ترامب وبن سلمان يفتتحان "عصراً ذهبياً"
لقي الرئيس الأميركي دونالد ترامب ترحيباً حاراً أمس من قِبل ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان في مطار الملك خالد بالرياض، الذي فرش بـ "السجاد البنفسجي"، قبل أن يحظى بـ "استقبال ملكي" حافل في قصر اليمامة، حيث ترأس مع بن سلمان أعمال القمة السعودية - الأميركية، ليختتم نهاره الطويل مستمتعاً بسحر الدرعية وجمالها الخلّاب. وشهد الزعيمان توقيع عدد من الاتفاقات المشتركة، أبرزها وثيقة الشراكة الاقتصادية الاستراتيجية بين السعودية والولايات المتحدة، فضلاً عن صفقة مبيعات دفاعية وصفها البيت الأبيض بـ "الأكبر في التاريخ"، كما وصف الصفقات بـ "التاريخية والتحويلية" لكِلا البلدَين، معتبراً أنها تمثل "عصراً ذهبياً جديداً" من الشراكة بينهما.
تدشّن زيارة ترامب إلى المملكة أولى جولاته الخارجية في ولايته الثانية، التي تشمل قطر والإمارات، وتستغرق أربعة أيّام. هذه المحطّة التاريخية للرئيس الجمهوري تأتي في توقيت إقليمي ودولي بالغ الحساسية في ظلّ الجهود الأميركية الحثيثة لإنهاء حربَي غزة وأوكرانيا وإبرام صفقة نووية جديدة مع طهران. تحمل هذه الجولة دلالات متعدّدة، فهي تؤكد الثقل الاقتصادي والمالي والدبلوماسي لدول مجلس التعاون الخليجي، وتعزّز مكانة السعودية كشريك استراتيجي أساسي للولايات المتحدة في عالم يزداد اضطراباً.
العلاقات الأميركية - السعودية تعود لعقود من التعاون المتين، رغم التحدّيات التي عصفت بالمنطقة، وضع "حجر الزاوية" لها اللقاء التاريخي الذي جمع بين الملك المؤسّس عبدالعزيز والرئيس فرانكلين روزفلت على متن البارجة "يو أس أس كوينسي" في قناة السويس في 14 شباط 1945، وتوّج باتفاق شراكة استراتيجية. لكن ريتشارد نيكسون أصبح في حزيران 1974 أوّل رئيس أميركي يزور المملكة، حيث التقى الملك فيصل بن عبدالعزيز في جدة، الأمر الذي نقل العلاقات الثنائية إلى مرحلة أكثر صلابة. وعبّد نيكسون الطريق أمام الرؤساء جيمي كارتر وجورج بوش الأب وبيل كلينتون وجورج بوش الإبن وباراك أوباما وترامب وجو بايدن، لزيارة السعودية، بعضهم لأكثر من مرّة.
تفاوتت العلاقات التي جمعت الرؤساء الأميركيين مع المملكة، لكن المصالح المشتركة بقيت أقوى من الخلافات التي ظهرت أحياناً مع الأزمات المتعاقبة. امتُحِنت أميركا والسعودية في محطات مفصلية مختلفة، فترسّخت علاقتهما أكثر واجتازت العقبات الجيوسياسية على أنواعها. العلاقة الشخصية بين ترامب وبن سلمان ودّية للغاية، فضلاً عن أن التحوّلات الجذرية التي تطرأ على المشهدَين الإقليمي والدولي تفرض على واشنطن والرياض تعميق شراكتهما ونقلها إلى مستوى متقدّم. يطمح ترامب إلى توقيع اتفاقات ضخمة متصلة بالمعادن والطاقة وأشباه الموصلات والذكاء الاصطناعي مع دول الخليج الثلاث، فيما تبقى قضية تطبيع العلاقة بين السعودية وإسرائيل وتوسيع "اتفاقات أبراهام" مُعلّقة مع استمرار حرب غزة ورفض تل أبيب أي حلّ يفتح الباب أمام حصول الفلسطينيين على دولة.
