logo
غارديان: الاتحاد الأوروبي وجد مؤشرات على انتهاك إسرائيل حقوق الإنسان.. فماذا بعد؟

غارديان: الاتحاد الأوروبي وجد مؤشرات على انتهاك إسرائيل حقوق الإنسان.. فماذا بعد؟

الجزيرةمنذ 4 ساعات

قالت صحيفة غارديان البريطانية إن الاتحاد الأوروبي خلص إلى وجود "مؤشرات" على انتهاك إسرائيل التزاماتها في مجال حقوق الإنسان بسبب سلوكها في غزة و الضفة الغربية ، لكن هذا لا يعني أنه سيفرض عقوبات عليها في وقت قريب.
وأوضحت الصحيفة -في تقرير بقلم جينيفر رانكين في بروكسل- أن دائرة السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي توصلت إلى استنتاج حذر مفاده أن "هناك مؤشرات" على انتهاك إسرائيل التزاماتها في مجال حقوق الإنسان، وذلك في مراجعة ل اتفاقية الشراكة بين الاتحاد وإسرائيل التي دخلت حيز التنفيذ عام 2000، والتي تشكّل أساس العلاقة بين الطرفين فيما يتعلق بالتجارة والتعاون الاجتماعي والبيئي.
واستندت المراجعة، التي أطلقتها الممثلة العليا للسياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي كايا كالاس تحت ضغط الدول الأعضاء التي روعها الحصار الإنساني المفروض على قطاع غزة، إلى المادة الثانية من الاتفاقية، وهي تنص على أن احترام حقوق الإنسان والمبادئ الديمقراطية "عنصر أساسي".
ومن المتوقع أن تقدم كالاس التقرير، الذي لا يزال مسودة مسربة غير منشورة، إلى الحكومة الإسرائيلية، وإلى وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي السبعة والعشرين المجتمعين في بروكسل يوم الاثنين.
ورغم أن الوضع الإنساني في غزة لا يزال كارثيا، مع حوادث إطلاق نار يومية مميتة على طوابير انتظار الحصص الغذائية، وتحذيرات من المجاعة وانهيار شبكات المياه، فإن إجراءات الاتحاد الأوروبي تسير ببطء، كما تقول الصحيفة.
وستقدم كالاس قائمة بالخيارات الممكنة لوزراء الخارجية في يوليو/تموز، قد تشمل نظريا تعليقا كاملا للتجارة مع إسرائيل، أو تجميد مشاركتها في برامج الاتحاد الأوروبي، لكن ذلك سيتطلب المزيد من الإجراءات القانونية، والموافقات غير المؤكدة.

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

بالأرقام.. هكذا يضيّق الاحتلال الخناق على خان يونس
بالأرقام.. هكذا يضيّق الاحتلال الخناق على خان يونس

