logo
حين يدرس الصمت ..

حين يدرس الصمت ..

عمونمنذ يوم واحد
من "العجز المتعلم" الى الفعل المقاوم..
معركة الوعي في زمن الإبادة في غزة ...
في علم النفس السياسي والاجتماعي، يُعرف "العجز المتعلَّم" (Learned Helplessness) بأنه حالة تصيب الأفراد أو الجماعات نتيجة تعرضهم المتكرر لصدمات أو أزمات دون أن يتمكنوا من مواجهتها أو تغيير نتائجها، مما يترتب عليه استسلام داخلي مزمن، وشعور عميق بانعدام الجدوى من أي محاولة للفعل أو التأثير.
عندما تنتقل هذه الحالة من الفرد إلى الجماعة، تصبح ظاهرة خطيرة تُقيد المجتمعات، وتعطل الطاقات، وتزرع روح الاستكانة والانهزامية. إنها حالة نفسية وسياسية يتربى عليها العقل الجمعي حين تُكرَّس فيها الهزائم وتُفرغ الإرادات ويُحاصَر الأمل.
ما يجري اليوم في غزة من حرب إبادة جماعية، وتطهير عرقي، وتجويع ممنهج، وتهجير قسري، يكشف عن فصول مأساوية من العنف الدموي غير المسبوق في تاريخ البشرية الحديث. ومع ذلك، فإن ما هو أشد قسوة من المشهد ذاته، هو شعور الكثير من العرب والمسلمين بالعجز التام أمام هذه الجرائم، وكأنهم تحولوا إلى شهود على الكارثة دون قدرة على ردع الجريمة أو حتى التخفيف من آثارها.
هذا العجز، في جوهره، ليس عجزًا حقيقيًا في الإمكانات، وإنما نتاج تراكمات نفسية وسياسية وثقافية، زرعت في الأذهان أن إرادتنا بلا قيمة، وأن صوتنا غير مسموع، وأن أفعالنا لن تُحدث فرقًا. وهنا يكمن "العجز المتعلَّم" الذي يُحبط الشعوب ويُرهب القرار ويُفرغ القضايا من محتواها التحرري.
وسط هذه الحالة العامة، برز الأردن أنموذجًا يُحتذى به في مواجهة العجز بالفعل لا بالشعارات، ضمن كافة القدرات والإمكانات المتاحة. فمنذ اللحظة الأولى للعدوان على غزة، كان الموقف الأردني بقيادة جلالة الملك عبد الله الثاني ابن الحسين صلبًا وواضحًا وشجاعًا ومؤثرا في كل المحافل الدولية، رافضًا جرائم الحرب التي ترتكبها دولة الإحتلال، ومدافعًا عن الحقوق الفلسطينية الثابتة، داعيًا إلى وقف العدوان ورفع الحصار وفتح الممرات الإنسانية.
لكنّ الأردن لم يكتفِ بالموقف السياسي، بل ترجم موقفه إلى فعل ميداني إنساني متواصل، حيث أنشأت القوات المسلحة الأردنية، الجيش العربي، مستشفيين ميدانيين داخل قطاع غزة، يعالجان الجرحى ويقدمان الرعاية الصحية رغم الظروف الأمنية بالغة الخطورة. وسيرت الهيئة الخيرية الأردنية الهاشمية عشرات القوافل الإنسانية والتموينية عبر معبر الكرامة، بمشاركة مؤسسات الدولة ومبادرات المجتمع المدني. كما نفذت عمليات إنزال جوي للمساعدات في قلب المناطق المحاصرة، وما تزال، في مبادرة نادرة وشجاعة أكدت التزام الأردن بأشقائه تحت القصف.
والأهم من ذلك كله، أن الشعب الأردني وقف موحدًا خلف قيادته الشجاعة وجيشه وأجهزته الأمنية، في انسجام تام بين الواجب القومي والمصلحة الوطنية، مقدمًا أنموذجًا متقدمًا في التوازن بين نصرة فلسطين والحفاظ على الوحدة الوطنية والسلم الأهلي في الداخل، متصديا لكل محاولات التشوية والإساءة وزرع الفتنة وإحداث صدع في الوحدة الوطنية... محاولات ممنهجة ومكشوفة وموجهة من الخارج بإيعاز من أعداء فلسطين والأردن على حد سواء.
إن تحرر الأمة من هذا العجز المتعلَّم يبدأ من الوعي والإيمان بقدرتها على التأثير ومحاربة محاولات زرع الفتنة، ضمن الإمكانات المتاحة لكل دولة وشعب. ومن خلال مسارات شعبية ورسمية عملية عدة منها:
