
18 Apr 2025 06:13 AM محكمة رومية... في مواجهة عدالة معلّقة
في بلدٍ تحوّل فيه السجن إلى حكم مؤبد بلا محاكمة، وتحوّلت العدالة إلى أداة انتقائية، يعود المشهد الرسمي مجدداً إلى تكرار المحاولة ذاتها: تفعيل المحكمة داخل سجن رومية المركزي. خطوة أُريد تسويقها على أنها إصلاح جذري لأزمة السجون والاكتظاظ فيها، لكن في الواقع، ما هي إلا قفزة في الفراغ.
المحكمة داخل رومية ليست أكثر من قاعة محاكمة شُيّدت بمواصفات دولية وكلفة وصلت إلى 2.5 مليون دولار من أموال دافعي الضرائب الأوروبيين، تحت شعار محاكمة موقوفي «فتح الإسلام». لكن بعد أكثر من عقد، لم تُستخدم إلّا في جلسات لا تتعدى أصابع اليد. واليوم، يعود استخدامها كواجهة إعلامية لتغطية الإخفاق المستمر في معالجة أزمة اكتظاظ السجون وتأخير المحاكمات، حيث يستضيف سجن رومية أكثر من 3400 سجين في سجن لا يتّسع لأكثر من 1050.
ووفق مصادر حقوقية لـ«نداء الوطن»، فإن مشكلة المحكمة في رومية ليست في تفعيلها، بل في مضمونها القانوني. فمحاكم الجنايات موزعة على مراكز المحافظات بموجب القانون. وبالتالي، لا يمكن إحالة ملفات من محاكم الشمال أو البقاع إلى محكمة رومية من دون تعديل تشريعي واضح، ما يجعل تفعيل عملها صالحاً فقط لجزء من قضايا محكمة جنايات جبل لبنان، من دون أن يشمل الموقوفين في باقي المحافظات وكافة مراكز التوقيف الأخرى.
ورأت المصادر أن أي حديث عن قدرة محكمة رومية على حلّ معضلة الاكتظاظ الشامل في السجون هو تضليل صريح. إذ أن الأزمة تتجاوز رومية إلى أكثر من 25 سجناً في لبنان، جميعها مكتظة، وبعض النظارات الأمنية تحوّلت إلى مراكز احتجاز دائم، في ظل ترهل لقصور العدل وموازنة هزيلة للسلطة القضائية لا تتعدى 1 % من إجمالي موازنة الدولة.
العدالة المؤجلة ليست عدالة
ولا تقتصر المطالب بتسريع المحاكمات على اعتبار أن الإشكالية تطال الأحكام الجائرة الصادرة سابقاً والتي لن تحلّ مع تسريع وانتظام عمل المحاكم راهناً، خصوصاً تلك التي صدرت في ظل هيمنة سياسية وأمنية واضحة من «حزب الله» على القضاء، كما حصل في ملفات عرسال، عبرا وخلدة، حيث اختلّت معايير المحاكمة العادلة، وغابت المساواة أمام القانون. بل إن أبرز مثال على انعدام التوازن القضائي تمثّل في أحداث خلدة، حيث اقتصر الادعاء على أفراد من الطائفة السنّية، بينما لم تُحرك الدعوى بحق عناصر «حزب الله» رغم الأدلة المصوّرة، قبل أن تعيد محكمة التمييز العسكرية برئاسة القاضي جون القزي مؤخراً تصويب بعض المظالم.
وفي السياق تساءلت مصادر حقوقية متابعة ما إذا كانت السلطة القضائية ستعيد فتح هذه الملفات، وتعمد إلى مراجعة الأحكام السياسية الصادرة بحق مئات السجناء؟ ووسط التشديد على عدم قدرتها على الشروع بذلك، لفتت إلى أن محكمة رومية لا تملك صلاحية المراجعة، ما يجعلها بعيدة كل البعد عن إنصاف مَن حوكموا ظلماً، سواء بسبب مواقفهم المؤيدة للثورة السورية، أو نتيجة انتماءاتهم الطائفية والسياسية.
