logo
التمويل الإسلامي يحقق أسرع وتيرة نمو في العالم.. ما الذي يحركه؟

التمويل الإسلامي يحقق أسرع وتيرة نمو في العالم.. ما الذي يحركه؟

العربي الجديدمنذ 5 أيام
وسط اضطرابات الأسواق العالمية والتقلبات الحادة في معدلات الفائدة وأسعار الأصول، يواصل التمويل الإسلامي تسجيل معدلات نمو استثنائية جعلته يتصدر مشهد
الخدمات المالية
الأسرع نموا حول العالم. فخلال عام 2024 وحده، قفزت أصول القطاع بنسبة 12% لتتجاوز حاجز 5.5 تريليونات دولار للمرة الأولى في تاريخه، محققا أداء يتفوق على الأنظمة المصرفية التقليدية والأسواق الناشئة مجتمعة، وفقا لتحليل صادر عن مجموعة بورصة لندن (LSEG)، ونشر ضمن تقرير يوليو/تموز 2025 لبنك "ستاندرد تشارترد".
وأظهرت بيانات التقرير الصادر عن بنك ستاندرد تشارترد، بعنوان "التمويل الإسلامي للمؤسسات المالية.. فتح النمو وسط التحولات العالمية"، أن النمو التراكمي للأصول الإسلامية بلغ 43%، على مدى خمس سنوات (2020–2024)، وهو ما يضع القطاع في صدارة قائمة قطاعات التمويل المنظمة الأسرع نموا على مستوى العالم. ولا يقتصر هذا الصعود على
حجم الأصول
، بل يشمل اتساعا جغرافيا لافتا وابتكارات تنظيمية ورقمية تعيد تشكيل مستقبل الصناعة المالية الإسلامية. وكشفت بيانات التقرير أن التمويل الإسلامي لم يتأثر بالضغوط التضخمية العالمية، ولا بتغيرات أسعار الفائدة الحادة التي شهدتها البنوك المركزية في الدول الغربية.
وأكد التقرير أن صناعة التمويل الإسلامي حافظت على استقرارها بفضل بنيتها القائمة على الأصول، ونموذج
المشاركة في المخاطر
، والابتعاد عن أدوات الدين التقليدية. وتشير التقديرات إلى أن الأصول الإسلامية ستتجاوز 7.5 تريليونات دولار بحلول 2028، ما لم تحدث انعطافات كبرى في الأنظمة الرقابية أو التشريعية المعتمدة في الأسواق الرئيسة. فما الذي يدفع بهذا النمو المتسارع؟ ومن يقوده؟ وأين تتركز فرصه الأكبر؟ هذا ما يجيب عنه التقرير التالي:
اقتصاد عربي
التحديثات الحية
نمو أصول التمويل الإسلامي في قطر 4.1% إلى 683 مليار ريال
سر النمو المتسارع للتمويل الإسلامي
أظهر تقرير "ستاندرد تشارترد" أن تسارع نمو التمويل الإسلامي خلال عام 2024 يعود إلى ثلاثة عوامل رئيسية هي: الطلب المحلي المرتفع، والدعم التنظيمي، والتوسع الرقمي. وبحسب نتائج استطلاع "نبض المصارف الإسلامية 2025" المضمن في التقرير، قال 43% من المشاركين من القيادات المصرفية إن الطلب المحلي هو المحرك الأساسي للنمو، مشيرين إلى ازدياد توجه الأفراد والمؤسسات نحو المنتجات المالية المتوافقة مع الشريعة، خاصة في دول مثل السعودية وباكستان وإندونيسيا.