أولا: ترسيخ الثقة بجدوى الفعل الشعبي والمدني من خلال الحملات التوعوية والتبرعات والمشاركة في المسيرات السلمية المرخصة والمنظمة، والمقاطعة الاقتصادية الواعية والمسؤولة والموجهة للمجرم المحتل وداعميه من الخارج، ولكن بوعي ودون التأثير أو المساس بالمستثمر الوطني وابن الوطن الذي يسعى لتوفير قوت يومه وأسرته.
ثانيا: الإستمرار في دعم غزة عبر القنوات المعتمدة كالمؤسسات والصناديق الخيرية الرسمية والجمعيات الإنسانية الموثوقة، لتأمين الغذاء والدواء والخدمات للمدنيين المحاصَرين الذين يتضورون جوعا وعطشا ويفتكون مرضا وإعياء.
ثالثا: الاصطفاف حول القيادة الهاشمية الشجاعة والحكيمة. فلا تأثير ولا تغيير حقيقي ولا فعل خارجي مؤثر دون استقرار داخلي ووحدة وطنية والتفاف شعبي حولها قيادته الشجاعة وتلاحم معها، ومع جيشه المصطفوي وأجهزته الأمنية، والحفاظ على مؤسسات الدولة وهيبتها في الداخل والخارج.
رابعا: استثمار القوة الناعمة عبر وسائل التواصل الاجتماعي والمؤثرين والمقالات واللقاءات في وسائل لإعلام والمحاضرات والندوات الثقافية وفي الجامعات والمراكز البحثية وأعمال الفن والدراما، وبلغات مختلفة، لإيصال الرسالة مدوية لكافة أرجاء المعمورة، لتعرية الاحتلال وتعزيز سردية الضحية وكسب تعاطف الرأي العام الدولي معها، مع الحق ومع الإنسانية. وهو تعاطف ورأي عام في غاية الأهمية والتأثير على متخذي القرار في دول العالم. وهو ما ثبت على أرض الواقع من خلال إعلان قيادات العديد من دول العالم مثل فرنسا وبريطانيا وكندا عزمها الاعتراف بالدولة الفلسطينية رضوخا عند إرادة ورغبة شعوبها.
خامسا: التأثير السياسي عبر الحكومات ومجالس الشعوب (البرلمانات) والنقابات وكافة مراكز القرار، وذلك بالدفع باتجاه قرارات دولية سياسية وقانونية حاسمة وضغوط دبلوماسية وقانونية مستمرة ومتواصلة على المجرم المحتل المعتدي، ورفع دعاوى قضائية في المحاكم الدولية، سواء في محكمة العدل الدولية، ولنا فيها قاض الآن، والمحكمة الجنائية الدولية، لملاحقة مجرمي الحرب، نتانياهو وحكومته المتطرفة، ومتابعة تلك الجهود الدولية من قبل الحكومات الوطنية حتى تتحقق العدالة، حتى لو طال الزمن لذلك.
ختامًا... إن العجز ليس قدرًا أبديًا. بل هو حالة يمكن تجاوزها متى ما آمنا بأن التغيير لا يولد من الصمت، بل من الفعل المسؤول والخطاب المتزن والعمل المنظم. وما يُقدمه الأردن اليوم، بقيادته الحكيمة وجيشه العربي وشعبه الأصيل، هو أنموذج مشرق لأمة لا تقف متفرجة، بل تُبادر، وتُضمد الجراح، وتحمي نفسها وشعبها، وتُناصر شقيقها في الميدان، دون أن تهتز جبهتها الداخلية أو تتصدع أولوياتها الوطنية.
فلنتعلم من غزة هاشم الصمود والعنفوان والكبرياء، في مواجه الإبادة الجماعية وجرائم الحرب والتجويع... مهما بلغت التضحيات المجبولة بالدم والألم والعرق والدموع...
ولنتعلم من الأردن أن العجز يُهزم حين تتوحد الإرادة، وأن القيم تسمو حين يعظم الألم، مهما كانت الإساءة والتشكيك والتجريح... ويعلو صوت الإنسان فينا على كل صوتٍ ناشز ...
حفظ الله غزة هاشم وشعبها شعل الجبارين ونصرهم على أعدائهم واعداء الإنسانية جمعاء...
وحفظ الله الاردن عزيزا وقويا ومنيعا... وحماه شعبا وارضا وقيادة...
Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

