
الخلل الكامن في النظام التجاري العالمي
أثار إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترمب في الثاني من أبريل (نيسان) الجاري رسوماً جمركية شاملة، وما تبعه من تأجيلات في التطبيق وردود انتقامية من الدول المتضررة، موجة عارمة من القلق العالمي، وانصب تركيز معظم دول العالم على النتائج الفوضوية قصيرة الأمد لهذه السياسات، تقلبات حادة في سوق الأسهم ومخاوف في شأن سوق السندات الأميركية وهواجس من ركود اقتصادي، وتكهنات حول كيفية تفاوض الدول المختلفة أو رد فعلها.
لكن مهما كانت تطورات المدى القريب فهناك أمر واضح، إذ تعكس سياسات ترمب تحولاً في نظام التجارة ورأس المال العالمي كان قد بدأ بالفعل، فبشكل أو آخر كان لا بد من حدوث تغيير جذري لمعالجة اختلالات في الاقتصاد العالمي تراكمت على مدى عقود، فالتوترات التجارية الحالية ما هي إلا نتيجة للتباين بين حاجات الاقتصادات الوطنية وحاجات النظام العالمي، وعلى رغم أن النظام العالمي يستفيد من ارتفاع الأجور الذي يعزز الطلب لمصلحة المنتجين في كل مكان، لكن التوترات تنشأ عندما تستطيع بعض الدول تحقيق نمو أسرع من خلال تعزيز قطاعاتها الصناعية على حساب نمو الأجور، مثلاً من خلال كبح النمو في دخول الأُسر بشكل مباشر أو غير مباشر مقارنة بنمو إنتاجية العمال، والنتيجة هي نظام تجاري عالمي تتنافس فيه الدول، بشكل يضر بها جميعاً في نهاية المطاف، على خفض الأجور.
ومن غير المرجح أن يحل نظام الرسوم الجمركية الذي أعلنه ترمب في وقت سابق من هذا الشهر هذه المشكلة، فإذا كانت أميركا تريد سياسة تجارية فعالة فعليها أن تعالج الخلل العالمي، إذ تُصدر بعض الدول أكثر بكثير مما تستورد وتقلل من إنفاق شعوبها، بينما تتحمل الولايات المتحدة عبء استيراد هذه الفوائض.
ولحل ذلك يجب أن تتغير سياسات هذه الدول أو أن تتوقف أميركا عن تحمل هذا العبء وحدها، أما فرض رسوم على بعض الدول فقط فلن يغير شيئاً في هذين الأمرين.
لكن نظراً إلى أن شيئاً ما لا بد من أن يحل محل النظام الحالي، فمن الحكمة أن يبدأ واضعو السياسات في صياغة بديل معقول، وستتمثل أفضل نتيجة في إبرام اتفاق تجاري عالمي جديد بين الاقتصادات التي تلتزم بإدارة اختلالات اقتصاداتها المحلية بدلاً من تحويلها إلى اختلالات خارجية في هيئة فوائض تجارية، وستكون النتيجة اتحاداً جمركياً مثل ذلك الذي اقترحه الاقتصادي جون ماينارد كينز خلال "مؤتمر بريتون وودز" عام 1944، وسيكون من الواجب على الدول الأطراف في الاتفاق تحقيق توازن تقريبي بين صادراتها ووارداتها مع تقييد الفوائض التجارية التي تحققها البلدان غير الموقعة للاتفاق في تجارتها مع البلدان الموقعة، ويمكن لاتحاد كهذا أن يتوسع تدرجياً ليشمل العالم بأسره، مما يؤدي إلى ارتفاع الأجور وتحسن النمو الاقتصادي حول العالم.
لم ترَ خطة كينز النور خلال "مؤتمر بريتون وودز"، ويرجع ذلك لحد كبير إلى معارضة الولايات المتحدة، الاقتصاد الرائد في الفوائض التجارية آنذاك، ومع ذلك فثمة فرصة اليوم لإحياء اقتراحه وتكييفه.
وجوب أخذ الاختلال في الاعتبار
لفهم الاختلالات التي يعانيها نظام التجارة العالمي يجدر النظر في كيفية تأثير الأجور في الاقتصاد الوطني، فالأجور المرتفعة تكون عادة مفيدة للاقتصاد لأنها تعزز الطلب على منتجات الشركات وتزيد حوافزها للاستثمار في الكفاءة، والنتيجة هي دورة اقتصادية فاضلة، إذ يؤدي ارتفاع الطلب إلى زيادة الاستثمارات في وسائل الإنتاج الأكثر كفاءة، مما يرفع الإنتاجية الاقتصادية ويقود بالتالي إلى زيادات إضافية في الأجور.
ومع ذلك تختلف الحوافز لدى كل شركة على حدة، فهي تستطيع زيادة الأرباح من طريق كبح نمو الأجور، والمشكلة في الأجور المنخفضة تكمن في أنها قد تفيد شركة بعينها لكنها تقلل أرباح الشركات الأخرى، وفي اقتصاد يُقيّد فيه الاستثمار التجاري بشكل أساس بمدى وجود طلب على الإنتاج، فإن خفض الأجور من قبل جميع الشركات سيؤدي إما إلى ارتفاع في الدَّين الأسري والعجز المالي الحكومي لتعويض الطلب المفقود، أو انخفاض في إجمال الإنتاج والأرباح التجارية.
