logo
تعرف على ميناء الحمرية الإماراتي الذي تعرض لحريق هائل

تعرف على ميناء الحمرية الإماراتي الذي تعرض لحريق هائل

العربي الجديدمنذ 2 أيام

لم يكن الحريق الهائل، الذي تعرض له ميناء الحمرية الإماراتي، يوم السبت، واستمر لأكثر من 24 ساعة، مجرد حريق عابر في منشأة صناعية أو نفطية أو مخزن ضخم للمشتقات البترولية، بل أصاب واحداً من أبرز الموانئ التجارية في إمارة الشارقة، الذي يؤدي دوراً محورياً في ربط دبي بالأسواق الإقليمية والدولية، لا سيما في مجالات البتروكيماويات، والمواد الغذائية، والثروة الحيوانية.
ووفق بيانات رسمية، يقع ميناء الحمرية في إمارة الشارقة، على مقربة من الخليج العربي، ونظراً لقربه من دبي، يُعدّ جزءاً من الشبكة اللوجستية لجنوب دولة الإمارات. ويعتبر الميناء جزءاً من المنطقة الحرة بالحمرية، وهي منطقة أصبحت وجهة رئيسية للشركات العالمية بفضل الحوافز الاقتصادية وحرية التجارة والإعفاءات الجمركية. ومنذ تأسيسه حتّى يومنا هذا، أثبت الميناء مكانته مركزاً حيوياً للتجارة، بفضل موقعه الجغرافي الاستراتيجي، و
البنية التحتية
المتطورة التي شهدت توسعات متلاحقة على مدى العقود الماضية.
يُدار الميناء من هيئة الشارقة للموانئ والجمارك والمناطق الحرة، وتنبع أهميته من كونه بوابة حيوية للمنتجات الصناعية والغذائية ومواد البناء، إلى جانب كونه مركزاً مهماً لتصدير المنتجات البتروكيماوية ومشتقات النفط، كما يخدم الميناء العديد من المنشآت الصناعية الواقعة في منطقة الحمرية الحرة، ما يجعله حلقة وصل فعّالة بين المناطق الصناعية والأسواق العالمية.
ويتميّز ميناء الحمرية الذي التهمت النيران جزءا كبيرا منه بموقعه الحيوي حيث يحدّه من الجنوب منطقتي الوحدة وأبوهيل، ومن الشرق منطقة الممزر، كما يجاوره من الشمال مشروع نخلة ديرة، الذي أضاف بعداً لوجستياً واستراتيجياً للموقع. وأُنشئ الميناء في سبعينيات القرن الماضي استجابةً مباشرة للضغط الكبير الذي شهده خور دبي نتيجة الزيادة الكبيرة في النشاط التجاري، ما استدعى إنشاء ميناء جديد يخدم السفن الصغيرة والمتوسطة وسفن الصيد. في عام 1975، وُقّع عقد تطوير الميناء بقيمة 20 مليون درهم (5.4 ملايين دولار) ليشكل حينها نقطة انطلاق نحو تأسيس منظومة متكاملة لخدمة
الحركة التجارية
المتزايدة في الإمارة.
تنوع في الأنشطة التجارية
رغم حجمه الصغير مقارنةً بالموانئ الكبرى في إمارة دبي، يتميّز ميناء الحمرية بمرونة عالية في التعامل مع مختلف أنواع الشحنات والسفن، لا سيّما السفن الخشبية التقليدية والسفن متوسطة الحجم، ما جعله منصة مفضلة للتجار المتعاملين مع البضائع العامة، والمواد الغذائية، وقطع غيار السيارات، والماشية، ويستقبل الميناء يومياً أعداداً كبيرة من السفن المتجهة إلى أسواق الخليج العربي، وشرق أفريقيا، وشبه القارة الهندية، وغيرها.
يحتوي الميناء على 15 رصيفاً نشطاً بأعماق تتراوح بين 7 و14 متراً، ما يسمح له باستيعاب مختلف أنواع السفن مثل سفن الحاويات وناقلات النفط، وناقلات البضائع السائبة، والسفن متعدّدة الأغراض، كما يمتلك ميناء الحمرية محطة حاويات ذكية بطاقة استيعابية سنوية تزيد عن 600,000 حاوية نمطية مكافئة لعشرين قدماً، ومجهزة برافعات جسرية، وأنظمة تحميل آلية، وبرامج متطورة لإدارة الخدمات اللوجستية.
وتتجلى أهمية الميناء أيضاً في قدرته على استيعاب سفن البضائع السائبة، وسفن الدحرجة (RORO)، وسفن نقل الغاز المُسال، ما يعكس مرونته في تلبية متطلبات التجارة المتنوعة، كما يخدم الميناء مجموعة واسعة من الأنشطة الاقتصادية تشمل البتروكيماويات ومشتقات النفط، المنتجات الزراعية والغذائية، مواد البناء والإنشاءات، المعدات الصناعية وقطع الغيار، بالإضافة إلى البضائع العامة والحاويات.
اقتصاد دولي
التحديثات الحية
تنزانيا تمنح موانئ دبي العالمية امتياز تشغيل أرصفة بميناء دار السلام