إلى جانب ذلك، أشار 20% من المشاركين إلى أن وجود بيئة تنظيمية داعمة يمثل عاملا حاسما في نمو القطاع، إذ شهد عام 2024 تحولات تنظيمية بارزة، أبرزها في باكستان التي أقرت تعديلا دستوريا لإلغاء التعاملات الربوية بحلول نهاية 2027، ما أطلق عملية تحول مصرفي شامل نحو النظام الإسلامي. كما فرضت إندونيسيا على البنوك التقليدية التي تتجاوز نسبة أصولها الإسلامية 50% أن تفصل وحداتها الإسلامية إلى كيانات مستقلة خلال عامين. ووفقا للتقرير، فإن التوسع الرقمي شكل المحرك الثالث للنمو، حيث أشار التقرير إلى أن 50% من البنوك الإسلامية بدأت فعليا باستخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي أو تخطط لاعتمادها قريبا، مع التركيز على أتمتة الخدمات، وتحليل البيانات، وتخصيص المنتجات بما يتناسب مع احتياجات العملاء الجدد. وبين التقرير أن هذا التوجه الرقمي ساهم في توسيع قاعدة العملاء، خصوصا في فئة الشباب، والشركات الصغيرة والمتوسطة، والفئات غير المخدومة مصرفيا.
من يقود النمو في التمويل الإسلامي عالمياً؟
كشف تقرير "ستاندرد تشارترد" أن قيادة النمو المتسارع في قطاع التمويل الإسلامي تعود بشكل أساسي إلى تحالف من الأسواق النشطة والبنوك الكبرى والهيئات التنظيمية، مع تصدر السعودية وماليزيا المشهد العالمي. وبحسب التقرير، جاءت السعودية في مقدمة الأسواق الدافعة للنمو، بعدما تجاوزت هدفها المعلن بتحقيق 22.5% من إجمالي أصول التمويل الإسلامي العالمي بحلول 2025، لتصل فعليا إلى 23% في عام 2024. ويعزو التقرير هذا التقدم إلى السياسات الوطنية ضمن "رؤية السعودية 2030"، التي وضعت التمويل الإسلامي أحدَ ركائز تطوير القطاع المالي، إلى جانب الدور النشط الذي تلعبه البنوك السعودية، مثل "الراجحي" و"البلاد"، في قيادة الابتكار والتوسع داخل المملكة وخارجها.
أما ماليزيا، فقد حافظت، بحسب التقرير، على موقعها أكثرَ الأسواق نضجا من حيث البنية التحتية التنظيمية، بفضل اعتمادها نهج التمويل القائم على القيم الذي تبناه البنك المركزي، ويهدف إلى مواءمة المنتجات المصرفية الإسلامية مع أهداف التنمية المستدامة. كما تحتفظ ماليزيا بريادة إصدار الصكوك، وتمتلك قاعدة متنوعة من البنوك الإسلامية والمؤسسات الاستثمارية. من جهة أخرى، يشير التقرير إلى أن الهيئات التنظيمية الدولية، مثل هيئة المحاسبة والمراجعة للمؤسسات المالية الإسلامية (أيوفي) ومجلس الخدمات المالية الإسلامية، تلعب دورا متناميا في توحيد المعايير الفنية والرقابية بين الأسواق، ما يعزز ثقة المستثمرين ويدفع بتوسع التمويل الإسلامي في بيئات قانونية مختلفة.
