أستاذ تونسي يُفسّر ''ناقصات عقل ودين''
وبالعودة إلى الحديث الذي يقول "ما رأيت من ناقصات عقل ودين أذهب للبّ الرجل الحازم من إحداكن"، أوضح الأستاذ أن هذا الحديث كان في سياق حوار يوم العيد بين النبي ونساء كنّ حاضرات، وأن النبي وصف سلوكًا شائعًا آنذاك، ولم يكن بصدد إصدار حكم عام.
وأشار إلى أن "نقصان العقل" هنا لا يعني نقص التفكير، بل هو إشارة إلى شهادة المرأة في المعاملات المالية، والتي كانت نتيجة نقص الخبرة في ذلك العصر، وليس انتقاصًا من مكانتها. أما "نقصان الدين"، فسببه الامتناع عن الصلاة والصيام أثناء الحيض، وهو أمر تعبّدي لا علاقة له بالقيمة أو الكرامة.
وختم الأستاذ بالشيخ حديثه بدعوة إلى الحذر من توظيف النصوص خارج سياقها، والتمييز بين ما قاله النبي تشريعًا، وما قاله في وصف واقع معين، مؤكدًا أن الإسلام حرّر المرأة من مظالم الجاهلية، ومنحها دورًا فاعلًا في المجتمع والدين.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


مستقبل وطن
منذ ساعة واحدة
- مستقبل وطن
«الماء مُقوِّم أساسي للحياة».. الأوقاف تحدد موضوع خطبة اليوم الجمعة
حددت وزارة الأوقاف موضوع خطبة اليوم الجمعة، الموافق الأول من أغسطس 2025، السابع من صفر 1447 هـ، بعنوان: « نِعْمَةُ الْمَاءِ مُقَوِّمٌ أَسَاسَيٌ للْحَيَاةِ ». وقالت وزارة الأوقاف إن الهدف من هذه الخطبة هو: بيان عظم نعمة المياه، باعتبارها الأساس الذي تقوم عليه الحياة، مشيرة إلى أنها «أرخص موجود وأغلى مفقود»، ما يبرز قيمتها الحيوية في حياة الإنسان والمجتمعات. وشددت وزارة الأوقاف على أن الحفاظ على كل قطرة مياه واجب على كل إنسان، دينيًا وأخلاقيًا، داعية إلى ترشيد الاستهلاك وعدم التبذير، وغرس هذا الوعي في الأجيال القادمة، انطلاقًا من تعاليم الإسلام التي تحث على حسن استخدام الموارد وعدم الإسراف. وأكدت وزارة الأوقاف على جميع الأئمة الالتزام بموضوع خطبة الجمعة نصًا أو مضمونًا على أقل تقدير. وألا يزيد أداء الخطبة عن خمس عشرة دقيقة للخطبتين الأولى والثانية. نص خطبة اليوم الجمعة وجاء نص خطبة اليوم الجمعة كالتالي: الحمدُ للهِ نحمدُهُ ونستعينُهُ ونتوبُ إليهِ ونستغفرُهُ ونؤمنُ بهِ ونتوكلُ عليهِ ونعوذُ بهِ مِن شرورِ أنفسِنَا وسيئاتِ أعمالِنَا، ونشهدُ أنْ لا إلهَ إلَّا اللهُ وحدَهُ لا شريكَ له وأنَّ سيِّدَنَا مُحمدًا عبدُهُ ورسولُهُ ﷺ. أمَّا بعدُ: أولًا: أهميةُ الماءِ والحفاظ عليه في الإسلامِ إنَّ الماءَ نعمةٌ مِن اللهِ عظيمةٌ وهبةٌ مِن المولَى جزيلةٌ، بهِ تدومُ الحياةُ وتعيشُ الكائناتُ وتخضرُّ الأرضُ وتنبتُ مِن كلِّ زوجٍ بهيجٍ، وهو أصلُ جميعِ المخلوقاتِ، قالَ تعالَى: {وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ أَفَلا يُؤْمِنُونَ}(الأنبياء: 30)، ويقولُ تعالى: {وَاللَّهُ خَلَقَ كُلَّ دَابَّةٍ مِّن مَّاءٍ ۖ فَمِنْهُم مَّن يَمْشِي عَلَىٰ بَطْنِهِ وَمِنْهُم مَّن يَمْشِي عَلَىٰ رِجْلَيْنِ وَمِنْهُم مَّن يَمْشِي عَلَىٰ أَرْبَعٍ ۚ يَخْلُقُ اللَّهُ مَا يَشَاءُ ۚ إِنَّ اللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} [النور: ٤٥]، كما روي عَنْ أبي هريرةَ (رضي اللهُ عنه) قالَ: قلتُ: يا رسولَ اللهِ، إنِّي إذا رأيتُكَ طابتْ نفسي وقرَّتْ عيني، فأَنبِئْني عن كلِّ شيءٍ. فقالَ: ' كُلُّ شيءٍ خُلِقَ مِن ماءٍ'. (مسندُ الإمامِ أحمد، والمستدركُ للحاكمِ وصحَّحه الذهبيُّ). فالماء أغلَى مِن المُلكِ، ومِمَّا يؤكدُ أنَّ الماءَ أغلَى مِن المُلكِ هذه القصةُ الرائعةُ: فقد رويَ أنَّ ابنَ السماكِ دخلَ على هارونَ الرشيدِ الخليفةِ العباسِي يومًا، فاستسقَى الخليفةُ فأُتِىَ بكأسٍ بهَا، فلمَّا أخذَهَا قال ابنُ السماكِ: على رسلِكَ يا أميرَ المؤمنين! لو مُنعتَ هذه الشربةَ بكمْ كنتَ تشتريهَا؟! قال: بنصفِ مُلكِي. قال: اشربْ هنأكَ اللهُ تعالى يا أميرَ المؤمنين. فلمَّا شربهَا قال: أسألُكَ باللهِ لو مُنعتَ خروجَهَا مِن بدنِكَ بماذا كنتَ تشترِى خروجَهَا؟! قال: بجميعِ ملكِي. قال ابنُ السماكِ: لا خيرَ في ملكٍ لا يساوِي شربةَ ماءٍ. فبكَى هارونُ الرشيدُ.!! ملكٌ يمتدُّ مِن الصينِ شرقاً إلى المحيطِ الأطلسِي غرباً لا يُساوِي شربةَ ماءٍ ..!!! ولأهميةِ الماءِ في جميعِ شئونِ حياتِنَا أنَّ اللهَ جعلَهُ ليسَ لهُ لونٌ ولا طعمٌ ولا رائحةٌ!! فلو كانَ للماءِ لونٌ لتشكلتْ كلُّ ألوانِ الكائناتِ الحيةِ بلونِ الماءِ الذي يُشكلُ معظمَ مكوناتِ الأحياءِ، ولو كان للماءِ طعمٌ لأصبحتْ كلُّ المأكولاتِ بطعمٍ واحدٍ وهو طعمُ الماءِ، فكيفَ يُستساغُ أكلُهَا؟! {يُسْقَى بِمَاءٍ وَاحِدٍ وَنُفَضِّلُ بَعْضَهَا عَلَى بَعْضٍ فِي الْأُكُلِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ} (الرعد: 4)، ولو كانَ للماءِ رائحةٌ لأصبحتْ كلُّ المأكولاتِ برائحةٍ واحدةٍ فكيفَ يُستساغُ أكلُهَا؟! لكنْ حكمةُ اللهِ في الخلقِ اقتضتْ أنْ يكونَ الماءُ الذى نشربُهُ ونسقِى بهِ الحيوانَ والنباتَ ماءً عذبًا أي بلا لونٍ ولا طعمٍ ولا رائحةٍ. فهل نحن أدينَا للخالقِ حقَّ هذه النعمةِ فقط؟! ولم تقفْ الحكمةُ في ماءِ الحياةِ! ولكن انظرْ إلى هذه المياهِ المختلفةِ، فهذا ماءُ الأذنِ مرٌّ، وماءُ العينِ مالحٌ، وماءُ الفمِّ عذبٌ! فاقتضتْ رحمةُ اللهِ أنّهُ جعلَ ماءَ الأذنِ مُرًّا في غايةِ المرارةِ؛ لكى يقتلَ الحشراتِ والأجزاءَ الصغيرةَ التي