
كالاس تزور واشنطن غداً.... والاتحاد الاوروبي يسعى للاتفاق على مساعدة عسكرية جديدة لأوكرانيا
أعلنت مسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي كايا كالاس الإثنين أنها ستلتقي وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو هذا الأسبوع في الولايات المتحدة.
وقالت: "أرى أنه من المهم أن يكون لدينا أكبر قدر ممكن من التواصل مع الإدارة الأميركية الجديدة"، مشيرة بذلك إلى زيارة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى واشنطن الاثنين.
بعد مرور ثلاث سنوات على بدء الغزو الروسي لأوكرانيا، يخشى الأوروبيون أن ينهي الرئيس الأميركي دونالد ترامب الحرب بشروط ملائمة لموسكو من دون تقديم ضمانات أمنية لكييف.
ويطالبون بالمشاركة في المفاوضات، لكنهم لم ينجحوا في ذلك حتى الآن.
واشارت كالاس من بروكسل إلى أنه "إذا نظرنا إلى الرسائل التي تصلنا من الولايات المتحدة، فمن الواضح أن الخطاب الروسي حاضر بقوة".
وأكدت أن هذه التصريحات "تثير قلقنا جميعا".
وأضافت: "من الواضح أنه كانت لدينا بالفعل خلافات في الماضي، لكننا لطالما نجحنا في حلها، ونأمل أن نفعل ذلك مرة أخرى الآن".
زيارة مسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي إلى الولايات المتحدة الثلاثاء هي الأولى لها منذ تنصيب دونالد ترامب.
وتأتي زيارتها بعد تهديدات متكررة أطلقها الرئيس الأميركي بشأن التجارة والدفاع.
وقالت إن لقاءاتها مع وزير الخارجية الأميركي ومسؤولين آخرين ستتم يومي الأربعاء والخميس.
مساعدة عسكرية جديدة
وأعلنت كالاس أيضا أن القادة الأوروبيين سيحاولون التوصل إلى اتفاق بشأن حزمة عسكرية جديدة لأوكرانيا خلال قمة خاصة تعقد في السادس من آذار/مارس.
وتسعى أوروبا إلى تعزيز دعمها لكييف ردا على المفاوضات بين الأميركيين والروس بشأن أوكرانيا.
واقترحت كالاس أن تلتزم الدول الأعضاء الـ27 تزويد أسلحة جديدة في أقرب وقت بما فيها صواريخ وأنظمة دفاع جوي وقذائف مدفعية.
وأكدت أن وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي المجتمعين الاثنين في بروكسل "أيدوا بشكل كبير" هذه المبادرة الجديدة.
وأضافت: "التفاصيل، ولا سيما المبالغ، ستُحدد وتُناقش خلال القمة الأوروبية الاستثنائية في السادس من آذار/مارس".
لكن المباحثات صعبة بسبب معارضة المجر التي بقيت قريبة من موسكو، لأي مساعدة عسكرية جديدة لكييف، خصوصا في ضوء إطلاق محادثات بين روسيا والولايات المتحدة بشأن أوكرانيا.
وقدّم الأوروبيون نحو 134 مليار يورو مساعدات لأوكرانيا منها ما يقل قليلا عن 50 مليارا للدعم العسكري.
بلدان الشمال والبلطيق
كما تعهّدت دول الشمال والبلطيق الاثنين زيادة المساعدات العسكرية لأوكرانيا، بعد ثلاث سنوات على بدء الغزو الروسي.
وجاء الإعلان في وقت يزور قادة هذه البلدان كييف حيث شددوا على دعمهم لها.
وقال رؤساء كل من فنلندا ولاتفيا وليتوانيا وأوكرانيا ورؤساء وزراء الدنمارك وإستونيا وايسلندا والنروج والسويد في بيان مشترك: "ستكون لنتيجة الحرب تداعيات جوهرية وطويلة الأمد على الأمن الأوروبي وعبر الأطلسي".
وتعهّدت البلدان أيضا تقديم دعم إضافي لأوكرانيا يشمل "تزويدها المعدات والتدريب لوحدة بحجم لواء قابلة للتوسع"، فضلا عن الاستثمار في قطاع الدفاع الأوكراني.
