logo
السلطات السودانية تواصل إطلاق سراح رموز نظام البشير المعزول

السلطات السودانية تواصل إطلاق سراح رموز نظام البشير المعزول

الشرق الأوسطمنذ 19 ساعات
أكدت «هيئة محامو الطوارئ»، (منظمة حقوقية طوعية)، إطلاق سراح، عبد الرحيم محمد حسين، أحد كبار معاوني الرئيس السوداني المعزول، عمر البشير، وأبرز المسؤولين السودانيين الأربعة المطلوبين لدى المحكمة الجنائية الدولية، ونقله إلى منزله دون إعلان قضائي أو إجراء قانوني معلن.
ووصف المحامون في بيان، الخميس، تلك الخطوة بــ«الصادمة»، في ظل غياب أي مسار عدلي واضح، وعدّوا ذلك «مؤشراً خطيراً على الحماية السياسية لرموز السابق وتعطيل العدالة».
عمر البشير أثناء محاكمته في الخرطوم (أرشيفية - الشرق الأوسط)
وبعد اندلاع الحرب في السودان بين الجيش و«قوات الدعم السريع»، في أبريل (نيسان) 2023، أخليت السجون من جميع النزلاء، من بينهم رموز النظام المعزول؛ بحجة عدم قدرة السلطات على حمايتهم، لكنها تعهدت بإعادتهم متى ما توفرت الظروف المناسبة.
وكانت السلطات السودانية، أطلقت في وقت سابق سراح، بكري حسن صالح، النائب الأول السابق للبشير، الذي يخضع للمحاكمة على مشاركته في انقلاب 30 يونيو (حزيران) 1989، وذلك من بين نحو 27 متهماً بالضلوع في تدبير الانقلاب وتنفيذه، بينهم البشير نفسه وعلي عثمان محمد طه، ونافع علي نافع وأحمد هارون، وتتراوح العقوبات على تلك الاتهامات بين السجن المؤبد والإعدام.
وتناقلت وسائل التواصل الاجتماعي في الساعات الماضية، أنباء تفيد بإطلاق سراح مساعد البشير السابق، عبد الرحيم محمد حسين، ووضعه قيد الإقامة الجبرية في منزله بمدينة دنقلا، شمال السودان.
أحمد هارون رئيس حزب «المؤتمر الوطني» (الحاكم في عهد الرئيس المخلوع عمر البشير) (رويترز)
وذكر البيان «أنه بعد خروج المتهمين من (سجن كوبر المركزي) في الخرطوم بحري، تلقى بعضهم العلاج في مستشفى السلاح الطبي، وظلوا يتحركون بحرية دون أن يتم نقلهم إلى سجون في مناطق آمنة أو اتخاذ إجراءات تحفظية بحقهم».
وبحسب البيان، فإنه إلى جانب «عبد الرحيم، لا يزال عدد من المتهمين في قضية الانقلاب، مطلقي السراح، من بينهم أحمد هارون، المطلوب من قِبل المحكمة الجنائية الدولية، في اتهامات تتعلق بارتكاب جرائم حرب وإبادة جماعية وجرائم ضد الإنسانية في حرب دارفور 2003 - 2010».
وطالب محامو الطوارئ، بـ«إعادة توقيف عبد الرحيم محمد حسين وبقية المتهمين، واستئناف محاكماتهم، وكشف ملابسات إطلاق سراحهم ومحاسبة المتورطين في تعطيل العدالة».