تدخلُ الأذنَ، وجعلَ ماءَ العينِ مالحًا؛ ليحفظَهَا لأنَّ شحمتَهَا قابلةٌ للفسادِ فكانتْ ملاحتُهَا صيانةً لهَا، وجعلَ ماءَ الفمِّ عذبًا؛ ليُدرَكَ طعمُ الأشياءِ على ما هي عليهِ إذ لو كانتْ على غيرِ هذه الصفةِ لأحالَهَا إلى غيرِ طبيعتِهَا، حقًّا لا نملكُ إلّا أنْ نقولَ: سبحانَ اللهِ !!! لذلك دعانَا الإسلامُ إلى نظافةِ المياهِ وذلكَ بالمحافظةِ على تنقيتِهَا وطهارتِهَا، وعدمِ إلقاءِ القاذوراتِ والمخلفاتِ والبقايَا فيهَا، باعتبارِ أنَّ الماءَ أساسُ الحياةِ، وقد جاءتْ أوامرُهُ ﷺ ناهيةً عن أنْ يُبالَ في الماءِ الراكدِ، فَعَنْ جَابِرٍ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ: ' أَنَّهُ نَهَى عَنْ الْبَوْلِ فِي الْمَاءِ الرَّاكِدِ' (مسلم)، كما يشملُ النهيُ البولَ في الماءِ الجارِي وفي أماكنِ الظلِّ باعتبارِهَا أماكنُ يركنُ إليهَا المارةُ للراحةِ مِن وعثاءِ السفرِ، وعناءِ المسيرِ، وربَّمَا لأنَّ الشمسَ لا تدخلهَا فلا تتطهرُ فتصبحُ محطَّ الأوبئةِ وموضعَ الأمراضِ، وفي الحديثِ: ' لَا يَبُولَنَّ أَحَدُكُمْ فِي الْمَاءِ الدَّائِمِ الَّذِي لَا يَجْرِي ثُمَّ يَغْتَسِلُ فِيهِ ' (متفق عليه). كذلك نهَى ﷺ عن الإسرافِ في الوضوءِ، فقد جَاءَ أَعْرَابِيٌّ إِلَى النَّبِيِّ ﷺ يَسْأَلُهُ عَنْ الْوُضُوءِ؟ فَأَرَاهُ الْوُضُوءَ ثَلَاثًا ثَلَاثًا. ثُمَّ قَالَ:' هَكَذَا الْوُضُوءُ، فَمَنْ زَادَ عَلَى هَذَا فَقَدْ أَسَاءَ وَتَعَدَّى وَظَلَمَ '(ابن ماجة والنسائي بسند حسن). وعن عَقِيلِ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «يُجْزِئُ مِنَ الْوُضُوءِ مُدٌّ، وَمِنَ الْغُسْلِ صَاعٌ» ، فَقَالَ رَجُلٌ: لَا يُجْزِئُنَا، فَقَالَ: قَدْ كَانَ يُجْزِئُ مَنْ هُوَ خَيْرٌ مِنْكَ، وَأَكْثَرُ شَعَرًا، يَعْنِي النَّبِيَّ ﷺ '. (ابن ماجة بسند حسن). وعَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو، أَنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ مَرَّ بِسَعْدٍ وَهُوَ يَتَوَضَّأُ، فَقَالَ: مَا هَذَا السَّرَفُ؟ فَقَالَ: أَفِي الْوُضُوءِ إِسْرَافٌ؟ قَالَ: نَعَمْ، وَإِنْ كُنْتَ عَلَى نَهَرٍ جَارٍ. ' (أحمد وابن ماجة). وإذَا كانَ هذا في شأنِ عبادةٍ، فمَا ظنُّكَ بمَا دونَ العبادةِ ؟!!! إنَّ اللهَ سبحانَهُ وتعالى قد وعدَنَا بالمزيدِ إنْ شكرنَا نعمةَ الماءِ، وبالعذابِ إنْ أسرفنَا في استخدامِهَا، حيثُ قالَ: {وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ} (إبراهيم: 7)، فالماءُ نعمةٌ فإذَا استخدمتَهُ في طاعةٍ وحافظتَ عليهِ فقد شكرتَ النعمةَ وأديتَ حقَّهَا، فبذلكَ تُنَالُ الرحمةُ والمغفرةُ، أمَّا