يتكون اللواء عادة من ما بين 3000 و5000 جندي، بحسب الحكومة النروجية.
وقالت النروج في بيان منفصل إنها تخطط لتخصيص مبلغ مقداره 3,5 مليارات كرونر نروجي (315 مليون دولار) للقيام بعمليات شراء من قطاع الدفاع الأوكراني.
وتم التعهّد بمبلغ إضافي مقداره 600 مليون كرونر لشراء مسيرات وتطوير تكنولوجيا مسيرات لأوكرانيا.
وقال رئيس الوزراء النروجي يوناس غار ستور إن "الحاجات العسكرية والمدنية في أوكرانيا هائلة. إن تعزيز قدرة قطاع الدفاع الأوكراني على إيصال معدات عسكرية إلى خط الجبهة أمر ضروري".
في الأثناء، ذكرت الدنمارك أنها ستتعهد بمساعدات عسكرية لأوكرانيا بقيمة ملياري كرونر دنماركي (280 مليون دولار).
وأفادت رئيسة وزراء الدنمارك ميته فريدريكسن في بيان: "علينا وضع أوكرانيا في أقوى موقع ممكن"، مضيفة: "علينا الوقوف بصلابة. إيصال المزيد من الأسلحة وبشكل أسرع والتبرع لقطاع الدفاع الأوكراني".
وأعلنت الدنمارك الأحد أيضا تعهدا بقيمة 405 ملايين كرونر للمساعدات الإنسانية وجهود إعادة إعمار أوكرانيا.
وشددت فريدريكسن الأسبوع الماضي على حاجة أوروبا لإعادة التسلح بشكل كبير، مشيرة إلى التهديدات المتزايدة من روسيا.
وقالت كوبنهاغن هذا الأسبوع إنها ستزيد إنفاقها الدفاعي بخمسين مليار كرونر خلال العامين المقبلين.
وأعلنت الحكومة السويدية تعهدا بقيمة 1,2 مليار كرونر سويدي (113 مليون دولار) لتمويل شراء أنظمة دفاع جوية لأوكرانيا بما في ذلك أنظمة "آر بي س 70" و"تريدون إم كاي2" المطورة في السويد.
وقال وزير الدفاع السويدي بال جونسون في بيان: "ستكون هذه إضافات مهمة لقوات الدفاع الأوكرانية وستعزز إمكاناتها في الدفاع الجوي. سيعطي ذلك أوكرانيا أيضا فرصة لاختبار أنظمة الأسلحة السويدية في ميدان المعركة".

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة

المدن
منذ 2 ساعات
- المدن
أزمة المقاتلين الأجانب بسوريا.. هل هناك خيار غير الجيش؟
يمثل التحول في الموقف الأميركي حيال دمج المقاتلين الأجانب في الجيش السوري الجديد، انعكاساً لتبدل في مقاربة واشنطن لسوريا ما بعد الأسد، إذ يبدو أن إدارة الرئيس دونالد ترامب تتبنى سياسة واقعية أكثر، تفضل استيعاب هذه العناصر ضمن مؤسسات الدولة الجديدة بدلاً من الدفع بهم نحو العمل السري أو الانخراط في تنظيمات راديكالية أو حتى العودة إلى بلدانهم وتوسيع دائرة التطرف والعمل العسكري المضاد للأنظمة. وعلى الرغم من التحديات، فإن هذه السياسة تسعى إلى تحقيق استقرار نسبي في المدى القصير، ولو كان ذلك على حساب المعايير التقليدية لمكافحة الإرهاب. وعلة الرغم من أن واشنطن كانت إلى حد قريب مصرة على إبعاد المقاتلين الأجانب من المنطقة وعدم دمجهم في الأجهزة الأمنية والعسكرية، إلا أن تحولاً ملحوظاً سُجّل في الموقف الأميركي عقب الجولة التي قام بها الرئيس ترامب في الشرق الأوسط ولقائه بالرئيس السوري أحمد الشرع، في