logo
الحزب الشيوعي السوداني من مناهضة الهبوط الناعم… إلى الشراكة في التمكين

الحزب الشيوعي السوداني من مناهضة الهبوط الناعم… إلى الشراكة في التمكين

التغييرمنذ 2 أيام
الحزب الشيوعي السوداني
من مناهضة الهبوط الناعم… إلى الشراكة في التمكين
تداولت الوسائط بياناً أصدره فرع الحزب الشيوعي السوداني – عطبرة، بتاريخ 31 يوليو 2025، حول زيارة قام بها وفد من قيادات الحزب ضم د. سيد أحمد الخطيب (عضو اللجنة المركزية)، والأستاذ مدني محمد عثمان، والمهندس محمد أحمد بابكر، إلى وزير البنى التحتية بولاية نهر النيل، المهندس سمير سعيد.
البيان أوضح أن الحزب قدّم 'مبادرة' لحل مشكلة مياه الشرب في مدينة عطبرة، تقوم على تمويل إنشاء شبكة طاقة شمسية لتشغيل محطة عطبرة الرئيسية الجديدة، والمحطة القديمة. وقد رحّب الوزير بالمبادرة، وتم تشكيل آلية مشتركة لمتابعة التنفيذ.
لم ينسَ البيان الإشادة بـ'حفاوة الاستقبال' وتوجيه الشكر لسعادة الوزير، لكنه أغفل تماماً الإشارة إلى تكلفة المشروع أو مصدر تمويله.
والسؤال المشروع هنا:
من أين لحزب يعاني الفقر والعجز المالي أن يموّل مشروعًا بهذا الحجم؟
أهو المال السياسي؟ أم دعم خفي من جهات أخرى؟
لكن ربما لا يهم هذا السؤال بقدر ما يهم جوهر القضية: التطبيع الصريح مع السلطة الانقلابية.
هذا الانحناء أمام سلطة الأمر الواقع ليس حادثًا طارئًا، بل استمرار لخط سياسي ملتبس بدأ منذ الثورة، حين لم تنقطع خيوط الوصل بين قيادة الحزب ودولة الإنقاذ العميقة. أمر سبق أن تناولته بالتفصيل في دراسة منشورة من أحد عشر جزءًا بعنوان: 'الحزب الشيوعي… مخترق أم مختطف؟'
المفارقة الصادمة أن من عارض حكومة حمدوك وأسهم في إسقاطها جنباً إلى جنب مع فلول النظام البائد، بدعوى تبنيها لـ'الهبوط الناعم'، هو نفسه اليوم يمد يده للتعاون مع سلطة الكيزان، ويسوّق ذلك تحت لافتة 'مبادرة خدمية'!
وإذا لم يكن هذا تمكيناً واستقراراً لسلطة الانقلاب، فما هو إذن؟
كيف يُعقل لحزب يشكّل لجنة تحقيق لبعض قيادييه – منهم أيقونة الحزب صديق يوسف، وآخرين من اللجنة المركزية – لمجرد تواصلهم مع قوى سياسية أخرى في إطار بناء تحالف واسع مناهض لانقلاب الكيزان ورافض للحرب، أن يقبل على نفسه التطبيع مع السلطة الانقلابية تحت دعاوى خدمية هشة؟
لقد انحرف الحزب عن الإجماع المدني تحت لافتة 'محاربة الهبوط الناعم'، فإذا بنا أمام شراكة جديدة، غامضة في أهدافها، مريبة في أطرافها. ومع من؟ مع القوى التي طالب الحزب بإقصاء كل منتسبيها من الحياة السياسية بعد الثورة!
الخدمات التي يتحدثون عنها ليست جديدة على الحزب؛ فقد ظل يقدمها تاريخياً عبر أذرعه الديمقراطية: اتحاد الشباب، الاتحاد النسائي، الجبهة الديمقراطية.
لكن أن يتم ذلك بالشراكة مع مغتصب السلطة، فهذا تحوّل خطير في المبدأ والمسار.
والسؤال الذي يتبادر إلى أذهان الكثيرين :
من أين لحزب معدم – فقير بالمعنى الحرفي – بالكاد يفي بالتزاماته تجاه متفرغيه، القدرة على تمويل مشاريع بهذا الحجم؟
وإذا كانت هذه الإمكانيات موجودة، فلماذا لم تُسخّر لتخفيف معاناة أهل عطبرة عبر الأجسام النقابية المستقلة أو التنظيمات المدنية الحقيقية مثل لجان المقاومة؟
ما يحدث اليوم لا يمكن تبريره لا بالظروف ولا بالبراغماتية السياسية؛
بل هو انزلاق مبدئي كامل نحو التطبيع مع سلطة القهر، وتخلٍّ فاضح عن إرث الحزب في الانحياز للشعب ضد جلاديه.
هذه ليست شراكة في خدمة المواطن، بل شراكة في إعادة تأهيل الطغيان. ومن يقبل بها، فهو يضع يده في يد من سرقوا الوطن، ويمنحهم صكّ البراءة باسم العمل العام.
كيف لحزب رفض عشرات الدعوات من تحالف 'تقدّم'، وبعده 'صمود'، لمناقشة سبل وقف الحرب، أن يتقارب مع أجهزة سلطة لا هدف لها سوى استمرار الحرب، وتأبيد الانقلاب، وخنق الحياة السياسية؟
حكومة ولاية نهر النيل ليست سوى امتداد مباشر لانقلاب البرهان، وخاضعة بالكامل لسيطرة الإسلاميين.
إنها ذات السلطة التي تطارد القوى الديمقراطية، وتعتقل الشباب الوطنيين، وتخنق الحريات.
فكيف لحزب يُفترض أن يكون في مقدمة المعارضين، أن يمدّ جسور التعاون معها باسم 'المصلحة العامة'؟
بعد هذا البيان، نطالب قيادة الحزب بأن تتحلى بالشفافية والشجاعة، وأن تُعلن على الملأ:
هل ستوجّهون كافة فروع الحزب للتعاون مع السلطات الانقلابية؟
ما هي حدود هذه 'الشراكة الخدمية'؟
منذ متى يملك الحزب القدرة المالية على تمويل مشاريع اقتصادية بهذا الحجم؟
وهل سيتوقف الأمر على عطبرة، أم سيمتد إلى بقية المدن؟
لقد صار الحزب، في ظل هذه القيادة، للأسف أقرب إلى ظلّ باهت، فقد صلابة مواقفه، وانخرط في تحالفات رمادية تخدم أعداء الثورة أكثر مما تخدم شعب السودان.
6 أغسطس 2025

