
فليكن السيد رشيد الخيون : ضرورة التوثيق في الوقائع التاريخية …!عارف معروف
فليكن السيد رشيد الخيون : ضرورة التوثيق في الوقائع التاريخية …!
عارف معروف
نشر الكاتب رشيد الخيون مقالا في جريدة الزمان بالامس عنوانه ' مكرم الطالباني .. المخضرم السياسي الأخير ' رثى فيه الراحل واكد على مناقبه ، وقد رأيت ان اعرض ملاحظات وتساؤلات بصدد بعض الوقائع التي اوردها السيد الكاتب وكتبتها في تعليق له وادرجها لكم هنا مع مقال السيد الخيون ايضا ، نظرا لاهمية اي تناول لموضوع ' تاريخي '، حسب ما اعتقد ، وما يستلزمه ذلك من عناية وتوثيق :
السيد رشيد الخيون المحترم ، بعد التحية ، ارجو ان يتسع المقام لبعض الاسئلة والملاحظات بصدد المقال :
1- نفى البعث جملة وتفصيلا ان يكون قد استشار الشيوعي وطلب منه المشاركة ، وسخر القيادي البعثي المشارك في انقلاب 17 تموز تايه عبد الكريم من ذلك حين سؤل عنه في لقاءه المتسلسل مع حميد عبد الله ، وهذا امر منطقي وينسجم مع طبيعة الاشياء اذ كيف يمكن لحزب يخطط ويعد لانقلاب عسكري وقد احاط الامر بسرية تامة حتى عن اعضاءهِ ان يستشير حزبا آخر ويدعوه للمشاركة مع واقع نهر الدماء والاحقاد بينهما ؟! ان ذكر ذلك لم يرد الاّ عابرا في مذكرات المرحوم رحيم عجينة وهو ينقل رواية ويقول بصددها انهم حينما وقع الانقلاب (17 ) تموز كانوا يجتمعون في بيت قريب منه، في حي السكك ، وخمنوا او توقعوا جهة التنفيذ . في حين انك تقرره كواقعة منتهية دون توثيق او اسارة الى مصدر يعتد به.
2- الانقلاب عرفه الناس منذ ساعته الاولى والبيانات والاناشيد كانت تشير الى البعث وكذلك برقيات التهنئة ، ولم تكن هناك تلاوات قرآنية تتكرر (!) وكنت شاهدا على ذلك رغم صغر سني بسبب اهتمام العائلة ومتابعتهم للوقائع .
3- ليس هناك مصدر او دليل موثق على ان الشيوعيين هم من اخبر البعثيين بخطة انقلاب 1970 ، او ان موسكو اعلمتهم بذلك ، هذا ان كانت هناك خطة انقلاب او مؤامرة أصلا ، والراجح ان البعثيين ارادوا تصفية خصومهم السياسيين فتغدوا بهم وقادوهم على اختلاف الوانهم الى مسلخ قصر النهاية وقتلوا الكثير منهم : قوميين على شيوعيين على اسلاميين ورجال دين وعسكريين ، فكانت اطراف المؤامرة المزعومة : سمك على لبن على تمر هندي ، كما يقول المثل المصري…
4- كان الراحل الطالباني شخصية وازنة ومحترمة فعلا لكن النزاهة والعيش ضمن الراتب كانت صفة لم يختص بها وحده اذ لم يكن معروفا عن الوزراء والمسؤولين خلال العقود الجمهورية كلها ، عدا ما اشيع عن طاهر يحيى ، والذي قد يكون افتراءا من صنع الدعاية البعثية التي سبقت الانقلاب ومهدت له ، وحتى وزراء صدام نفسه ،فسادا او انهم لم يكونوا يكتفون برواتبهم وامتيازاتهم المعلنة والمحدودة ، عدا عائلته واقاربه ، وكانوا بعيدين ، حقا وفعلا ، وقد عرفت بعضهم عن كثب ، عن حال الفساد الذي شهدناه بعد 2003 وما نزال نشهد له ومنه صورا مخزية .
5- ان علاقة الراحل الطالباني بصدام حسين وبقاءه في بغداد بعد هرب الشيوعيين ولعبه دور الوساطة لصالح صدام ونظامه كان موضع ريبة وتساؤل وكان فيه الكثير مما يحسب عليه لا له ، رحمه الله .