الرياض، وتعيين السفير الأميركي في تركيا توماس باراك، مبعوثاً خاصاً إلى سوريا. باراك نفسه كان قد أعلن أن "تفاهماً شفافاً" قد تم التوصل إليه مع القيادة السورية الجديدة بشأن دمج المقاتلين الأجانب ضمن مشروع الدولة الجديدة، حيث اعتُبر أن الإبقاء عليهم داخل مؤسسات الدولة أفضل من تهميشهم أو تركهم دون هيكل رسمي، ما قد يؤدي إلى انجرافهم نحو تنظيمات أكثر تطرفاً مثل تنظيم "داعش" أو القاعدة، وبالتالي قد يشكلون خطراً على المنطقة التي تسعى الولايات المتحدة إلى ترتيبها. وعلى مدار 13 عاماً من المعارك في سوريا، انضم آلاف المقاتلين (مسلمين ومسيحيين أعلنوا إسلامهم) من دول مختلفة، إلى صفوف المعارضة المسلحة خلال سنوات الحرب، التحق بعضهم بتنظيمات متطرفة مثل "داعش" أو القاعدة، في حين تشكّلت وحدات خاصة من آخرين ضمن "هيئة تحرير الشام"، وتميّز هؤلاء بالانضباط والولاء والخبرة القتالية والعقيدة الأمنية الخاصة والمختلفة عن باقي تشكيلات المعارضة السورية المسلحة. سابقاً، وعند اشتداد أزمة الإيغور في 2018 و2019، سُلّط الضوء على مقاتلي الحزب الإسلامي التركستاني، الذين ينتمون إلى الإيغور والصين وآسيا الوسطى، ما أثار قلق الصين، التي تم تقديم مطالبات منها لتقييد نفوذ هذا الحزب داخل سوريا والتخلص من هؤلاء المقاتلين ورفض عودتهم إلى بلادهم. في كانون الأول/ديسمبر الماضي، أُسندت مناصب عسكرية عليا إلى قيادات أجنبية كان لها يد طولى في القتال إلى جانب عناصر "هيئة تحرير الشام" سابقاً والتي قادت ذاتها عملية "ردع العدوان"، ما أدى إلى تصاعد التوتر بين إدارة دمشق الجديدة والدول الغربية، إلا أن الاعتراضات تم تخفيفها لاحقاً، خصوصاً بعد المباحثات الأميركية-السورية. وقد أُعلن عن حلّ جماعة الحزب الإسلامي التركستاني رسمياً، ودُمجت ضمن الجيش السوري، حيث أصبحت تعمل تحت سلطة وزارة الدفاع ووفق السياسات الوطنية. وبعد ذلك توالت الأخبار عن إمكانية منح الجنسية السورية للمقاتلين الأجانب وأُسرهم، تقديراً لدورهم في "تحرير البلاد من النظام السابق؛ على أساس ان هؤلاء المقاتلين خضعوا لعملية فلترة أيديولوجية، وأن التخلي عنهم قد يُفضي إلى انضمامهم لتنظيمات أكثر تطرفاً أو كشف أسرار العقيدة القتالية للإدارة الجديدة، وبالتالي تصبح مكشوفة امام أجهزة الاستخبارات العالمية بكيانها الجديد. يضعنا هذا السيناريو أمام مسألة معقدة من عدة نواحٍ: فالجيش السوري الجديد هو جيش وطني جامع وموحّد لأبناء الدولة السورية، ولا يقبل في الوضع الراهن كون الجيش في طور التشغيل والتشكيل، ضمّ عناصر أجنبية ذات خلفيات جهادية متشددة. ومن جهة أخرى، فإن انتماء هؤلاء المقاتلين مختلف عن الانتماء الثوري للسوريين، على اعتبار ان مهمتهم في سوريا كانت دينية إيديولوجية وليست سياسية متعلقة بمجملها بإسقاط نظام الأسد كنظام أمني واستخباراتي. وهناك تحدٍّ إضافي متعلق بالتزامات مالية ولوجستية مرتبطة بتأمين