أحضر ترامب معه وفداً "كامل الدسم" إلى المملكة، حيث رافقته شخصيات محورية في الإدارة وعلى رأسها وزير الخارجية ومستشاره للأمن القومي ماركو روبيو ووزير الدفاع بيت هيغسيث ووزير الخزانة سكوت بيسنت ووزير التجارة هوارد لوتنيك، إضافة إلى غالبية كبار موظفي البيت الأبيض برئاسة "ضابطة الإيقاع" سوزي وايلز. وفي مؤشّر إلى الأهمية الاقتصادية والتجارية والتكنولوجية والعسكرية والأمنية للزيارة، ضمّ الوفد الأميركي كذلك عدداً كبيراً من رجال الأعمال، الذين حضروا "منتدى الاستثمار السعودي - الأميركي" إلى جانب ترامب وبن سلمان، وأبرزهم رئيس شركتي "تسلا" و"سبيس إكس" إيلون ماسك، فضلاً عن الرؤساء التنفيذيين لشركات عملاقة في مجالات متنوّعة كـ "أوبن أيه آي"، و"غوغل"، و"أمازون" و"بلاك روك"، و"سيتي غروب"، و"بوينغ"، و"كوكا كولا" وغيرها.
بعدما كانت المعادلة بين واشنطن والرياض سابقاً قائمة على "الأمن مقابل النفط"، صارت المعادلة ترتكز على "شراكة أمنية ودفاعية تتكامل مع استثمارات وصفقات هائلة". استحالت السعودية لاعباً إقليمياً ودولياً وازناً، ووسيطاً يسعى إلى بناء الجسور بين الأعداء والخصوم. فلقد احتضنت المملكة محادثات ومفاوضات حتى غدت الرياض وجدة تزاحمان جنيف على لقب "عاصمة السلام". استضافت السعودية محادثات أميركية - روسية وأميركية - أوكرانية، وأخرى سودانية - سودانية، فيما تتوسّط الرياض إلى جانب أبوظبي والدوحة، بين كييف وموسكو لتبادل أسرى الحرب وإعادة الأطفال الأوكرانيين من روسيا إلى ذويهم. كما تعتبر الدوحة وسيطاً رئيسياً في حرب غزة، وتؤدّي أدواراً مماثلة في أكثر من صراع حول العالم.
وبالحديث عن الوساطات تبرز أيضاً العاصمة العُمانية مسقط، التي استضافت الأحد الفائت الجولة الرابعة من المحادثات النووية بين واشنطن وطهران، التي ما زالت تجتاز العقبات حتى الآن، رغم التباينات الجسيمة بين الطرفين اللدودين وبالتوازي مع استكمال واشنطن سياسة "الضغوط القصوى". وبرنامج طهران النووي، إضافة إلى برامجها الصاروخية والمسيّرة، ومسألة أذرعها في الإقليم، ستكون طبقاً مهمّاً على طاولة المحادثات بين ترامب وحلفائه الخليجيين خلال جولته الراهنة. ولا يمكن إغفال حرب غزة التي جمّدت التطبيع بين المملكة وإسرائيل. إصرار تل أبيب على استكمال الحرب وإعادة توسيعها من جديد، لم تغضب قادة المنطقة فحسب، بل أثارت امتعاض ترامب، الذي بات ينظر إلى حليفة بلاده تل أبيب كمعرقلة لخططه للسلام في الشرق الأوسط. هذا الأمر بدا جلياً بعدم اختيار ترامب، إسرائيل، التي تقاتل على أكثر من جبهة، كمحطّة خلال جولته الإقليمية.
ستشهد الرياض اليوم القمّة الأميركية - الخليجية الخامسة التي ستجمع ترامب مع قادة دول مجلس التعاون الخليجي، الذين سيُناقشون ترسيخ تحالفاتهم الدفاعية في ظلّ بيئة أمنية هشة، في وقت يترقب فيه المراقبون اللقاء الوجيز المنتظر اليوم بين الرئيس الأميركي والرئيس السوري الإنتقالي أحمد الشرع، بعدما فاجأ سيّد البيت الأبيض العالم من الرياض بإعلانه رفع كلّ العقوبات الأميركية عن دمشق، مؤكداً اتخاذه خطوات لاستعادة العلاقات الطبيعية مع سوريا. كما تبقى العيون شاخصة والآذان صاغية إلى تحرّكات ترامب ومواقفه، واحتمال وصول زعيم أجنبي أو أكثر، لم يكن متوقعاً حضورهم إلى المملكة أو قطر أو الإمارات، للقاء ترامب وبحث ملفات عالقة وقضايا ساخنة معه.
