
فضيلة الدمج وإعادة التأهيل
والحقيقة أن ما جرى مؤخراً في محافظة السويداء من تجاوزات، دلّ على أن هناك أزمة مطلوب العمل على معالجتها، بخاصة في ظل استهداف إسرائيلي ممنهج لسوريا، وأيضاً وحدة ترابها نفسه.
والحقيقة أن تعبير الدمج هو تعبير علمي وسياسي يستخدم في التعامل مع قوى وجماعات قادمة من خارج المؤسسات والقواعد السائدة في مجتمع من المجتمعات؛ فأوروبا مثلاً نجحت في دمج الجانب الأكبر من التنظيمات والقوى الثورية والشيوعية في النظام السياسي الليبرالي ومبادئ الديمقراطية ودولة القانون، وحوّلت معظمها من تيارات راديكالية تستهدف إسقاط النظام القائم إلى أحزاب وتيارات إصلاحية تتبنى الاشتراكية الديمقراطية، وتسعى للتغيير من داخل قواعد النظام القائم.
وشهدنا كيف تطورت المؤسسات وانفتحت وتعدّلت القوانين حتى نجحت في دمج القوى اليسارية الثورية التي خرجت من عباءة ثورة الطلاب في 1968، ودفعتهم لترك تنظيماتهم المتطرفة، وصاروا قادة في الحزب الاشتراكي الفرنسي الذي حكم البلاد.
تجارب كثيرة في العالم من أوروبا إلى أميركا الجنوبية تحول فيها الراديكاليون اليساريون إلى إصلاحيين واجتماعيين ديمقراطيين، وهو تحول تطلب وجود مؤسسات دولة قوية، حتى لو كانت ديكتاتورية عسكرية مثل كثير من دول أميركا الجنوبية. وعبر النضال السياسي، وأحياناً الفعل المسلح، نجحت القوى والتنظيمات السياسية في إصلاح هذه المؤسسات.
أما أوروبا الشرقية فقد عرفت نظماً سياسية شيوعية استبدادية، ولكنها في الوقت نفسه عرفت مؤسسات دولة قوية وراسخة، ولم تعرف تجارب سقوط الدولة أو تحللها مثلما حدث في سوريا أو ليبيا؛ فقد حدث التغيير في أوروبا الشرقية وجاءت قوى الحكم الجديدة على دولة موجودة أصلاً، فأصلحت مؤسساتها لكي تنسجم مع قواعد النظام السياسي الجديد.
وحتى التجربة التركية حملت في جانب رئيسي منها مفهوم الدمج؛ فقد تعلم الجميع من دروس الماضي، ولم تعد الدولة التي هيمن عليها الجيش هي نفسها الدولة الحالية، ولم يعد دور الجيش التركي الذي قام بانقلابين دمويين في 1960 و1980 هو نفسه الجيش الحالي الذي تقوده السلطة المدنية المنتخبة، أما التيارات الإسلامية التي ناصبت الجمهورية التركية العداء، فأصبحت مع تجربة إردوغان أحزاباً محافظة ديمقراطية تبنت العلمانية المنفتحة، واحترمت القيم والمظاهر الدينية، ولا تدعو لتطبيق الشريعة.
في كل هذه التجارب كانت هناك مؤسسات قوية وقواعد دستورية وقانونية دمجت فيها القوى الجديدة. لقد تسلَّم النظام الجديد مؤسسات دولة دمرها بشار الأسد بإضعافه الجيش وتحويله إلى أداة لقتل السوريين، وانهارت الإدارة والإعلام والقضاء والشرطة، ومارس النظام على مدار 14 عاماً جرائم مروعة بحق الشعب السوري، وأفشل مشاريع الإصلاح من داخل النظام منذ 2014 بطرح بدائل آمنة لحكم بشار كان يمكنها أن تحافظ على ما تبقى من الدولة السورية، وفي قلبها الجيش، وتفتح الباب أمام إصلاح مؤسسي وسياسي.لذا فإنه ليس مستحيلاً لتجاوز المحنة السورية، أن يعاد تأهيل القوى الجديدة لكي تكون قادرة على بناء مؤسسات الدولة الجديدة في ظل انهيار «مؤسسات» الدولة القديمة.إن مسألة إعادة التأهيل يجب أن تعطى أولوية قصوى، وبخاصة بعد رفع العقوبات عن الشعب السوري.إعادة تأهيل عناصر الجيش والأمن العام يجب أن تكون هدف جميع المحبين لسوريا؛ لأنه لا يوجد على الأقل حالياً آخرون يمكن أن يعتمد عليهم النظام في بسط الأمن غير هذه الفصائل، والمطلوب إعادة تأهيلها واستبعاد ومحاسبة العناصر المتفلتة لكي تعبر سوريا إلى بر الأمان.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