ويذكر، أن هيئة محامي الدفاع عن رموز نظام السوداني السابق، كشفت عن أن إطلاق سراح بكري حسن صالح ويوسف عبد الفتاح، جاء بقرار من رئيس «مجلس السيادة» قائد الجيش عبد الفتاح البرهان، استناداً إلى قرار قضائي من أجل تلقي العلاج استجابةً لتوصية طبية.
سودانيون من محافظات أخرى يصلون الخرطوم بالقطار للانضمام إلى الاحتفالات الشعبية بعد سقوط نظام البشير أبريل 2019 (إ.ب.أ)
وأفاد بيان الهيئة الحقوقية، بأن المتهمين المذكورين «يواجهون بلاغات جنائية أخرى داخل السودان، تتعلق بانتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان، وجرائم قتل وتصفية، وفساد مالي خلال فترة توليهم السلطة في البلاد»، وعدّوا الإفراج عنهم «مخالفة جسيمة للقانون، ومساساً خطيراً بحقوق الضحايا».
أوضح «محامو الطوارئ»، أن إطلاق سراح «حسين الذي صدرت بحقه مذكرة توقيف من المحكمة الجنائية الدولية في 2012؛ لتورطه في جرائم دارفور، بصفته وزيراً للداخلية والدفاع في تلك الفترة، من دون إجراءات رسمية، يقوض فرص العدالة الانتقالية».
وقال الناطق الرسمي باسم هيئة الاتهام في قضية انقلاب 30 يونيو 1989، المحامي معز حضرة، لــ«الشرق الأوسط»، إنه «وفقاً للمادة 58 من قانون الإجراءات الجنائية لعام 1991، لا يجوز الإفراج بالضمان عن المتهم، عبد الرحيم محمد حسين، كما سبق وأن أطلق سراح نائب الرئيس السابق، بكري حسن صالح».
وأضاف: «هذه الإجراءات غير قانونية وباطلة، يجب أن يتم القبض على كل رموز النظام السابق المتهمين وإعادتهم إلى السجون فوراً بنصوص القوانين».
احتجاجات شعبية واسعة أسقطت نظام البشير في 2019 (رويترز)
وأوضح حضرة، أن النائب العام «لا يملك أي سلطة قانونية تمنحه الحق في اتخاذ أي إجراءات بإطلاق سراح متهمين في جرائم لا يجوز فيها الإفراج بالضمان أو حفظ البلاغ».
وقال: «من الواضح أن رئيس مجلس السيادة، القائد العام للجيش السوداني، عبد الفتاح البرهان، هو من يصدر قرارات الإفراج عن قادة النظام السابق».
وأشار إلى أن «فلول نظام البشير بعد عودتهم إلى السلطة، وتمكينهم من مفاصل الأجهزة العدلية والقضائية، يسعون إلى إجراءات لحفظ البلاغ أو شطبه؛ تمهيداً لإطلاق سراحهم».
ولا يُعرف على وجه الدقة مكان وجود المتهمين من قادة النظام السابق، بعد تهريبهم من «مستشفى السلاح الطبي»، عقب سيطرة الجيش السوداني على مدينة أم دردمان العام الماضي.
ويواجه قادة الجيش السوداني، اتهامات «بتوفير ملاذات آمنة وحماية لعدد من قادة نظام البشير المطلوبين لدى المحكمة الجنائية الدولية متهمين بارتكاب جرائم إبادة جماعية في دارفور، ورفض التعاون مع المحكمة لتسليمهم».
Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