بصرف النظر عمّا قد تحقّقه جولة ترامب الخليجية من إنجازات جليلة، وهي تبدو من انطلاقتها واعدة جدّاً، إلّا أن المنطقة أضحت أساسية على الخريطة الجيوسياسية العالمية. صحيح أن اهتمامات واشنطن تنحو صوب منطقة المحيطَين الهندي والهادئ، بيد أن تحالفات أميركا الصلبة مع حلفائها الخليجيين تبقى راسخة في أجندة الإدارة الأميركية، التي تعمل على تعزيزها لكسب قوّة إضافية على المسرح العالمي، حيث تتضارب المصالح إلى حدّ الحروب الطاحنة وتتقاطع المنافع المتبادلة بما يتخطّى الاصطفافات الأيديولوجية الجامدة. تتلاقى مصالح أميركا والخليج في أكثر من ملف وقطاع وميدان. لذا يريد ترامب وقادة الخليج تحصين العلاقات بين بلدانهم وتطويرها، أكثر من أي وقت مضى وبما يخدم الجميع.
جوزيف حبيب
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآن
شاركنا رأيك في التعليقات
تابعونا على وسائل التواصل Twitter Youtube WhatsApp Google News

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


صوت لبنان
منذ 40 دقائق
- صوت لبنان
3 مسارات يستفيد منها ترامب للضغط على إيران.. ماذا عن الخيار العسكري؟
أعلن وزير الخارجية العماني بدر البوسعيدي، بالامس، أن الجولة الخامسة من المحادثات النووية بين إيران والولايات المتحدة ستعقد بالعاصمة الإيطالية روما غدًا في 23 أيار. وعلى خط التصاريح، قال وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي بالامس في مقابلة مع "الشرق"، وذلك بشأن المفاوضات النووية مع الولايات المتحدة، إن هناك "خلافات جوهرية"، مع الأميركيين لا تزال قائمة بشأن تخصيب اليورانيوم. وأضاف عراقجي أن التخصيب بالنسبة لإيران "قضية أساسية والتنازل عنه مستحيل". وفيما تتركز الانظار على مسار هذه المحادثات وما ستؤول اليه، وسط تكرار الاميركيين التلويح بالخيار العسكري في حال فشل المفاوضات، يسود الترقب وتتوالى الاسئلة حيال الاجواء التي ستسود الجولة الخامسة من المحادثات كما النتائج التي ستخرج بها. في هذا الاطار، أشارت الاستاذة في العلاقات الدولية في الجامعة اللبنانية ليلى نقولا في حديث لـ vdlnews الى أنه "على الرغم من كل التطورات والتهديدات والتحديات التي تطبع هذه الجولة من المفاوضات، من مصلحة الطرفين أن تستمر هذه الاخيرة ولو بشكل بطيء". وشرح: "الخيار العسكري الذي هدد به الرئيس الاميركي دونالد ترامب هو أمر سيء بالنسبة للمنطقة والادارة الاميركية وإيران، وبالتالي اذا انهارت هذه المفاوضات واضطر ترامب أن ينفذ تهديداته، فعليه أن يتعامل مع مشاكل أكبر في منطقة الشرق الاوسط أكثر مما هي اليوم". ولفتت نقولا في حديث لموقعنا الى أن "إيران تريد أيضًا ألا تنهار هذه المفاوضات وذلك لأن لديها تعقيدات وتحديات كبيرة في المنطقة اقتصاديًا وعسكريًا بالاضافة الى التهديدات الاسرائيلية والاميركية، وبالتالي من مصلحة الطرفين، الاميركي والايراني، أن تستمر هذه المفاوضات ولو كانت بشكل بطيء وأن يكون هناك حل لهذه الازمة بشكل نهائي". وأضافت: "اذا تم حل هذه الازمة، فترامب يستطيع أن يقول إنه رجل سلام وإنه جلب السلام