
حديث الجمعة : (( أولئك الذين هدى الله فبهداهم اقتده ))
اقتضت إرادة الله عز وجل أن يجعل أنبياءه ورسله الكرام صلواته وسلامه عليه أجمعين الذين اختارهم ،واجتباهم لتبليغ رسالاته إلى خلقه قدوة وإسوة لمن بعثوا فيهم . ولمّا كانت رسالة خاتم المرسلين سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم هي الرسالة الخاتمة ، وقد جعله الله عز وجل إسوة وقدوة للعالمين إلى قيام الساعة ، فإنه جل في علاه قد ضمن رسالته أخبارا عن رسله وأنبيائه الكرام صلواته وسلامه عليهم أجمعين من جهة تثبيتا لخاتمهم عليه أفضل الصلوات وأزكى السلام ، وقد اجتمعت فيه كل صفاتهم الحميدة ، فحاز بذلك شهادة الحق سبحانه وتعالى في الآية الرابعة من سورة القلم : (( وإنك لعلى خلق عظيم )) ، ومن جهة ثانية جعل له فيهم قدوة وإسوة كما جاء في الآية التسعين من سورة الأنعام : (( أولئك الذين هدى الله فبهداهم اقتده)) ، وهذه الآية الكريمة ذات صلة بالآية الخامسة والسبعين من نفس السورة ، وهي قوله تعالى : ((وإذا قال إبراهيم لأبيه آزر أتتخذ أصناما آلهة …)) وما بعدها من الآيات إلى الآية التسعين ، وهي آيات تضمنت الحديث عن أنبياء ورسل كرام صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين بدءا بخليل الله إبراهيم عليه السلام ، الذي قص علينا الله تعالى ما كان بينه وبين أبيه وقومه وهو يدعوهم إلى توحيد سبحانه وتعالى ،ونبذ عبادة الكواكب والأصنام ، ومرورا بذريته إسحاق ويعقوب عليهما السلام ، ثم نوح عليه السلام من قبلهم ثم داوود، وسليمان ،وأيوب ، ويوسف ، وموسى، وهارون ، وزكرياء ، ويحيى ، وعيسى ، وإلياس ، وإسماعيل ، واليسع ، ويونس، ولوط صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين ثم آباؤهم ، وذرياتهم وإخوانهم .
ومعلوم أن الخطاب الموجه إلى سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم في القرآن الكريم إما أن يكون خاصا به ، وإما أن يكون موجها إليه وعبره يكون موجها إلى عموم المؤمنين إلى يوم القيامة . وعندما أمر الله تعالى رسوله صلى الله عليه وسلم بالاقتداء بهؤلاء الذين ذكرهم من رسله وأنبيائه الكرام صلواته وسلامه عليهم أجمعين، فضلا عن آبائهم وذرياتهم وإخوانهم الذين اجتباهم وهداهم إلى صراط مستقيم ، وآتاهم الكتاب والحكم والنبوءة ، فإنه قد أمره بالاقتداء بهم جميعا في صفاتهم الحميدة كي تجتمع عنده كلها ليكون عليه الصلاة والسلام صاحب الخلق العظيم .
ولقد جاء في بعض كتب التفسير أن الاقتداء الذي أمر به عليه الصلاة والسلام لا يتعلق بشرائعهم إلا ما أمره به الله سبحانه وتعالى كما جاء في قوله في الآية الثالثة والعشرين بعد المائة من سورة النحل : (( ثم أوحينا إليك أن اتبع ملة إبراهيم حنيفا )) ،وفي الآية الثالثة عشرة من سورة الشورى : (( شرع لكم من الدين ما وصى به نوحا والذي أوحينا إليك وما وصينا به إبراهيم وموسى وعيسى )) ، هذا مع قوله تعالى في الآية الثامنة والأربعين من سورة المائدة : (( لكل جعلنا منكم شرعة ومنهاجا )) ، وهو ما يدل على وجود تقاطع بين شريعة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم ، وشرائع إخوانه الأنبياء والمرسلين صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين ، كما توجد شرائع خاصة بهم دون أن يؤمر بها رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهي مما نسخته شريعته بعد تمامها وكمالها كما قال أهل العلم . ومن الاقتداء الذي أمر به عليه الصلاة والسلام ما كان عليه المرسلون من زكاء النفس، وحسن الخلق ، وكريم الشمائل ، وعظيم مواقفهم التي سردها الله تعالى في الرسالة الخاتمة كي تقتدي بها أمته على طريقة اقتدائه بهم كما أمر بذلك عليه الصلاة والسلام .
ولو استعرضنا أحوالهم صلوات الله وسلامه عليه أجمعين التي توجب الاقتداء بهم لما اتسع المقام لذكرها في مثل هذا الحديث المقتضب ، ولكن لا بأس من ذكر نماذج منها على ألا تهمل كلها كي يتحقق الاقتداء على الوجه الأكمل كما تحقق عند رسول الله صلى الله عليه وسلم بشهادة رب العزة جل جلاله .
