
سورية... محاولات القسمة على اثنين
تاريخياً، تربط سورية وروسيا علاقات استراتيجية تعود إلى الحرب الباردة، عندما ساعد الاتحاد السوفييتي دمشق بالأسلحة والمال، ومارس دوراً سياسياً داعماً، ما جعل سورية حليفاً رئيساً له في المنطقة. وبعد انهيار الاتحاد السوفييتي، ورثت روسيا دعم نظام الأسد، ورغم الفتور الذي شاب العلاقة بُعيد استلام بشّار السلطة، وجدت روسيا، بمساندته خلال الانتفاضة الشعبية ضدّه، فرصةً ذهبيةً للعودة بقوة إلى المنطقة، وحفر أخدود سهل العبور بين موسكو ومياه البحر الأبيض المتوسّط. ومنذ عام 2015، ساعدت روسيا بقوتها الجوية النظام في استعادة كلّ ما خسره من أراضٍ في الفترة السابقة، فأعادت له حلب وريف دمشق ومناطق الوسط والجنوب، لكن هذا الحضور الجوي الروسي تراجع في ديسمبر/ كانون الأول 2024، عندما شنّت الفصائل المسلّحة المُعارِضة، المدعومة من تركيا، هجوماً خاطفاً أطاح حكم الأسد، إذ أحجمت الطائرات الروسية عن التدخّل، وسط ضغوط اقتصادية وعسكرية كانت تحيط بالرئيس فلاديمير بوتين.
لجأ بشّار إلى قاعدة حميميم الجوية في اللاذقية صباح 8 ديسمبر/ كانون الأول 2024، ثمّ نقلته روسيا إلى موسكو. ادّعى لاحقاً عبر بيان نشرته صفحة الرئاسة في وسائل التواصل الاجتماعي أنه أراد القتال، لكن الروس أجلوه حفاظاً على سلامته. ومنذ اليوم الأول لها، تبنّت الحكومة السورية الجديدة نهجاً مرناً تجاه روسيا، مع السعي إلى الحفاظ على قنوات دبلوماسية مفتوحة، وتقليص الوجود العسكري الروسي، وأرسلت موسكو في سياق "النيّات الطيّبة" للعلاقات ما كان استكمالاً لدفعات من النفط والعملة السورية المطبوعة في روسيا إلى سورية، وبدأت بالفعل منذ منتصف ديسمبر 2024 بسحب أجزاء من سلاحها ومعدّاتها الموجودة في نقاط تمركزها في سورية، فأكّدت صور أقمار اصطناعية عمليات تفكيك كبيرة لمعدّات عسكرية مهمة شملت طائرات هليكوبتر ومنظومات دفاع جوي (إس 400)، وإخلاءً كلّياً لقواعد في كوباني ومنبج. وأشار تقرير من "سي أن أن عربية" إلى نقل مركبات مدرّعة من مطار القامشلي، مع تحرّكات لنقل معدّات بحرية عبر ميناء طرطوس.
يبدو أن السلطات السورية الجديدة مارست السياسة والضغط الحذر لاستعادة سيادتها على المناطق التي تشغلها القواعد الروسية، مع إدراكها ضرورة تجنّب العداء مع موسكو، وإبقاء الخصومة في حدّها الأدنى حالياً، خصوصاً مع وجود القوات الإسرائيلية المتربّصة في الجنوب. وقد أفاد تقرير من "رويترز" بأن إسرائيل تضغط عبر واشنطن لإبقاء قواعد روسية محدودة حصناً ضدّ توسّع النفوذ التركي المثير للقلق بالنسبة إلى إسرائيل، لكنّ الولايات المتحدة لا تبدو منسجمةً تماماً مع الموقف الإسرائيلي في سورية، فهي مع سعيها إلى تطبيع العلاقات بين الطرَفين وإرساء السلام، لا تُظهر أيّ امتعاض من النفوذ التركي، وقد تجد فيه ضماناً لإبقاء النظام السوري الجديد في معدّلات اعتدال مقبولة. وربّما يأتي التدخّل الإسرائيلي بمفاعيل مضادّة تُخرج كلّ شيء عن السيطرة، وكان الرئيس الأميركي، ترامب، قد رفع العقوبات عن سورية، وأزال هيئة تحرير الشام من قوائم الإرهاب، ممّا يعزّز وجود النظام الجديد، ويُسهّل التعاون مع الحكومة الحالية.
