
الخبيرة السعودية في الفنتج ليلى زاهد: القطع في الماضي كانت تُصمَّم لتعيش وتُورَّث
افتتان بحقبة الستينيات من القرن الماضي
جئتِ إلى عالم الفنتج من تخصّص لا يمتّ إليه بصلة؛ أخبري القراء عن ذلك؟
صحيح؛ خلفيتي الأكاديمية كانت في هندسة البرمجيات، وكنت دوماً "مدمنة كتب"، كما يُقال، لكن رغم المسار المهني التقليدي، كان هناك شيء آخر يجذبني من بعيد، مُتمثلاً في حقبة الستينيات من القرن الماضي، فقد كنت مفتونة بكل ما فيها، لا سيما ألوانها الجريئة، وتصاميمها، وموسيقاها، وروحها الثورية التي قلبت مفاهيم الموضة، والفن، وحتى نمط الحياة. كانت فترة انفجار إبداعي حقيقي. ومن هنا، بدأت شرارة الفضول: ماذا ضيّعنا من الماضي؟ ما هي الاختراعات، والتصاميم، التي لم تأخذ حقها؟ ومع توسّع بحثي، اكتشفتُ أن الناس من أوائل القرن الماضي (نحو عام 1900)، وحتى أوائل التسعينيات كانوا يعملون بأمانة حقيقية، ويبدعون خارج الصندوق، بدون خوف من الغرابة أو الاختلاف. القطع في الماضي كانت تُصمَّم لتعيش وتُورَّث، لا لتُستهلك بسرعة وتُستبدل مع كل موسم جديد. وهذا ما يجذبني تحديداً إلى الماضي – روح الابتكار الحر والحِرفية الصادقة. في المقابل، نرى كثيراً من التقليد، اليوم، وكأن الجميع يلتفت ليرى ماذا يفعل الآخرون ثمّ "ينسخ مع إضافة لمسة"...
تأثيرات والدي وجدي
في أحاديث عدة أجريتها مع مهتمين بالتحف الفنتج، لاحظت أن الرابط بهذا العالم يبدأ من الأهل وبيت الطفولة. هل ينطبق ذلك على قصتك؟
كان والدي يصطحبنا منذ صغرنا إلى الأسواق القديمة ومحلات التحف حول العالم، وهو علّمني كيف أقدّر قيمة القطع العتيقة، فأعتقد أن هذا الحس جزء من نشأتي. بالإضافة إلى ذلك، جدي الفنان ضياء عزيز ضياء، رسّام، ونحّات، وموسيقي، وكان يدير مكتب تصميم داخلي لسنوات، أشرف فيه على مشاريع ضخمة في مناطق محتلفة من المملكة العربية السعودية، وتعلمت الكثير من تجاربه ومشاريعه وكتبه السابقة. طفولتي كانت مليئة بالفن النابض بالحياة، ومغذاة بحوارات حول التاريخ، والفن بأنواعه، والاقتصاد، والفلسفة، والاستثمار. أرى أن كل هذه العناصر شكل الأساس، الذي بنيت عليه مشروعي؛ فالفنتج عندي ليس عن الديكور فحسب، بل عن الاستثمار في الجمال والتاريخ، علماً أن قطعاً كثيرة تُعتبر، في الوقت الراهن، أصولاً قابلة لإعادة البيع مستقبلاً، خصوصاً في عصر الإنتاج الجماعي، حيث ستزداد قيمة الكلاسيكيات والقطع النادرة مع الوقت.
منزل الطفولة
أخبرينا عن قطعة أثاث أو أكسسوار قديمة في منزل الطفولة كانت تعني لك؟
من أكثر القطع التي علقت في ذاكرتي منذ الطفولة، "بوفيه" ضخم بنقوش آسيوية مميزة، مع سطح خشبي غنيّ بالتفاصيل، وإطار مصنوع من الخشب الأسود الثقيل، مزوّد بقطع ذهبية فاخرة، وأبواب زجاجية أمامية مزينة بزخارف آسيوية بيضاء، شفافة تقريباً، وكأنها لوحات مرسومة يدوياً على الزجاج. كانت قطعة فنية بذاتها، وما كان يزيدها جمالاً هو أنها جزء من طقم متكامل: طاولة طعام كبيرة، وكراس خشبية سود أنيقة، مزينة كلها بتفاصيل ذهبية مذهلة، متناغمة تماماً مع البوفيه. المساحة كلها كانت تنطق بالأناقة والذوق العالي، وتركت بصمة عميقة في ذاكرتي عن الجمال الكلاسيكي. كبرتُ وأنا أؤمن أن الأثاث ليس مجرد قطع ذات وظيفة أو شكل، بل لغة تعبير عن الشخصية، والذوق، والزمان. ولهذا، أعتبر كل قطعة فنتج تحمل طاقة خاصة، وقصة تستحق أن تُروى من جديد في منزل مختلف.