ولنبدأ بنموذج الخليل عليه السلام الذي بدأ به الله تعالى حيث ذكر ما دار بينه وبين أبيه وقومه من أجل إقناعهم بتنكب سبل الشرك ،والتزام سبيل التوحيد ، ووجه الاقتداء به في ذلك أنه اعتمد في دعوتهم إلى التوحيد أسلوب التدرج معهم انطلاقا مما كانوا عليه من فاسد الاعتقاد ثم الوصول بهم بعد ذلك إلى الوعي بضلالهم بالحجج الدامغة التي آتاه الله تعالى، والتي منها عجز الآلهة الأصنام العديمة الإرادة عن نفعهم أو ضرهم ، و كذا عجز الآلهة الكواكب والنجوم عن رعايتهم التي تقتضي الحضور الدائم بسبب أفولها بعد ظهورها . ومن الاقتداء بالخليل يلزم كل مؤمن أن يعتمد أسلوبه في الحجاج حين يدعو إلى عقيدة التوحيد ، وذلك بما يقتضيه ظرف المجادلة ، ونوعية المُجَادَّلين في كل زمان ومكان ، وهذا ما حدث مثله في زماننا هذا عند بعض كبار الدعاة مثل الداعية أحمد ديدات ، والداعية ذاكر نايك على سبيل الذكر لا الحصر ، وقد كان أيضا في أزمنة مضت أمثلهما يجادلون بالمنطق السديد والمقنع في أزمنتهم وأمكنتهم الوثنيين على اختلاف وثنياتهم . وللخليل عليه السلام العديد من الخصال التي أمر الله تعالى رسوله صلى الله عليه وسلم والمؤمنين أن يقتدوا بها . ولو اقتصر اقتداؤهم على اتباع أسلوبه في مجادلة أهل الشرك، لكان لذلك الأثر الكبير في حسن التبليغ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، كما بلغ هو عن رب العزة مقتديا بالخليل عليه السلام .
أما النموذج الثاني الذي أمر الله تعالى رسوله الكريم صلى الله عليه وسلم بالاقتداء به هو وأتباعه من المؤمنين ،فهو نبي الله نوح عليه السلام ،وقد سبق زمانه زمن الخليل عليه السلام ، فيستوقف المقتدين به أمران : أولهما طول نفسه في دعوة قومه الوثنيين إلى توحيد الله تعالى ، وصبره لقرون على ذلك ، وثانيهما براءته من ابنه الغريق الذي اختار الانحشار في زمرة أهل الضلال ، ولهذا على من يروم الاقتداء به أن يتخلق بصبره وطول نفسه في تبليغ دعوة التوحيد حيثما وجد ، ومهما كان نوع الشرك المهيمن في بيئته ، وأن تكون علاقة قرابته مبنية على أساس الدين، لا على أساس الدم أو الرحم .
أما النموذج الثالث، فهو نبي الله يعقوب عليه السلام الذي أبلى البلاء الحسن في الصبر على فقدان ابنه يوسف عليه السلام ،وقرة عينه ،فضلا عن رجائه المنقطع النظير في الله عز وجل ، وأمله الكبير في لطفه الذي قد تأخر ولكنه في الأخير حصل لا محالة . والاقتداء بهذا النبي الكريم يقتضي من المقتدين أن يكونوا على شاكلته في الصبر والتعلق بالرجاء في الله تعالى ، مع أنهم لن يستطيعوا إدراك شأوه ولكن يكفيهم اقتفاء أثره .
أما النموذج الرابع، فهو نبي الله يوسف عليه السلام الذي أبلى البلاء الحسن في تقوى الله عز وجل حين راودته التي هو في بيتها عن نفسه . والاقتداء به يقتضي من المقتدين أن يكون موقفهم كموقفه حين تعرض لهم أنواع المعاصي المغرية .
وأما النموذج الخامس، فهو نبي الله أيوب عليه السلام الذي أبلى البلاء الحسن في التحمل والصبر لما أصابه الضر . والاقتداء به يلزم المقتدين أن يكون صبرهم على الضر كصبره واحتسابهم كاحتسابه، علما بأن كل مؤمن معرض في هذه الدنيا لمثل هذا النوع من الابتلاء في كل زمان ، وفي كل مكان .
وأما النموذج السادس ،فهو نبي الله موسى ومعه أخوه هارون عليهما السلام اللذان أبليا البلاء الحسن في مواجهة طغيان فرعون . والاقتداء بهما يلزم المقتدين أن يكونوا على شاكلتهما في الصدع بالحق مهما كانت قوة الطغيان المانعة من الجهر به أو إظهاره.