ضمن تضاريس هذه الخريطة المعقّدة يتحرّك الشيباني إلى موسكو في محاولة لإمساك العصا من المنتصف، وليكون خارج لعبة الانضمام إلى محور بعينه، بحسب تصريحاته، رغم أن الواقع السياسي يؤكّد أن ظرف سورية الراهن لا يقبل القسمة على اثنين.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


العربي الجديد
منذ 13 ساعات
- العربي الجديد
عمّان تجمع سورية والولايات المتحدة لبحث إعادة الإعمار وتعزيز الاستقرار
تستضيف المملكة الأردنية، يوم الثلاثاء المقبل، اجتماعاً مشتركاً مع سورية والولايات المتحدة للبحث في سبل دعم عملية إعادة بناء سورية، وذلك وفق ما أعلنت وزارة الخارجية الأردنية، اليوم الأحد. وجاء في بيان الوزارة أن الاجتماع سيشارك فيه وزير الخارجية أيمن الصفدي، ونظيره السوري أسعد الشيباني، والمبعوث الأميركي الخاص إلى سورية توم برّاك، لبحث الأوضاع في سورية وسبل دعم عملية إعادة بنائها على أسس تضمن أمنها واستقرارها وسيادتها، وتلبي طموحات الشعب السوري الشقيق، وتحفظ حقوق جميع السوريين، وعلّق برّاك عبر منصة "إكس" قائلاً: "يؤكد هذا الالتزام تصميمنا الجماعي على التحرك نحو مستقبل يمكن لسورية وجميع شعبها أن يعيشوا فيه بسلام وأمن وازدهار". ويأتي اجتماع الثلاثاء استكمالاً لمباحثات عقدها المسؤولون الثلاثة في عمّان الشهر الماضي، إذ اتفق الأطراف، خلال الاجتماع الذي عُقد في 19 تموز/يوليو، على خطوات عمليّة تستهدف دعم سورية في تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار في محافظة السويداء السورية ذات الغالبية الدرزية في جنوب البلاد، وتضمنت تلك الخطوات تثبيت وقف إطلاق النار، ونشر قوات الأمن السورية في محافظة السويداء، وإطلاق سراح المحتجزين لدى جميع الأطراف، وجهود المصالحة المجتمعية في المحافظة، وتعزيز السلم الأهلي، وإدخال المساعدات الإنسانية. وكان وقف إطلاق النار، الذي دخل حيّز التنفيذ في 20 تموز/يوليو، قد أنهى أسبوعاً من المعارك التي أودت بحياة أكثر من 1400 شخص، معظمهم من الدروز، وفق المرصد السوري لحقوق الإنسان، لكن الوضع لا يزال متوتراً، والوصول إلى المحافظة ما زال صعباً. وشددت الدول الغربية على ضرورة حماية الأقليات في سورية، بعدما أطاحت فصائل معارضة بشار الأسد من الرئاسة في ديسمبر/ كانون الأول، عقب نحو 14 عاماً من النزاع الذي اندلع بسبب قمع الاحتجاجات المطالبة بالديمقراطية. وتؤكّد السلطات السورية الجديدة التزامها صون حقوق جميع مكونات الشعب، غير أن أحداث العنف التي شهدتها البلاد في مارس/ آذار بحق الأقلية العلوية في الساحل السوري أثارت شكوكاً في قدرتها على ذلك. وبحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان، فقد قُتل نحو 1700 شخص، معظمهم من المدنيين العلويين، خلال تلك الأحداث. اقتصاد عربي التحديثات الحية وزير الاتصالات السوري يزور الأردن لتعزيز التعاون الرقمي وفي سياق متصل، وقّعت سورية، يوم الأربعاء، 12 مذكرة تفاهم استثمارية بقيمة 14 مليار دولار، من بينها صفقة بقيمة 4 مليارات دولار لبناء مطار جديد في دمشق مع شركة "أورباكون القابضة" القطرية، وأخرى بقيمة ملياري دولار لإنشاء مترو أنفاق في العاصمة السورية مع "المؤسسة الوطنية للاستثمار" الإماراتية. يحمل اجتماع عمّان الثلاثي أهمية خاصة كونه يأتي في لحظة مفصلية من تاريخ سورية، حيث تتقاطع الجهود السياسية مع مساعي إعادة الإعمار في ظل تحديات أمنية وإنسانية واقتصادية معقدة. ورغم المؤشرات الإيجابية التي تظهر في شكل اتفاقات لوقف إطلاق النار ومشاريع استثمارية ضخمة، إلا أن نجاح هذه الجهود يبقى رهناً بقدرة الأطراف المعنية على ضمان استقرار طويل الأمد، وحماية جميع المكونات السورية، وإرساء بيئة سياسية واقتصادية تسمح بعودة الحياة الطبيعية إلى بلد أنهكته الحرب لأكثر من عقد. (فرانس برس، رويترز، العربي الجديد)


