logo
"الأيروجيل".. إسفنجة شمسية تحول ماء البحر إلى عذب من دون طاقة

"الأيروجيل".. إسفنجة شمسية تحول ماء البحر إلى عذب من دون طاقة

الجزيرةمنذ 5 أيام
في وقت تتزايد فيه الضغوط على مصادر المياه العذبة في العالم، قدم باحثون حلا بسيطا وواعدا يمكن أن يحدث تحولا جذريا في كيفية الحصول على مياه الشرب، وهو مادة إسفنجية فريدة تعتمد على ضوء الشمس لتحويل مياه البحر إلى مياه صالحة للشرب، من دون الحاجة إلى كهرباء أو طاقة خارجية.
ووفقا للدراسة التي نشرت في الثاني من يوليو/تموز الجاري في مجلة "إي سي إس إنرجي ليترز" يعتمد هذا الابتكار على نوع خاص من الهياكل الدقيقة يُعرف باسم "الهلام الهوائي" أو "الأيروجيل"، وهو مادة خفيفة شبيهة بالإسفنج تحتوي على فراغات مجهرية تساعد على امتصاص الماء ونقله على شكل بخار.
ما الفرق بين الإسفنج الجديد والهلاميات التقليدية؟
وفي تجربة ميدانية أجريت في ضوء الشمس الطبيعي، تمكن النظام من إنتاج نحو 3 ملاعق كبيرة من الماء النقي خلال 6 ساعات، ما يفتح الباب أمام استخدامه مستقبلا في المناطق الفقيرة بالمياه والطاقة، وفقا لـ"شي شين" المؤلف الرئيسي للدراسة والأستاذ المساعد في قسم هندسة الطيران والملاحة الجوية، في جامعة هونغ كونغ للفنون التطبيقية.
ويضيف "شين" في تصريحات لـ"الجزيرة. نت": "يتيح ابتكارنا هذا تحلية كاملة لمياه البحر من دون الحاجة لأي مصدر طاقة خارجي، وبكفاءة لا تتأثر بحجم المادة المستخدمة، وهذا يجعله حلا بسيطا وقابلا للتوسع لتوفير المياه النظيفة".
ولطالما كانت هناك محاولات لتطوير مواد تعتمد على الشمس من أجل معالجة المياه، من أبرزها ما يعرف بـ"الهلام المائي"، الذي يعتمد على الاحتفاظ بكميات من الماء داخله، ويطلقها عند التسخين في صورة بخار نقي، لكن هذا النوع من المواد غالبا ما يكون هشا، ويعتمد على احتباس السوائل داخله.
أما الاختراع الجديد، فهو مبني على مادة الأيروجيل الأكثر صلابة، وهي مادة خفيفة لكنها جافة، تعتمد على وجود فراغات صلبة متناهية الصغر تساعد في توصيل الماء أو البخار بكفاءة. وكان التحدي في استخدام هذه المادة في فقدان كفاءتها عند زيادة حجمها، إذ تقل فعالية التبخر كلما كبر حجم الجسم المستخدم.
لكن الفريق تمكن من التغلب على هذه المشكلة عبر تقنية تصنيع ثلاثية الأبعاد، إذ خلط الباحثون أنابيب كربونية نانوية مع ألياف السليلوز المجهرية، ثم طبعوا الخليط على سطح مجمد، وهذا ساعد على تشكيل طبقات متماسكة مليئة بثقوب عمودية منتظمة لا يزيد عرضها على 20 ميكرومترا.
والنتيجة كانت مادة إسفنجية قوية وفعالة، لا يتأثر أداؤها بحجمها. وبحسب التجارب التي أجريت على قطع إسفنجية بأحجام مختلفة (من سنتيمتر واحد حتى 8 سنتيمترات)، فإن الأداء كان متساويا في كل الحالات، حيث تم إنتاج بخار الماء بنفس الكفاءة، بغض النظر عن حجم القطعة.
تحلية شمسية منخفضة التكلفة قابلة للتوسع
ويوضح المؤلف الرئيسي للدراسة أن من أبرز ما يميز هذا النظام الجديد أنه لا يحتاج إلى أي مصدر خارجي للطاقة. ففي التجربة، تم وضع القطعة الإسفنجية في كوب يحتوي على مياه البحر، ثم غطيت بغطاء بلاستيكي شفاف ومنحن.
وعند تعرض النظام لأشعة الشمس، ارتفعت حرارة سطح المادة، فتبخر الماء (لكن بدون الأملاح)، ثم تكاثف البخار على سطح الغطاء وتجمع على الأطراف، قبل أن يقطر إلى وعاء خارجي على شكل ماء عذب.
ورغم أن الكمية المنتجة كانت متواضعة في الاختبار (قرابة 3 ملاعق كبيرة من الماء خلال 6 ساعات)، فإن أهمية الاختراع تكمن في بساطته وقابليته للتوسع، حسبما يؤكد "شين"، الذي أضاف: "هذا النظام لا يعتمد على ضغط أو حرارة صناعية أو أي مكونات كهربائية. فقط ضوء الشمس، وبعض البلاستيك، ومادتنا الإسفنجية الخاصة".
ولأن المادة المطورة يمكن إنتاجها بتقنيات الطباعة ثلاثية الأبعاد، فإن تطبيقها على نطاق واسع قد يصبح ممكنا في المستقبل القريب، بحسب الفريق البحثي الذي يأمل أن يستخدم هذا الابتكار في توفير مياه الشرب بالمناطق الساحلية أو في أماكن الكوارث، أو في المناطق التي تعاني من نقص دائم في البنية التحتية للطاقة.
Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