وعلى رغم أن هذه الظاهرة التي تُعرف أحياناً بـ "مفارقة الكُلف" لميشال كاليكي (وهو الاقتصادي الذي طرحها أولاً)، تصف سلوك الشركات، لكنها تنطبق أيضاً على الدول في الاقتصاد العالمي، فإذا كان كبح نمو الأجور يجعل من قطاع التصنيع في بلد ما أكثر قدرة على المنافسة عالمياً، فقد يؤدي ذلك إلى نمو أسرع في ذلك البلد من خلال دعم صادراته الصناعية، لكن إذا اتبعت جميع الدول هذه السياسة فإن الطلب العالمي سيتقلص وستتضرر جميع الاقتصادات.
كبح الأجور يدعم الإنتاج المحلي
وفي عالم شديد العولمة، حيث تنجح بعض الدول أكثر من غيرها في كبح كلفة العمل، تظهر حال من عدم التوازن بين الطلب على السلع وعرضها، وبما أن الشركات لم تعد مضطرة إلى إنتاج السلع في الأماكن نفسها التي تُباع فيها، فستصبح كلفة العمالة المحلية عاملاً حاسماً في القدرة التنافسية للصناعات، وبالتالي فإن الشركات التي تنقل إنتاجها إلى دول تكون فيها كلفة العمل أقل، مقارنة بإنتاجية العاملين، تستطيع إنتاج سلع أرخص مما يزيد جاذبيتها في الأسواق العالمية.
وفي أي بلد معين يؤدي كبح الأجور إلى تقليص الاستهلاك المحلي ودعم الإنتاج المحلي مما يؤدي إلى فجوة متزايدة بين الإنتاج والاستهلاك، وإذا بقي هذا الخلل داخل الاقتصاد، فلا بد من موازنته إما بزيادة الاستثمار المحلي (وهو ما قد يفضي إلى اتساع أكبر للفجوة بين الإنتاج والاستهلاك)، وإلا فإن هذه الفجوة ستنعكس حتماً من خلال رفع الأجور أو تقليص الإنتاج.
لكن في اقتصاد معولم هناك خيار آخر وهو تحقيق فائض في الميزان التجاري، وهذا يمكّن الدولة من تصدير كلفة الفجوة بين الاستهلاك والإنتاج إلى شركائها التجاريين، ولهذا السبب وصفت جوان روبنسون عام 1937 الفوائض التجارية الناتجة من ضعف الطلب المحلي بأنها نتيجة لسياسات "إفقار الجار".
واشنطن أخفت عواقب التوظيف المترتبة على عجزها التجاري المستمر
ولهذا أيضاً عارض كينز خلال "مؤتمر بريتون وودز" عام 1944 إنشاء نظام تجاري عالمي يسمح للدول بتحقيق فوائض تجارية ضخمة ومستمرة، وقال إن نظاماً كهذا سيشجع الدول الطامحة إلى توسيع صناعتها على دعمها على حساب الطلب المحلي، والنتيجة، بحسب كينز، ستكون ضغطاً هبوطياً على الطلب العالمي، إذ تتنافس الدول على البقاء في دائرة المنافسة من خلال كبح نمو الأجور، والدول التي تنجح في ذلك أكثر من غيرها ستغدو الرابحة في النظام التجاري العالمي، إذ ستتوسع حصتها من الإنتاج الصناعي العالمي بينما تتقلص حصة شركائها التجاريين.
وبدلاً من ذلك دعا كينز الدول إلى "تعلم توفير فرص عمل كاملة لنفسها من خلال سياساتها الداخلية"، وقال إن عالماً كهذا سيخلو من "أية قوى اقتصادية مهمة تستطيع وضع مصلحة دولة واحدة في مواجهة مصلحة جاراتها".
وفي الحقبة التي كتب فيها كينز وروبنسون كانت كلفة سياسات "أفقِرْ جارك" تظهر في المقام الأول على شكل ارتفاع في معدلات البطالة، إذ كانت الصادرات المرتفعة، من دون توازن يقابلها في الواردات، تقوض قدرة المصنعين في الدول ذات العجز التجاري وتضطرهم إلى تسريح العمال، لكن بعد أن تخلى العالم عن "نظام بريتون وودز" أوائل السبعينيات، بدأت الحكومات، بما في ذلك حكومة الولايات المتحدة، بتعلم كيفية تخفيف كلفة البطالة، إما من خلال خفض أسعار الفائدة لتشجيع الإقراض الاستهلاكي أو عبر الإنفاق بالعجز من دون قيود، وهكذا أخفت الولايات المتحدة الآثار السلبية للعجز التجاري المستمر على الوظائف، لكنها فعلت ذلك من خلال تفاقم ديون الأسر وعجز الموازنة العامة.
