
مصر... الدولار يتراجع في السوقين الرسمية والموازية واستقرار الذهب
شهدت الأسواق المصرية، اليوم الثلاثاء، استقرارًا نسبيًا في
أسعار الذهب
، في الوقت الذي تراجع فيه سعر الدولار في السوق الرسمية والموازية لأول مرة منذ أسبوعين، تزامنًا مع استمرار
بعثة صندوق النقد الدولي
في القاهرة لإجراء المراجعة الخامسة من برنامج التسهيل الممدد، ما ألقى بظلاله على سوق الصرف غير الرسمي.
كما استقرت أسعار الذهب في السوق المحلية على خلفية تراجع الأوقية عالميًا إلى نحو 3226 دولارًا، بعد موجة ارتفاعات سابقة. وبلغ سعر الذهب عيار 21 الأكثر تداولا، نحو 4545 جنيهًا (نحو 91 دولارا) للغرام، فيما سجل سعر جنيه الذهب 36 ألفاً و340 جنيهًا. ويُعزى هذا الاستقرار إلى التوازن المؤقت بين سعر الأوقية العالمية وسعر صرف الدولار محليًا.
وعلى صعيد العملات الأجنبية، تراجع الدولار في البنوك الرسمية لأقل من 50 جنيها، مسجلا 49.99 جنيهًا للشراء و50.09 جنيهًا للبيع، بحسب بيانات البنك المركزي المصري. كما بلغ سعر اليورو 55.84 جنيهًا للشراء و56.54 جنيهًا للبيع، فيما سجل الجنيه الإسترليني 66.38 جنيهًا للشراء و67.13 جنيهًا للبيع.
وبالنسبة للعملات العربية، استقر الريال السعودي عند 13.28 جنيهًا للشراء و13.35 جنيهًا للبيع، وسجل الدرهم الإماراتي 13.59 جنيهًا للشراء و13.63 جنيهًا للبيع، بينما بلغ سعر الدينار الكويتي 161.96 جنيهًا للشراء و163.10 جنيهًا للبيع.
اقتصاد عربي
التحديثات الحية
الاتحاد الأوروبي يوافق على مساعدة مصر بـ4 مليارات يورو
وفي المقابل، شهدت السوق الموازية تراجعًا طفيفاً في سعر الدولار، حيث انخفض إلى متوسط 50.42 جنيهًا، مقابل متوسط أعلى تجاوز 51 جنيهًا الأسبوع الماضي، مع تفاوت بين 50.07 و50.67 جنيهًا حسب المناطق، وفق موقع "سعر الجنيه الحقيقي". أما الريال السعودي فبلغ متوسطه 13.34 جنيهًا، بينما تراوح سعر الدينار الكويتي بين 162.5 و164.5 جنيهًا، بمتوسط 163.7 جنيهًا.
ويأتي هذا التراجع النسبي وسط مؤشرات على مزيد من التدفقات الدولارية المحتملة مع زيارة صندوق النقد، وإجراءات حكومية جديدة لتعزيز الرقابة على السوق الموازية، ما دفع بعض المتعاملين إلى التخلي عن حيازة الدولار تحسبًا لموجة تصحيح محتملة.
وفي ظل تذبذب الأسواق العالمية والتقلبات في أسعار السلع والعملات، تبقى الاحتمالات مفتوحة خلال الفترة المقبلة، خاصة مع قرب اجتماع لجنة السياسات النقدية بالبنك المركزي، والذي قد يحمل تحركات على مستوى أسعار الفائدة، ما ينعكس بدوره على سعر الصرف المحلي وأسعار الذهب. وينصح المراقبون المستثمرين الأفراد بمواصلة متابعة المؤشرات المحلية والعالمية قبل اتخاذ قرارات البيع أو الشراء في أسواق الذهب والعملات.