الببغاء «مانغو» يفضح عصابة ويُدخلها السجن بعبارة واحدة
الببغاء «مانغو» يفضح عصابة ويُدخلها السجن بعبارة واحدة

الشرق الأوسط

timeمنذ 27 دقائق

  • الشرق الأوسط

الببغاء «مانغو» يفضح عصابة ويُدخلها السجن بعبارة واحدة

في حادثة تُثبت أنّ الأقدار قد تختار أغرب الأدوات لتحقيق العدالة، تحوّل ببغاء مُدرّب إلى «مُخبر غير متوقَّع» ساعد الشرطة البريطانية في كشف شبكة إجرامية خطيرة لتهريب المخدرات داخل أحد السجون، ما أدّى إلى توجيه اتهامات لـ15 شخصاً وتوجيه ضربة قاضية للعصابة. وكشفت شرطة مقاطعة لانكشاير البريطانية عن توجيه اتهامات إلى 15 شخصاً على صلة بالعصابة التي يُزعم أنها هرّبت المخدرات في أنحاء بلاكبول بإنجلترا بين فبراير (شباط) 2023 ويوليو (تموز) 2024. وزعيم الشبكة، آدم غارنيت، البالغ 35 عاماً، كان يقضي حكماً بالسجن وقت اكتشاف العملية، وفق ما ذكرت «فوكس نيوز». بدأ التحقيق عندما فتَّش مسؤولو السجن زنزانة غارنيت، فعثروا على هواتف محمولة وأجهزة راوتر للاتصال اللاسلكي. وقاد هذا الاكتشاف الشرطة إلى عدد من شركائه المشتبه بهم، من بينهم دالبير ساندو، وشانون هيلتون، وجيسون غيراند. وأُسفرت عمليات التفتيش في منازلهم عن ضبط كميات من الهيروين والكوكايين والكيتامين والقنب، بالإضافة إلى مبالغ مالية كبيرة وهواتف يُشتبه في استخدامها بتجارة المخدرات. ومن أغرب الأدلة التي عُثر عليها، مقاطع فيديو في هاتف هيلتون، تُظهر ببغاءها المدعو «مانغو» يكرّر عبارة «2 مقابل 25»، التي يُعتقد أنها إشارة لصفقة مخدرات. كما أظهر مقطع آخر الببغاء وهو يلهو بالنقود التي يُعتقد أنها من عائدات غير مشروعة. وكتبت شرطة لانكشاير عبر صفحتها في «فيسبوك»: «ما أبرع شيء يستطيع حيوانك الأليف فعله؟ الجلوس؟ استخدام المخلب؟ ماذا عن الكلام؟ أحد تجار المخدرات درّب ببغاءه على قول (2 مقابل 25)، وهي عبارة التقطها من اللغة المستخدمة من عصابة الجريمة المنظَّمة التي يديرها صديق صاحبته. لكنها ليست العبارة التي تودّ سماعها من ببغائك عندما تطرق الشرطة بابك!». وكشف المحقّقون أيضاً عن مكالمات فيديو بين هيلتون وغارنيت، إلى جانب لقطات تُظهر عبوات كوكايين تزن كيلوغرامات، مصحوبة أحياناً بكلمات أغنيات تشير إلى المخدرات. ورغم وجوده خلف القضبان، تقول السلطات إنّ غارنيت ظلَّ في قلب العملية، يُوجّه جهود إخفاء الأدلة ويتواصل مع معظم أعضاء الشبكة الإجرامية. وأشاد المحقّق أنتوني ألفيس من وحدة الجرائم المستهدفة في غرب لانكشاير بالنتائج، واصفاً إياها بأنها «عملية مخدرات منسّقة ومعقّدة تجاوزت حدود السجن». وأضاف: «استمر غارنيت في إدارة عملياته خلال سجنه، مستخدماً أجهزة غير قانونية للحفاظ على السيطرة. وأودّ أن أشكر فريقي وشركاءنا في النيابة العامة على التزامهم بتقديم هؤلاء المجرمين للعدالة». وأشار إلى أنّ أوامر القبض لا تزال نشطة بحق كلوي ستوت ورايان بلاك، داعياً الجمهور إلى الإدلاء بأيّ معلومات حول مكان وجودهما. وقالت السلطات إنّ الهواتف المُصادَرة من المشتبه بهم احتوت أيضاً على مقاطع تُظهر تفاخرهم بمبالغ ضخمة من المال، وأغنيات مرتبطة بالمخدرات، وتوثيقاً لصفقات بيع. وحُكم على غارنيت بالسجن لمدة إضافية مقدارها 19 عاماً و6 أشهر، تُنفّذ بعد انتهاء عقوبته الحالية البالغة 15 عاماً. كما حُكم على هيلتون (29 عاماً) بالسجن 12 عاماً، وعلى ساندو (41 عاماً) بالسجن 10 سنوات. جاءت هذه الضبطية في إطار الحملة الأمنية «واريور» لمكافحة الجريمة المنظّمة وتهريب المخدرات، والاستغلال، والعنف في لانكشاير. وقد دعم المبادرة مفوّض الشرطة والجريمة، كلايف غرونشو، الذي أشاد بعمليات الاعتقال والإدانة. وختم: «هذه رسالة واضحة: لن نتسامح مع الجريمة المنظّمة في مجتمعاتنا. وسنظلّ ملتزمين بتوفير الموارد اللازمة لأجهزة إنفاذ القانون لتفكيك هذه العصابات وحماية المواطنين».