التصدير بغرض الاستيراد
إن الصلة بين الاختلالات الداخلية في اقتصاد بلد ما وتلك الخاصة بشركائه التجاريين تنطوي على تبعات لا يفهمها الاقتصاديون دائماً فهماً كاملاً، ففي كل اقتصاد لا بد من أن تتوافق الاختلالات الداخلية والخارجية، تماماً كما ينبغي أن تتوافق اختلالات كل دولة خارجياً مع اختلالات بقية العالم، وهذا يعني أن الدول القادرة على التحكم باختلالاتها الداخلية ستؤثر، ولو جزئياً، في اختلالات شركائها التجاريين الداخلية، ولهذا السبب، كما شرح الاقتصادي داني رودريك، يجب على الدول في أي نظام عالمي أن تختار بين مزيد من الاندماج العالمي أو مزيد من السيطرة على اقتصادها المحلي.
وفي إطار ما طرحه رودريك فهناك طريقتان مختلفتان تماماً لفهم العولمة، ففي النموذج الأول الذي يفترضه معظم المحللين عند وصفهم للعالم، تكون الاقتصادات الكبرى قد تخلت بدرجات متقاربة عن السيطرة على اقتصاداتها المحلية لمصلحة الاندماج العالمي، ونتيجة لذلك يكون ميزان التجارة العالمي متوازناً إجمالاً، إذ تعمل قوى السوق على تصحيح السياسات الحكومية التي تُنتج اختلالات داخلية، فإذا سجل بلد ما فائضاً تجارياً كبيراً ومستمراً فإن عملته ستُقدر قيمتها أو سترتفع الأجور فيه، مما يجعل سلعه أغلى ثمناً، وهذا بدوره يؤدي إلى تقلص الفائض التجاري، بينما تتحسن أوضاع الأسر داخلياً.
العالم بحاجة إلى اتحاد جمركي جديد
أما في النموذج الآخر من العولمة، والذي يعكس واقع العالم بشكل أفضل، فإن بعض الاقتصادات الكبرى تقلص سيطرتها على اقتصاداتها المحلية من أجل تحقيق اندماج عالمي أكبر، في حين تختار اقتصادات أخرى الحفاظ على سيطرتها الداخلية، سواء عبر ضبط نمو الأجور أو تحديد الأسعار المحلية وتوزيع الائتمان، أو من خلال تقييد الحسابات التجارية ورؤوس الأموال، وبقدر ما تتدخل هذه المجموعة الأخيرة من الدول لمنع تصحيح اختلالاتها الاقتصادية الداخلية فإنها تفرض فعلياً هذه الاختلالات على الدول التي تتمتع بسيطرة أقل على حساباتها التجارية ورؤوس أموالها، فإذا اختارت هذه الدول سياسات صناعية تهدف إلى توسيع قطاعاتها التصنيعية، فإنها تكون بذلك، وبشكل ضمني، فقد فرضت سياسات صناعية على شركائها التجاريين وإن كانت نتائجها تتمثل في انكماش نسبي في الصناعات التحويلية لدى هؤلاء الشركاء.
هذا هو بالضبط ذلك النوع من العولمة الذي عارضه كينز وروبنسون، إنه ذلك النوع من العولمة الذي يسمح للحكومات باتباع إستراتيجيات كاليكي الموسعة لاقتصاداتها، لكنها انكماشية للاقتصاد العالمي ككل، وإذا كانت العولمة ستزدهر فلا بد للعالم من أن يعود لنمط من العولمة تقوم فيه الدول بالتصدير من أجل الاستيراد، وتُعالج فيه اختلالات الإنتاج والاستهلاك والاستثمار داخل الدولة نفسها لا أن تلقى على عاتق الشركاء التجاريين، وبمعنى آخر يحتاج العالم إلى نظام تجاري عالمي جديد تلتزم فيه الدول بكبح اختلالاتها المحلية وموازنة الطلب المحلي مع العرض المحلي، وفقط عندها لن تضطر الدول إلى امتصاص اختلالات بعضها بعضاً.
إلى أن يغير واضعو السياسات الحوافز فلن تهدأ التوترات التجارية
وأفضل وسيلة لتحقيق هذا النوع من العولمة هي إنشاء اتحاد جمركي جديد، على غرار ما اقترحه كينز خلال "مؤتمر بريتون وودز"، تتعهد فيه الدول المنضوية تحت هذا الاتحاد بالحفاظ على توازن تجاري عام في ما بينها مع فرض عقوبات على الأعضاء الذين يفشلون في تحقيق ذلك، كما ستقيم هذه الدول حواجز تجارية في وجه البلدان غير المشاركة لحماية نفسها من اختلالات الاقتصاد العالمي الخارجي، ومن المفهوم أن التوازن التجاري لن يُطلب أن يتحقق بين كل شريكين على حدة، بل عبر الشركاء التجاريين ككل، وسيتعين على أعضاء هذا الاتحاد الالتزام بإدارة اقتصاداتهم بما لا يؤدي إلى تصدير كلفة سياساتهم الداخلية إلى الشركاء التجاريين، وضمن هذا النظام تستطيع كل دولة أن تختار طريق التنمية الذي يناسبها، لكنها لن تكون قادرة على فعل ذلك بطريقة تفرض بها كلفة اختلالاتها المحلية على الآخرين (قد تُمنح الدول الأصغر والأقل نمواً بعض الإعفاءات المحدودة من قواعد الاتحاد).