(الدولار= 49.99 جنيها تقريبا)
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


العربي الجديد
منذ 2 ساعات
- العربي الجديد
انخفاض أسعار النفط بعد تهدئة المخاوف بشأن الإمدادات
انخفضت أسعار النفط بنحو واحد بالمائة اليوم الاثنين، بعد إحراز تقدم في المحادثات النووية بين الولايات المتحدة وإيران، ما قلل المخاوف من أن يؤدي النزاع إلى تقليص إمدادات المنتج الرئيسي في الشرق الأوسط. وتراجعت العقود الآجلة لخام برنت 70 سنتاً، أو 1.03%، إلى 67.26 دولارا للبرميل عند الساعة 00.30 بتوقيت غرينتش بعدما أغلقت على ارتفاع 3.2% يوم الخميس. وانخفض خام غرب تكساس الوسيط الأميركي 68 سنتاً، أو 1.05%، إلى 64 دولاراً للبرميل بعدما أغلق على ارتفاع 3.54% في الجلسة السابقة. وكان يوم الخميس هو آخر يوم للتسوية الأسبوع الماضي بسبب عطلة الجمعة العظيمة. وقال وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي في وقت سابق إن إيران والولايات المتحدة اتفقتا على البدء في وضع إطار عمل لاتفاق نووي محتمل، وذلك بعد محادثات وصفها مسؤول أميركي بأنها حققت "تقدما جيدا للغاية". يأتي التقدم في المناقشات النووية في أعقاب عقوبات إضافية فرضتها الولايات المتحدة الأسبوع الماضي شملت مصفاة النفط الصينية "تيبوت" بسبب تعاملها مع النفط الخام الإيراني، وهو ما زاد الضغط على طهران في خضم المحادثات. دفعت المخاوف بشأن نقص إمدادات النفط الإيراني والآمال في التوصل إلى اتفاق تجاري بين الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، كلا من خام برنت وخام غرب تكساس الوسيط إلى الارتفاع بنحو 5% الأسبوع الماضي، مسجلين أول مكسب أسبوعي لهما في ثلاثة أسابيع. وعلى نحو منفصل، تبادلت روسيا وأوكرانيا أمس الاتهامات بخرق وقف إطلاق النار ليوم واحد بمناسبة عيد القيامة، والذي أعلنه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، حيث اتهم كل طرف الآخر بشن مئات الهجمات، بينما نفى الكرملين صدور أمر بتمديد وقف إطلاق النار. أسواق التحديثات الحية الريال الإيراني يتعافى سريعاً جراء المفاوضات مع أميركا روسيا تخفض توقعات أسعار النفط في 2025 في السياق ذاته، خفضت وزارة الاقتصاد الروسية، اليوم الاثنين، توقعاتها لمتوسط سعر خام برنت لعام 2025 بنحو 17% عن توقعاتها في شهر سبتمبر /أيلول لما سيكون عليه السعر هذا العام. وتعتقد الوزارة، وفقا لوكالة إنترفاكس للأنباء، في السيناريو الأساسي للتوقعات الاقتصادية لعام 2025 أن يبلغ متوسط سعر خام برنت 68 دولارا تقريبا للبرميل، انخفاضا من 81.7 دولارا للبرميل عما افترضته في توقعاتها في سبتمبر/أيلول. وتتوقع الوزارة أن يبلغ سعر خام الأورال، وهو مزيج النفط الرئيسي في روسيا، 56 دولارا للبرميل مقابل 69.7 دولارا للبرميل الذي استندت إليه روسيا في ميزانيتها لعام 