
أردوغان والمعارضة في انتخابات تركيا القادمة: توقعات الربح والخسارة
كنّا نحن الصحفيين والمحللين السياسيين، ومنذ انطلاق الثورة السورية، نتحدث عبر شاشات التلفاز عن التحولات الجيوسياسية الجديدة في الشرق الأوسط، وعن تزايد النفوذ التركي في المنطقة. ولم نكن وحدنا في ذلك؛ فالرئيس الأميركي دونالد ترامب والإعلام العالمي بأسره كانوا يتناولون الأمر ذاته.
غير أن مجريات الأمور داخل تركيا شهدت منعطفًا مفاجئًا في شهر فبراير/ شباط من هذا العام، حين أطلق النائب العام في إسطنبول سلسلة تحقيقات طالت بلديات تابعة لأحزاب المعارضة وبعض وسائل الإعلام، وتوّّجت بفتح قضايا بحق رئيس بلدية إسطنبول الكبرى، أكرم إمام أوغلو، وعدد من معاونيه.
ومنذ ذلك الحين، لم يغادر هذا الموضوع الشاشات، إذ انصبّ جلّ اهتمام الرأي العام على هذه التحقيقات لما يقرب من شهر كامل.
لكن هذا التغير المفاجئ في جدول الأحداث لم يكن وليد تطورات استثنائية أو غير اعتيادية، وإنما لا يمكن فهمه دون التوقف قليلًا عند طبيعة وضع المعارضة داخل تركيا.
حال المعارضة في تركيا
من النظرة الخارجية، ومن خلال ما يُنشر من أخبار، قد يتكوّن انطباع مفاده أن الدولة التركية تسعى إلى إسكات المعارضة، والزجّ بها في السجون، وفرض مشهد سياسي خالٍ من أي صوت معارض. وإذا ما نظرنا إلى عدد القضايا المفتوحة والأسماء التي أُدخلت السجن، فلن نجد هذا الانطباع بعيدًا كل البعد عن الواقع.
لكن الحقيقة أكثر تعقيدًا. فقد شارك في الانتخابات الأخيرة في تركيا خمسةٌ وثلاثون حزبًا سياسيًا، من بينها اثنان وثلاثون تعدّ في صفوف المعارضة. وحاليًا، ثمة ستة عشر حزبًا ممثلًا في البرلمان، ثلاثة عشر منها تنتمي إلى المعارضة. أما القنوات التلفزيونية التي تدعم المعارضة فهي الأكثر مشاهدة، وصحفها هي الأكثر مبيعًا.
بمعنى آخر، فإن المعارضة لا تزال حاضرة بفاعلية في المشهد السياسي، ولكنها محقّة في نقطة جوهرية: إذ بينما لا تُفتح أي تحقيقات بحق البلديات والمؤسسات الإعلامية التابعة للسلطة، فإن التحقيقات القضائية لا تكاد تنقطع ضد الجهات المعارضة، مما يصعّب تفسير هذا التفاوت في المعاملة.
وقد يُفاجَأ القارئ إذا علم أن قسمًا مهمًا من تلك القضايا أُطلق بمبادرة من أعضاء في المعارضة أنفسهم. فعلى سبيل المثال، في مؤتمر عام لحزب الشعب الجمهوري (CHP) عام 2023، قام أعضاء من الحزب بالإبلاغ طوعًا السلطات القضائية عن شراء أصوات المندوبين بالرشوة، وهو ما أدى إلى فتح قضايا. كذلك، أبلغ موظفون في بلدية بيكوز التابعة للحزب ذاته عن تورّط رئيس البلدية في قضايا فساد، فتم فتح ملفات ضده.
وفي آخر سلسلة من التحقيقات التي طالت أكرم إمام أوغلو ومرافقيه، أعلن الرئيس رجب طيب أردوغان بنفسه أن القسم الأكبر من الشكاوى والمعلومات المقدّمة إلى القضاء جاءت من شخصيات تنتمي إلى حزب الشعب الجمهوري.
ما الذي يدفع إلى مثل هذا السلوك؟ السبب يكمن في احتدام صراع القوى داخل الحزب الرئيسي للمعارضة، حتى قبل أن يصل إلى السلطة. وبما أنه لا توجد قوى سياسية بديلة حقيقية لحزب العدالة والتنمية (AKP)، فإن هذا الصراع الداخلي داخل المعارضة يزداد شدة.
لذلك بات مألوفًا في الأوساط التركية قولهم: "تركيا لا تعاني من أزمة سلطة، بل من أزمة معارضة".