التخزين والبنية التحتية
يضمّ الميناء خزانات صناعية بسعة تصل إلى 500,000 متر مكعب مخصصة للبترول، والمواد الكيميائية، والغازات الصناعية، مزودة بأنظمة سلامة متعدّدة الطبقات ومعايير بيئية صارمة، بالإضافة إلى ذلك، تتوفر مستودعات وسقائف تخزين بمساحة مغطاة تزيد على 2,000 متر مربع، ومساحات تحميل مفتوحة تبلغ 3,000 متر مربع، إلى جانب مخزن بارد بسعة 50,000 طن لتلبية الاحتياجات المختلفة للبضائع القابلة للتلف.
يعتمد ميناء الحمرية على بنية تحتية متطورة تضم أرصفة حديثة، ومستودعات، ومكاتب، ومساحات تخزين مفتوحة، بالإضافة إلى مرافق لوجستية عالية الكفاءة. ويوفّر بيئة مواتية للتجار بفضل قربه من الأسواق المحلية في دبي، ما يسهّل عمليات التوزيع السريع والفعال للبضائع والخدمات، كما يعزّز قربه من منطقة الحمرية الحرة في الشارقة، التي تضمّ مئات الشركات الصناعية، فرص التكامل اللوجستي بين مراحل الإنتاج والتصدير، ويتيح الميناء للتجار سهولة الوصول إلى الأسواق الأفريقية، من خلال مناطق مخصّصة للعمل والتخزين، وذلك في إطار دعم وتسهيل حركة التجارة في هذا القطاع الحيوي.
وأثبت ميناء الحمرية أهميته الاستراتيجية ودوره الحيوي في الحفاظ على تدفق الحركة التجارية السلسة عبر الخليج العربي وشرق أفريقيا والهند وخارجها، ومساهمته القيّمة في تعزيز التنويع والنموّ الاقتصادي من خلال أدائه التشغيلي المتميز في عام 2023، إذ استقبل أكثر من 4,300 سفينة من مختلف الأنواع والأحجام، وشهد مناولة أكثر من 1.6مليون طن من البضائع المتنوعة مثل
السيارات
، وبضائع الثروة الحيوانية والحاويات.
استثمارات وتوسعات نوعية
في ظل تزايد الحركة التجارية وتحوّل دبي إلى مركز عالمي للتجارة والخدمات اللوجستية، أطلقت "موانئ دبي العالمية" المزوّد العالمي الرائد للخدمات اللوجستية وحلول سلاسل التوريد الذكية المتكاملة في 10 مايو/أيار الماضي، عن استكمال مشروع توسعة ميناء الحمرية، مسجلةً بذلك إنجازاً هاماً يُعزّز البنية التحتية للقطاع البحري، ويرفع مستوى القدرة التشغيلية للميناء، ويُرسّخ مكانته المحورية مركزاً حيوياً للبضائع في منطقة الخليج وشرق أفريقيا والهند.
شمل مشروع التوسعة في عام 2022 إنشاء جدار رصيف إضافي بطول 1,150 متراً للتوسع بقدرات الرسو أمام مجموعة واسعة من السفن، وتوسعة الرصيف ليبلغ طوله الإجمالي 3,140 متراً، إضافةً إلى تجريف الميناء ليصل عمق الغاطس إلى 8.5 أمتار، كما أضيفت خمسة مراسٍ جديدة ليصبح مجموع المراسي 14 مرسى، ما عزّز القدرة التشغيلية للميناء كثيراً.
والتوسعة شملت أيضاً بناء ساحة تخزين ضخمة بمساحة 86,000 متر مربع، لترتفع السعة التخزينية الإجمالية إلى أكثر من 403,000 متر مربع، بالإضافة إلى تجهيز الميناء بأحدث المعدات البحرية من مصدات وحواجز وسلالم، ما يسهم في رفع كفاءة مناولة الشحنات وتسهيل العمليات اللوجستية.
اندلاع حريق في
#ميناء_الحمرية
بإمارة
#الشارقة
في
#الإمارات
#قناة_بلقيس
pic.twitter.com/SI6G5OlmC8
— قناة بلقيس الفضائية (@BelqeesTV)
May 31, 2025
قطاع صيد الأسماك والثروة الحيوانية
إلى جانب دوره التجاري، يلعب ميناء الحمرية دوراً جوهرياً في دعم قطاع الثروة الحيوانية، إذ يُعدّ محطة رئيسية لواردات الماشية التي تُنقل عبر السفن الخشبية وتُعالج وفق أعلى المعايير الصحية، كما يحتضن الميناء مرسى لصيد الأسماك يُعدّ من الأبرز في المنطقة، يضم 259 رصيفاً للقوارب (156 مبللاً و103 أرصفة جافة)، تشهد إشغالاً كاملاً ويُوفّر المرسى مجموعة متكاملة من المرافق والخدمات تشمل الأمن على مدار الساعة، ومتجراً لتزويد البحارة بالمستلزمات، ومصدراً دائماً للثلج عبر تعاونية صيادي دبي، كما يضم المرسى مرافق إقامة تشمل صالة طعام ومطبخاً وحمامات، بالإضافة إلى منطقة استراحة ومطاعم ومتاجر تخدم العاملين والزوار.

