الأموال الساخنة!أحمد الطنطاوي
الأموال الساخنة!
أحمد الطنطاوي
احذروا المواطن قطيم الظهر
رأيت أناسًا يدّعون، بداية من أزمة كورونا قبل عدة سنوات، ثم في الحرب الروسية الأوكرانية، ثم تحججوا بتغيرات الدولة، يدّعون أن ما جرى في أوكرانيا أثّر على المواطن المصري اقتصاديًا ومعيشيًا أكثر مما أثّر على الطرفين المتحاربين أساسًا! لم أرَ أحدًا يتكلم عن العيوب الهيكلية في الاقتصاد المصري، وهي السبب في تأثير أي متغيرات أو أزمات دولية بشكل أشد وأقسى عليه مقارنة بغيره من الشعوب.
وللحق نقول: إننا لم نتبع إجراءات في مواجهة فيروس كورونا أربكت الاقتصاد المصري آنذاك أو ذات حسابات مربكة لسير الاقتصادات النقدية بشكل يعضل الدولة أو يغير بها المسار المتبع. لم تتبع السلطة مثلما نفذت باقي الدول، لا إغلاقًا تامًا ولا غيره، ما حدث كان أن السلطة والقائمين على جمع القرار في هذا البلد اعتمدوا على أموال ساخنة، وتعاملوا مع هذه الأموال على أنها أموالهم هم، لا حسيب ولا رقيب، وليس دينًا عليهم، وصرفوها، هي وغيرها مما يُستدان، فيما لا حساب له ولا حاجة إليه. وهذا بالوصف اللائق والمهذب لما تم فيه صرف المال العام في السنوات الخالية، منذ أزمة كورونا مرورًا بحرب أوكرانيا وحتى سنوات الإبادة الجماعية في فلسطين، حتى تبديد المال العام في المشروعات الأخيرة.
كل ذلك صُرف في مشاريع قلتُ من البداية إن بعضها غير مجدٍ على الإطلاق، وكثير منها محتاج مراجعة في الطريقة أو في التوقيت. ما تسميه الحكومة إصلاحًا اقتصاديًا ما هو إلا إصلاح نقدي، وظالم على المستوى الإنساني. كما قلتُ مرارًا إن المغالطات في تقدير المبالغ المخصصة لقطاعات الصحة والتعليم والفلاحين بالقيم المطلقة، قائلا إنه يجب أن تُنسب إلى الناتج المحلي الإجمالي. كما أننا تخطينا الاستمرار في سياسة الاستدانة، مؤكدًا أن الإنفاق على خدمة الديون في الموازنة العامة فاق القدرة على خدمة الدين، حتى لو توالت المعونات لتأدية خدمات يريدها الغرب من السلطة.
لن ترد النفحات الضخمة من المنح ليد المواطن، وهذا أمر لم نعد نشك فيه حتى. ورّطتنا هذه السلطة في حلقة من الاستدانة والتبعية إلى حد مخزٍ. وصلت إرهاصات هذه السلطة وتجرؤها على شعبها أن قالوا لِشباب مصر: بيعوا دماءكم لتأكلوا من هذا وتعيشوا! كيف تحل مثل هذه السلطة أزمات اقتصادية بحجم ما ورّطونا فيه؟ كيف يسدون دينًا ويلتفون بخدمة دين كالذي تورطنا فيه؟
قلتُها مرارًا: نحن نحكم بسياسات ما قبل ٢٥ يناير، وللأسف الفرز الثاني والثالث والعاشر حتى رئاسة الجمهورية، التي للأسف أوصلت المواطن الذي حلم بعد الثورة بحياة أفضل وأكثر كرامة وعدلًا، إلى أن أصبح يترحم على ما قبل ٢٥ يناير.. وهذا أمر في منتهى الألم.
عشر سنوات وأكثر يعدون بوعود ليس لها أي ظل من الواقع، وعود تتالت ولم يُنفذ منها حرف، ونسوا أن هناك شبابًا لم يكن مفترضًا حتى أن يفكر في الترشح أمام هذا الاستخفاف واللا محاسبة، وطلبات التفويض و'اصبروا واصبروا ستة شهور وسترون مصر قد الدنيا' وكل هذه الأمور. واليوم يقول لشباب مصر: بيعوا دماءكم عشان تأكلوا!
هذا الوضع لا يليق بمصر. ولا يعرف حجمها، ولا هو بحجم هذا البلد. فلكل شركائنا في الحلم والسعي من المواطنين والمواطنات، فإذا كان هناك من يعتقد أنه يمكن استخدام أي فصيل سياسي كواجهة لتحقيق صورة ما نقوم بها مبدئيًا ويستغلونها لمصلحتهم فلن يكون. فلا تزييف الواقع لفترات طويلة ينطلي على من ذاق سنوات العجاف العشر الماضية مهما طال الزمن، ولا هذا الشعب رغم كل صبره وامتثاله للمحن، الصابر صبر أيوب، يحتمل أكثر من ذلك.
