
إحصاء 1974 في الصحراء الغربية: ورقة البوليساريو والجزائر التي طواها الزمن
قصة الاحصاء ونتائجه
مع بداية السبعينات بدأت إسبانيا تخطط لإنهاء استعمارها للصحراء استجابة لضغوط داخلية وأخرى خارجية خصوصا من المغرب، وفي شتنبر من سنة 1974 شرعت في إجراء إحصاء لسكان الصحراء، حيث كانت تخطط لمنح مزيد من الحكم الذاتي للإقليم تمهيدا لإجراء استفتاء حول تقرير المصير.
ومن أجل إحصاء السكان، شكل متخصصون قدموا من مدريد فريقًا مع طلاب وموظفين شباب صحراويين كانوا يتحدثون العربية والإسبانية، وكانوا على دراية تامة بالمنطقة أو القبيلة التي ينتمون إليها. وتجول الفريق في عشر سيارات لاند روفر لمسافة 60,000 كيلومتر، وفي بعض المناطق التي يصعب الوصول إليها تمت التنقلات بواسطة مروحية.
في كل مخيم أو تجمع سكاني، كان المكلفون يتواصلون مع الشيوخ (رؤساء القبائل المعترف بها من قبل الإدارة الإسبانية) و في النهاية، تم تصنيف الاستمارات بواسطة الحاسوب. وظهر أن العدد الإجمالي للصحراويين هو 73,497 نسمة، منهم 38,336 رجلاً و35,161 امرأة؛ وكان من بين هؤلاء 35,909 (18,876 رجلاً و17,033 امرأة) تزيد أعمارهم عن سبعة عشر عامًا.
وبخصوص التوزيع القبلي فقد جاء كما يلي: الأزركيين (19000)؛ أولاد دليم (11000)؛ العروسيين (4500)؛ أولاد تدراوين (9000)؛ آيت يحسن (3000)؛ يكوت (1000)؛ أهل الشيخ ماء العينين (2500)؛ فيلالة (200)؛ تبالت (600)؛ مجات (450)؛ لاديكات (500)؛ لمير (700)؛ شناقلة (100)؛ آيت أوسى (150)؛ أولاد بوعيطا (40)؛ أولاد بوسبع (15)؛ أزوافد (80)؛ إمراگن (40).
هذه الأرقام، شملت الإحصائيات الإسبانية السكان المستقرين والمستقرين حديثًا الذين يعيشون في المدن الثلاث الرئيسية: العيون 28,010، السمارة 7,280، الداخلة 5,370. وفي هذا الإحصاء، لم يحتسب الإسبان، الصحراويين الذين اضطروا إلى مغادرة الصحراء الغربية، والذين هاجروا طوعًا لتجنب إعادة الاحتلال الإسباني عقب عملية "إيكوفيون" عام 1958.
وفقًا لأرقام معترف بها من قبل بعثات الأمم المتحدة ، فإن عدد هؤلاء اللاجئين خلال العشرين سنة الماضية يُقدر بحوالي 30,000 في المغرب، 4,000 في موريتانيا، و2,400 في الجزائر.
مآخذات المغرب
بعد سنة من توقيع اتفاق وقف إطلاق النار بين المغرب والبوليساريو لسنة 1991، وبالضبط في فبراير من سنة 1992 طعن وزير الداخلية المغربي آنذاك إدريس البصري ، من مدريد، في مصداقية إحصاء 1974، وأكد أنه تم التلاعب به، إذ تم استبعاد الصحراويين المؤيدين لانضمام الإقليم إلى المملكة.
وأكد البصري أن الإحصاء "أُجري في لحظة كانت فيها الحكومة الإسبانية تواجه المطالبة الإقليمية الوحيدة التي كان المغرب يطرحها آنذاك. وقد أُجري الإحصاء بهدف كبح هذه المطالب المغربية. لقد تم استبعاد أولئك الذين كانوا يؤيدون المطالب المغربية، كما استُبعد أيضًا أولئك الذين فروا من السيطرة الإسبانية. وتم تنفيذ الإحصاء في ظرف ستة أشهر فقط، رغم أن الأمر يتعلق بسكان من البدو الرحل، ما أدى إلى إغفال قبائل لم تكن حينها موجودة في الصحراء".