وأما النموذج السابع، فهو نبي الله زكرياء عليه السلام الذي أبلى البلاء الحسن في الرجاء الكبير، والأمل العريض في عطاء الله عز وجل وإن طال انتظاره . والاقتداء به يلزم المقتدين أن يكون تعلقهم بالأمل في الله سبحانه وتعالى كتعلقه لا يثنيهم عنه تراخي الزمن مهما طال .
وأما النموذج الثامن، فهو نبي الله عيسى عليه السلام الذي ضرب المثل الرائع في نسبة ما آتاه الله من المعجزات الباهرة إلى واهبها دفعا لتوهم قومه أن فضلها يعود إليه ، ولقد حدث أن افترى بعضهم الكذب عليه حين نسبوها إليه ، وألهوه بسببها . والاقتداء به يلزم المقتدين بنسبة ما ينعم به الله تعالى عليهم إليه وحده ، وليس لأنفسهم .
وأما النموذج التاسع، فهو نبي الله إسماعيل عليه السلام الذي ضرب المثل الأعلى في التضحية بالنفس حين أخبره أبوه عليه السلام بما أراه الله تعالى في منامه ، وضرب المثل الأعلى في تصديق رؤيا أبيه تصديقا لنبوته . والاقتداء به يلزم المقتدين أن يكونوا على شاكلته في التصديق والتضحية بالنفس إذا اقتضى الأمر ذلك.
وأما النموذج العاشر، فهو نبي الله يونس عليه السلام الذي ضرب هو الآخر مثلا أعلى في التشبث بالأمل العريض بالله تعالى حين ابتلاه ربه ، ولم يغادره ذلك الأمل وهو في ظلمات بطن الحوت .والاقتداء به يلزم المقتدين أن يكونوا على شاكلته في الرجاء في الله تعالى مهما كانت درجة الشدة أو الضيق الذي يمرون به في حياتهم .
وأما النموذج الحادي ،عشر فهو نبي الله لوط عليه السلام الذي ضرب المثل الرائع في مواجهة فاحشة قومه التي لم يسبقهم إليها أحد من العالمين ، وكان يقينه كبيرا في أن الله تعالى سيحول بينه وبينهم واتخذه سبحانه ركنه الشديد لما أعوزته قوته أمام طغيان قومه . والاقتداء به يلزم المقتدين أن يكون عزمهم على مواجهة هذا النوع من الفاحشة حيثما ظهرت كعزمه ، وتوكلهم على الله تعالى لمواجهتها كتوكله . ولا يفوتنا أن نذكر أنه قد ظهر في الناس من يدعون جهارا نهارا إلى هذه الفاحشة المستقذرة .
وأما النموذج الثاني عشر، فهو نبي الله إلياس عليه السلام الذي سار على نهج الخليل عليه السلام في مواجهة وثنية قومه بالحجة الدامغة المفحمة لهم . والاقتداء به يلزم المقتدين بالسير على نهجه في مواجهة الضلال الوثني مهما كان نوعه .
أما النموذج الثالث عشر، فهما نبيا الله داود وسليمان عليهما السلام ،وقد آتاهما الله ملكا عظيما لكنهما ضربا المثل الأعلى في الاستعانة بما آتاهما ربهما على حسن طاعته وعبادته . والاقتداء بهما يلزم المقتدين السير على نهجهما في الاستعانة بعطاء الله تعالى ماعظم، منه وما كان دون ذلك على طاعته تحقيقا لشكر نعمه .
وحصيلة الاقتداء بهذه النماذج من المرسلين هي عبارة عن رصيد ثمين من الأخلاق السامية التي خلّقهم بها الحق سبحانه وتعالى، وقد اجتباهم وهداهم إلى صراطه المستقيم ، وآتاهم الكتاب والحكم والنبوة ، وأمر رسوله صلى الله عليه وسلم ،ومن آمن معه إلى يوم القيامة بالاقتداء بهم .
وقد ذكر في نفس السورة أنبياء آخرين هم إسحاق ، ويحيى ، واليسع عليهم السلام ، ولا شك أن لهم من الصفات والمواقف ما يدعو إلى الاقتداء بهم أيضا ،كما جاءت الإشارة أيضا إلى الاقتداء بما كان عليه آباؤهم وذرياتهم وإخوانهم .
ومن لم يذكروا في هذه السورة ، وذكروا في سور أخرى هم أيضا نماذج وإسوات وقدوات، يلزم من يقرؤون القرآن الكريم أن يقفوا ويعوا مواطن الاقتداء بهم استجابة لقول الله تعالى مخاطبا نبيه ومن خلاله كل المؤمنين به : (( أولئك الذين هدى الله فبهداهم اقتده )).
