
الأسواق اللبنانية على خط التوتر… جمود تجاري وموسم صيفي مهدّد
بينما تتسارع التطورات في المنطقة، يترقب لبنان النتائج بصمت ثقيل، ولكن الانعكاسات لم تنتظر طويلاً. فمع كل تصعيد عسكري جديد، يتسرّب القلق إلى الشارع اللبناني، وتبدأ الحركة الاقتصادية بالانكماش خطوة تلو الأخرى.
في الأسواق، المشهد يتغير سريعاً. المحال التجارية التي كانت تترقّب موسماً صيفياً نشطاً، باتت تواجه ركوداً غير متوقّع. وبحسب ما أكد رئيس تجمع الشركات اللبنانية باسم البواب، فإن الحركة التجارية تراجعت بصورة لافتة، وبدأت تظهر مؤشرات واضحة على ضعف الإنفاق لدى اللبنانيين والمغتربين على حد سواء، مشيراً الى أن هناك شركات سجلت انخفاضاً في المبيعات وصل إلى 50% مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي.
القلق لا يقتصر على الداخل فقط، فانعكاسات التوتر دفعت العديد من السياح والمغتربين إلى إعادة النظر في خططهم الصيفية. وفق المعطيات، فإن نسبة إلغاء الحجوزات إلى لبنان تجاوزت 40%، مع تسجيل انسحابات متتالية من شركات طيران أجنبية أوقفت رحلاتها إلى بيروت.
الأثر المباشر بدا واضحاً في القطاع السياحي، الذي كان يعوّل عليه لبنان لإنعاش اقتصاده خلال فصل الصيف. 'هذا الموسم كان من المفترض أن يكون نقطة تحول، خصوصاً بعد انطلاقة واعدة أواخر أيار'، بحسب ما أوضح البواب، لافتاً إلى أن التحويلات المتوقعة من المغتربين والإنفاق السياحي كان من المقدر أن يُدخلا أكثر من 20 مليار دولار إلى الاقتصاد اللبناني.
ولكن، في ظل المشهد الاقليمي الضبابي، لا يبدو أن هذه التوقعات في طريقها الى التحقق. ويُجمع أصحاب المؤسسات على أن استمرار التوتر سيقود إلى مزيد من الخسائر، ويضع علامات استفهام حول قدرة لبنان على تجاوز صيفٍ آخر بلا عائدات.
حتى اللحظة، لا مؤشرات على تدخل مباشر للبنان في الصراع القائم، لكن مجرد القرب الجغرافي والاضطراب السياسي المستمر يضعان البلد في موقع هشّ، اقتصادياً وسياحياً، وهذا وحده كفيل بأن يعيد الأسواق إلى نقطة الصفر.
في هذا السياق، كان لموقع 'لبنان الكبير' جولة ميدانية في عدد من الأسواق الشعبية في بيروت، شملت منطقتي مار الياس وسوق البربير، حيث بدا واضحاً أثر التراجع الاقتصادي على الحركة التجارية. وعبّر عدد من أصحاب المحال والتجّار عن خيبة أمله من تبدّد الآمال بموسم صيفي منتعش.
نزيه، صاحب محل للألبسة الرجالية في مار الياس، أعرب عن خيبته قائلاً: 'من أول السنة، كنا نشتغل على تجهيزات الصيف. جبت موديلات جديدة، وعملت عروض خاصة للمغتربين. بأواخر أيار، بلّشت الحركة تبشّر بالخير، وصار في ناس عم ترجع من الخارج وتشتري. فجأة، كل شي توقّف، والشارع صار فاضي. الأحداث خربت كل حساباتنا.'
سهى، صاحبة محل عطور وإكسسوارات في سوق البربير، رأت أن التراجع أكبر من المتوقع: 'أنا دايما بعتمد على المغتربين بهيك موسم. بيحبوا يجيبوا هدايا، بيشتروا بكميات. ببداية الشهر، حسّيت الحركة عم تتحسن، بس مع التصعيد الأخير، الناس بطلت تفوت. حتى الزباين المحليين صاروا يمرقوا بلا ما يشتروا، بيسألوا عن الأسعار وبيروحوا.'