جهود إنسانية ملكية لإغاثة غزة
جهود إنسانية ملكية لإغاثة غزة

عمون

timeمنذ 8 ساعات

  • عمون

جهود إنسانية ملكية لإغاثة غزة

في ظل الظروف الإنسانية الكارثية والصعبة التي يعيشها أهلنا في غزة جراء العدوان الإسرائيلي والحصار الخانق تتجلى المواقف والجهود الإنسانية لجلالة الملك عبدالله الثاني وسمو ولي العهد الامير الحسين بن عبدالله حفظهما الله على مختلف الاصعدة الدولية والاقليمية لوقف العدوان الاسرائيلي على اهلنا في غزة وتضميد جراحهم ومساعدتهم بكل الامكانيات المتاحة انطلاقا من روابط الاخوة والتاريخ المشترك والتزام الأردن الإنساني والأخلاقي والديني اتجاه القضية الفلسطينية دعم ثابت وشراكة اخوية جهود إنسانية ملكية لإغاثة غزة حيث ان الأردن وبحكمة وشجاعة قيادته الهاشمية اصبح منطلق ومحطة لأرسال المساعدات الدولية لأهلنا في غزة لتعزيز صمودهم على ارضهم وبما يؤكد الدعم الدولي لجهود الأردن في المجال الإنساني لمساعدة الاشقاء بالإضافة الى دورة المحوري في توحيد الجهود الدولية لإيصال المساعدات الى الشعب الفلسطيني المحاصر بشكل مستمر. الاردن بقيادته الهاشمية يسعى وبشكل مستمر لدعم القضية الفلسطينية ونصرة اهلنا في فلسطين وايجاد الحلول العادلة والكاملة والغير منقوصة للقضية الفلسطينية باعتبارها القضية الاولى وان الأردن لن يقبل أي تسوية للقضية الفلسطينية على حساب الأردن ومصالحة الوطنية. نثمن ونعتز بمواقف جلالة الملك عبدالله الثاني تجاه القضية الفلسطينية ومساعيه المتواصلة والحثيثة لوقف العدوان الإسرائيلي على غزة وحث المجتمع الدولي لمواصلة مساعدة أهلنا في غزة وامدادهم بالمساعدات الطبية والغذائية والإنسانية. ان حملات التحريض والتشكيك بمواقف الأردن المشرفة والاعتداء على السفارات والبعثات الدبلوماسية في الخارج امر مرفوض ومستنكر شعبيا ورسميا والهدف منه احباط الأردن عن دورة القومي والإنساني اتجاه الاهل في غزة ويخدم الاحتلال الإسرائيلي ومن هنا يتوجب علينا جميعا ان نكون في خندق الوطن خلف قيادتنا الهاشمية الحكيمة وجيشنا العربي الباسل واجهزتنا الأمنية العيون الساهرة على امن الوطن والمواطن وان نكون يدا واحدة نرص الصفوف ونحافظ على وحدتنا الوطنية وتماسك جبهتنا الداخلية والتصدي لكل الاشاعات والاتهامات الكاذبة ومحاولات التشكيك الظالمة بمواقف الأردن المشرفة ومبادئه الثابتة وبدورة الرئيسي الداعم والمساند لقضايا الامة وفي مقدمتها القضية الفلسطينية. ان الجهود الإنسانية الملكية لإغاثة غزة لدليل على ان الأردن لم يكن غائبا عن واجبة القومي والانساني والديني تجاه فلسطين ويواصل الأردن بقيادته الهاشمية الحكيمة أداء دورة التاريخي المشرف والثابت في دعم الحق الفلسطيني راسخا في ضمير الامة ووجدانها منارة للإنسانية والكرامة والعزة. نعتز ونقدر عاليا بكل فخر واعتزاز قواتنا المسلحة الاردنية "الجيش العربي" حامي الديار وسيف الدولة على مواقفهم المشرفة وكوادر الخدمات الطبية الملكية واجهزتنا الامنية الساهرة على امن الوطن والمواطن. حفظ الله الوطن وقيادتة الهاشمية الحكيمة وشعبة من كل مكروة.

