
منهج الله أم العلمانية
#منهج_الله أم #العلمانية ؟
مقال الإثنين: 28 / 4 / 2025
د. #هاشم_غرايبه
ليس للدين تأثير مسلكي على الأوروبيين، فلا يرونه إلا بصورة الكنيسة ورجال دين يقدمون خدمات وعظية أو عند الزواج اوالموت، وليس كما نعرف الدين عندنا بصورة نظام اقتصادي اجتماعي سياسي متكامل.
وبما أنهم لا يعترفون بالإسلام دينا سماويا، لذلك لا يبذلون أي جهد بالإطلاع على القرآن، بل يرفضونه مسبقا، باعتبار أن كتاب الله عندهم محدد بالعهدين القديم والجديد فقط.
من هنا جاء رفض الأوروبيين العلمانيين مبدئيا لتدخل الدين في حياة البشر، ومن غير بحث لما يمكن أن يقدمه الإسلام من حلول (قال مارتن لوثر في مذكراته إنه كان يرغب في الإطلاع على القرآن لكن لم يتيسر له الحصول على ترجمة له !!)، ولما كان العلمانيون العرب استوردوا المقولات الغربية، من غير محاولة الاطلاع على الدين، فكل وجباتهم الفكرية مستوردة من الغرب، وسواء كانت من المطبخ الماركسي أو الرأسمالي، إلا أنها موحدة بالنكهة الليبرالية، لذلك تجدهم يسارعون الى المناداة بفصل الدين عن الدولة بببغائية، من غير ان يفهموا أن منهج الله يحقق الدولة المدنية وليس الكهنوتية، لأن عقولهم لم تستطع أن تتجاوز الفكرة الأوروبية عن سيطرة الكهنوت وامتيازات رجال الدين، رغم أن هذه الصورة مرتبطة تحديدا بالكنيسة الكاثوليكية، والتي لا يقابلها المسجد قطعا وبتاتا، فلا يتمتع إمام المسجد أو المؤذن بأية امتيازات، ولا أحد يطلب من إمام الأزهر البركات كالبابا، ولا يشتري أحد منهم صك غفران ولا حتى دعاء!.
هنا نصل الى عدم وجود المبرر لفصل الدين عن الدولة كما في الحالة الأوروبية، فليس في الإسلام مؤسسة دينية تكون صلاحياتها فوق الدستور، بل يوكل الى السلطة التنفيذية تطبيق الأحكام الشرعية، والتي يشتق الدستور والقوانين منها، وتطبق على الرعايا المسلمين ولكنها غير ملزمة لمتبعي الشرائع الأخرى، لذلك فإن الدولة الإسلامية تحافظ على حرية المعتقد لغير المسلمين وتحترم استقلاليتهم بصورة أفضل من الصورة العلمانية المفترضة، لأنها هنا لا تكفل حريتهم فحسب، بل وتؤمن لهم حياة كريمة وضمانا، بدلالة قصة الخليفة عمر مع المتسول اليـ.ـهودي.
لو تجاوزنا أن منهج الله أمر إلهي واجب العمل به، ولو تجاوز العلمانيون الفكرة الحمقاء القائلة بأن الدين رجعي يعيد الناس الى العصور القديمة، وتقبلوا لدقيقة واحدة ان يتحلوا بالموضوعية العلمية، فيلجؤا الى المقارنة المحايدة بين التشريعات البشرية في أحدث صورة، والشريعة الإسلامية، سيجدوا:
1 – شمولية الشريعة الإسلامية ومعالجتها لأدق التفصيلات، ابتداء من طرح التحية، وانتهاء بتفصيلات الحقوق بعد الموت (الميراث).
2 – المزاوجة بين التحفيز والردع في الشريعة وهو مزدوج أيضا: في الدنيا والآخرة، بينما تقتصر البشرية على الردع، بالتلويح بالعقوبة للمتجاوز إذا ضبط.
