logo
لماذا لن "تستخدم" الصين مخزونها من سندات الخزانة الأميركية كسلاح؟

لماذا لن "تستخدم" الصين مخزونها من سندات الخزانة الأميركية كسلاح؟

الغد٠٢-٠٥-٢٠٢٥

يُفترض منذ وقت طويل أن الخيار "النووي" للصين في حربها المالية مع الولايات المتحدة هو قيامها بتصفية سريعة لحيازاتها الضخمة من سندات الخزانة الأميركية، حيث يمكن أن يؤدي ذلك إلى انهيار الدولار، ورفع معدلات الفائدة، وإرباك الاقتصاد الأميركي.
اضافة اعلان
وقد عادت المخاوف من هذا التهديد المحتمل في الأسابيع الأخيرة، في ظل اندلاع حرب تجارية شاملة بين أكبر اقتصادين في العالم. لكن هذا الخوف من "الدمار المالي المتبادل المؤكد" كان ولا يزال فكرة قائمة على الخيال أكثر من كونها حقيقة.
في نهاية عام 2019، شكّلت الأصول المقومة بالدولار 55٪ من احتياطيات الصين الرسمية من النقد الأجنبي، وهي آخر مرة أكدت فيها إدارة الدولة الصينية للنقد الأجنبي (SAFE) هذه النسبة رسميًا. وقد انخفضت بشكل كبير من الذروة التي بلغت 79٪ في عام 2005، كما أنها كانت أقل من المتوسط العالمي السائد في عام 2019 والبالغ 61٪، وفقًا لبيانات صندوق النقد الدولي.
جزء من هذا الانخفاض ربما قابله ارتفاع في حيازات الدولار لدى البنوك التجارية المملوكة للدولة، والتي يُعتقد أن محافظها الخارجية تميل بشكل أكبر نحو الأصول المقومة بالدولار. ولكن، مثل العديد من الدول الأخرى، خفّضت الصين تدريجيًا من تعرضها النسبي للعملة الأميركية خلال السنوات العشرين الماضية.
هذا الاتجاه يبدو أكثر وضوحًا فيما يتعلق بحيازات الصين الرسمية من سندات الخزانة الأميركية، والتي بلغت 784 مليار دولار في فبراير، بحسب بيانات وزارة الخزانة الأميركية. هذا الرقم منخفض من ذروة بلغت 1.32 تريليون دولار في عام 2013، ويمثل أقل من 3٪ من سوق سندات الخزانة البالغ حجمه 28 تريليون دولار – وهو تراجع كبير عن نسبة 14٪ التي كانت تسيطر عليها الصين في عام 2011.
تمتلك الصين أيضًا سندات خزانة أميركية عبر دول أخرى مثل بلجيكا، ولكن مرة أخرى، يُظهر الاتجاه العام تقليصًا واضحًا في الانكشاف على الأصول الأميركية.
تشير هذه الأرقام إلى أن قدرة الصين على إلحاق ضرر كبير بسوق السندات الأميركية قد تراجعت بشكل ملموس خلال العقد الماضي.
هل يمكنهم فعلها؟
مع ذلك، فإن التدفقات الخارجة التي قد تثيرها عمليات البيع ستكون ضخمة جدًا من حيث القيمة الاسمية.
هل يمكن أن تبيع الصين كميات كبيرة من مخزونها من سندات الخزانة؟ بالطبع، كل شيء ممكن، خصوصًا الآن مع إعادة صياغة المعايير الاقتصادية والمالية والسياسية العالمية التي سادت على مدى العقود الماضية.
تقرير منفصل صادر عن "كونفرنس بورد" أظهر أن مؤشر ثقة المستهلك تراجع إلى أدنى مستوى له منذ مايو 2020.
لكن من المؤكد أن ذلك لن يكون في مصلحة الصين. السبب الواضح هو الأهم: بيع سندات الخزانة سيؤدي إلى انهيار قيمة حيازاتها نفسها، مما يلحق خسائر كبيرة بدولة حذرة من المخاطر. استفزاز واشنطن شيء، لكن إطلاق النار على النفس شيء آخر تمامًا.
من الناحية العملية، سيكون ذلك صعبًا للغاية أيضًا. السوق سيشم رائحة ما يحدث على الأرجح، وسيسارع إلى البيع استباقًا، مما سيترك بكين مرة أخرى مع خسائر كبيرة في رأس المال.
علاوة على ذلك، فإن أي اضطراب في السوق سيقابل سريعًا بتدخل كبير من الاحتياطي الفيدرالي من خلال الشراء لضمان الاستقرار المالي.
وآخر ما تحتاجه الصين في ظل ضعف النمو والانكماش وحرب تجارية خانقة مع الولايات المتحدة هو عملة أقوى. ليس من الضروري أن تشتري بكين اليوان بعائدات بيع سندات الخزانة، لكن في وضعها الحالي، سيكون من غير المجدي أن تحاول الصين إضعاف الدولار، حتى ولو مؤقتًا، كوسيلة لإيذاء الولايات المتحدة.
"أفق يمتد لمئة عام"
بدلًا من ذلك، يمكن للصين أن "تتحرك على منحنى العائد" من خلال السماح لسندات الخزانة التي تملكها بأن تستحق، ثم إعادة استثمار العائدات في أذون خزانة قصيرة الأجل أو أدوات نقدية أخرى. هذه سياسة محايدة من حيث تأثيرها على الدولار، لكنها قد تؤدي إلى دفع عوائد السندات الأميركية الطويلة الأجل إلى الأعلى.
يقول براد سيتسر، الزميل البارز في مجلس العلاقات الخارجية: "نحن نعلم أن الولايات المتحدة تواجه بعض الصعوبات في بيع السندات – ويمكن للصين أن تجعل الأمر أكثر صعوبة".
يمكن لبكين أيضًا أن تجري تعديلات أقوى على حيازاتها من سندات الخزانة الموجودة خارج الولايات المتحدة، أو يمكن للبنوك التجارية الصينية المملوكة للدولة أن تقلل من حيازاتها، حيث لا تظهر أي من الحالتين في بيانات الاحتياطيات الرسمية من النقد الأجنبي.
لكن في نهاية المطاف، من المحتمل أن تكون الصين عالقة مع سندات الخزانة التي تملكها، والطريق لتقليل هذا الانكشاف سيبقى كما كان على مدى السنوات الماضية: تدريجيًا وبشكل سلبي.
في فعالية استضافها معهد التمويل الدولي في واشنطن الأسبوع الماضي، قال وزير الخزانة الأميركي سكوت بيسينت إنه يريد رؤية "نتائج" سريعة في معالجة اختلالات التجارة والاقتصاد والتمويل على مستوى العالم.
وأضاف ساخرًا: "بعض الدول قد تنظر للأمور بأفق يمتد إلى مئة عام. نحن لا نفعل"، في إشارة واضحة إلى الصين.
قد لا يكون أفق الصين الاقتصادي طويلًا إلى هذا الحد، لكنه بالتأكيد أطول من أفق واشنطن. وبينما تفكر الصين في ما يجب فعله تجاه ديونها الأميركية أو حيازاتها من الدولار، من المرجح أن تترك السياسات المتسرعة لواشنطن، وتواصل لعب دورها الطويل المدى.- رويترز

