
أغربةُ العربْ
هم رجال شجعان، معروفون بالشجاعة والبأس والقوة، والسواد. وهم: عنترة بن شداد وأمه زبيبة، وخُفاف بن عُميْر، وأمّه نُدْبة، والسّليك السّعْدي؛ وأمه السليكة.
وكان أشهرهم ذكراً، وأنبههم شاناً هو عنترة بن شداد؛ نشأ عبداً في بيت أبيه، وكعادة العرب فيمن غَشِيَ منهم أمَتَه يتركها، حتى إذا كبر ولده اختبر ذكاءه ونجابته، فإن صدق فيهما اعترف به وألحقه بنسبه، وإلا أبقاه عبداً.
وسرعان ما ظهرت على عنترة إمارات الشجاعة، والنجدة، والبأس، فكان بذلك فارس عبس، فألحقه أبوه حينئذ جهراً دون همس.
قال عنترة:
أَمِن سُمَيَّةَ دَمعُ العَينِ مَذروفُ
لَو أَنَّ ذا مِنكِ قَبلَ اليَومِ مَعروفُ
المالُ مالُكُم والعَبدُ عَبدُكُمُ
فَهل عَذابُكِ عَنّي اليَومَ مَصروفُ
كأَنَّها يَومَ صَدَّت ما تُكَلِّمُنا
ظَبيُ بِعُسفانَ ساجي العَينِ مَطروفُ
وقد عكس شعره عدداً من فضائله ونبل أخلاقه:
ما اِستَمتُ أُنثى نَفسَها في مَوطِنِ
حَتّى أُوَفّي مَهرَها مَولاها
وَلَما رَزَأتُ أَخاً حِفاظَ سِلعَةً
إِلّا لَهُ عِندي بِها مِثلاها
أَغشى فَتاةَ الحَيِّ عِندَ حَليلِها
وَإِذا غَزا في الجَيشِ لا أَغشاها
وَأَغَضُّ طَرفي ما بَدَت لي جارَتي
حَتّى يُواري جارَتي مَأواها
إِنّي اِمرُؤٌ سَمحُ الخَليقَةِ ماجِدٌ
لا أُتبِعُ النَفسَ اللَجوجَ هَواها
«قيل لعنترة: أنت أشجعُ العرب؟ قال: لا. قيل: فبم شاع ذكرك؟ قال: كنت أقدمُ إذا رأيت الإقدام عزْماً، وأحجمُ إذا رأيت الإحجام حزماً، ولا أدخل إلا موضعاً أرى لي منه مخرجاً، وكنت أعتمد الضعيف الجبان فأضربه الضربة الهائلة يطيرُ لها قلب الشجاع فأثنّي عليه فأقتله».
سأل عمر بن الخطاب الحطيئة: كيف كنتم في حربكم قال: كنا ألف فارس حازم. وقال: وكيف يكون ذلك. قال: كان قيس بن زهير فينا، وكان حازماً، فكنّا لا نعصيه. وكان فارسنا عنترة، فكنا نحمل إذا حمل، ونحجم إذا أحجم.
وكان فينا الربيع بن زياد، وكان ذا رأي فكنا نستشيره ولا نخالفه، وكان فينا عروة بن الورد، فكنا نأتمّ بشعره، فكنا كما وصفت لك. قال عمر: صدقت.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


صحيفة الخليج
منذ 16 ساعات
- صحيفة الخليج
«نقل عجمان» تنظم مبادرة للحجاج بالتعاون مع الهلال الأحمر
نظّمت هيئة النقل – عجمان استقبالاً خاصاً للحجاج العابرين من دولة الإمارات إلى المملكة العربية السعودية لأداء مناسك الحج، في المحطة الرئيسية، بالتنسيق مع شركة 'بلاد الشام' لنقل الركاب بالحافلات، استعداداً لانطلاقهم براً إلى الأراضي المقدسة. وجاء تنظيم الاستقبال بالتعاون مع 'الهلال الأحمر الإماراتي'، حيث وزّعت المصاحف والتمر والمظلات على الحجاج، بمشاركة متطوعي الهلال الأحمر وموظفي الهيئة وأسرهم، الذين أسهموا في تقديم الدعم اللوجستي والميداني، وتنظيم إجراءات الانطلاق في أجواء يسودها الحس الإنساني والتكافل المجتمعي. وأكد عمر محمد لوتاه، المدير العام للهيئة تواصل دعم المبادرات الوطنية والإنسانية ضمن عام المجتمع، عبر توفير التسهيلات لضمان رحلة آمنة ومريحة للحجاج العابرين من دولة الامارات إلى بيت الله الحرام. وهذا التعاون يجسد قيم التضامن والشراكة المجتمعية التي تتميز بها دولة الإمارات. واختتمت الهيئة بتأكيد التزامها بتقديم خدمات متنوعة تخدم مختلف شرائح المجتمع، وتعكس الصورة الحضارية والإنسانية لإمارة عجمان في شتى المناسبات.


