
أطفال يعملون.. وقاصرات يُزوّجن للهروب من الجوع
في بلدٍ مأزوم على كل المستويات، يبدو أن النازحين داخلياً في لبنان، سواء أكانوا لبنانيين تهجّروا قسراً من بيوتهم بفعل التصعيد العسكري الأخير، أو لاجئين سوريين فرّوا من أتون الحرب ليجدوا أنفسهم في دوامة نزوح جديدة، يُشكّلون الشريحة الأكثر هشاشة في المشهد الإنساني المحلي. هؤلاء لا يعيشون فقط في جغرافيا التهجير، بل في ظل غياب السياسات، وانهيار الدولة، وانكماش المجتمع الدولي عن مسؤولياته.
بعيداً عن الأرقام الجامدة، تكشف الشهادات الميدانية والمقابلات مع (KIIs – unhcr)، التي اطّلع عليها 'لبنان24' عن واقع مرير يتعدّى مجرد النزوح المؤقت، ليتحول إلى أزمة معيشية ونفسية مركّبة، تمتدّ جذورها في الأرض اللبنانية المعطوبة اقتصادياً، والمنهكة اجتماعياً. فعلى وقع الانهيار المالي، وتضاؤل فاعلية المساعدات، وانكفاء الدولة عن أداء دورها الأساسي في الرعاية والحماية، أصبح النزوح الداخلي مرادفاً للفقر، والضياع، وانعدام الأفق. التقارير الأخيرة، وبينها تقرير خاص اعتمد على أكثر من 200 مقابلة مع مصادر مطلعة على أوضاع النازحين، تبيّن أن الحاجات الملحّة لا تزال على حالها منذ بداية الأزمة: الغذاء، الرعاية الصحية، والمأوى. لكن الجديد هو تصاعد مؤشرات الضيق النفسي والتفكك الأسري والانزلاق إلى استراتيجيات بقاء خطرة كزواج القاصرات، وسحب الأطفال من المدارس، والانخراط في أعمال غير آمنة أو مشروعة. هذا الواقع المأزوم لا يمكن فصله عن السياق السياسي العام، حيث تغيب استراتيجية حكومية واضحة لمعالجة ملف النزوح، فيما تتعاظم الضغوط الشعبية ضد اللاجئين السوريين. وبين ضجيج الحملات الإعلامية والاستثمار السياسي في المأساة، يبقى الإنسان النازح هو الحلقة الأضعف، المنسي في حسابات الدولة والمجتمع على حدّ سواء.
وفي الجنوب تحديداً، حيث كانت البنية التحتية هي الأشد تضرراً من العدوان الإسرائيلي، تتداخل تداعيات النزاع مع هشاشة الخدمات وانعدام الأمن، ما يجعل العودة إلى 'البيت' مجرد شعار، والعيش في مأوى مؤقت بلا كرامة هو الخيار الوحيد. من هنا، تفرض المرحلة طرح سؤال جوهري: هل يتحوّل النزوح الداخلي إلى أزمة دائمة ومركّبة في لبنان؟ وهل من إرادة محلية أو دولية لمعالجة هذا الملف من زاوية إنسانية عادلة لا من منطلقات سياسية ضيقة؟
من هنا، وبحسب بيانات تقرير أُعدّ بناء على 204 مقابلات مع عدد من النازحين، لا يزال عدد كبير من النازحين داخلياً عاجزين عن العودة إلى منازلهم المدمّرة أو غير الصالحة للسكن، في ظل انعدام الموارد المالية لترميمها، وغياب شبكات الدعم، واستمرار المخاوف الأمنية، خاصة في الجنوب. ورغم أن أكثر من نصف المستطلعين (52%) أشاروا إلى مغادرة بعض النازحين لمناطق النزوح، فإن التقرير يؤكد أن موجة العودة لا تعني تحسّن الأوضاع، بل غالباً ما تكون قسرية بسبب نفاد الموارد أو ضغوط معيشية خانقة.
