
مفاوضات مشروطة بين مجلس قبلي و"طالبان باكستان" وسط تصاعد العنف
الباكستانية، دعا أعضاء مجلس السلام في منطقة باجور حركة طالبان باكستان إلى
مغادرة المناطق السكنية والعودة إلى أفغانستان، أو على الأقل التوجه إلى الجبال في
حال أصرّت على استمرار القتال. الدعوة، التي صدرت في العاشر من أغسطس الجاري، جاءت
خلال الجولة الأولى من المحادثات بين المجلس وممثلي الحركة، بحسب ما نقلته قناة
جيو نيوز الباكستانية، في وقت تتصاعد فيه الاشتباكات والهجمات المسلحة في هذه
المناطق. ووفقًا لما أكده عضو المجلس خليل الرحمن، فقد طلب ممثلو طالبان باكستان
مهلة للتشاور مع قادتهم قبل تقديم رد نهائي، مع الإشارة إلى أن جولة ثانية من
المحادثات جرت لاحقًا، دون أن تُفضي إلى نتائج حاسمة.
تعكس هذه المحادثات غير المباشرة، التي يقودها زعماء محليون بدافع من
الحاجة إلى الأمن والاستقرار، حجم الأزمة المتنامية التي تواجهها باكستان في
المناطق الحدودية مع أفغانستان، خاصة في ظل الاتهامات الرسمية المتكررة التي
توجهها إسلام آباد إلى كابول، بكونها توفر ملاذًا آمنًا لقيادات طالبان باكستان.
في المقابل، تنفي حركة طالبان الأفغانية هذه الاتهامات، وتصر على أن الحركة
الباكستانية تنشط داخل الأراضي الباكستانية فقط، رغم ما ورد في تقارير أممية حديثة
تُشير إلى أن طالبان الأفغانية تقدم دعمًا لوجستيًا وعملياتيًا لنظيرتها
الباكستانية، التي يُقدر عدد مقاتليها بنحو 6000 عنصر.
حركة تحت الضغط: من النفوذ إلى التشرذ
م
تشكلت حركة طالبان باكستان في أواخر عام 2007 كتحالف فضفاض يضم
مجموعات جهادية وطائفية تنشط في المناطق القبلية، تحت قيادة بيت الله محسود، الذي
كان آنذاك يُعد من أبرز المحاربين المخضرمين في جنوب وزيرستان. وخلال سنوات قليلة،
تمكنت الحركة من بسط نفوذها على معظم الإقليم، ووصلت بعملياتها المسلحة إلى مدن
كبرى مثل بيشاور وكراتشي ولاهور، ما جعلها تمثل تهديدًا وجوديًا حقيقيًا للدولة
الباكستانية، إلى أن جاءت عملية "ضربة عضب" العسكرية الواسعة في يونيو
2014، التي قلبت المعادلة وأجبرت قادة الحركة على الفرار إلى المناطق الشرقية من
أفغانستان.
منذ تلك الضربة العسكرية، تراجع حضور الحركة إلى مجرد مجموعات صغيرة
منفية تنفذ عمليات متفرقة في المناطق القبلية، مع تآكل تدريجي في قدراتها
التنظيمية والقيادية. وقد تزامن هذا التراجع مع مقتل قيادات بارزة مثل حكيم الله
محسود والملا فضل الله في غارات أميركية بالطائرات المسيّرة، وهو ما ولّد أزمة حادة
في القيادة، دفعت بعض الفصائل للانفصال، احتجاجًا على اختيار شخصيات غير قبلية على
رأس التنظيم، في إشارة إلى تولي فضل الله قيادة الحركة رغم كونه من خارج قبيلة
محسود التي كانت تُهيمن تقليديًا على القرار داخل طالبان باكستان.
لكن هذا الانهيار لم يكن نهاية القصة، إذ سرعان ما بدأت الحركة، تحت
قيادة مفتي نوروالي محسود منذ يونيو 2018، في إعادة تنظيم صفوفها. فبفضل خلفيته
القبلية والعلمية كعالم دين ومحارب قديم، استطاع المفتي استعادة جزء من التماسك
الداخلي، وجذب فصائل منشقة مثل جناح حكيم الله محسود وجماعة الأحرار وطالبان
البنجاب، بل وحتى عناصر من تنظيم القاعدة، إلى صفوف الحركة مجددًا. ومع كل بيان
ولاء جديد، كانت الحركة تُعلن عودتها كقوة موحدة تسعى إلى تثبيت حضورها في المناطق
الحدودية مجددًا.