الجزيرة

timeمنذ ساعة واحدة

  • الجزيرة

بالأرقام.. هكذا يضيّق الاحتلال الخناق على خان يونس

غزة- يجابه محمد الشاعر مشقة يومية من أجل تدبير احتياجات أسرته من المياه للشرب والنظافة الشخصية والمنزلية، في ظل توقف خدمات بلدية خان يونس في جنوب قطاع غزة ، لليوم الرابع على التوالي، نتيجة منع الاحتلال الإسرائيلي إمدادات الوقود اللازم لتشغيل مرافق ومضخات المياه والصرف الصحي وآليات تقديم الخدمات. وكانت البلدية تضخ المياه مرتين أسبوعيا للسكان والنازحين في المربعات السكنية ومناطق مراكز ومخيمات الإيواء التي لم تطلها إنذارات الإخلاء الواسعة، التي باتت تشمل حاليا غالبية مساحة المحافظة الكبرى من بين محافظات القطاع الخمس، ويقطنها زهاء 900 ألف نسمة من سكانها والنازحين فيها. يعيل الشاعر (54 عاما) أسرة مكونة من 10 أفراد، اضطروا للنزوح من منطقة "جورة اللوت" في شرق خان يونس إلى غربها، ويقول للجزيرة نت: "كنا نعاني من أجل توفير الطعام، والآن بتنا نعاني في توفير المياه، ونواجه في كل لحظة الموت بالقصف الذي لا يتوقف، أو جوعا وعطشا". أزمة عطش قبل نزوحه، كان الشاعر يعتمد على صهاريج تابعة لهيئات ومبادرات خيرية توزع المياه العذبة للشرب بالمجان، ويتزود بالمياه المالحة المخصصة للنظافة الشخصية والاستخدامات المنزلية من خطوط تابعة للبلدية ويخزنها في براميل تكفيه حتى الموعد التالي لوصلها. ويشكو حاليا من انقطاع تام للمياه في المنطقة التي ينزح بها غرب مجمع ناصر الطبي، وتتبع جغرافيًا ل منطقة المواصي ، حيث يتكدس غالبية سكان خان يونس والنازحين فيها، ويقول هذا الرجل العاطل عن العمل منذ اندلاع الحرب عقب السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023 "نواجه أزمة كبيرة، ولا أملك المال لشراء الطعام، فما بالكم بالمياه؟". ويشاطره النازح محمد سلطان المعاناة نفسها، ويقول للجزيرة نت إن إمدادات المياه تراجعت بشكل كبير خلال الأيام الماضية. ويقيم سلطان (61 عاما) وأسرته (27 فردا) في خيام داخل مخيم للنازحين في منطقة المواصي، منذ نزوحهم عن مدينة رفح في مايو/أيار الماضي، ومنذ نحو أسبوع يعاني هذا المخيم أسوة بكل المخيمات الأخرى من عدم توفر مياه الشرب والنظافة، حسبما يؤكد. وفاقم إعلان البلدية عن توقف خدماتها الحيوية من تدهور الواقع المعيشي والإنساني لسكان المدينة والنازحين، الذين تقيم غالبيتهم في خيام ومراكز الإيواء في المواصي غير المؤهلة، والتي تتعرض للتقليص المستمر بسبب القصف المستمر وإنذارات الإخلاء، مما ينذر بوقوع كارثة بيئية وصحية وشيكة، حسب لجنة الطوارئ بالبلدية. ويقول سلطان "نحن في غزة في سباق مع الموت، يلازمنا مثل ظل أجسادنا، ويلاحقنا في كل خطوة وفي كل