إذا استخدمتَهُ في معصيةٍ وأسرفتَ فيهِ فقد ظلمتَ نفسَكَ وكفرتَ بالنعمةِ ولم تؤدِّ حقَّهَا فبذلكَ دخلتَ في دائرةِ الظلمِ والكفرانِ !! ثانيًا: أثرُ الذنوبِ والمعاصِي في حجبِ نعمةِ الماءِ إنّ المعاصِي والذنوبَ وارتكابَ المحرماتِ لها أثرُهَا السيئُ في حجبِ النعمِ والبركاتِ عامةً وفي نعمةِ الماءِ خاصةً، وقد تضافرت نصوصُ القرآنِ والسنةِ وأقوالِ سلفِ الأمةِ في ذلك. قال تعالى في النعم والبركات عامة:{ وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آَمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَلَكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ }(الأعراف: 96)، ونحن نعلمُ أنّ اللهَ أهلكَ قومَ نوحٍ غرقًا بالماءِ بسببِ عصيانهِم وطغيانهِم، كما أهلكَ فرعونَ غرقًا في اليمِّ بسببِ جبروتِه وتكبرِه وعصيانِه، وأبَى اللهُ إلّا أنْ يجريَ الماء مِن فوقِه ليكونَ الجزاءُ مِن جنسِ العملِ. لذلك قال اللهُ تعالى: {وَأَلَّوِ اسْتَقَامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ لَأَسْقَيْنَاهُمْ مَاءً غَدَقاً} [الجـن:16]. ومِن السنةِ ما روي عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ قَالَ:' قَالَ رَبُّكُمْ عَزَّ وَجَلَّ: لَوْ أَنَّ عِبَادِي أَطَاعُونِي لَأَسْقَيْتُهُمْ الْمَطَرَ بِاللَّيْلِ وَأَطْلَعْتُ عَلَيْهِمْ الشَّمْسَ بِالنَّهَارِ؛ وَلَمَا أَسْمَعْتُهُمْ صَوْتَ الرَّعْدِ' (أحمد والحاكم وصححه). وعن عبدِاللهِ بنِ عمرَ قال: قال رسولُ اللهِ ﷺ: يا مَعْشَرَ المهاجرينَ! خِصالٌ خَمْسٌ إذا ابتُلِيتُمْ بهِنَّ، وأعوذُ باللهِ أن تُدْرِكُوهُنَّ: …. ولم يَمْنَعُوا زكاةَ أموالِهم إلا مُنِعُوا القَطْرَ من السماءِ، ولولا البهائمُ لم يُمْطَرُوا …' (ابن ماجة والحاكم وصححه ووافقه الذهبي). فتأملُوا حكمةَ اللهِ تعالى في حبسِ الغيثِ عن عبادِه، وابتلائهِم بالقحطِ إذا منعوا الزكاةَ، وحرمُوا المساكين، كيفَ جوزوا على منعِ ما للمساكينِ قِبَلَهُم مِن القوتِ بمنعِ اللهِ ماءَ القوتِ والرزقِ وحبسِه عنهم؛ فقال لهم بلسانِ الحالِ: منَعتم الحقَّ فمُنعتم الغيث، فهلا استنزلتمُوه ببذلِ ما للهِ قِبَلَكُم؟!! فمدارُ إمساكِ المطرِ وحجبهِ أو إنزالِه وإدرارِه على المنعِ والعطاءِ مِن العبدِ نفسِه وبكسبِه. لذلك كان الحسنُ البصريُّ -رحمه اللهُ- إذا رأى السحابَ قال: في هذه واللهِ رزقكُم، ولكنكُم تحُرمونَهُ بخطاياكُم وذنوبِكُم. وقال اللهُ تعالى: {وَفِي السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ} [الذاريات:22]، فالرزقُ المطرُ، وما توعدونَ بهِ الجنةَ، وكلاهُمَا في السماءِ. ومِن أقوالِ السلفِ: قال