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

الذهب يتراجع بعد اقترابه من أعلى مستوى في 4 أسابيع مع صعود الدولار
الذهب يتراجع بعد اقترابه من أعلى مستوى في 4 أسابيع مع صعود الدولار

القدس العربي

timeمنذ 6 ساعات

  • القدس العربي

الذهب يتراجع بعد اقترابه من أعلى مستوى في 4 أسابيع مع صعود الدولار

واشنطن: انخفضت أسعار الذهب الثلاثاء، بعدما اقتربت من أعلى مستوى في أربعة أسابيع، إذ ضغط ارتفاع متواضع للدولار على المعدن الأصفر لكن حالة عدم اليقين بشأن اتفاق التجارة بين الولايات المتحدة والصين أبقت المستثمرين حذرين وحدت من انخفاض الذهب. ونزل الذهب في المعاملات الفورية 0.3 بالمئة إلى 3369.98 دولار للأوقية (الأونصة) بحلول الساعة 02:49 بتوقيت غرينتش، بعدما بلغ أعلى مستوى منذ الثامن من مايو/ أيار في وقت سابق من الجلسة. واستقرت العقود الأمريكية الآجلة للذهب عند 3390 دولارا. وارتفع المعدن الأصفر بنحو 2.7 بالمئة في الجلسة السابقة، مسجلا أقوى أداء يومي في أكثر من ثلاثة أسابيع. وقال برايان لان المدير العام بشركة غولد سيلفر سنترال في سنغافورة 'تعافى الدولار قليلا وانخفض الذهب، لذا فإنهما مرتبطان عكسيا في هذه المرحلة'. لكنه أضاف أن الذهب لا يزال يتبع عن كثب التطورات المتعلقة بالتجارة العالمية. وتعافى مؤشر الدولار قليلا من أدنى مستوى في ستة أسابيع. وقال البيت الأبيض الاثنين إن من المرجح أن يتحدث الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ونظيره الصيني شي جين بينغ هذا الأسبوع، بعد أيام من اتهام ترامب لبكين بانتهاك اتفاق لخفض الرسوم الجمركية والقيود التجارية. ومن المقرر رفع الرسوم الجمركية التي تفرضها الولايات المتحدة على واردات الصلب والألمنيوم إلى المثلين لتصبح 50 بالمئة اعتبارا من غد الأربعاء، وهو الموعد النهائي الذي حددته إدارة ترامب للدول لتقديم أفضل اقتراحاتها في المفاوضات التجارية. من ناحية أخرى، أظهرت مذكرة نشرتها وسائل إعلام روسية بأن موسكو أبلغت كييف خلال محادثات السلام أمس الاثنين أنها لن توافق على إنهاء الحرب إلا إذا تخلت كييف عن أجزاء كبيرة جديدة من الأراضي وقبلت بقيود على حجم جيشها. وبالنسبة للمعادن النفيسة الأخرى، تراجعت الفضة في المعاملات الفورية 2.1 بالمئة إلى 34.07 دولار للأوقية، واستقر البلاتين عند 1062.46 دولار، وارتفع البلاديوم 0.1 بالمئة إلى 990.26 دولار. (رويترز)