مكان"، ويضيف -وقد فقد منزله في رفح ونجا قبل نحو 3 شهور من غارة جوية استهدفت خيمة مجاورة لخيمته- "الموت بات أقرب إلينا من أي وقت، وكل منا في غزة يشعر أنه يقف في طابور بانتظار الموت إما بالقصف أو الجوع أو العطش، أو بمرض حيث لا يتوفر الدواء". وكالأغلبية يضطر الشاعر وسلطان يوميا لملاحقة صهاريج شحيحة ونقاط متفرقة توفر المياه، والوقوف في طوابير طويلة ومزدحمة من أجل الحصول على كمية قليلة لا تفي بالاحتياجات الأساسية. وقالت "لجنة الطوارئ" في بلدية خان يونس إن الأزمة التي تعصف بالمدينة ناجمة عن منع الاحتلال إدخال الوقود للجهات والمؤسسات الأممية، اللازم لتشغيل مرافق ومضخات المياه والصرف الصحي وآليات تقديم الخدمات. وحسب مصدر مسؤول في اللجنة، فضل عدم ذكر اسمه لدواع أمنية، فإن هذه الأزمة تضر بنحو 425 ألف نسمة يقطنون في محافظة خان يونس وفي نطاق نفوذ بلدياتها السبع (مدينة خان يونس والبلدات الشرقية)، علاوة على زهاء 280 ألف نازح من مدينة رفح المجاورة، وآلاف النازحين من مناطق أخرى من وسط القطاع وشماله. ولتزويد هذه الكثافة العالية بالمياه، كانت البلدية تعتمد على 5 آبار من أصل 45 تعرضت للتدمير والتجريف، وخزان مياه أرضي وحيد من أصل 5 دمر الاحتلال بنيتها الإنشائية والكهروميكانيكية، وفقا لحديث المسؤول للجزيرة نت. وازداد الواقع المائي بالمحافظة سوءا مع أوامر الإخلاء الواسعة والتدمير الكبير للبلدات الشرقية (تشمل عبسان الكبيرة وعبسان الجديدة وبني سهيلا وخزاعة والقرارة والفخاري)، وتسببت في خروج خط ناقل للمياه من إسرائيل عن الخدمة. ويضيف المصدر ذاته أن أزمات مركبة نجمت عن الإخلاء الكبير والواسع لغالبية المناطق والبلدات والمربعات السكنية في المحافظة، والتي تتجاوز 95% من مساحتها الإجمالية المقدرة بـ108 كيلومترات مربعة، ولم يعد بإمكان البلديات السبع ممارسة مهامها في هذه البلدات كون الاحتلال صنفها "مناطق قتال خطيرة"، علاوة على عدم توفر الوقود. وتبرز من بينها أزمة تكدس 250 ألف طن من النفايات في مكبات مؤقتة، وأكبرها في "حي الأمل" غرب المدينة، ويتعذر الوصول إليها وترحيلها، مما يتهدد حياة المواطنين جراء انتشار المكاره الصحية والأمراض الفتاكة والأوبئة، حسب المسؤول البلدي. دمار هائل ومن بين عمليات عسكرية متكررة منذ اندلاع الحرب، تعرضت محافظة خان يونس في الفترة ما بين الخامس من ديسمبر/كانون الأول 2023 والسادس من أبريل/نيسان 2024، لعملية عسكرية واسعة، واجتاحتها قوات الاحتلال بالكامل، وعاثت فيها فسادا وتدميرا، شمل المباني السكنية والمنشآت المدنية والبنى التحتية. وحوّل الاحتلال بلدات خزاعة وعبسان الجديدة والقرارة إلى مناطق منكوبة، يناهز التدمير فيها نسبة 100%، إضافة إلى دمار هائل في باقي البلدات الشرقية المجاورة لها، التي تشتهر بالزراعة، وتمثل السلة الغذائية لسكان المحافظة ومناطق أخرى في جنوب القطاع. وفي نطاق نفوذ بلدية خان يونس، التي تبلغ مساحتها 54 كيلومترا مربعا من المساحة الإجمالية للمحافظة، يقول المسؤول في "لجنة الطوارئ" إن الدمار شمل: 300 كيلومتر من شبكات المياه. 