كيف تكون الطاقة المتجددة نظيفة وموثوقة في نفس الوقت؟
كيف تكون الطاقة المتجددة نظيفة وموثوقة في نفس الوقت؟

الجزيرة

timeمنذ 4 أيام

  • الجزيرة

كيف تكون الطاقة المتجددة نظيفة وموثوقة في نفس الوقت؟

تعدّ الطاقة الشمسية وطاقة الرياح أساسيتين لمستقبل منخفض الكربون، إلا أن إنتاجهما لا يتوفر دائما عند الحاجة الماسة إليه. ومع تزايد اعتماد أنظمة الطاقة على مصادر متجددة، فإن إدارة تقلباتها تمثل تحديا لضمان شبكة كهرباء مستقرة وموثوقة. وعلى الرغم من الانخفاضات الكبيرة في التكاليف وانتشارها على نطاق واسع، تواجه مصادر الطاقة المتجددة، مثل طاقة الرياح والطاقة الشمسية، تحديا جوهريا، فهي لا تُنتج الطاقة إلا عند سطوع الشمس أو هبوب الرياح. وما لم نُعِد النظر في كيفية إدارة أنظمة الكهرباء، فإن انقطاع هذه المصادر للطاقة يُهدد بعرقلة التقدم في مجال إزالة الكربون. وضمن مصطلحات الطاقة، يشير التقطع إلى العرض المتغير من مصادر معينة. أو بعبارة أخرى، الطاقة التي لا تتوفر عند الطلب ولكن فقط عندما تسمح الظروف بذلك. وبخلاف محطات توليد الطاقة التي تعمل بالغاز أو الفحم، والتي يمكن تشغيلها أو خفضها بما يتناسب مع الاستهلاك، لا تنتج مزرعة الطاقة الشمسية الكهرباء إلا عند سطوع الشمس، بينما لا تنتج توربينات الرياح الكهرباء إلا عند حركة الهواء. وتتبع الطاقة الشمسية دورة يومية واضحة، إذ يرتفع الإنتاج صباحا، ويبلغ ذروته عند الظهيرة، وينخفض إلى الصفر ليلا. وحتى منتصف النهار، يمكن لسحابة عابرة أن تُخفّض إنتاج الطاقة الشمسية لفترة وجيزة. وقد تُخفّض السحب الخفيفة الإنتاج بنحو 24%، بينما يُمكن لطبقات السحب الكثيفة أن تُخفّضه بنسبة تصل إلى 67% حسب الدراسات. وتخضع طاقة الرياح أيضا لتغيرات في أنماط الغلاف الجوي. وتكون بعض الفصول والمناطق أكثر رياحا من غيرها (في العديد من المناطق، تهب الرياح بقوة أكبر خلال ليالي الشتاء مقارنةً بأيام الصيف) مما قد يُعوّض أنماط الطاقة الشمسية إلى حد ما. وهذا يعني أن طاقة الرياح والطاقة الشمسية تُكمّلان بعضهما البعض بشكل طبيعي إلى حد ما، فغالبا ما تنشط الرياح عند انحسار الطاقة الشمسية، والعكس صحيح. ومع ذلك، يمكن أن تفشلا في توفير الطاقة في نفس الوقت. تحدي الموثوقية يُغيّر دمج كميات كبيرة من الطاقة المُرتبطة بالطقس في شبكة الكهرباء آلية عمل الشبكة، وتتطلب شبكات الطاقة توازنا ثابتا بين العرض والطلب في الوقت الفعلي. إعلان وتقليديا، كان