علاقات معقدة بين طالبان كابول وإسلام آباد
في قلب هذا المشهد الأمني المعقّد تقف علاقة طالبان باكستان مع كل من
الحكومة الباكستانية وحكومة طالبان الأفغانية. فمن جهة، ترى إسلام آباد أن طالبان
باكستان تمثل تهديدًا مباشرًا لأمنها الداخلي، وتتهم كابول بالتقاعس عن اتخاذ
إجراءات حازمة ضد قادتها الذين تقول إنهم يتحركون بحرية في الأراضي الأفغانية. ومن
جهة أخرى، تظهر حكومة طالبان الأفغانية ترددًا واضحًا في التعاطي مع هذا الملف،
حيث ترفض تنفيذ عمليات ضد طالبان باكستان، وتتحدث عن كونها حركة تنشط داخل باكستان
وليست على الأراضي الأفغانية.
ويرى مراقبون أن حركة طالبان الأفغانية تواجه مأزقًا مزدوجًا؛ فهي من
جهة لا تريد أن تخسر حليفًا أيديولوجيًا وتاريخيًا كطالبان باكستان، الذي لطالما
أعلن ولاءه لها ولم يصدر عنه أي موقف عدائي ضدها، ومن جهة أخرى تسعى طالبان كابول
إلى تحسين علاقاتها الإقليمية، وتجنب مزيد من الضغوط الدولية، خصوصًا في ظل التقارير
التي تُشير إلى أن ترددها في كبح جماح الجماعات المتطرفة قد يُهدد أمن المنطقة
بأكملها.
أما على الجانب الباكستاني، فإن السلطات تحاول التوفيق بين نهج أمني
صارم تجاه طالبان باكستان، وبين محاولات الحوار مع زعماء قبليين أو فاعلين محليين
يمكنهم التوسط لتخفيف التصعيد. هذا النهج، وإن كان يُظهر مرونة تكتيكية، إلا أنه
يعكس عجزًا استراتيجيًا في التعامل مع جذور المشكلة، خاصة في ظل الإهمال المزمن
للمناطق القبلية وعدم دمجها فعليًا في النظام الإداري والسياسي الباكستاني، رغم
دمجها نظريًا في إقليم خيبر بختونخوا منذ عام 2018.
طالبان باكستان وداعش وخراسان.. تحالفات مستبعدة
رغم ما ورد في بعض التقارير الأممية عن إمكانية نشوء تحالف بين حركة
طالبان باكستان وتنظيم الدولة الإسلامية في ولاية خراسان، فإن الوقائع الميدانية
والدوافع الأيديولوجية تُشير إلى أن هذا السيناريو لا يزال مستبعدًا. فالحركتان،
رغم اشتراك بعض عناصرهما في تجارب قتالية سابقة تحت مظلة طالبان باكستان، تسلكان
اليوم طريقين مختلفين: طالبان باكستان لا تزال ملتزمة بالنهج الديوبندي والهيكلية
القبلية، فيما تتبنى داعش خراسان أيديولوجية سلفية جهادية ترفض الانتماءات القبلية
وتُكفّر الجماعات الأخرى، بمن فيهم طالبان كابول.
وقد ساهم هذا التباين في نشوء صراعات دموية بين الطرفين، خاصة في شرق
أفغانستان. وتنظر داعش إلى طالبان كابول على أنها وكيلة للمخابرات الباكستانية،
فيما تعتبر طالبان باكستان تنظيم داعش مجرد أداة استخباراتية غربية. كما أن أنشطة
طالبان باكستان تتركز داخل الأراضي الباكستانية، ولا تملك سجلًا من العمليات
المستقلة داخل أفغانستان، بخلاف تنظيم الدولة الذي يسعى للتمدد العابر للحدود.
ورغم ذلك، لا يمكن استبعاد وجود تواصل أو تنسيق تكتيكي بين عناصر من
الرتب الوسطى في التنظيمين، خصوصًا في المناطق المتداخلة جغرافيًا على الحدود. لكن
التحالف التنظيمي الرسمي لا يزال مستبعدًا بسبب الخلافات الجوهرية في العقيدة
والتنظيم والتكتيك.