3 – منهج الله أكثر فاعلية في تحقيق الإصلاح، فهو يوزع مسؤلية صلاح المجتمع على الدولة والأفراد، بينما تحمل التشريعات البشرية المسؤلية للدولة فقط، فلا حوافز فيه للأفراد بمساعدة الآخرين (الأعمال الصالحة)، ولا أحكام لتقديم العون للمحتاجين (الصدقات)، ولا للمبادرة بالدعوة لللصلاح وإزالة المضار والمعيقات (الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر).
4 – تخلو التشريعات البشرية من مراعاة الأخلاق العامة، ولا تضع أية ضوابط للإضرار بالآخرين وبمصالحهم استباقيا (الغيبة والذم والكذب وحنث اليمين ورمي الناس بأخلاقهم وأعراضهم ..الخ)، بل لا تضع أية عقوبة على كل الإساءات الإجتماعية والنفسية، فتترك ذلك للمتضرر أن يقاضي المؤذي أو لا.
5 – العلاقات الشخصية والمجتمعية، المادية والمعنوية، لها حيز كبير في الشريعة، ومفصلة بشكل واضح بحيث تضمن للبشرعلاقات متوازنة وحياة كريمة، في حين لا تتطرق التشريعات البشرية لها تنظيميا، بل تعالج الإختلالات إن ضبطت فقط.
6 – لا يوجد في أي دستور وضعي معالجة لمشكلات الأسرة ولا تحديد للعلاقات بين أفرادها، بل تترك كل التفصيلات للتعليمات غير الملزمة، بينما تحدد الشريعة كل الحقوق والواجبات بدقة، وتحظى الأسرة بمعالجات استباقية لدرء المشاكل قبل حلولها، لأن الأسرة هي الوحدة الأساسية للمجتمع وبصلاحها يصلح.
الخلاصة: هذه أبرز ميزات التشريعات الإلهية التي عالجت كل مشكلات المجتمع، ولم تترك عنصرا واحدا … لذا فالقول أن يترك كل ذلك، ويتبع تشريع تجريبي، أمر لا يقول به عاقل، ولا يعارض العمل به إلا الحاقدون على الإسلام.
مقالات ذات صلة في العمق

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة

عمون
منذ 29 دقائق
- عمون
غزة تذبح؟! إلى متى يا عالم
من يخلص أهل غزة من حرب نتنياهو الوحشية؟! ومن يرفع عنهم المأساة التي حلت عليهم وعلى أرضهم من تدمير وقتل وتجويع وحصار؟! سؤالان محيران لمن لا يثق بأن إرادة الله فوق كل شيء، وأن إرادته نافذة رغم تواطؤ المجتمع الدولي وتخاذله عن اتخاذ خطوات جادة و حاسمة لإنهاء الحرب الإسرائيلية المدمرة على القطاع. وإذا أمعنا النظر فيما يجري على أرض الواقع، وما يصرح به العديد من المسؤولين الغربيين، الذين لزموا الصمت تجاه مأساة تجويع غزة منذ أكثر من عام ونصف، بل التآمر مع الكيان الإسرائيلي المحتل، وتزويده بالسلاح والذخائر والعتاد العسكري والمشورة الاستخبارية المتواصلة، و تطويع التكنولوجيا المعلوماتية لدعم حربه على المدنيين العزل، و بكل مرارة تخرج بعض الحكومات الغربية متبجحة بأن ما يجري في غزة أمر لا يطاق. سيأذن الله بانعتاق أهل غزة من براثن الوحشية الإسرائيلية الموغلة بالحقد والانتقام، رغم تصميم رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو ووزرائه المتطرفين أمثال سموتريتش و بن غفير على مواصلتها، وسينفذها بأيديهم أنفسهم من حيث يعلمون أو لا يعلمون، أو بواسطة حلفائهم في الغرب، وقد لوحظ في الآونة الأخيرة أن نبرة الولايات المتحدة الأمريكية تجنح بأن هناك مقدمات لأمر ما سيحصل في قطاع غزة، والمرجو أن يتم