أبو محمد، يدير سوبرماركت صغيراً في المنطقة، أشار إلى أن الخوف انعكس حتى على شراء الأساسيات: 'نحنا عادة وقت الصيف منشتغل أكتر، خصوصاً مع وجود الزوار. حتى اللبناني بيصرف شوي زيادة. بس هالمرة، ما في شي. الناس عم تشتري أقل من حاجتها. بيحسبوا الحساب لآخر الشهر. في سلع أساسية ما عم تتحرّك من البراد. الوضع مش طبيعي.'
هذه الجولة سلطت الضوء على واقع اقتصادي مأزوم يعيشه الشارع اللبناني، وعكست نبض الأسواق الشعبية التي غالباً ما تكون أول من يشعر بارتدادات الأزمات. وعلى الرغم من محاولات بعض التجار التمسّك بالأمل في تحسّن قريب، يبقى الواقع أكثر قسوة، وسط مشهد سياسي وأمني غير مستقر، يجعل من أي موسم واعد حلماً مؤجّلاً.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


صدى البلد
منذ 33 دقائق
- صدى البلد
جولد بيليون تكشف سيناريوهات الذهب مع اجتماع الاحتياطي الفيدرالي
استقرت أسعار الذهب خلال تداولات اليوم الأربعاء، حيث يتوخى المستثمرون الحذر قبل قرار الاحتياطي الفيدرالي بشأن أسعار الفائدة في وقت لاحق من اليوم، بينما يتزايد الطلب على الملاذ الآمن مع استمرار تصاعد الصراع بين إيران والكيان الصهيوني وتقارير عن تدخل عسكري أمريكي مباشر محتمل. وسجل سعر أونصة الذهب العالمي انخفاضًا اليوم بنسبة 0.1% ليسجل أدنى مستوى عند 3370 دولار للأونصة بعد أن افتتح تداولات اليوم عند المستوى 3395 دولار للأونصة ليتداول حالياً عند المستوى 3384 دولار للأونصة، وفق جولد بيليون. لليوم الثاني على التوالي يستمر الذهب في التذبذب في نطاق ضيق من التداولات، بينما شهد السعر اليوم تراجع محدود في ظل استعداد الأسواق لتقبل قرار البنك الفيدرالي الأمريكي بشأن أسعار الفائدة في وقت لاحق من جلسة اليوم. من المتوقع على نطاق واسع أن يبقي البنك الفيدرالي أسعار الفائدة ثابتة، لكن المستثمرين سيتطلعون إلى مؤشرات على تخفيضات مستقبلية. وسيراقب المستثمرون عن كثب تصريحات رئيس الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول عقب الاجتماع. الجدير بالذكر أم استمرار البيانات الأمريكية الضعيفة يزيد من حذر المستثمرين قبل اجتماع الفيدرالي، فقد انخفضت مبيعات التجزئة الامريكية لشهر مايو بنسبة 0.9%، مما عزز توقعات المستثمرين بخفض أسعار الفائدة من قبل الاحتياطي الفيدرالي في وقت لاحق من هذا العام. هذا وقد استمرت إيران والكيان الصهيوني في شن هجمات صاروخية جديدة ضد بعضهما البعض يوم الأربعاء، لتدخلا اليوم السادس من الصراع العنيف. وقد تصاعد الموقف أكثر مع تقرير صحيفة وول ستريت جورنال الذي أفاد بأن الرئيس دونالد ترامب يدرس توجيه ضربات عسكرية أمريكية محتملة لإيران، بما في ذلك استهداف قيادتها النووية ومطالبة طهران بـ"استسلام غير مشروط". تزامن هذا مع نشر الجيش الأمريكي المزيد من الطائرات المقاتلة