هؤلاء المقاتلين ودفع رواتبهم على أنهم الأعلى أجراً في ن صفوف المقاتلين الى جانب فصائل المعارضة السورية سابقاً، بواقع 1500 دولار لكل عنصر، بالإضافة إلى عملية الفرز والرتب العسكرية مقارنة بضباط سوريين أصليين ما قد يفتح الباب امام التناحر الأمني والعسكري. أما على مستوى شرعية الدولة، فإن هذا الدمج قد يضعف شرعية الإدارة الحالية أمام المجتمع الدولي في حال ارتكب هؤلاء المقاتلون انتهاكات، ما يعيد للأذهان نماذج سابقة من الحروب بالوكالة والجيوش الموازية. اما الأمر الأكثر خطورة، فهو احتمالات انشقاق مقاتلين منهم أو إعادة التموقع في مشاريع أكثر تطرفاً قائمة، خصوصاً في ظل عدم وجود خطة لمعالجة الجذور الفكرية والسياسية التي أنتجت هذه الظاهرة من الأصل؛ وتسريب معلومات الجيش السوري الجديد لقوى استخباراتية خارجية. ومع أن هذا السيناريو قائم، إلا أنه يمكننا صياغة نظرة مغايرة واقعية تستحق التوقف عندها، لأنه يُعيد النظر في هذه التحديات من زاوية الأمن الإقليمي والأخلاق المدنية، ويقدّم حلاً وسطًا بين الإقصاء التام والدمج العسكري الكامل. فعلى المستوى الأمني، يُنظر إلى بقاء هؤلاء المقاتلين في سوريا كخيار أقل كلفة للدول التي ينتمون إليها، خصوصاً في أوروبا وآسيا الوسطى، حيث يُعدّ وجودهم داخل الأراضي السورية –تحت رقابة واضحة– وسيلة فعّالة للحد من تمدد الفكر المتشدد نحو بلدانهم الأصلية، وتفادي المخاطر الأمنية المرتبطة بعودتهم. أما على المستوى المدني و الأخلاقي، فإن كثيراً من هؤلاء المقاتلين قدموا إلى سوريا للقتال إلى صفوف المعارضة السورية المسلحة قبل كانون الأول/ديسمبر 2024، وشكلوا ثقلاً أمنياً وعسكرياً بحكم تدريبهم في معسكرات خارجية وفي ظروف مشددة و قاسية استفاد منها مقتلون آخرون، كما شكلوا نقلة في النظرة الإيديولوجية للقتال والمعارك في سوريا، لا سيما وأنهم أظهروا انضباطاً خلال مشاركتهم في العمليات العسكرية في سوريا، واستقروا لاحقاً داخل المجتمع المحلي من خلال الزواج والأعمال وتكوين الأسر في أماكن إقامتهم، لا سيما في أرياف حلب وإدلب و حماه والساحل السوري؛ دون تسجيل سلوكيات متمردة أو خارجة عن السيطرة. هذا الواقع يفرض مقاربة مدنية وأخلاقية تعترف بتحولهم الاجتماعي وتدعو إلى احتوائهم، لا تصفيتهم أو نفيهم، لما قد يخلقه من اختراقات عقائدية عابرة للحدود. يبقى دمجهم بالمؤسسة العسكرية أمراً قابلاً للجدل من الناحية الوطنية الصرفة، نظراً لما يشكّله من تحديات لسيادة الجيش السوري الجديد وهويته المحلية. من هنا، يُقترح العمل على دمجهم في إطار مدني خاضع للرقابة، عبر برامج إسكان، وتشغيل، وتأهيل مجتمعي، مع إمكانية منح الجنسية تدريجياً ضمن شروط صارمة وواضحة، بما يضمن تحويلهم إلى فاعلين مدنيين في مشروع الدولة، دون أن يشكّلوا عبئاً عسكرياً أو أمنياً مستقبلياً على دولة لا تزال قيد التشكيل بعد الإرث السيئ الذي خلفه نظام الأسد.