التوافق على صفقة تسفر عن إيقاف الحرب بشكل مؤقت، هذا ما يتوقعه بعض المحللين السياسيين والمطلعين على الشأن الفلسطيني، وإن كان ذلك سيحدث، فما نراه ونسمعه من إدارة ترمب بأنها عازمة على وقف إطلاق النار و إنهاء الحرب على غزة، بالتوازي مع مطالبة فصائل المقاومة الفلسطينية إطلاق سراح الأسرى الإسرائيليين الذين في قبضتها، لا ترتقي تلك التصريحات والخطوات الأمريكية إلى مستوى النظر بعين الإنصاف للقضية الفلسطينية، وهذا من الصعوبة بمكان لأن وجود دولة الاحتلال الإسرائيلي من مصلحة الغرب، ليسهل تحكمها على المنطقة العربية، واستنزاف قدراتها وبث الفوضى والفتن. فرغم التجويع والتعطيش اللذان تستخدمهما حكومة نتنياهو الفاشية بحق أهل غزة، و جعله أسلوب لإخضاع الأهالي و إجبارهم على الخروج من القطاع لتنفيذ خطة التهجير، والاستيلاء على قطاع غزة وإعادة بناء المستوطنات، بالتزامن مع اتخاذ نتنياهو قرار إدخال المساعدات الإنسانية للقطاع وهي عبارة عن ٩ شاحنات فقط، وهي قطرة من محيط كما علق لازاريني في الأمم المتحدة، وما قام بهذه الخطوة إلا خشية أن تتخلى الولايات المتحدة الأمريكية عن "إسرائيل" كما يزعم نتنياهو، أضف إلى ذلك تهديد المفوضية الأوروبية بانتهاج إجراءات قوية تجاه ممارسات الجيش الإسرائيلي، عدا المفوضية الأوروبية التي دعت حكومة نتنياهو إلى عدم تسييس المساعدات ووقف إطلاق النار و "الإفراج عن الرهائن". إن وقف انتهاكات الجيش الإسرائيلي، الذي هو جيش انبثق من رحم العصابات كشتيرن و هاغانا و آرغون من الضروري بمكان، لكن الأمر الخفي الذي لم يرد نتنياهو أن يظهره في قراره إدخال المساعدات الإنسانية التي لا تسمن ولا تغني من جوع، جاءت من وحي ضغوط ترمب ووفاء لوعوده للوسطاء بإدخال المساعدات الإنسانية عقب إطلاق المقاومة الفلسطينية سراح الأسير الإسرائيلي عيدان الكسندر، لكن مراوغة نتنياهو لا تخفى على أروقة السياسية الغربية، فهو يجيد المراوغة واللعب على حبل مصلحة "إسرائيل والشعب الإسرائيلي"، و في حقيقة الأمر يحتاج إلى حربه على غزة لمصالح شخصية وسياسية، المتمثلة بإبقاء الغالبية من ائتلافه الحكومي في الكنيست، و لضمان عدم محاكمته لحين انتهاء ولايته في تشرين الثاني أكتوبر المقبل.


جفرا نيوز
منذ 41 دقائق
- جفرا نيوز
بحضور كبار رجال الدولة .. العدوان و آل غيث نسايب .. الروابدة طلب و الحديد أجاب (صور)
جفرا نيوز - تصوير جمال فخيده توجهت جاهة كريمة من عشيرة العدوان الى آل غيث برئاسة رئيس الوزراء الأسبق عبد الرؤوف الروابدة لطلب يد كريمة السيد زياد عزمي غيث لإبنهم الآنسة (دينا) لإبنهم الشاب سلطان عبد المجيد العدوان . حيث استقبل الجاهة الكريمة العين نضال برجس الحديد الذي أجاب الطلب بالموافقة و القبول بحضور غفير من أصحاب الدولة و المعالي و رجالات سياسية و إعلامية و و شيوخ و وجهاء من العشائر الأردنية . أسرة جفرا نيوز و إذاعة ميلودي ممثلة برئيس مجلس إدارة الأستاذ نضال الفراعنه تتقدم بأسمى آيات الهنئة و التبريكات للعائلتين؛ سائلين المولى عز وجل أن يجعل الأفراح و السعادة حليفة العائلتين ان شاء الله .