وقد ترفض كثير من الدول، ولا سيما تلك التي بُنيت اقتصاداتها على ضعف الطلب المحلي والفوائض الدائمة، الانضمام إلى مثل هذا الاتحاد في البداية، لكن من الممكن البدء بجمع مجموعة صغيرة من الدول التي تشكل الجزء الأكبر من العجوز التجارية العالمية مثل كندا والهند والمكسيك والمملكة المتحدة والولايات المتحدة، وضمها إلى الاتحاد، فهذه الدول تملك كل الحوافز للانضمام، وبمجرد أن تفعل ذلك فسيُجبر باقي العالم في نهاية المطاف على المشاركة، فحين ترفض دول العجز الاستمرار في تسجيل عجوز دائمة فإن دول الفائض لن تعود قادرة على تسجيل فوائض دائمة، وستُضطر إما إلى رفع الاستهلاك المحلي أو الاستثمار المحلي، وكلاهما مفيد للطلب العالمي، أو خفض فائض الإنتاج المحلي.
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وإذا أنشأ العالم اتحاداً جمركياً كهذا "فلن تعود" التجارة الدولية، كما كتب كينز، "وسيلة يائسة للحفاظ على تشغيل العمالة في الداخل من خلال فرض المبيعات على الأسواق الخارجية وتقييد المشتريات"، ولن يكون الحافز وراء تعزيز البلدان الصادرات إلى أقصى حد تصدير كلفة دعم التصنيع المحلي، بل تعزيز الواردات ورفاه الأسر إلى أقصى حد.
أما إذا لم يكن من الممكن إنشاء اتحاد جمركي كهذا فإن النتيجة الأكثر ترجيحاً ستكون الدخول في لعبة "أفقِرْ جارك" التي تنبأت بها روبنسون، إذ تسعى الدول إلى "إلقاء حصة أكبر من العبء على كاهل غيرها"، كما كتبت، "وما إن تنجح دولة ما في زيادة فائضها التجاري على حساب الآخرين حتى يبادر الآخرون بالرد، ويأخذ الحجم الكلي للتجارة الدولية في الانكماش المستمر".
وهذه هي الحال التي يبدو أن العالم يسير نحوها، وهي ما أفرز رسوم ترمب الجمركية، إضافة إلى تنامي شكاوى الناس من التجارة في شتى أنحاء العالم، وما لم يُغير صانعو السياسات الحوافز الاقتصادية فلن تهدأ التوترات التجارية الدولية.
مترجم عن "فورين أفيرز" 21 أبريل (نيسان) 2025
مايكل بيتيس هو زميل أول في "مؤسسة كارنيغي للسلام الدولي"اقتباسات

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


شبكة عيون
منذ 2 ساعات
- شبكة عيون
6 أسئلة لما بعد اتفاق المعادن بين الولايات المتحدة وأوكرانيا
وقعت الولايات المتحدة وأوكرانيا اتفاقًا استثماريًا تاريخيًا يهدف إلى إنشاء صندوق مشترك لإعادة إعمار أوكرانيا، يعتمد جزئيًا على عائدات استغلال مواردها الطبيعية. والاتفاق، الذي جاء بعد اجتماعات مثيرة للجدل بين الرئيس الأمريكي دونالد ترمب ونظيره الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، يمثل تحولًا كبيرًا في دبلوماسية المعادن، ويثير في الوقت ذاته أسئلة استراتيجية حول جدوى تنفيذه دون استقرار طويل الأمد في أوكرانيا. وفي هذا التقرير، نُجيب على ستة أسئلة محورية تكشف أبعاد الاتفاق وتأثير السلام على مساره. خطوة جريئة ويُعد اتفاق الولايات المتحدة وأوكرانيا بشأن صندوق إعادة الإعمار خطوة جريئة في مسار دبلوماسية المعادن. لكن نجاحه مشروط بتحقيق سلام دائم، وإعادة بناء البنية التحتية، وتوفير بيئة استثمارية آمنة. كما يُمثّل الاتفاق نموذجًا أوليًا لاستراتيجية أوسع تسعى واشنطن إلى توسيعها في مناطق النزاع، مستندة إلى معادلة: الاستقرار مقابل الموارد. 1. هل تضمن الاتفاقية حماية أمنية لأوكرانيا؟ ورغم غياب الضمان الأمني المباشر الذي طالب به زيلينسكي، تؤكد الاتفاقية "شراكة استراتيجية طويلة الأمد"، وتشدد على دعم الولايات المتحدة لإعادة إعمار واندماج أوكرانيا في الاقتصاد العالمي. كما تعتمد لهجة أشد تجاه موسكو، وتستثني أي طرف داعم لآلة الحرب الروسية من الاستفادة من إعادة الإعمار. 2. هل يمكن تنفيذ الاتفاق في ظل غياب السلام.. وما وضع المفاوضات الحالية؟ تعرضت أوديسا لقصف روسي بعد ساعات من توقيع الاتفاق، ما يعكس هشاشة البيئة الأمنية. وتقع غالبية الموارد الاستراتيجية – بخاصة الليثيوم – في شرق أوكرانيا، تحت الاحتلال الروسي. وتحتاج مشاريع التعدين إلى استقرار طويل الأمد، نظرًا لمدة إنشائها التي قد تصل إلى 18 عامًا وتكلفتها التي تقارب مليار دولار لكل منجم. دون سلام أو حماية للأصول، تظل بيئة الاستثمار محفوفة بالمخاطر. 3. ما أبرز ملامح الاتفاق الجديد.. وكيف يقارن بالإصدارات السابقة؟ الاتفاقية الموقعة تمنح أوكرانيا سيادة كاملة على مواردها، وتُدار من خلال شراكة متكافئة بين الطرفين. بعكس الاتفاقيات السابقة، أُعفيت مشاريع الطاقة الحالية من المساهمة، مما يربط نجاح الصندوق بالاستثمارات المستقبلية. كما اعتُبرت المساعدات العسكرية الأمريكية مساهمة رأسمالية في الصندوق، مع إعفاء كييف من سدادها، خلافًا للنسخة الأولى التي طالبت بسداد 500 مليار دولار. ويُعد توقيع مؤسسة تمويل التنمية الدولية (DFC) الأمريكية كشريك رئيسي في تنفيذ الاتفاق مؤشرًا إلى رغبة إدارة ترمب في تحويل الوكالة إلى أداة محورية في دبلوماسية المعادن العالمية، بعد أن مولت أربعة مشاريع فقط في عام 2024. 4. هل يمنح الاتفاق الولايات المتحدة وصولًا مباشرًا إلى المعادن الأوكرانية؟ الاتفاق لا يُتيح لواشنطن استرداد المساعدات عبر السيطرة على الموارد المعدنية، بل يخولها التفاوض على شراء تلك الموارد بشروط تجارية تنافسية. كما يُلزم السلطات الأوكرانية بإدراج بند يسمح للطرف الأمريكي أو من ينوب عنه بالتفاوض على حقوق الشراء ضمن تراخيص استخدام الموارد، في إطار الشراكة المحددة. 5. هل يمكن اعتبار الاتفاق نموذجًا لدبلوماسية المعادن الأمريكية؟ الاتفاق يعكس فلسفة ترمب في السياسة الخارجية القائمة على الصفقات. وتسعى واشنطن لتكرار التجربة مع دول أخرى مثل جمهورية الكونغو الديمقراطية، الغنية بالكوبالت والليثيوم. وقد عرض رئيس الكونغو على الولايات المتحدة اتفاق "الأمن مقابل الموارد"، في ظل صراع محتدم شرقي البلاد. وفي خطوة لافتة، قادت الولايات المتحدة جهود وساطة بين الكونغو ورواندا، أفضت إلى توقيع إعلان مبادئ في 24 أبريل 2025، يضع أساسًا لاتفاق سلام رسمي يشمل وقف دعم الجماعات المسلحة. ويتوقع أن يؤدي هذا المسار إلى تعزيز التعاون في قطاع المعادن وتقليص النفوذ الصيني الذي يسيطر على مناجم استراتيجية بالمنطقة. 6.ما أبرز العوائق التي تهدد تنمية قطاع المعادن في أوكرانيا؟ • المسوحات الجيولوجية القديمة: تعود إلى العهد السوفيتي، مما يعيق جذب الاستثمارات. أوكرانيا بحاجة إلى تحديث شامل للخرائط والتقييمات. • أزمة البنية التحتية: تعاني البلاد من انهيار كبير في قطاع الكهرباء، إذ فُقدت نصف القدرة الإنتاجية خلال الحرب، ويُعد القطاع المعدني من أكثر القطاعات استهلاكًا للطاقة. • ضعف الدعم المؤسسي: نجاح الاستثمارات مرهون بدعم أمريكي عبر مؤسسات مثل هيئة المسح الجيولوجي ومؤسسة تمويل التنمية.