مجاهدٌ: إنَّ البهائمَ تلعنُ عصاةَ بنِي آدمَ إذا اشتدتْ السَنَةُ – أي : القحطُ – وأُمسكَ المطرُ، وتقولُ: هذا بشؤمِ معصيةِ ابنِ آدمَ. وقال عكرمةُ: دوابُّ الأرضِ وهوامُهَا، يقولون: مُنعنَا القطرُ بذنوبِ بني آدمَ. وقد جاء رجلٌ إلى الحسنِ البصرِي فقال له : إنّ السماءَ لم تمطر !! فقال له الحسنُ البصريُّ: اِستغفرْ اللهَ. ثم جاء رجلٌ آخرٌ فقالَ له: اشكوا الفقرَ!! فقال له الحسنُ البصريُّ: اِستغفرْ اللهَ. ثم جاء ثالثٌ فقال له: امرأتي عاقرٌ لا تلدُ!! فقال له الحسنُ البصري: اِستغفرْ اللهَ. ثم جاء رابعٌ فقال له أجدبت الأرضُ فلم تنبتْ !! فقال له الحسنُ البصريُّ: اِستغفرْ اللهَ. فقال الحاضرون للحسن البصري : عجبنَا لك أو كلمَا جاءكَ شاكٍ قلتَ له اِستغفرْ اللهَ؟! فقال لهم الحسنُ البصريُّ ما قلتُشيئًا مِن عندي، وقرأَ قولَهُ تعالى: {فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَارًا} (نوح 10- 12 ). فعليكُم بدوامِ الاستغفارِ والرجوعِ إلى اللهِ تعالى، والبعدِ عن المعاصي والذنوبِ؛ حتى يُصبَّ علينَا الخيرُ والماءُ صباً. ثالثًا: وافعلُوا الخيرَ لعلكُم تُفلحون ينبغِي على كلِّ إنسانٍ أنْ يسعَى جاهداً في عملِ سبيلِ سقيِ الماءِ بأيِّ وسيلةٍ مِن الوسائلِ المختلفةِ، فهذا مِن البرِّ والصدقاتِ الجاريةِ التي تلحقُ المرءَ بعدَ وفاتِهِ، فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: إِنَّ مِمَّا يَلْحَقُ الْمُؤْمِنَ مِنْ عَمَلِهِ وَحَسَنَاتِهِ بَعْدَ مَوْتِهِ : عِلْمًا نَشَرَهُ، وَوَلَدًا صَالِحًا تَرَكَهُ، وَمُصْحَفًا وَرَّثَهُ، أَوْ مَسْجِدًا بَنَاهُ، أَوْ بَيْتًا لاِبْنِ السَّبِيلِ بَنَاهُ، أَوْ نَهْرًا أَجْرَاهُ، أَوْ صَدَقَةً أَخْرَجَهَا مِنْ مَالِهِ فِي صِحَّتِهِ وَحَيَاتِهِ، تَلْحَقُهُ مِنْ بَعْدِ مَوْتِهِ. (ابن ماجة والبيهقي بسند حسن). وعَنْ أَنَسٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ « سَبْعٌ يَجْرِي لِلْعَبْدِ أَجْرُهُنَّ مِنْ بَعْدِ مَوْتِهِ وَهُوَ فِي قَبْرِهِ: مَنْ عَلَّمَ عِلْمًا، أَوْ كَرَى نَهَرًا، أَوْ حَفَرَ بِئْرًا، أَوْ غَرَسَ نَخْلًا، أَوْ بَنَى مَسْجِدًا، أَوْ وَرَّثَ مُصْحَفًا، أَوْ تَرَكَ وَلَدًا يَسْتَغْفِرُ لَهُ بَعْدَ مَوْتِهِ ». ( البزار والبيهقي وأبو نعيم في الحلية بسند حسن لغيره). وما أجملَ هذه الصورةَ النبيلةَ الرحيمةَ لذِي النورينِ عثمانَ – رضيَ اللهُ عنهُ – الذي يسعَى إلى الجنةِ عن طريقِ التراحمِ والتكافلِ وسقايةِ الناسِ كلِّهِم، ' فإنَّ النبيَّ ﷺ قالَ مَن يشترِي بئرَ رومةَ يوسعُ بهَا على المسلمينَ ولهُ الجنة؟ قال: فاشتراهَا عثمانُ بنُ عفانَ رضيَ اللهُ عنهُ مِن يهودِيٍّ بأمرِ النبيِّ ﷺ وسبلَهَا للمسلمين، وكان اليهودِيُّ يبيعُ ماءَهَا. وفي الحديثِ أنَّ عثمانَ رضي اللهُ عنهُ اشترى منه نصفَهَا باثنَي عشرَ ألفا، ثم قال لليهودِي اخترْ إمَّا أنْ تأخذَهَا يومًا وآخذهَا يومًا وإمَّا أنْ تنصبَ لكَ عليهَا دلوًا وأنصبُ عليهَا دلوًا، فاختارَ يومًا ويومًا، فكان الناسُ يستقونَ منهَا في يومِ عثمانَ لليومينِ، فقالَ اليهودِيُّ: أفسدتَ عليَّ بئرِي فاشترِ باقيهَا، فاشتراهُ بثمانيةَ آلافٍ ' ( زاد المعاد لابن القيم ). تخيلُوا يا عبادَ اللهِ أنّهُ لا يوجدُ بئرٌ ولا ماءٌ للمسلمينَ غيرَ هذهِ، وكان عثمانُ رضي اللهُ عنهُ قادراً على احتكارِهَا وحدَهُ، ولكنّهُ مثالٌ للتراحمِ والتكافلِ، وتخيلُوا لو أنَّ هذهِ البئرَ في أيدِي أحدِ المحتكرينَ الجشعينَ وحدَهُ في هذا الزمانِ، ماذا كان يفعلُ بالمسلمينَ ؟!! ومِن فضائلِ سَقْيِ الماءِ أيضاً أنْ يسقيَهُ اللهُ مِن الرحيقِ المختومِ في الجنةِ، وفي ذلك يقولُ ﷺ:' أَيُّمَا مُسْلِمٍ سَقَى مُسْلِمًا عَلَى ظَمَإٍ سَقَاهُ اللَّهُ مِنْ الرَّحِيقِ الْمَخْتُومِ '. (أحمد وأبوداود والترمذي ) . فاحرصُوا أيُّها المسلمونَ على حفرِ الآبارِ في الأماكنِ التي يحتاجُ إليهَا الناسُ، وهذا أمرٌ ميسورٌ، فَيُطِيْقُ الإنسانُ أنْ يحفرَ لهُ بئرٌ بثمنٍ بخسٍ في بلدٍ فقيرٍ معوزٍ تجرِي عليهِ بركتهُ وبرّهُ، فعن جابرٍ قال: سمعتُ رسولَ ﷺ يقولُ: «مَنْ حَفَرَ مَاءً لَمْ يَشْرَبْ مِنْهُ كَبِدٌ حَرَّى مِنْ جِنٍّ وَلاَ إِنْسٍ وَلاَ طَائِرٍ إِلاَّ آجَرَهُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ». (أخرجه البخاري في التاريخ الكبير وابن خزيمة بسند صحيح). كلُّ هذه المعاني تجعلُ الأمةَ في حُبٍّ وتعاونٍ وتكافلٍ وأمنٍ وسلامٍ. وفي الختامِ: احذرْ أنْ تمنعَ الماءَ – بأيِّ وسيلةٍ مِن الوسائلِ – عن المحتاجينَ إليهِ، وذلكَ للحفاظِ على أرواحِهِم مِن الإهلاكِ، فقد توعدَ اللهُ المانعينَ بالعذابِ الأليمِ في الآخرةِ، فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ:' ثَلَاثَةٌ لَا يُكَلِّمُهُمْ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ: رَجُلٌ حَلَفَ عَلَى سِلْعَةٍ لَقَدْ أَعْطَى بِهَا أَكْثَرَ مِمَّا أَعْطَى وَهُوَ كَاذِبٌ ؛ وَرَجُلٌ حَلَفَ عَلَى يَمِينٍ كَاذِبَةٍ بَعْدَ الْعَصْرِ لِيَقْتَطِعَ بِهَا مَالَ رَجُلٍ مُسْلِمٍ؛ وَرَجُلٌ مَنَعَ فَضْلَ مَاءٍ فَيَقُولُ اللَّهُ الْيَوْمَ أَمْنَعُكَ فَضْلِي كَمَا مَنَعْتَ فَضْلَ مَا لَمْ تَعْمَلْ يَدَاكَ ' ( البخاري ومسلم). نسألُ اللهَ أنْ يصبَّ علينَا الخيرَ صبًّا صبًّا وأنْ لا يجعلَ عيشنَا كدًّا كدًّا.