2025. ونقلت الوكالة عن ممثل للوزارة قوله "نعتقد أن هذا تقدير متحفظ إلى حد ما". ويحتل سعر نفط الأورال الخام أهمية بالغة في ميزانية الدولة، حيث تُشكل عائدات النفط والغاز ثلث إجمالي إيرادات الميزانية. ونبه البنك المركزي الروسي في وقت سابق من إبريل/نيسان من أن أسعار النفط قد تكون أقل من المتوقع لعدة سنوات نتيجة انخفاض الطلب العالمي. وانخفضت أسعار الأورال في أوائل إبريل إلى أدنى مستوياتها منذ عام 2023، لتتداول عند حوالي 53 دولاراً للبرميل، وجرى تداولها دون 60 دولاراً الأسبوع الماضي. وأكدت الوزارة أيضا أنها لا تتوقع مخاطر ركود كبيرة بسبب الحروب التجارية للرئيس الأميركي دونالد ترامب، وتتوقع نمواً اقتصادياً عالمياً هذا العام يزيد قليلا عن اثنين بالمائة. ونقلت وكالة إنترفاكس عن ممثل الوزارة قوله "لا يزال العالم أوسع من الولايات المتحدة، لذلك ستتم إعادة توجيه بعض التدفقات". وأبقت الوزارة على توقعاتها لنمو الناتج المحلي الإجمالي لروسيا عند 2.5%، ورفعت توقعاتها للتضخم إلى 7.6% من 4.5% سابقاً، وقالت أيضا إنها تتوقع أن يكون الروبل أقوى قليلا مما افترضته في وقت سابق، بمتوسط 94.3 روبلا مقابل الدولار هذا العام، في حين كانت التوقعات السابقة 96.5 روبلا. اقتصاد دولي التحديثات الحية ثُلث الشركات الأميركية تفقد حق إعادة شراء أصولها في روسيا ويتوقع غولدمان ساكس أن يسجل خام برنت 63 دولاراً للبرميل في المتوسط، في حين سيسجل خام غرب تكساس الوسيط 59 دولارا للبرميل على مدى بقية العام الحالي، مع توقع أن يسجل خام برنت 58 دولارا للبرميل وخام غرب تكساس الوسيط 55 دولاراً للبرميل في 2026. وخفض بنك يو.بي.إس توقعاته لسعر خام برنت 12 دولارا للبرميل ليصل إلى 68 دولاراً للبرميل. في الوقت نفسه، يتوقع البنك أن يتداول خام غرب تكساس الوسيط عند 64 دولارا للبرميل. وقررت أوبك التي تضم 12 دولة مصدرة للنفط بقيادة السعودية، وحلفاءها في تجمع أوبك+ بقيادة روسيا، زيادة الإنتاج تدريجياً اعتباراً من الشهر الحالي، بهدف استعادة مستويات الإنتاج التي كانت قائمة قبل أكثر من عامين. ومن المقرر أن يعقد تجمع أوبك+ اجتماعا في نهاية مايو/أيار المقبل لمناقشة مصير قرار زيادة الإنتاج تدريجياً في ضوء الصراع التجاري العالمي الناجم عن الرسوم الجمركية الأميركية الجديدة على مجموعة واسعة من الواردات. (رويترز، العربي الجديد)


العربي الجديد
منذ 2 ساعات
- العربي الجديد
تراجع أسعار النفط يضغط على موازنة العراق