تجميل الأزمة... لا حلّها
في الغضون، كشفت مصادر لـ«نداء الوطن» أن تفعيل المحكمة هو التفاف على مطلب العفو العام، الذي لا يلقى قبولاً من المؤسسة العسكرية وعدد من القوى السياسية رغم أن مسودة القانون المطروحة تستثني قتلة العسكريين وجرائم المجلس العدلي ولا تتحدث عن عفو شامل، بل عن عفو جزئي مدروس. ورأت أن الرفض السياسي ليس قانونياً بقدر ما هو مزايدة شعبوية وإمعان في استخدام ملف السجون كورقة ضغط. وسط الإشارة أيضاً إلى المحكمة العسكرية وصلاحياتها الإستثنائية التي تُدار غالبيتها من ضباط جيش من دون أيه خبرة في مجال المحاكم، مقارنة مع القاضي العدلي الذي يمضي سنوات في معهد الدروس القضائية، والمحاكم المدنية قبل تسلمه أي مركز جزائي حساس، علماً أن هذه المحكمة الاستثنائية كانت تُستخدم كأداة بوجه خصوم «المنظومة»، في قضايا تتجاوز منطق العدالة إلى منطق «غبّ الطلب».
لا عدالة بدون إصلاح قضائي
أزمة الاكتظاظ لن تُحل بتفعيل قاعة واحدة. والأزمة القضائية لن تُعالج بجلسات تجميلية داخل السجن. المطلوب وبغض النظر عن إقرار اقتراح قانون العفو الجزئي المطروح من عدمه، إصلاح شامل يبدأ بزيادة موازنة السلطة القضائية وتأهيل قصور العدل المتهالكة، وتعديل صلاحيات المحكمة العسكرية وحصرها بالعسكريين أسوة بجميع دول العالم، مروراً بتجربة المجلس العدلي وأحكامه غير القابلة للطعن وإعادة التوازن للعدالة من خلال إنصاف المسجونين، وفتح الباب لمراجعة أحكام صدرت في ظل ظروف سياسية ضاغطة.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


ليبانون ديبايت
منذ ساعة واحدة
- ليبانون ديبايت
إعادة إعمار الجنوب: فضل الله يعلن اقتراب نهاية المرحلة الأولى
قال النائب حسن فضل الله إن المرحلة الاولى من اعادة الاعمار والتي قام بها حزب الله شملت "400 ألف اسرة بين إيواء أي تأمين ايجار لمدة سنة وتأمين بدل أثاث المنزل للذين تهدمت منازلهم بشكل كامل واصلاح الأضرار من خلال دفع قيمة بدل ترميم المنازل المتضررة مهما كان مستوى الضرر". وفي تصريح لوكالة "رويتر"، أوضح فضل الله أنَّ "المرحلة الأولى من إعادة الأعمار أصبحت تشارف على نهايتها رغم محاولات العرقلة من جهات خارجية وأيضا أحيانا من خلال بعض الإجراءات الداخلية، وهذه العرقلة هي لمنع وصول الأموال إلى المتضررين لأن هذا المال الذي سيصل إلى لبنان هو للناس والذين يحاولون تعطيل وصول هذا المال انما هم يمنعونه عن مواطنين لبنانيين تضررت منازلهم بسبب العدوان الإسرائيلي". وأشار إلى أن "ملف إعادة الاعمار هو بالأساس من مسؤولية الحكومة اللبنانية وعليها تأمين الأموال اللازمة لتدفع إلى المتضررين، ولكن الحكومة الحالية لم تجر أي تحركات فعالة في هذا السياق". وقال: "لا يمكن للدولة أن تبنى وأن تنجح وأن تستقر في الوقت الذي تترك مئات الآلاف من الشعب اللبناني يعانون جراء استمرار الاحتلال الإسرائيلي والاعتداءات الإسرائيلية وعدم إعادة الإعمار، نحن نتحدث عن عشرات آلاف البيوت المهدمة يسكنها مئات آلاف اللبنانيين، هؤلاء إذا بقوا خارج بيوتهم وإذا شعروا أن الدولة تخلت عنهم فلا يمكن لهذه الدولة حينها أن تستقر، هل يمكن أن يستقر جزء من الوطن وجزء آخر يتألم؟ هذا لا يستقيم".