الى الشرق الاوسط، على الاقل في الموضوع الايراني، كما تحصل إيران على امتيازات وتُخَفَف أو تُرفَع العقوبات عنها فتزدهر ويتحسن وضعها الاقتصادي". وعما اذا كان الخيار العسكري فعلا مطروحا بالنسبة للاميركيين في حال فشلت المفاوضات، فقالت نقولا: "الاميركيون يجعلون الخيار العسكري يكون خيارًا أخيرًا، فهم لا يريدون حتى أن تتخذ إسرائيل هذا الخيار". وأشارت الى أن "الاميركيين اليوم يضغطون على إيران عبر 3 مسارات: الاول هو المسار الاميركي الذي يشهد مزيدًا من العقوبات وضغوطًا قصوى وتهديدات باستخدام الخيار العسكري وحوافز لإيران للذهاب الى اتفاق نووي ولكن هذه الحوافز مشروطة". وتابعت نقولا: "المسار الثاني، هو على الشكل التالي: يستفيد الاميركيون من التهديدات الاسرائيلية بضرب المنشآت النووية الايرانية ويجعلون من هذا الامر مسارا للضغط على إيران لتقديم تنازلات". أما بالنسبة الى المسار الثالث، فلفتت الى أنه "المسار الاوروبي حيث يهدد الاوروبيون بأن يكون هناك عودة لآلية الزناد، وفي اللقاء الاخير في 16 أيار 2025، التقى الاوروبيون والايرانيون في تركيا وهدد الاوروبيون باستخدام "آلية الزناد بلاس" أي أنهم لن يعودوا فقط الى تفعيل العقوبات القديمة التي كانت مفروضة على إيران بل أنهم هددوا أيضًا بأنه سيكون هناك عقوبات أوروبية إضافية على إيران تفوق العقوبات السابقة". وأضافت: "ترامب يستفيد من 3 مسارات للضغط على إيران لدفعها لتقديم تنازلات للوصول الى تفاهم نووي". ورأت نقولا أن "الخيار العسكري هو خيار أخير ولا يزال هناك الكثير من أدوات الضغط التي يستخدمها ترامب لإجبار إيران على الجلوس الى الطاولة وتقديم تنازلات وبالتالي، حاليًا وعلى المدى القصير، الخيار العسكري ليس مطروحًا، في انتظار ما اذا كانت المفاوضات ستنهار أم لا أو أي تطور آخر قد يؤدي الى تصعيد في المنطقة".


بيروت نيوز
منذ ساعة واحدة
- بيروت نيوز
عن المحادثات النووية بين إيران والولايات المتحدة.. هذا ما كشفه تقرير لـNewsweek
ذكرت صحيفة 'Newsweek' الأميركية أنه 'وفقًا للرئيس الأميركي دونالد ترامب، تقترب كل من بلاده وإيران من المرحلة النهائية من إبرام اتفاق نووي جديد. وخلال زيارته التي استمرت أربعة أيام إلى الشرق الأوسط الأسبوع الماضي، صوّر ترامب الاتفاق وكأنه قيد التوقيع. وكعادته، كان ترامب يُجمّل الواقع. لم تبدأ المفاوضات بين واشنطن وطهران إلا في 12 نيسان، لذا يصعب تصور اقتراب الطرفين من المرحلة النهائية لإبرام اتفاق نووي ذي طابع تقني عالي. فقد استغرقت إدارة باراك أوباما وإيران حوالي ثلاث سنوات للتفاوض على خطة العمل الشاملة المشتركة (JCPOA)، وهي عملية شهدت نصيبها من التعثر. يبدو أن محادثات إدارة ترامب مع الإيرانيين لم تتطرق إلى التفاصيل الدقيقة، وهذا على الأرجح أحد أسباب تفاؤل المسؤولين الأميركيين والإيرانيين نسبيًا'. وبحسب الصحيفة، 'لا يريد ترامب لطهران أن تُماطل في المحادثات، وقد صرّح مرارًا بأن أمام الإيرانيين خيارين: إما التخلص من برنامجهم النووي بالطريقة السهلة أو بالطريقة الصعبة. والطريقة الصعبة، أي القوة العسكرية، ستكون كارثية عليهم. ورغم أنه قد يبدو من المبتذل القول إن الشيطان في أي اتفاق نووي يكمن في التفاصيل، إلا أن هذا القول صحيح أيضا. إن التفاصيل هي التي ستُحدد نجاح العملية الدبلوماسية برمتها أو فشلها. حاليًا، واشنطن وطهران عالقتان في أهم تفصيل على الإطلاق: هل سيتمكن الإيرانيون من تشغيل برنامج تخصيب اليورانيوم؟ وازدادت حدة خطاب ستيف ويتكوف، مبعوث ترامب، بشأن ما هو مقبول وما هو مرفوض من قبل الإدارة الأميركية في أي اتفاق محتمل. وخلال مقابلة أجريت معه مؤخرًا، أكد ويتكوف أن 'لدينا خطًا أحمر واضحًا للغاية، وهو التخصيب. لا يمكننا السماح حتى بنسبة 1% من قدرة التخصيب'. وتتوافق هذه التعليقات مع تصريحات وزير الخارجية ماركو روبيو، الذي جادل بأن إيران حرة في امتلاك برنامج نووي سلمي طالما أنها تستورد الوقود اللازم لتشغيل المفاعلات'. وتابعت الصحيفة، 'وجاء الرد الإيراني على شكل تحد. بعد أن أشار وزير الخارجية الإيراني، سيد عباس عراقجي، إلى أن تصريحات ويتكوف العلنية لا تتوافق مع موقفه الفعلي في المحادثات، جدد تأكيده على حق إيران في التخصيب للأغراض السلمية. أما المرشد الأعلى آية الله علي خامنئي، الذي يتخذ كل القرارات الرئيسية المتعلقة بالسياسة الخارجية والأمنية لإيران، فلم يُعجبه الضغط العلني من الأميركيين، وكان رده، كعادته، غير دبلوماسي، داعيًا المسؤولين الاميركيين إلى 'تجنب التصريحات غير المنطقية'، ومشككًا في جدوى المفاوضات مع واشنطن. وبالنسبة للمراقبين من الخارج، يستحيل معرفة ما إذا كان هذا الخلاف الخطابي مجرد مناورة معتادة خلال المفاوضات المهمة، أم أنه مجرد توضيح لمواقفهما الحقيقية'. وأضافت الصحيفة، 'يشعر ترامب بضغط للتوصل إلى اتفاق مع إيران أقوى مما تفاوض عليه أوباما قبل عقد من الزمن. ووضع اتفاق أوباما النووي حدًا أقصى لمخزون إيران من اليورانيوم المخصب لضمان منع ما يسمى بالانفراج النووي، وخفض عدد ونوع أجهزة الطرد المركزي التي يمكن للعلماء الإيرانيين استخدامها، وسمح للمفتشين بمراقبة كافة جوانب العمل النووي لطهران. إلا أن ترامب والعديد من زملائه الجمهوريين أصرّوا على أن أوباما كان بإمكانه الحصول على المزيد من الإيرانيين، لكنه فشل في الضغط عليهم بشكل أكبر'. وبحسب الصحيفة، 'بتمسكه بسياسة عدم التخصيب، من المرجح أن يُفشل ترامب المحادثات النووية أكثر من حصوله على الصفقة الأفضل التي يطمح إليها. في الواقع، لقد انطلق قطار التخصيب منذ زمن بعيد. فالإيرانيون يُخصبون اليورانيوم منذ عام 2006، وأمضوا سنوات في بناء جهاز نووي بتكلفة باهظة تكبدوها نتيجة العقوبات الغربية والعزلة الدبلوماسية. أصبح البرنامج النووي برمته مصدر فخر للجمهورية الإسلامية، لذا فإن توقع تخلي الإيرانيين عنه، حتى لو تضمنت الفوائد إعادة فتح الاقتصاد الإيراني، هو على الأرجح ضرب من الخيال. لم تُقنع التجربة الأولى مع ترامب، التي انسحب خلالها من الاتفاق النووي وأعاد فرض عقوبات ثانوية على طهران، النخبة السياسية الإيرانية بأن واشنطن ستلتزم بأي شروط وقّعتها قبل سنوات'.