المدن
منذ 2 ساعات
- المدن
فوضى الإيجارات: أسعار خيالية وإخلاءات قسرية وانتهاك حقوق السكان
ليست الحرب الإسرائيلية الأخيرة على لبنان سوى اختبار جديد لهشاشة الدولة، خصوصاً في أكثر ما يحتاجه الإنسان في الأزمات: المأوى. فبينما كانت آلاف العائلات تُجبر على مغادرة منازلها في الجنوب والضاحية والقرى الحدودية، غابت أي خطة طوارئ سكنيّة واضحة، وتُرك الناس لمصيرهم، بلا حماية من التشرد أو الاستغلال. منذ بداية العدوان في تشرين الأول 2023، نزح أكثر من 1.2 مليون شخص، توزّعوا على بيوت أقارب، أو مراكز إيواء سرعان ما امتلأت، أو لجأوا إلى استئجار منازل بأسعار مضاعفة. ومع العدوان الإسرائيلي في شهر أيلول الفائت، كانت موجة رفع بدل الإيجارات قد بدأت في معظم المناطق الآمنة، خصوصاً في بيروت، الشوف، عاليه، صور، وصيدا، حيث ارتفعت أسعار إيجارات الشقق المفروشة بنسبة 45 إلى 60 في المئة، وفق دراسة أجراها "ستوديو أشغال عامة". استغلال وطرد جماعي غياب أي رقابة على سوق الإيجارات، والتخلّي الكامل عن دور البلديات، فتحا الباب أمام موجات طرد جماعي للمستأجرين منذ اندلاع الحرب في تشرين الأول 2023. لم يقتصر الدمار على الجبهات والمرافق العامة، بل امتدّ إلى تفاصيل الحياة اليومية، وعلى رأسها السكن. وجد النازحون أنفسهم في مواجهة خيارات محدودة ومكلفة، وسط غياب شبه تام للسياسات الحمائية الرسمية. وبين من لجأ إلى الإيجار، أو إلى أقارب، أو إلى مراكز إيواء بلغت طاقتها الاستيعابية القصوى 95 ألف شخص فقط، برزت مشكلات حادّة طالت الجميع بلا استثناء: لبنانيون، لاجئون سوريون وفلسطينيون، عاملات أجنبيات ومقيمون بجنسيات متعددة. ترافق النزوح مع ارتفاع أسعار الإيجارات السكنية، ومع إخلاءات قسرية، وإقصاء ممنهج لغير اللبنانيين من خطط إيواء الدولة، وهذا شكّل أزمة سكنية مضاعفة. إذ ارتفعت الإيجارات في المناطق "الآمنة" بنسب تراوحت بين 45 و60 بالمئة. أما متوسط إيجار الشقة المفروشة (100 متر مربع)، فارتفع من 300 إلى 500 دولار في الضواحي، وتجاوز 1000 دولار في بعض مناطق بيروت. في هذا السياق، توضح لمى أبو إبراهيم، باحثة في " ستوديو أشغال عامة"، لـ"المدن" أن "السكن غير مكرّس كحق، والحرب أظهرت ذلك من خلال رفع الإيجارات، والتضييق على المستأجرين بهدف طردهم واستبدالهم بنازحين بأسعار أعلى. هذا النموذج يستنزف مدخرات الجميع ويهدد الأمن السكني للجميع". وتضيف: "بشكل ممنهج، جرى طرد سوريين من مراكز الإيواء، فيما خُصصت أعداد قليلة لاستقبالهم، منهم مدرستان من أصل 13 مدرسة في طرابلس. كما طُرد نحو 600 شخص من مبانٍ عامة أو خاصة لجأوا إليها بسبب غياب البدائل، وبعضهم أُخرج قسراً من حدائق عامة بواسطة الأجهزة الأمنية، بحجة التعدي على الأملاك العامة". وتتابع: "أكثر من 4200 عائلة تلقّت إنذارات بالإخلاء منذ بداية الحرب، بينهم 1100 عائلة غير لبنانية. وكل هذه المؤشرات