وأضاف: "بما أن الأمر يتعلق باستفتاء سيحدد بشكل نهائي مستقبل إقليم، وطبقًا لما ينص عليه اتفاق الأمم المتحدة، فإن جميع الأشخاص، وفقط أولئك الذين تعود أصولهم إلى الإقليم – حسب الدم والنسب – والذين يمكن تحديدهم علميًا، سيكون لهم الحق في التصويت".
ومع انطلاق عملية تحديد هوية السكان المؤهلين للتصويت في استفتاء لتقرير مصير المنطقة الذي كان مقررا مبدئيا في سنة 1992، بدأت الخلافات تتعاظم، وقدم المغرب لائحة تضمنت آلاف الأسماء التي لم تكن مدرجة في الإحصاء الإسباني، وهو ما رفضته البوليساريو، فيما كانت الأمم المتحدة تصر على ألا يتجاوز عدد المصوّتين 100 ألف شخص.
وفي سنة 1998 دافعت بعثة دبلوماسية مغربية عن هذا الموقف ، خلال زيارتها إلى مدريد، مؤكدة أن "ما بين 220.000 و240.000 صحراوي يجب أن يُدرجوا في لوائح الناخبين"، مع توجيه اتهامات للبوليساريو بعرقلة خطة الأمم المتحدة.
وكان آنذاك يقود الوفد المغربي إبراهيم حكيم، السفير المتجول للملك الحسن الثاني ، الذي انشق عن صفوف البوليساريو وتخلى عن منصبه كـ"وزير للخارجية" في الجبهة الانفصالية. ذكّر حكيم آنذاك بأن بعثة الأمم المتحدة لتنظيم الاستفتاء في الصحراء الغربية (المينورسو)، تعتمد، بالإضافة إلى الإحصاء الإسباني لعام 1974، على أربعة معايير إضافية لتحديد الهوية: الصحراويون الذين تواجدوا في الإقليم ولم يشملهم الإحصاء الإسباني؛ أسلافهم وأحفادهم؛ أبناء الآباء المولودين في الصحراء؛ وكل من أقام في الإقليم حتى عام 1974 لمدة ست سنوات متواصلة أو اثني عشر عامًا متقطعة.
وأكد أن غالبية من يحق لهم التصويت في الاستفتاء الذي دعت إليه الأمم المتحدة يعيشون في الأقاليم الجنوبية، أما الذين يتواجدون في مخيمات تندوف ، فهم، "أقلية ضئيلة"، مضيفًا أن "البوليساريو تعارض مشاركة جميع القبائل الصحراوية في الاستفتاء".
الأمم المتحدة تقبر خطة التسوية
في تقريره الصادر في يونيو 2001 ، أكد الأمين العام للأمم المتحدة أن "مسألة الانتماء القبلي غير المحدد إلى الإقليم كانت، منذ البداية، محور خلاف عميق بين الطرفين".
وأضاف أن "مسار تحديد الهوية، وجميع الأنشطة المرتبطة بتنفيذ خطة التسوية باستثناء الحفاظ على وقف إطلاق النار، قد وصلت إلى طريق مسدود في نهاية عام 1995، حين اعتبرت جبهة البوليساريو من غير المقبول المضي قدمًا في تحديد هوية أفراد 'قبائل الشمال' و'الساحلية الجنوبية' (المدرجين في الإحصاء الإسباني تحت الفئتين H وJ)، وخصوصًا المجموعات القبلية المصنفة تحت التسميات H41 وH61 وJ51/52".