السفير الفلسطيني: الأردن يقاوم عرقلة الاحتلال لإيصال المساعدات إلى غزة
السفير الفلسطيني: الأردن يقاوم عرقلة الاحتلال لإيصال المساعدات إلى غزة

هلا اخبار

timeمنذ 14 ساعات

  • هلا اخبار

السفير الفلسطيني: الأردن يقاوم عرقلة الاحتلال لإيصال المساعدات إلى غزة

هلا أخبار – أشاد السفير الفلسطيني في عمان، عطا الله خيري، بالجهود الأردنية المتواصلة بقيادة جلالة الملك عبدالله الثاني لدعم الشعب الفلسطيني في قطاع غزة المحاصر، مؤكداً أن الأردن يمثل السند الأقوى والأكثر إخلاصاً للقضية الفلسطينية في أحلك الظروف. وأشار إلى أن الأردن يعمل بلا كلل لإيصال المساعدات الإنسانية براً وجواً، رغم العراقيل التي يفرضها الاحتلال الإسرائيلي، إلى جانب دوره الدبلوماسي المتميز في المحافل الدولية للضغط من أجل وقف العدوان على غزة. وأشار خيري خلال مداخلة عبر برنامج 'عوافي' الذي يبث عبر راديو جيش إف إم، الإثنين، إلى أن الأردن يواصل دوره التاريخي في دعم الشعب الفلسطيني من خلال إرسال قوافل المساعدات، والإنزالات الجوية، وتشغيل المستشفيات الميدانية التي تقدم خدماتها لمئات الآلاف في غزة والضفة الغربية حتى قبل العدوان الأخير على غزة. وأضاف أن هذه المستشفيات أصبحت ملاذاً آمناً لأكثر من مليوني مواطن في غزة، خاصة بعد خروج معظم مستشفيات القطاع عن الخدمة بسبب العدوان. وأكد خيري أن الأردن، بتوجيهات ملكية، يوظف علاقاته الدبلوماسية مع الدول الغربية والعالمية لإنهاء الحرب على غزة، مشيراً إلى أن جلالة الملك عبدالله الثاني كان أول من أحس بمعاناة الشعب الفلسطيني، وهو ما يحمل معنى كبيراً لدى الفلسطينيين. وأشار إلى أن الشعب الفلسطيني يقدر عالياً المكرمة الملكية التي تضمنت استقبال مئات الجرحى والمصابين من غزة لتلقي العلاج في مستشفيات المملكة، فضلاً عن تشغيل مخابز متنقلة تنتج عشرات الآلاف من الأرغفة يومياً. وحذر السفير من محاولات الاحتلال الإسرائيلي لعرقلة وصول المساعدات عبر منع القوافل أو الاعتداء عليها من قبل المستوطنين، مشدداً على أن الأردن يواصل جهوده رغم هذه التحديات. وأكد أن حملات التشكيك في الدور الأردني لا تخدم سوى رواية الاحتلال، ولا تعكس الحقيقة، مشيراً إلى أن الأردن يبقى 'شامخاً وقوياً' في دعمه للقضية الفلسطينية.

428 إنزالاً جوياً أردنياً على غزَّة .. دِقة تحمل إغاثة ولا أيَّ تهديد للسكان وتصل إليهم آمنة
428 إنزالاً جوياً أردنياً على غزَّة .. دِقة تحمل إغاثة ولا أيَّ تهديد للسكان وتصل إليهم آمنة

أخبارنا

timeمنذ 19 ساعات

  • أخبارنا

428 إنزالاً جوياً أردنياً على غزَّة .. دِقة تحمل إغاثة ولا أيَّ تهديد للسكان وتصل إليهم آمنة