مناسبة حديث هذه الجمعة هي تذكير المؤمنين بما يلزمهم من اقتداء بمن أمرهم الله تعالى الاقتداء بهم من صفوة خلقه عليهم أفضل الصلوات وأزكى السلام ، ولا يتأتى ذلك إلى بالمصاحبة الدائمة للذكر الحكيم الذي يخبرنا بأحوالهم وأخلاقهم السامية ، مواقفهم . وإذا ما كثرت معاشرتنا لهم عن طريق معاشرة هذا الذكر الحكيم باستمرار، وحرصنا على استقصاء ما أجمله عنهم من أخبار وأحوال وصفات في تفاصيل كتب التفاسير، حصلنا على رصيد ثمين من أخلاقهم السامية ،نحاكيها فيها دون أن نبلغ شأوهم، ولكننا نوشك أن نطمع بذلك في وضع أقدامنا على صراط الله المستقيم الذي هداهم إليه ، ولنا فيه الرجاء الكبير والأمل العريض في نيل هذا العطاء .
اللهم إنا نسألك أن تمن علينا بقبس مما خلّقت به أصفيائك المرسلين عليهم أفضل صلواتك وأزكى سلامك ، ومما خلقت به عبادك الصالحين عليهم رضوانك ورحماتك .اللهم لا تخالف بنا عن نهجهم ، ولا تحرمنا صبحتهم في جنتك . الله اغفر لنا زلاتنا ، وأقل عثراتنا ، وأكشف كرباتنا ، وارحمنا برحمتك الواسعة .
والحمد لله الذي تتم بنعمته الصالحات ، وصلى الله وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


أكادير 24
منذ 3 ساعات
- أكادير 24
التوبة إلى الله: باب الرحمة والمغفرة في زمن الفتن
لقد خلق الله الإنسان وهو يعلم ضعفه وقابليته للخطأ والذنب. فكما جاء في الحديث الشريف: 'كل ابن آدم خطاء، وخير الخطائين التوابون'. وحتى لو لم نذنب، فإن الله بفضله ورحمته هو الذي جعل التوبة سبيلاً لغفران الذنوب وتقرب العبد إليه. إن رحمة الله تتسع لكل ذنب، وعفوه يشمل كل خطيئة، فلا يقنط عبد من رحمته مهما بلغ ذنبه. يقول الله تعالى في كتابه الكريم: {قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لاَ تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ} [الزمر:53]. وهذا تأكيد على أن باب التوبة مفتوح دائمًا، وأن الله يبسط يده بالليل ليتوب مسيء النهار، ويبسط يده بالنهار ليتوب مسيء الليل، إلى أن تطلع الشمس من مغربها. التوبة في زمن الفتن: كيف تواجه التحديات؟ نعيش اليوم في زمن كثرت فيه الفتن وتيسرت أسبابها. لقد أصبحت وسائل التواصل الاجتماعي منصات سهلة لنشر الرذائل والفساد، وأصبحت الفواحش تنتشر بسرعة وتدخل إلى بيوتنا وحياتنا. ومع هذا الانتشار للفتن وتأثير إبليس وأتباعه على الناس لإضلالهم، يظل باب التوبة مفتوحًا من الله تعالى الذي يعلم ضعف عباده وعجزهم. إن الله سبحانه وتعالى أزال كل حاجز يحول دون توبة العبد، فباب التوبة مفتوح دائمًا، ولا يُغلق إلا إذا بلغت الروح الحلقوم، أو طلعت الشمس من مغربها. إنها دعوة إلهية مفتوحة للرحمة والعفو والتوبة، تدعوك للعودة إلى الله مهما كانت ظروفك. محبة الله للتائبين: الفرحة بعودتك من عظيم فضل الله أنه لا يكتفي بقبول التوبة، بل إنه يحب التوابين ويفرح بتوبتهم. يقول تعالى: {إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ} [البقرة:222]. وهذا الفرح أشد من فرحة الضال الذي وجد راحلته في الصحراء بعد أن فقدها. إنها محبة خاصة من الله لعبده الذي يعود إليه نادمًا مستغفرًا. عندما تتوب وتُقبل على الله، فإنه يفرح بعودتك ويحب توبتك. إياك والقنوط: لا تيأس من رحمة الله لقد حذرنا الله تعالى من القنوط من رحمته واليأس من مغفرته. بل إن القنوط من رحمة الله قد يكون أعظم من الذنب نفسه. يقول الله تعالى: {وَمَن يَقْنَطُ مِن رَّحْمَةِ رَبِّهِۦٓ إِلَّا ٱلضَّآلُّونَ} [الحجر:56]، و {وَلَا تَيْأَسُوا مِن رَّوْحِ اللَّهِ ۖ إِنَّهُ لَا يَيْئَسُ مِن رَّوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ} [يوسف:87]. هذه الآيات تؤكد أن رحمة الله أوسع من كل ذنب ارتكبته، وكل ما عليك هو أن ترجع إليه وتتوب، وهو سيقبل توبتك. مهما استكثرت ذنوبك أو استعظمتها، تذكر نداء الله لك: 'يا ابن آدم! إِنَّكَ ما دَعَوْتَنِي ورَجَوْتَنِي غَفَرْتُ لكَ على ما كان فيكَ ولا أُبالِي'. إن الله يغفر الذنوب جميعًا إذا أشركت به شيئًا وتبت إليه بصدق. التوبة المتكررة: باب العودة مفتوح دائمًا قد يتوب العبد توبة صادقة ثم يعود للذنب مرة أخرى بسبب وسوسة الشيطان أو غلبة الهوى. في هذه الحالة، قد يوسوس الشيطان بأن هذه التوبة ليست مقبولة أو أنها استهزاء، لكي يمنع العبد من العودة إلى الله. ولكن الرسول صلى الله عليه وسلم أوضح أن باب التوبة مفتوح دائمًا، مهما تكرر الذنب والعودة إليه. إن الله يقبل توبة العبد الذي يذنب ثم يستغفر ويعود إلى التوبة، حتى لو تكرر ذلك مرات عديدة. المهم أن تكون التوبة صادقة، والعزم على عدم العودة إلى الذنب حقيقيًا. فالله يغفر لعبده الذي يعلم أن له ربًا يغفر الذنب ويأخذ بالذنب، ويتقبل منه توبته المتكررة ما دام يجددها بصدق.


