logo
كيف تسببت رموز "إن إف تي" في صعود شركة "أوبن سي" واندثارها؟

كيف تسببت رموز "إن إف تي" في صعود شركة "أوبن سي" واندثارها؟

الجزيرة١٤-٠٢-٢٠٢٥

في عام 2022 بلغت قيمة التداول على رموز "إن إف تي" (NFT) أكثر من 6 مليارات دولار، ولكنها الآن انخفضت إلى أقل من 430 مليون دولار، لتكون بذلك أولى رايات الغرق لأحد قطاعات العملات الرقمية التي بزغت فجأة وصعدت إلى القمة قبل أن تهوي إلى القاع مجددًا.
في وقت ما، كانت رموز "إن إف تي" هي كل ما يفكر فيه البشر من مختلف بقاع العالم، فالجميع يرغب في الحصول على الرموز النادرة والمميزة طمعًا في الثراء السريع وتخزين الرموز. وعلى غير العادة قامت كثير من الشركات العالمية وكبار المستثمرين في أنحاء العالم بالاستثمار في هذا القطاع وضخّ أموالهم فيه، وذلك تضمن علامات فارهة مثل "غوتشي" (Gucci) التي أطلقت مجموعة خاصة بها، فضلًا عن "لويس فيتون" (Louis Vuitton) وعدد كبير من المشاهير مثل سنوب دوغ وباريس هيلتون ولوغان بول وإيمينيم وغيرهم.
ورغم أن التقلب هو سمة عالم العملات الرقمية وكل ما يرتبط به، فإن شركة "أوبن سي" (OpenSea) التي كانت أهم متجر لبيع الرموز غير القابلة للاسترداد لم تتمكن من التعافي من هذا التقلب، وبدأت في رحلة من التدهور تهدد وجودها ذاته، فكيف حدث ذلك؟
السير وراء الصيحة
في عام 2017، تعاون ديفين فينزر مع أليكس عطا الله من أجل تطوير منصة جديدة تقدم فكرة ثورية في عالم الإنترنت، وهي منصة تتيح للمستخدمين مشاركة اتصال الإنترنت اللاسلكي الخاص بهم "واي فاي" مع الغرباء مقابل عملات رقمية، ورغم غرابة الفكرة فإن حاضنة الأفكار "واي" (Y Combinator) التي أطلقت شركات تقنية ناجحة للغاية مثل "آير بي إن بي" آمنت بها بشكل كامل لتتبنّى الفكرة وتضمها إلى مشروعاتها عام 2018.
تزامن هذا الأمر مع بزوغ صيحة "إن إف تي" أو الرموز غير القابلة للاسترداد، وهي رموز لا يمكن أن تكون موجودة إلا مرة واحدة فقط، لذا تعود ملكيتها إلى شخص واحد فقط، مثل اللوحات الأصلية لكبار الفنانين. وبسبب طبيعة العملات الرقمية وعدم وجود جهة رئيسية تتحكم بها، فإن هذه الرموز كانت تضم صورًا ومقاطع فيديو غريبة ومختلفة مثل القطط الطائرة أو القردة الأشبه بالبشر.
لاحظ فينزر وعطا الله التحول والترقب المحيط بهذه الرموز، لذا قرروا بشكل مفاجئ بعد انتهاء فترة الحاضنة أن يتحول مشروعهم "أوبن سي" ليصبح متجرًا لرموز "إن إف تي" يحصل على نسبة من مبيعات كل رمز منها. ورغم أن بعض العاملين معهم على الفكرة الأولى آمنوا بها وبنجاحها، فإن المؤسسين اختاروا التخلي عنها تمامًا، وفي الوقت ذاته أعلن فينز أن شركتهم قد حصلت على تمويل قدره 2 مليون دولار من بعض المستثمرين الكبار مثل "صندوق مؤسسي بيتر ثيل" (Peter Thiel's Founders Fund) مما عزز ثقتهم بالمشروع وبأنفسهم.
