
الهلال النووي وحدود الدور الأردني: من الحياد الحذر إلى التموقع الذكي في هندسة الأمن الإقليمي #عاجل
جو 24 :
كتب وائل منسي -
يبدو أن المنطقة تقف على عتبة تصعيد غير مسبوق تتقاطع فيه الاستراتيجيات النووية والتقليدية والرمزية، مع حضور أمريكي كثيف يدفع بعقيدة الردع المتفوق إلى أقصى تجلياتها. التصريحات المتبادلة بين طهران وتل أبيب، والمواقف الأمريكية التي تلوّح بتحويل إسرائيل إلى مخزن متقدم لأفتك ترسانات العالم، لا تعبّر فقط عن لحظة غضب، بل تكشف عن تحوّل استراتيجي باتجاه المواجهة المفتوحة أو الردع المحسوب عالي الكلفة. حديث ترامب عن أسلحة "الأكثر فتكا في العالم" هو إعلان صريح عن تحوّل نوعي في قواعد الاشتباك، لا سيما إذا أُقحمت أدوات التفوق السيبراني والميداني معاً في صراع سيحدد ملامح الأمن الإقليمي للجيل القادم. في المقابل، تتعامل طهران بخطاب مزدوج: تعبئة داخلية مبنية على الكبرياء والرد القاسي، ورسائل خارجية موجهة للردع من بوابة "الندم" الاستراتيجي لإسرائيل، وهذا يعكس تصميم النظام الإيراني على عدم الخضوع، مع محاولة ضبط سقف التصعيد حتى لا يُفقد زمام السيطرة.
ضمن منطق التنبؤ المستقبلي (Futures Studies)، فإن التفاعلات الحالية تشكّل نقطة تحول لا يمكن فهمها إلا باستخدام أدوات مثل تحليل السيناريو، ونموذج STEEP لتحليل العوامل (الاجتماعية، التكنولوجية، الاقتصادية، البيئية، السياسية). الواقع يُظهر أن البنية الأمنية للشرق الأوسط تُعاد صياغتها بأسلوب يتجاوز "إدارة الصراع" التقليدية إلى فرض معادلات ما بعد الردع، أي الانتقال من حالة تجنب الحرب إلى استخدام الحافة النووية كوسيلة لإعادة تعريف التوازنات الإقليمية. هنا يصبح السيناريو الأبرز هو تفكك النظام الأمني العربي التقليدي، وتكريس ما يسمى "الملاذات الأمنية المحمية" تحت العباءة النووية الأميركية أو الإيرانية أو الإسرائيلية، مما يستدعي إعادة تعريف مفهوم السيادة الوطنية، والهويات الأمنية للدول العربية.
أما الأردن، فهو أمام مفترق استراتيجي يتطلب تبني Comprehensive Conclusions Tactics، والتي تفترض القراءة متعددة الطبقات للمشهد، وربط المخرجات التكتيكية بالغايات الاستراتيجية ضمن منظومة تحوط نشطة proactive hedging strategy. فالأردن لا يمكنه أن يبقى محايدًا سلبيًا، ولا طرفًا مباشرًا في محور مغامر، بل عليه بناء تموضع مستقبلي ذكي يتضمن:
1. إعادة صياغة العقيدة الأمنية الوطنية لتأخذ في الاعتبار تغير طبيعة التهديدات من تقليدية إلى هجينة (cyber warfare، حرب نووية تكتيكية، حروب الوكالة غير المتوقعة).
2. إنشاء شبكة تحالفات سيادية مستقلة توازن بين الدور الأميركي والبعد الإقليمي، بما فيها قنوات مفتوحة مع إيران وتركيا وإسرائيل، دون التورط في محور عقائدي.
3. بناء منظومة إنذار مبكر سياسي/أمني تستخدم الذكاء الاصطناعي لتحليل المؤشرات المبكرة للتصعيد، وربطها بتوجيه السياسات الوطنية.
4. الانتقال من ردّ الفعل إلى هندسة التأثير الناعم في ملفات مثل القدس، اللاجئين، والحدود، وربطها بأبعاد الطاقة والمياه والعبور.
بناء على ذلك، يمكن تقديم سيناريوهات مستقبلية استراتيجية للأردن:
السيناريو الأول – الحياد الصلب: يعتمد على تحصين الجبهة الداخلية، وتبني سياسة "الحياد النشط" مع بناء قدرات عسكرية دفاعية متطورة واستثمارات في الردع الرقمي، وتجنب أي اصطفاف.
السيناريو الثاني – المحور الأمريكي الإسرائيلي: ويقوم على الدخول في شراكة أمنية أعمق مع إسرائيل وأمريكا مقابل ضمانات اقتصادية وأمنية، لكنه يحمل خطر فقدان الاستقلالية الإقليمية.