الفن التشكيلي المغربي وإشكاليات التقييم والتقنين
الفن التشكيلي المغربي وإشكاليات التقييم والتقنين

العربي الجديد

timeمنذ 7 ساعات

  • العربي الجديد

الفن التشكيلي المغربي وإشكاليات التقييم والتقنين

يتميز سوق الفن التشكيلي في المغرب بجمعه بين سمات البدايات ومظاهر النضج، دون أن يحسم بعد موقعه مقارنة بأسواق فنية عربية أخرى أكثر استقراراً وتنظيماً. ففي لحظات معينة، يبدو السوق المغربي وكأنه فضاء نخبوي تُديره دُور المزادات الكبرى، بينما يتحول في لحظات أُخرى إلى مساحة مفتوحة للجميع، يسودها الغموض وتغلب عليها النزعة الفردية في التثمين والعرض. وحين نتحدث عن سوق الفن التشكيلي في المغرب، فإننا لا نتحدث فقط عن عمليات بيع وشراء، بل عن شبكة معقدة من العلاقات، و الأذواق ، والسياسات الثقافية، والأوهام المشتركة. قدّرت المعاملات الرسمية في السوق الفنية المغربية سنة 2015 بحوالي 600 مليون درهم (ما يناهز 66 مليون دولار)، في حين يُقدَّر حجم السوق الموازية بما يزيد عن 200 مليون درهم (ما يقارب 22 مليون دولار)، حسب بعض التقارير. غير أن هذه الأرقام تبقى مجرّد تقديرات وتخمينات، لا تستند إلى بحوث استقصائية رصينة، بسبب غياب المعطيات الدقيقة والإحصاءات الميدانية، وصعوبة الوصول إليها. ويأتي ذلك في ظل قلّة عدد المُقتنين والجامعين مقارنة بعدد الفنانين المكرَّسين والمحترفين، الذين يقارب عددهم 2000 فنان ممارس. ومع ذلك، لا توجد قوانين واضحة تضبط المعايير، ولا مؤسسات تضطلع بدور مركزي في تقييم الأعمال وحمايتها من التزييف أو التضليل البصري أو التسويقي. إذ لا يتوفر المغرب على آليات أو مؤسسة علمية قادرة على التحقق من أصالة الأعمال الفنية، رغم تزايد شكاوى عدد من الفاعلين في السوق من انتشار الأعمال الزائفة بين المقتنين. غياب آليات فعالة لتوثيق الأعمال الفنية والمنتوجات الثقافية ورغم بعض المحاولات القانونية التي أطلقتها الدولة والوزارة المعنية بالشأن الثقافي والفني، فإنها تظل محدودة وغير حازمة بما يكفي لوقف النزيف المالي ومواجهة غياب الرقابة والتتبع الدقيق لعمليات البيع والشراء. ويزداد هذا الإشكال تعقيداَ مع غياب آليات فعالة لتوثيق الأعمال الفنية والمنتوجات الثقافية، التي تُدرجها السلطات - كلما أراد الفنان إخراجها من البلاد، رغم كونه مالكها - ضمن "التراث الثقافي والحضاري الوطني". غياب مؤسسات كبرى تنظم المجال ويُلاحظ غياب مجلس وطني مختص بتنظيم هذا المجال، كما لا توجد آليات مؤسسية تضمن الشفافية في عمليات البيع والاقتناء، ما يفتح الباب أمام ما يمكن تسميته بـ"المجازفة البصرية"، حيث تتحول الأعمال الفنية إلى سلع خاضعة لمنطق السوق، دون إحاطة نقدية جادة أو سياق معرفي واضح. في مثل هذا المناخ، تتراجع القيمة الجمالية والثقافية للعمل الفني، وتُختزل غالبًا في قيمته التجارية، التي ترتبط باسم الفنان أو مكان عرضه أو الجهة الراعية له. وفي ظل غياب مؤسسات أكاديمية متخصصة (إذ لا يتوفر المغرب، إلى اليوم، على جامعة للفنون)، تلعب صالات العرض دورًا أكبر من المتاحف أو المؤسسات العلمية. هذه الصالات، المتركزة خصوصًا في الرباط والدار البيضاء ومراكش، تؤدي في كثير من الأحيان وظائف الناشر والناقد والخبير والوسيط، بل وتتدخل في تشكيل الأسماء الفنية وتدويرها. أحيانًا، تنجح هذه الصالات في إبراز مواهب حقيقية، لكنها في أحيان أخرى تُسهم في ترسيخ "نجومية شكلية"، تُفرض من خلال أذواق مرحلية أو دوائر مغلقة أو حتى جهات