لحظة الاندفاع نحو النجاح
في البدء، لم يكن المتجر ناجحًا نجاحا كاملا، إذ ضم بعض العمليات البسيطة عليه التي لا تتجاوز ألف عملية يوميا فضلًا عن حجم أضعف من المستخدمين، وهو ما جعلهم يبدؤون الشركة بأقل من 10 موظفين.
ولكن في عام 2021، تغير الأمر تمامًا عندما تمكن مايك وينكلمان من بيع رمز "إن إف تي" مقابل 69 مليون دولار لتقفز قيمة التعاملات داخل المنصة لأكثر من 3 أضعاف الشهور الماضية وهو الأمر الذي جعل المستثمرين يركضون لضخ الأموال بها والمشاركة في هذا النجاح، لذا تمكنت الشركة من جمع 23 مليون دولار بعد تقييم الشركة بأكثر من 120 مليون دولار تقريبًا، ثم بدأ التوسع الحقيقي للشركة.
ومع نهاية الربع الثالث من عام 2021، قفزت أرباح الشركة من 9 ملايين دولار في مطلع العام إلى 186 مليون دولار، وقبل نهاية العام تمكنت الشركة من جمع 100 مليون أخرى بعد أن أصبح تقييمها 1.5 مليار دولار، ومع هذا النجاح العملاق بدأت المشاكل في الظهور.
سيل من المشاكل
بدأت هذه المشاكل في عام 2023، عندما اكتشفت الشركة أن نيت تشاستاين رئيس قسم المنتجات في الشركة الناشئة كان يسرب المعلومات ويتاجر في الرموز عبر ترويج الرموز التي يملكها هو وأصدقاؤه في الصفحة الرئيسية للموقع ليحصل على مزيد من الأرباح.
بالطبع أقالته الشركة ثم حكم عليه بالسجن 3 أعوام في حادثة هي الأولى من نوعها، ولكن هذه المشكلة لم تكن الوحيدة أمام "أوبن سي"، إذ بدأ الموقع يواجه العديد من المشاكل ويخرج عن العمل بشكل مستمر فضلًا عن وجود العديد من الرموز العشوائية التي لا قيمة لها أو الرموز الاحتيالية بشكل واضح إلى جانب الرموز المسروقة.
ومن أجل التكيف مع هذا النمو المفاجئ وتزايد المشاكل، قامت الشركة بتعيين العديد من الخبرات الواسعة من الشركات التقنية الكبيرة مثل "أمازون" و"غوغل" و"ميتا"، وبينما كان هؤلاء الخيار الأفضل لإدارة الشركة فإن الموظفين لم يكونوا سعداء بذلك وفق ما تحدث به بعضهم مع موقع "ذا فيرج" (The Verge)، ليصل إجمالي عدد الموظفين في الشركة بعد بضعة شهور إلى 300 موظف قبل أن يتم خفضهم مجددًا في وقت قياسي.
وفي عام 2022، قفزت أرباح الشركة إلى 265 مليون دولار في الربع الأول من العام، لتتمكن الشركة من خوض جولة تمويل رابعة بقيمة 300 مليون دولار على اعتبار أن قيمتها السوقية 13.3 مليار دولار، لتبدأ بذلك في مناطحة الشركات التقنية العملاقة ولتبدأ المزايدات على أسهم الشركة، إذ شهدت هذه الفترة انضمام العديد من المستثمرين البعيدين عن المجال التقني مثل الممثل أشتون كوتشر ولاعب كرة السلة كيفن دورانت الشهير.