في ظلّ النجاحات الإقليمية التي تحققت في الملف السوري، وتنامي مكانة تركيا عالميًا، يُطرح السؤال: لماذا ينشغل الرأي العام بقضايا تحقيقية تضرّ بحزب العدالة والتنمية بدلًا من التركيز على إنجازاته؟
تبدو قيادة الحزب مرتبكة نوعًا ما في التعامل مع هذا الملف، إذ تقول إن السلطة القضائية ملزمة قانونيًا بمتابعة البلاغات والشكاوى المتعلقة بالفساد، ولا يمكنها تجاهلها مراعاةً لحسابات سياسية. أما القضاء نفسه، فيؤكد أنه لا يتحرك بناءً على الأجندة السياسية أو حساسياتها، ولهذا لا يمكن منع هذه التحقيقات من تصدّر الساحة.
بيدَ أن هناك قضيتين أساسيتين لا ينبغي إغفالهما:
أولًا: النظام القضائي في تركيا يخضع منذ خمس سنوات لنقاش مستمر حول مدى حياده واستقلاله، وقد تراجعت ثقة المجتمع فيه بشكل حاد. فتركيا، ومنذ نحو خمسين عامًا، لم تنجح في حل معضلة تسييس القضاء، وهي ليست مشكلة تقتصر على حزب بعينه، بل مشكلة بنيوية طالما عانى منها جميع من تولى السلطة.
اليوم، حتى إذا أثبتت التحقيقات وجود فساد في بلدية معارضة أو ضد شخصية بعينها، فإن إقناع الرأي العام بذلك يبدو عسيرًا. بل إن بثّ مشاهد حية لأخذ الرُّشا وتبادل الأموال لا يضمن تصديق الناس، نظرًا لما بلغه انعدام الثقة في العدالة من عمق.
ثانيًا: تمويل السياسة لا يزال معضلة مستعصية. وتُعد أبرز مزاعم التحقيقات الأخيرة أن ملايين الدولارات التي اختُلست من بلديات معارضة كانت تهدف إلى تمويل الحملة الانتخابية للرئاسة المقبلة.
فالعمل السياسي مكلف للغاية، وتلجأ الأحزاب أحيانًا إلى استغلال موارد البلديات ومزايا السلطة لتأمين التمويل. ورغم أن الأحزاب مؤسسات قائمة على التبرعات، فإن هذه التبرعات لا تفي بالحاجة، مما يدفع البعض إلى طرق أبواب التمويل غير القانوني.
ومن الشائع الحديث في كل موسم انتخابي عن دفع مبالغ ضخمة وغير مُعلَنة لقاء الترشح لمناصب نيابية أو بلدية. وقد جرت محاولات سابقة لسنّ قوانين تنظّم تمويل الحياة السياسية وتجعلها شفافة وخاضعة للرقابة، لكنها باءت بالفشل.
تزعم المعارضة أن التحقيقات الجارية بحق أكرم إمام أوغلو وفريقه إنما هي مؤامرة دبّرتها السلطة الحاكمة، وتصفها بأنها مختلقة ولا أساس لها من الصحة.
لكن، هل آتت هذه التحقيقات أُكُلها لصالح الحكومة؟ أعتقد أن الجواب هو: لا.
ففي انتخابات 2019، فاز إمام أوغلو بمنصب رئيس بلدية إسطنبول بفارق خمسة عشر ألف صوت، لكن تم إلغاء النتيجة بزعم وجود تلاعب.
حينها اتّهمت المعارضة السلطة الحاكمة بالتدخل السياسي، غير أن الإعادة الانتخابية جاءت بنتيجة مدوّية، إذ فاز إمام أوغلو بفارق 800 ألف صوت، وسجّل بذلك أكبر خسارة انتخابية في تاريخ حزب العدالة والتنمية.
يكمن السبب في ذلك في الحساسية العالية التي يبديها الناخب التركي تجاه مظلومية الأشخاص. وهذه ظاهرة موثّقة بتاريخ طويل من الأمثلة.
وقد تترك التحقيقات الراهنة أثرًا مشابهًا، فإذا اقتنع الناخبون بأن أكرم إمام أوغلو وحزبه يتعرضان للاضطهاد، فقد يمنحونه وحزبه تأييدًا كاسحًا.
ورغم أن المعارضة تدّعي أن الهدف من التحقيقات هو إقصاء إمام أوغلو سياسيًا، فإن ثمة بُعدًا آخر؛ فمرشح الحزب الآخر، منصور يافاش، رئيس بلدية أنقرة، يحظى بشعبية أكبر منه، بل إن استطلاعات الرأي تُظهر أنه قادر على الفوز في حال ترشّحه.