القدس العربي
منذ 15 ساعات
- القدس العربي
أوكرانيا تعلن استعادة قرية في منطقة سومي من القوات الروسية وقصف مصفاة نفط في ساراتوف-(فيديو)
كييف: أعلن الجيش الأوكراني الأحد استعادة السيطرة على قرية بيزساليفكا في منطقة سومي المتاخمة لروسيا بشمال البلاد، في تقدم ميداني نادر على حساب قوات موسكو التي تواصل تحقيق مكاسب في شرق أوكرانيا. وقالت هيئة الأركان العامة في الجيش الأوكراني في منشور عبر تلغرام إنها 'حررت وطهّرت' بيزساليفكا من القوات الروسية، مضيفة أنه 'تم القضاء' على 18 جنديا روسيا أثناء القتال. وأطلقت موسكو في نيسان/ أبريل هجوما على سومي الواقعة على بُعد حوالي 20 كيلومترا من الحدود، بعدما استعادت السيطرة على منطقة كورسك الروسية على الجهة المقابلة من الحدود، والتي احتلتها قوات كييف لثمانية أشهر. وباتت القوات الروسية على بعد 20 كيلومترا من العاصمة الإقليمية لسومي، التي تتعرض لعمليات قصف مكثفة. في السياق، أكد الجيش الأوكراني الأحد أنه قصف مصفاة نفط في منطقة ساراتوف الروسية في هجوم بطائرات مسيرة خلال الليل. وأوضحت هيئة الأركان العامة في بيان لها أن القصف الذي استهدف مصفاة ساراتوف النفطية تسبب في حدوث انفجارات وحريق. من جانبه، قال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي الأحد إن كييف 'تثمن وتؤيد بشكل كامل' البيان المشترك للقادة الأوروبيين بشأن تحقيق السلام في أوكرانيا مع حماية المصالح الأوكرانية والأوروبية. ورحب زعماء فرنسا وإيطاليا وألمانيا وبولندا وبريطانيا وفنلندا والمفوضية الأوروبية السبت بجهود الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الرامية إلى إنهاء الحرب، لكنهم أكدوا على ضرورة الضغط على روسيا وتقديم ضمانات أمنية لكييف. وكتب زيلينسكي على إكس 'يجب أن تكون نهاية الحرب عادلة وأنا ممتن لكل من يقف مع أوكرانيا وشعبنا اليوم من أجل السلام في أوكرانيا، وهو الدفاع عن المصالح الأمنية الحيوية لبلادنا الأوروبية'. وأضاف 'أوكرانيا تقدر وتؤيد تماما بيان الرئيس ماكرون ورئيسة الوزراء ميلوني والمستشار ميرتس ورئيس الوزراء توسك ورئيس الوزراء ستارمر ورئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين والرئيس ستوب بشأن السلام لأوكرانيا'. ويعتزم ترامب لقاء الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في ألاسكا يوم الجمعة. وتحدث الرئيس الأمريكي بحماس عن إمكانية التوصل إلى اتفاق من شأنه أن يحل الصراع المستمر منذ ثلاث سنوات ونصف السنة. وحذر زيلينسكي وحلفاؤه الأوروبيون من أن أي اتفاق يلزم أوكرانيا بالتنازل عن أجزاء كبيرة من أراضيها سيشجع العدوان الروسي. (وكالات)


العربي الجديد
منذ 21 ساعات
- العربي الجديد
أوكرانيا تعلن استعادة قرية في منطقة سومي من القوات الروسية