في الجانب المتعلق بالحماية، رسم التقرير الذي اطّلع عليه 'لبنان24' صورة قاتمة: 42% من المشاركين أفادوا بانتشار الضيق النفسي بين النازحين، مع تسجيل أعلى نسبة في الجنوب (62%)، حيث لا يزال القلق الأمني مخيّماً رغم الهدنة. ولفتت إحدى المشاركات السوريات في جلسة نقاش مركّزة (FGD) في صور، إلى أن أبناءها يعانون من اضطرابات نفسية، فيما عبّر رجال لبنانيون في الشياح عن الحاجة إلى دعم نفسي عاجل للأطفال.
لا تقتصر المخاطر على الجانب النفسي، بل تمتد إلى العنف الأسري، وزواج الأطفال، والتمييز، وغياب الوثائق القانونية، وهي تحديات تتفاوت بين اللبنانيين والسوريين من حيث الأسباب والنتائج.
الأمر لا يتوقف عند الضيق النفسي، بل إن الخدمات الأساسية مثل الصحة والتعليم والحماية الاجتماعية شبه غائبة في العديد من مناطق النزوح. ففي الجنوب، اشتكى أكثر من 57% من انعدام خدمات الاتصال والمعلومات، في حين كان القطاع الصحي الأكثر تضرراً على الصعيد الوطني، حيث أفاد 47% بعدم القدرة على الوصول إلى الرعاية الصحية.
ورغم أن 90% من المستطلعين قالوا إن الخدمات المتوفرة ليست محصورة بجنسية معينة، إلا أن الواقع العملي يُظهر تمييزاً في الوصول إلى المأوى، خصوصاً في الملاجئ الرسمية في البقاع وبعلبك-الهرمل، حيث حُرم اللاجئون السوريون من الدخول، بحسب شهادات مستقاة من ميدان العمل الإنساني.
أمام هذا المشهد، لجأ النازحون إلى آليات تكيّف محفوفة بالمخاطر: 60% يعتمدون على المساعدات الإنسانية، و41% استنزفوا مدخراتهم، و32% باعوا ممتلكاتهم. الأشد خطورة أن 25% سحبوا أبناءهم من المدارس، و11% لجأوا إلى زواج الأطفال كحل اقتصادي قاسٍ.
وسط هذا الواقع، ترتفع الأصوات المطالِبة بإعادة توجيه الأولويات في الاستجابة الإنسانية لتشمل الدعم النفسي والاجتماعي، وتوسيع خدمات الحماية القانونية. وبحسب التقرير، فإن أكثر من نصف المشاركين لم يكونوا على دراية كاملة بمخاطر الحماية، ما يشير إلى نقص خطير في الوعي المجتمعي، وضرورة إجراء حملات توعية موازية للبرامج الإغاثية.
تؤكد هذه البيانات، مجتمعة، أن أزمة النزوح الداخلي في لبنان لا تزال بعيدة عن الحل. ورغم الجهود المبذولة من قبل منظمات الإغاثة، فإن الثغرات في الخدمات، وانعدام الأمان النفسي والاجتماعي، وغياب السياسات المتكاملة، تجعل من العودة الآمنة والمستدامة للنازحين حلماً بعيد المنال.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


بيروت نيوز
منذ يوم واحد
- بيروت نيوز
أطفال يعملون.. وقاصرات يُزوّجن للهروب من الجوع
في بلدٍ مأزوم على كل المستويات، يبدو أن النازحين داخلياً في لبنان، سواء أكانوا لبنانيين تهجّروا قسراً من بيوتهم بفعل التصعيد العسكري الأخير، أو لاجئين سوريين فرّوا من أتون الحرب ليجدوا أنفسهم في دوامة نزوح جديدة، يُشكّلون الشريحة الأكثر هشاشة في المشهد الإنساني المحلي. هؤلاء لا يعيشون فقط في جغرافيا التهجير، بل في ظل غياب السياسات، وانهيار الدولة، وانكماش المجتمع الدولي عن مسؤولياته. بعيداً عن الأرقام الجامدة، تكشف الشهادات الميدانية والمقابلات مع (KIIs – unhcr)، التي اطّلع عليها 'لبنان24' عن واقع مرير يتعدّى مجرد النزوح المؤقت، ليتحول إلى أزمة معيشية ونفسية مركّبة، تمتدّ جذورها في الأرض اللبنانية المعطوبة اقتصادياً، والمنهكة