بالطبع، كان هذا الوقت المثالي لبيع بعض أسهم المؤسسين فينزر وعطا الله إلى جانب بعض الموظفين القدامى في الشركة، ليحصل هؤلاء على جزء كبير من قيمة أموالهم التي تمثلت في أسهم الشركة وسعرها.
انحسار صيحة "إن إف تي"
وفي منتصف عام 2022 بعد أن وضعت الشركة قدمها على أول طريق النجاح الباهر، انخفض سوق الرموز غير القابلة للاسترداد ليصل إلى مليار دولار بعد أن كان يتخطى 6 مليارات دولار، فانخفضت بذلك أرباح الشركة لتصل إلى 171 مليون دولار.
ولأن الشركة كانت تدعم العملات الرقمية، فقد وضعت جزءًا كبيرًا من مخزونها النقدي في عملة "إيثر" التي كانت في ذلك الوقت الأشهر والأكثر استقرارًا، وفي حدود عام 2021 انخفضت قيمة العملة بأكثر من 80% لتبلغ خسائر "أوبن سي" أكثر من 170 مليون دولار، وبعد بضعة أشهر قامت الشركة بتسريح 20% من إجمالي الموظفين بها مع تخوفات المستثمرين والمؤسسين حول مستقبل هذه الشركة.
تزامنًا مع هذه التحديات التي ظهرت في الشركة، قرر عطا الله التنحي عن منصبه ليبدأ في مشروع جديد تابع له رغم كونه في مجلس إدارة الشركة. ولاحقًا كشف عطا الله عن صراع بدأ بينه وبين فينزر حول مستقبل الشركة، ومع غياب عطا الله ظل فينزر يدير الشركة التي هوت مبيعاتها إلى 32 مليون دولار فقط، لتمثل خسارة تصل إلى 90% من قيمة أرباحها في الربع الأول من العام ذاته فضلًا عن اختفاء 27 مليون دولار من حسابات الشركة.
ظهور منافس جديد
كان يبدو أن متاعب "أوبن سي" لن تنتهي عند انحسار قيمة السوق، فقد ظهر في الوقت ذاته منافس آخر يدعى "بلور" (Blur)، مع نموذج عمل مختلف عن سابقه، إذ كان يشجع المتاجرين في الرموز عبر خفض الحصص والنسبة التي تحصل عليها المنصة منهم، وهذا جعل المنصة الجديدة أكثر رواجًا من "أوبن سي".
وفي فبراير/شباط 2023، كانت قيمة "بلور" تتخطى 3 أضعاف "أوبن سي" مع حجم تعاملات أكبر، وهو ما ساهم في خفض أرباح الشركة أكثر لتصل إلى 23 مليون دولار في الربع الرابع من عام 2022 و19 مليون دولار في الربع الأول عام 2023.
تحاول الشركة في الوقت الحالي لمّ شتاتها والعودة إلى ما كانت عليه، وذلك عبر مبادرة أطلقت عليها "أوبن سي 2.0″، ولكن مع وجود العديد من التحقيقات من الهيئات الفدرالية فضلًا عن مشاكل بيئة العمل الشائعة عن الشركة، فإن الأمر لا يبدو مبشرًا بالخير، وقد تنتهي الشركة بشكل غير متوقع.