يُحذّر مختصون بقطاع المال و الاقتصاد العراقي من خطورة تداعيات انخفاض أسعار النفط على الوضع المالي والاقتصادي للعراق خلال المرحلة المقبلة، ما سيدفع إلى زيادة نسبة العجز بشكل كبير، وخاصة أن بغداد اعتمدت موازنتي السنتين 2025 و2026 القادمتين عند سعر يراوح بين 70 و75 دولاراً للبرميل الواحد، فيما أكد مستشار حكومي لـ"العربي الجديد"، أن الوضع المالي والاقتصادي مستقر ومطمئن رغم تراجع أسعار الخام الأسود . والعراق، هو ثاني أكبر منتج للنفط في منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك)، بمتوسط إنتاج يبلغ 4.6 ملايين برميل يومياً في الظروف الطبيعية بعيداً عن اتفاقيات خفض الإنتاج. ويعتمد، بشكل كبير على عائدات النفط في تمويل الموازنة. ويشكل قطاع الهيدروكربونات الغالبية العظمى من عائدات التصدير ونحو 90% من إيرادات الدولة، حسب بيانات رسمية . ويجعل الاعتماد الكبير على النفط العراق عرضة لتقلبات أسعار الخام العالمية. ومع ذلك، رفع العراق ميزانيته في عامي 2023 و2024 . ويقول الخبير في الشأن النفطي والاقتصادي حيدر البطاط، لـ"العربي الجديد"، إنه "في ضوء التطورات الأخيرة بخصوص قرار تكتل دول "أوبك+" بزيادة إنتاج النفط خلال شهر يونيو/ حزيران، تبرز مخاوف حقيقية بشأن التداعيات السلبية على العراق، خصوصًا في ظل الانخفاض الملحوظ في أسعار النفط العالمية إلى ما دون 65 دولارًا للبرميل، ما يشكل تحديًا اقتصاديًا كبيرًا لبلد يعتمد بشكل شبه كامل على عائدات النفط لتمويل أكثر من 90% من موازنته العامة ". اقتصاد عربي التحديثات الحية هذه المخاطر توقعتها "موديز" على الاقتصاد العراقي بسبب الحرب في غزة وأضاف البطاط أن "استمرار تراجع الأسعار، مقرونًا بالتزامات العراق في إطار اتفاق أوبك+، قد يُفضي إلى اتساع فجوة العجز في الموازنة العامة، الأمر الذي سينعكس على قدرة الحكومة في الإيفاء بالتزاماتها المالية، سواء في ما يتعلق بتأمين الرواتب أو تمويل المشاريع الخدمية والاستثمارية الحيوية، كذلك فإن هذا الضغط سيتضاعف على الاحتياطي النقدي للبنك المركزي العراقي، الذي يمثل أحد آخر خطوط الدفاع أمام أي صدمة مالية طارئة ". وأكد أن "هذه التطورات تؤكد الحاجة الملحّة إلى مراجعة عاجلة للسياسات الاقتصادية، وإعادة ترتيب الأولويات المالية، إلى جانب ضرورة التنويع الحقيقي لمصادر الدخل وتقليل الاعتماد المفرط على الصادرات النفطية، بما يضمن استقرار الدولة المالي والسيادي في مواجهة تقلبات الأسواق الدولية ". من جهته، قال أستاذ الاقتصاد الدولي نوار السعدي، لـ"العربي الجديد"، إن "التحذيرات المتكررة بشأن شبح انخفاض أسعار النفط لم تعد مجرد تكهنات اقتصادية بل تحولت إلى واقع مقلق يهدد استقرار الاقتصاد العراقي خلال عام 2025، فمع ظهور مؤشرات قوية إلى نية المملكة العربية السعودية تجاوزت التزاماتها السابقة ضمن اتفاق أوبك+ وزادت الإنتاج النفطي بشكل أحادي، فإن ذلك يعكس تحولاً في السياسة النفطية الإقليمية قد يؤدي إلى وفرة في المعروض مقابل تراجع أو ركود في الطلب العالمي، وهو ما بدأ فعليًا بدفع أسعار النفط إلى مستويات دون 60 دولارًا للبرميل في بعض الأحيان، وهو أدنى من السعر