أخبارنا : 428 إنزالًا جويًا أردنيًا حملت خلال 14 يومًا نحو 300 طن من المواد الإغاثية العاجلة وقد قام سلاح الجو الملكي التَّابع للقوات المسلحة الأردنية - الجيش العربي بـ 139 إنزالا منها، وشاركت دول شقيقة وصديقة بـ289 إنزالًا، كانت طريقًا سريعًا لإيصال المساعدات الإغاثية العاجلة ولم تشكّل خطرًا على أبناء قطاع غزَّة المجوَّعين فالعملية علمية ومدروسة بدقة. رافقت وكالة الأنباء الأردنية (بترا) عددًا من الإنزالات الجوية التي قامت بها طائرات سلاح الجو الملكي الأردني، وقد شهدت عملية تجهيز واسعة ودقيقة للمواد الإغاثية بدءًا من نقلها وتثبيتها على طريق حديدي مثبَّت على جسم الطائرة من الداخل، والتأكد من عجلات حديدية تعمل على السير بالمساعدات الإغاثية نحو خارج جسم الطائرة ويقوم على هذه العملية ضباط وجنود مدربون بكفاءة لدى القوات الخاصة الملكية الأردنية. يقول العميد الطيار المتقاعد نواف الخصاونة لوكالة الأنباء الأردنية (بترا) والذي حلَّق بطائرات سي ون 30 لمدة 20 ألف ساعة والتي تقوم الآن بالإنزالات الجوية على قطاع غزَّة، إنَّ عملية الإنزال الجوي لا تشكل خطرًا على سكان قطاع غزَّة لأن قائد الطائرة وفريقه المِلاحي والمكون من عناصر لسلاح الجو الملكي والقوات الخاصة الملكية يقومون بوضع الخطط المدروسة علميًا ومنطقيًا قبل أن يتم إنزال المساعدات على أهل القطاع. وأضاف أنَّ عملية الإنزال قبلها يكون تجهيز المواد الإغاثية داخل الطائرة والتي تحتاج إلى نحو 6 ساعات لتركيبها بدقة على جسم الطائرة لأنَّ أي خلل قد يلحق الضرر بنفس الطائرة، وبعد الإقلاع يبدأ الفريق الملاحي بتجهيز المظلات والتحقق من سلامة طريقها إلى خارج جسم الطائرة، ويتم النزول إلى نحو ألف قدم والنظر باتجاه إحداثيات دقيقة للإنزال ومراقبة سرعة الرياح ثم يمنح قائد الطائرة الإذن بالبدء بتنفيذ عملية الإنزال ومتابعتها عبر النَّظر حتى وصولها آمنة إلى الأرض وبالقرب من السكان. ولفت إلى أنَّ من يتحدث عن تهديد هذه الإنزالات للسكان هو يتحدث عن غير عِلم ولا يعرف كيف يعمل سلاح الجو الملكي الأردني، فالدقة التي يملكها فريق الطيران بالإنزالات الجوية تحمل بعدين رئيسيين، الأول هو القيام بمهمة وواجب إنساني تجاه الأشقاء المدنيين في قطاع غزة، والثاني هو القيام بهذه المهمة وفق أعلى معايير الدقة والكفاءة المهنية التي يمتلكها كافة أفراد القوات المسلحة الأردنية. وبين أنَّ الإنزالات الجوية التي يقوم بها سلاح الجو الملكي هي من أخطر أنواع الإنزالات الجوية لأنَّها في منطقة حرب مشتعلة والخطر كبير ولا يمكن أن يقوم بهذا الجهد النوعي سوى الأردن وقواته المسلحة، وأنَّ هذا ناتج عن جهود جلالة الملك عبدالله الثاني والذي يعتبر علامة فارقة في تاريخ الأردن والعالم بسبب مواقفه وإنسانيته التي دائمًا تكون أول الحاضرين. وبين أن المخاطرة في عملية الإنزالات الجوية الحالية هي مخاطرة محسوبة بدقة، وقد عجزت دول عديدة عن تنفيذها، وقبل كل إنزال يقوم فريق الملاحة وقائد الطائرة بدراسة المنطقة وسرعة الرياح وتفاصيل الطقس كاملة والارتفاع الذي يستطيع الوصول إليه وبالتالي فإنَّ العملية ليست عشوائية أبدًا. وأكد أن المساعدات تنزل بالمظلات والتي تخفف من سرعة النزول وتحافظ على المساعدات من التلف والخراب وتأخذ من دقيقة إلى دقيقتين حتى تصل إلى الأرض وبالتالي فإنَّ السكان يشاهدونها بوضوح ويتابعون نزولها حتى وصولها إلى الأرض ويستطيعون الابتعاد عن مكان نزولها ولا تأتيهم فجأة، وبالتالي من يتحدث بلغة تهديد هذه الإنزالات للسكان ليس من بين أهدافه إنقاذ المدنيين في مناطق النزوح والمجاعة أبدًا. أستاذة الإرشاد النفسي والتربوي في الجامعة الأردنية الدكتورة عُلا الحويان، قالت إنَّ من يقلل من أهمية الإنزالات