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

‫ «قطر للمال» يشارك في استضافة ملتقى سيتي واير الشرق الأوسط
‫ «قطر للمال» يشارك في استضافة ملتقى سيتي واير الشرق الأوسط

العرب القطرية

timeمنذ يوم واحد

  • العرب القطرية

‫ «قطر للمال» يشارك في استضافة ملتقى سيتي واير الشرق الأوسط

الدوحة - العرب ساهم مركز قطر للمال باستضافة ملتقى سيتي واير الشرق الأوسط 2025، الذي نُظم بالتعاون مع منصة سيتي واير المتخصصة بتغطيتها الشاملة لقطاع إدارة الثروات حول العالم من خلال مقرها في لندن. وقد جمع هذا الحدث البارز، نخبةً من خبراء الاستثمار وقادة القطاع، مما يعزز مكانة الدوحة كمركز متنامي لاستقطاب الاستثمار والثروات. وشكل هذا الملتقى، الذي عُقد لأول مرة في الدوحة، واستمر ليومين، فرصة استثنائية جمعت بين 12 من أبرز مدراء الأصول وأكثر من 70 مستثمرًا محليًا وإقليميًا، أجروا خلالها مناقشات عميقة ومكثفة حول المشهد الاستثماري المتنامي في المنطقة. كما شاركوا في ورش عمل واجتماعات مصغرة ضمّت خبراء اختيار الصناديق الاستثمارية، ورؤساء الاستثمارات الدولية، والمستشارون، والمدراء التنفيذيين لعدد من المؤسسات المرموقة، الى جانب مدراء الأصول الذين يمثلون إجمالي أصول مُدارة تقدر بنحو 11 تريليون دولار أمريكي. وبهذه المناسبة، صرّح السيد يوسف محمد الجيدة، الرئيس التنفيذي لمركز قطر للمال، قائلاً: «تعزز منطقة الشرق الأوسط مكانتها كمركز استراتيجي في النظام المالي العالمي. وبفضل تركيزها على التنويع الاقتصادي، وتطوير البنية التحتية، وتعزيز الانفتاح والتعاون الدولي، تتمتع المنطقة بمكانة متميزة لقيادة مستقبل الابتكار والنمو المالي.» وأضاف: «تلعب الفعاليات المؤثرة مثل ملتقى سيتي واير للشرق الأوسط دورًا محوريًا في ترسيخ هذا الواقع، من خلال تفعيل الحوار، وتبادل الخبرات، ودعم مستقبل الاستثمار». وتعليقًا على الملتقى، قال السيد نيك كولارد، الرئيس التنفيذي لشركة سيتي واير: «سعدنا باستضافة ملتقى سيتي واير الشرق الأوسط لأول مرة في الدوحة، وبالشراكة مع مركز قطر المالي بصفته الراعي الرئيسي لهذه الفعالية. يُعد مؤتمرًا استثماريًا رائدًا، انطلق لأول مرة عام ٢٠١٨، وجمع هذا العام اثني عشر من مدراء الأصول العالميين مع أكثر من ٧٠ خبيرًا متخصصًا في تقييم واختيار الصناديق الاستثمارية من جميع أنحاء دول مجلس التعاون الخليجي. تأسس مركز قطر للمال لينشط داخل الدولة ويقع تحديداً في مدينة الدوحة حيث يوفر منصة أعمالٍ متميزة للشركات الراغبة في التأسيس ومزاولة أنشطتها في قطر أو المنطقة بوجهٍ عام. كما يتمتع مركز قطر للمال بإطار قانوني وتنظيمي خاص ونظام ضريبي وبيئة أعمال راسخة تجيز الملكية الأجنبية بنسبة تصل إلى 100% وترحيل الأرباح بنسبة 100% وضريبة على الشركات بمعدل تنافسي بنسبة 10% على الأرباح من مصادر محلية. ويرحب مركز قطر للمال بجميع الشركات المالية وغير المالية سواء كانت قطرية أو دولية.

تأثير محادثات إيران وأميركا على استقرار أسعار النفط
تأثير محادثات إيران وأميركا على استقرار أسعار النفط