المعتمد في الموازنة العراقية الحالية ". وبين السعدي أن "هذا الانخفاض ليس مجرد تذبذب موسمي في الأسواق العالمية، بل تطور استراتيجي يعكس تآكلاً في الانضباط داخل أوبك+، لا سيما مع تراكم الخلافات حول الالتزام بحصص الإنتاج وخصوصًا من قبل بعض الدول كالعراق نفسه، وما يزيد من خطورة الموقف أن العراق، بخلاف دول نفطية أخرى تمتلك صناديق سيادية قوية أو مصادر دخل متنوعة، يعتمد بشكل شبه كامل على الإيرادات النفطية التي تمثل أكثر من 90% من إجمالي إيراداته العامة، وبالتالي فإن أي انخفاض في الأسعار يترجم مباشرة إلى أزمة سيولة حادة في الخزينة العامة ". وحذر من أن "تداعيات هذا الانخفاض على الاقتصاد العراقي ستكون بلا شك خطيرة، لا سيما إذا استمر مستوى الأسعار دون سقف 65 دولارًا لفترة طويلة، فنحن نتحدث هنا عن موازنة بنيت على سعر نفطي افتراضي يراوح بين 70 و75 دولارًا، مع وجود عجز مالي يتجاوز 48 مليار دولار، في ظل هذا الوضع ستضطر الحكومة إلى اتباع سياسة تقشفية، أولى بوادرها ستكون تقليص الإنفاق الاستثماري وربما الاكتفاء بتأمين الرواتب والنفقات التشغيلية الأساسية، وهو ما سيؤثر سلبًا على مشاريع البنية التحتية والخدمات العامة ويُفاقم البطالة والركود ". اقتصاد عربي التحديثات الحية نزيف الاقتصاد العراقي يتواصل: التوترات تخنق الأسواق وعلى المستوى الرسمي قال مستشار رئيس الوزراء العراقي المالي والاقتصادي مظهر محمد صالح، لـ"العربي الجديد"، إن "العراق باع نفطه حتى نهاية الربع الأول من العام 2025 بمعدل 75 دولارا للبرميل، وهو أعلى من السعر المحدد في قانون الموازنة العامة البالغ 70 دولارا، والمفارقة الكبيرة أن "أوبك+" رفعت قيودها على إنتاج الدول الأعضاء أخيرا تحت ضغط مؤشر انخفاض المخزونات النفطية العالمية، ولكن اصطدم ذلك الرفع مع الحرب التجارية الأميركية الصينية (التعرفات الجمركية)، ما ولّد ملامح ركود في الاقتصاد العالمي، فمن المعلوم أن هبوطا في النمو الاقتصادي مقداره 1% يؤدي إلى هبوط في الطلب على النفط الخام بمقدار نصف الواحد بالمئة والعكس صحيح أيضاً، وهو الأمر الذي ولّد مظاهر دورة أصول نفطية باتجاه الهبوط ". وبيّن صالح أن "الموازنة العامة العراقية لبقية العام 2025 ستعمل بمبدأ ما يسمى (بالحيز المالي)، والذي يقوم على مرونة قوامها ضبط النفقات العامة مع منح الأولويات في الصرف للرواتب والأجور الحكومية والمعاشات التقاعدية والرعاية الاجتماعية التي تمس حياة ثمانية ملايين عراقي، وكذلك الحرص في الصرف على مشاريع خدمات البنية التحتية دون توقف لارتباطها بالمنهاج الحكومي التنموي والإصلاحي، إذ تتحوط الموازنة بحد أقصى افتراضي من الاقتراض لسد احتياجات فجوة العجز لغاية 64 ترليون دينار من سقف علوي يقدر بـ200 ترليون دينار، وتمارس المالية العامة الاقتراض للتمويل عند الحاجة ".