يُحافظ على هذا التوازن باستخدام مولدات قابلة للتحكم، فإذا ارتفع الطلب كان بإمكان مشغلي الشبكة ببساطة توزيع المزيد من الطاقة من محطة تعمل بالفحم أو الغاز أو الطاقة الكهرومائية. أما مع انقطاع مصادر الطاقة المتجددة، فإن تحكم المشغلين المباشر أقل بكثير. ولا يمكن توزيع الطاقة الشمسية وطاقة الرياح حسب الرغبة، لذلك عندما لا توفر الطبيعة الطاقة، يجب على الشبكة إيجاد طاقة بديلة بسرعة أو خفض الطلب. وهذا يُشكل تحديات جديدة للموثوقية ولطريقة تصميم أنظمة الطاقة على مدى عقود. ومن التحديات الرئيسية أيضا التعامل مع التقلبات السريعة في العرض والطلب. فمع ارتفاع وانخفاض إنتاج الطاقة الشمسية، يتعين على محطات توليد الطاقة الأخرى زيادة أو خفض إنتاجها بسرعة فائقة لسد الفجوات، وهو ما قد لا يتوفر دائما. وقد يؤدي سوء التقدير أو النقص الطفيف في الطاقة إلى انخفاض الجهد أو انقطاعه عند غروب الشمس. كما يُمكن أن تكون طاقة الرياح غير مُستقرة بالقدر نفسه مع هبات أو فترات هدوء مفاجئة تتطلب موارد أخرى للاستجابة الفورية. وهناك مشكلة فنية أخرى تتمثل في الحفاظ على استقرار الشبكة (التردد والجهد) عند الاعتماد على مصادر الطاقة المتجددة. فمحطات الطاقة التقليدية ذات التوربينات الدوارة الكبيرة تُوفر بطبيعتها القصور الذاتي، وهو زخم استقرار يُحافظ على ثبات تردد الشبكة في مواجهة الاضطرابات الطفيفة. وتتصل الألواح الشمسية والعديد من توربينات الرياح الحديثة عبر محولات كهربائية، ولا تُساهم في القصور الذاتي. ونتيجة لذلك، تكون الشبكة التي تُهيمن عليها مصادر الطاقة المتجددة أكثر حساسية للاختلالات، نظرًا لانخفاض المقاومة الفيزيائية للتغيرات المفاجئة في التردد. ومع ارتفاع نسبة العرض المتغير، قد ينحرف تردد النظام بسرعة في حال مرور سحابة أو انخفاض سرعة الرياح، ما لم تُفعّل مصادر أخرى فورا. وتُظهر الدراسات أن زيادة نسبة توليد طاقة الرياح والطاقة الشمسية تُقلل من قصور النظام الذاتي، وتتطلب إستراتيجيات استجابة أسرع للحفاظ على استقرار التردد والجهد. ويعتمد مشغلو الشبكات بشكل متزايد على احتياطيات الاستجابة السريعة، مثل البطاريات، لإدارة هذه التقلبات لحظة بلحظة. كما يستثمرون في دراسة التقلبات للتنبؤ بانخفاضات وذروات إنتاج الطاقة المتجددة والاستعداد وفقا لذلك. حلول الاستدامة يمكن لمجموعة متنوعة من الحلول، بعضها قيد الاستخدام بالفعل والبعض الآخر لا يزال ناشئا، أن تخفف من عدم موثوقية