أخبار قطر

timeمنذ يوم واحد

  • أخبار قطر

تأثير محادثات إيران وأميركا على استقرار أسعار النفط

فشلت أسعار النفط في تحقيق أي تغيير يذكر يوم الخميس، حيث أبقى المستثمرون على حالة من الحذر، مركزين على المحادثات النووية بين إيران والولايات المتحدة. على الرغم من الزيادات المفاجئة في مخزونات النفط الخام والوقود الأميركية التي أثارت مخاوف بشأن الطلب من أكبر مستهلك للنفط في العالم. تسببت الزيادات الغير متوقعة في مخزونات النفط الخام والوقود الأميركية في إثارة المخاوف بين المستثمرين. وارتفعت العقود الآجلة لخام برنت بمقدار 4 سنتات لتصل إلى 64.95 دولار للبرميل، بينما ارتفع خام غرب تكساس الوسيط الأميركي بمقدار 10 سنتات ليصل إلى 61.67 دولار. تراجعت مخزونات النفط الخام بمقدار 1.3 مليون برميل لتصل إلى 443.2 مليون برميل في الأسبوع المنتهي في 16 مايو (أيار)، وفقاً لإدارة معلومات الطاقة الأميركية. كان المحللون يتوقعون انخفاضاً قدره 1.3 مليون برميل. لم يتضح بعد كيف ستتأثر الأسواق العالمية بتلك الزيادات المفاجئة في المخزونات. إيران هي ثالث أكبر منتج للنفط بين أعضاء منظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك)، وقد تؤدي أي هجوم إسرائيلي إلى اضطراب في إمدادات النفط من إيران. لا يزال المتداولون حذرين ومتجنبين المراكز الكبيرة في ظل تقييمهم للإشارات المتضاربة بشأن المحادثات النووية وتقارير الاستخبارات الأمنية. في الوقت نفسه، أشارت أوكرانيا إلى نية فرض عقوبات أشد على روسيا، مما قد يؤثر على تدفق النفط الروسي إلى الأسواق العالمية. قد تكون هذه التطورات الأخيرة سبباً في تباطؤ الاقتصاد العالمي، مما قد يؤدي إلى عواقب غير متوقعة. قد تكون هناك حاجة إلى متابعة عن كثب لتطورات السوق العالمية والتأثيرات المحتملة على أسعار النفط في الأسابيع القادمة.