طريق مغاير عن المجايلين
تنتمين إلى جيل منغمس في التكنولوجيا، لكن هواك بالتحف الفنتج غلب على مسارك؛ هل تلاحظين أنك سلكت طريقاً مغايراً عن مجايليك، وحتى عن الزمن الراهن حيث المستقبل محرّك؟
نعم، أشعر أنّي سلكت طريقاً عكسيّاً نوعاً ما. ففي زمن يسير بسرعة نحو المستقبل، استلهمتُ شغفي من الماضي. لكني لا أرى في ذلك تناقضاً، بل على العكس: أستخدم التكنولوجيا كأداة لنقل هذا العالم إلى الجيل الجديد، سواء عبر إنستغرام أو متجري الإلكتروني أو الفعاليات التي أنظمها. وفي عالم يركض وراء الصيحات ويتأثر بسطحية المنظر أحاول خلق ثقافة مختلفة: ثقافة الهوية الشخصية والتفرّد. صار "المميز"، اليوم، هو من يُقلّد، بشكل متقن، لكن أنا أريد الاحتفاء بالذوق المختلف، وبالأفكار التي لا تشبه أحداً. أقول دائماً: كن مختلفاً، كن أنت.
قطع خالدة
ما الذي يؤهل قطعة ما لحمل صفة "فنتج"؛ هل يرجع الأمر إلى سنوات محددة أو ستايل أو أمور أخرى؟
القاعدة المتعارف عليها هي أن تكون القطعة قديمة بين عشرين إلى مئة سنة، لكن المسألة لا تتصل بالعمر حصراً، فالفنتج يعني أن القطعة تمثّل روح فترة معينة، وفنّها، وأسلوبها، وأن تحمل قيمة تصميمية أو صناعية تميزها عن الإنتاج التجاري السائد اليوم. هناك قطع لم تفقد قيمتها حتى اليوم، مثل: كرسي ايمز Eames Lounge Chair الذي أُطلق في الخمسينيات ولا يزال يُباع بأسعار عالية، أو مثلاً طاولة توليب Tulip Table من إيرو سارينين Eero Saarinen، ومصباح أركو الأرضي Arco Lamp من آشيل كاستيليوني Achille Castiglioni، فهذه القطع تعتبر "فنتج أيقوني"، لأنها لا تزال مرغوبة، وتثبت أن التصميم الذكي المبدع المميز خالد.
رفع الوعي بالفنتج
يبدو لي أنك من خلال متجرك في جدة، تقومين بدور أكثر من بيع التحف إلى رفع الوعي بهذا العالم؛ حدّثينا عن الإقبال؟
تماماً، فمشروعي لم يكن مجرد افتتاح متجر لبيع الديكور الفنتج، بل مبادرة لخلق ثقافة جديدة. جدير بالذكر أنه حول العالم هناك مجتمعات فنتج متكاملة، وذلك في باريس، وطوكيو، وحتى إسطنبول، حيث متاجر محلية وجمهور وفيّ. أما في السعودية فنفتقد إلى هذا المجتمع أو الجماعة، على الرغم من وجود شغف كبير كامن تحت السطح. بدلاً من افتتاح متجر تقليدي، وجدتُ نفسي أبني مجتمعاً: أوصل إليهم قيمة القطع، أشرح لهم قصتها، وأساعدهم على اختيار قطع مناسبة لأسلوبهم. أحد أهدافي هو نشر الوعي حول قيمة الفنتج وأهميته، والإجابة عن أسئلة، مثل: لماذا بعض التحف سعرها عال، على الرغم من أنها "مستعملة"؟ ولماذا اقتناؤها هو استثمار طويل المدى، لا مجرد ديكور؟ وأضيف أنه من خلال المتجر، Baldhead World of Vintage، لا نبيع فقط، بل نشتري أيضاً القطع النادرة، بعد دراستها، وتقييمها، ثمّ نقوم بإعادة بيعها.