اجتماعياً. فعلى وقع الانهيار المالي، وتضاؤل فاعلية المساعدات، وانكفاء الدولة عن أداء دورها الأساسي في الرعاية والحماية، أصبح النزوح الداخلي مرادفاً للفقر، والضياع، وانعدام الأفق. التقارير الأخيرة، وبينها تقرير خاص اعتمد على أكثر من 200 مقابلة مع مصادر مطلعة على أوضاع النازحين، تبيّن أن الحاجات الملحّة لا تزال على حالها منذ بداية الأزمة: الغذاء، الرعاية الصحية، والمأوى. لكن الجديد هو تصاعد مؤشرات الضيق النفسي والتفكك الأسري والانزلاق إلى استراتيجيات بقاء خطرة كزواج القاصرات، وسحب الأطفال من المدارس، والانخراط في أعمال غير آمنة أو مشروعة. هذا الواقع المأزوم لا يمكن فصله عن السياق السياسي العام، حيث تغيب استراتيجية حكومية واضحة لمعالجة ملف النزوح، فيما تتعاظم الضغوط الشعبية ضد اللاجئين السوريين. وبين ضجيج الحملات الإعلامية والاستثمار السياسي في المأساة، يبقى الإنسان النازح هو الحلقة الأضعف، المنسي في حسابات الدولة والمجتمع على حدّ سواء. وفي الجنوب تحديداً، حيث كانت البنية التحتية هي الأشد تضرراً من العدوان الإسرائيلي، تتداخل تداعيات النزاع مع هشاشة الخدمات وانعدام الأمن، ما يجعل العودة إلى 'البيت' مجرد شعار، والعيش في مأوى مؤقت بلا كرامة هو الخيار الوحيد. من هنا، تفرض المرحلة طرح سؤال جوهري: هل يتحوّل النزوح الداخلي إلى أزمة دائمة ومركّبة في لبنان؟ وهل من إرادة محلية أو دولية لمعالجة هذا الملف من زاوية إنسانية عادلة لا من منطلقات سياسية ضيقة؟ من هنا، وبحسب بيانات تقرير أُعدّ بناء على 204 مقابلات مع عدد من النازحين، لا يزال عدد كبير من النازحين داخلياً عاجزين عن العودة إلى منازلهم المدمّرة أو غير الصالحة للسكن، في ظل انعدام الموارد المالية لترميمها، وغياب شبكات الدعم، واستمرار المخاوف الأمنية، خاصة في الجنوب. ورغم أن أكثر من نصف المستطلعين (52%) أشاروا إلى مغادرة بعض النازحين لمناطق النزوح، فإن التقرير يؤكد أن موجة العودة لا تعني تحسّن الأوضاع، بل غالباً ما تكون قسرية بسبب نفاد الموارد أو ضغوط معيشية خانقة. في الجانب المتعلق بالحماية، رسم التقرير الذي اطّلع عليه 'لبنان24' صورة قاتمة: 42% من المشاركين أفادوا بانتشار الضيق النفسي بين النازحين، مع تسجيل أعلى نسبة في الجنوب (62%)، حيث لا يزال القلق الأمني مخيّماً رغم الهدنة. ولفتت إحدى المشاركات السوريات في جلسة نقاش مركّزة (FGD) في صور، إلى أن أبناءها يعانون من اضطرابات نفسية، فيما عبّر رجال لبنانيون في الشياح عن الحاجة إلى دعم نفسي عاجل للأطفال. لا تقتصر المخاطر على الجانب النفسي، بل تمتد إلى العنف الأسري، وزواج الأطفال، والتمييز، وغياب الوثائق القانونية، وهي تحديات تتفاوت بين اللبنانيين والسوريين من حيث الأسباب والنتائج. الأمر لا يتوقف عند الضيق النفسي، بل إن الخدمات الأساسية مثل الصحة والتعليم والحماية الاجتماعية شبه غائبة في العديد من مناطق النزوح. ففي الجنوب، اشتكى أكثر من 57% من انعدام خدمات الاتصال والمعلومات، في حين كان القطاع الصحي الأكثر تضرراً على الصعيد الوطني، حيث أفاد 47% بعدم القدرة على الوصول إلى الرعاية الصحية. ورغم أن 90% من المستطلعين قالوا إن الخدمات المتوفرة ليست محصورة بجنسية معينة، إلا أن الواقع العملي يُظهر تمييزاً في الوصول إلى المأوى، خصوصاً