وجدة سيتي
منذ 14 ساعات
- وجدة سيتي
حديث الجمعة : (( أولئك الذين هدى الله فبهداهم اقتده ))
اقتضت إرادة الله عز وجل أن يجعل أنبياءه ورسله الكرام صلواته وسلامه عليه أجمعين الذين اختارهم ،واجتباهم لتبليغ رسالاته إلى خلقه قدوة وإسوة لمن بعثوا فيهم . ولمّا كانت رسالة خاتم المرسلين سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم هي الرسالة الخاتمة ، وقد جعله الله عز وجل إسوة وقدوة للعالمين إلى قيام الساعة ، فإنه جل في علاه قد ضمن رسالته أخبارا عن رسله وأنبيائه الكرام صلواته وسلامه عليهم أجمعين من جهة تثبيتا لخاتمهم عليه أفضل الصلوات وأزكى السلام ، وقد اجتمعت فيه كل صفاتهم الحميدة ، فحاز بذلك شهادة الحق سبحانه وتعالى في الآية الرابعة من سورة القلم : (( وإنك لعلى خلق عظيم )) ، ومن جهة ثانية جعل له فيهم قدوة وإسوة كما جاء في الآية التسعين من سورة الأنعام : (( أولئك الذين هدى الله فبهداهم اقتده)) ، وهذه الآية الكريمة ذات صلة بالآية الخامسة والسبعين من نفس السورة ، وهي قوله تعالى : ((وإذا قال إبراهيم لأبيه آزر أتتخذ أصناما آلهة …)) وما بعدها من الآيات إلى الآية التسعين ، وهي آيات تضمنت الحديث عن أنبياء ورسل كرام صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين بدءا بخليل الله إبراهيم عليه السلام ، الذي قص علينا الله تعالى ما كان بينه وبين أبيه وقومه وهو يدعوهم إلى توحيد سبحانه وتعالى ،ونبذ عبادة الكواكب والأصنام ، ومرورا بذريته إسحاق ويعقوب عليهما السلام ، ثم نوح عليه السلام من قبلهم ثم داوود، وسليمان ،وأيوب ، ويوسف ، وموسى، وهارون ، وزكرياء ، ويحيى ، وعيسى ، وإلياس ، وإسماعيل ، واليسع ، ويونس، ولوط صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين ثم آباؤهم ، وذرياتهم وإخوانهم . ومعلوم أن الخطاب الموجه إلى سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم في القرآن الكريم إما أن يكون خاصا به ، وإما أن يكون موجها إليه وعبره يكون موجها إلى عموم المؤمنين إلى يوم القيامة . وعندما أمر الله تعالى رسوله صلى الله عليه وسلم بالاقتداء بهؤلاء الذين ذكرهم من رسله وأنبيائه الكرام صلواته وسلامه عليهم أجمعين، فضلا عن آبائهم وذرياتهم وإخوانهم الذين اجتباهم وهداهم إلى صراط مستقيم ، وآتاهم الكتاب والحكم والنبوءة ، فإنه قد أمره بالاقتداء بهم جميعا في صفاتهم الحميدة كي تجتمع عنده كلها ليكون عليه الصلاة والسلام صاحب الخلق العظيم . ولقد جاء في بعض كتب التفسير أن الاقتداء الذي أمر به عليه الصلاة والسلام لا يتعلق بشرائعهم إلا ما أمره به الله سبحانه وتعالى كما جاء في قوله في الآية الثالثة والعشرين بعد المائة من سورة النحل : (( ثم أوحينا إليك أن اتبع ملة إبراهيم حنيفا )) ،وفي الآية الثالثة عشرة من سورة الشورى : (( شرع لكم من الدين ما وصى به نوحا والذي أوحينا إليك وما وصينا به إبراهيم وموسى وعيسى )) ، هذا مع قوله تعالى في الآية الثامنة والأربعين من سورة المائدة : (( لكل جعلنا منكم شرعة ومنهاجا )) ، وهو ما يدل على وجود تقاطع بين شريعة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم ، وشرائع إخوانه الأنبياء والمرسلين صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين ، كما توجد شرائع خاصة بهم دون أن يؤمر بها رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهي مما نسخته شريعته بعد تمامها