غير أن فئة داخل الحزب تُفضّل ترشيح إمام أوغلو؛ بسبب الصراع الداخلي على القيادة، وتسعى لتقديمه على غيره.
وعليه، فإن كانت الحكومة تعوّل على هذه التحقيقات لقطع الطريق أمام المعارضة، فهي مخطئة. فالسياسي لا يُهزم إلا في صناديق الاقتراع، لا في أروقة المحاكم.
نقاط القوة والضعف
ردّت المعارضة سريعًا على التحقيقات بإطلاق حملة اتصالات سياسية قوية، ونظّمت خلال أسبوع واحد تظاهرات ضخمة شارك فيها عشرات الآلاف، مستثمرةً بذلك حالة المظلومية لصالحها. وقد تمكّنت من فرض سيطرتها النفسية على المشهد السياسي، ويُعتقد أنها لو دخلت انتخابات مبكرة خلال عام واحد فستفوز على الأرجح.
لكنّ أمام الانتخابات ثلاث سنوات كاملة، ولا يمكن التوجّه لانتخابات مبكرة دستوريًا دون موافقة حزب العدالة والتنمية.
وهنا تبرز ثلاثة تحديات أمام المعارضة:
أن تواصل زخمها السياسي على مدار ثلاث سنوات، وتُقنع الجمهور بقدرتها على إدارة الدولة، وتُبقي مظلوميتها حاضرة في الوعي العام.
أن تُنهي الصراع الداخلي داخل حزب الشعب الجمهوري، وتحافظ على وحدة الصف وتضامن أحزاب المعارضة.
أن تستوعب التحولات الدولية، وتستجيب للمخاوف الأمنية الناتجة عن الحروب والأزمات، وتُخرج من بين صفوفها زعيمًا يُضاهي الرئيس أردوغان في الثقة والقبول العالمي.
وهذه جميعها تحديات صعبة على المعارضة، بينما تملك أفضلية في ملف المظلومية وأخطاء السلطة.
أما نقاط القوة والضعف في صف الحكومة، فهي كالتالي:
الاقتصاد الذي بدأ يتعافى عاد إلى دائرة الخطر، والمخاوف الاقتصادية لدى الناس تزايدت. وقد أنفقت الدولة 25 مليار دولار لموازنة سعر الصرف، مما أثقل كاهل الخزينة. وإذا لم تُعالَج هذه المشكلات قبل الانتخابات، فإن خسارتها مرجّحة.
ضرورة حلّ أزمة تمويل السياسة، وتعزيز ثقة المواطنين بمنظومة العدالة لمكافحة الفساد بفاعلية.
الحاجة إلى سن قوانين وتنظيمات جديدة تُخضع البلديات والمؤسسات التابعة للسلطة لرقابة عادلة وشفافة تُثبت خلوّها من الفساد.
اكتسبت تركيا، بفضل الثورة السورية، مكانة دولية مرموقة، وحقق أردوغان نجاحات كبيرة في ملفات أوكرانيا، وغزة، وسوريا، مما جعله الشخصية الأكثر ثقةً داخل تركيا.
أطلق الرئيس مشروعات ضخمة في مجالات الدفاع، والتكنولوجيا، والطاقة، والسياسة الخارجية، مما عزز اقتصاد البلاد وثقة الجمهور بقدراته القيادية.
إذا نجحت مبادرة "تركيا بلا إرهاب" في حمل حزب العمال الكردستاني على إلقاء السلاح وإنهاء التهديد، فستكون مكسبًا إستراتيجيًا ضخمًا للحكومة، وستنعكس إيجابًا على شعبيتها.
ثلاث سنوات قادرة على قلب الموازين
صحيح أن الأجواء النفسية في الداخل التركي تميل حاليًا نحو المعارضة، إلا أن الموقف الدولي لا يزال يفضل حزب العدالة والتنمية وأردوغان. حتى الولايات المتحدة وأوروبا لم تصدر عنهما انتقادات جادة بخصوص التحقيقات الجارية، مما يدل على أن التوازن الخارجي ما زال يميل لصالح الحكومة.
وإذا ما نظرنا إلى أن الانتخابات الرئاسية المقبلة لن تُجرى قبل عام 2028، فإن الوقت لا يزال طويلًا، وكفيلًا بقلب الطاولة على جميع الأطراف.