في الملاجئ الرسمية في البقاع وبعلبك-الهرمل، حيث حُرم اللاجئون السوريون من الدخول، بحسب شهادات مستقاة من ميدان العمل الإنساني. أمام هذا المشهد، لجأ النازحون إلى آليات تكيّف محفوفة بالمخاطر: 60% يعتمدون على المساعدات الإنسانية، و41% استنزفوا مدخراتهم، و32% باعوا ممتلكاتهم. الأشد خطورة أن 25% سحبوا أبناءهم من المدارس، و11% لجأوا إلى زواج الأطفال كحل اقتصادي قاسٍ. وسط هذا الواقع، ترتفع الأصوات المطالِبة بإعادة توجيه الأولويات في الاستجابة الإنسانية لتشمل الدعم النفسي والاجتماعي، وتوسيع خدمات الحماية القانونية. وبحسب التقرير، فإن أكثر من نصف المشاركين لم يكونوا على دراية كاملة بمخاطر الحماية، ما يشير إلى نقص خطير في الوعي المجتمعي، وضرورة إجراء حملات توعية موازية للبرامج الإغاثية. تؤكد هذه البيانات، مجتمعة، أن أزمة النزوح الداخلي في لبنان لا تزال بعيدة عن الحل. ورغم الجهود المبذولة من قبل منظمات الإغاثة، فإن الثغرات في الخدمات، وانعدام الأمان النفسي والاجتماعي، وغياب السياسات المتكاملة، تجعل من العودة الآمنة والمستدامة للنازحين حلماً بعيد المنال.


ليبانون 24
منذ يوم واحد
- ليبانون 24
أثمان النزوح القاسية: أطفال يعملون.. وقاصرات يُزوّجن للهروب من الجوع
في بلدٍ مأزوم على كل المستويات، يبدو أن النازحين داخلياً في لبنان ، سواء أكانوا لبنانيين تهجّروا قسراً من بيوتهم بفعل التصعيد العسكري الأخير، أو لاجئين سوريين فرّوا من أتون الحرب ليجدوا أنفسهم في دوامة نزوح جديدة، يُشكّلون الشريحة الأكثر هشاشة في المشهد الإنساني المحلي. هؤلاء لا يعيشون فقط في جغرافيا التهجير، بل في ظل غياب السياسات، وانهيار الدولة، وانكماش المجتمع الدولي عن مسؤولياته. بعيداً عن الأرقام الجامدة، تكشف الشهادات الميدانية والمقابلات مع (KIIs - unhcr)، التي اطّلع عليها " لبنان24" عن واقع مرير يتعدّى مجرد النزوح المؤقت، ليتحول إلى أزمة معيشية ونفسية مركّبة، تمتدّ جذورها في الأرض اللبنانية المعطوبة اقتصادياً، والمنهكة اجتماعياً. فعلى وقع الانهيار المالي، وتضاؤل فاعلية المساعدات، وانكفاء الدولة عن أداء دورها الأساسي في الرعاية والحماية، أصبح النزوح الداخلي مرادفاً للفقر، والضياع، وانعدام الأفق. التقارير الأخيرة، وبينها تقرير خاص اعتمد على أكثر من 200 مقابلة مع مصادر مطلعة على أوضاع النازحين، تبيّن أن الحاجات الملحّة لا تزال على حالها منذ بداية الأزمة: الغذاء، الرعاية الصحية، والمأوى. لكن الجديد هو تصاعد مؤشرات الضيق النفسي والتفكك الأسري والانزلاق إلى استراتيجيات بقاء خطرة كزواج القاصرات، وسحب الأطفال من المدارس، والانخراط في أعمال غير آمنة أو مشروعة. هذا الواقع المأزوم لا يمكن فصله عن السياق السياسي العام، حيث تغيب استراتيجية حكومية واضحة لمعالجة ملف النزوح، فيما تتعاظم الضغوط الشعبية ضد اللاجئين السوريين. وبين ضجيج الحملات الإعلامية والاستثمار السياسي في المأساة، يبقى الإنسان النازح هو الحلقة الأضعف، المنسي في حسابات الدولة والمجتمع على حدّ سواء. وفي الجنوب تحديداً، حيث كانت البنية التحتية هي الأشد تضرراً من العدوان الإسرائيلي ، تتداخل تداعيات النزاع مع هشاشة الخدمات وانعدام الأمن، ما يجعل العودة إلى "البيت" مجرد شعار، والعيش في مأوى مؤقت بلا كرامة هو الخيار الوحيد. من هنا، تفرض المرحلة طرح سؤال جوهري: هل يتحوّل النزوح الداخلي إلى أزمة دائمة ومركّبة في لبنان؟ وهل من إرادة محلية أو دولية لمعالجة هذا الملف من زاوية إنسانية عادلة لا من منطلقات سياسية ضيقة؟ من هنا، وبحسب بيانات تقرير أُعدّ بناء على 204 مقابلات مع عدد من النازحين، لا يزال عدد كبير من النازحين داخلياً عاجزين عن العودة إلى منازلهم المدمّرة أو غير الصالحة للسكن، في ظل انعدام الموارد المالية لترميمها، وغياب شبكات الدعم، واستمرار المخاوف الأمنية، خاصة في الجنوب. ورغم أن أكثر من نصف المستطلعين (52%) أشاروا إلى مغادرة بعض النازحين لمناطق النزوح، فإن التقرير يؤكد أن موجة العودة لا تعني تحسّن الأوضاع، بل غالباً ما تكون قسرية بسبب نفاد الموارد أو ضغوط معيشية خانقة. في الجانب المتعلق بالحماية، رسم التقرير الذي اطّلع عليه "لبنان24" صورة قاتمة: 42% من المشاركين أفادوا بانتشار الضيق النفسي بين النازحين، مع تسجيل أعلى نسبة في الجنوب (62%)، حيث لا يزال القلق الأمني مخيّماً رغم الهدنة. ولفتت إحدى المشاركات السوريات في جلسة نقاش مركّزة (FGD) في صور، إلى أن أبناءها يعانون من اضطرابات نفسية، فيما عبّر رجال لبنانيون في الشياح عن الحاجة إلى دعم نفسي عاجل للأطفال. لا تقتصر المخاطر على الجانب النفسي، بل تمتد إلى العنف الأسري، وزواج الأطفال، والتمييز، وغياب الوثائق القانونية، وهي تحديات تتفاوت بين اللبنانيين والسوريين من حيث الأسباب والنتائج. الأمر لا يتوقف عند الضيق النفسي، بل إن الخدمات الأساسية مثل الصحة والتعليم والحماية الاجتماعية شبه غائبة في العديد من مناطق النزوح. ففي الجنوب، اشتكى أكثر من 57% من انعدام خدمات الاتصال والمعلومات، في حين كان القطاع الصحي الأكثر تضرراً على الصعيد الوطني، حيث أفاد 47% بعدم القدرة على الوصول إلى الرعاية الصحية. ورغم أن 90% من المستطلعين قالوا إن الخدمات المتوفرة ليست محصورة بجنسية معينة، إلا أن الواقع العملي يُظهر تمييزاً في الوصول إلى المأوى، خصوصاً في الملاجئ الرسمية في البقاع وبعلبك-الهرمل، حيث حُرم اللاجئون السوريون من الدخول، بحسب شهادات مستقاة من ميدان العمل الإنساني. أمام هذا المشهد، لجأ النازحون إلى آليات تكيّف محفوفة بالمخاطر: 60% يعتمدون على المساعدات الإنسانية، و41% استنزفوا مدخراتهم، و32% باعوا ممتلكاتهم. الأشد خطورة أن 25% سحبوا أبناءهم من المدارس، و11% لجأوا إلى زواج الأطفال كحل اقتصادي قاسٍ. وسط هذا الواقع، ترتفع الأصوات المطالِبة بإعادة توجيه الأولويات في الاستجابة الإنسانية لتشمل الدعم النفسي والاجتماعي، وتوسيع خدمات الحماية القانونية. وبحسب التقرير، فإن أكثر من نصف المشاركين لم يكونوا على دراية كاملة بمخاطر الحماية، ما يشير إلى نقص خطير في الوعي المجتمعي، وضرورة إجراء حملات توعية موازية للبرامج الإغاثية. تؤكد هذه البيانات، مجتمعة، أن أزمة النزوح الداخلي في لبنان لا تزال بعيدة عن الحل. ورغم الجهود المبذولة من قبل منظمات الإغاثة، فإن الثغرات في الخدمات، وانعدام الأمان النفسي والاجتماعي، وغياب السياسات المتكاملة، تجعل من العودة الآمنة والمستدامة للنازحين حلماً بعيد المنال. وحتى يتحقق ذلك، يبقى النازحون في لبنان عالقين بين ضغوط المعيشة، وقلق الغد ، وذاكرة الحرب.