هاشتاغز

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

الأزمة السودانية على طاولة مباحثات أمريكية تركية في إسطنبول
الأزمة السودانية على طاولة مباحثات أمريكية تركية في إسطنبول

التغيير

timeمنذ 31 دقائق

  • التغيير

الأزمة السودانية على طاولة مباحثات أمريكية تركية في إسطنبول

أعلن كبير مستشاري الولايات المتحدة لشؤون أفريقيا مسعد بولس عن اجتماع مع وزير الخارجية التركي ناقش فيه الأوضاع في السودان. الخرطوم ــ التعيير وقال بولس في تغريدة على منصة 'أكس' التقيتُ اليوم في إسطنبول بوزير الخارجية التركي هاكان فيدان، لمناقشة جهودنا في السودان وليبيا والصومال وقضايا أخرى في أفريقيا. و أضاف 'أكدنا أن تهيئة الظروف للسلام أمرٌ أساسيٌّ لإتاحة فرص النمو والازدهار على المدى الطويل في جميع أنحاء القارة'. و أكد بولس أن الولايات المتحدة وتركيا ستواصلان جهودهما المشتركة لتعميق التعاون وتعزيز العلاقات. وفي وقت سابق أعلن مستشار الرئيس الأميركي دونالد ترمب لشؤون العالم العربي وإفريقيا، مسعد بولس، أنه التقى بوزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي في العاصمة الأميركية واشنطن، حيث ناقشا تطورات الأزمة السودانية وسبل احتواء الصراعات الإقليمية. وأكد بولس عبر منصة 'إكس' أن اللقاء شدّد على استمرار الشراكة بين القاهرة وواشنطن في عدد من الملفات ذات الأولوية، من بينها السودان. وتأتي هذه التصريحات في وقت يمر فيه السودان بأسوأ أزماته منذ عقود، عقب اندلاع الحرب بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع في أبريل 2023، والتي خلّفت آلاف القتلى وملايين النازحين داخليًا وخارجيًا، وسط انهيار شبه كامل للمؤسسات الحكومية والبنية التحتية في العديد من المدن الكبرى، وعلى رأسها الخرطوم ونيالا والفاشر. وكان من المقرر أن تعقد اللجنة الرباعية الدولية اجتماعًا رفيع المستوى في واشنطن لبحث آفاق الحل السياسي السياسي في السودان، وسط جهود تقودها الولايات المتحدة والسعودية، بالتعاون مع مصر والإمارات، لإحياء مسار مفاوضات جدة، الذي تعثر مرارًا بسبب خلافات بين طرفي النزاع، وعدم التزام قوات الدعم السريع والجيش بوقف إطلاق النار.