كردفان بين نيران الجيش السوداني والدعم السريع.. معركة حاسمة على أبواب دارفور
كردفان بين نيران الجيش السوداني والدعم السريع.. معركة حاسمة على أبواب دارفور

الشرق السعودية

timeمنذ 10 ساعات

  • الشرق السعودية

كردفان بين نيران الجيش السوداني والدعم السريع.. معركة حاسمة على أبواب دارفور

تتخذ المعارك الدائرة في إقليم كردفان غربي السودان طابعاً حاسماً، مع احتدام الصراع بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع على شرايين استراتيجية تفوق في أهميتها الجغرافية حدود الإقليم نفسه، فكل طرف يسعى لتأمين مناطقه الحيوية، وخنق الطرف الآخر، في صراع يضع كردفان في موقع "خط الدفاع الأخير" عن إقليم دارفور بالنسبة للدعم السريع، و"بوابة التمدد" نحو الغرب بالنسبة للجيش. وبعد هدوء نسبي أعقب معارك ضارية عاد التصعيد إلى ولايتي شمال وغرب كردفان، في ظل انفتاح الجيش غرباً عقب تقدمه في الخرطوم وسنار والجزيرة وسط البلاد، ضمن مسعاه لاستعادة السيطرة على دارفور. وفي المقابل، كثّفت قوات الدعم السريع تمركزها في الإقليم، الذي تحوّل إلى ساحة تنازع مركزي بين الطرفين، سواء على المدن الكبرى أو الممرات الحيوية. ولا يخلو الأمر أيضاً من سباق محموم للسيطرة على الممرات الحيوية والنقاط الاستراتيجية الواقعة غربي البلاد، من تخوم إقليم دارفور وحتى مشارف ولايات الوسط. ويضم إقليم كردفان، الواقع في وسط السودان والذي يُعرف بـ"السودان المصغر" لتنوعه الجغرافي والسكاني والثقافي الواسع، 3 ولايات، هي شمال كردفان وعاصمتها الأُبيض، وجنوبها وعاصمتها كادقلي، وغربها وعاصمتها الفولة. وفي حين تتمتع مناطق شمال كردفان بأرض مستوية في الغالب، وذات طبيعة شبه صحراوية، يغلب على جنوبها طبيعة جبلية، تجعل من القتال في المنطقتين مختلفاً للغاية. وتكمن أهمية الإقليم في موقعه الاستراتيجي كرابط رئيسي بين شرق وغرب ووسط السودان، ما يجعله محوراً مهماً في أية معادلة سياسية أو عسكرية في البلاد. كما يتمتع بموارد اقتصادية كبيرة تشمل الصمغ العربي وقطعان الماشية والزراعة، إضافة إلى مخزون محتمل من الموارد الطبيعية، ما يعزز من قيمته التنموية. مدنٌ تحت الحصار! بعد إحكام سيطرته على العاصمة الخرطوم، وجّه الجيش السوداني ثقله العسكري نحو ولايات كردفان، في محاولة لتعزيز تقدمه غرباً، بينما سارعت قوات الدعم السريع إلى تعزيز وجودها في إقليم كردفان، سعياً لصدّ هذا الزحف ومنع الجيش من تحقيق مزيد من المكاسب الميدانية. ولا تزال معارك الكرّ والفرّ مستمرة في ولايات إقليم كردفان الشاسع، حيث يُمسك الجيش السوداني بزمام السيطرة على اثنتين من أكبر مدنه، هما الأُبيّض وكادقلي، فيما تسيطر قوات الدعم السريع على مدينة الفولة بغرب كردفان. وتسعى مدعومة بحلفائها، إلى تقويض الدفاعات في الأُبيّض المحاصرة، شأنها شأن كادقلي، بهدف انتزاع السيطرة عليهما. وقال نائب حاكم إقليم دارفور مصطفى تمبور، لـ"الشرق"، إن العمليات العسكرية "تسير كما هو مخطط لها"، مؤكداً أن الجيش السوداني والقوات المساندة له سيستردون جميع مناطق ولايات كردفان التي تقع تحت سيطرة الدعم السريع قريباً. وأضاف تمبور أن قوات الدعم السريع "سيتم دحرها بالكامل"، مشدداً على أن تعهداته هذه "ليست وعوداً كاذبة، بل حقائق سيرى المواطن السوداني نتائجها قريباً"، لافتاً إلى وجود "تنسيق جار مع غرف السيطرة والتحكم العسكرية، لدفع تعزيزات قتالية نحو مدينة الفاشر، عاصمة إقليم دارفور، في محاولة لفك الحصار المفروض عليها منذ أشهر، واستعادة الأمن والاستقرار في المنطقة". "الزحف نحو الأُبيض" في المقابل، أعلنت قوات الدعم السريع