كما ساهمت المؤسسات المالية الإسلامية الكبرى، مثل بيت التمويل الكويتي والبنك الإسلامي للتنمية، بحسب التقرير، في تمويل مشروعات عابرة للحدود، وتوفير أدوات مبتكرة مثل الصكوك الخضراء وصناديق الزكاة الوقفية، وهو ما يدعم استدامة النمو في الأسواق الناشئة. وأوضح التقرير أن هذا النمو لا يدار فقط من العواصم الإسلامية التقليدية، بل أصبح يتسارع أيضا بفعل اهتمام عالمي متزايد من دول غير إسلامية، على غرار المملكة المتحدة ولوكسمبورغ وجنوب أفريقيا، التي تسعى لاقتناص فرص التمويل الإسلامي ضمن استراتيجياتها لتنويع القطاع المالي.
اقتصاد دولي
التحديثات الحية
روسيا تمدد تجربة التمويل الإسلامي حتى 2028
إلى أين تتجه فرص التمويل الإسلامي القادمة؟
أفاد تقرير "ستاندرد تشارترد" بأن الفرص المستقبلية الكبرى في قطاع التمويل الإسلامي ستتركز بشكل واضح في الأسواق الحدودية والناشئة، لا سيما في أفريقيا وجنوب شرق آسيا وآسيا الوسطى، مدفوعة بتزايد الطلب، وتوسع القنوات الرقمية، والدعم التنظيمي المتصاعد. وبحسب نتائج استطلاع "نبض المصارف الإسلامية" المرفق بالتقرير، صنف 24% من قادة البنوك الإسلامية الممرات الاقتصادية الناشئة بين الخليج وأفريقيا وجنوب شرق آسيا أهمَّ مناطق التوسع الاستراتيجي خلال السنوات الثلاث المقبلة. وتشمل هذه الممرات أسواقا مثل كينيا ونيجيريا ومصر وبنغلادش وكازاخستان، حيث يتزايد الاهتمام بالحصول على حلول تمويلية متوافقة مع الشريعة، خاصة في القطاعات التي تعاني من فجوات تمويلية مثل الزراعة والإسكان والمشاريع الصغيرة والمتوسطة.
ويشير التقرير إلى أن العديد من هذه الدول يمتلك كتلا سكانية كبيرة من المسلمين غير المخدومين مصرفيا، إضافة إلى حاجة واضحة إلى منتجات مالية مرنة وعادلة يمكن أن توفرها نماذج التمويل الإسلامي. فعلى سبيل المثال، تزداد فرص التمويل الإسلامي في الفيليبين بالتزامن مع التعديلات التشريعية الأخيرة التي أقرها البنك المركزي لإنشاء أول بنوك إسلامية مرخصة في البلاد. ومن جانب آخر، يؤكد التقرير أن التمويل الأخضر والمستدام يمثل حاليا أحد أسرع مجالات النمو ضمن القطاع الإسلامي. ويعكس ذلك تنامي إصدار الصكوك الخضراء، وتوجه عدد من المؤسسات الإسلامية الكبرى نحو تأسيس صناديق استثمار تركز على البنية التحتية منخفضة الانبعاثات والطاقة النظيفة والتعليم والصحة.
ويرى التقرير أن اعتماد التكنولوجيا المالية الإسلامية سيلعب دورا أساسيا في تسريع هذا التوسع، خصوصا في المناطق التي يصعب فيها الوصول إلى البنية المصرفية التقليدية. ويتوقع التقرير أن تشهد السنوات القادمة توسعا في البنوك الإسلامية الرقمية ومنصات التمويل الجماعي وتطبيقات الذكاء الاصطناعي، بما يسمح بتقديم خدمات مالية متوافقة مع الشريعة للمجتمعات الريفية والناشئة.
Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