تحذير أممي: «داعش» يعيد تموضعه في المنطقة مستغلاً الأوضاع في السودان
تحذير أممي: «داعش» يعيد تموضعه في المنطقة مستغلاً الأوضاع في السودان

التغيير

timeمنذ 31 دقائق

  • التغيير

تحذير أممي: «داعش» يعيد تموضعه في المنطقة مستغلاً الأوضاع في السودان

كشف تقرير أممي جديد أن تنظيم 'داعش' الإرهابي يقوم بتدريب مسلحين من شمال أفريقيا في السودان، بهدف إعادة نشرهم في المنطقة. ويأتي ذلك في ظل ملاحظة فريق الدعم التحليلي ورصد الجزاءات التابع لمجلس الأمن الدولي أن جهود مكافحة الإرهاب المستمرة قد كبحت عناصر تنظيمي 'داعش' و'القاعدة' في شمال أفريقيا. التغيير ــ وكالات التقرير، الذي قُدّم إلى مجلس الأمن في وقت سابق، رصد 'محاولات من تنظيم داعش لإعادة تشكيل وجوده في المنطقة من خلال تجنيد مسلحين من شمال أفريقيا وتدريبهم في حوض بحيرة تشاد والسودان والصومال ثم إعادة نشرهم'. وأوضح التقرير أن الهدف من هذا التحرك هو 'إحياء مكتب ذي النورين الخامل الذي يشرف عليه مكتب الفرقان منذ عام 2023'. من جانب آخر، كشف التقرير أن دولًا في شمال أفريقيا 'سلطت الضوء على التحديات في إدارة عودة المسلحين الإرهابيين الأجانب من المنطقة العراقية السورية'، مشيرًا إلى تفكيك خلية تابعة لـ'داعش' في ليبيا كانت تقوم بغسل الأموال لمساعدة المسلحين وعائلاتهم على الفرار من مخيم الهول في سوريا والانتقال إلى ليبيا. وفي هذا الصدد، أفاد الباحث في شؤون الحركات المتطرفة، ماهر فرغلي، بحسب 'العين الإخبارية' أن الحرب ونتائجها في السودان تؤدي إلى فرصة لانتقال وتسكين العناصر الخطرة، مما يفاقم نشاط تنظيم 'داعش' الإرهابي بالمنطقة. وأشار فرغلي إلى أن 'خلية الدندر' التي كُشفت عام 2012 في السودان، كانت نواة لتواجد 'داعش' في البلد الأفريقي. وأضاف فرغلي أن 'داعش أبدى اهتمامًا متزايدًا بالسودان عقب سقوط نظام عمر البشير في 2019″، موضحًا أن تقريرًا سابقًا لخبراء الأمم المتحدة عام 2023 قدر عدد أفراد 'داعش' في السودان بنحو 100-200 شخص، يتزعمهم شخص عراقي يُكنّى 'أبوبكر العراقي'، ويدير مجموعة من الشركات في أفريقيا. وأوضح أن الحرب الدائرة في السودان أسهمت في حدوث سيولة أمنية ساعدت 'داعش' على النمو، متخذًا من السودان محطة انتقال لشمال القارة ووسطها. وتابع فرغلي أن 'داعش عاد في أوائل العام الحالي للحديث عن السودان، إذ نشر رسالة في أوساطه الإعلامية تحت عنوان 'السودان المنسي'، دعا فيها عناصره في دول الجوار السوداني إلى إعادة الارتكاز والتموضع وتفعيل نشاط التنظيم والتواجد في الداخل السوداني'. وأضاف أن التنظيم يحاول تعزيز نفوذه في كل من الصومال واليمن وجيبوتي وكينيا، مما يبرز أهمية السودان في تلك العملية لنقل التمويل والأسلحة والدعم اللوجستي، ويسعى إلى تعزيز نشاطه في السودان بهدف الاقتراب من البحر الأحمر.