4 خزانات مياه أرضية بسعة 20 ألف متر مكعب. 40 بئر مياه من أصل 45 بئرا. %80 من خطوط وشبكات الصرف الصحي. 34 كيلومترا من خطوط تصريف مياه الأمطار. 120 كيلومترا طوليا من الطرق. 20 آلية من أصل 26 تمتلكها البلدية تُستخدم في تقديم الخدمات الحيوية للسكان. استهدف الاحتلال البنية الإنشائية والكهروميكانيكية لـ7 محطات صرف صحي من أصل 9 محطات. ويحتاج سكان المدينة لنحو 300 ألف متر مكعب من المياه يوميا، يؤكد المصدر نفسه أنه لا يتوفر منها حاليا أي شيء، جراء توقف خدمات البلدية، ويعتمدون لتوفير احتياجاتهم اليومية على صهاريج مياه عذبة، وما يستخرجونه بواسطة "غواطس" وهي آبار محلية غير كافية. مخطط ممنهج وتتكدس الأغلبية بالمدينة في المواصي الساحلية التي تمثل ثلث مساحتها الإجمالية، وهي منطقة زراعية لا تتوفر بها طرق معبدة بنسبة تفوق 80%، وغير مؤهلة لاستيعاب الكثافة العالية من حيث عدم توفر البنية التحتية لتمديد شبكات المياه والصرف الصحي. وتضم محافظة خان يونس قرابة 890 مخيم نازحين منتشرة في أنحائها المختلفة، خاصة في المواصي، وتحتوي هذه المخيمات على زهاء 78 ألف خيمة، حسب مدير عام المكتب الإعلامي الحكومي الدكتور إسماعيل الثوابتة. ويقول الثوابتة -للجزيرة نت- إن النازحين في هذه المخيمات أُجبروا على الإقامة فيها جراء الدمار الهائل الذي يقارب 92% من المنازل والمباني السكنية والمنشآت في المحافظة، لافتا إلى أنها تفتقر لأبسط مقومات الحياة، من ماء وكهرباء وصرف صحي، مما يجعلها بيئة خصبة لتفشي الأمراض، وتشكل تهديدا حقيقيا لحياة المدنيين، خاصة الأطفال وكبار السن. وبرأي الثوابتة، فإن الاحتلال يهدف من وراء تشديد الخناق على خان يونس إلى تحقيق جملة من الأهداف العسكرية والسياسية والإستراتيجية، أبرزها إحداث تفريغ سكاني واسع عبر سياسة التهجير القسري والتدمير الشامل، في إطار ما يعرف بمخطط "المنطقة العازلة" القائم على اقتطاع أجزاء من جنوب القطاع وتغيير الواقع الجغرافي والديمغرافي فيه. وكون خان يونس من كبريات مدن القطاع و فلسطين عموما، وتتميز بموقع جغرافي حيوي وامتداد سكاني كبير، يجعلها -وفقا للثوابتة- هدفا مباشرا للاحتلال الذي يسعى من خلال تدميرها إلى فرض معادلة ردع شاملة، وإرسال رسالة تهديد لبقية مناطق القطاع مفادها أن "المقاومة ستُواجه بثمن باهظ يدفعه المدنيون".