العربي الجديد
منذ 2 ساعات
- العربي الجديد
انقلاب اقتصادي على "بريكست"... اتفاق يعيد رسم العلاقة بين بريطانيا والاتحاد الأوروبي
اضطرت حكومة رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر إلى تقديم بعض التنازلات السياسية المحفوفة بالمخاطر في الاتفاق التجاري الذي أبرمته أخيراً مع الاتحاد الأوروبي، ما يعكس تراجع مكانة البلاد بعد "بريكست" (اتفاقية خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي عام 2020) وارتباك حساباتها في ظل تجاذبات وتقلبات عالمية لم تكن في الحسبان لدى خروج المملكة المتحدة من الكتلة الأوروبية، ما يجعل الاتفاق الذي يشمل مجموعة واسعة من القضايا من بينها التجارة والدفاع والطاقة والهجرة، بمثابة خطوة لإعادة ضبط العلاقات ويمهد لمفاوضات أطول تُقرّب الجانبين مع مرور الوقت. الاتفاق الجديد، الذي جاء ثمرة ستة أشهر من المفاوضات منذ تولي ستارمر رئاسة الحكومة البريطانية في يوليو/تموز الماضي، يهدف وفق لندن وبروكسل إلى تقليل الاحتكاك الاقتصادي وتعزيز التعاون السياسي والأمني بين الطرفين، وذلك بعد مرور خمس سنوات على خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، حيث وصفه رئيس الوزراء البريطاني، يوم الاثنين الماضي، بأنه "بداية حقبة جديدة" في العلاقات بين الجانبين، فيما اعتبرت أورسولا فون ديرلاين، رئيسة المفوضية الأوروبية، أنه يطوي صفحة الخلافات التي أعقبت بريكست. الدفاع والأمن الأكثر أهمية تُعدّ اتفاقية الدفاع والأمن الأكثر أهمية، بالنظر إلى خلفية حرب روسيا في أوكرانيا ومطالبة الرئيس الأميركي دونالد ترامب أوروبا بزيادة إنفاقها الدفاعي. إذ ستشارك بريطانيا في صندوق الدفاع المُخطط له من الاتحاد الأوروبي والبالغ 150 مليار يورو (169 مليار دولار). وأقر الجانبان بأنّ إعادة بناء الدفاع الأوروبي دون مشاركة بريطانية لن تكون فكرة سديدة. وفيما يتعلق بالاحتكاكات التجارية، كان الاتفاق الأهم هو مواءمة معظم معايير الغذاء. إذ سيُسهّل ذلك تجارة المنتجات الغذائية والسمكية. كما سيُقلّل من عمليات التفتيش الحدودية بين بريطانيا وأيرلندا الشمالية، والتي كانت مُرتبطة بالفعل بمعايير الاتحاد الأوروبي. كذلك وافقت بريطانيا على تمديد اتفاقية مصايد الأسماك الحالية لمدة 12 عاماً أخرى، حتى عام 2038. ويتعيّن على الجانبين ربط آليات تعديل انبعاثات الكربون والعمل على إنشاء سوق كهرباء مُشتركة. أما المُكوّن الثالث من الاتفاق فهو اتفاقية تنقل الشباب التي أُعيدت تسميتها الآن بـ"تجربة الشباب"، والتي ستُسهّل على الأشخاص الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و30 عاماً بالتنقل بين المملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي لفترات مؤقتة بغرض العمل أو الدراسة أو التطوع أو حتى العمل كسائق سيارة أجرة أو في أي مهن بسيطة لا تتطلب مهارات عالية. كما اتفق الطرفان على إطلاق محادثات لإحياء برنامج إيراسموس للتبادل الطلابي، الذي كانت بريطانيا قد انسحبت منه عقب "بريكست". وفي لفتة رمزية لإرضاء السياح، سيُسمح للبريطانيين باستخدام البوابات الإلكترونية الحدودية في معظم مطارات الاتحاد الأوروبي، مما يُقلل من الطوابير المزعجة عند نقاط تفتيش الجوازات. اقتصاد دولي التحديثات الحية الاتفاق التجاري الأميركي مع بريطانيا يكشف أسلوب ترامب في التفاوض وتعهّد الجانبان بالتعاون في وضع