أعلن الجيش الأوكراني، اليوم الأحد، استعادة السيطرة على قرية بيزساليفكا في منطقة سومي المتاخمة لروسيا بشمال البلاد، في تقدم ميداني نادر على حساب قوات موسكو التي تواصل تحقيق مكاسب في شرق أوكرانيا. وقالت هيئة الأركان العامة في الجيش الأوكراني، في منشور عبر "تليغرام"، إنها "حررت وطهّرت" بيزساليفكا من القوات الروسية، مضيفة أنه "قُضيَ" على 18 جندياً روسياً في أثناء القتال. كذلك أعلن الجيش الأوكراني أنه هاجم مصفاة نفط في منطقة ساراتوف الروسية خلال الليل. وأطلقت موسكو في إبريل/ نيسان هجوماً على سومي الواقعة على بُعد حوالى 20 كيلومتراً من الحدود، بعدما استعادت السيطرة على منطقة كورسك الروسية على الجهة المقابلة من الحدود، والتي احتلتها قوات كييف لثمانية أشهر. وباتت القوات الروسية على بعد 20 كيلومتراً من العاصمة الإقليمية لسومي، التي تتعرض لعمليات قصف مكثفة. تقارير دولية التحديثات الحية الجيش الروسي يعلن السيطرة على قرية جديدة في وسط أوكرانيا إلى ذلك، تبادلت روسيا وأوكرانيا إعلان إسقاط مسيَّرات، في استمرار الحرب القائمة بين الطرفين منذ فبراير/ شباط 2022. وأعلنت وزارة الدفاع الروسية، اليوم الأحد، أن أنظمة الدفاع الجوي اعترضت ودمّرت 121 طائرة مسيَّرة أوكرانية فوق الأراضي الروسية وبحر آزوف، الليلة الماضية. في المقابل، أعلنت السلطات الأوكرانية أن قوات الدفاع الجوي الأوكرانية تمكنت من تحييد 70 طائرة مسيَّرة من أصل 100 أطلقتها القوات الروسية ضد أوكرانيا الليلة الماضية. يُذكر أنّ روسيا وأوكرانيا تتبادلان منذ بداية الحرب التي دخلت عامها الثالث بشكل شبه يومي تقارير تؤكد تصدي كل منهما لهجمات من الطرف الآخر دون التحقق من هذه البيانات من مصدر مستقل، نظراً لظروف الحرب والمعارك المستمرة منذ 24 فبراير/ شباط عام 2022. وتتجه الأنظار إلى ولاية ألاسكا التي ستحتضن الجمعة المقبل محادثات مباشرة بين الرئيس الأميركي دونالد ترامب ونظيره الروسي فلاديمير بوتين، في محاولة لوقف القتال بين موسكو وكييف. وقال مسؤول في البيت الأبيض، أمس السبت، إن ترامب منفتح على عقد قمة ثلاثية في ألاسكا مع بوتين والرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي. غير أن المسؤول أضاف أن البيت الأبيض يخطط حالياً لأن يكون الاجتماع ثنائياً مع بوتين بناءً على طلبه. وكانت صحيفة وول ستريت جورنال الأميركية، قد نقلت، مساء الجمعة، عن مسؤولين أوروبيين وأوكرانيين، قولهم إنّ بوتين قدّم لإدارة ترامب "مقترحاً شاملاً لوقف إطلاق النار مع أوكرانيا"، وذلك قبل انتهاء مهلة منحها ترامب لبوتين للموافقة على إحلال السلام، وإلا فستواجه روسيا عقوبات جديدة عليها وعلى الدول التي تشتري صادراتها النفطية. وأشارت الصحيفة إلى أن بوتين عرض مقترحه على مبعوث ترامب ستيف ويتكوف خلال زيارته موسكو، الأربعاء الماضي، وذكرت أنّ بوتين أبلغ ويتكوف بموافقته على وقف إطلاق النار إن انسحبت كييف من منطقة دونيتسك، فيما أكد الرئيس الأميركي أن الاتفاق لإنهاء الحرب سيتضمن تبادل أراضٍ. وترفض أوكرانيا الاعتراف بسيطرة روسيا على أيّ جزء من أراضيها، مع الإقرار بأنّ استعادة الأراضي المحتلة يجب أن تكون عبر الدبلوماسية لا الحرب. وتطالب أوكرانيا بوقف إطلاق النار فوراً، وتسعى كذلك لضمانات أمنية من حلفائها، بما في ذلك نشر قوات حفظ سلام أجنبية لتطبيق أي اتفاق وقف إطلاق نار. أمّا موسكو، فتطالب بانسحاب القوات الأوكرانية من أربع مناطق أعلنت موسكو ضمّها، وضمان حياد أوكرانيا، ورفض دعمها عسكرياً من الغرب، ومنع انضمامها إلى حلف شمال الأطلسي (الناتو). (فرانس برس، رويترز، قنا، العربي الجديد)