لقاء الفرصة الأخيرة بين ترامب وفون ديرلاين قبل موعد فرض الرسوم الجمركية
لقاء الفرصة الأخيرة بين ترامب وفون ديرلاين قبل موعد فرض الرسوم الجمركية

العربي الجديد

timeمنذ ساعة واحدة

  • العربي الجديد

لقاء الفرصة الأخيرة بين ترامب وفون ديرلاين قبل موعد فرض الرسوم الجمركية

أعلنت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون ديرلاين أنها ستلتقي الرئيس الأميركي دونالد ترامب يوم غد الأحد في اسكتلندا، وسط مخاوف بشأن اقتراب موعد فرض الرسوم الجمركية . وأكد ترامب الاجتماع بعد وصوله إلى اسكتلندا في بداية رحلته. وقال: "سنرى ما إذا كنا سنبرم صفقة، أورسولا ستكون هنا، امرأة تحظى بتقدير كبير. لذلك نتطلع إلى ذلك. سيكون ذلك جيداً". وكرر ترامب أنه يرى الفرص 50-50، مردداً تعليقات سابقة. وقال "نحن نجتمع مع الاتحاد الأوروبي، وهذا سيكون، في الواقع، أكبر صفقة على الإطلاق، إذا تم التوصل إليها". ويأتي هذا اللقاء قبل أيام فقط من الموعد النهائي المحدد في أول أغسطس/آب المقبل، الذي هدد فيه ترامب بفرض رسوم جمركية بنسبة 30% على الواردات من الاتحاد الأوروبي بسبب ما وصفه بـ"الاختلالات التجارية". وحاول التكتل منذ أسابيع التوصل إلى اتفاق مع واشنطن لتجنب هذه الزيادات الجمركية. وقالت فون دير لاين على منصة التواصل الاجتماعي"إكس" مساء الجمعة، إنها أجرت "مكالمة جيدة" مع ترامب، قبل أن يتفقا على الاجتماع يوم الأحد "لبحث العلاقات التجارية عبر الأطلسي وكيفية الحفاظ على متانتها. ورغم السعي لحل تفاوضي، وافقت دول الاتحاد الأوروبي يوم الخميس، على مقترح المفوضية بفرض رسوم جمركية محتملة على بضائع بقيمة تجارية إجمالية تبلغ 93 مليار يورو (109 مليارات دولار) في حال فشلت المفاوضات مع الولايات المتحدة. أسواق التحديثات الحية مسؤول في المركزي الأوروبي: لا حاجة لخفض إضافي في أسعار الفائدة وأضافت المفوضية أنها ستمضي قدماً في التدابير المضادة المحتملة بالتوازي مع المفاوضات. وقالت إنها ستدمج مجموعتيها من الرسوم الجمركية المحتملة البالغة 21 مليار يورو و72 ملياراً في قائمة واحدة. ولن تدخل أي تدابير أوروبية مضادة حيز التنفيذ حتى السابع من أغسطس/ آب. وتتضمن قائمة الخميس رسوماً جمركية على سلع أميركية بقيمة 21 مليار يورو، من بينها فول الصويا. يضاف إلى ذلك قائمة ثانية بقيمة 72 مليار يورو طرحتها المفوضية الأوروبية هذا الشهر وتستهدف عشرات المنتجات الأخرى، من بينها الطائرات والسيارات الأميركية. ولم يفرض الاتحاد الأوروبي حتى الآن أي تدابير مضادة، إذ وافق على المجموعة الأولى في إبريل /نيسان ثم علقها على الفور. Following a good call with @POTUS , we have agreed to meet in Scotland on Sunday to discuss transatlantic trade relations, and how we can keep them strong. — Ursula von der Leyen (@vonderleyen) July 25, 2025 "فرصة 50%" لاتفاق تجاري مع الاتحاد الأوروبي وفي وقت سابق، وصف ترامب فرص التوصل إلى اتفاق بحوالي 50%. وقال للصحافيين قبل سفره لقضاء مدة خمسة أيام في اسكتلندا: "أقول إن لدينا فرصة 50-50، ربما أقل من ذلك، لكن فرصة 50-50 لإبرام صفقة مع الاتحاد الأوروبي". وبعد لحظات، أضاف: "أعتقد أن الاتحاد الأوروبي لديه فرصة جيدة جداً لإبرام صفقة". وأشار ترامب يوم الأربعاء إلى إمكانية خفض الرسوم الجمركية التي هدد بها على واردات المنتجات الأوروبية- إذا فتح الاتحاد الأوروبي سوقه أكثر أمام الولايات المتحدة. وألمح المستشار الألماني فريدريش ميرز إلى أن اتفاقاً في النزاع التجاري قد يكون وشيكاً. وتوصل ترامب مؤخراً إلى اتفاق مع اليابان بشأن رسوم جمركية بنسبة 15% - وهو أقل بكثير مما كان مخططاً له في الأصل. اقتصاد دولي التحديثات الحية قمة اقتصادية ساخنة... بكين تحذر أوروبا من بناء الجدران والانعزال كما تتفاوض الولايات المتحدة على اتفاق تجاري مع الاتحاد الأوروبي منذ أسابيع، يهدف إلى منع دخول رسوم ترامب المعلنة سابقاً بنسبة 30% حيز التنفيذ في أول أغسطس/آب. وذكرت صحيفة فاينانشال تايمز الأربعاء الماضي، أن الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة يقتربان من التوصل إلى اتفاق تجاري من شأنه فرض رسوم جمركية 15 % على الواردات الأوروبية، على غرار ذلك الذي أبرمه الرئيس الأميركي مع اليابان الأسبوع الماضي. وتأتي رسوم ترامب الجمركية رداً على اختلالات تجارية مزعومة، وكذلك محاولة للضغط على الشركات المصنعة لنقل الإنتاج إلى الولايات المتحدة. وتعتبر المفوضية الأوروبية أن الرسوم الجمركية غير مبررة وتشكك في توافقها مع قواعد منظمة التجارة العالمية. وتضغط العديد من العواصم، بما في ذلك برلين، من أجل التوصل إلى حل وسط مع واشنطن لتجنب تصعيد النزاع وتجنب رسوم جمركية أعلى. (أسوشييتد برس، العربي الجديد)