واستمر التقرير بالإشارة إلى أن ردًا على قرار مجلس الأمن رقم 1309 (2000)، الذي دعا الأطراف إلى البحث عن حل نهائي لقضية الصحراء الغربية، كان المغرب مستعدًا لخوض حوار صريح وجاد مع الطرف الآخر بشأن النزاع الذي دام نحو 25 عامًا. أما جبهة البوليساريو، فقد رفضت الاقتراح المغربي، وأكدت استعدادها للتعاون والموافقة على أي حوار يندرج ضمن إطار خطة التسوية، معتبرة أن الحلول البديلة قد تجاوزتها الأحداث.
وأشار التقرير إلى وجود "شك كبير" في إمكانية تنفيذ خطة التسوية بصيغتها الحالية بطريقة تؤدي إلى حل سريع ودائم ومتفق عليه للنزاع حول الصحراء الغربية، وأضاف الأمين العام "أنا أؤيد هذا الرأي بالكامل".
وختم التقرير بالدعوة إلى التفكير في "حل سياسي بديل لخطة التسوية"، متمنيًا "أن يساهم المغرب وجبهة البوليساريو والجزائر وموريتانيا، كل على حدة وبشكل بناء، كأطراف، تحت رعاية مبعوثه الشخصي، في السعي لإيجاد حل سريع ودائم ومتفق عليه للنزاع حول الصحراء الغربية".
ورغم أن الأمم المتحدة توصلت إلى أن خطة التسوة القائمة على إحصاء 1974، لن تجد طريقها إلى التنفيذ، تواصل جبهة البوليساريو والجزائر إلى الآن اعتبارها "الحل الوحيد" للنزاع.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


هبة بريس
منذ ساعة واحدة
- هبة بريس
بعد صفعة زوما.. الجزائر تنظم مسرحية لدعم "البوليساريو" بجنوب إفريقيا للتغطية على عزلتها
هبة بريس كلما اشتد الخناق على النظام العسكري الجزائري داخلياً بالاحتجاجات والمطالب الاجتماعية، وخارجياً بعزلته الإقليمية والدبلوماسية، يعود الجنرالات إلى لعبتهم القديمة والمفضلة: أسطوانة 'التضامن مع الشعب الصحراوي' التي فقدت صلاحيتها، وصارت مثار سخرية في الأوساط الدولية الجادة. محاولة يائسة للرد على تصريحات الرئيس الجنوب إفريقي الأسبق جاكوب زوما آخر هذه المسرحيات جرت في مقر سفارة جنوب إفريقيا بالجزائر، تحت لافتة ما يسمى بـ'المنتدى الدبلوماسي للتضامن مع الشعب الصحراوي'، في محاولة يائسة للرد على تصريحات الرئيس الجنوب إفريقي الأسبق جاكوب زوما، الذي أكد خلال زيارته الأخيرة إلى الرباط أن 'الصحراء مغربية بلا جدال'. المنتدى، الذي بدا كعرض بائس من حقبة الحرب الباردة، لم يأت بجديد، بل أعاد اجترار شعارات متجاوزة من قبيل 'تقرير المصير'، وكأن قرارات مجلس الأمن لم تسقط منذ سنوات خيار الاستفتاء، وتعتمد اليوم على حل سياسي واقعي ومتوافق عليه، في إشارة واضحة إلى مبادرة الحكم الذاتي التي طرحها المغرب سنة 2007 وحظيت بدعم واسع من القوى الكبرى. وبدلاً من الانخراط في نقاشات عقلانية تواكب التحولات الإقليمية والدولية، انشغل الحاضرون في المنتدى بترديد مزاعم ضد المغرب، بلا أدلة، ولا تقارير موثوقة، بل حتى المنظمات الدولية نفسها سبق أن أثبتت زيف تلك الادعاءات الحقوقية. 