مصادر الطاقة المتجددة وتعزز استقرار الشبكة. ومن بين الحلول المطروحة عملية التخزين، إذ تُستخدم البطاريات (عادةً بطاريات ليثيوم أيون) على نطاق الشبكة لامتصاص فائض الكهرباء عند ارتفاع إنتاج الطاقة الشمسية وطاقة الرياح، وإطلاقها عند انخفاض الإنتاج. ويمكن لمزارع البطاريات الكبيرة تخزين فائض الطاقة الشمسية عند الظهيرة، ثم إعادة ضخه إلى الشبكة بعد غروب الشمس. إعلان ومع انخفاض تكاليف البطاريات بشكل كبير، يمكن أن تكون حلا جيدا لتحقيق التوازن على المدى القصير (كل ساعة). وتعتمد خرائط طريق الطاقة -لتحقيق صافي انبعاثات صفري- على التوسع الهائل في تخزين البطاريات لإدارة التقلبات الساعية واليومية لمصادر الطاقة المتجددة، مع الحفاظ على استقرار الشبكات. كما تُشجّع برامج الاستجابة للطلب المستهلكين -من الصناعات الثقيلة إلى المنازل- على تحويل استهلاكهم للكهرباء إلى أوقات توفر الطاقة المتجددة أو تقليله خلال فترات الذروة. ويمكن تحقيق ذلك من خلال حوافز سعرية أو إشارات آلية، مثل خصومات على تشغيل الأجهزة أو شحن السيارات الكهربائية منتصف النهار بدلا من المساء. وتُساعد هذه الإستراتيجيات على استقرار مستويات الطلب بين فترات الذروة والانخفاض، مما يُسهّل توفير الكهرباء بإمدادات متغيرة. وهناك أيضا طريقة أخرى لمواجهة الانقطاع المحلي وهي ربط الشبكات عبر مناطق جغرافية أكبر، حيث يتم تقاسم الطاقة. فإذا كانت منطقة ما هادئة أو غارقة في الظلام، فيمكنها استيراد الطاقة من أماكن أخرى لديها فائض. وتربط خطوط نقل الجهد العالي الآن العديد من البلدان والمناطق. ويعمل الباحثون والمهندسون أيضا على تطوير طرق لمعالجة مشكلة التقطع طويل الأمد الذي يستمر لأيام أو أسابيع، وأحد الأساليب هو تخزين فائض الطاقة المتجددة على شكل وقود كيميائي لاستخدامه لاحقا. وعلى سبيل المثال، يمكن تشغيل فائض الكهرباء في أسبوع عاصف باستخدام أجهزة التحليل الكهربائي لإنتاج الهيدروجين الأخضر من الماء. ويتم تخزين هذا الهيدروجين تحت الأرض أو في خزانات، لاستخدامه لاحقا في توليد الكهرباء (عبر خلايا الوقود أو التوربينات) خلال فترات انقطاع الطاقة الشمسية أو الرياح لفترات طويلة. ولا يمكن حتى الآن استبدال جميع محطات الوقود الأحفوري بمصادر الطاقة المتجددة دون تغيير الشبكة نفسها. ويُشكّل تنوع طاقة الرياح والطاقة الشمسية تحديا للتصميم التقليدي لأنظمة الكهرباء التي اعتمدت طويلا على إمداد ثابت وقابل للتحكم.