عكاظ
منذ ساعة واحدة
- عكاظ
هل تخلت إسرائيل عن خطط ترحيل الفلسطينيين إلى رفح؟
كشفت «يديعوت أحرونوت» الإسرائيلية تجميد خطط إقامة «مدينة إنسانية» في رفح، والتي كانت معدة لمئات الآلاف من الفلسطينيين كخطوة أولى لدفعهم إلى مغادرة القطاع طوعا. ونقلت عن مصدر أمني رفيع المستوى قوله: لا يوجد قرار بالمُضي قُدماً في هذا الأمر، ولا توجد خطة بديلة أيضاً، كان المستوى السياسي على يقين من أنه يتجه نحو صفقة للإفراج عن الرهائن تتضمن انسحاباً من جنوب قطاع غزة، لذا يبدو أنهم تخلّوا عن هذه الخطوة، لقد تأجلت الآن. وأضاف المصدر أنه «في ظل الصور المروّعة القادمة من غزة»، اتُّخذ قرار بمضاعفة عدد شاحنات المساعدات الإنسانية الداخلة إلى القطاع، بحيث يدخل نحو 150 شاحنة يومياً. ولفت إلى أنه منذ مارس الماضي توقفت إسرائيل عن إدخال المساعدات لأسباب سياسية، خشية إسقاط الحكومة من قبل وزراء يهددون بتفكيك الائتلاف. ورأى أن إسرائيل كان بإمكانها إقناع المجتمع الدولي والأمم المتحدة بتوزيع المساعدات العالقة عند معبري زيكيم وكرم أبو سالم، مما كان سيجنبها الانتقادات الحادة. وكانت الصحيفة أفصحت في شهر أبريل الماضي عن مناشدات الجيش للمستوى السياسي بإعادة فتح الممرات الإنسانية لتفادي كارثة إنسانية، إلا أن وزراء الحكومة رفضوا، وتعهد وزير المالية بتسلئيل سموتريتش بعدم السماح بدخول «حبة قمح واحدة» إلى غزة، في تصريح شهير له قال فيه: «اقرأوا شفتي». إلا أنه تراجع بعد أسابيع وسمح بعودة الشاحنات، ودخلت عشرات منها عبر معبر زيكيم نحو شمال القطاع، وتعرضت للنهب في منطقة العطاطرة. وكشفت سلطة الاحتلال في أوائل يوليو خطة جديدة لنقل مئات الآلاف من الفلسطينيين في قطاع غزة إلى «منطقة إنسانية»، في خطوة وصفت بأنها غير مسبوقة وأثارت موجة انتقادات من قبل خبراء قانونيين داخل إسرائيل وخارجها. وقال وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس، إنه كلف الجيش بإعداد خطة لإنشاء «مدينة إنسانية» في رفح لتكون مكاناً يتم فيه تجميع سكان قطاع غزة بالكامل في نهاية المطاف. وكان سيتم تشييد المدينة المزمعة على أنقاض مدينة رفح في جنوب القطاع. وتتضمن الخطة نقل نحو 600 ألف فلسطيني من منطقة المواصي إلى المنطقة الجديدة بعد فحص أمني، ولن يسمح لهم بالمغادرة بعد ذلك. وهاجم رئيس أركان جيش الاحتلال إيال زامير، الاقتراح خلال اجتماع للحكومة، مؤكداً أنه سيصرف التركيز عن الهدفين الأساسيين للجيش، وهما هزيمة حماس وتأمين عودة الرهائن، ما أدى إلى مشادة حادة بين زامير ونتنياهو خلال الاجتماع، وفق وسائل إعلام إسرائيلية. ووصف محامو وباحثو حقوق الإنسان الإسرائيليون الخطة بأنها نموذجٌ لجرائم ضد الإنسانية، وحذّر بعضهم من أنها في حال تنفيذها قد ترقى، في ظل ظروف معينة، إلى جريمة إبادة جماعية. ودخل قطاع غزة منذ أمس (الأحد) في هدنة إنسانية لـ 3 مناطق فقط مع السماح بدخول المساعدات لأهالي القطاع المجوعين، بحسب تقرير للأمم المتحدة. أخبار ذات صلة


العربية
منذ 2 ساعات
- العربية
سموتريتش: المساعدات لغزة خطوة نحو القضاء على حماس