هكذا التهم العدوان مدخرات أهل غزة وسلبهم أمنهم المالي
هكذا التهم العدوان مدخرات أهل غزة وسلبهم أمنهم المالي

العربي الجديد

timeمنذ 5 ساعات

  • العربي الجديد

هكذا التهم العدوان مدخرات أهل غزة وسلبهم أمنهم المالي

يواجه الفلسطينيون في قطاع غزة واحدة من أعقد الأزمات المعيشية والمالية التي أطاحت مدخرات الغزيين، وسط واقع اقتصادي خانق فرضته الحرب الإسرائيلية المستمرة. ومع القصف والدمار والنزوح، دخلت آلاف الأسر في دوامة الانهيار المالي، حيث التهم الغلاء مدخرات الناس، وتصاعدت نسب البطالة والفقر بشكل غير مسبوق. فقد شهدت أسعار بعض السلع الأساسية ارتفاعاً تجاوز 1000%، بينما بلغت البطالة نحو 83%، وفاقت معدلات الفقر الـ90%. في هذا السياق القاتم، اختفت المدخرات لدى العديد من العائلات التي كانت تعتمد عليها وقت الأزمات، وتحولت معركة البقاء اليوم إلى صراع يومي من أجل تأمين أبسط الاحتياجات. ولم تمضِ أيام على شراء المواطن أحمد عليان شقة في مشروع سكني بمنطقة بيت لاهيا، حتى اندلعت الحرب لتغيّر مجرى حياته. ففي ديسمبر/ كانون الأول الماضي، دُمّر البرج السكني الذي كان يقطنه، مما أدى إلى ضياع كامل مدخراته. وقال عليان لـ"العربي الجديد": "كنت أظن أنني أؤمّن مستقبل عائلتي، وضعت كل ما أملك في الشقة (نحو 49 ألف دولار) واليوم لا بيت ولا مال، وما زلت مطالبًا بسداد أكثر من 15 ألف دولار". ما حدث مع عليان ليس استثناءً، بل هو صورة مكررة لواقع مئات العائلات التي استثمرت مدخرات أفرادها في سكن أو مشاريع صغيرة، ليتحوّل كل شيء إلى أنقاض دون أي تعويض أو دعم. الغلاء يبتلع مدخرات الغزيين محمد فارس، عامل عاد من الداخل المحتل بعد أن ادّخر 20 ألف دولار خلال عامين، خسر كل ما جمعه بفعل النزوح والغلاء المتصاعد. "لم يتبقَّ لدي سوى 3 آلاف دولار، ويبدو أنها ستنتهي أيضاً قريباً، فكل شيء باهظ: الطعام، الإيجارات، النقل. أسعار غير معقولة"، يقول فارس الذي كان يحلم بشراء شقة تنقله من حياة الإيجار، لكنه اليوم بلا عمل ولا أمل. مصدر مطلع في سلطة النقد الفلسطينية كشف لـ"العربي الجديد" أن أكثر من 30% من الأسر اضطرت لسحب مدخراتها بالكامل لتغطية نفقات المعيشة. ورغم تسجيل ودائع مصرفية بنمو 83% خلال 2024، فإن هذا الارتفاع لا يعكس رخاءً، بل هو نتيجة إيداع الأموال في البنوك خوفاً من سرقتها أو تلفها جراء القصف. موقف التحديثات الحية الجوعى ينتصرون... 