وكمالها كما قال أهل العلم . ومن الاقتداء الذي أمر به عليه الصلاة والسلام ما كان عليه المرسلون من زكاء النفس، وحسن الخلق ، وكريم الشمائل ، وعظيم مواقفهم التي سردها الله تعالى في الرسالة الخاتمة كي تقتدي بها أمته على طريقة اقتدائه بهم كما أمر بذلك عليه الصلاة والسلام . ولو استعرضنا أحوالهم صلوات الله وسلامه عليه أجمعين التي توجب الاقتداء بهم لما اتسع المقام لذكرها في مثل هذا الحديث المقتضب ، ولكن لا بأس من ذكر نماذج منها على ألا تهمل كلها كي يتحقق الاقتداء على الوجه الأكمل كما تحقق عند رسول الله صلى الله عليه وسلم بشهادة رب العزة جل جلاله . ولنبدأ بنموذج الخليل عليه السلام الذي بدأ به الله تعالى حيث ذكر ما دار بينه وبين أبيه وقومه من أجل إقناعهم بتنكب سبل الشرك ،والتزام سبيل التوحيد ، ووجه الاقتداء به في ذلك أنه اعتمد في دعوتهم إلى التوحيد أسلوب التدرج معهم انطلاقا مما كانوا عليه من فاسد الاعتقاد ثم الوصول بهم بعد ذلك إلى الوعي بضلالهم بالحجج الدامغة التي آتاه الله تعالى، والتي منها عجز الآلهة الأصنام العديمة الإرادة عن نفعهم أو ضرهم ، و كذا عجز الآلهة الكواكب والنجوم عن رعايتهم التي تقتضي الحضور الدائم بسبب أفولها بعد ظهورها . ومن الاقتداء بالخليل يلزم كل مؤمن أن يعتمد أسلوبه في الحجاج حين يدعو إلى عقيدة التوحيد ، وذلك بما يقتضيه ظرف المجادلة ، ونوعية المُجَادَّلين في كل زمان ومكان ، وهذا ما حدث مثله في زماننا هذا عند بعض كبار الدعاة مثل الداعية أحمد ديدات ، والداعية ذاكر نايك على سبيل الذكر لا الحصر ، وقد كان أيضا في أزمنة مضت أمثلهما يجادلون بالمنطق السديد والمقنع في أزمنتهم وأمكنتهم الوثنيين على اختلاف وثنياتهم . وللخليل عليه السلام العديد من الخصال التي أمر الله تعالى رسوله صلى الله عليه وسلم والمؤمنين أن يقتدوا بها . ولو اقتصر اقتداؤهم على اتباع أسلوبه في مجادلة أهل الشرك، لكان لذلك الأثر الكبير في حسن التبليغ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، كما بلغ هو عن رب العزة مقتديا بالخليل عليه السلام . أما النموذج الثاني الذي أمر الله تعالى رسوله الكريم صلى الله عليه وسلم بالاقتداء به هو وأتباعه من المؤمنين ،فهو نبي الله نوح عليه السلام ،وقد سبق زمانه زمن الخليل عليه السلام ، فيستوقف المقتدين به أمران : أولهما طول نفسه في دعوة قومه الوثنيين إلى توحيد الله تعالى ، وصبره لقرون على ذلك ، وثانيهما براءته من ابنه الغريق الذي اختار الانحشار في زمرة أهل الضلال ، ولهذا على من يروم الاقتداء به أن يتخلق بصبره وطول نفسه في تبليغ دعوة التوحيد حيثما وجد ، ومهما كان نوع الشرك المهيمن في بيئته ، وأن تكون علاقة قرابته مبنية على أساس الدين، لا على أساس الدم أو الرحم . أما النموذج الثالث، فهو نبي الله يعقوب عليه السلام الذي أبلى البلاء الحسن في الصبر على فقدان ابنه يوسف عليه السلام ،وقرة عينه ،فضلا عن رجائه المنقطع النظير في الله عز وجل ، وأمله الكبير في لطفه الذي قد تأخر ولكنه في الأخير حصل لا محالة . والاقتداء بهذا النبي الكريم يقتضي من المقتدين أن يكونوا على شاكلته في الصبر والتعلق بالرجاء في الله تعالى ، مع أنهم لن يستطيعوا إدراك شأوه ولكن يكفيهم اقتفاء أثره . أما النموذج الرابع، فهو نبي الله يوسف عليه السلام الذي أبلى البلاء الحسن في تقوى الله عز وجل حين راودته التي هو في بيتها عن نفسه . والاقتداء به يقتضي من المقتدين أن يكون موقفهم كموقفه حين تعرض لهم أنواع المعاصي المغرية . وأما النموذج الخامس، فهو نبي الله أيوب عليه السلام الذي أبلى البلاء الحسن في التحمل والصبر لما أصابه الضر . والاقتداء به يلزم المقتدين أن يكون صبرهم على الضر كصبره واحتسابهم كاحتسابه، علما بأن كل مؤمن معرض في هذه الدنيا لمثل هذا النوع من الابتلاء في كل زمان ، وفي كل مكان . وأما النموذج السادس ،فهو نبي الله موسى ومعه أخوه هارون عليهما السلام اللذان أبليا البلاء الحسن في مواجهة طغيان فرعون . والاقتداء بهما يلزم المقتدين أن يكونوا على شاكلتهما في الصدع بالحق مهما كانت قوة الطغيان المانعة من الجهر به أو إظهاره. وأما النموذج السابع، فهو نبي الله زكرياء عليه السلام الذي أبلى البلاء الحسن في الرجاء الكبير، والأمل العريض في عطاء الله عز وجل وإن طال انتظاره . والاقتداء به يلزم المقتدين أن يكون تعلقهم بالأمل في الله سبحانه وتعالى كتعلقه لا يثنيهم عنه تراخي الزمن مهما طال . وأما النموذج الثامن، فهو نبي الله عيسى عليه السلام الذي ضرب المثل الرائع في نسبة ما آتاه الله من المعجزات الباهرة إلى واهبها دفعا لتوهم قومه أن فضلها يعود إليه ، ولقد حدث أن افترى بعضهم الكذب عليه حين نسبوها إليه ، وألهوه بسببها . والاقتداء به يلزم المقتدين بنسبة ما ينعم به الله تعالى عليهم إليه وحده ، وليس لأنفسهم . وأما النموذج التاسع، فهو نبي الله إسماعيل عليه السلام الذي ضرب المثل الأعلى في التضحية بالنفس حين أخبره أبوه عليه السلام بما أراه الله تعالى في منامه ، وضرب المثل الأعلى في تصديق رؤيا أبيه تصديقا لنبوته . والاقتداء به يلزم المقتدين أن يكونوا على شاكلته في التصديق والتضحية بالنفس إذا اقتضى الأمر ذلك. وأما النموذج العاشر، فهو نبي الله يونس عليه السلام الذي ضرب هو الآخر مثلا أعلى في التشبث بالأمل العريض بالله تعالى حين ابتلاه ربه ، ولم يغادره ذلك الأمل وهو في ظلمات بطن الحوت .والاقتداء به يلزم المقتدين أن يكونوا على شاكلته في الرجاء في الله تعالى مهما كانت درجة الشدة أو الضيق الذي يمرون به في حياتهم . وأما النموذج الحادي ،عشر فهو نبي الله لوط عليه السلام الذي ضرب المثل الرائع في مواجهة فاحشة قومه التي لم يسبقهم إليها أحد من العالمين ، وكان يقينه كبيرا في أن الله تعالى سيحول بينه وبينهم واتخذه سبحانه ركنه الشديد لما أعوزته قوته أمام طغيان قومه . والاقتداء به يلزم المقتدين أن يكون عزمهم على مواجهة هذا النوع من الفاحشة حيثما ظهرت كعزمه ، وتوكلهم على الله تعالى لمواجهتها كتوكله . ولا يفوتنا أن نذكر أنه قد ظهر في الناس من يدعون جهارا نهارا إلى هذه الفاحشة المستقذرة . وأما النموذج الثاني عشر، فهو نبي الله إلياس عليه السلام الذي سار على نهج الخليل عليه السلام في مواجهة وثنية قومه بالحجة الدامغة المفحمة لهم . والاقتداء به يلزم المقتدين بالسير على نهجه في مواجهة الضلال الوثني مهما كان نوعه . أما النموذج الثالث عشر، فهما نبيا الله داود وسليمان عليهما السلام ،وقد آتاهما الله ملكا عظيما لكنهما ضربا المثل الأعلى في الاستعانة بما آتاهما ربهما على حسن طاعته وعبادته . والاقتداء بهما يلزم المقتدين السير على نهجهما في الاستعانة بعطاء الله تعالى ماعظم، منه وما كان دون ذلك على طاعته تحقيقا لشكر نعمه . وحصيلة الاقتداء بهذه النماذج من المرسلين هي عبارة عن رصيد