أجنبية تتحكم في مسارات العرض والتثمين، ما يُفرغ التجربة الجمالية من عمقها ويحولها إلى ظاهرة استهلاكية. أعمال فنية خاضعة لمنطق السوق دون إحاطة نقدية جادة وتظهر مفارقة أخرى في تدخل المؤسسات البنكية، التي اتجهت - بشكل غير متوقع - إلى دعم الفنون عبر إنشاء فضاءات عرض خاصة بها، وتمويل معارض وإصدارات توثيقية. ورغم أن هذه المبادرات أضفت بُعدًا ثقافيًا على الدور الاقتصادي لهذه المؤسسات، إلا أنها لم تتبلور بعد في شكل سياسات ثقافية مستدامة، تضبط معايير العرض والاقتناء وتمنح للمشهد الفني إطارًا مؤسساتيًا واضحًا. ويُعزى هذا الخلل إلى غياب تكوين أكاديمي كافٍ في مجالات الهندسة الثقافية والفنية، بالإضافة إلى محدودية الفرص المتاحة أمام الخريجين القلائل في هذا المجال. ما يجعل السوق الفنية المغربية تراوح مكانها، بين طموح النهوض وثقل العشوائية، في ظل غياب استراتيجية ثقافية واضحة المعالم. العمل الفني بين الجمهور والناقد بعيدًا عن مشكلات السوق الفنية وتنظيمها، تبرز مفارقة أخرى تتعلق بالجمهور نفسه؛ إذ لا تزال ثقافة اقتناء الأعمال الفنية محدودة في المغرب، سواء لدى عامة الناس أو حتى بين الفئات الميسورة. ويزيد من تعقيد هذا الوضع غياب استراتيجية واضحة لتثمين الأعمال الفنية بأسعار تناسب مختلف الشرائح الاجتماعية، مما يعزز الانطباع السائد بأن الفن لا يخص سوى النخبة. من جهة أخرى، يظل النقد الفني في المغرب، بوصفه ممارسة معرفية وتأويلية، في طور التشكّل بعد عقود من التراكم البطيء. فرغم وجود أسماء رصينة تكتب باللغات العربية والفرنسية والإنكليزية، وعلى تباين بين الخطاب الصحافي والنقدي والفكري، فإنَّ هذه المبادرات تظل غالباً فردية، تُنشر في الصحف الثقافية أو المجلات المتخصصة أو ضمن كاتالوغات المعارض. غير أن الخطاب النقدي لا يواكب حجم الإنتاج الفني، لا بسبب ضعفه بالضرورة، بل نتيجة كثافة الأعمال المعروضة مقابل قلة عدد النقاد. كما تطغى على المشهد أسماء أجنبية تفتقر أحياناً للمعرفة الدقيقة بالهوية المغربية وسياقاتها الثقافية، ما يعمّق فجوة التأويل والتمثيل. في المقابل، لا ينجح الخطاب الصحافي المهتم بالفن في الدخول في حوار جاد مع الفنانين أو المؤسسات أو الجمهور، وذلك بسبب غياب التكوين البصري في المنظومة التعليمية، لكن الإشكال الجوهري يظل في حالة التردد الجماعي: فالمؤسسات تنتظر المبادرة من الفنانين، والفنانون ينتظرون اعتراف النقاد، والنقاد ينتظرون دعوات رسمية من المؤسسات، والجمهور يراقب بصمت. إنها حلقة مغلقة تفتقر إلى ما يُسمى بـ"لحظة الكسر" أو "الحدث المؤسس" الذي يعيد ترتيب العلاقة بين مختلف الفاعلين في المشهد الفني. ورغم هذا الوضع، لا يمكن إنكار الحركية التي بات يشهدها المشهد الثقافي في السنوات الأخيرة، من معارض وندوات ومقالات ودراسات وأطروحات جامعية، مقارنة بما كان عليه الحال قبل عقدين. وقد تُوجت هذه الحركية بمناظرات وطنية، كان آخرها المناظرة الثانية التي انعقدت قبل أشهر قليلة في الرباط. وما يثير الانتباه بشكل خاص هو أن بعض الفنانين الشباب تمكنوا من كسر هذا الجمود، عبر مبادرات ذاتية وشبكات التواصل الاجتماعي والمشاركات الدولية. هؤلاء لا يكتبون نقداً نظرياً، لكنهم يمارسون شكلاً من "النقد العملي"، عبر تجاربهم الفنية التي تتحدى مركزية السوق وتؤسس لنماذج بديلة في العرض والتواصل والإبداع. * كاتب من المغرب فنون التحديثات الحية العمارة العربية في بينالي البندقية.. سيرة بيوت من ضوء وتراب