الهند بين إيران وإسرائيل.. حياد محسوب أم انحياز مقنّع؟
الهند بين إيران وإسرائيل.. حياد محسوب أم انحياز مقنّع؟

الجزيرة

timeمنذ ساعة واحدة

  • الجزيرة

الهند بين إيران وإسرائيل.. حياد محسوب أم انحياز مقنّع؟

يفتح التصعيد الأخير بين إسرائيل وإيران وما تخلله من تهديدات بتقويض النظام في طهران الباب أمام سيناريوهات خطيرة لا تقتصر تداعياتها على طرفي النزاع فقط، بل تمتد إلى الدول المجاورة، وفي مقدمتها الهند بوصفها دولة محورية في جنوب آسيا تمتلك موقعا جيوسياسيا حساسا وتاريخا مركبا من العلاقات مع طهران وتل أبيب. ويضع هذا التصعيد العسكري غير المسبوق الهند أمام اختبار دبلوماسي معقّد وفي موقع بالغ الحساسية، فمن جهة تربطها شراكة أمنية وإستراتيجية عميقة مع إسرائيل تشمل صفقات تسليح ضخمة وتعاونا استخباراتيا وتكنولوجيا كبيرا، ومن جهة أخرى تحرص على الحفاظ على علاقاتها الاقتصادية مع إيران التي طالما كانت موردا مهما للطاقة وشريكا في مشاريع الربط الإقليمي مثل ميناء تشابهار. الهند -التي لطالما درجت على تبني سياسة خارجية قائمة على موازنة علاقاتها مع الدول المتنافسة خلال الأزمات وفق مقال تحليلي لمجلة فورين بوليسي الأميركية- باتت أمام استحقاق الدور الذي ستلعبه في الأزمة الراهنة، وسط تساؤلات عما إذا كانت ستبقى في مربع الحياد الحذر؟ أم تقدم دعما غير مباشر لإسرائيل؟ وكيف سيؤثر هذا الدور على مكانتها الإقليمية والدولية، خصوصا في ظل سعيها للظهور كقوة آسيوية متوازنة في بيئة مشحونة بالاستقطاب؟ الشراكة الهندية الإسرائيلية منذ مطلع التسعينيات شهدت العلاقات الهندية الإسرائيلية تحولا نوعيا تجاوز التعاون السري في الشأن الأمني ليصبح شراكة علنية ومتعددة الأوجه في مجالات الدفاع والتكنولوجيا المتقدمة والأمن السيبراني والزراعة. وتحولت تل أبيب إلى أحد أبرز موردي الأسلحة للهند، حيث وقّع الجانبان صفقات دفاعية بمليارات الدولارات خلال العقد الماضي. ومع صعود رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي إلى السلطة اكتسب هذا التحالف طابعا سياسيا أوضح، إذ كان أول زعيم هندي يزور إسرائيل رسميا عام 2017، واصفا العلاقة بين البلدين بأنها "خاصة" ومرتكزة على "مواجهة تهديدات مشتركة"، في إشارة إلى التحديات الأمنية والإرهابية كما تراها نيودلهي وتل أبيب. اتخذت الهند منذ بداية عملية طوفان الأقصى موقفا مؤيدا لما سمته الرد الإسرائيلي على لسان وزير خارجيتها جاي شنكر، وأكد رئيس وزرائها مودي أن "الإرهاب ليس له مكان في عالمنا"، في حين طالب سفير إيران في الهند إعراج إلهي نيودلهي بإدانة جرائم الاحتلال في غزة واستخدام علاقاتها مع إسرائيل لإيقاف الإبادة، وهو ما يعكس تناقضا واضحا في المواقف بين الطرفين. ورغم ذلك فإن الموقف الهندي أوضح أنه ضد توسيع الصراع في المنطقة، وعبر وزير الخارجية الهندي عن رغبة إيران بلعب دور الوسيط بين إسرائيل وإيران عقب المواجهة العسكرية التي حدثت بينهما العام الفائت. وتحتل الهند موقعا متقدما ضمن قائمة مستوردي الأسلحة الإسرائيلية، إذ تستحوذ على نحو 42% من صادرات تل أبيب العسكرية، وتشمل أنظمة متطورة مثل طائرات "هيرون" و"هيرمس 900″ المسيّرة، ومنظومات الدفاع الجوي "باراك"، وأنظمة الإنذار المبكر، إلى جانب تدريبات عسكرية مشتركة وتبادل استخباراتي في ملفات "مكافحة الإرهاب". الشراكة