تحقيق "انتصارات ميدانية كاسحة" في طريق زحفها نحو مدينة الأُبيّض، ووصفت تحركاتها بأنها جزء من "معركة التحرير الشامل" ضد الجيش والقوات المساندة له. ووفقاً لبيان رسمي صادر عنها في 3 أغسطس، فقد تمكّنت قوات الدعم السريع من السيطرة على عدد من المناطق في معارك متفرقة، مؤكدة "استمرار زحفها من جميع المحاور باتجاه حاضرة شمال كردفان، مع التزامها بالقانون الدولي الإنساني وبتوفير الحماية الكاملة للمدنيين". ودعت قيادة الدعم السريع سكان مدينة الأُبيّض إلى "التزام منازلهم، وتجنب مقرات الجيش ومواقع تمركز القوات المسلحة المتحالفة معه، حفاظاً على سلامتهم. تحول عسكري نوعي قال المحلل السياسي عمر زين العابدين الحاج لـ"الشرق"، إن استعادة الجيش السوداني مناطق مثل "أم درابة" و"رهيد النوبة"، في شمال كردفان، يُمثل "تحولاً نوعياً في موازين السيطرة على الأرض"، ما يوفر موطئ قدم متقدماً يتيح التوغل نحو مدينة بارا، شرقي الأُبيّض، وهي مدينة استراتيجية لا تزال في قبضة الدعم السريع. وأضاف: "إذا ما تم هذا الأمر، سيُهدد ذلك خطوط الإمداد التابعة لقوات الدعم السريع"، لافتاً إلى أن هذه المناطق تُمثل مراكز عبور وتحشيد محتملة لأي عمليات عسكرية مستقبلية، ما يجعلها ذات أولوية كبيرة للطرفين. وتابع زين العابدين في حديثه أن وجود "قوات الدعم السريع" في كل من مدينة بارا ومنطقة "أم صميمة" شمال وشمال غرب الأُبيّض، يُعد تطوراً ميدانياً لافتاً، يحمل أبعاداً استراتيجية مهمة تتعلق بمسار الحرب في كردفان وامتداداتها نحو الوسط ودارفور، وبالتالي، فإن "السيطرة على هذه الجيوب الجغرافية لا تقتصر على المكاسب الميدانية فحسب، بل تعمل على "تشكيل المشهد العام للصراع". وتقع بارا شمال شرقي مدينة الأُبيّض، عاصمة ولاية شمال كردفان، التي تمثل مركزاً إدارياً وممراً استراتيجياً بالغ الأهمية يربط بين الخرطوم ودارفور. ويشير تمركز "قوات الدعم السريع" في هذه المنطقة إلى محاولة للاقتراب من تطويق الأبيض، أو على الأقل ممارسة ضغط ميداني مباشر عليها، ما يشكل تهديداً استراتيجياً للجيش السوداني المتمركز هناك، وفقاً لزين العابدين من جانبه أوضح المحلل السياسي، والأستاذ بجامعة أم درمان الإسلامية، محمد عبد العزيز الشيخ، أن مناطق شمال وغرب كردفان تكتسب أهمية استراتيجية محورية في الصراع العسكري الدائر في السودان، نظراً لموقعها الجغرافي الذي يجعلها بوابة طبيعية نحو إقليم دارفور، الذي يمثل نقطة الارتكاز الرئيسية لـ"الدعم السريع". وأضاف الشيخ لـ"الشرق" أن هذه المناطق تقع على تقاطع طرق حيوية تربط بين دارفور وولايات الوسط، ما يجعل السيطرة عليها ضرورية لأي طرف يسعى إلى تأمين خطوط الإمداد، وقطع طرق التواصل بين وحدات الخصم، وتوسيع نطاق النفوذ العسكري غربي البلاد. أهمية استراتيجية "قصوى" أما الخبير العسكري، عمر أرباب، فقد رأى أن كردفان تُعد من أهم المناطق الاستراتيجية في السودان، نظراً لموقعها الجغرافي الذي يجعلها خط الدفاع الأخير عن دارفور، ومدخلاً نحو شمال كردفان وأم درمان والنيل الأبيض، ما يمنحها وزناً كبيراً في الحسابات العسكرية للطرفين. وقال أرباب لـ"الشرق"، إن الواقع الاجتماعي في الإقليم يعكس انقساماً في الولاءات بين القوات المسلحة والدعم السريع، ما يزيد من تعقيد المعارك. كما أن البُعد الاقتصادي حاضر بقوة، إذ تُعد كردفان منطقة غنية بالموارد الطبيعية والزراعية، ويشق شمالها شارع "الصادرات"، ما يجعلها مصدراً رئيسياً لموارد الدولة. وأضاف: "من المتوقع استمرار المعارك بقوة، نظراً لاستحالة تخلّي أي من الطرفين عن هذا الموقع الحيوي سياسياً وعسكرياً واقتصادياً".