الفنتج في جدة
من هم المهتمون بالقطع الفنتج في جدة؟ وهل يمكن حصر تواريخها؟
يمتدّ الاهتمام من جيل الشباب المولعين بـ التصميم المستدام والمميز، إلى المصممين والمقتنين المخضرمين. القطع التي أقتنيها ترجع عادة إلى ثلاثينيات القرن الماضي حتى تسعينياته، مع تركيز كبير على فترات الستينيات و السبعينيات لما فيها من جرأة وأناقة. هذه الفترات تمتاز بخطوط تصميمية لافتة، وألوان غير معتادة، ومزج بين الحداثة والفن.
متعة البحث
من أين تحصلين هذه القطع: من السعودية حصراً أم من العالم؛ وما هي طبيعة هذه القطع؟ حدثينا أكثر عن أسفارك في البحث عن هذه الروائع؟
أبحث دائماً عن القطع المميزة حول العالم؛ من أوروبا، مثل: إيطاليا، وهولندا، وألمانيا، وجورجيا، إلى آسيا، مثل: اليابان، والصين، وتايلند، وسنغافورة، وماليزيا. حتى السوق الأمريكية غنية بقطع مدهشة ونادرة. أبحث في كل مكان؛ الأسواق الشعبية، والمزادات، والمستودعات القديمة، وحتى منازل خاصة. متعة البحث لا توصف، خصوصاً لحظة العثور على قطعة مهملة فيها إمكانيات ضخمة، فأعيد تأهيلها وأجهزها لتعيش قصة جديدة في منزل شخص يقدّرها.
نصائح في الديكور
هل لديك نصائح لمن تنوي إثراء ديكورات منزلها بهذه القطع؛ هل عليها أن تنظر إلى أمور محددة؟
بكل تأكيد؛ أولاً، لا تفكري أن الفنتج يتعارض مع الطابع العصري، فالعكس تماماً هو الصحيح، والسر في التوازن. إليك بعض النصائح التي أكررها لعملائي:
ابدئي بقطعة واحدة مميزة: مثل مرآة بحافة نحاسية، أو طاولة قهوة رخامية، أو إضاءة فنية، واجعليها نقطة تركيز في الغرفة.
ادمجي بين الملمس والأسلوب: يضيف الفنتج طابعاً دافئاً، فلا تخافي من مزجه بأثاث عصري بسيط لإحداث توازن بصري.
اختاري القطع حسب المساحة: لا تكدّسي، فالقطع الفنتج تحتاج إلى مساحة لـ"تتنفس" وتبرز جمالها.
افحصي الخامة والتفاصيل: الخشب الطبيعي، والخياطة اليدوية، والنقوش، وتاريخ الصانع، كلها مؤشرات مهمة لجودة القطعة.
فكري استثمارياً: سترتفع قيمة بعض القطع، مع مرور الوقت، خصوصاً إذا كانت من مصمم معروف أو من فترة شهيرة.
النصيحة الأهم، هي الآتية: خذي وقتك، ولا تتعجلي. كل قطعة فنتج تختارك كما تختارينها – هناك طاقة خاصة عندما تجدين القطعة التي تشبه ذوقك وتعبر عنك.