الدستور
منذ 2 ساعات
- الدستور
بحضور علماء الأزهر وشيوخ التصوف..." الكردية النقشبندية" تختتم فعاليات مولد مؤسسها "الإمام الكردى"
اختتمت الطريقة الكردية النقشبندية، فعاليات مولد الإمام محمد أمين الكردي مؤسس الطريقة الكردية النقشبندية بمصر، وذلك بحضور ومشاركة عدد كبير من الشيوخ والعلماء والمريدين، حيث كان في مقدمة المشاركين الشيخ سيف الدين النقشبندي شيخ الطريقة الكردية النقشبندية، والدكتور فتحي حجازي من علماء الأزهر والدكتور محمد ضياء الكردي من علماء الأزهر، وعدد آخر من الشخصيات الدينية والصوفية. وأكد الشيخ سيف الدين النقشبندي شيخ الطريقة الكردية النقشبندية، أن الطريقة الكردية النقشبندية توجه الشكر لك من شارك في فعاليات مولد مؤسسها القطب محمد أمين الكردي، هذا الشيخ الصوفي الكبير الذي خدم الإسلام خدمات جليلة وكان من عن علماء التصوف البارزين الذين دافعوا عن المنهج الإسلامي الوسطي وتصدوا للتطرف بمختلف صوره. وأوضح شيخ الطريقة الكردية النقشبندية، أن الطريقة الكردية النقشبندية، قدمت الكثير لخدمة التصوف الإسلامي وهذا يعلمه القاصي والداني حيث أن علماء الطريقة أفنوا حياتهم في خدمة التصوف والدين الإسلامي. وكانت الطريقة الكردية النقشبندية، قد أعلنت تنظيمها احتفالية كبرى، الخميس، بمقرها بصلاح سالم بمناسبة الليلة الختامية لمولد مؤسسها الشيخ محمد أمين الكردى، بمشاركة أتباعها ومريديها، وعدد كبير من شيوخ التصوف وعلماء الأزهر.

عمون
منذ 3 ساعات
- عمون
تيار اليمين الديني السياسي: صراع الاعتدال والاعتزال
عند الحديث في فقه علوم الأديان ، يبرز الحديث عن الإسلام و مكانه ما بين الديانات السماوية الأخرى ، هوية فكره و اركان نهج مساره و حكم علاقته و الإنسانية ، لنجد ، أنه ليس دينًا لطائفة أو فئة خاصة، بل هو رسالة كونية للإنسانية كلها، تحتضن في جوهرها كل الرسالات السماوية، وتستهدف بناء منظومة هي مصفوفة قيم تنظم حياة الإنسان وعلاقاته مع نظرائه في الخلق و خالقهم على أسس فلسفة الفطرة السليمة و الفكر القويم ، هدفها ادراك ربوبية الواحد الاحد الفرد الصمد. من يتدبر هذا المعنى يدرك أن الإسلام ليس حكرًا على طقوس جامدة، بل مشروع حضاري شامل يعبر عن صلة بين الخالق والمخلوق من خلال الحوار، والإيمان، والعمل. وقد خُلق الإنسان مميزا بملكة التفكير وحرية الاختيار و قدرات التدبير ، ليكون قادرًا على التفاعل مع متغيرات الحياة و تحدياتها، ولكن تبقى الفطرة رهينة بصفاء النفس أو عكر هواها . وهنا يظهر الانقسام: فبينما ترى بعض الفئات في الإسلام مشروعًا حضاريًا مفتوحًا على الثقافات والحضارات، في حين اختزله البعض الآخر في ممارسات مغلقة وطقوس منغلقة، جعلته سجنًا فكريًا لا يسمح بالتفاعل ولا بالحوار، بل يقدس الجمود ويخاصم التجديد ، و هو ذاته عند باقي اتباع الديانات التي ترى فيها نصوص للقراءة لا للفعل و العمل و الهداية. المقدمة لا تعكس هوية مقال عن حوالي الأديان انما هو توطأة ، لظاهرة ما يُعرف بـ"اليمين الديني السياسي" و هي ظاهرة ليست عربية محلية فقط، بل ظاهرة عالمية ، عابرة للقارات ، تمددت و تشعبت ، للتفرع منها قوى سياسية تحت عباءات مذهبية طائفية ، احتكرت الاحكام و القرارات بحكم وصاية و تفويض الخلافة الربانية . منطقتنا العربية شهدت أسوأ تجليات صور هذا التيار ، سواء في نسخته الإسرائيلية ذات الطابع التلمودي التوراتي المتطرف المحرفة الذي يدعي مظلومية المحرقة التي تعرض لها و يحرم إنكارها بينما يقر حاخاماته جوازها لغيرهم ، أو تلك العربية المتمثلة في نسخة التنظيمات ذات الخلفية الإخوانية، التي دخلت المجال السياسي تحت راية الدين ، رافضة التعددية و اي رأي يخالفها . السؤال الجوهري: ماذا قدم هذا التيار؟ اين المنجزات و عوائد المشاريع نفعا للإنسان المنطقة على الأقل ؟ حين نتأمل سجل هذه التيارات بعد وصولها إلى السلطة، نجد أن الحصيلة كانت كارثية ومؤلمة. فبدلًا من تحقيق نهضة حضارية أو إصلاح سياسي، تورطت هذه التيارات في إدارة المؤامرات المؤلمة التي عمقت الأزمات وإثارة الصراعات و اعاقة في كافة الملفات السياسة الخارجية أو الداخلية الاقتصادية أو التعليمية أو الثقافية. ولفهم ذلك، يكفي النظر إلى ما حدث طول قرن : نكبة و نكسة و مجازر بالجملة ، حرب أفغانستان والشيشان وكوسوفو، حيث تم تشكيل جماعات جهادية وُظفت كأدوات في صراعات القوى الكبرى. ليبيا واليمن والعراق ولبنان وسوريا، حيث ساهمت هذه التيارات في تعميق الانهيار والفوضى. غزة، التي تحولت إلى منصة لحصان طروادة لهندسة جيوسياسية جديدة للمنطقة، بدلًا من أن تكون نموذجًا للمقاومة الراشدة. في المحصلة، خسرنا على كل المستويات: انكمش حضورنا الدولي، وتراجعت مكانتنا، وازداد الاحتقان الشعبي، وضعف الاقتصاد . رغم أن العالم العربي يملك كل مقومات النهضة الحضارية والعلمية والاقتصادية، إلا أن التيارات السياسية اليمينية وضعت هذه الإمكانيات في خدمة أجندات غير وطنية، عبر خطاب ديني مشحون بالعاطفة والشعارات، يخاطب العامة دون مساءلة أو مراجعة. لقد تحول الدين إلى وسيلة لخلق رأي عام غير مدرك، تسيره العواطف لا العقول، ويجعل من الخطاب الديني أداة لحشد الجمهور في اتجاهات تخدم قوى خارجية، تستثمر في الفوضى وتعميم الصراع، سواء بين الدول أو داخلها. جميع التنظيمات المتطرفة على اختلاف مذاهبها وأيديولوجياتها لا تملك هوية فرعية تميزها، بل يجمعها فكر واحد: فكر ضال، يقوم على الحقد والتشدد والانتقام. كوادر هذه التنظيمات تمّت تعبئتها نفسيًا وفكريًا بطريقة مغلقة ومشحونة، تفتقر إلى الوعي الحضاري أو الأفق الإنساني، وترى العالم من زاوية حرجة ضيقة. التقت مصالح هذه التنظيمات مع مصالح قوى دولية أو إقليمية، فتم تمويلها وتوظيفها لتفجير المجتمعات من الداخل، تحت شعارات زائفة عن الشريعة أو الثورة، فيما الحقيقة أنها كانت أدوات في مشاريع أكبر منها. اليمين الإسرائيلي المتطرف واليمين العربي الإخواني يلتقيان في رؤية متطرفة للعالم: كلاهما يؤمن أن قيام الساعة مشروط بإبادة الطرف الآخر. و كأنهما يعلمان الغيب! يعملان معًا، سرا و علنا على تغذية الصراع بدلا من إطفائه، و كأنهما يجهلان قول الله تعالى: "يَسْأَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْسَاهَا قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِندَ رَبِّي" (الأعراف: 187). في المقابل، كان العرب الأقحاح أهل مروءة: "الشجاع هو آخر من يطلب الحرب"، أما اليوم، فكثير من الزاعقين أول من يطلبها، ثم ينسحب منها، و يخترع المبررات لإخفاقه. التيار الديني السياسي، رغم لبوسه الديني، لم يكن يومًا مشروعا إصلاحيا حقيقيًا. بل كان غطاءً لفشل سياسي، وأداة لتصفية الحسابات، وتمزيق المجتمعات، وخدمة أجندات خارجية. والخاسر الأكبر هو المواطن، الذي ضيّعته الشعارات، وأتعبه الفقر و ضياع العمر و القهر ، تغرقه صوت ضوضاء المزايدات ، تمزقه المذهبية ، تتقاسمه المشاريع تعيده إلى جاهلية التبعية الرمزية العباد بدلا من الاتجاه إلى رب العباد . ختاما اذا ما سألنا من فينا الرابح؟ هو من وضع مصلحة وطنه وأمته فوق كل اعتبار، وعرف أن الدين رسالة إصلاح لا منصة صراع.