3 نماذج في مقدمتها غزة ووفق بيانات رسمية، تجاوزت ودائع العملاء في غزة 3.2 مليارات دولار حتى نهاية نوفمبر/ تشرين الثاني 2024، رغم تعطل معظم الخدمات المصرفية. وقال المصدر إن تكاليف النقل والغذاء والرعاية الصحية ارتفعت بين 600% و1100%، مما خلق ضغطاً هائلاً على موازنات الأسر، خصوصاً الشباب الذين توقفت مشاريعهم الريادية وتبخرت فرص العمل لديهم. كما حذّر من أن استمرار هذا الوضع قد يؤدي إلى "جيل بلا مدخرات"، مشيراً إلى أن بعض العائلات بدأت ببيع ما تبقى من ممتلكاتها لتأمين الأساسيات. تآكل الأمان المالي في غزة هذا ويرى الخبير الاقتصادي محمد بربخ أن الحرب لم تدمّر البنية التحتية فحسب، بل دمرت أيضاً أسس الاستقرار المالي للأسر. ويؤكد أن "الادخار السالب"، أي إنفاق الأسرة أكثر مما تجنيه، أصبح واقعاً عاماً، ما اضطر كثيرين إلى الاستدانة أو استنزاف آخر ما يملكون. وأوضح بربخ لـ"العربي الجديد" أن أسباب الظاهرة تعود إلى انقطاع مصادر الدخل، وغلاء الأسعار الذي تجاوز 700%، بالإضافة إلى تكاليف النزوح وفقدان المنازل. وأضاف أن غياب شبكات الحماية المالية، كالمدخرات والتأمينات، فاقم الأزمة، حيث بات نحو 95% من السكان يعتمدون على المساعدات. وختم بدعوة عاجلة لتقديم دعم نقدي مباشر للأسر، وتحريك عجلة الاقتصاد عبر مشاريع إغاثية ورقابة على الأسعار، مشدداً على أنّ "استمرار الحرب بهذا الشكل سيقود إلى انهيار اقتصادي وإنساني شامل في غزة". وللتخفيف من حدة معاناة الأهالي، أصدر محافظ سلطة النقد الفلسطينية، هذا الشهر، تعليمات جديدة للمصارف، تقضي بتأجيل استيفاء أقساط القروض على المقترضين الأفراد في قطاع غزة حتى نهاية العام الجاري، إذ تنصُّ التعليمات الجديدة على تأجيل خصم الأقساط على المقترضين الأفراد مع استمرار الحرب الإسرائيلية على القطاع. وقالت سلطة النقد (تقوم مقام البنك المركزي) في بيان إنّ القرار هو امتداد لتعليمات سابقة بوقف استيفاء أقساط القروض منذ بدء الحرب قبل 20 شهراً، تفهماً منها لحاجة المواطنين للسيولة في ظل ارتفاع الأسعار، وصعود التضخم والبطالة إلى مستويات غير مسبوقة. وذكرت أن حجم محفظة القروض في قطاع غزة بلغ نحو مليار دولار، وتسبب وقف استيفاء الأقساط منذ 20 شهراً بخسائر فادحة تكبدتها المصارف، بالإضافة إلى خسائر تشغيلية أخرى كنتيجة مباشرة للحرب. وسبق أن أكد محافظ سلطة النقد يحيى شنار، أنه بذل خلال الأشهر الماضية جهوداً مكثفة لتأمين مصادر تمويل خارجية، بهدف تعويض المصارف عن جزء من خسائرها، ودعم المقترضين من سكان قطاع غزة الذين يواجهون أوضاعاً مأساوية من قتل وتجويع وتدمير، مشيراً إلى أن هذه المساعي ما زالت مستمرة، رغم عدم تحقق النتائج المرجوة حتى الآن. وقال شنار إنّ القطاع المصرفي سيبقى ملتزماً بالقانون ومؤتمناً على أموال المودعين، وفي هذا الإطار انطلقت حزمة الإجراءات الاستثنائية التي اتخذتها سلطة النقد على امتداد أشهر الحرب.