البيان
منذ 4 أيام
- البيان
أغربةُ العربْ
هم رجال شجعان، معروفون بالشجاعة والبأس والقوة، والسواد. وهم: عنترة بن شداد وأمه زبيبة، وخُفاف بن عُميْر، وأمّه نُدْبة، والسّليك السّعْدي؛ وأمه السليكة. وكان أشهرهم ذكراً، وأنبههم شاناً هو عنترة بن شداد؛ نشأ عبداً في بيت أبيه، وكعادة العرب فيمن غَشِيَ منهم أمَتَه يتركها، حتى إذا كبر ولده اختبر ذكاءه ونجابته، فإن صدق فيهما اعترف به وألحقه بنسبه، وإلا أبقاه عبداً. وسرعان ما ظهرت على عنترة إمارات الشجاعة، والنجدة، والبأس، فكان بذلك فارس عبس، فألحقه أبوه حينئذ جهراً دون همس. قال عنترة: أَمِن سُمَيَّةَ دَمعُ العَينِ مَذروفُ لَو أَنَّ ذا مِنكِ قَبلَ اليَومِ مَعروفُ المالُ مالُكُم والعَبدُ عَبدُكُمُ فَهل عَذابُكِ عَنّي اليَومَ مَصروفُ كأَنَّها يَومَ صَدَّت ما تُكَلِّمُنا ظَبيُ بِعُسفانَ ساجي العَينِ مَطروفُ وقد عكس شعره عدداً من فضائله ونبل أخلاقه: ما اِستَمتُ أُنثى نَفسَها في مَوطِنِ حَتّى أُوَفّي مَهرَها مَولاها وَلَما رَزَأتُ أَخاً حِفاظَ سِلعَةً إِلّا لَهُ عِندي بِها مِثلاها أَغشى فَتاةَ الحَيِّ عِندَ حَليلِها وَإِذا غَزا في الجَيشِ لا أَغشاها وَأَغَضُّ طَرفي ما بَدَت لي جارَتي حَتّى يُواري جارَتي مَأواها إِنّي اِمرُؤٌ سَمحُ الخَليقَةِ ماجِدٌ لا أُتبِعُ النَفسَ اللَجوجَ هَواها «قيل لعنترة: أنت أشجعُ العرب؟ قال: لا. قيل: فبم شاع ذكرك؟ قال: كنت أقدمُ إذا رأيت الإقدام عزْماً، وأحجمُ إذا رأيت الإحجام حزماً، ولا أدخل إلا موضعاً أرى لي منه مخرجاً، وكنت أعتمد الضعيف الجبان فأضربه الضربة الهائلة يطيرُ لها قلب الشجاع فأثنّي عليه فأقتله». سأل عمر بن الخطاب الحطيئة: كيف كنتم في حربكم قال: كنا ألف فارس حازم. وقال: وكيف يكون ذلك. قال: كان قيس بن زهير فينا، وكان حازماً، فكنّا لا نعصيه. وكان فارسنا عنترة، فكنا نحمل إذا حمل، ونحجم إذا أحجم. وكان فينا الربيع بن زياد، وكان ذا رأي فكنا نستشيره ولا نخالفه، وكان فينا عروة بن الورد، فكنا نأتمّ بشعره، فكنا كما وصفت لك. قال عمر: صدقت.


الإمارات اليوم
منذ 6 أيام
- الإمارات اليوم
فن الصمت
يقابل كلٌ منا في حياته الكثير من الناس، أصدقاء، زواراً، زملاء، معارف، وفي كل لقاء حديث وحكاية، ومشاعر متباينة بين النقاش والصمت. فالصمت فنّ راقٍ لا يتقنه إلا من أدرك أن الكلمة مسؤولية، وأن الإصغاء قوة، وأن في الصمت إجابة أبلغ من ألف عبارة. ومن الجميل أن هذا المعنى العميق للصمت كان محوراً لخطبة الجمعة الأخيرة، التي تناولت أهمية ضبط اللسان، والوعي بقيمة الكلمة، فخطب الجمعة، تؤدي دوراً بالغ الأهمية في تحقيق استدامة المعرفة بأسلوب مبسط، يلامس حياة الناس اليومية، بما ينعكس على وعي الأفراد وسلوكهم في المجتمع. احترام الصمت لا يعني الانطواء، بل هو وعي راقٍ يدعو الإنسان إلى التحكم في لسانه، والتمييز بين التحدث والصمت، وقد قيل: «إذا كان الكلام من فضة، فالسكوت من ذهب». في العلاقات الأسرية، يكون الصمت أحياناً أكثر فاعلية من مئة كلمة، فحين يغضب أحدهم، ويصرخ الآخر، ثم يصمت الطرف المقابل، يُمنح الجميع لحظة لمراجعة النفس، والتفكير في أثر الكلمة، أما في العمل، فكم من موظف تسرّع بكلمة أضاعت عليه فرصة، وكم من مدير حكيم اختار أن يصمت، ليستمع إلى موظفيه، ويفهم ما لا يُقال علناً. تقود لحظات الصمت إلى تأمل عميق في علاقة الإنسان بخالقه، وهو مساحة للاتصال الصادق مع الله بعيداً عن شوائب الضجيج. قال النبي محمد ﷺ «من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيراً أو ليصمت»، وهذا الحديث يؤكد أهمية الصمت حين يعجز الكلام. وفي عالم السرعة والتقنيات، حيث تقاس القيمة بعدد المتابعين، ويستعاض عن الحكمة بالمنشورات السريعة، يبقى الصمت عبادة خفية، ومهارة راقية، ولغة لا يتقنها إلا من اختار أن يكون عميقاً في زمن السطحية، وأن يصغي بصدق في زمن الضجيج. * مؤسس سهيل للحلول الذكية لقراءة مقالات سابقة للكاتب، يرجى النقر على اسمه