'كذبة سياسية لم تعد تنطلي على أحد' الأكثر إثارة للسخرية أن البيان الختامي تجاهل الطرف الحقيقي في النزاع: الجزائر ذاتها، التي تحتضن وتموّل وتسلّح وتوجّه جبهة البوليساريو، بينما تحاول بكل وقاحة الإيحاء بأنها مجرد 'بلد جار محايد'. إنها كذبة سياسية لم تعد تنطلي على أحد، لا داخل أروقة الأمم المتحدة ولا خارجها. وإذا كان النظام الجزائري يظن أن مسرحيات من هذا النوع قادرة على إخفاء دوره المكشوف، فعليه أن يقرأ جيداً تقارير مبعوثي الأمم المتحدة، وآخرهم ستافان دي ميستورا، الذي شدّد بوضوح على ضرورة إشراك الجزائر كطرف أساسي في أي حل سياسي مقبل. في النهاية، يثبت النظام العسكري الجزائري مرة أخرى أنه عاجز عن تقديم أي بديل لشعبه سوى تصدير أزماته للخارج، وتحويل سفاراته إلى منصات للهتاف ضد المغرب، بينما تتكدّس الأسئلة المحرجة في الداخل: أين الغاز؟ أين الخبز؟ أين الحريات؟ ولماذا الطوابير تغزو بلاد البترول والغاز؟؟ العالم تغيّر، والمغرب يواصل ترسيخ سيادته وتنمية أقاليمه الجنوبية باعتراف القوى الدولية. أما الجزائر، فما زالت سجينة أوهام الماضي، متمسكة بخطاب العدو الخارجي الذي لم يعد يقنع حتى الجزائريين أنفسهم. تابعوا آخر الأخبار من هبة بريس على WhatsApp تابعوا آخر الأخبار من هبة بريس على Telegram تابعوا آخر الأخبار من هبة بريس على X مقالات ذات صلة


هبة بريس
منذ ساعة واحدة
- هبة بريس
بعد صفعة زوما.. الجزائر تنظم مسرحية لدعم 'البوليساريو' بجنوب إفريقيا للتغطية على عزلتها
هبة بريس كلما اشتد الخناق على النظام العسكري الجزائري داخلياً بالاحتجاجات والمطالب الاجتماعية، وخارجياً بعزلته الإقليمية والدبلوماسية، يعود الجنرالات إلى لعبتهم القديمة والمفضلة: أسطوانة 'التضامن مع الشعب الصحراوي' التي فقدت صلاحيتها، وصارت مثار سخرية في الأوساط الدولية الجادة. محاولة يائسة للرد على تصريحات الرئيس الجنوب إفريقي الأسبق جاكوب زوما آخر هذه المسرحيات جرت في مقر سفارة جنوب إفريقيا بالجزائر، تحت لافتة ما يسمى بـ'المنتدى الدبلوماسي للتضامن مع الشعب الصحراوي'، في محاولة يائسة للرد على تصريحات الرئيس الجنوب إفريقي الأسبق جاكوب زوما، الذي أكد خلال زيارته الأخيرة إلى الرباط أن 'الصحراء مغربية بلا جدال'. المنتدى، الذي بدا كعرض بائس من حقبة الحرب الباردة، لم يأت بجديد، بل أعاد اجترار شعارات متجاوزة من قبيل 'تقرير المصير'، وكأن قرارات مجلس الأمن لم تسقط منذ سنوات خيار الاستفتاء، وتعتمد اليوم على حل سياسي واقعي ومتوافق عليه، في إشارة واضحة إلى مبادرة الحكم الذاتي التي طرحها المغرب سنة 2007 وحظيت بدعم واسع من القوى الكبرى. وبدلاً من الانخراط في نقاشات عقلانية تواكب التحولات الإقليمية والدولية، انشغل الحاضرون في المنتدى بترديد مزاعم ضد المغرب، بلا أدلة، ولا تقارير موثوقة، بل حتى المنظمات الدولية نفسها سبق أن أثبتت زيف تلك الادعاءات الحقوقية. 