اليمن: مطالبة بتفكيك منظومة الفساد قبل إعادة تصدير النفط
اليمن: مطالبة بتفكيك منظومة الفساد قبل إعادة تصدير النفط

العربي الجديد

timeمنذ 5 ساعات

  • العربي الجديد

اليمن: مطالبة بتفكيك منظومة الفساد قبل إعادة تصدير النفط

طالب خبراء اقتصاد في اليمن بتنفيذ برنامج إصلاح اقتصادي شامل وفاعل يستهدف ضبط الموارد العامة، ومنع تسربها وهدرها المستمر، وتفكيك منظومة الفساد قبل إعادة فتح ملف تصدير النفط الخام الذي توقف منذ أكتوبر/ تشرين الأول 2022. وتلقي الحكومة اليمنية المعترف بها دولياً باللوم على جماعة الحوثي في الأزمات الاقتصادية المتفجرة في اليمن، وفي انهيار العملة المحلية المتسارع والمقلق، بسبب استهدافها لموانئ تصدير النفط الخام في شبوة وحضرموت جنوب شرق البلاد. وقد فشلت كل محاولات اليمن خلال السنوات الثلاث الماضية في رفع الحظر وإعادة تصدير النفط، إذ تصر جماعة الحوثي في صنعاء على ضرورة التوافق على خطة شاملة لتقاسم وإدارة عائدات النفط . أستاذ الاقتصاد في جامعة تعز، محمد علي قحطان، أكد في تصريح لـ"العربي الجديد" أن غياب القدرة على استعادة الدولة يجعل ملف إعادة تصدير النفط والغاز ملفًا معلقًا، موضحًا أن شركات الإنتاج والتصدير هي برأس مال أجنبي ولن تعود دون وجود دولة فاعلة. في المقابل، شكك خبراء في ما تذهب إليه حكومة اليمن من أن توقف تصدير النفط وحرمانها من عائداته المالية هو السبب الوحيد لتدهور سعر صرف الريال اليمني في مناطق إدارتها، وتدهور الخدمات، خصوصًا الكهرباء، التي زادت من معاناة المواطنين. الخبير الاقتصادي عبد المجيد البطلي، وهو مسؤول سابق في قطاع الدراسات والتوقعات الاقتصادية الحكومية، أكد لـ"العربي الجديد" أن أسباب تدهور العملة المحلية ليست فقط في توقف عائدات النفط، بل هناك عوامل أخرى كثيرة تؤثر في سعر الصرف. وأشار البطلي إلى أهمية أن يرتبط تصدير النفط بتسوية اقتصادية تضمن توزيع العائدات على المحافظات وفق معايير تراعي حجم السكان، معتبرًا أن تصدير الغاز أقل جدوى مقارنة باستخدامه محليًا. من جانبه، ربط قحطان استمرار تدهور سعر العملة الوطنية بعدة عوامل، بينها الفساد، وانفلات موارد الدولة، وانهيار الجهاز المصرفي، وانقسام العملة، بالإضافة إلى الإنفاق المفتوح داخليًا وخارجيًا لقيادات الشرعية. أسواق التحديثات الحية إجراءات جديدة لتنظيم تجارة الفضة في اليمن وتؤكد الحكومة اليمنية المعترف بها أنها خسرت أكثر من مليار ونصف دولار منذ توقف تصدير النفط الخام من الموانئ الشرقية، بسبب استهداف الحوثيين بالصواريخ والطائرات المسيرة، مع تهديدهم المستمر بعدم السماح باستئناف التصدير قبل أي اتفاق. الباحث الاقتصادي عبدالواحد العوبلي أشار في حديثه لـ"العربي الجديد" إلى أن الخسائر التي تتحدث عنها حكومة اليمن هي في النفقات وليس الإيرادات، مؤكداً أن الإصلاح الحقيقي يجب أن يبدأ من معالجة هذا الخلل. وحذر العوبلي