كرم الطَّالبانيّ .. المخضرم السّياسيّ الأخير
رشيد الخيون
عاصر المحامي والوزير مكرم الطَّالبانيّ(1923-2025) عهود الدَّولة العراقيَّة كافة؛ مِن العهد الملكيّ(1921-1958)، والجمهوريّ بانقلاباته(1958-2003)؛ وفي العهود كافة: كان إمَّا سجيناً، وحزبياً تحت الأرض، أو وزيراً. أحد المحامين(1947) عن يوسف سلمان يوسف(فهد/ اُعدم1949)، مؤسس حزبه «الشّيوعي العراقيَّ»، بعدها سُجن وأطلق سراحه، ليكون بعد( 14 يوليو 1958) مديراً ومفتشاً عام، ثم تكليفه بوزارة البلديات(1959)، لكنه لم يبدِ حماساً، لأنها كانت مشروطة بالتخلي عن انتمائه الحزبيّ، وحين توزر ممثلاً لحزبه(1972) بعد إعلان الميثاق الوطني وقيام الجبهة بين البعث الحاكم والشّيوعي(1973-1979)، فأصبح وزيراً للري ثم للنقل. لكلّ ما تقدم يكون مُكرم الطَّالبانيّ آخر السَّاسة المخضرمين. كان وجهاً معروفاً لدى النّظام الجديد آنذاك(1968-2003)، فقبيل اِستلام البعث السّلطة(الأربعاء 17 يوليو 1968)، طلب أمين حزب «البعث» وقائد الانقلاب الجديد أحمد حسن البكر(تـ: 1982) مقابلته سراً، فوصله بهيئة طبيب، للتمويه؛ طالباً اِشتراك حزبه الشّيوعي بالانقلاب على العهد «العارفيّ»؛ ولم تحصل الموافقة، لتجربة اليسار المريرة مع «البعث» والقوميين السنة(1963). لذا؛ عندما بُثت البيانات، قبل إعلان البكر رئيساً للجمهورية، سمعها الطَّالبانيّ ببرود، وسط وجوم العراقيين، فهو مِن القلائل، مِن غير قادة «البعث»، لديه عِلم بالانقلاب، فقد ظلت هوية الانقلاب مخفيةً لأيام، وإذاعة لا تبثُ غير القرآن والبيانات.
جبهة وطنيَّة
كنا نسمع أنَّ الحزب الشِّيوعيّ، قبل الجبهة الوطنيَّة، كشف سر اِنقلاب مدبر ضد حكومة «البعث»، وساعة الصّفر يوم (1 يناير1970)، كان أحد الانقلابيين الضَّابط عبد الغني الرَّواي(تـ: 2011)، الذي لحزب مكرم واقعة مؤلمة معه، يوم كُلف بتنفيذ الشّريعة بالشّيوعيين وأنصارهم(1963)، لهذا الغرض أخذ فتاوى من فقهاء المذهبين، الشِّيعي والسّنيّ، لهذا كان حزب الطَّالباني حريصاً على كشف الانقلاب، فكلفته قيادته، لصلته بالبكر، حمل رسالة له، وحال تسليمها اتَّخذ الإجراء لإحباطه. استغل الطَّالباني الفرصة، بما قَدمه للبكر مِن فضلٍ، ونجح بإطلاق سراح المحكومين بالإعدام مِن رفاقه، بحوادث الموصل(1959). خرج معظم قادة حزبه مِن العِراق، بعد إلغاء الجبهة بينهم وبين «البعث»، بسبب المطاردات والإعدامات التي نالتهم. ظل الطَّالباني داخل العراق، بعد تقديم استقالته مِن الوزارة، وربّما خرج وعاد، فلعب دوراً في الوساطة، بين النّظام والمعارضة، ويلتقي بين فترة وأخرى بصدام حسين(أعدم: 2006)، بشأن الوساطة، أو الشَّفاعة لمحكومين بالإعدام. مثلما التقى بالبعثيين قُبيل نجاحهم باستلام الحُكم(1968) ممثلين بأحمد حسن البكر، التقى بهم قُبيل سقوطهم(2003)، ممثلين بصدام حسين، وبطلبٍ من الأخير، فالـ(35) سنة، بوقائعها الهوائل، مرت مرور السّحابة، بين اِرتفاع وسقوط. بحث صدام مع الطَّالبانيّ المسألة الكرديّة ومقترحات المعارضة، وكأنه لم يسمع سنابك الخيل تطرق على حدوده؛ فحينها كانت استعدادات الغزو قد تمت، وقضي الأمرُ.