___
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الشرق الأوسط
منذ 12 دقائق
- الشرق الأوسط
«ما وراء الأغلفة... روائع القرن العشرين» لإبراهيم زولي... رحلة عبر 30 كتاباً شكلّت وعي العالم
للشاعر السعودي، إبراهيم زولي، صدر مؤخراً كتاب «ما وراء الأغلفة... روائع القرن العشرين»، عن المؤسسة العربية للدراسات والنشر – بيروت. يبحر كتاب «ما وراء الأغلفة... روائع القرن العشرين» في رحلة عبر ثلاثين عملاً أدبياً وفكرياً، صدرت خلال هذا القرن الماضي، لنستكشف معاً كيف شكّلت هذه الأعمال وعي العالم، وكيف لا تزال تتردد أصداؤها في أذهاننا حتى اليوم. لكن لماذا هذه الأعمال بالذات؟ وما الذي يجعلها تستحق القراءة؟ الشاعر السعودي إبراهيم زولي مؤلف الكتاب يجيب المؤلف: إنها ليست مجرد كتب، بل هي نوافذ مفتوحة على عوالم مختلفة، وجسور تربط بين الشرق والغرب، والأدب والفلسفة، والفرد والمجتمع، والحلم والواقع. اختارها بعناية لتعكس تنوعاً ثقافياً وجغرافياً وفكرياً يعبر الحدود. من الرواية إلى الشعر، ومن الفلسفة إلى النقد الاجتماعي والسياسي، تمثل هذه القائمة لوحة فسيفسائية تتألق بألوان الإبداع الإنساني. في كتاب «تفسير الأحلام» لسيغموند فرويد، نغوص في أعماق اللاوعي البشري، بينما يأخذنا طه حسين «في الشعر الجاهلي» إلى إعادة قراءة التراث العربي بنظرة نقدية جريئة. ومن أميركا اللاتينية، يسحرنا غابرييل غارسيا ماركيز في «مائة عام من العزلة» بلغة الواقعية السحرية، في حين يعكس نجيب محفوظ في «أولاد حارتنا» صراعات الإنسان العربي مع الدين والمجتمع. وتضيف أعمال مثل «1984» لجورج أورويل، و«الغريب» لألبير كامو، بعداً وجودياً وسياسياً، حيث يتساءلان عن الحرية والاغتراب في عالم يزداد تعقيداً. يقول إبراهيم زولي في مقدمة كتابه: «هذه الأعمال ليست مجرد نصوص، بل هي شهادات على لحظات تاريخية وفكرية حاسمة. ذلك لأن القرن العشرين، بكل ما حمله من حروب عالمية، وثورات، وتحولات اجتماعية، كان بمثابة مختبر للأفكار. شهد صعود الآيديولوجيات الكبرى وانهيارها، وتفكك الإمبراطوريات، وظهور حركات التحرر في العالم الثالث». في هذا السياق، تأتي أعمال مثل «الاستشراق» لإدوارد سعيد، و«تكوين العقل العربي» لمحمد عابد الجابري؛ لتعيد فحص الهوية الثقافية والفكرية في مواجهة الاستعمار والحداثة. بينما يقدم ميشيل فوكو في «تاريخ الجنون» تأملات عميقة حول كيفية تعامل المجتمعات مع «الآخر»، سواء كان المجنون أو المنبوذ. يبحر كتاب «ما وراء الأغلفة... روائع القرن العشرين» في رحلة عبر 30 عملاً أدبياً وفكرياً صدرت خلال هذا القرن الماضي (الشرق الأوسط) وما يجعل هذه الأعمال من «روائع القرن العشرين»، برأي المؤلف، هو: قدرتها على التقاط الروح الإنسانية في أوج تناقضاتها. ففي «المسخ» لفرانز كافكا، نجد انعكاساً للاغتراب الفردي في عالم يزداد جموداً، ويقدم جيمس جويس في «عوليس» مغامرة لغوية وفكرية تعيد تعريف الرواية الحديثة. من جهة أخرى، تعبّر «الجنس الآخر» لسيمون دي بوفوار عن صوت المرأة في مواجهة التمييز، في حين تعكس «محبوبة» لتوني موريسون مأساة العبودية وآثارها النفسية والاجتماعية. وهذه الأعمال، رغم اختلاف سياقاتها، تشترك في قدرتها على طرح أسئلة كبرى: من نحن؟ كيف نشكل عالمنا؟ وكيف يشكلنا عالمنا بدوره؟ فالتنوع الجغرافي والثقافي لهذه الأعمال يعكس غنى القرن العشرين. ينتقل المؤلف من مصر برواية «زينب» لمحمد حسين هيكل، أول رواية عربية بالمعنى الحديث، إلى المكسيك مع «بدرو بارامو» لخوان رولفو، التي ألهمت الواقعية السحرية، ومن روسيا مع «الأم» لمكسيم غوركي، إلى اليونان مع «زوربا» لنيكوس كازنتزاكي، تمتد هذه القائمة لتشمل أصواتاً من أوروبا، أفريقيا، آسيا، والأميركتين. حتى الأعمال الفكرية، مثل «الإسلام وأصول الحكم» لعلي عبد الرازق أو «البروسترويكا» لميخائيل غورباتشوف، تعكس الصراعات السياسية والفكرية التي شكلت العالم الحديث. برأي الكاتب، فإن أهمية القرن العشرين لا تكمن فقط في تنوع إنتاجه الفكري والأدبي، بل في كونه فترة تحول جذري. شهد هذا القرن ظهور الحداثة وما بعد الحداثة، وتفكيك الأطر التقليدية للرواية، والشعر، والفلسفة. ففي «الأرض اليباب» لـ ت. س. إليوت، نجد انعكاساً للقلق الحضاري بعد الحرب العالمية الأولى، ومن جهة أخرى، تطرح «في انتظار غودو» لصمويل بيكيت رؤية عبثية للوجود الإنساني. ومن خلال «المياه كلها بلون الغرق» يبحر سيوران في مرارة الوجود عبر شذرات فلسفية مكثفة، مؤكداً أن كل شيء يقود إلى اليأس المطلق، وأن الحياة نفسها عبث لا مفر منه. بينما يظهر أمبرتو إيكو، في «اسم الوردة» وهو يسرد لعبة فكرية تجمع بين التاريخ والفلسفة والغموض. هذا الكتاب ليس مجرد استعراض لأعمال القرن العشرين، بل هو دعوة للقارئ ليشتبك مع هذه النصوص، ويعيش تجاربها، ويتأمل في أسئلتها. إنها أعمال لا تقدم إجابات نهائية، بل تفتح أبواباً للحوار والتفكير. سواء كنت تقرأ «الصخب والعنف» لويليام فوكنر لتكتشف تعقيدات النفس البشرية، أو «الخطيئة والتكفير» لعبد الله الغذامي لفهم التحولات في النقد العربي، فإن كل عمل في هذه القائمة يحمل في طياته دعوة للتأمل في الإنسان ومصيره. ويرى المؤلف أن كتابه، «ما وراء الأغلفة... روائع القرن العشرين» هو محاولة للاحتفاء بالإبداع الإنساني في أحد أكثر العصور ديناميكية. «إنه عمل متواضع يسعى لربط القارئ بالأفكار والقصص التي شكلت عالمنا، ويدعوه إلى استكشاف ما وراء الأغلفة: عوالم من الخيال، والفكر، والشغف الإنساني».


مجلة سيدتي
منذ 40 دقائق
- مجلة سيدتي
نجومية لطفي لبيب التي ساهمت في شهرة الآخرين
ضجت منصات التواصل الاجتماعي بخبر رحيل الفنان لطفي لبيب ، ومعه خيم الحزن على الوسط الفني سواء في مصر أو في البلدان العربية، إذ سارع عدد من المشاهير إلى نعي الراحل بكلمات وجمل مؤثرة منهم من تذكر مواقفه الطيبة وآخرون سلطوا الضوء على أعمال فنية جمعتهم به. فالراحل لم يكن مجرد ممثل، بل كان صانع لحظات، شريك مشاهد، ومهندساً خلف الكواليس لصعود نجوم الصف الأول في الكوميديا المصرية، من هنيدي إلى مكي، ومن حلمي إلى تامر حسني، لم يكن حضوره عابراً، بل حجر أساس في بناء شخصيات ومشاهد لا تنسى. وتزامناً مع خبر وفاته، سوف نتطرق من خلال التقرير التالي نحو الأفلام التي شارك بها وكانت سبباً في توهج وسطوع نجم ممثلين آخرين. تميمة حظ في عام 2005 بدأ الفنان تامر حسني في تثبيت أقدامه نحو عالم السينما من خلال فيلم "سيد العاطفي" ثاني تجاربه في هذا العالم، ومن حسن حظه في هذا الفيلم هو وجود الفنان القدير لطفي لبيب معه، الذي لعب دوراً محورياً ورئيسياً بالعمل من خلال شخصية "عم يوسف" بائع الجرائد، فوجود