الدولار قرب أدنى مستوى في 6 أسابيع مع تأثير الحرب التجارية على الاقتصاد
الدولار قرب أدنى مستوى في 6 أسابيع مع تأثير الحرب التجارية على الاقتصاد

القدس العربي

timeمنذ 9 ساعات

  • القدس العربي

الدولار قرب أدنى مستوى في 6 أسابيع مع تأثير الحرب التجارية على الاقتصاد

طوكيو: تراجع الدولار إلى أدنى مستوى في ستة أسابيع اليوم الثلاثاء بفعل مؤشرات على هشاشة الاقتصاد الأمريكي بسبب الأضرار الناجمة عن الحرب التجارية التي تشنها إدارة الرئيس دونالد ترامب. وعلى الرغم من تعافي أسواق الأسهم العالمية على نطاق واسع في أعقاب تهديدات ترامب المتقطعة بشأن الرسوم الجمركية، لا يزال الدولار متراجعا بقوة. وقد تمنح بيانات المصانع والوظائف في الولايات المتحدة خلال الأيام المقبلة المزيد من المؤشرات على خسائر أكبر اقتصاد في العالم نتيجة لحالة الضبابية التجارية. ومن المقرر رفع الرسوم الأمريكية المفروضة على واردات الصلب والألمنيوم إلى المثلين لتصبح 50 بالمئة اعتبارا من غد الأربعاء، وهو نفس اليوم الذي تتوقع فيه إدارة ترامب أن تقدم الدول أفضل اقتراحاتها في المفاوضات التجارية. وقال رودريجو كاتريل كبير محللي العملات الأجنبية في بنك أستراليا الوطني 'ما تعنيه هذه التحركات بأكملها بالأساس هو أن التوتر التجاري لا يتحسن حقا… ورأينا الدولار يتضرر على نطاق واسع'. ولم يطرأ تغير يذكر على مؤشر الدولار، الذي يقيس أداء العملة الأمريكية مقابل ست عملات رئيسية أخرى، بعدما لامس 98.58 وهو أدنى مستوى منذ أواخر أبريل نيسان، عندما هبط إلى أدنى مستوى منذ ثلاث سنوات. وسجل الدولار 142.71 ين، مقتربا من أدنى مستوى في أسبوع. ولم يطرأ تغير يذكر على اليورو الذي سجل 1.1446 دولار بعدما لامس لفترة وجيزة أعلى مستوى في ستة أسابيع عند 1.1454 دولار. وفي وقت لاحق من الأسبوع، سينصب التركيز على قرار البنك المركزي الأوروبي بشأن سعر الفائدة والتوقعات اللاحقة. وارتفع الدولار النيوزيلندي 0.1 بالمئة إلى 0.6045 دولار أمريكي، وهو مستوى مرتفع جديد لهذا العام. وشهد الدولار الأسترالي تغيرا طفيفا ليسجل 0.64951 دولار أمريكي. وانخفض مؤشر الدولار 0.8 بالمئة أمس الاثنين بعدما أظهرت بيانات انكماش قطاع الصناعات التحويلية في الولايات المتحدة للشهر الثالث على التوالي في مايو أيار وأن الموردين استغرقوا وقتا أطول في تسليم مستلزمات الإنتاج بسبب الرسوم الجمركية. ويتحول الاهتمام الآن إلى أرقام طلبيات المصانع الأمريكية التي تصدر اليوم الثلاثاء، إلى جانب بيانات الوظائف المقرر صدورها في وقت لاحق من الأسبوع. (رويترز)

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store