الحفاظ على حياة الناس هو الكرامة بعينها و ليس الموت دونها أو باسمها
الحفاظ على حياة الناس هو الكرامة بعينها و ليس الموت دونها أو باسمها

التغيير

timeمنذ ساعة واحدة

  • التغيير

الحفاظ على حياة الناس هو الكرامة بعينها و ليس الموت دونها أو باسمها

الحفاظ على حياة الناس هو الكرامة بعينها و ليس الموت دونها أو باسمها بكري الجاك انهيت للتو زيارة الى معسكر بيالي فى مقاطعة كرياندنقو بشمال يوغندا بصفتي الشخصية كمواطن سوداني و كفاعل فى الفضاء العام، و كما ذكر لي هي اول زيارة من اي جهة خارجية للمعسكر منذ وقوع الاحداث الدامية منذ اسابيع و التى ادت الى موت مواطن سوداني و تعرض عدد ليس بالقليل لاصابات بليغة. و رغم تكاثر الاحن الا انه هالني ما سمعت عن ما حدث و ما رأيته يحدث بعيني للالاف من الأسر السودانية و هي تواجه الخوف و الرعب و المصير المجهول، اذا ان الوضع مازال خطرا و مفتوحا علي كل الاحتمالات و تشوبه تعقيدات جمة، و سيتطلب تحقيق الحد الأدنى من الأمن تدخلات مختلفة فى مجالات متعددة و فى مستويات عدة. استمعت الي رجال و نساء يقفون بكل إباء و كبرياء و رؤوسهم شامخة (رغم انه لم يتذوق اي منهم طعم الاكل منذ اكثر من ٢٤ ساعة و قد اسر لي أحدهم بهذه المعلومة بعد نهاية الاجتماع) فى مقاومة الجوع و القهر و الخوف و الموت، يقفون كالاشجار التى تموت واقفة و هذا ما ظل يفعله المدنيون السودانيون في كل محطات النزوح و معسكرات اللجوء و هو الكرامة ذاتها فى ابهي تجلياتها. تمنيت فى تلكم اللحظة التى نزلت فيها دموع احد المتحدثين لاشعوريا من صعوبة الحكي و قسوة وصف ما يحدث و تبعتها دموع الحاضرين التى توارت خجلا من خلف الأكمة، تمنيت ان يكون قادة هذه الحرب من القوات المسلحة و القوات المتحالغة معها و قوات الدعم السربعة و حلفائها فى تأسيس ان يكونوا حضورا بيننا ليروا بعيونهم و يسمعوا باذانهم الموارد التى اوردونا اليها باستمرار هذه المقتلة، التى قبل كل شيء لم تبق من كرامة الانسان السوداني شيء بل و احالت حياته الى كابوس مستمر يكاد ان يكون الموت افضل من معايشته صباخ مساء. نتوسل اليكم جميعا ايها الفاعلون فى الحرب بدءا من اللذين يعطون الأوامر و اللذين يحملون السلاح و اللذين يدعمون اطرافها و يروجون الى سردياتها و اللذين يبررون لاستمرارها باي حجج كانت، باسم هؤلاء الموتي و الثكالي و المشردين و النازحين و اللاجئين، نتوسل اليكم ان أوقفوا هذه المقتلة الوطنية و هذا الخراب العظيم و يمكن ان نواصل جدلنا و خلافنا حول الماضي و الحاضر و المستقبل دون قتل او نزوح او تشرد. لا توجد سردية على وجه الأرض مهما كانت صحيحة و موثقة تبرر اخلاقيا لاستمرار هذه الحرب و القتل الجماعي، و تذكروا يا قوم أنه من السهولة ان يخلق الانسان سردية مقدسة لاي حرب ما و هذا ما ظلت تفعله البشرية لقرون تارة باسم الرب و تارة باسم الوطن و تارة اخري باسم الحق المقدس، الا ان الامر الذي لا شك فيه و اثبتته وقائع و احداث هذه الحرب ان لا مشروعية أخلاقية لها.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store