الهندية الاقتصادية مع إيران على الرغم من تعاظم علاقاتها مع إسرائيل فإن نيودلهي حافظت على علاقات نشطة مع طهران أساسها المصالح في مجال الطاقة والنقل الإقليمي، حيث ظلت إيران لسنوات المورد الرئيسي للنفط الخام للهند، ومُشارِكة في تطوير ميناء تشابهار الإيراني الإستراتيجي الذي يعد مدخلا إلى أفغانستان وآسيا الوسطى دون المرور عبر باكستان. لكن منذ 2019 أجبرت العقوبات الأميركية على صادرات النفط الإيرانية الهند على التراجع في التعاون مع طهران بشكل كبير، وفي فبراير/شباط 2025 طالت العقوبات 4 شركات هندية لاستيرادها النفط الإيراني. وواجه مشروع تشابهار أيضا ضغوطا من واشنطن رغم أهميته الإستراتيجية المتزايدة، مما ساهم في تراجع صادرات الهند إلى إيران من الأرز والأدوية، وسط استمرار التعاون في مجالات مثل الأمن البحري والطاقة، ورغم انحسار واردات النفط فإن قنوات الاتصال بقيت مفتوحة، فقد شددت نيودلهي على توسيع حضورها في ميناء تشابهار، كما اتسعت مجالات التعاون في الملف الأفغاني، خاصة بعد الانسحاب الأميركي. لكن العلاقة بين البلدين لا تخلو من التوتر، إذ لم تخفِ إيران في أكثر من مناسبة استياءها من أن الهند تضحي بها تحت ضغط الغرب أو إرضاء لإسرائيل، الأمر الذي عبرت عنه من خلال دعم المرشد الأعلى علي خامنئي لنضال الشعب الكشميري ومطالبة مسلمي العالم بدعمهم للتخلص من الاحتلال. وكان خامنئي قد وصف الوضع الراهن في كشمير بأنه نتيجة الإجراءات الخبيثة لبريطانيا قبل خروجها من شبه القارة الهندية، وأن البريطانيين تركوا هذا الجرح في هذه المنطقة بشكل متعمد من أجل استمرار الصراع في كشمير، وهي تصريحات لم تلق ترحيبا في نيودلهي بالطبع، ومع ذلك فإن نيودلهي تحرص على إبقاء إيران ضمن دائرة النفوذ الناعم دون الانخراط في تحالف مباشر معها، خشية الإضرار بعلاقاتها الخليجية والأميركية. موقف الهند من التصعيد الأخير منذ بدء الهجمات الإسرائيلية في 13 يونيو/حزيران الجاري على إيران اتخذت الهند موقفا متحفظا، ويأتي ذلك متسقا مع ما شهدناه خلال العامين الفائتين، فبعد امتناعها عن التصويت على قرار للجمعية العامة للأمم المتحدة يدعو إلى وقف فوري لإطلاق النار في غزة رفضت الهند الانضمام إلى بيان منظمة شنغهاي الذي أدان الهجمات الإسرائيلية على إيران واعتبرها انتهاكا للسيادة الإيرانية. وبدلا عن ذلك أصدرت وزارة الخارجية الهندية بيانا مقتضبا دعت فيه جميع الأطراف إلى "ضبط النفس والعودة إلى الحوار"، دون الإشارة إلى أي طرف بعينه ضمن محاولتها الحفاظ على إستراتيجية "الظهور كقوة عاقلة في عالم مضطرب"، فهي لم تُدن إسرائيل، لكنها لم تبارك هجماتها أيضا. وأشار مايكل كوغيلمان كاتب الموجز الأسبوعي في مجلة فورين بوليسي -والذي يتناول الأحداث في منطقة جنوب آسيا- إلى أن قرار نيودلهي يعكس مدى الصعوبات الدبلوماسية التي ستواجهها في التعامل مع صراع جديد خطير في الشرق الأوسط. هذا الحياد أثار جدلا داخليا في الهند، حيث اتهمت المعارضة حكومة مودي بالتخلي عن سياسة "عدم الانحياز" التاريخية والتقرب من إسرائيل، خاصة من حزب المؤتمر الذي وصف ذلك بأنه "تقرب مفرط من إسرائيل على حساب مكانة الهند الأخلاقية". في المقابل، بررت الخارجية الهندية هذه المواقف بكونها "دبلوماسية متوازنة"، واعتبرت أن صياغة بعض البيانات الدولية "تميل إلى الإدانة الأحادية لإسرائيل