حلول لمعالجة قضايا الهجرة غير النظامية، بما يشمل ترتيبات إعادة المهاجرين، والتنسيق حول قنوات الهجرة القانونية، وتبادل المعلومات بشأن إساءة استخدام التأشيرات من قبل مواطني دول ثالثة. تسليم مياه الصيد البريطانية للفرنسيين وسارع منتقدو الاتفاقية، ولا سيما من جانب حزب المحافظين المعارض، إلى توجيه انتقادات حادة إلى حكومة ستارمر. وكان أكثر ما أثار استياء هؤلاء اتفاقية مصايد الأسماك، مشيرين إلى أنها تعني تسليم مياه الصيد البريطانية للفرنسيين وغيرهم من الصيادين لعقد آخر. كما كانت هناك شكاوى من اختيار بريطانيا التوافق مع قواعد الاتحاد الأوروبي في حين أنها لا تملك رأياً في كيفية صياغتها، مما يُخضعها بالتالي لاختصاص محكمة العدل الأوروبية. كذلك تعرضت اتفاقية تجربة الشباب، للهجوم باعتبارها تُنذر بمزيد من الهجرة. وتعهد المحافظون بإلغاء كل هذه التغييرات إذا عادوا إلى السلطة. وانتقد رئيس الوزراء المحافظ الأسبق، بوريس جونسون، الذي استخدم لأول مرة عبارة "الحصول على كعكتك وأكلها" في عام 2020 للترويج لاتفاقية خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي الخاصة به، النسخة المحدثة لستارمر، ووصفها بأنها "منحازة بشكل ميؤوس منه". لكن ستارمر أصر على أن الصيادين البريطانيين مستفيدون لأن تخفيض الحواجز أمام صادرات الأغذية يسمح لهم بشحن المزيد من المأكولات البحرية إلى أوروبا. وأشار إلى أن بريطانيا تقوم بالضبط بنوع الصفقات الانتهازية التي تصورها مؤيدو خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي ذات يوم. وقال في مؤتمر صحافي، بحضور أورسولا فون ديرلاين، رئيسة المفوضية الأوروبية، وأنطونيو كوستا، رئيس المجلس الأوروبي، يوم الاثنين الماضي: "عادت بريطانيا إلى الساحة العالمية، تعمل مع شركائنا، وتُبرم صفقات من شأنها أن تُنمّي اقتصادنا، وتُضخّ المزيد من الأموال في جيوب الطبقة العاملة". وأضافت فون ديرلاين: "هذه بداية جديدة للأصدقاء القدامى". ووسط انتقادات المعارضة وتبريرات الحكومة، يبدى محللون ملاحظات على الاتفاقات. وبشأن السماح للبريطانيين باستخدام البوابات الإلكترونية الحدودية في معظم مطارات الاتحاد الأوروبي، يقول ديفيد هينينغ، مدير مشروع سياسة التجارة في المملكة المتحدة، المركز الأوروبي للاقتصاد السياسي الدولي (ECIPE)، لـ"العربي الجديد": "لست متأكداً مما إذا كان استخدام البوابات الإلكترونية سيعزّز حسن النية تجاه التنقل، نظراً لحساسية كل من المملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي تجاه الهجرة". كما يمنح الاتفاق بريطانيا وصولاً محسّناً إلى أسواق الاتحاد الأوروبي في قطاعي الأغذية والطاقة، مقابل التزامها بمحاكاة المعايير الأوروبية ذات الصلة، وهو بند أثار بعض الانتقادات المحلية. وفي المقابل، ستُمنح الشركات البريطانية حماية من ضرائب الكربون الأوروبية المرتقبة، وهو ما يوفر نحو 800 مليون جنيه إسترليني (1.07 مليار دولار) من الأعباء المحتملة. اقتصاد دولي التحديثات الحية رسوم جمركية مرتفعة على الصادرات البريطانية إلى الولايات المتحدة ويقول البروفيسور أناند مينون، مدير مركز المملكة المتحدة في أوروبا المتغيرة، وهو مركز أبحاث مستقل مقره لندن يقدّم تحليلات قائمة على الأدلة بشأن علاقة بريطانيا بأوروبا بعد "بريكست" إنّ الحكومة البريطانية تروّج للاتفاق الجديد مع الاتحاد الأوروبي