'كذبة سياسية لم تعد تنطلي على أحد' الأكثر إثارة للسخرية أن البيان الختامي تجاهل الطرف الحقيقي في النزاع: الجزائر ذاتها، التي تحتضن وتموّل وتسلّح وتوجّه جبهة البوليساريو، بينما تحاول بكل وقاحة الإيحاء بأنها مجرد 'بلد جار محايد'. إنها كذبة سياسية لم تعد تنطلي على أحد، لا داخل أروقة الأمم المتحدة ولا خارجها. وإذا كان النظام الجزائري يظن أن مسرحيات من هذا النوع قادرة على إخفاء دوره المكشوف، فعليه أن يقرأ جيداً تقارير مبعوثي الأمم المتحدة، وآخرهم ستافان دي ميستورا، الذي شدّد بوضوح على ضرورة إشراك الجزائر كطرف أساسي في أي حل سياسي مقبل. في النهاية، يثبت النظام العسكري الجزائري مرة أخرى أنه عاجز عن تقديم أي بديل لشعبه سوى تصدير أزماته للخارج، وتحويل سفاراته إلى منصات للهتاف ضد المغرب، بينما تتكدّس الأسئلة المحرجة في الداخل: أين الغاز؟ أين الخبز؟ أين الحريات؟ ولماذا الطوابير تغزو بلاد البترول والغاز؟؟ العالم تغيّر، والمغرب يواصل ترسيخ سيادته وتنمية أقاليمه الجنوبية باعتراف القوى الدولية. أما الجزائر، فما زالت سجينة أوهام الماضي، متمسكة بخطاب العدو الخارجي الذي لم يعد يقنع حتى الجزائريين أنفسهم.


لكم
منذ 7 ساعات
- لكم
كمبوديا وتايلاند تتبادلان إطلاق النار على الحدود المتنازع عليها بينهما
أسفرت اشتباكات بين كمبوديا وتايلاند على حدودهما المتنازع عليها عن مقتل تسعة وإصابة آخرين الخميس، وفق ما أعلنت بانكوك، في أخطر تصعيد عسكري بين البلدين منذ حوالى 15 عاما. وأعربت الصين التي تحافظ على علاقات جيدة مع الجانبين، عن 'قلقها البالغ' إزاء الاشتباكات الجارية بين كمبوديا وتايلاند ودعت عبر الناطق باسم وزارة الخارجية الصينية غوه جياكون إلى 'حل القضايا بشكل صحيح عبر الحوار والتشاور'. وقتل ستة أشخاص بهجوم قرب محطة وقود في محافظة سيساكيت واثنان في محافظة سورين وواحد في مقاطعة أوبون راتشاثاني، وكلها في شمال شرق البلاد. وأعلن الجيش التايلاندي أنه نفذ الخميس ضربات جوية بطائرات من طراز إف-16 على هدفين عسكريين في كمبوديا. من جهتها، لم تعلن كمبوديا حصيلة القتلى عقب هذه الضربات. وناشدت تايلاند رعاياها في كمبوديا مغادرتها 'في أقرب وقت ممكن'. وقال رئيس الوزراء التايلاندي بالإنابة فومثام ويتشاياتشاي الخميس إن 'الوضع يتطلب إدارة حذرة' و'تصرفا يتناسب مع القانون الدولي'. وأضاف 'سنفعل كل ما يمكن لحماية سيادتنا'. من جهتها، اتهمت كمبوديا الخميس تايلاند بشن 'عدوان عسكري غير مبرر' ودانت 'بأشد العبارات هذا التصرف المتهور والعدائي'. وقالت بنوم بنه الخميس إنها خفضت العلاقات الدبلوماسية مع الدولة المجاورة لها إلى 'أدنى مستوى'. كذلك، طلب رئيس الوزراء الكمبودي هون مانيت الخميس من مجلس الأمن الدولي عقد 'اجتماع عاجل' مع اندلاع الاشتباكات. ووجه مانيت رسالة إلى رئيس مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة عاصم افتخار أحمد جاء فيها 'نظرا إلى الاعتداءات الخطيرة التي شنتها تايلاند أخيرا والتي هددت بشكل خطير السلام والاستقرار في المنطقة، أطلب منكم عقد اجتماع عاجل لمجلس الأمن لوقف عدوان تايلاند'. بدوره، دعا رئيس الوزراء الماليزي أنور إبراهيم الخميس تايلاند وكمبوديا إلى ضبط النفس وبدء الحوار. لكن