عودة حذرة إلى الحزام القبلي
تشير الوقائع الميدانية إلى أن طالبان باكستان بدأت في العودة
التدريجية إلى بعض المناطق القبلية الحدودية، خاصة شمال وجنوب وزيرستان، ومهمند،
وباجور، وهي مناطق محاذية للمقاطعات الشرقية من أفغانستان. وقد تحدث سكان محليون
وصحفيون ميدانيون عن تزايد عمليات القتل المستهدف، وفرض الإتاوات على السكان،
وعودة مظاهر التهديد والابتزاز، لا سيما من قبل جماعة الأحرار المرتبطة بطالبان
باكستان. وأكدت شهادات متعددة أن المسلحين باتوا يفرضون ما يُعرف بـ"ضرائب
الحماية"، ويستهدفون المعارضين والمتخلفين عن الدفع.
ورغم أن نشاط هذه الجماعات لا يُقارن بسيطرتها السابقة قبل عام 2014،
فإنها تُراكم تأثيرًا تدريجيًا في ظل غياب السلطة الحكومية الفعلية، واستمرار
الفراغ الأمني، وتراجع الاستثمار في البنية التحتية والخدمات. ويُحذّر مراقبون من
أن فشل الدولة في توفير التنمية والعدالة في هذه المناطق، قد يُمهّد الطريق أمام
عودة طالبان باكستان كقوة أمر واقع.
تاريخيًا، لم تُظهر الحكومة الباكستانية قدرة حقيقية على تثبيت
النظام في هذه المناطق إلا من خلال العمليات العسكرية الواسعة، دون أن تُتبع بخطط
تنمية مستدامة أو إصلاح سياسي عميق. ومن هنا، فإن الرهان على الحل الأمني فقط، دون
معالجة الأسباب الجذرية، قد يُفضي إلى إعادة تدوير الأزمة بدلاً من حلها.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة

وكالة أنباء براثا
منذ 4 ساعات
- وكالة أنباء براثا
رئيس الوزراء يترأس اجتماع اللجنة العليا للإعمار والاستثمار
التعليقات طاهر باقر : انا استغرب لماذا لابد ان يقدم شاب عراقي على الانتحار من اجل مسألة تافهة مثل هذه القضية ... الموضوع : انتحار طالب بعد عودته من الامتحان في واسط باقر : والنعم من النواصب الدواعش والجولاني ..... والنعم من اتباع الصحابة ... الموضوع : الاردن يطرد عدد من اطفال غزة المصابين وعوائلهم بحجة ان الاردن مفلس علي : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته نتمنى من أدارة المطار أن تسمح بدخول السيارات لأستقبال المسافر لأن نحن ... الموضوع : وزارة النقل تعلن قرب افتتاح ساحة النقل الخاص بمطار بغداد الدولي الحسين بن علي : الحفيد للجد السعيد ياجد عُد فكلنا اشتقنا لرؤياك وضحكة محياك ياعذب الماء ... الموضوع : صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل باقر : انت غلطان وتسوق الاوهام.... حثالات الأرض هم أهالي تكريت والانبار وديالى والموصل.... ... الموضوع : حماقة البعث والوجه الآخر لتكريت. ضياء عبد الرضا طاهر : حبيبي ھذا الارھابي محمد الجولاني ھو مثل جورج دبليوا بوش الصغير وترامب صعد وصار رئيس واستقبال حافل ... الموضوع : صورة للارهابي ابو محمد الجولاني عندما كان معتقلا في سجن بوكا عام 2005 ----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ... الموضوع : تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41) منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ... الموضوع : النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ... الموضوع : الحسين في قلب المسيح


ساحة التحرير
منذ 8 ساعات
- ساحة التحرير
خذوا العبرة من التاريخ!حمود النوفلي