أناقة معهودة
أتذكر، اِحتفل اليسار بانتصار الفيتناميين (ربيع 1975) على الأميركان، يومها رأينا الطَّالباني، بأناقته المعهودة، يُقدم الشّاعر محمَّد صالح بحر العلوم (تـ: 1992)، في مجلس السلم والتضامن ببغداد، يشحذ فيه روح الأربعينيات، عندما قال قصيدته السَّائرة آنذاك «أين حقّي»، لكن ما أنشده بحر العلوم ليتنا لم نسمعه، لتبقى صورته كما رسمناها للشَّاعر المطبوع، فما سمعناه كان صدىً خافتاً، وقد بلغ مِن الكبر عتياً، وبعدها نكسته المدائح المبتذلات.مَن يقرأ مذكرات الطَّالبانيّ يشعر به يماهي بين الماركسيّة والصوفيَّة؛ فتراه مع اِعتزازه بيساريته، أظهر اعتزازاً بتكية أجداه الطَّالبانيين، نسبة لقرية «طالبان» الكُرديَّة، مِن تكايا القادريّة، التي اِتَّخذت مِن علي بن أبي طالب عميد سلسلتها، وتقاسمت إقليم كردستان مع البارزانيّة، إحدى تفرعات النّقشبنديّة، التي تَّتخذ مِن أبي بكر الصِّدِّيق عميداً، دون ظهور نزاعٍ بين العميدين، علي وأبي بكر، في أعراف التكيتين، خلاف الحدة المذهبيَّة الطَّاغية(بعد 2003). لم يكن الطَّالباني آخر السِّياسيين المخضرمين فحسب، بل آخر الوزراء، الذين لم يدخل بيوتهم غير معاشهم(الرَّاتب)؛ وأظنها أمةً قد خلت.
كاتب عراقي
2025-02-22

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


ساحة التحرير
منذ 3 ساعات
- ساحة التحرير
تحرير العراق من أيران، فرصة هندستها أمريكا وأخذ بأسبابها الخط الوطني العراقي..!غيث العبيدي
تحرير العراق من أيران، فرصة هندستها أمريكا وأخذ بأسبابها الخط الوطني العراقي..!! غيث العبيدي* بحساب المراهنة على مشروع تحرير العراق من إيران، تطمح جماعات الخطوط الوطنية العراقية، بأعتبارهم جزء من الجسم الإجتماعي العام للشعب، والتي تظم عناصر سياسية ودينية وإجتماعية مختلفة، بجزئياتهم التي أنتجها ووضفها العقل الغربي، والتي تمثل المنطلق الاول للتغيير والتحول السياسي والإجتماعي في العراق، والذين تطوروا كثيراً في الآونة الأخيرة، بعلاقاتهم الجدلية مع النظام السياسي الحالي، على الالتزام الكامل للفوز بالمشروع، لتأسيس نظام سياسي جديد يتجاوز النظام السياسي الحالي بالأسس والشكل والتكوين، ويسمح لهم بالتأقلم مع المحيط العربي والإقليمي، ومتعاونين جداً مع أمريكا وحلفائها في الشرق الأوسط، ويسمحون لها بتطبيق فضائلها العسكرية وفوائدها السياسية وخططها الاستراتيجية في المنطقة، ويسهلون لها الأتصال المباشر بالجمهور بيسر وسهولة، ومرتبطين إلى حد كبير بالرؤية الأمريكية الجديدة تجاه العراق، ويلوحون بأنهم قادرين على إنهاء النفوذ الإيراني وتأثيراته على الحشد الشعبي وفصائل المقاومة في البلاد. ▪ الجماعات الوطنية والمشروع المشترك. هم كيانات سياسية وشخصيات أجتماعية وأحزاب وتكتلات شبة مغلقة، ومن الصعوبة على غيرهم الولوج بينهم، الا اذا كان منهم، ويمارس نفس النشاطات التي تمارسها الجماعة، ومتأثرين بمرجعياتهم السياسية السابقة «أحزاب وشخصيات» والدينية الحالية، ويربطهم مشروع سياسي أجتمعوا عليه، ودائماً ما يلجأؤن الى القوى الخارجية، لتشغيل قواهم المشاكسة للحكومات العراقية، وأستغلال بعض الأحوال الاجتماعية والسياسية، لتحريك الرأي وصناعة الأزمات. ▪ أهداف مشروع تحرير العراق من أيران. قانون المشروع جاء بمبادرة من السيناتور الجمهوري جو ويلسون، والديمقراطي جيمي بانيتا، ويهدف إلى إعداد خطة إستراتيجية موحدة وشاملة لمواجهة أيران في العراق تتماشى مع المتغيرات الإقليمية، بأعتبار أن الأخيرة تهدد الأمن القومي الأمريكي تهديد مباشر، حسب الموصوفات الأمريكية، وفي خطوته