تؤكد هشاشة مفهوم الحق بالسكن في لبنان، ودور الدولة التي لا تتحرك إلا لحماية فئات محددة ولغايات سياسية". الفوضى العقارية.. بلا سلطة محلية تُقدَّر الأضرار في القرى الحدودية الجنوبية بما بين 5200 و5800 وحدة سكنية مدمّرة أو غير صالحة للسكن. وتشير أرقام الصليب الأحمر اللبناني إلى أن نسب التدمير في بلدات مثل عيترون، مارون الراس، رميش، ويارون تراوحت بين 60 و85 بالمئة من الأبنية، ما حوّلها فعلياً إلى مناطق منكوبة. وفي بعض القرى التي نُصبت فيها بيوت جاهزة، بدأ استهدافها من الطيران الإسرائيلي، ما أدى إلى تفريغها مجدداً. ما يزيد المخاوف من منع العودة على المدى الطويل، وتحويل النزوح إلى واقع دائم. وتؤكد أبو إبراهيم أن "الدمار الذي خلّفته الحرب الأخيرة يفوق ما شهدناه في تموز 2006، لا فقط من حيث الحجم، بل في طبيعته أيضاً. فقد جرى القضاء على الحيز العمراني والاجتماعي بشكل واضح، ومنع شبه تام لأي مظاهر حياة في بعض القرى. ويترافق الأمر مع نية تهجير طويل الأمد، أو حتى دائمة، كما يظهر في المناطق التي تتعرض فيها البيوت الجاهزة لاستهداف منتظم". حتى مطلع نيسان، كانت نحو 13 بلدة حدودية قد أُفرّغت بالكامل من سكانها، من بينها رميش، عيترون، بنت جبيل، وطيرحرفا، وسط غياب أي مسار واضح للعودة أو خطة لإعادة الإعمار. وتضيف أبو إبراهيم: "لا توجد أي خطة رسمية لتأمين سكن بديل. لا دعم مالي مباشر، لا بدل إيجار، ولا حتى مسودة قانون أو مشروع يُناقش في الحكومة أو البرلمان. الناس تُركت لمصيرها، فيما البيوت الجاهزة التي نُصبت كحلّ مؤقت، صارت بدورها هدفاً للغارات". حلول غائبة بانتظار السياسة في ظل غياب التشريعات، تتقدّم فوضى السوق العقاري. لا سقف للأسعار، ولا آلية لضبط الطرد الجماعي من السكن، ولا حماية للمستأجرين. تقول أبو إبراهيم في هذا السياق "ثمّة ضرورة لسنّ قانون عاجل وشامل للسكن في المجلس النيابي لحماية السكان. على أن يترافق مع حلول سريعة يمكن القيام بها من قبل السلطات المحلية ضمن صلاحيتها مثل اتخاذ إجراءات لضبط فوضى الإيجارات، وفرض قواعد تحمي الناس، ومراقبة عقود الإيجار، ومنع الطرد العشوائي". كل المؤشرات تدلّ على أن أزمة السكن في لبنان لم تعد أزمة مؤقتة ناتجة عن الحرب، بل هي حلقة في سلسلة ممتدة منذ سنوات، ظهرت مع أزمة الليرة، وانفجار بيروت، وبلغت ذروتها اليوم مع العدوان الإسرائيلي. واللافت أن كل هذه الكوارث لم تُنتج أي سياسة سكنية شاملة. هذا فيما الحقوق الأساسية للسكن تُعامَل في لبنان على أنها "ترف". فلا نقاش جدياً يفتح حول إصلاح منظومة الإيجارات، أو حماية الفئات الأكثر هشاشة، أو حتى تفعيل قانون "الإسكان الطارئ" الذي نام في أدراج اللجان النيابية منذ عام 2022. هذا رغم أن حل أزمة السكن أبعد من مجرد خطط إيواء. فالمطلوب تغيير سياسي يكرّس السكن كحق جماعي، وليس كامتياز محكوم بالجنسية أو الولاء أو القدرة على الدفع.