دون مراعاة تعقيدات الواقع". كما أعربت الوزارة عن "قلق عميق" من التوتر القائم، ودعت جميع الأطراف إلى "الكف عن التصعيد والعودة إلى مسار الحوار والدبلوماسية"، مشددة على أن "المصالح الاقتصادية والجيوسياسية للهند تحتم عدم تحول العلاقات مع طهران إلى محور استقطابي". وترى طهران أن امتناع الهند عن تأييد المواقف الداعمة لها في المحافل الدولية قد لا يكون مجرد تحفظ دبلوماسي، بل انحياز ضمني إلى إسرائيل، مما يزيد المخاوف الإيرانية من أن تُستخدم شراكات الهند مع تل أبيب في تبادل معلومات استخباراتية أو في مراقبة النفوذ الإيراني بمناطق مثل أفغانستان أو بحر العرب. وفي خلفية هذه العلاقة المزدوجة تقف دول الخليج العربي كعامل ضغط مهم، فالهند ترتبط بشراكات اقتصادية كبرى مع السعودية والإمارات، وتعد ملايين العمال من الجالية الهندية المقيمة هناك عنصرا حيويا في اقتصادها، وهذا ما يجعل نيودلهي تحرص على عدم إثارة استياء العواصم الخليجية، سواء من خلال التقرب الزائد من إيران أو التصعيد المبالغ فيه في دعم إسرائيل. ولا يمكن تجاهل دور الصين الخصم الجيوسياسي للهند التي تربطها علاقات وثيقة بطهران، سواء عبر مبادرة "الحزام والطريق"، أو في التعاون العسكري والاستخباراتي. وتخشى نيودلهي من أن تدفع أي مواجهة إيرانية إسرائيلية حادة إيران أكثر نحو بكين على حساب الشراكة المحتملة مع الهند، وقد يُضعف ذلك قدرتها على لعب دور "الجسر بين الشرق والغرب". فوائد مقابل مخاطر عالية ويمكن القول إن دوافع الهند المحتملة في دعم غير معلن لإسرائيل "إن حصل" تعتمد على اعتبارات إستراتيجية عدة، أبرزها ضمان استمرار الحصول على تقنيات دفاعية متطورة، وتعزيز الشراكة مع الولايات المتحدة في سياق مواجهة ناعمة للصين، وتقليص الاعتماد على إيران كمصدر للطاقة، إلى جانب الاستفادة من نقل التكنولوجيا في قطاعات حيوية كالمياه والزراعة. لكن هذه الفوائد تقابلها مخاطر عالية، من بينها تصاعد التوتر مع إيران ودول الخليج، وتنامي الاحتقان الداخلي نتيجة الرفض الشعبي لأي تحالف صريح مع إسرائيل، خاصة في أوساط الأقلية المسلمة داخل الهند. استمرار الصمت الحذر قد يمنح الهند هامشا مؤقتا للمناورة، لكنه في الوقت نفسه يفتح الباب أمام ضغوط متزايدة من واشنطن وتل أبيب لتعزيز الشراكة في مجالات الأمن السيبراني والاستخبارات، خاصة إذا طال أمد المواجهة. في المقابل، قد ترى طهران في هذا الحياد نوعا من التواطؤ، وهو ما قد يهدد مشاريع مثل "تشابهار"، ويعيد تنشيط التوتر الحدودي غير المعلن بين البلدين. وفي هذا السياق، يُرجَح أن تسعى نيودلهي إلى لعب دور مزدوج خلال المرحلة المقبلة من خلال تقديم نفسها وسيطا يحظى بثقة الطرفين، بالتوازي مع تعزيز التعاون مع إسرائيل في ملفات محددة دون الانخراط في تحالف معلن. وبحسب "فورين بوليسي"، فإن نهج تعامل الهند مع الصراع الإسرائيلي الإيراني يشبه موقفها من الحرب في أوكرانيا، فمن ناحية لن تدين إسرائيل وقادتها على الهجمات، ومن ناحية أخرى ستؤكد ضرورة تهدئة حدة المواجهات بين البلدين، وإفساح المجال للدبلوماسية لإنهائها. ويبقى التحدي الأكبر أمام السياسة الهندية هو إثبات قدرتها على الحفاظ على هذا التوازن الدقيق في منطقة باتت أكثر استقطابا ومواقف أقل تسامحا مع الوقوف على الحياد.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store