Independent عربية
منذ 5 ساعات
- Independent عربية
من يخرب المحادثات الإيرانية- الأميركية إسرائيل أم إدارة ترمب أم ماضي طهران؟
ظلال من الشك والتصريحات المتبادلة بين طهران وواشنطن تشي بأجواء متوترة تحيط بالجولة الخامسة من المحادثات، وما إذا كان من الممكن الوصول إلى اتفاق نووي أو لا. وهذه التصريحات ترتبط بمطلب أميركي بالتخصيب الصفري، في حين تعتبر إيران ذلك خطاً أحمر وإنجازاً وطنياً لن تتخلى عنه. فهل وصلت المفاوضات إلى حد الخلاف؟ ولا سيما أن إيران أعلنت مرات عدة أنها لن تتنازل عن هذا الخط الأحمر وأنه ما من اتفاق إذا استمر الإصرار الأميركي على التخصيب الصفري. فهل السبب في ذلك الخلاف عدم كفاءة إدارة دونالد ترمب؟ أم خبرة إيرانية من الماضي تؤثر في رؤية طهران للمحادثات؟ أم السبب هو فعل إسرائيلي؟ يمكن القول إن السبب عبارة عن تفاعل العوامل الثلاثة، فإيران لديها تجربة من الماضي تدفعها إلى عدم التنازل عن التخصيب وقبول استيراد اليورانيوم المخصب من الخارج، كما أن تدخل إسرائيل بصورة غير مباشرة دفع إدارة ترمب إلى رفع المطلب الأقصى لدرجة التخصيب الصفري وتغيير مطلبها السابق بخفض التخصيب إلى درجة 3.76 في المئة، وكان حينها أقصى مطالب ترمب منع إيران من تملك السلاح النووي، لكن ذلك تغير الآن. فقبل بدء الجولة الخامسة من المحادثات بين واشنطن وطهران، تتناثر التصريحات من الطرفين وتدور حول مسألة تخصيب اليورانيوم، فتعتبر إيران أن الولايات المتحدة تغير اتفاقاتها معها، وأن المعلن غير ما اتُفق عليه خلال الجولات الماضية، إذ يشير الجانب الأميركي إلى التخصيب الصفري الذي ليست طهران في وارد القبول به. وخرجت التصريحات الإيرانية من المرشد ومجلس الخبراء ونائب وزير الخارجية ومدير وكالة الطاقة الإيرانية لتؤكد أن تخصيب اليورانيوم هو حق للدول كما أنه "إنجاز وطني" و"حق للأجيال المقبلة". ويرفض الإيرانيون الآن تصريحات المبعوث الأميركي الخاص ستيف ويتكوف الذي قال "لدينا خط أحمر واضح للغاية، وهو التخصيب، لا يمكننا أن نقبل حتى بنسبة واحد في المئة من قدرة التخصيب". وأعلن المتحدث باسم الخارجية الإيرانية إسماعيل بقائي أن بلاده وافقت على الاقتراح الذي قدمته سلطنة عمان بعقد جولة أخرى من المحادثات الإيرانية- الأميركية في العاصمة الإيطالية روما، كما أكد أن "الفريق التفاوضي عازم على السعي إلى تحقيق الحقوق والمصالح العليا في الاستفادة من الطاقة النووية السلمية، بما في ذلك التخصيب ورفع العقوبات الجائرة، ولن يدخر أي جهد أو مبادرة في هذا الصدد". وقال وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي إن "موقف إيران واضح للغاية، التخصيب سيستمر مع أو من دون اتفاق، ولكن إذا كانت الأطراف ترغب في الشفافية في ما يتعلق بالبرنامج السلمي الإيراني، فيتعين عليهم رفع العقوبات"، مضيفاً "إذا كانت لديهم مطالب أكثر من ذلك ويريدون حرماننا من أشياء هي حقنا، فلا مجال للقبول". في البداية كان هناك تياران داخل إدارة ترمب بالنسبة إلى التعامل مع الملف الإيراني، الأول يحبذ التوصل إلى حل سلمي واتفاق مع طهران، بينما يدعم التيار الآخر الخيار العسكري، وبعدما كان ويتكوف يتحدث عن التخصيب بنسبة 3.67 في المئة، صار المطلب الأميركي على لسانه ولسان وزير الخارجية ماركو روبيو التخصيب الصفري. ومطلب التخصيب الصفري جاء بعد حديث إسرائيل عن نموذج الحل الليبي، أي تفكيك الملف النووي الإيراني. وجاء ذلك المطلب بعدما قلل بعضهم في الإعلام الأميركي من شأن الاتفاق الجديد مع إيران، معتبرين أنه لن يختلف عن اتفاق عام 2015 الذي توصلت إليه إدارة باراك أوباما، وهنا بدأ المفاوض الأميركي يتحدث عن التخصيب الصفري على اعتبار أن هذا المطلب سيجعل اتفاق إدارة ترمب مختلفاً عن الاتفاق القديم مع