تنسيق مصري - سوداني في مواجهة نهج إثيوبيا «الأحادي» على النيل الأزرق
تنسيق مصري - سوداني في مواجهة نهج إثيوبيا «الأحادي» على النيل الأزرق

الشرق الأوسط

timeمنذ 19 ساعات

  • الشرق الأوسط

تنسيق مصري - سوداني في مواجهة نهج إثيوبيا «الأحادي» على النيل الأزرق

عبر تنسيق مشترك لمواجهة نهج إثيوبيا «الأحادي» على النيل الأزرق، تواصل مصر والسودان العمل على صياغة رأي موحد للبلدين بشأن مياه النهر بموجب اتفاقية عام 1959، سعياً لإيجاد حل لأزمة «سد النهضة» الذي أقامته أديس أبابا. وعقد رئيس الوزراء المصري، مصطفى مدبولي جلسة محادثات، الخميس، مع رئيس مجلس الوزراء الانتقالي السوداني، كامل الطيب إدريس. وفي ختام زيارة إدريس للقاهرة أصدر الجانبان بياناً مشتركاً تطرق إلى أزمة السد الإثيوبي، وجددا فيه «رفضهما للنهج الأحادي الإثيوبي على النيل الأزرق الذي لا يتسق مع مبادئ القانون الدولي ذات الصلة، ومع روح التعاون التي يجب أن تسود اتصالاً باستخدام نهر النيل، شريان الحياة لجميع دول الحوض». «سد النهضة» الإثيوبي (أ.ف.ب) كما أكدا «تنسيقهما المشترك من خلال الهيئة الفنية الدائمة المشتركة لمياه النيل، وهي الجهة المنوطة بدراسة وصياغة الرأي الموحد للبلدين في الشؤون المتعلقة بمياه النيل بموجب اتفاقية عام 1959». واتفق البلدان على «ضرورة منح الفرصة الكافية للآلية التشاورية لمبادرة حوض النيل لتسوية الخلافات، وتعزيز التعاون بين دول الحوض، بما يحافظ على استدامة نهر النيل العظيم، وعلى المصالح المائية لدولتي المصب». وبين مصر والسودان من جانب، وإثيوبيا من جانب آخر، نزاع ممتد لأكثر من عقد من الزمان، بشأن «سد النهضة»، الذي أقامته أديس أبابا على الرافد الرئيسي لنهر النيل، وتخشى القاهرة من تأثيره على حصتها من المياه. وشهدت السنوات الماضية جولات تفاوض بين الدول الثلاث، قبل أن تعلن مصر في نوفمبر (تشرين الثاني) 2023 «فشل» آخر جولة للمفاوضات بشأن «السد»، وإغلاق المسار التفاوضي بعد جولات مختلفة لمدة 13 عاماً. والأسبوع الماضي، وصف وزير الخارجية المصري، بدر عبد العاطي، دعوة أديس أبابا لحضور حفل افتتاح «السد» في سبتمبر (أيلول) المقبل بـ«العبث»، مؤكداً «حق بلاده في الدفاع عن مصالحها المائية». وقال وزير الخارجية المصري، أخيراً، إن «المياه قضية وجودية بالنسبة لمصر، وهي ليست عصية على الحل إذا توافرت الإرادة السياسية، وحُسن النية لدى إثيوبيا، لكن 13 عاماً من المفاوضات أثبتت بما لا يدع مجالاً للشك أنه لم تكن هناك إرادة سياسية للتوصل إلى اتفاق قانوني ملزم»، في إشارة للجانب الإثيوبي. تأكيد مصري - سوداني على التمسك باتفاقية 1959 بشأن النهر (مجلس الوزراء المصري) مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق، نائب رئيس «المجلس المصري للشؤون الأفريقية»، السفير صلاح حليمة، أكد أن «النهج الإثيوبي يخالف القوانين والمواثيق الدولية ذات الصلة التي تحكم الأنهار الدولية»، مشيراً إلى أن «الدول المشاطئة للنيل الأزرق لها سيادة مشتركة على النهر، وتحركات أديس أبابا تهدد حياة ووجود دولتي المصب، ما يستدعي التنسيق المشترك». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك تنسيقاً وتشاوراً مستمرَّيْن بين مصر والسودان في هذا الشأن؛ لتوحيد المواقف والرؤى في ضوء اتفاقية 1959 التي تحدد حصص الدولتين من مياه النهر، والتي اعتمدت على اتفاقيتي 1902 و1929 اللتين تمنعان إثيوبيا من تنفيذ أي إنشاءات تحول دول وصول تدفق مياه نهر النيل لمصر والسودان». وبموجب اتفاقية 1959، تحصل مصر على 55 مليار متر مكعب من مياه النيل، فيما يحصل السودان على 18 مليار متر مكعب، وتستند مصر إلى تلك الاتفاقية، وكذلك اتفاقية 1929، لتؤكد أن لها «حقوقاً تاريخية» في مياه النيل. المؤتمر الصحافي المشترك لرئيسي وزراء مصر والسودان في القاهرة (مجلس الوزراء المصري) وشدد مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق، السفير علي الحفني، على أهمية إبراز ملف السد الإثيوبي في البيان المشترك لمحادثات مدبولي وإدريس. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «ملف سد النهضة كان أحد الموضوعات التي تم تناولها في المحادثات بهدف إرسال رسالة تؤكد أن انشغال السودان بالحرب لا يعني تهميش أو نسيان هذا الملف». وأشار إلى أن «التدابير الأحادية من جانب إثيوبيا تتعارض مع الاتفاقيات والمواثيق الدولية، ومن المهم التأكيد في كل محفل على تمسك دولتي المصب بحقوقهما المائية بموجب القانون الدولي، لا سيما مع ارتباط الأمن المائي بالأمن القومي». وقال: «كان لا بد من التأكيد على أن موقف مصر والسودان واحد ولم يتغير». ولفت إلى أهمية زيارة المسؤول السوداني لتنسيق الموقف بين البلدين في مختلف القضايا، وعلى رأسها وقف الحرب الدائرة في السودان، وجهود إعادة الإعمار. صورة لـ«سد النهضة» في أغسطس الماضي (فيسبوك) وكان رئيس الوزراء الإثيوبي، آبي أحمد، أعلن، أوائل الشهر الحالي، التدشين الرسمي لـ«سد النهضة» في سبتمبر المقبل، مؤكداً أن «السد لا يُشكّل تهديداً لمصر والسودان، بل فرصة للتعاون الإقليمي، وتحقيق المنفعة المتبادلة»، ووجّه الدعوة للبلدين لحضور الافتتاح. لكن مصر والسودان يتمسكان بالتوصل إلى اتفاق قانوني ملزم بشأن علمية ملء وتشغيل السد. وفي أغسطس (آب) الماضي، نقل وزير الخارجية المصري رسالة من الرئيس عبد الفتاح السيسي إلى نظيره الأوغندي يوري موسيفيني، تضمَّنت «التزام مصر باتخاذ جميع الإجراءات اللازمة والمكفولة بموجب القانون الدولي لحماية أمنها المائي»، في ظل عدم التوصُّل لاتفاق ملزم بين مصر وإثيوبيا فيما يخص تشغيل «سد النهضة».

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store