ثمين من الأخلاق السامية التي خلّقهم بها الحق سبحانه وتعالى، وقد اجتباهم وهداهم إلى صراطه المستقيم ، وآتاهم الكتاب والحكم والنبوة ، وأمر رسوله صلى الله عليه وسلم ،ومن آمن معه إلى يوم القيامة بالاقتداء بهم . وقد ذكر في نفس السورة أنبياء آخرين هم إسحاق ، ويحيى ، واليسع عليهم السلام ، ولا شك أن لهم من الصفات والمواقف ما يدعو إلى الاقتداء بهم أيضا ،كما جاءت الإشارة أيضا إلى الاقتداء بما كان عليه آباؤهم وذرياتهم وإخوانهم . ومن لم يذكروا في هذه السورة ، وذكروا في سور أخرى هم أيضا نماذج وإسوات وقدوات، يلزم من يقرؤون القرآن الكريم أن يقفوا ويعوا مواطن الاقتداء بهم استجابة لقول الله تعالى مخاطبا نبيه ومن خلاله كل المؤمنين به : (( أولئك الذين هدى الله فبهداهم اقتده )). مناسبة حديث هذه الجمعة هي تذكير المؤمنين بما يلزمهم من اقتداء بمن أمرهم الله تعالى الاقتداء بهم من صفوة خلقه عليهم أفضل الصلوات وأزكى السلام ، ولا يتأتى ذلك إلى بالمصاحبة الدائمة للذكر الحكيم الذي يخبرنا بأحوالهم وأخلاقهم السامية ، مواقفهم . وإذا ما كثرت معاشرتنا لهم عن طريق معاشرة هذا الذكر الحكيم باستمرار، وحرصنا على استقصاء ما أجمله عنهم من أخبار وأحوال وصفات في تفاصيل كتب التفاسير، حصلنا على رصيد ثمين من أخلاقهم السامية ،نحاكيها فيها دون أن نبلغ شأوهم، ولكننا نوشك أن نطمع بذلك في وضع أقدامنا على صراط الله المستقيم الذي هداهم إليه ، ولنا فيه الرجاء الكبير والأمل العريض في نيل هذا العطاء . اللهم إنا نسألك أن تمن علينا بقبس مما خلّقت به أصفيائك المرسلين عليهم أفضل صلواتك وأزكى سلامك ، ومما خلقت به عبادك الصالحين عليهم رضوانك ورحماتك .اللهم لا تخالف بنا عن نهجهم ، ولا تحرمنا صبحتهم في جنتك . الله اغفر لنا زلاتنا ، وأقل عثراتنا ، وأكشف كرباتنا ، وارحمنا برحمتك الواسعة . والحمد لله الذي تتم بنعمته الصالحات ، وصلى الله وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .


مراكش الآن
منذ يوم واحد
- مراكش الآن
مراكش.. ضعف الصوتيات وسوء التنظيم بمسجد الشكيلي بالمحاميد يثيران استياء المصلين
رضوان الاندلسي – مراكش الآن يعاني رواد مسجد الشكيلي بحي المحاميد بمدينة مراكش من إشكالات متزايدة تتعلق بضعف جودة الصوتيات وسوء التنظيم، وهي مشاكل تتفاقم بشكل خاص خلال صلاة الجمعة التي تشهد حضوراً كبيراً من ساكنة الحي. وقد دفع هذا الوضع المصلين إلى مطالبة المسؤولين بالتدخل العاجل لتحسين ظروف العبادة. ويشكو المصلون، لاسيما المتواجدون في الصفوف الخلفية، من عدم وصول الصوت إليهم بشكل واضح وكافٍ، مما يخلق حالة من الارتباك ويصعب عليهم متابعة الخطبة والصلاة بشكل سليم. هذا الخلل في نظام الصوتيات يؤثر سلباً على الخشوع والتركيز، ويحول دون استفادة الجميع من جوهر الشعائر الدينية. وفي السياق ذاته، أشار عدد من المصلين إلى وجود ما وصفوه بـ'سوء التنظيم' داخل المسجد، خصوصاً في أوقات الذروة، مما يتسبب في فوضى وتدافع بين المصلين، ويؤثر على انسيابية الدخول والخروج وترتيب الصفوف. وتناشد الساكنة المعنية، المسؤولين بمندوبية وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية بمراكش بالتدخل لإيجاد حلول جذرية لهذه المشاكل. كما يطالبون بتكليف أشخاص قادرين على تحمل مسؤولية الإشراف على المسجد، بما يضمن حسن تنظيم الصلاة وسلامة وراحة المصلين، وتوفير بيئة عبادة تليق بمكانة بيت الله.