أوباما. ربما لعبت الدوائر الإعلامية المرتبطة بإسرائيل داخل الولايات المتحدة بهذا الأمر للتقليل من الاتفاق الجديد بغية استفزاز ترمب للتفكير في أنه لا بد من أن يأتي بما لم يأتِ به أوباما أو جو بايدن. وما يجعل هذا الأمر مرجحاً ومرتبطاً بإسرائيل، الغائب الحاضر في الملف النووي الإيراني، هو أن أحد الأسباب الرئيسة لإقالة مايك والتز من منصب مستشار الأمن القومي الأميركي هو أن التنسيق بينه ونتنياهو كان أكبر من التنسيق مع ترمب في شأن الملف النووي الإيراني. وربما كان تعقيد سير المحادثات بين طهران وواشنطن إلى حد تخريبها جزءاً من تفاهمات والتز مع نتنياهو. وفي حين اعتبر بعضهم أن ترمب حاول فعلياً إيصال رسالة إلى نتنياهو بأنه لا ينوي منحه شيكاً على بياض وجعل السياسة الخارجية الأميركية في الشرق الأوسط تابعة لأولويات إسرائيل، فأقال والتز من منصبه، إلا أن رغبة ترمب في تحقيق إنجازات ضمن ملفات عدة تميزه عن إدراتي أوباما وبايدن جعلته يطالب بفرض "التخصيب الصفري"، لتصبح تلك النقطة الخلافية الأهم في سير المفاوضات للوصول إلى اتفاق مع إيران. اقرأ المزيد يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field) واللافت هو صدور تقرير جديد عبر شبكة "سي أن أن" نقلاً عن مصادر استخباراتية أميركية جاء خلاله أن إسرائيل لديها خطة جاهزة لضرب المنشآت الإيرانية في حال عدم التوصل إلى اتفاق يوقف تخصيب اليورانيوم، في ما يبدو أنه نوع من الحرب النفسية للضغط على إيران. لكن كل ما سبق سواء من التقرير الإخباري لـ"سي ان أن"، أو التردد في الموقف الأميركي، أو الدور الإسرائيلي، تجاهل تماماً عاملاً مهماً عند التعامل مع العقلية الإيرانية وهو خبرات التاريخ، فإيران دولة ذات إطار نفسي يحكمه في جزء كبير ما مرت به في الماضي وتستشهد دائماً بالتاريخ. ودخلت إيران للمرة الأولى ضمن ترتيبات إنتاج الوقود النووي في أوروبا عام 1974، أي قبل عام من توقيع عقد بناء محطة بوشهر للطاقة النووية، مع تأسيس الشركة الفرنسية- الإيرانية لتخصيب اليورانيوم بالانبعاثات الغازية (SOFIDIF)، ثم انضمت إيران إلى اتحاد "يوروديف" وهو المجمع الأوروبي لتخصيب اليورانيوم، ومُنحت 10 في المئة من إجمالي أسهم الاتحاد وكانت بلجيكا وفرنسا وإيران وإيطاليا وإسبانيا من المساهمين فيه لإنتاج الوقود النووي. وقدمت طهران قرضاً بقيمة 1.18 مليار دولار لتطوير "يوروديف". ومع بدء المنشأة بالعمل في فرنسا، كانت الثورة الإيرانية اندلعت، بالتالي لم يُنقل الوقود النووي إليها، وبعد ذلك أكدت فرنسا أن العقد معها انتهى عام 1990 وأن "يوروديف" لم يعُد ملزماً نقل اليورانيوم المخصب إلى إيران. وهنا يتضح سبب رفض إيران التخصيب الصفري واستيراد اليورانيوم من الخارج، وإصرارها على الاحتفاظ بذلك الحق، كما يفسر ذلك سبب اقتراحها تأسيس اتحاد إقليمي لتخصيب اليورانيوم على أراضيها. لو كانت الإدارة الأميركية على درجة عالية من فهم العقلية الإيرانية ومنطلقات تحركها، لما كرر ماركو روبيو خلال جلسة استماع في الكونغرس الأميركي أن "الخيار أمام إيران هو استيراد اليورانيوم المخصب اللازم لمفاعلاتها." وهذا التذبذب في الموقف الأميركي الذي يبدو عائداً للدور الإسرائيلي الهادف إلى تخريب المفاوضات، وضع المحادثات أمام نقطة خلاف رئيسة إذا تراجعت أمامها إدارة ترمب فستضيف إلى كثير من المواقف المتراجعة التي مرت بها منذ مجيئها إلى البيت الأبيض، سواء في ما يخص الصين والتعريفات الجمركية والحرب الأوكرانية وأخيراً ملف إيران. ربما يبدو لنا من زاوية أخرى أن الإدارات الأميركية المتعاقبة حتى هذه اللحظة، وبصورة عامة، ليس لديها تصور لكيفية التعامل مع إيران في الشرق الأوسط، وهو ما تحتاج دول المنطقة إلى أن تكون أكثر دراية بما تريده هي من إيران.