"الأيروجيل".. إسفنجة شمسية تحول ماء البحر إلى عذب من دون طاقة
"الأيروجيل".. إسفنجة شمسية تحول ماء البحر إلى عذب من دون طاقة

الجزيرة

timeمنذ 5 أيام

  • الجزيرة

"الأيروجيل".. إسفنجة شمسية تحول ماء البحر إلى عذب من دون طاقة

في وقت تتزايد فيه الضغوط على مصادر المياه العذبة في العالم، قدم باحثون حلا بسيطا وواعدا يمكن أن يحدث تحولا جذريا في كيفية الحصول على مياه الشرب، وهو مادة إسفنجية فريدة تعتمد على ضوء الشمس لتحويل مياه البحر إلى مياه صالحة للشرب، من دون الحاجة إلى كهرباء أو طاقة خارجية. ووفقا للدراسة التي نشرت في الثاني من يوليو/تموز الجاري في مجلة "إي سي إس إنرجي ليترز" يعتمد هذا الابتكار على نوع خاص من الهياكل الدقيقة يُعرف باسم "الهلام الهوائي" أو "الأيروجيل"، وهو مادة خفيفة شبيهة بالإسفنج تحتوي على فراغات مجهرية تساعد على امتصاص الماء ونقله على شكل بخار. ما الفرق بين الإسفنج الجديد والهلاميات التقليدية؟ وفي تجربة ميدانية أجريت في ضوء الشمس الطبيعي، تمكن النظام من إنتاج نحو 3 ملاعق كبيرة من الماء النقي خلال 6 ساعات، ما يفتح الباب أمام استخدامه مستقبلا في المناطق الفقيرة بالمياه والطاقة، وفقا لـ"شي شين" المؤلف الرئيسي للدراسة والأستاذ المساعد في قسم هندسة الطيران والملاحة الجوية، في جامعة هونغ كونغ للفنون التطبيقية. ويضيف "شين" في تصريحات لـ"الجزيرة. نت": "يتيح ابتكارنا هذا تحلية كاملة لمياه البحر من دون الحاجة لأي مصدر طاقة خارجي، وبكفاءة لا تتأثر بحجم المادة المستخدمة، وهذا يجعله حلا بسيطا وقابلا للتوسع لتوفير المياه النظيفة". ولطالما كانت هناك محاولات لتطوير مواد تعتمد على الشمس من أجل معالجة المياه، من أبرزها ما يعرف بـ"الهلام المائي"، الذي يعتمد على الاحتفاظ بكميات من الماء داخله، ويطلقها عند التسخين في صورة بخار نقي، لكن هذا النوع من المواد غالبا ما يكون هشا، ويعتمد على احتباس السوائل داخله. أما الاختراع الجديد، فهو مبني على مادة الأيروجيل الأكثر صلابة، وهي مادة خفيفة لكنها جافة، تعتمد على وجود فراغات صلبة متناهية الصغر تساعد في توصيل الماء أو البخار بكفاءة. وكان التحدي في استخدام هذه المادة في فقدان كفاءتها عند زيادة حجمها، إذ تقل فعالية التبخر كلما كبر حجم الجسم المستخدم. لكن الفريق تمكن من التغلب على هذه المشكلة عبر تقنية تصنيع ثلاثية الأبعاد، إذ خلط الباحثون أنابيب كربونية نانوية مع ألياف السليلوز المجهرية، ثم طبعوا الخليط على سطح مجمد، وهذا ساعد على تشكيل طبقات متماسكة مليئة بثقوب عمودية منتظمة لا يزيد عرضها على 20 ميكرومترا. والنتيجة كانت مادة إسفنجية قوية وفعالة، لا يتأثر أداؤها بحجمها. وبحسب التجارب التي أجريت على قطع إسفنجية بأحجام مختلفة (من سنتيمتر واحد حتى 8 سنتيمترات)، فإن الأداء كان متساويا في كل الحالات، حيث تم إنتاج بخار الماء بنفس الكفاءة، بغض النظر عن حجم القطعة. تحلية شمسية منخفضة التكلفة قابلة للتوسع ويوضح المؤلف الرئيسي للدراسة أن من أبرز ما يميز هذا النظام الجديد أنه لا يحتاج إلى أي مصدر خارجي للطاقة. ففي التجربة، تم وضع القطعة الإسفنجية في كوب يحتوي على مياه البحر، ثم غطيت بغطاء بلاستيكي شفاف ومنحن. وعند تعرض النظام لأشعة الشمس، ارتفعت حرارة سطح المادة، فتبخر الماء (لكن بدون الأملاح)، ثم تكاثف البخار على سطح الغطاء وتجمع على الأطراف، قبل أن يقطر إلى وعاء خارجي على شكل ماء عذب. ورغم أن الكمية المنتجة كانت متواضعة في الاختبار (قرابة 3 ملاعق كبيرة من الماء خلال 6 ساعات)، فإن أهمية الاختراع تكمن في بساطته وقابليته للتوسع، حسبما يؤكد "شين"، الذي أضاف: "هذا النظام لا يعتمد على ضغط أو حرارة صناعية أو أي مكونات كهربائية. فقط ضوء الشمس، وبعض البلاستيك، ومادتنا الإسفنجية الخاصة". ولأن المادة المطورة يمكن إنتاجها بتقنيات الطباعة ثلاثية الأبعاد، فإن تطبيقها على نطاق واسع قد يصبح ممكنا في المستقبل القريب، بحسب الفريق البحثي الذي يأمل أن يستخدم هذا الابتكار في توفير مياه الشرب بالمناطق الساحلية أو في أماكن الكوارث، أو في المناطق التي تعاني من نقص دائم في البنية التحتية للطاقة.