الأخير بالعمل كان بمثابة تميمة حظ لـ تامر حسني، لكون الجمهور يعرف جيداً مدى قدرته التمثيلية الرائعة الممزوجة بالحس الفكاهي التلقائي غير المصطنع، لذلك صنع حالة خاصة في هذا الفيلم كانت محل إشادة واهتمام من المشاهدين الذين كانوا ينتظرون خلف الشاشات مشاهده التي تجمعه بـ تامر حسني والتي لا تخلو من المواقف الطريفة والعفوية، كوصلة الغزل التي قدمها "سيد" شخصية تامر حسني لـ"داليا" نور اللبنانية ابنة لطفي لبيب بالفيلم مما دفع الأخير للتدخل بطريقة يغلب عليها الجانب الكوميدي، وأخرى جمعت "لبيب" بوالدة "سيد" الفنانة عبلة كامل، كما كانت هناك أيضاً مواقف صعبة جعلت "سيد" يستخدم القوة والعنف دفاعاً عن "عم يوسف" وابنته أمام ظلم "وحيد سيف" الذي ظهر بشخصية شقيق والد "سيد" في الفيلم وهو صاحب نفوذ وسلطة كبيرة. دور لطفي لبيب في الفيلم لم يكن مجرد مشاركة عابرة، بل ترك بصمة حقيقية أسهمت في تعزيز مكانة تامر حسني كممثل صاعد، ورسخت في ذاكرة الجمهور لحظات لا تُنسى من التلقائية والدفء الإنساني. كيميا لا تنسى ومن الممثلين أيضاً الذين استفادوا من نجومية الفنان لطفي لبيب ، هو الممثل أحمد حلمي الذي شكل ثنائية خاصة معه في فيلم " عسل أسود"، فمن منا لا يتذكر شخصية "راضي" لطفي لبيب السائق الذي يبهرك باللهجات المختلفة التي يمتلكها، وذلك بحكم مهنته التي تجعله يتعامل مع الأجانب الذين يأتون إلى مصر، حيث تقوده الظروف إلى استقبال "مصري" الدور الذي لعبه أحمد حلمي وهو في مطار القاهرة آتياً من الولايات المتحدة الأمريكية، وهنا تقع العديد من المفارقات الكوميدية وذلك بعد استغلال "راضي" له لعدم معرفته بـ أسعار الوجبات والأطعمة في مصر، ليقوم بالتلاعب عليه كما حدث في مشهد سندوتشات "الفول والطعمية" حيث أقنعه بأن السندوتش الواحد ثمنه مرتفع "60 جنيهاً" على عكس ثمنه الحقيقي والذي لا يتجاوز سوى بضع جنيهات. نجح لطفي لبيب من خلال شخصية "راضي" في إضافة نكهة خاصة لفيلم "عسل أسود"، حيث مزج بين الكوميديا الذكية والأداء الواقعي، مما ساعد أحمد حلمي في إبراز ملامح الصدمة الثقافية التي يمر بها البطل، وأضفى على العمل روحاً مصرية أصيلة. مشهد أيقوني وإلى فنان آخر كان له نصيب من بريق ونجومية الفنان لطفي لبيب ، وهو محمد سعد ، إذ ظل المشهد الذي جمعه بـ"لبيب" في فيلم " كركر" من مشاهد العمل المميزة والتي كانت إضافة قوية لسجل "سعد" الفني، خاصة أن المشاهد في كل مرة يتم عرض الفيلم فيها على الشاشات ينتظر مشهد الطبيب الذي لعبه لطفي لبيب ويجمعه بـ"الحناوي" إحدى الشخصيات التي تقمصها محمد سعد بالفيلم، ويخبره فيه بأن نجله أصابه الجنون، بجملة ظل رواد منصات التواصل الاجتماعي يتداولونها وهي "ابنك مجنون ياحج" وبهذا استطاع لطفي لبيب ، بأداء ساخر متقن أن يترك بصمته في الفيلم رغم قصر مشاهده، ليسهم في ترسيخ أحد أشهر "الإفيهات" التي ارتبطت باسم محمد سعد، ويؤكد مجدداً أن حضوره لا يمر مرور الكرام. آثر كبير الفنان محمد هنيدي هو الآخر استفاد بصورة كبيرة من نجومية وشهرة لطفي لبيب ، في أكثر من عمل أبرزها فيلم "يا أنا يا خالتي"، حيث لعب لطفي لبيب دور "بشندي" الدجال المحتال، وهي واحدة من الشخصيات التي أضافت نكهة خاصة للفيلم، رغم أن مشاهده كانت محدودة. وظهر في أحد أبرز المشاهد الكوميدية حين زاره محمد هنيدي – متنكراً