الوطن
منذ 5 ساعات
- الوطن
6 أسئلة لما بعد اتفاق المعادن بين الولايات المتحدة وأوكرانيا
وقعت الولايات المتحدة وأوكرانيا اتفاقًا استثماريًا تاريخيًا يهدف إلى إنشاء صندوق مشترك لإعادة إعمار أوكرانيا، يعتمد جزئيًا على عائدات استغلال مواردها الطبيعية. والاتفاق، الذي جاء بعد اجتماعات مثيرة للجدل بين الرئيس الأمريكي دونالد ترمب ونظيره الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، يمثل تحولًا كبيرًا في دبلوماسية المعادن، ويثير في الوقت ذاته أسئلة استراتيجية حول جدوى تنفيذه دون استقرار طويل الأمد في أوكرانيا. وفي هذا التقرير، نُجيب على ستة أسئلة محورية تكشف أبعاد الاتفاق وتأثير السلام على مساره. ويُعد اتفاق الولايات المتحدة وأوكرانيا بشأن صندوق إعادة الإعمار خطوة جريئة في مسار دبلوماسية المعادن. لكن نجاحه مشروط بتحقيق سلام دائم، وإعادة بناء البنية التحتية، وتوفير بيئة استثمارية آمنة. كما يُمثّل الاتفاق نموذجًا أوليًا لاستراتيجية أوسع تسعى واشنطن إلى توسيعها في مناطق النزاع، مستندة إلى معادلة: الاستقرار مقابل الموارد. 1. هل تضمن الاتفاقية حماية أمنية لأوكرانيا؟ ورغم غياب الضمان الأمني المباشر الذي طالب به زيلينسكي، تؤكد الاتفاقية "شراكة استراتيجية طويلة الأمد"، وتشدد على دعم الولايات المتحدة لإعادة إعمار واندماج أوكرانيا في الاقتصاد العالمي. كما تعتمد لهجة أشد تجاه موسكو، وتستثني أي طرف داعم لآلة الحرب الروسية من الاستفادة من إعادة الإعمار. 2. هل يمكن تنفيذ الاتفاق في ظل غياب السلام.. وما وضع المفاوضات الحالية؟ تعرضت أوديسا لقصف روسي بعد ساعات من توقيع الاتفاق، ما يعكس هشاشة البيئة الأمنية. وتقع غالبية الموارد الاستراتيجية – بخاصة الليثيوم – في شرق أوكرانيا، تحت الاحتلال الروسي. وتحتاج مشاريع التعدين إلى استقرار طويل الأمد، نظرًا لمدة إنشائها التي قد تصل إلى 18 عامًا وتكلفتها التي تقارب مليار دولار لكل منجم. دون سلام أو حماية للأصول، تظل بيئة الاستثمار محفوفة بالمخاطر. 3. ما أبرز ملامح الاتفاق الجديد.. وكيف يقارن بالإصدارات السابقة؟ الاتفاقية الموقعة تمنح أوكرانيا سيادة كاملة على مواردها، وتُدار من خلال شراكة متكافئة بين الطرفين. بعكس الاتفاقيات السابقة، أُعفيت مشاريع الطاقة الحالية من المساهمة، مما يربط نجاح الصندوق بالاستثمارات المستقبلية. كما اعتُبرت المساعدات العسكرية الأمريكية مساهمة رأسمالية في الصندوق، مع إعفاء كييف من سدادها، خلافًا للنسخة الأولى التي طالبت بسداد 500 مليار دولار. ويُعد توقيع مؤسسة تمويل التنمية الدولية (DFC) الأمريكية كشريك رئيسي في تنفيذ الاتفاق مؤشرًا إلى رغبة إدارة ترمب في تحويل الوكالة إلى أداة محورية في دبلوماسية المعادن العالمية، بعد أن مولت أربعة مشاريع فقط في عام 2024. 4. هل يمنح الاتفاق الولايات المتحدة وصولًا مباشرًا إلى المعادن الأوكرانية؟ الاتفاق لا يُتيح لواشنطن استرداد المساعدات عبر السيطرة على الموارد المعدنية، بل يخولها التفاوض على شراء تلك الموارد بشروط تجارية تنافسية. كما يُلزم السلطات الأوكرانية بإدراج بند يسمح للطرف الأمريكي أو من ينوب عنه بالتفاوض على حقوق الشراء ضمن تراخيص استخدام الموارد، في إطار الشراكة المحددة. 5. هل يمكن اعتبار الاتفاق نموذجًا لدبلوماسية المعادن الأمريكية؟ الاتفاق يعكس فلسفة ترمب في السياسة الخارجية القائمة على الصفقات. وتسعى واشنطن لتكرار التجربة مع دول أخرى مثل جمهورية الكونغو الديمقراطية، الغنية بالكوبالت والليثيوم. وقد عرض رئيس الكونغو على الولايات المتحدة اتفاق "الأمن مقابل الموارد"، في ظل صراع محتدم شرقي البلاد. وفي خطوة لافتة، قادت الولايات المتحدة جهود وساطة بين الكونغو ورواندا، أفضت إلى توقيع إعلان مبادئ في 24 أبريل 2025، يضع أساسًا لاتفاق سلام رسمي يشمل وقف دعم الجماعات المسلحة. ويتوقع أن يؤدي هذا المسار إلى تعزيز التعاون في قطاع المعادن وتقليص النفوذ الصيني الذي يسيطر على مناجم استراتيجية بالمنطقة. 6.ما أبرز العوائق التي تهدد تنمية قطاع المعادن في أوكرانيا؟ • المسوحات الجيولوجية القديمة: تعود إلى العهد السوفيتي، مما يعيق جذب الاستثمارات. أوكرانيا بحاجة إلى تحديث شامل للخرائط والتقييمات. • أزمة البنية التحتية: تعاني البلاد من انهيار كبير في قطاع الكهرباء، إذ فُقدت نصف القدرة الإنتاجية خلال الحرب، ويُعد القطاع المعدني من أكثر القطاعات استهلاكًا للطاقة. • ضعف الدعم المؤسسي: نجاح الاستثمارات مرهون بدعم أمريكي عبر مؤسسات مثل هيئة المسح الجيولوجي ومؤسسة تمويل التنمية.