اليورانيوم الخفي في المغرب.. الأمل في مواجهة نقص الماء والطاقة
اليورانيوم الخفي في المغرب.. الأمل في مواجهة نقص الماء والطاقة

الجزيرة

timeمنذ 6 أيام

  • الجزيرة

اليورانيوم الخفي في المغرب.. الأمل في مواجهة نقص الماء والطاقة

لطالما ارتبطت ثورة المغرب من خام الفوسفات باستخدامها في تصنيع الأسمدة، ثم لاحقا في تصنيع بطاريات الليثيوم أيون، لكن دراسة مغربية حديثة تشير إلى استخدام ثالث، يمكنه حل أزمتي العطش ونقص الطاقة، وهو استخراج اليورانيوم الخفي من صخور الفوسفات، لتشغيل مفاعلات نووية لتحلية مياه البحر، بحسب الدراسة المرجعية المنشورة بدورية"راديشن فيزيكس آند كمستري". ويواجه المغرب أزمة مائية خانقة، فمع ازدياد الجفاف وتكرار موجات الحرارة، تراجعت الموارد المائية إلى مستويات مقلقة، حتى أصبح نصيب الفرد من المياه سنويا أقل من 600 متر مكعب، بحسب تقارير الأمم المتحدة، وهو ما يصنف ضمن "الندرة المائية الحادة". وفي مقابل ذلك، هناك طلب متزايد على المياه في الزراعة، والصناعة، والمجتمعات الحضرية، وهو ما يفاقم المشكلة، ويجعل تحلية مياه البحر خيارا لا مفر منه لتأمين مصادر بديلة من المياه العذبة، غير أن هذا الحل يصطدم بعقبة التكلفة المرتفعة لمصادر الطاقة اللازمة لتشغيل محطات التحلية، فضلا عن الأثر البيئي السلبي لهذه المصادر التي تعتمد على الوقود الأحفوري. ولمواجهة هذه التحديات، تستكشف الدراسة التي أعدها باحثون من مختبر الفيزياء النووية والذرية والجزيئية بكلية العلوم جامعة شعيب الدكالي بمدينة الجديدة، توظيف المغرب تقنية جديدة نسبيا في المنطقة، وهي تحلية مياه البحر باستخدام الطاقة النووية، إذ تعتمد هذه التقنية على حرارة المفاعلات النووية لتبخير مياه البحر وفصل الأملاح عنها، ما يجعلها فعالة واقتصادية على المدى البعيد، وذات أثر بيئي منخفض مقارنة بمحطات التحلية التقليدية التي تعتمد على الوقود الأحفوري. لكن العقبة الأساسية لهذه الإستراتيجية تكمن في تأمين إمدادات دائمة من اليورانيوم، الوقود الأساسي لتشغيل المفاعلات النووية، ويمكن تجاوزها باللجوء إلى اليورانيوم الخفي في صخور الفوسفات، بحسب الدراسة. مفاجأة في قلب الفوسفات ويحتل المغرب المرتبة الأولى عالميا في احتياطي الفوسفات (نحو 50 مليار طن)، وقدرت الدراسة امتلاكه ضمن هذه الصخور كنزا دفينا يقدر بنحو 6.9 ملايين طن من اليورانيوم، ما يؤهله لأن يكون أكبر مصدر عالمي لليورانيوم غير التقليدي، أي المستخرج من مصادر غير خاماته المعدنية المباشرة. ويوجد اليورانيوم مختلطا داخل صخور الفوسفات على هيئة شوائب دقيقة جدا، أي أنه جزء من تركيبة الفوسفات نفسه، وعند معالجة الفوسفات في المصانع، وهي العملية التي يُنتج فيها الحمض الفوسفوري الرطب من أجل صناعة الأسمدة، يذوب جزء كبير من هذا اليورانيوم داخل الحمض كمركب كيميائي. وبما أن هذا الحمض منتج ثانوي مهم في صناعة الأسمدة الفوسفاتية، فإن وجود اليورانيوم فيه يعني أن هناك فرصة لاستخلاصه من العملية الصناعية نفسها، دون الحاجة إلى استخراج خامات جديدة من الأرض، حيث تشير كثير من الدراسات إلى أن أكثر من 80% من اليورانيوم الموجود في الفوسفات يتحلل في الحمض أثناء المعالجة، ما يعني إمكانية استخلاصه بسهولة نسبية لو توافرت التقنيات والدعم الصناعي