قطر تكتب معادلة الاقتصاد العالمي الجديد
قطر تكتب معادلة الاقتصاد العالمي الجديد

جريدة الوطن

timeمنذ 2 أيام

  • جريدة الوطن

قطر تكتب معادلة الاقتصاد العالمي الجديد

تحت الرعاية الكريمة لحضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، أمير البلاد المفدى، انطلقت النسخة الخامسة من منتدى قطر الاقتصادي، الذي حمل هذا العام شعارًا محوريًا يعكس تغير موازين القوى الاقتصادية: «الطريق إلى 2030: تحوّل الاقتصاد العالمي.» شعارٌ يعكس التوجه الاستراتيجي لدولة لم تعد تكتفي بلعب دور الحاضن للمؤتمرات، بل تتجه نحو صياغة مضامينها، وتوجيه نتائجها. ورعاية سمو الأمير لهذا المنتدى ليست مجرد تكريم شكلي، بل هي امتداد لرؤية متكاملة ترى أن تمكين الاقتصاد الوطني يبدأ من الحضور الدولي المؤثر. منذ انطلاق رؤية قطر الوطنية 2030، عززت الدولة موقعها ضمن قائمة الدول الأكثر مرونةً واستباقًا في التعامل مع التحولات الاقتصادية، بدليل تصنيفها ضمن أعلى 25 اقتصادًا تنافسيًا عالميًا وَفق تقرير المنتدى الاقتصادي العالمي لعام 2024. وجاءت كلمة معالي الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، رئيس مجلس الوزراء ووزير الخارجية، لتؤكد أن قطر لا تنتظر التحولات بل تصنعها. معاليه قدّم خريطة طريق اقتصادية تقوم على خمسة أعمدة وهي رفع مساهمة القطاعات غير النفطية إلى 60 % من الناتج المحلي بحلول 2030. وتعزيز تمويل الاقتصاد الأخضر عبر أدوات كالتمويل المستدام والصكوك الخضراء، وهي التي بدأت قطر في تطبيقها عبر أول إطار تمويلي سيادي أخضر في المنطقة. وتطوير بيئة تشريعية جذابة للاستثمار، حيث ارتفع عدد الشركات الأجنبية الجديدة المسجلة بنسبة 33 % في عام 2024 مقارنة بالعام الذي سبقه. ودعم المشروعات الصغيرة والمتوسطة محليًا، والتي تمثل اليوم أكثر من 96 % من إجمالي الشركات المسجلة. وما يُحسب لقطر في هذه النسخة هو التوظيف الذكي للشراكة مع بلومبيرغ. إذ تم دمج المحتوى الاقتصادي العميق مع البُعد الإعلامي المؤثر، مما منح المنتدى تغطية إعلامية في أكثر من 130 دولة. وليس صدفة أن تُجرى مقابلات خاصة مع وزراء وصنّاع قرار في استوديوهات حية داخل المدينة الإعلامية، تعكس انتقال قطر من «منصة نقل» إلى «مصنع محتوى استراتيجي». وضمّ المنتدى أكثر من 2000 مشارك، بينهم 60 رئيسًا تنفيذياً لشركات عالمية، وأكثر من 15 وزيرًا للمالية والاقتصاد، و10 محافظي بنوك مركزية. هذا الخليط من النخب الفكرية والمالية جعل من المنتدى ملتقىً للنفوذ الاقتصادي وصياغة السياسات، لا مجرد تبادل آراء. قراءة جريئة في الملفات الجلسات النقاشية للمنتدى غاصت في عمق ملفات حساسة، منها:التغير المناخي وأثره على سلاسل التوريد، مستقبل العملات الرقمية كأداة للسيادة النقدية. الذكاء الاصطناعي ومخاطر تسريح الوظائف مقابل خلق نماذج أعمال جديدة. ولم يكن المنتدى انعزالًا عن الواقع القطري، بل نافذة لاستعراض النجاحات المحلية كنماذج ملهمة. ففي قطاع الطاقة، رسّخت قطر موقعها كأكبر مصدر للغاز الطبيعي المسال، ومع ذلك لم تقف عنده، بل أطلقت مشروعات لتعزيز إنتاج الهيدروجين الأخضر. أما في الاقتصاد الرقمي، فقد ارتفع عدد شركات التكنولوجيا الناشئة في الدولة بنسبة 41 % خلال عامين فقط، مدعومة بمبادرات مثل «واحة قطر للعلوم والتكنولوجيا» وصندوق التحول الرقمي التابع لبنك قطر للتنمية. التوقعات والنتائج يتوقع أن تؤدي مخرجات المنتدى إلى: توقيع اتفاقيات استثمارية تتجاوز 4 مليارات دولار خلال الـ12 شهرًا القادمة. إطلاق تحالف إقليمي لدعم الاقتصاد الدائري في الشرق الأوسط. تطوير أدوات تمويل جديدة لمشاريع الابتكار في الخليج بالتعاون مع صناديق سيادية. التوصية بإنشاء منصة خليجية لتبادل البيانات الاقتصادية في زمن الذكاء الاصطناعي. إن منتدى قطر الاقتصادي لم يكن مجرد فعالية، بل تحوّل إلى أداة جيوسياسية واقتصادية لتشكيل خطاب اقتصادي عالمي عادل ومستدام. قطر لم تعد فقط تواكب التغيير، بل تصوغه وفق رؤيتها التنموية، في توازن نادر بين السيادة والانفتاح. ومع تقدمنا نحو 2030، ستتسع الدوحة أكثر كمحور حوار، ومركز قرار، ومنصة لاقتصاد جديد لا يُدار فقط بالأرقام، بل بالاستبصار. «منتدى قطر الاقتصادي 2025 ليس مجرد منصة للنقاش، بل هو تمرين سيادي على التأثير الدولي الناعم. قطر تقدم نموذجًا فريدًا في الجمع بين الاستقرار السياسي، والانفتاح الاقتصادي، وتمكين الإنسان. هذا المنتدى هو انعكاس واقعي لما تمثله قطر اليوم: دولة صغيرة بحجمها، كبيرة في تأثيرها، دقيقة في رسائلها، وواقعية في تموقعها الاقتصادي والسياسي». بقلم: د. بثينة حسن الأنصاري خبيرة تطوير التخطيط الاستراتيجي والموارد البشرية

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store