المدن
منذ 2 ساعات
- المدن
حتى لو هُزِمت المقاومة في فلسطين…إسرائيل لن تنتصر! (2)
"نهاية الفصل العنصري كانت شهادة على إمكانية النصر من خلال الإيمان بالعدالة، والصبر، والإصرار على المساواة". – الرئيس الأميركي الأسبق باراك أوباما مع تزايد التأييد الدولي لحل الدولتين، وتعاظم الاعتراف بحقوق الفلسطينيين في إقامة دولتهم المستقلة، وصل عدد الدول المعترفة بدولة فلسطين حتى أيار/مايو 2025 إلى 147 دولة من أصل 193 عضوًا في الأمم المتحدة. وقد انضمت إلى هذا المسار دولٌ ذات ثقل دبلوماسي، مثل إسبانيا، النرويج، أيرلندا، سلوفينيا، أرمينيا، جزر الباهاماس، جامايكا، ترينيداد وتوباغو، بربادوس، وكولومبيا، وكلها اتخذت قرارها بعد حرب غزة. كما أعربت دول أخرى، بينها فرنسا، المملكة المتحدة، ومالطا، عن نيتها اللحاق بهذا التوجه. لكن، ورغم هذا الزخم، لا تزال بعض الدول الكبرى ترفض الاعتراف الرسمي بفلسطين كدولة مستقلة، وفي مقدمتها: الولايات المتحدة، كندا، اليابان، كوريا الجنوبية، أستراليا، نيوزيلندا، سويسرا، ودول عدة من الاتحاد الأوروبي. الولايات المتحدة… محور المعادلة يبقى الموقف الأميركي حجر الأساس في كل ما يتعلّق بمستقبل الصراع. ففي ولاية الرئيس الأميركي دونالد ترامب الأولى، بدت واشنطن وكأنها تمنح إسرائيل "شيكًا على بياض": • اعتراف رسمي بالقدس عاصمة لإسرائيل. • شرعنة ضم الجولان المحتل. • الانسحاب من الاتفاق النووي الإيراني. • فرض عقوبات قاسية على طهران. • اغتيال قاسم سليماني، أحد أبرز القادة العسكريين الإيرانيين. لكنّ ولاية ترامب الثانية جاءت مخالفة للتوقعات. ففي 7 نيسان/أبريل 2025، استقبل ترامب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في البيت الأبيض، وأعلن بشكل مفاجئ بدء محادثات مباشرة مع إيران بشأن برنامجها النووي، مؤكدًا أن لقاءً "كبيرًا جدًا" سيُعقد بعد أيام. وتوالت المؤشرات على تباين المواقف بين الجانبين، إذ سرّبت وسائل إعلام إسرائيلية أن ترامب قال لنتنياهو في مكالمة لاحقة: "أريد حلًا دبلوماسيًا مع الإيرانيين… وأؤمن بقدرتي على إبرام صفقة جيدة". ورغم نفي مكتب نتنياهو لوجود خلاف، أكد ترامب بنفسه حصول المكالمة، وتشديده على التزامه بمسار التفاوض مع طهران، ورفضه لأي عمل عسكري إسرائيلي ضدها. وفي أوائل أيار/مايو، وقبيل أول جولة لترامب في الشرق الأوسط خلال ولايته الثانية، اتخذت واشنطن سلسلة خطوات فُسّرت على أنها ابتعاد عن المزاج الإسرائيلي: • وقف الحملة الجوية في اليمن، رغم تهديدات الحوثيين لإسرائيل. • تفاوض مباشر مع "حماس" لتأمين الإفراج عن الجندي الأميركي - الإسرائيلي إيدان ألكسندر. • زيارة إلى السعودية استُثنيت منها إسرائيل. • إعلان إنهاء العقوبات على سوريا. • عرض صريح على إيران بفتح صفحة جديدة إذا أُنجز الاتفاق النووي. كل هذه التحركات ترافقت مع فتور متزايد في العلاقة مع نتنياهو، الذي بات يرى في توجهات ترامب خطرًا على أجندته. أوروبا… الرأي العام يسبق الحكومات في الدول الأوروبية الكبرى، كشفت استطلاعات الرأي (لا سيما في فرنسا، بريطانيا، وألمانيا) عن تنامي تعاطف لافت مع الفلسطينيين، خصوصًا بين فئة الشباب. شارك مئات الآلاف في مظاهرات ضخمة مؤيدة لغزة، طالبت برفع الحصار ومحاسبة إسرائيل على جرائمها. وازدادت الدعوات في الأوساط البرلمانية والسياسية إلى: • تجميد صفقات الأسلحة مع إسرائيل. • مراجعة اتفاقات التعاون العسكري والتجاري. • دعم المساءلة أمام المحكمة الجنائية الدولية. أصبحت مفاهيم مثل العدالة