المناسب. واستعرضت الدراسة المغربية ثلاث طرق واعدة لاستخلاص هذا اليورانيوم، أولها الاستخلاص بالمذيبات، وهي الطريقة الأكثر استخداما حاليا، وتعتمد على استخلاص اليورانيوم من "الحمض الفوسفوري الرطب"، وهو ناتج جانبي مهم في صناعة الأسمدة، وتُستخدم في هذه العملية مركبات عضوية خاصة قادرة على الارتباط بجزيئات اليورانيوم دون غيرها، ما يسمح بفصلها عن باقي مكونات الحمض. وفي هذه العملية، يُخلط الحمض مع المذيب العضوي، فينتقل اليورانيوم إلى الطبقة العضوية، بينما تبقى المكونات الأخرى في الطبقة المائية، وهذه الطريقة فعالة وتُستخدم صناعيا على نطاق واسع، لكن أبرز عيوبها أن بعض المركبات العضوية قد تكون سامة أو ملوثة للبيئة إن لم تعالج جيدا. أما الطريقة الثانية، وهي التبادل الأيوني، فتعتمد على استخدام راتنجات صناعية، لها شحنات كهربائية قادرة على جذب أيونات اليورانيوم واستبدالها بأيونات أخرى مثل الهيدروجين أو الصوديوم. وفي هذه الطريقة، تمر محاليل الفوسفات المحتوية على اليورانيوم بأعمدة مملوءة بالراتنجات، فتلتقط الراتنجات أيونات اليورانيوم وتُطلق بدلا منها أيونات غير مشعة، وتحقق هذه الطريقة دقة في العزل، وسهولة في إعادة استخدام الراتنجات بعد تنظيفها، أما عيوبها، فهي تحتاج إلى تجديد مستمر للراتنجات، وقد تكون مكلفة في التشغيل طويل الأمد. وأخيرا، تأتي تقنيات الأغشية والفصل الفيزيائي، والتي توصف بأنها مستقبل الاستخلاص النووي، حيث تعتمد على استخدام أغشية دقيقة أو نانوية قادرة على فصل جزيئات اليورانيوم بدقة عالية، وأشهر أمثلتها "التناضح العكسي"، والذي يعتمد على استخدام ضغط عالٍ لدفع المحلول عبر غشاء خاص يسمح بمرور الماء ويمنع اليورانيوم، وطريقة "الفصل النانوي"، المعتمدة على أغشية أكثر دقة قادرة على حجز جزيئات اليورانيوم دون الحاجة إلى مذيبات. ومزايا هذه الطريقة، أنها صديقة للبيئة ولا تعتمد على مركبات كيميائية ضارة، كما أنها أكثر كفاءة في حالات التركيز المنخفض لليورانيوم، أما عيوبها، فهي أنها لا تزال في مرحلة البحث والتطوير الصناعي، وتحتاج إلى استثمارات أولية مرتفعة. فرص إستراتيجية وتحديات واستغلال هذا المورد يفتح للمغرب آفاقا إستراتيجية متعددة تشير إليها الدراسة، أبرزها الاستقلال الطاقي، وذلك بتقليل الاعتماد على واردات الوقود النووي من الخارج، تحقيق الأمن المائي، بدعم مشاريع التحلية النووية لتوفير مياه الشرب للمواطنين، واحتلال المغرب موقعا دوليا رياديا كسوق الوقود النووي العالمية، وأخيرا تحقيق تنمية صناعية متكاملة، بربط قطاع الفوسفات بصناعات الطاقة والتقنيات النووية. كما أن هذه الخطوة تتماشى مع التوجهات العالمية نحو الاقتصاد الأخضر والطاقة النظيفة، خاصة في ظل الاهتمام الدولي المتزايد بالطاقة النووية كبديل منخفض الكربون. ورغم هذه المزايا، إلا أن الأمر لا يخلو من بعض التحديات التي أشارت إليها الدراسة، مثل ارتفاع تكلفة استخلاص اليورانيوم من الفوسفات بالمقارنة مع المصادر التقليدية، الحاجة إلى بنية تحتية صناعية متطورة قادرة على المعالجة الآمنة، نقص الأطر التشريعية التي تنظم أنشطة التعدين النووي غير التقليدي، المخاوف البيئية المرتبطة بالتخلص من النفايات المشعة.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store