في شخصية رجل ثري عربي – ضمن محاولاته لفك السحر وإنقاذ حبيبته. المشهد تميز بخفة ظل فريدة، اعتمدت على الفارق بين مكر "بشندي" وسذاجة التنكر التي اعتمدها هنيدي، لتنشأ حالة من الكوميديا الساخرة الممزوجة بالتعليق الاجتماعي على الدجل والشعوذة. ورغم قصر اللقاء بين النجمين في هذا العمل، فإن هذا المشهد ظل عالقاً في ذاكرة الجمهور، ليؤكد مرة أخرى أن لطفي لبيب قادر على سرقة الأضواء حتى من نجوم الصف الأول، بفضل حضوره القوي وإتقانه للأدوار المركبة. دعم مكي ودعم آخر جاء خلال أحداث فيلم " إتش دبور" حيث قدم الفنان القدير لطفي لبيب دعماً كبيراً للفنان أحمد مكي ، بعد أن قدم واحداً من أكثر أدواره طرافة وتنوعاً، حيث ظهر لطفي لبيب بدور والد "سحر هانم"، الفتاة الأرستقراطية التي يقع في حبها الشاب الشعبي دبور – أحمد مكي. رغم أن ظهوره اقتصر على مشاهد معدودة، إلا أن حضوره كان لافتاً، حيث جسد شخصية الأب المتعالي بذكاء، وجسّد ببراعة التناقض الصارخ بين عالم دبور العشوائي والطبقة المخملية التي تنتمي إليها عائلة "سحر". بملامحه الجادة وتعليقاته الساخرة، أضاف لطفي لبيب نكهة كوميدية من نوع مختلف، قائمة على التصادم الطبقي والتعالي المتغلف بالهدوء. وقد نجح في أن يكون خصماً كوميدياً غير مباشر للبطل، دون أن يغادر هدوءه، مما خلق مفارقات ممتعة رسّخت مكانته كعنصر ثابت في أي خلطة كوميدية ناجحة. يمكنكم قراءة.. لمشاهدة أجمل صور المشاهير زوروا « إنستغرام سيدتي ». وللاطلاع على فيديوغراف المشاهير زوروا « تيك توك سيدتي ». ويمكنكم متابعة آخر أخبار النجوم عبر «تويتر» « سيدتي فن »


عكاظ
منذ ساعة واحدة
- عكاظ
«وادي زيد» يعزز موقع النماص على خارطة السياحة
في إطار الحراك السياحي والثقافي؛ الذي تشهده محافظة النماص خلال صيف 2025م، تواصل الفعاليات التراثية استقطاب الزوار والمصطافين، من مختلف مناطق السعودية، إذ يجد عشاق الأصالة والهوية في البرامج، نافذة على الموروث الشعبي الجنوبي، وسط أجواءٍ ترفيهية وثقافية، تُضفي على المكان روحاً من البهجة والانتماء. ومن أبرز الفعاليات عروض «الفرق الشعبية» التي أقيمت في قرية المدانة التراثية، بمشاركة فرقة «رجال الحجر»، التي قدمت عروضاً حيّة لفنون شعبية أصيلة، كـ«المدقال»، و«العرضة»، و«اللعب»، وسط حضورٍ جماهيري كبير، تفاعل مع إيقاعات وأهازيج التراث المحلي. وتأتي الفعالية ضمن باقة من الأنشطة التي تنفذها بلدية النماص، بالتعاون مع أمانة عسير؛ بهدف تنشيط السياحة الداخلية، وتعزيز حضور التراث المحلي، كركيزة أساسية على خارطة الجذب السياحي. وتقع قرية «المدانة» التراثية شمالي النماص، ضمن نطاق مركز وادي زيد، أحد المراكز التابعة للمحافظة، الذي يمتاز بتضاريسه الجبلية، وأجوائه المعتدلة صيفاً، فضلاً عن احتضانه عدداً من القرى الأثرية، والمواقع الطبيعية التي تشكّل وجهة مفضلة للزائرين. ويُعد مركز وادي زيد من المواقع الحيوية التي تسهم في دعم المشهد السياحي للنماص، خصوصاً مع تكثيف الفعاليات الموسمية، التي تجمع بين الفن الشعبي والطابع الثقافي المحلي. ويعكس هذا الحراك اهتمام الجهات المعنية في عسير بتفعيل مبادرة «السعودية وجهة سياحية عالمية»، عبر تسليط الضوء على الكنوز التراثية والثقافية في المحافظات الجبلية، التي تحتفظ بذاكرة المكان، وروح الإنسان. أخبار ذات صلة