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

أسعار النفط تتراجع وسط ترقب زيادة إنتاج أوبك+
أسعار النفط تتراجع وسط ترقب زيادة إنتاج أوبك+

timeمنذ 31 دقائق

أسعار النفط تتراجع وسط ترقب زيادة إنتاج أوبك+

أخبارنا : تراجعت أسعار النفط اليوم الثلاثاء، وسط ترقب الأسواق احتمال إعلان تحالف "أوبك +" عن زيادة جديدة في إنتاج الخام خلال اجتماعه المرتقب هذا الأسبوع. ووفقا لوكالة "بلومبرغ" للأخبار الاقتصادية، انخفضت العقود الآجلة لخام "برنت" 12 سنتًا، لتصل إلى 64.62 دولار للبرميل. كما تراجع خام غرب تكساس، الوسيط الأميركي، 15 سنتًا ليصل إلى 61.38 دولار للبرميل. ونقلت مصادر عن تحالف أوبك+، أنّ 8 دول من أعضاء التحالف، كانت قد تعهّدت بتخفيضات طوعية إضافية في إنتاج النفط، وستعقد اجتماعاً في 31 أيار الجاري، أي قبل يوم واحد من الموعد المقرر سلفاً لاجتماع التحالف الكامل. ومن المرجّح أن يُحدّد الاجتماع حجم الإنتاج لتموز المقبل، والذي أشارت مصادر في وقت سابق إلى أنّه سيشهد زيادة إضافية تُقدَّر بنحو 411 ألف برميل يومياً. وكان تحالف أوبك+قد وافق في وقت سابق من هذا الشهر على تسريع وتيرة زيادات إنتاج النفط، وذلك للشهر الثاني على التوالي خلال حزيران المقبل.