ومن المؤكد أن المعارضة والسلطة ستبذلان أقصى جهودهما للحفاظ على موقعيهما خلال هذه المدة. غير أن التحولات الدولية أثبتت قدرتها على التأثير العميق، وهو ما يجعل من حظوظ المعارضة أقل، بالنظر إلى قلة خبرتها وصعوبة إقناعها للجمهور.
وفي المقابل، لا بدّ من التنويه إلى أن الحكومة نفسها باتت بحاجة إلى انطلاقة جديدة وهجوم سياسي متجدّد.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


جريدة الوطن
منذ 14 ساعات
- جريدة الوطن
قطر تجدد دعمها الكامل لسوريا
نيويورك- قنا- جددت دولة قطر دعمها الكامل للجمهورية العربية السورية بما يسهم في تحقيق تطلعات شعبها الشقيق في الأمن والاستقرار والتنمية، وبما ينعكس إيجابيا على مستقبل سوريا والمنطقة ككل. جاء ذلك في بيان دولة قطر الذي ألقته سعادة الشيخة علياء أحمد بن سيف آل ثاني، المندوب الدائم لدولة قطر لدى الأمم المتحدة، في اجتماع الإحاطة لمجلس الأمن حول بند الحالة في الشرق الأوسط (سوريا)، في مقر الأمم المتحدة في نيويورك. وأكدت سعادتها ترحيب دولة قطر بالخطوات الإيجابية التي تم اتخاذها في الجمهورية العربية السورية الشقيقة نحو التوافق الوطني، وترسيخ دولة القانون والمؤسسات، مشيدة بالانفتاح الذي أبدته الحكومة السورية للتعاون مع مختلف الهيئات الدولية والأممية، وهو ما يعكس التزاما واضحا بلعب دور إيجابي على الصعيدين الإقليمي والدولي في سبيل تحقيق الأمن والاستقرار وحماية حقوق الإنسان. وأوضحت أن دولة قطر تواصل دعمها الشامل للجمهورية العربية السورية الشقيقة في المجالات الإنسانية والإغاثية وجهود التعافي وتوفير الخدمات الأساسية، بما في ذلك استمرار توريد الغاز الطبيعي لتوليد الكهرباء. ولفتت سعادتها إلى أنه استمرارا لجهود دولة قطر والمملكة العربية السعودية الشقيقة في دعم تعافي اقتصاد الجمهورية العربية السورية الشقيقة، تم الإعلان عن سداد متأخراتها لدى مجموعة البنك الدولي التي تبلغ حوالي 15 مليون دولار، مما سيسهم في استئناف برامج البنك الدولي في سوريا، وإعادة بناء المؤسسات وتنمية القدرات وصنع وإصلاح السياسات لدفع وتيرة التنمية. وأشارت سعادة المندوب الدائم لدولة قطر لدى الأمم المتحدة إلى أن دولة قطر تواصل رعاية مصالح الجمهورية العربية السورية الشقيقة في منظمة حظر الأسلحة الكيميائية بهدف تعزيز الحوار البناء بين سوريا والمجتمع الدولي في مجالات عمل المنظمة. وقالت سعادتها «تؤكد دولة قطر أن تحسين الأوضاع الاقتصادية والإنسانية للشعب السوري الشقيق يجب أن يظل أولوية للمجتمع الدولي، لذا ترحب دولة قطر باعتزام فخامة الرئيس دونالد ترامب، رئيس الولايات المتحدة الأميركية الصديقة، رفع العقوبات عن الجمهورية العربية السورية الشقيقة، وتعده خطوة مهمة نحو دعم الاستقرار والازدهار في سوريا، وتعرب عن التقدير الكامل لجهود المملكة العربية السعودية الشقيقة والجمهورية التركية الشقيقة في هذا السياق».