التوترات التي تراكمت على مدى أسابيع من الاستفزازات والأعمال الانتقامية والتي أثرت على الاقتصاد وحياة العديد من السكان في المناطق المتضررة، بلغت ذروتها صباح الخميس بعد تبادل إطلاق النار صباح الخميس حول معبدين قديمين يعود تاريخهما إلى فترة أنغكور (القرنين التاسع والخامس عشر)، في محافظة سورين التايلاندية ومقاطعة أودار مينتشي الكمبودية. وتقاذفت وزارة الدفاع الكمبودية والجيش التايلاندي المسؤولية عن هذا الاشتباك الجديد، إذ ات هم كل من الطرفين الطرف الآخر بأنه من بدأ بإطلاق النار، في أحدث تصعيد في هذا الخلاف الطويل الأمد بين البلدين حول منطقة حدودية يتنازعان السيادة عليها. وقال الجيش التايلاندي في بيان إنه 'قرابة الساعة 8,20 صباحا (01,20 ت غ)، فتحت القوات الكمبودية النار باتجاه الجانب الشرقي لمعبد براسات تا موين ثوم، على مسافة نحو 200 متر من القاعدة التايلاندية'. كما اتهمت تايلاند كمبوديا باستخدام مسيرة فوق الموقع المتنازع عليه قرابة الساعة 07,35 (00,35 ت غ). وقال الجيش إن ستة جنود كمبوديين مسلحين مزودين قاذفات قنابل يدوية، اقتربوا لاحقا من سياج أسلاك شائكة، مضيفا أن القوات التايلاندية نادت عليهم لتجنب حصول اشتباك. بدورها، قالت الناطقة باسم وزارة الدفاع الكمبودية مالي سوتشيتا في بيان إن 'الجيش التايلاندي انتهك سلامة أراضي مملكة كمبوديا بشنه هجوما مسلحا على القوات الكمبودية المتمركزة للدفاع عن أراضيها السيادية'. وأضافت 'ردا على ذلك، مارست القوات المسلحة الكمبودية حقها المشروع في الدفاع عن النفس، بما يتوافق تماما مع القانون الدولي، لصد التوغل التايلاندي وحماية سيادة كمبوديا وسلامة أراضيها'. والأربعاء، طردت تايلاند السفير الكمبودي واستدعت مبعوثها إلى بنوم بنه بعدما فقد جندي تايلاندي ساقه في انفجار لغم أرضي على الحدود بين البلدين. وأشارت السلطات التايلاندية إلى أن تحقيقا عسكريا خلص إلى أن كمبوديا زرعت ألغاما أرضية جديدة على الحدود. ورفضت كمبوديا تلك الاتهامات موضحة أن المناطق الحدودية ما زالت مليئة بألغام نشطة من 'حروب ماضية'. وأدت التوترات إلى تعليق كمبوديا استيراد بعض المنتجات التايلاندية، وتقييد تايلاند الحركة عند المعابر الحدودية. كما تسببت بشكل غير مباشر في تعليق مهام رئيسة الوزراء التايلاندية بايتونغتارن شيناواترا عقب فضيحة أثارتها تسريبات من الجانب الكمبودي لمكالمة هاتفية مع هون سين الذي حكم كمبوديا لحوالى 40 عاما. وتنتظر بايتونغارن المتهمة بارتكاب انتهاكات أخلاقية، قرار المحكمة الدستورية الذي قد يؤدي إلى إقالتها من منصبها. وعلى الجانب الكمبودي، أعلن رئيس الوزراء هون مانيت، نجل هون سين، فرض الخدمة العسكرية الإجبارية اعتبارا من العام 2026 لمدة 24 شهرا على جميع الشباب الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و30 عاما. وكانت آخر اشتباكات حدودية حول معبد برياه فيهيار بين عامي 2008 و2011 وأسفرت عن مقتل 28 شخصا على الأقل ونزوح عشرات الآلاف.