عمون
منذ ساعة واحدة
- عمون
الاستقلال الأردني .. مسيرة عز وكرامة وسيادة تتجدد
في يوم من أيام العز والفخر، يحتفي الأردنيون بذكرى عيد الاستقلال التاسع والسبعين، مستذكرين محطةً مفصلية في تاريخ الدولة الأردنية الحديثة، حيث انبثق فيه عهد السيادة والكرامة، وتكرّست الهوية الوطنية الراسخة التي صاغتها التضحيات والإرادة الحرة. لم يكن الخامس والعشرون من أيار عام 1946 مجرد تاريخ لانتهاء الانتداب، بل كان نقطة انطلاق حقيقية لمسيرة وطنية تتسم بالسيادة الكاملة، والالتزام بالدستور، والعمل المتواصل نحو النهضة والتنمية المستدامة، ففي هذا اليوم الخالد، أعلن الأردن بقيادة جلالة الملك المؤسس عبدالله الأول ابن الحسين – طيب الله ثراه – استقلاله، ليبدأ مسيرته كدولة حرّة الإرادة، تستند إلى الدستور، وتُدار برؤية حكيمة، وتنهض بعزيمة أبنائها المخلصين. لقد شكّل الاستقلال ثمرة نضال رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه، حلموا بوطن حر، ومارسوا العمل السياسي والمؤسساتي في وقت كانت فيه المنطقة تمتلئ بالتحديات والمتغيرات، ومنذ ذلك اليوم، تواصلت المسيرة بقيادة هاشمية حكيمة، حملت الأمانة، وصانت المنجز، وبنت أنموذجاً أردنياً رائداً في الاستقرار والتنمية. ويأتي احتفال هذا العام في ظل تحديات إقليمية ودولية متراكمة، جعلت من الأردن عنواناً للثبات، وواحة أمن واستقرار في محيط مضطرب، فقد أثبتت الدولة الأردنية، بقيادة جلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين، أنها قادرة على تجاوز الأزمات، وحماية سيادتها، والدفاع عن ثوابتها الوطنية دون مساومة أو تراجع. الاستقلال، كما يراه الأردنيون، ليس مجرد مناسبة وطنية، بل مسؤولية مستمرة، وعمل دؤوب للحفاظ على المكتسبات، وتعزيز قيم الانتماء والولاء، وتوطيد الهوية الوطنية الموحدة، إنه دعوة لتجديد العهد مع الوطن، بأن تبقى رايته مرفوعة، وأن تتواصل مسيرته بكل إصرار وعزيمة. وتبقى القوات المسلحة الأردنية والأجهزة الأمنية، في طليعة الحماة للاستقلال، يسهرون على أمن الوطن، ويدافعون عن سيادته، ويجسّدون معاني التضحية والانتماء، كما يشكل كل أردني ركيزة أساسية في مسيرة البناء، يؤدّي دوره بإخلاص في موقعه، مساهماً بفعالية في رفعة وطنه وصناعة مستقبله الزاهر. وفي هذه الذكرى الوطنية، يجدد الأردنيون العهد مع وطنهم، وقيادتهم، وتاريخهم المجيد، مؤكدين أن راية الأردن ستظل خفّاقة، وأن الإنجاز سيستمر، وأن الولاء للقيادة الهاشمية سيبقى راسخاً في القلوب.