باعتباره إضافة محتملة بقيمة 9 مليارات جنيه إسترليني إلى الاقتصاد الوطني، مشيراً إلى أنه يُسهم أيضاً في خفض أسعار المواد الغذائية من خلال إزالة القيود المفروضة على صادرات الأغذية. غير أن مينون يلفت في حديثه إلى "العربي الجديد" إلى أنّ هذه الفوائد تنبع من جانب واحد فقط في الاتفاق، والمتمثل في التجارة الزراعية، ويضيف: "نتحدث هنا فقط عن تجارة الأغذية، وليس عن اتفاق شامل". تنازل عن السيادة التنظيمية وفي معرض رده على سؤال حول ما تعكسه هذه الصفقة من توجه طويل الأمد للمملكة المتحدة في ما يتعلق بالاستقلال التنظيمي، بخاصة مع الالتزام بالتوافق الديناميكي مع معايير الاتحاد الأوروبي، يشير مينون إلى أن الاتفاق يمثل تنازلاً واضحاً عن السيادة التنظيمية. ويقول: "نعم، هناك تضحية بالاستقلال التنظيمي. فبمجرد التزامنا بالتوافق الديناميكي، فإننا لا نكتفي بمجاراة القواعد الحالية للاتحاد الأوروبي، بل نلتزم بمواكبتها وتحديثها مع تغيرها في المستقبل. لذا، من غير الدقيق القول إننا نحافظ على حريتنا التنظيمية الكاملة". وفي ما يتعلق بحقوق الصيد، أبقيَ على الاتفاق الموقع عام 2020 لمدة 12 عاماً إضافية حتى عام 2038، وهو ما أثار انتقادات من حزب المحافظين وحزب "ريفورم يو كيه"، اللذين وصفاه بـ"التفريط في السيادة". وستواصل سفن الصيد الأوروبية العمل في المياه البريطانية وفق تراخيص سنوية، دون زيادات في الحصص المسموح بها. في مواجهة الانتقادات المتصاعدة، أعلنت الحكومة البريطانية عن حزمة استثمارية بقيمة 360 مليون جنيه إسترليني لدعم قطاع الصيد. وتتضمن هذه الخطة تحديث الأسطول البحري، وتدريب العاملين في القطاع، وتقديم الدعم للمجتمعات الساحلية، وتعزيز صادرات المأكولات البحرية، وذلك في محاولة لاحتواء تداعيات خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي على هذه الصناعة الحيوية. بالعودة إلى هينينغ، وهو أحد أبرز الخبراء البريطانيين في مجال السياسات التجارية، فإنّه يرى أنّ الاتفاقية الحالية لا تمثل مكسباً حقيقياً لبريطانيا، ويقول لـ"العربي الجديد": "لم يكن هناك أي أمل حقيقي في تغيير نظام الحصص في ما يتعلق بمصايد الأسماك، لكنّ هذا يُعدّ انتصاراً رمزياً للاتحاد الأوروبي وخسارة للمملكة المتحدة، ويُذكّر بنقطة القوة في هذه العلاقة". ويضيف: "من المفترض أن تكون ترتيبات الغذاء دائمة، لكنّ التفاوض عليها وتنفيذها يستغرقان بضع سنوات". وتشير تقارير إلى أنّ حكومة ستارمر اضطرت إلى تقديم بعض التنازلات السياسية المُحفوفة بالمخاطر، والتي تعكس الواقع المقلق لبريطانيا حيث اقتصادها متوسط الحجم يعمل في عالم يضم ثلاث كتل تجارية عملاقة هي الولايات المتحدة، والاتحاد الأوروبي، والصين. ومما يزيد من التحدي أنّ إحدى هذه الكتل العملاقة، الولايات المتحدة، تخلصت من قواعد التجارة العالمية، وفق تقرير لصحيفة نيويورك تايمز. وهذا ليس العالم الذي تخيله دعاة خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي عندما طالبوا قبل عقد من الزمن بمغادرة بريطانيا للسوق الموحدة. وقالوا إن بريطانيا، المتحررة من بيروقراطية ولوائح بروكسل، ستكون قادرة على إبرام صفقات مواتية، بما في ذلك مع الولايات المتحدة. وفي ولايته الأولى (2017 ـ 2021)، أشاد ترامب بمشروع خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، وطرح احتمال إبرام صفقة تجارية مكافأةً.