القناة الثالثة والعشرون
منذ ساعة واحدة
- القناة الثالثة والعشرون
إعادة إعمار الجنوب: فضل الله يعلن اقتراب نهاية المرحلة الأولى
قال النائب حسن فضل الله إن المرحلة الاولى من اعادة الاعمار والتي قام بها حزب الله شملت "400 ألف اسرة بين إيواء أي تأمين ايجار لمدة سنة وتأمين بدل أثاث المنزل للذين تهدمت منازلهم بشكل كامل واصلاح الأضرار من خلال دفع قيمة بدل ترميم المنازل المتضررة مهما كان مستوى الضرر". وفي تصريح لوكالة "رويتر"، أوضح فضل الله أنَّ "المرحلة الأولى من إعادة الأعمار أصبحت تشارف على نهايتها رغم محاولات العرقلة من جهات خارجية وأيضا أحيانا من خلال بعض الإجراءات الداخلية، وهذه العرقلة هي لمنع وصول الأموال إلى المتضررين لأن هذا المال الذي سيصل إلى لبنان هو للناس والذين يحاولون تعطيل وصول هذا المال انما هم يمنعونه عن مواطنين لبنانيين تضررت منازلهم بسبب العدوان الإسرائيلي". وأشار إلى أن "ملف إعادة الاعمار هو بالأساس من مسؤولية الحكومة اللبنانية وعليها تأمين الأموال اللازمة لتدفع إلى المتضررين، ولكن الحكومة الحالية لم تجر أي تحركات فعالة في هذا السياق". وقال: "لا يمكن للدولة أن تبنى وأن تنجح وأن تستقر في الوقت الذي تترك مئات الآلاف من الشعب اللبناني يعانون جراء استمرار الاحتلال الإسرائيلي والاعتداءات الإسرائيلية وعدم إعادة الإعمار، نحن نتحدث عن عشرات آلاف البيوت المهدمة يسكنها مئات آلاف اللبنانيين، هؤلاء إذا بقوا خارج بيوتهم وإذا شعروا أن الدولة تخلت عنهم فلا يمكن لهذه الدولة حينها أن تستقر، هل يمكن أن يستقر جزء من الوطن وجزء آخر يتألم؟ هذا لا يستقيم". انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة. انضم الآن شاركنا رأيك في التعليقات تابعونا على وسائل التواصل Twitter Youtube WhatsApp Google News

القناة الثالثة والعشرون
منذ 2 ساعات
- القناة الثالثة والعشرون
فضل الله يكشف عدد الأسر المستفيدة من المرحلة الأولى لإعادة الإعمار
قال النائب حسن فضل الله إن المرحلة الاولى من اعادة الاعمار والتي قام بها حزب الله شملت "٤٠٠ ألف اسرة بين إيواء أي تأمين ايجار لمدة سنة وتأمين بدل أثاث المنزل للذين تهدمت منازلهم بشكل كامل" واصلاح الأضرار من خلال دفع قيمة بدل ترميم المنازل المتضررة مهما كان مستوى الضرر وقال في تصريح لوكالة رويترز "المرحلة الأولى من إعادة الأعمار أصبحت تشارف على نهايتها رغم محاولات العرقلة من جهات خارجية وأيضا أحيانا من خلال بعض الإجراءات الداخلية، وهذه العرقلة هي لمنع وصول الأموال إلى المتضررين لأن هذا المال الذي سيصل إلى لبنان هو للناس.والذين يحاولون تعطيل وصول هذا المال انما هم يمنعونه عن مواطنين لبنانيين تضررت منازلهم بسبب العدوان الإسرائيلي. وأشار إلى أن ملف إعادة الاعمار هو بالأساس من مسؤولية الحكومة اللبنانية وعليها تأمين الأموال اللازمة لتدفع إلى المتضررين، ولكن الحكومة الحالية لم تجر أي تحركات فعالة في هذا السياق. وقال: لا يمكن للدولة أن تبنى وأن تنجح وأن تستقر في الوقت الذي تترك مئات الآلاف من الشعب اللبناني يعانون جراء استمرار الاحتلال الإسرائيلي والاعتداءات الإسرائيلية وعدم إعادة الإعمار، نحن نتحدث عن عشرات آلاف البيوت المهدمة يسكنها مئات آلاف اللبنانيين، هؤلاء إذا بقوا خارج بيوتهم وإذا شعروا أن الدولة تخلت عنهم فلا يمكن لهذه الدولة حينها أن تستقر، هل يمكن أن يستقر جزء من الوطن وجزء آخر يتألم؟ هذا لا يستقيم." انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة. انضم الآن شاركنا رأيك في التعليقات تابعونا على وسائل التواصل Twitter Youtube WhatsApp Google News