في الشرق الأوسط والعمل على توسيع نطاق نشر طائرات حربية أخرى. فقد الذهب معظم مكاسبه الأخيرة في وقت سابق من هذا الأسبوع بعد ظهور تقارير تفيد بأن إيران تسعى إلى وقف إطلاق النار. لكن تصاعد الضربات العسكرية وتحذيرات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الصارمة ضد إيران أعادا إلى حالة من العزوف عن المخاطرة. من جهة أخرى أشار مجموعة سيتي جروب المالية أن أسعار الذهب قد تشهد تراجع حاد خلال النصف الثاني من العام القادم بالمقارنة مع مستويات الأسعار الحالية، وأشارت أن أسعار الذهب قد تتراجع إلى مناطق 2500 – 2700 دولار للأونصة بسبب تراجع الطلب وتحسن معدلات النمو العالمية. أيضاً توقعت سيتي جروب بنسبة 60% أن يستمر الذهب في التداول فوق المستوى 3000 دولار للأونصة خلال الربع السنوي القادم قبل أن يبدأ في الانخفاض. وفي منحنى آخر أعلن مجلس الذهب العالمي عن ارتفاع التدفقات النقدية إلى صناديق الاستثمار المتداولة المدعومة بالذهب للأسبوع الرابع على التوالي، لتسجل التدفقات خلال الأسبوع المنتهي في 13 يونيو ارتفاع بمقدار 21.7 طن ذهب وهو أعلى مستوى منذ 6 أسابيع.


المردة
منذ ساعة واحدة
- المردة
مصرف لبنان رفع سقف السحوبات للتعميم 158 إلى 800 دولار
أصدر مصرف لبنان، اليوم الأربعاء، تعميماً رفع بموجبه سقف السحوبات الشهرية للتعميم 158 إلى 800 دولار، والتعميم 166 إلى 400 دولار، وذلك اعتباراً من تاريخ 1 تموز 2025.


ليبانون ديبايت
منذ ساعة واحدة
- ليبانون ديبايت
خبر غير سار: فاتورة كهرباء الدولة والمولدات الخاصة سترتفع هذا الشهر
خبر غير سار لمعظم اللبنانيين: فاتورة كهرباء لبنان والمولدات الخاصة سترتفع هذا الشهر، بسبب إرتفاع أسعار النفط عالميا نتيجة الحرب الدائرة بين إيران وإسرائيل. كما سيلمس اللبنانيون إرتفاعا في باقي السلع الإستهلاكية بسبب إرتفاع كلفة النقل، والكلفة التشغيلية للمصانع ومراكز التسوق التي تعتمد على المولدات الخاصة لتأمين الكهرباء لأجهزتها. براكس: أسعار النفط مرشحة للإرتفاع وستنعكس على المحروقات وفواتير الكهرباء بلغة الأرقام يتوقع المحللون أن يصل سعر برميل النفط قريبا إلى 80 دولار (حاليا 74 دولار)، ما يعني تأجيج التضخم محليا وعالميا. وربما سيكون هذا الإرتفاع سببا لبحث الحكومة اللبنانية عن مورد آخر للضرائب بديلا عن تلك التي فرضتها على صفيحتي البنزين والمازوت الأسبوع الماضي. ويشرح عضو نقابة أصحاب محطات المحروقات الدكتور جورج براكس ل"ليبانون ديبايت" أنه "منذ إندلاع الحرب بين إيران وإسرائيل، تأثر جدول توزيع الأسعار المحروقات في لبنان بإرتفاع أسعار النفط عالميا، وبسبب التطورات العسكرية. إذ إرتفع سعر برميل النفط من 68 دولار 76 دولار ثم إنخفض الى 74 دولار، بمعنى أن السعر إرتفع بنحو 8 دولار"، لافتا إلى أن "هذا الإرتفاع في الأسعار