا فى الاعتبار طبيعة الأسلحة الأمريكية المستخدمة، وطبيعة الأهداف التى تم العمل عليها. بهذه الطريقة، تكون الإدارة الأمريكية الراهنة قد نجحت فى تأجيل الصدام العسكرى مع القوى الصاعدة إلى أجل غير مسمى، دون أن ينفى ذلك أن دقة وصلابة هذه الاستنتاجات ستظل بلا شك مرهونة بردود الفعل الإيرانية على الضربات الأمريكية التى تم تنفيذها ضد المنشآت النووية، ومرهونة أيضا بالنتائج النهائية للحرب، وبالطريقة التى ستنتهى بها، وإن كان من غير المتوقع أن تمثل ردود الفعل الإيرانية نقطة تحول استراتيجية فى مسار الحرب. الجانب الإسرائيلى قد ينتقل إلى التركيز على هدف آخر، وضعه ضمن أهدافه منذ اليوم الأول، وهو إزاحة النظام الإيرانى القائم، على أمل بناء نظام جديد ينطلق من قناعات مغايرة؛ بمعنى بناء نظام بديل يتخلى عن المشروع النووي؛ انطلاقا من أن هذا المشروع مثل أساسا لعلاقات صراعية مع الغرب ودول الإقليم وعبئا على الاقتصاد الإيرانى والسياسة الخارجية الإيرانية، والتخلى كذلك عن العلاقة الصراعية مع إسرائيل. مازالت الرسائل الصادرة عن الولايات المتحدة أنها لا تسعى إلى تغيير النظام فى إيران، وأنها تختلف مع إسرائيل فى أولوية هذا الهدف. قد يكون الموقف الأمريكى ــ فى حالة صِدْقِه ــ مدفوعا بالخبرة الأمريكية فى إزاحة الأنظمة السياسية بالقوة العسكرية؛ إذ تشير هذه الخبرة إلى أنه يمكن تحقيق هذه الإزاحة، لكن من الصعب بناء نظام بديل حليف ومستقر، وهو ما أكدته تجربتا أفغانستان وليبيا وغيرهما. ومدفوعا أيضا بتعقد الحالة الإيرانية. لكن مع ذلك، لا يمكن الوثوق بالرسائل الصادرة عن الولايات المتحدة، والتى قد تمثل جزءا من سياسة «الغموض الاستراتيجي» التى مارستها ــ ومازالت ــ الإدارة الأمريكية منذ ما قبل بدء العمليات العسكرية الإسرائيلية ضد إيران. ويرجح هذا الاحتمال عاملان آخران. أولهما: مستوى التنسيق الذى وصلت إليه العلاقات الأمريكية ــ الإسرائيلية فى الحرب، الأمر الذى يعنى إمكان التأثير الإسرائيلى على ترتيب الأهداف الأمريكية فى الحرب. وثانيهما: أن إزاحة النظام القائم قد لا يرتبط به بالضرورة هدف إقامة بناء نظام إيرانى بديل؛ فقد يكون الهدف هو إدخال إيران والإقليم فى حالة من الفوضى. هذه الفوضى ستسهم، أولا، فى خروج المشروع النووى عن السيطرة وتراجعه كأولوية كأمر واقع. كما أنها تمثل، ثانيا، عاملا محفزا على ضمان خروج إيران من معادلات القوة فى الإقليم. أضف إلى ذلك اعتياد الولايات المتحدة والغرب على حالات الفوضى التى نجمت عن إزاحة العديد من الأنظمة. ------------------------------------------------ إن الحرب الجارية، بعد تدخل الولايات المتحدة، أشبه بحرب الخليج الثانية (1990/ 1991)؛ فإذا كانت الأخيرة قد مثلت توثيقا أو «شهادة موت» النظام ثنائى القطبية وميلاد النظام أحادى القطبية بعد تفكك الاتحاد السوفيتي، فإن قرار الولايات المتحدة بالتدخل فى الحرب الجارية ضد إيران هو أقرب إلى شهادة بإطالة حياة النظام أحادى القطبية إلى أمد غير معلوم فى المدى المنظور.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store