خذوا العبرة من التاريخ: حمود النوفلي* يتداول هذه الأيام كثير من المرجفين والمنافقين بث روح الهزيمة والمطالبة بتسليم السلاح ورفع الراية البيضاء، وتعظيم قوة العدو وأنه لا يمكن مقاومته أو الانتصار عليه، وأن الحل هو التنازل له عن السيادة وعن أرض فلسطين وفوقها شرط أن يطبع كل العرب معه ويتعهدوا بعدم مقاومته ويتعهدوا بدمجه في المنطقة بالاقتصاد والزواج والسياحة وكل شيء، وعليه أود أن أذكر الجميع بعدة أمثلة ثم نختمها برد عن الواجب. * فيتنام: عانت سنوات من الحصار والقتل والتشريد، واضطر أبناؤها لحفر الأنفاق بأظافرهم وهم يواجهون أقوى دولة في العالم. والنتيجة: هزموا أمريكا وعاشوا أحرارًا. * أفغانستان: احتُلت من قبل الاتحاد السوفييتي ثم أمريكا، وهما أعظم قوتين في العالم، فحاصرهم العالم بأسره، واستمروا يقاتلون في الجبال عقودًا من الزمن رغم العذاب والدمار والتشريد. والنتيجة: انتصروا وهزموا القوتين العظميين، والآن يعيشون بسلام، هم وأجيالهم القادمة. * الجزائر: احتلتها فرنسا، إحدى أقوى دول العالم آنذاك، فقاومها شعبها لأكثر من 150 عامًا، وقدموا أكثر من مليون ونصف شهيد، ولا تزال جماجم أبطالهم حبيسة المتاحف الفرنسية. والنتيجة: انتصروا واستعادوا حريتهم، لهم ولأجيالهم. * ليبيا والصومال: احتلتهما إيطاليا لعقود، ورغم ذلك أصر أهل الأرض على المقاومة ورفضوا توقيع أي اتفاق استسلام أو تثبيت للاحتلال. والنتيجة: هُزمت إيطاليا، وتحررت الأرض، وبقي الشعب حرًّا. كل هذه الأمثلة كان فيها أهل الأرض وحدهم من يقاتلون، إذ لم تكن بلادهم مقدّسة تخص جميع المسلمين. فكيف بفلسطين؟! وهي أرض مقدّسة، ترتبط بعقيدة كل مسلم، كيف تُستثنى من هذا الواجب، ويُسلَّم جزء منها لمن وصفهم الله بأسوأ الصفات، وحذّر منهم مرارًا في كتابه العزيز، وجعل محاربتهم فرضًا من فروض الدين؟! هذه الأمثلة هي غيض من فيض، والتاريخ لم يشهد أبدًا أن شعبًا قدَّم تنازلات طواعية للمحتل بنسبة 72% من أرضه منذ أكثر من 32 عامًا، ومع ذلك لم يرضَ المحتل، فتمادى في القتل والنهب والتهجير في الـ22% المتبقية. والآن، يُطلب من أهل الأرض أن يُسلموا سلاحهم ويرفعوا الراية البيضاء، في وقت يُعلن فيه المحتل، وبشكل رسمي، نيته احتلال 100% من الأرض! إن هذا التخاذل والتنازل، وهذه الخيانة التي يمارسها بعض العرب، ستكون وصمة عار في جبين الأمة، لم يسبق لها مثيل في تاريخ الأمم، وستبقى مثالًا شاذًّا ومشينًا تتناقله الأجيال. لذلك، نقول: أفيقوا يا أمة الإسلام! قِفوا مع أهل فلسطين، وواجهوا الخونة الذين باعوا 78% من الأرض، ويتآمرون اليوم لبيع ما تبقى، حفاظًا على كراسيهم وصفقاتهم الدنيوية. أن تخاذلكم اليوم عن نصرة إخوانكم في الدين والعروبة، والقبول بعدو الله ورسوله أن توادوه وتصادقوه لهو هوان وخيانة وجريمة وذنب عظيم. أن صوتكم الهادر سوف يزلزل العدو ويقذف فيه الرعب، فلا يقبل العقل ولا المنطق أن تتحكم شرذمة لا يصل تعدادها 8 ملايين، تتحكم في أمم تعدادها يفوق 300 مليون، نعلم أن الغالبية غثاء كغثاء السيل، ولكن الأقلية لو قامت بالواجب لانتصرت لأن الحق لها، والأرض لها، والله وملائكته معها. كتبه المقهور من خيانة العرب/ حمود النوفلي. #غزه_تموت_جوعاً 2025-08-03


ساحة التحرير