العرب القطرية
منذ يوم واحد
- العرب القطرية
قطر تجدد دعمها الكامل لسوريا بما يسهم في تحقيق تطلعات شعبها في الأمن والاستقرار والتنمية
قنا جددت دولة قطر دعمها الكامل للجمهورية العربية السورية بما يسهم في تحقيق تطلعات شعبها الشقيق في الأمن والاستقرار والتنمية، وبما ينعكس إيجابيا على مستقبل سوريا والمنطقة ككل. جاء ذلك في بيان دولة قطر الذي ألقته سعادة الشيخة علياء أحمد بن سيف آل ثاني، المندوب الدائم لدولة قطر لدى الأمم المتحدة، في اجتماع الإحاطة لمجلس الأمن حول بند الحالة في الشرق الأوسط (سوريا)، في مقر الأمم المتحدة في نيويورك. وأكدت سعادتها ترحيب دولة قطر بالخطوات الإيجابية التي تم اتخاذها في الجمهورية العربية السورية الشقيقة نحو التوافق الوطني، وترسيخ دولة القانون والمؤسسات، مشيدة بالانفتاح الذي أبدته الحكومة السورية للتعاون مع مختلف الهيئات الدولية والأممية، وهو ما يعكس التزاما واضحا بلعب دور إيجابي على الصعيدين الإقليمي والدولي في سبيل تحقيق الأمن والاستقرار وحماية حقوق الإنسان. وأوضحت سعادتها أن دولة قطر تواصل دعمها الشامل للجمهورية العربية السورية الشقيقة في المجالات الإنسانية والإغاثية وجهود التعافي وتوفير الخدمات الأساسية، بما في ذلك استمرار توريد الغاز الطبيعي لتوليد الكهرباء. ولفتت سعادتها إلى أنه استمرارا لجهود دولة قطر والمملكة العربية السعودية الشقيقة في دعم تعافي اقتصاد الجمهورية العربية السورية الشقيقة، تم الإعلان عن سداد متأخراتها لدى مجموعة البنك الدولي التي تبلغ حوالي 15 مليون دولار، مما سيسهم في استئناف برامج البنك الدولي في سوريا، وإعادة بناء المؤسسات وتنمية القدرات وصنع وإصلاح السياسات لدفع وتيرة التنمية. وأشارت سعادة المندوب الدائم لدولة قطر لدى الأمم المتحدة إلى أن دولة قطر تواصل رعاية مصالح الجمهورية العربية السورية الشقيقة في منظمة حظر الأسلحة الكيميائية بهدف تعزيز الحوار البناء بين سوريا والمجتمع الدولي في مجالات عمل المنظمة. وقالت سعادتها "تؤكد دولة قطر أن تحسين الأوضاع الاقتصادية والإنسانية للشعب السوري الشقيق يجب أن يظل أولوية للمجتمع الدولي، لذا ترحّب دولة قطر باعتزام فخامة الرئيس دونالد ترامب، رئيس الولايات المتحدة الأمريكية الصديقة، رفع العقوبات عن الجمهورية العربية السورية الشقيقة، وتعدّه خطوة مهمّة نحو دعم الاستقرار والازدهار في سوريا، وتعرب عن التقدير الكامل لجهود المملكة العربية السعودية الشقيقة والجمهورية التركية الشقيقة في هذا السياق."


جريدة الوطن
منذ 2 أيام
- جريدة الوطن
تفاقم الكارثة الإنسانية في غزة
غزة- قنا- الأناضول- يواصل الكيان الإسرائيلي تصعيد عدوانه على قطاع غزة المحاصر، غير آبه بالتحركات والمناشدات الدولية المتكررة التي تحذر من تفاقم الكارثة الإنسانية. وتشنّ طائرات الاحتلال غارات عنيفة تستهدف منازل ومناطق سكنية في مختلف أنحاء القطاع، وسط عمليات نسف لأحياء بأكملها، ما يزيد من أعداد الضحايا والدمار. وفي ظل الحصار المفروض، يتدهور الوضع الإنساني بسرعة، مع تعمّق أزمة الغذاء والدواء، وانهيار شبه كامل للبنية التحتية في معظم المناطق. ورغم الإدانات الدولية، لا تزال حكومة الاحتلال الإسرائيلي ماضية في توسيع عملياتها العسكرية. وقد أفادت وسائل إعلام فلسطينية، بوقوع عشرات الشهداء، أمس الأربعاء، في قصف إسرائيلي على مناطق القطاع، لا سيما جباليا شمالا وخان يونس جنوبا. وتتزايد المواقف الدولية التي تعكس تحوّلا في لغة الخطاب تجاه إسرائيل. فقد أعلنت بريطانيا، استدعاء السفيرة الإسرائيلية في لندن تسيبي حوتوفلي