أتمنى على الجميع التعقل والثبات، وأن يكونوا دوما على خط رسمناه معًا لا نخرج فيه عن قانون أو دستور. هذه حقوقنا، والحقوق لا تُسرق في الظلام، بل تُؤخذ تحت عين الشمس.
2025-05-01
The post الأموال الساخنة!أحمد الطنطاوي first appeared on ساحة التحرير.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


ساحة التحرير
١٣-٠٥-٢٠٢٥
- ساحة التحرير
الاستمرار في الاقتراض سيقودنا إلى الإفلاس!أحمد الطنطاوي
الاستمرار في الاقتراض سيقودنا إلى الإفلاس! أحمد الطنطاوي* قبل أن تستفحل شروط جهات الإقراض، واجهت الحكومة بأن برنامج الإصلاح الاقتصادي الذي تطبقه الحكومة ليس فقط فاشلا وإنما فاسدا، وأن الاستمرار في سياسة الاقتراض سيفضي إلى إفلاس حتمي لا نجاة من بعده. في ٢٠٢٠-٢٠٢١ إبان مناقشة مشروع الموازنة العامة للدولة قلت مباشرة إن ما تمسيه الحكومة المصرية إصلاحا للاقتصاد هو إصلاح نقدي وظالم للمواطن، ولا يحل مشاكل اقتصادية لمصر بل يصنع مشكلات جديدة ستطأ ظهر المصريين طويلا. في ذلك العام بالذات لم يكن هناك إرادة سياسية حقيقية لأي تعديلات جوهرية على الموازنة العامة، وهو ما حاولت الحكومة تصويره في مشروعها المقدم. بل إن المغالطات الشديدة في تقدير المبالغ المخصصة لقطاعات الصحة والتعليم والفلاحين لا مفر من أن تنسب إلى المنتج المحلي الإجمال، وإلا فقدت لب الموازنة وأطلقت يد الحكومة بها دون رقابة. الاستمرار في الاستدانة وشروط جهات الإقراض وخدمة الدين التي تعسرت بسببها كل موارد الدولة إلا من هامش لا علاقة لهم بالمواطن لا بأفراحه وأتراحه، ترك موازنة الدولة ٢٠١٩/٢٠٢٠ مثلا الإنفاق على خدمة الديون في الموازنة العامة ١٢ ضعفا من الإنفاق على الصحة في الموازنة. سيدفع ثمن ذلك المواطن وحده، وسيضطر إما للبقاء في منظومة صحية وتعليمية غير قائمة من الأساس، ولن يتمكن بالطبع من اللجوء للقطاع الخاص في هاتين الخدمتين تحديدا. كان يجب على هذه السلطة عدم التخفي وراء مؤسسات الدولة وتحملها مسؤولية الفشل الذي بات مرئيا رؤية العين في كل قطاع وعلى وجه كل مواطن. منذ فكرنا في حملتنا الرئاسية ومضينا فيها شوطا لم يسمح له بتنظيم النور، ولم نقبل إلا أن نمارس حقنا القانوني والدستوري بتداول السلطة، كنا بالفعل قد قدمنا مشروعا طموحا لبناء نظام مدني ديمقراطي، عبر آلية قانونية ودستورية لها برنامج يقدم حلولا لكل أزمات مصر. مصر بإدارة رشيدة كانت ويمكن أن تصبح سوقا جاذبة للاستثمارات الحقيقة المستدامة. أتساءل هل لهذه السلطة خريطة استثمارية؟ هل هناك قراءة لعوامل الجذب وطمأنة المستثمرين حاليا؟ هل المستثمر المصري أصلا له ضمانات وحقوق تيسيرية تضمن بقاء استثماراته داخل مصر وأرباحه آمنة فيها؟ هل هناك حساب لهرب رأس المال الوطني من مصر؟ هل يضمن المستثمر المصري أصلا أمانه إذا غضبت عليه هذه السلطة أو لم يكن على هواها؟ الإجابة لا في كل الحالات. التحول الديمقراطي وتداول السلطة بطريق ديمقراطي وسلمي وشرعي، سيفضي حتما إلى إعادة جدولة الديون بفائدة أقل. لا بد أن يرى المانحون أفقا له نهاية لمساعدتهم. هذه السلطة استفادت بأكثر من ١٠٠ مليار دولار من المنح، وقدمت إل سدة الحكم والدين الحكومي كان ٣٤ مليار دولار أوصلته الآن إلى ١٦٥ مليار دولار على الأقل. أضف إلى ذلك دينا غير محدود بضمانات غير حكومية فضلا عن ديون بسبب غياب الرقابة لا يراها البرلمان في