جامعة الزيتونة الأردنية تنظّم محاضرة علمية حول البيتكوين والاقتصاد الرقمي .. صور
جامعة الزيتونة الأردنية تنظّم محاضرة علمية حول البيتكوين والاقتصاد الرقمي .. صور

سرايا الإخبارية

timeمنذ 2 ساعات

  • سرايا الإخبارية

جامعة الزيتونة الأردنية تنظّم محاضرة علمية حول البيتكوين والاقتصاد الرقمي .. صور

سرايا - تصوير محمد الشرقاوي - نظّمت كلية الأعمال في جامعة الزيتونة الأردنية محاضرة علمية تناولت البيتكوين كأحد أبرز الابتكارات في مجال النقد الرقمي، قدّمها الخبير الاقتصادي الدكتور سيف الدين عمّوص، بحضور عدد من أعضاء الهيئة التدريسية والطلبة والمهتمين بالشأن المالي والاقتصادي. وركّزت المحاضرة على الخصائص الفريدة التي يتمتع بها البيتكوين، مثل محدودية المعروض النقدي، وإمكانية تسوية المعاملات الدولية بسرعة ودون الحاجة إلى وسطاء. وبيّن الدكتور عموص أن البيتكوين لم يعد مجرد عملة رقمية، بل تحوّل إلى أداة قوية لنقل القيمة الاقتصادية عبر الزمان والمكان، مشيرًا إلى أن النقود "الصعبة" – التي يصعب إنتاجها – تحظى باهتمام متزايد، كما كان الحال مع الذهب في الماضي. وأوضح أن البيتكوين يستند إلى مبدأ اقتصادي يتمثل في تفوق النقد الصعب على النقد السهل، ويتميز بعدة مزايا من أبرزها: اللامركزية، محدودية العرض، الاعتماد على شبكة حوسبة ضخمة، واستقرار الشبكة وأمانها لأكثر من 15 عامًا. وأشار المحاضر إلى أن شبكة البيتكوين مفتوحة للجميع ولا تتطلب قدرات تقنية عالية للمشاركة فيها، مؤكدًا أن الاعتراف المتزايد من قبل البنوك المركزية حول العالم يعزز من استمراريتها ويبدد الشكوك حولها. وختم الدكتور عموص محاضرته بالإشارة إلى أن البيتكوين قد يشكّل بديلًا محايدًا للنظام المالي العالمي، وقد يحل محل الدولار كعملة احتياط دولية مستقبلًا، مؤكدًا أن التبني المبكر للعملة الرقمية يمنح ميزة استراتيجية للدول والمؤسسات. كما أشار إلى أن الأردن يُعد نموذجًا واعدًا في العالم العربي، لا سيما بعد إقرار البرلمان مشروع قانون ينظّم العملات الرقمية، وهو ما يفتح الباب أمام فرص استثمارية واعدة في هذا القطاع المتنامي.

انخفاض الاسترليني مقابل الدولار
انخفاض الاسترليني مقابل الدولار

timeمنذ 2 ساعات

انخفاض الاسترليني مقابل الدولار

السوسنة - سجل سعر صرف الجنيه الاسترليني، اليوم الثلاثاء، تراجعا أمام الدولار الأميركي، فيما ارتفاع مقابل العملة الأوروبية الموحدة "اليورو".وبحسب تقارير مالية بريطانية، جرى تداول الاسترليني عند مستوى 3549ر1 دولار بانخفاض نسبته 24ر0 بالمئة، وعند 1919ر1 يورو، بارتفاع نسبته 04ر0 بالمئة. أقرأ أيضًا:

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store