للاستجواب الرسمي، كما قررت تعليق مفاوضات اتفاقية التجارة الحرة مع تل أبيب احتجاجا على ما وصفته بـ«توسيع حرب الإبادة» ضد الفلسطينيين في غزة. من جهتها، أعلنت السويد عن تحرّك دبلوماسي داخل الاتحاد الأوروبي للضغط من أجل فرض عقوبات على وزراء في الحكومة الإسرائيلية، في خطوة تعكس تنامي الغضب الأوروبي من استمرار الانتهاكات وغياب أي التزام بالمساءلة الدولية. أما في الولايات المتحدة، فقد نقل موقع والاه العبري عن مسؤولين اثنين في البيت الأبيض قولهما إنّ الرئيس الأميركي دونالد ترامب يشعر بـ«إحباط متزايد» من استمرار الحرب، وبـ«فزع» خاصة من صور الأطفال الفلسطينيين ومعاناتهم في غزة. وتواصلت مجازر الاحتلال الإسرائيلي أمس الأربعاء، ما أدى إلى وقوع شهداء وجرحى ومفقودين، خلال قصف منازل مأهولة في مناطق متفرقة بقطاع غزة، وذلك في إطار حرب الإبادة الوحشية المتسمرة منذ 20 شهرا. واستشهد 51 فلسطينيا، بينهم نساء وأطفال، في تصعيد شمل استهداف «مستشفى العودة» ضمن الإبادة الإسرائيلية المستمرة ضد القطاع منذ 20 شهرا. وقالت مصادر طبية وأخرى في الدفاع المدني لمراسل الأناضول إن الهجمات الإسرائيلية طالت منازل في شمال ووسط وجنوب القطاع، فيما لا تزال طواقم الدفاع المدني والطواقم الطبية تبحث عن مفقودين تحت الأنقاض. وفي أحدث الغارات، استشهد 6 فلسطينيين جراء قصف بطائرة مسيرة استهدف تجمعا للمواطنين بشارع النفق في مدينة غزة، بحسب مصادر طبية.. كما أعلنت إدارة «مستشفى العودة» في تل الزعتر بمخيم جباليا، شمالي القطاع، أن قصفا مدفعيا إسرائيليا استهدف الطابق الثالث من المستشفى، دون أن توضح حجم الأضرار أو ما إذا كانت هناك إصابات بشرية. وخلال الساعات الماضية، أفادت المصادر الطبية أن فرق الإنقاذ من الدفاع المدني انتشلت 15 جثمانا من تحت أنقاض منازل تعرضت للقصف الليلة الماضية. في شمال قطاع غزة، استشهد 12 فلسطينيا وأصيب آخرون بينهم أطفال جراء استهدف منزلين في بلدة جباليا، وفق ما أفاد به مصدر طبي لمراسل الأناضول. وذكر شهود عيان أن طواقم الإنقاذ تواصل البحث عن مفقودين تحت أنقاض المنزلين. كما استشهد 7 فلسطينيين جراء قصف بطائرة مسيرة استهدف تجمعا للمواطنين في بلدة جباليا، بحسب مصادر طبية. وفي مدينة دير البلح وسط القطاع، استشهد 5 فلسطينيين بينهم طفل رضيع، وأصيب 10 آخرون بقصف استهدف منزلا. وفي مخيم النصيرات استشهد طفلان فلسطينيان جراء قصف جوي إسرائيلي استهدف منطقة تبة النويري غرب مخيم النصيرات وسط القطاع، بحسب بيان صادر عن مستشفى العودة. أما في مدينة خان يونس جنوبي القطاع، فأسفر قصف إسرائيلي عن مقتل 4 فلسطينيين وإصابة آخرين، إضافة إلى وجود مفقودين، إثر استهداف منزل لعائلة «المصري» قرب محطة التحلية شرق المدينة. من جهة أخرى قالت إذاعة الجيش الإسرائيلي إن ألوية عسكرية إضافية انضمت إلى الحرب على قطاع غزة، في إطار توسيع العمليات البرية تطبيقا لخطة توسيع احتلال القطاع وتهجير سكانه. وأضافت: «يوسع الجيش الإسرائيلي نطاق قواته في قطاع غزة، بدخول ألوية إضافية إلى أراضي قطاع غزة الليلة الماضية للمشاركة في المناورة البرية كجزء من عملية عربات جدعون». ووفق إعلام عبري رسمي، فإن هدف العملية التي أُقرت مطلع الشهر الجاري ومن المرجّح أن تستمر لأشهر هو «الإخلاء الشامل لسكان غزة بالكامل من مناطق القتال، بما في ذلك شمال غزة، إلى مناطق في جنوب القطاع»، على أن «يبقى» الجيش في أي منطقة «يحتلّها». وذكرت إذاعة الجيش أن «من بين الألوية التي دخلت القتال في مناطق مختلفة من قطاع غزة الليلة قبل الماضية لواء ناحال ولواء غولاني».