الجوية أو الدور الأردني هو شخص منفصل تمامًا عن معاناة أهل غزة، فتعاطف الأردن وجهوده التي يقودها جلالة الملك عبد الله الثاني تدخل في أحد أهم الجوانب النفسية للغزيين في هذه الظروف والتي يصنفها العلم بانَّها من الضروريات في التعاطف مع الآخرين. وأضافت أنَّ أهل غزَّة يُعانون من ظروف قاهرة وقاسية جدًا بين الحرب والقتل والنزوح وخراب بيوتهم وقلة الطعام واللباس والشراب وبالتالي فإنَّ نزول المساعدات إليهم من الجو ودخولها من البر يعطيهم أملًا في الحياة والبقاء والمقاومة ويساعدهم على تخفيف معاناتهم ومعاناة أطفالهم ونسائهم وبالتالي فإنَّ من يتحدثون بغير ذلك هم خارج هذه المعاناة ولا يعيشونها أساسا وهم بالتأكيد يعيشون وأبنائهم ظروفًا ممتازة وآمنة ولا يبحثون إلا على التشكيك الذي لا يخدم أهل غزَّة بالدرجة الأولى. وبينت أنَّ علم النفس يركز على الاهتمام والتعاطف مع الطرف الآخر لأنَّه يُحسّن من صحته النفسيه ومزاجه العام، ولذلك فإنَّ حاجة أهل غزَّة للمساعدات الإغاثية ونزولها له من الجو او دخولها من البر هي من أشد أنواع التعاطف والشعور مع الآخر وأكبر رسالة هي تلك التي نشاهدها ردود الفعل عند استقبال المساعدات على الأرض عندها تتأكد أن الأردن كان صائبًا في أن يقوم بهذه الإنزالات الجوية صحيح أنها لا تكفي وكلفة نقلها عالية إلا أنَّ الأردن قال جملة مشهورة: لو أنَّ كل الإنزالات الجوية ستطعم طفلا فلسطينيا واحدا وتنقذه من الموت سنواصل إرسالها له. وبينت أنَّ من يسكنون اليوم في منطقة معزولة عن العالم ويجوَّع بها الأطفال والنساء عندما تصلهم وجبة طعام ساخنة، أو كيس طحين أو غير ذلك من مواد طبية هي رسالة تقول للغزييين دائما: "الأردن معكم، والإنزالات آمنة وبها كميات تساعدكم على البقاء وسنواصل هذه الإنزالات لكم مهما كلَّف الأمر، ولن تؤثر كل الألسن المسمومة والتي تشكّك في كل شيء وتحاول أن تغلّب مصالحها على مصلحة الإنسان في غزَّة". ولفتت إلى أنَّ المساعدات تساعد في رفع معنوياتهم ويجعل لديهم أمل بعيدًا عن الاضطراب النفسي خصوصا إذا وجد دولة مثل الأردن تقف معه ولا تتركه ومن المهم جدًا أن يواصل الأردن تقديم المساعدات وبكافة أشكالها لأهل غزَّة وأن لا يلتفت إلى كل من يحاولون من النيل من هذه الجهود، ويكفي أن يفرح طفل بوجبة وكاسة عصير تديم حياته إلى وقت الإنزال التالي ومساعدة جديدة. ولفتت إلى أنَّها وكمدرسة لعلم النفس فقد حللت عددا من المقاطع المصورة التي نشرها أهل غزَّة بعد أن حصلوا على المساعدات الإغاثية التي نزلت بالمظلات الأردنية وتبين لها أنَّهم بأمس الحاجة لهذه المساعدات ويريدون أن يقولوا لكل الأصوات المعارضة لها: اصمتوا فهذه المساعدات هي طريق النجاة الأردنية التي وصلتنا رغم كل الحصار والتجويع المستمر لمليوني فلسطيني. وبينت أنَّ الأردن أرسل عبر الإنزالات الجوية مادة التَّمر الأردني وهذا ما عبر عنه غزيون في أحد المقاطع المصورة وهم فرحون بوجود هذه المادة التي تشكل قيمة غذائية كبيرة ولا تكاد تختفي من على الموائد، وهذه إشارة إلى أن اعداد المساعدات في الأردن لا يكون عشوائيًا بل هو مدروس ويعلم باحتياجات أهل غزَّة في مثل هذه الظروف القاسية جدًا. وأكدت أنَّ أهل غزَّة يعيشون ظروفًا قاسية واستثنائية جدًا وهم في مأساة إنسانية لا مثيل لها وقد أثرت على الجميع وتأثر الأردن والأردنيون بها، والأثر النفسي على أبناء القطاع لا يقل عن غيره من أثر وبالتالي فإنَّ الشكر لكل من فكر وقام بالإنزالات الجوية، وعلى رأسهم صاحب الجلالة الهاشمية الملك عبدالله الثاني والقوات المسلحة الأردنية - الجيش العربي ونشامى سلاح الجو الملكي الذين يقومون بهذا الجهد النوعي الكبير. --(بترا)

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store