الدولية وحقوق الإنسان جزءًا أساسيًا من الخطاب الرسمي لبعض الحكومات والأحزاب، لا سيما اليسار والخضر. وفي دول مثل النرويج، إسبانيا، وأيرلندا، استُدعي سفراء إسرائيل، ودُعمت مبادرات الاعتراف بدولة فلسطين. ورغم أن هذه التحولات ليست جذرية بعد، فإنها تراكمية، تُعمّق الفجوة بين المواقف الرسمية والرأي العام، وتؤسس تدريجيًا لتحوّل في السياسة الخارجية الأوروبية تجاه إسرائيل. داخل إسرائيل… تشققات في الهيكل قد يكون الخلاف داخل الكيان المحتل أحد العوامل المؤثرة، إذ تواجه الحكومة الإسرائيلية ضغوطًا متزايدة من الداخل، سواء من شخصيات سياسية وعسكرية أو من الشارع الإسرائيلي، تطالب بإنهاء الحرب على غزة والتوصل إلى حلول سياسية. هذه التحركات تعكس تغيرًا في المزاج العام داخل إسرائيل تجاه استمرار العمليات العسكرية في القطاع خاصة واتجاه مستقبل إسرائيل. مع اتهام عدد لا بأس به من أركان الدولة الصهيونية ومعارضي بنيامين نتنياهو كمثل رئيس الوزراء الأسبق إيهود باراك الذي حذر من أن استمرار الحرب سيقود إسرائيل نحو "الهاوية"، مشيرًا إلى أن الديمقراطية الإسرائيلية ومستقبل الدولة في خطر. وأكد أن نتنياهو هو المسؤول عن دفع البلاد إلى هذا الوضع الخطير. أما رئيس الوزراء الأسبق إيهود أولمرت فقد ذهب أبعد من ذلك بوصف العمليات العسكرية في غزة بأنها "حرب تدمير" و"قتل عشوائي للمدنيين"، معتبرًا أن إسرائيل ترتكب جرائم حرب، كما وصف حكومة نتنياهو بأنها "عصابة بلطجية"، محذرًا من تدهور صورة إسرائيل دوليًا وداعيًا إلى وقف الحرب قبل فوات الأوان. أما نائب القائد السابق للجيش الإسرائيلي، يائير غولان، فقد صرح بأن إسرائيل "تتجه لتُصبح دولة منبوذة، كما حدث مع جنوب أفريقيا، إذا لم نعد إلى رشدنا كدولة". وأضاف أن "الدولة العاقلة لا تخوض حرباً ضد مدنيين، ولا تمارس قتل الرضّع كهواية". أما وزير الدفاع ورئيس أركان الجيش الإسرائيلي السابق، موشيه يعالون، فقد أدلى بتصريحات مشابهة، منتقدًا طريقة تعامل الحكومة مع الحرب، معبرًا عن إدانته لها وفق قاعدة أخلاقية ترتكز ان قتل المدنيين العزّل والأطفال "يُفقد إسرائيل روحها والمبادئ الأخلاقية التي قامت عليها" وفق قوله. الانقسام الداخلي في إسرائيل عامل مؤثر على استقرار تلك الدولة وعلى حاضرها والأهم على مستقبلها. فالانقسام في جنوب أفريقيا ساهم مساهمة فاعلة في سقوط دولة الفصل العنصري. وجنوح المجتمع الإسرائيلي إلى اليمين ثم إلى اليمين الأكثر تطرفًا، يضع المجتمع هناك أمام انقسامات حادة قد تؤدي إلى صدامات لن تكون بأي شكل من الأشكال لمصلحة الاحتلال، والفصل العنصري، ومشاريع الإبادة، والتهجير. لا تطبيع مع مشروع تهجيري قد يكون وقف إطلاق النار، أو حتى اتفاقات السلام، جزءًا من لغة السياسة. لكن التطبيع مع إسرائيل، كما أثبتت التجربة هو خيار مختلف تمامًا. لقد أدرك الجميع اليوم أنّه لا يمكن تطبيع العلاقات مع كيان يسعى إلى تهجير أهل غزة نحو مصر، وأهل الضفة نحو الأردن. فـ"اتفاقات أبراهام" لم تُقدّم شيئًا ملموسًا للقضية الفلسطينية، بل كشفت مدى عدوانية إسرائيل على المستوى العالمي. إنها دولة تمارس "البلطجة" باسم معاداة السامية، وتغتال أفرادًا من أبناء الطائفة اليهودية لتشتيت الأنظار عن مجازرها، وتُسخّر الإعلام، والمال، والاقتصاد، في خدمة خطاب التضليل. لا يمكن لكيان لا جذور له في الجغرافيا، ولا صلة له بالمحيط، أن ينجح في فرض تاريخ مزوّر على حساب أصحاب الأرض. وفي النهاية، تبقى المعادلة الأوضح: وما الصبر إلا صبر ساعة.