الموازنة العامة. لو ربع الدين الداخلي الذي فاق الخمسة تريليونات أعيد توجيهه لمشروعات صناعية وطنية، لانحلت أزمات كثيرة ناهيك عن الاستعاضة عن رفع الدعم عن المواطن بهذا الشكل السافر. أخيرا أذكركم أن رئيس الجمهورية بدأ عهده بأن جني الثمار الاقتصادية بعد سنتين وسيكتمل مشروعه بعد ثمان سنوات، مر اليوم أكثر من عشرة أعوام، وحتى الحال لم يبق على ما هو عليه. ساء لدرجة يجب معها استبدال السلطة بأخرى مدنية ديمقراطية وإنقاذ مصر من مستقبل خَرِب. المدخل الشرعي لإدخال أي إصلاح أو تبني أي مقررات لأي حوار هو إخضاعها للنقاش في المجلس التشريعي ليس لدراستها فحسب، وإنما لتحديد آلية الإلزام بها للسلطة التنفيذية ثم آلية أخرى للرقابة والمحاسبة في التهاون أو التقصير في تنفيذها. يتساوى في ذلك الموظف الأقل درجة وظيفية برئيس الجمهورية، فطالما أن موظفا عموميا أوكلت له مهمة ينبغي محاسبته. وهذه ليست بدعة، فقد شكل البرلمان المصري بالفعل مباشرة ١٥يناير ٢٠١٦، بعد أيام من التعديلات الدستورية لجنة سعينا لها لفحص ما جاء في تقرير الجهاز المركزي للمحاسبات وقد كان مرعبا على مؤشرات الفساد. المجلس شكل اللجنة بالفعل لكن القرار لم ينفذ، ولك تُفعّل اللجنة. ثم جرى تعديل قانون الجهاز المركزي للمحاسبات نفسه بما يتيح لرئيس الجمهورية صلاحية إعفاء رئيس الجهاز فقد كان اعتداء سافرا على استقلالية الجهاز الأهم والأكبر للعمل الرقابي. 2025-05-13


ساحة التحرير
٠١-٠٥-٢٠٢٥
- ساحة التحرير
الأموال الساخنة!أحمد الطنطاوي
الأموال الساخنة! أحمد الطنطاوي احذروا المواطن قطيم الظهر رأيت أناسًا يدّعون، بداية من أزمة كورونا قبل عدة سنوات، ثم في الحرب الروسية الأوكرانية، ثم تحججوا بتغيرات الدولة، يدّعون أن ما جرى في أوكرانيا أثّر على المواطن المصري اقتصاديًا ومعيشيًا أكثر مما أثّر على الطرفين المتحاربين أساسًا! لم أرَ أحدًا يتكلم عن العيوب الهيكلية في الاقتصاد المصري، وهي السبب في تأثير أي متغيرات أو أزمات دولية بشكل أشد وأقسى عليه مقارنة بغيره من الشعوب. وللحق نقول: إننا لم نتبع إجراءات في مواجهة فيروس كورونا أربكت الاقتصاد المصري آنذاك أو ذات حسابات مربكة لسير الاقتصادات النقدية بشكل يعضل الدولة أو يغير بها المسار المتبع. لم تتبع السلطة مثلما نفذت باقي الدول، لا إغلاقًا تامًا ولا غيره، ما حدث كان أن السلطة والقائمين على جمع القرار في هذا البلد اعتمدوا على أموال ساخنة، وتعاملوا مع هذه الأموال على أنها أموالهم هم، لا حسيب ولا رقيب، وليس دينًا عليهم، وصرفوها، هي وغيرها مما يُستدان، فيما لا حساب له ولا حاجة إليه. وهذا بالوصف اللائق والمهذب لما تم فيه صرف المال العام في السنوات الخالية، منذ أزمة كورونا مرورًا بحرب أوكرانيا وحتى سنوات الإبادة الجماعية في فلسطين، حتى تبديد المال العام في المشروعات الأخيرة. كل ذلك صُرف في مشاريع قلتُ من البداية إن بعضها غير مجدٍ على الإطلاق، وكثير منها محتاج مراجعة في الطريقة أو في التوقيت. ما تسميه الحكومة إصلاحًا اقتصاديًا ما هو إلا إصلاح نقدي، وظالم على المستوى الإنساني. كما قلتُ مرارًا إن المغالطات في تقدير المبالغ المخصصة لقطاعات الصحة والتعليم والفلاحين بالقيم المطلقة، قائلا إنه يجب أن تُنسب إلى الناتج المحلي الإجمالي. كما أننا تخطينا الاستمرار في سياسة الاستدانة، مؤكدًا أن الإنفاق على خدمة الديون في الموازنة العامة فاق القدرة على خدمة الدين، حتى لو توالت المعونات لتأدية خدمات يريدها الغرب من السلطة. لن ترد النفحات الضخمة من المنح ليد المواطن، وهذا أمر لم نعد نشك فيه حتى. ورّطتنا هذه السلطة في حلقة من الاستدانة والتبعية إلى حد مخزٍ. وصلت إرهاصات هذه السلطة وتجرؤها على شعبها أن قالوا لِشباب مصر: بيعوا دماءكم لتأكلوا من هذا وتعيشوا! كيف تحل مثل هذه السلطة أزمات اقتصادية بحجم ما ورّطونا فيه؟ كيف يسدون دينًا ويلتفون بخدمة دين كالذي تورطنا فيه؟ قلتُها مرارًا: نحن نحكم بسياسات ما قبل ٢٥ يناير، وللأسف الفرز الثاني والثالث والعاشر حتى رئاسة الجمهورية، التي للأسف أوصلت المواطن الذي حلم بعد الثورة بحياة أفضل وأكثر كرامة وعدلًا، إلى أن أصبح يترحم على ما قبل ٢٥ يناير.. وهذا أمر في منتهى الألم. عشر سنوات وأكثر يعدون بوعود ليس لها أي ظل من الواقع، وعود تتالت ولم يُنفذ منها حرف، ونسوا أن هناك شبابًا لم يكن مفترضًا حتى أن يفكر في الترشح أمام هذا الاستخفاف واللا محاسبة، وطلبات التفويض و'اصبروا واصبروا ستة شهور وسترون مصر قد الدنيا' وكل هذه الأمور. واليوم يقول لشباب مصر: بيعوا دماءكم عشان تأكلوا! هذا الوضع لا يليق بمصر. ولا يعرف حجمها، ولا هو بحجم هذا البلد. فلكل شركائنا في الحلم والسعي من المواطنين والمواطنات، فإذا كان هناك من يعتقد أنه يمكن استخدام أي فصيل سياسي كواجهة لتحقيق صورة ما نقوم بها مبدئيًا ويستغلونها لمصلحتهم فلن يكون. فلا تزييف الواقع لفترات طويلة ينطلي على من ذاق سنوات العجاف العشر الماضية مهما طال الزمن، ولا هذا الشعب رغم كل صبره وامتثاله للمحن، الصابر صبر أيوب، يحتمل أكثر من ذلك. أتمنى على الجميع التعقل والثبات، وأن يكونوا دوما على خط رسمناه معًا لا نخرج فيه عن قانون أو دستور. هذه حقوقنا، والحقوق لا تُسرق في الظلام، بل تُؤخذ تحت عين الشمس. 2025-05-01 The post الأموال الساخنة!أحمد الطنطاوي first appeared on ساحة التحرير.


الأنباء العراقية
٠٥-٠٤-٢٠٢٥
- الأنباء العراقية
التعرفة الجمركية الأمريكية على المنتجات البريطانية تدخل حيز التنفيذ
متابعة - واع دخلت التعرفة الجمركية التي فرضها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بنسبة 10% على المنتجات البريطانية حيز التنفيذ اليوم السبت. حيث استمرت أسواق الأسهم العالمية في الانخفاض بسبب فرض الضرائب على الواردات، وانخفض مؤشر فايننشال تايمز 100 البريطاني يوم الجمعة في أسوأ يوم تداول له منذ بداية جائحة فيروس كورونا بينما هوت الأسواق في وول ستريت أيضا. ومن المتوقع أن يقضي رئيس الوزراء البريطاني، كير ستارمر، نهاية الأسبوع في التحدث إلى قادة دول العالم بشأن التعريفات، بعد اتصالين مع رئيسي وزراء أستراليا وإيطاليا، حيث اتفق القادة على أن الحرب التجارية ستكون مضرة للغاية. ومن المقرر أن تدخل التعرفة الأمريكية "الأساسية" البالغة 10% على البضائع المستوردة من جميع أنحاء العالم حيز التنفيذ اليوم السبت. وانخفض مؤشر سوق أسهم الشركات الكبرى في لندن بنسبة 419.75 نقطة، أو بنسبة 4.95%، ليغلق عند 8054.98 نقطة يوم الجمعة، وهو أكبر انخفاض في يوم واحد منذ مارس 2020 عندما خسر المؤشر أكثر من 600 نقطة في يوم واحد. وانخفض مؤشر داو جونز بنسبة 5.5% يوم الجمعة بعد أن قامت الصين بالرد على تعريفات ترامب الجمركية.