القناة الثالثة والعشرون
منذ ساعة واحدة
- القناة الثالثة والعشرون
"عقدة اليورانيوم" تهدد بفشل الجولة الـ5 من المحادثات النووية
أجواء يغيب عنها التفاؤل، تُجري إيران والولايات المتحدة محادثات يوم الجمعة في روما، وهي الجولة الخامسة من المفاوضات بشأن برنامج طهران النووي، وسط توتر إعلامي. وتصطدم المحادثات النووية الإيرانية بخطوط حمراء لواشنطن وطهران، ما يعرّض المفاوضات التي كانت واعدة قبل أسابيع، لانتكاسة بسبب معضلة تخصيب اليورانيوم. واستبقت إيران الجولة الخامسة، والثالثة التي تُعقد في روما، بتكرار التحذيرات من خطر "فشل" التوصل إلى الاتفاق مع بقاء "عقدة" اليورانيوم، ففي مؤتمر دولي في طهران، قال كبار المسؤولين إنهم حريصون على التوصل إلى اتفاق مع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، لكنهم لن يستسلموا تحت الضغط. ويحث المسؤولون الإيرانيون الولايات المتحدة على الموافقة على اتفاق بشأن البرنامج النووي الإيراني، رغم إصرار إدارة ترامب على أن تقبل طهران بتخصيب اليورانيوم صفراً. في حين أشار المسؤولون الإيرانيون إلى استعداد بلادهم لخفض تخصيب اليورانيوم بشكل كبير إلى مستويات أدنى من تلك اللازمة لإنتاج أسلحة نووية، طالبت طهران بالسماح لها بمواصلة التخصيب لأغراض سلمية. وبموجب الاتفاق النووي لعام 2015 بين إيران والقوى العالمية، والذي انسحب منه ترامب عام 2018، سُمح لإيران بتخصيب اليورانيوم منخفض المستوى لأغراض الطاقة والأغراض الطبية. جولة فوق النار على خلاف الجولات الأربع الماضية، التي كانت تسبقها وتعقبها التصريحات الإيجابية، فإن الجولة الخامسة تنعقد فوق صفيح ساخن، وعلى وقع استعادة إدارة ترامب نبرة التهديد والوعيد لطهران في حال فشل التوصل إلى اتفاق يكبح طموحها النووي. وكان ترامب استبق بدء المفاوضات في مارس/ آذار الماضي برسالة "وعيد" إلى المرشد الإيراني علي خامنئي يدعوه فيها للتفاوض أو مواجهة تدخل عسكري "سيكون فظيعاً". وبعد أكثر من شهرين على تهديد الرئيس الأمريكي للمرشد الإيراني، يواصل خامنئي إرسال تصريحات متعنتة، فيوم أمس الأربعاء أظهر تشاؤماً من أن تؤدي المفاوضات غير المباشرة مع واشنطن إلى أي نتيجة. وقال خامنئي إن "على الطرف الأمريكي ألا يقول هراء... قولهم إننا لن نسمح لإيران بتخصيب اليورانيوم، هذه وقاحة زائدة. لا ننتظر إذنَ هذا أو ذاك، نتبع سياستنا الخاصة". وأضاف "لا نظن أن المفاوضات ستُفضي إلى نتيجة الآن، ولا نعلم ما الذي سيحدث". روسيا تعرض المساعدة ووسط الأجواء السوداوية، طرحت روسيا مبادرة لتقريب وجهات النظر بين واشنطن وطهران، إذ قال نائب أمين عام مجلس الأمن الروسي، ألكسندر فينيديكتوف، إن بلاده مستعدة لتقديم المساعدة اللازمة، للتوصل إلى اتفاقيات مفيدة للطرفين. وأضاف "للأسف لا يتفق الجميع في الولايات المتحدة على ضرورة إيجاد حل سلمي للأزمة الإيرانية. نأمل أن يسود المنطق السليم"، بحسب ما نقلت عنه وكالة سبوتنيك الروسية للأنباء. وأكد فينيديكتوف، في مقابلة مع وكالة سبوتنيك، أن روسيا مستعدة لتقديم المساعدة اللازمة للتوصل إلى اتفاقيات مفيدة للطرفين حول البرنامج النووي الإيراني، وفي الحوار بين إيران والولايات المتحدة في المرحلة الحالية. انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة. انضم الآن شاركنا رأيك في التعليقات تابعونا على وسائل التواصل Twitter Youtube WhatsApp Google News