الجديدة فأنه وصل إلى فترة اكمال مهامه النهائية، أو التي تسبقها بخطوة، ومع الوضع السياسي لرئيس ورجل أعمال كدونالد ترامب، يخصص الاحتياجات بطلبات غير محددة، قد يربط المشروع بصفقات أقتصادية لا رجعة فيها. ▪ المشروع وميزان التحديات 'المنازعة والغلبة' الحكومة العراقية قد تعيد ترتيب علاقاتها مع أيران بشكل يتناسب والضغط الأمريكي، لكن لن يشمل ذلك الحشد الشعبي وفصائل المقاومة، ناهيكم عن التحديات الخارجية التي تواجههم في عموم المنطقة، وخاصة في البحرين الاحمر والعربي ومضيق هرمز، والتي لا يحيطها الإمداد ولا يغطيها الانتصار، وليس من الحكمة فتح جبهة جديدة في العراق. عموماً.. العلاقات العراقية الإيرانية ذات طوابع تاريخية عميقة، ومبنية على مصالح عقائدية، ولا يمكن زعزعتها بسهولة، ليبقى المشروع عبارة عن ورقة أبتزاز مكشوفة، ومادة مساومة، تقهر بها واشنطن الحكومة العراقية، لتأخذ بها ما تريد من جانب، وتفسد خياراتها من جانب أخر. وبكيف الله. ممثل مركز تبيين للتخطيط والدراسات الاستراتيجية في البصرة. 2025-05-23


الأنباء العراقية
منذ 9 ساعات
- الأنباء العراقية
هجوم صاروخي جديد من اليمن يستهدف وسط الكيان الصهيوني
متابعة - واع دوت صافرات الإنذار فجر اليوم الجمعة في تل أبيب ومناطق واسعة من الكيان الصهيوني نتيجة هجوم صاروخي من اليمن هو الثالث خلال 24 ساعة. وقال المتحدث باسم الجيش الصهيوني: " أنه عقب الإنذارات التي تم تفعيلها قبل قليل في عدة مناطق، تم اعتراض صاروخ أُطلق من اليمن". وأضاف أنه "تم رصد صاروخ أطلق من اليمن باتجاه الأراضي الصهيونية، وأن أنظمة الدفاع تعمل على اعتراض التهديد". وأعلن أنصار الله (الحوثيون) في وقت سابق من الخميس استهداف مطار بن غوريون بصاروخ بالستي بعد ساعات من صاروخ آخر تم إطلاقه على الكيان الصهيوني.

وكالة أنباء براثا
منذ 17 ساعات
- وكالة أنباء براثا
الشيخ جلال الدين الصغير يتحدث حول الانتخابات.. بين تنافس النخب وتفتيت المجتمع
التعليقات علي : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته نتمنى من أدارة المطار أن تسمح بدخول السيارات لأستقبال المسافر لأن نحن ... الموضوع : وزارة النقل تعلن قرب افتتاح ساحة النقل الخاص بمطار بغداد الدولي ----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ... الموضوع : تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41) منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ... الموضوع : النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ... الموضوع : الحسين في قلب المسيح ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ... الموضوع : محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل زياد مصطفى خالد : احسنت تحليل واقعي ... الموضوع : مسرحية ترامب مع زيلنسكي والهدف الامريكي !! ابو حسنين : انظرو للصوره بتمعن للبطل الدكتور المجاهد والصادق جالس امام سيد الحكمه والمعرفه السيد علي السستاني بكل تواضع ... الموضوع : المرجع الديني الأعلى السيد السيستاني يستقبل الطبيب محمد طاهر أبو رغيف قتيبة عبد الرسول عبد الدايم الطائي : السلام عليكم اود ان اشكركم اولا على هذا المقال واستذكاركم لشخصيات فذة دفعت حياتها ثمنا لمبادئها التي ... الموضوع : كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!! م خالد الطائي : السلام عليكم, شكرا لصاحب المقال, عمي مالك عبد الدايم الطائي: خريج 1970م، تخرج من كلية العلوم بغداد ... الموضوع : كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!