رأى وزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش، أن إدخال المساعدات لغزة خطوة استراتيجية جيدة تهدف للقضاء على حركة حماس. "لن أنسحب من الحكومة وأنتظر النتائج" وأضاف سموتريتش برسالة لنواب حزبه مساء الأحد، أن الوزراء سيختبرون نتيجة الهدنات الإنسانية في غزة وسيتعرفون قريبا على مدى نجاحها. كما لفت إلى أن الخوض في حسابات سياسية بشأن هدنات غزة ليس من الصواب حاليا. كذلك أوضح وزير المالية أنه لن ينسحب من الحكومة، وفقاً لـ"القناة 12 الإسرائيلية". وكتب: "في خضم الحرب، من الخطأ الخوض في الحسابات السياسية.. سنُحاسب على نتيجة الحرب وإخضاع حماس.. نحن نتقدم لخطوة استراتيجية جيدة، ولا داعي للتوسع في شرحها الآن. سنعرف قريبا مدى نجاحها وإلى أين نتجه". بن غفير يصف قرار السماح بدخول المساعدات إلى غزة بـ "الإفلاس الأخلاقي" إلى ذلك، أوضحت القناة 12 أيضاً أن هذا الإعلان من جانب سموتريتش جاء بعد استبعاده هو ووزير الأمن القومي، إيتمار بن غفير، من الاجتماع الحكومي الذي تقرر فيه وقف إطلاق النار الإنساني في غزة. بن غفير ينتقد يذكر أنه سبق أن اقترح وزير الأمن القومي، بن غفير، على سموتريتش العمل المشترك ككتلة مانعة في مفاوضات صفقة المحتجزين وإنهاء القتال، كما تعاون بن غفير مع الحاخامات وحاول ممارسة ضغط إضافي للمضي قدما في هذه الخطوة. إسرائيل تعلن هدنة مؤقتة وتلقي المساعدات على غزة جوا في حين رفض سموتريتش الاقتراح، مدعياً أن الأمر بالغ الخطورة، إلا أن بن غفير لم يتراجع، وواصل الضغط المشترك لإعادة الائتلاف إلى المسار الذي يراه ضروريا. وكان بن غفير انتقد الأحد عبر X، خطوة وقف إطلاق النار في قطاع غزة وإدخال المساعدات، وقال إنه لم يُدعَ إلى النقاش بشأن إدخال المساعدات الإنسانية لقطاع غزة. كذلك زعم أن حماس تستغل إدخال المساعدات الإنسانية وتعمل ضمن الممرات الإنسانية.


العربية
منذ 3 ساعات
- العربية
مفاوضات التهدئة غير المباشرة بين حماس وإسرائيل تشهد تعثراً وسط استمرار العمليات العسكرية الإسرائيلية في عدة مناطق من قطاع غزة
مع بدء دخول المساعدات للقطاع، أكد خليل الحية، رئيس حركة حماس في غزة ، مساء الأحد، أن استمرار المفاوضات الجارية بشأن وقف إطلاق النار لا يمكن أن يتم في ظل استمرار الحصار والإبادة وتجويع المدنيين، مؤكداً أن إدخال الغذاء والدواء فوراً وبشكل كريم هو "التعبير الجدي والحقيقي عن جدوى استمرار المفاوضات". وأضاف الحية في كلمة مسجلة أن "لا معنى لاستمرار المفاوضات تحت الحصار والإبادة والتجويع لأطفالنا ونسائنا وأهلنا في قطاع غزة"، محذراً من أن حماس "لن تقبل أن يكون شعبنا ومعاناته ودماء أبنائه ضحية لألاعيب الاحتلال التفاوضية وتحقيق أهدافه السياسية". وتابع: "نرفض المسرحيات الهزلية التي تسمى بعمليات الإنزال الجوي، والتي لا تعدو كونها دعاية للتعمية على الجريمة، ولا أدل على ذلك من أن كل 5 عمليات إنزال جوي تساوي شاحنة صغيرة". "أوضاع صعبة" وتأتي تصريحات الحية في وقت تواجه فيه مفاوضات التهدئة غير المباشرة بين حماس وإسرائيل تعثراً وسط استمرار العمليات العسكرية الإسرائيلية في عدة مناطق من قطاع غزة، واتهامات متبادلة بين الجانبين بعدم الجدية في التفاوض. ويعاني قطاع غزة منذ شهور أوضاعاً إنسانية صعبة في ظل النقص الحاد في الغذاء والدواء والوقود، مع استمرار الحصار الإسرائيلي المفروض على المعابر الرئيسية، الأمر الذي أدى إلى تفاقم معدلات المجاعة وسوء التغذية، وفق تقارير أممية.