من أن استئناف تصدير النفط في الظروف الراهنة قد يعزز نفوذ وتمرد المناطق المنتجة في مأرب وحضرموت وشبوة، كما قد يفاقم الفساد والتسيب الإداري. وأشار إلى أن الحكومة عاجزة عن ضبط النفقات المتعلقة بشراء المشتقات النفطية، والرواتب المدفوعة بالدولار، والمنح الخاصة، كما تعجز عن التحكم في إيرادات المنافذ والمطارات والموانئ والضرائب والجمارك، مما يعني أن أي إيرادات قد تصل ستتبخر بفعل التسرب والفساد. من جهته، أضاف قحطان أن بقاء قيادات مؤسسات الشرعية وعائلاتهم في الخارج يستنزف أرصدة الدولة من العملات الأجنبية، ويدفع رجال المال والأعمال للبحث عن استقرار مالي خارج اليمن، ما يؤدي إلى تسرب المزيد من العملات الأجنبية للخارج. وفي اجتماعها الأخير في عدن، استعرضت الحكومة تقارير قدمها عدد من الوزراء حول أداء القطاعات الخدمية، والخطط الطارئة لمواجهة تدهور سعر الصرف والانقطاعات الكهربائية الحادة في العاصمة المؤقتة وعدد من المحافظات. وكان المجلس الأعلى للتكتل الوطني للأحزاب والمكونات السياسية، وهو تحالف سياسي يضم مختلف المكونات والتحالفات في إطار الحكومة الشرعية، حمّل الحوثيين مسؤولية الانهيار الاقتصادي، واعتبره نتيجة مباشرة لانقلابهم واستهدافهم لموانئ النفط. كما أشار المجلس إلى غياب السياسات المالية الرشيدة، وتفكك المنظومة المالية، وتسرب الموارد خارج الأوعية القانونية، مما أدى لاختلال ميزان المدفوعات وفقدان الثقة بالسلطات النقدية. وحذر المجلس من خطورة استمرار الوضع الراهن دون تدخل عاجل يعيد للدولة هيبتها المالية ويخفف من معاناة المواطنين. أسواق التحديثات الحية المركزي اليمني في عدن يوقف تراخيص 13 شركة ومنشأة صرافة وقال في بلاغ عاجل عقب اجتماع طارئ، اطلع عليه "العربي الجديد"، إن الانهيار المتسارع للعملة الوطنية، وتدهور قيمتها الشرائية، وارتفاع الأسعار بشكل غير مسبوق، يثقل كاهل المواطن ويوسع دائرة الفقر والعجز المعيشي، في ظل غياب المعالجات، ما أدى إلى موجة احتجاجات شعبية مشروعة، منها الاحتجاجات النسوية التي تعمّ عدة محافظات. ودعا المجلس القيادة الرئاسية والحكومة إلى تحمل مسؤولياتهم واتخاذ إجراءات ضرورية، من بينها السيطرة التامة على الموارد، وضمان الاستخدام الأمثل للتدفقات النقدية الأجنبية، وتعزيز القوة الشرائية للعملة الوطنية، وضبط السياسة النقدية. كما طالب بإصلاح قطاع الخدمات عموماً، وقطاعي الكهرباء والمياه خصوصاً وبسرعة، ووقف عقود شراء الطاقة، والتوجه نحو شراكات فاعلة مع دول الخليج والدول الصديقة لاستثمار المنح والمشاريع في دعم البنية التحتية الأساسية. واختتم قحطان تحذيره بالقول إن استمرار عجز مكونات الشرعية وفسادها سيؤدي إلى المزيد من تسرب العملات الأجنبية، وانهيار قيمة العملة الوطنية، وارتفاع معدلات التضخم والفقر والبطالة، وتصاعد الاحتجاجات الشعبية.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store