مُرشح إلى الإزدياد مع تطور الحرب أكثر، وسينعكس حُكما على أسعار المحروقات في لبنان وعلى فواتير الكهرباء، لأن تحديد أسعار الكيلووات لدى المولدات الخاصة من قبل وزارة الطاقة، يكون إنطلاقا من أسعار المازوت في السوق المحلي، ويتم إحتساب المعدل الوسطي لأسعار المحروقات في النصف الأخير من الشهر، ومع إرتفاع أسعار النفط عالميا سنشهد حُكما إرتفاعا في فاتورة المولدات الخاصة". يضيف: "لا يمكن توقع كيف ستكون أسعار النفط عالميا، وحصول تطورات دراماتيكية أمر وارد، ولكن الأهم هو أن تبقى خطوط الإمداد مفتوحة أمام ناقلات النفط، فهذا يعني أننا أمام وضع طبيعي ولو مع إرتفاع في الأسعار، ولكن لا ضمانات ونحن في حالة حرب، وكل خطوط الإمداد التي نستورد منها تعبر البحر المتوسط". ويختم: ما يبعث على الإطمئنان في لبنان، أن الشركات المستوردة للنفط باتت معتادة على التعامل مع التطورات الأمنية التي تحصل سواء في لبنان والمنطقة، ولذلك فهي تُغذي مخزونها بكميات تزيد عن حاجة السوق المحلي تحسبا لأي طارئ، أما إذا تطورت الأمور بشكل أكبر فلبنان سيتأثر أسوة بالبلدان المنطقة". في ما يتعلق بفاتورة شركة كهرباء لبنان، يقول مطلعون ل"ليبانون ديبايت"، أن "الإتفاق على شحنات جديدة للفيول المُشغل لمعامل الكهرباء، يتم قبل فترة من نفاذ الكمية الموجودة لدى شركة كهرباء لبنان لتأمين الإستمرارية، وحكما سترتفع فواتير كهرباء لبنان لأن الاستيراد سيتم على الأسعار الجديدة للفيول، وبالتالي نعم فاتورة كهرباء لبنان سترتفع أيضا". أبو حيدر: نراقب الاسعار أسبوعيا ونُحيل المخالفين الى القضاء من جهته مدير عام وزارة الإقتصاد الدكتور محمد أبو حيدر ل"ليبانون ديبايت"، أنه "إذا إمتد أمد الحرب أكثر هناك خشية حصول 3 تطورات سلبية، أولها إذا توسعت الحرب نحو باب المندب، فهذا يعني تغيير وجهة سير شحنات المحروقات الى ممرات مائية أخرى ما يعني فترة زمنية أطول (3 أسابيع) حتى تصل إلى لبنان، لأنها ستعبر القرن الإفريقي عبر مضيق جبل طارق للوصول إلى مياه البحر المتوسط. وثانيها أن هذه التطورات ستؤدي إلى إرتفاع كلفة التأمين بشكل كبير لأننا في ظروف حرب، وثالثها هو إرتفاع أسعار النفط أكثر". يضيف:"هذه التطورات ستؤدي إلى إضطرابات في سلسلة الإمداد، ولكن هذا لن يؤدي الى فقدان أي مخزون طالما أن المعابر البحرية مفتوحة، وهذا ما حصل في الحرب المباشرة على لبنان. لكن إرتفاع أسعار النفط عالميا يؤثر على الكلفة التشغيلية ليس فقط لمولدات الكهرباء بل أيضا للمصانع والمعامل". ويختم:"كوزارة إقتصاد، منذ أن قرر مجلس الوزراء برفع أسعار صفيحتي المازوت والبنزين، نقوم بالرقابة على هذه السلع شهريا وأسبوعيا للتأكد من عدم رفع الأسعار بطريقة غير مشروعة، وفي حال حصل هذا الأمر يقوم المُراقب بتسطير محاضر ضبط بالمخالفين وإحالتهم إلى القضاء المختص".