منذ 8 ساعات
- ساحة التحرير
يا ماكراً ومنافقاً في ودِّنا عبثاً تحاولُ ليَّ قوة حشدِنا..!إيمان عبد الرحمن الدشتي
يا ماكراً ومنافقاً في ودِّنا عبثاً تحاولُ ليَّ قوة حشدِنا..! يا ماكراً ومنافقاً في ودِّنا عبثاً تحاولُ ليَّ قوة حشدِنا..! إيمان عبد الرحمن الدشتي لا يُعظّم الشرف إلا الشريف، ولا يُقدّر الغيرة إلا الغيور، ولا يفهم المبادئ والقيم إلا صاحبها وحاميها، ومَنْ دون هؤلاء، ممن يعلو صوتهم على الشرف والغيرة والمبادئ والقيم؛ فهم أراذل الخلق وأبواق سفارات الشر واللاهثين على فناء الدنيا ممن باعوا آخرتهم بالثمن الأوكس، مُصطفِّين معهم السُذّج والأغبياء الناعقون مع كل ناعق! لا نوجه لوماً لهذه الفئات التي تستشاظ غضباً وخُبثاً وسموماً وحقداً، على كل ما يَمُتّ بصِلة إلى ثوابتنا العقائدية، ومنها مؤسسة الحشد الشعبي المجاهدة، حيث الرجال الذين خبرناهم حُماة للأعراض والمقدسات، وسداً منيعاً بوجه هجمات الإذلال الخارجي، وخيانة أبناء الوطن العاقّين له والمسترخصين لعراقته وأصالته ولمقدساته، وبالتالي فإن هذه الثوابت تعارض مخططاتهم وغاياتهم الإجرامية. نداؤنا للبررة من أبناء الوطن، ومن تربّى على الأسس والأصول العقائدية والمجتمعية السليمة، أن 'كونوا أحراراً في دنياكم' كما قالها أبيُّ الظيم أبي عبد الله الحسين (عليه السلام) ولا يغرنّكم المفتونين بحب الدنيا، ولا المستعبَدين لأسياد الاستكبار، ولا في ما يدعون إليه من حل الحشد او تجريده من سلاحه، بحجة تقنين السلاح وسحب المنفلت منه. يستغبي ذاته من يؤيد هذه الصيحات المغرضة وهو يعلم علم اليقين، بأن الحشد مؤسسة حكومية، وضمن الأطر القانونية حاله حال الفصائل العسكرية، ورجاله أبناء الشعب الأوفياء الأُمناء، والحاجة إليه ما تزال قائمة ما دامت المؤامرات الصهيوأمريكية، فعبثاً يحاولون النيل منه. ليس الأمس ببعيد عنا حتى نُخدع ونَسحق ذممنا ونتنكّر لمعروف الحشد، يوم سخى بأبنائه وبأرواحهم ودمائهم، فهل يحقّ لنا أن نتناسى كيف كنا قاب قوسين او أدنى من أن نكون في خبر كان؟! حتى انتفض الغيارى الذين كانوا بانتظار إشارة الإذن الشرعي، ساعة تلقّوا من سيد النجف العظيم رخصة الإنطلاق، لتحرير الأرض وحماية الأعراض التي استباحها شُذّاذ الآفاق، واستهان لانتهاكها فاقدي الرجولة والحمية، فكان الحشد المقدس مولود الفتوى المباركة، والآن يأتي من يحاول النيل من غِيرته وشرفه؛ ليُسجّل لنفسه ولأسياده 'واهماً' موقفاً مفضوح النية مخزيّ النتيجة. من هنا ننتخي الألسن التي ما تذوّقت الحرام، والنفوس الأبية والأقلام الحرة؛ للدفاع عن مؤسسة الحشد ورجاله الأشاوس، فالخطر بات على مقربة منّا، ومشاهد استباحة الدماء في كل يوم تتعاظم إقليميا، والأفاعي السامّة فاغرة أفواهها بوجه العراق وشعبه، وليس من الحكمة إضعاف من كانوا وما زالوا القوة الرافضة لكل أشكال التركيع، وليعمل الجميع على فضح محاولات التآمر أيا كانت واجهاتها. الحشد الشعبي هو الشمس التي أشرقت على ربوع الوطن، مُذ عصفت رياح الظلام وكادت أن تُحيل نهاره إلى ليل حالِك، ولن يخفت بريق شعاعه بتأييد الله تعالى، وسيبقى القوة الضاربة للظالمين والمستكبرين، حتى يكون طيّعاً بين يدي صاحب العصر والزمان أرواحنا فداء لتراب مقدمه. 2/ آب/ 2025