الميادين
٠٤-٠٤-٢٠٢٥
- الميادين
مسؤول روسي لـ"سي أن أن": تقدم كبير في جهود إنهاء الحرب في أوكرانيا
قال مسؤول روسي رفيع، أمس الخميس، إنّ "هناك تقدماً كبيراً يحدث بالفعل في جهود إنهاء الحرب في أوكرانيا"، مؤكّداً أنّ الرئيس الأميركي دونالد ترامب، وإدارته "حققا أول خفض للتصعيد على الإطلاق". ونقلت شبكة "سي أن أن" عن رئيس صندوق الاستثمار الروسي، كيريل ديمترييف، قوله إنّ "هناك تفاهماً" بشأن كيفية وضع اللمسات الأخيرة على اتفاق لإنهاء الصراع، وأنّ "جميع الحلول الدبلوماسية ممكنة". ودعا ديمترييف، إلى "استئناف الحوار"، لأنه "لم تبذل لوقت طويل أي محاولة لفهم موقف روسيا". وبشأن رفع العقوبات الغربية، قال ديمترييف إنّ بلاده "لا تطلب أي رفع لهذه العقوبات"، مؤكّداً أنّ "الاقتصاد الروسي حقق أداءً جيداً"، ومشيراً إلى أنه "إذا كانت واشنطن تريد زيادة الأعمال مع روسيا فحينها يمكنها تخفيف العقوبات". 3 نيسان 2 نيسان وذكر المسؤول الروسي أنّ هناك نحو 150 شركة أميركية لا تزال تعمل في روسيا، 70% منها موجودة منذ 25 عاماً، مشيراً إلى أنّ هناك أيضاً شركات أميركية ترغب بالعودة إلى روسيا و"هذه خطوة جيدة لأميركا"، وفق المسؤول. ومطلع الشهر الجاري، أعلن الرئيس الأميركي، أنّه واثق من أنّ نظيره الروسي، فلاديمير بوتين "سينفّذ نصيبه" (تعهّداته) من الاتفاق الرامي لإرساء هدنة في أوكرانيا. وكان ترامب انتقد كلاً من بوتين ونظيره الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، في وقت سابق، اللذين يحاول إقناعهما بالتوصّل إلى اتفاق يوقف الحرب الدائرة بين بلديهما منذ أكثر من ثلاث سنوات. وفي المقابل، عكس استطلاع رأي أجراه معهد كييف الدولي لعلم الاجتماع (KIIS) تغيّر المزاج العام في أوكرانيا، تجاه الرئيس الأميركي، والذي "أحدثت إدارته تحوّلاً كبيراً في سياسة واشنطن تجاه أوكرانيا". وكشفت نتائج هذا الاستطلاع، الذي نُشر في الأول من نيسان/أبريل الجاري، أنّ 73% من الأوكرانيين يعتقدون أنّ ترامب، سيّئ لبلادهم.