السيناريو الثالث – وساطة استراتيجية شاملة: بأن يصبح الأردن لاعباً محورياً في التهدئة وتقديم نفسه كوسيط دائم في إدارة التوتر، مما يكسبه شرعية إقليمية جديدة ودوراً في بنية ما بعد الصراع.
السيناريو الرابع – الانخراط الأمني العربي الإقليمي: بالدفع نحو بناء محور أمن إقليمي غير استقطابي، بمشاركة السعودية ومصر وتركيا، والعمل على احتواء إيران ضمن تفاهمات أمن جماعي.
بالتالي، فإن ما يحدث اليوم ليس مجرد مواجهة طارئة، بل هو مختبر عملي لإعادة صياغة موازين القوى في الإقليم، وعلى الأردن أن ينتقل من موقع "المراقب الحذر" إلى "المهندس الذكي" لموقعه الجيوسياسي في عالم يتغير بسرعة وقسوة.
تابعو الأردن 24 على

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة

سرايا الإخبارية
منذ ساعة واحدة
- سرايا الإخبارية
كيف يمكن أن يخرج نتنياهو خاسراً من المواجهة مع إيران؟
سرايا - رأت صحيفة "هآرتس" العبرية أن الهجوم الكبير الذي شنته إسرائيل على إيران يوم الجمعة، قد يرتد سلباً على رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، كما لم تستبعد حدوث صِدام مرتقب مع الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب. وقالت الصحيفة إن الأهداف الإسرائيلية "الطموحة" من الضربة تتلخص في تقويض السيطرة العسكرية للنظام الإيراني، وإلحاق الضرر بجوهر قدراته النووية ومعرفته وخبرته، وتعطيل خيارات الرد، وخلق صدمة أخلاقية، وربما إشعال شرارة انتفاضة مدنية يمكن أن تؤدي إلى انهيار نظام الحُكم. لكن هذه الاستراتيجية، بحسب "هآرتس" تعتمد على عناصر متنوعة استخدمتها إسرائيل سابقاً، سواء ضد إيران أو ضد منظمات ودول أخرى في المنطقة، مشككة في إمكانية أن يؤدّي دمج هذه العناصر في نتيجة استراتيجية تُغيّر طبيعة التهديد الإيراني أو الواقع الإقليمي. وفي تقليلها من شأن خسارات إيران في اليوم الأول من الضربة "الصادمة"، ذكرت الصحيفة العبرية أن البرنامج النووي الإيراني بُني على مدى عقود، ولا يعتمد على نخبة واحدة من العلماء، وكذلك لا يعتمد الجيش الإيراني والحرس الثوري على طبقة رفيعة من كبار الشخصيات الذين قد يؤدي القضاء عليهم إلى انهيار الجيش أو الجهاز النووي للبلاد. كما رأت "هآرتس" أن إلحاق ضرر كبير بالمنشآت النووية قد يؤخر تطوير البرنامج النووي، لكنه لن يوقف طموح إيران في أن تصبح دولة نووية على أعتاب مرحلة الإنتاج أو امتلاك أسلحة نووية في نهاية المطاف، حتى لو كانت جاهزة. العودة للمفاوضات وفي ظل تلك المعطيات، ومع عدم قدرة إسرائيل على "تدمير شامل وكامل" للقدرات النووية الإيرانية، تعتقد "هآرتس" ان العودة إلى المفاوضات واردة بقوة، منوهة بأن ترامب وبعد ساعات قليلة من هجوم يوم الجمعة، أعرب عن أمله في عودة إيران إلى طاولة المفاوضات. وطرحت الصحيفة العبرية افتراضاً واراداً، وهو أن تسارع الولايات المتحدة وإيران إلى إبرام اتفاق يتضمن ضمانات أمنية لطهران ضد أي هجمات إسرائيلية مستقبلية، معتبراً أن ذلك سيُشعل فتيل التوترات بين نتنياهو وترامب. بينما تعوّل إدارة ترامب على أن الضربة الإسرائيلية قد تكون وسيلة ضغط مفيدة لإعادة إيران إلى المفاوضات، ترى تل أبيب أن أي اتفاق يجب أن يخلق واقعاً جديداً لا تمتلك فيه طهران برنامجاً نووياً على الإطلاق. إلا أن "هآرتس" تدعو نتنياهو إلى أن يتعلم درساً قاسياً من مدى تضليل مصطلحات مثل "النصر الشامل" و"انهيار البنية التحتية"، حتى عند استخدامها في صراعات مع أطراف أضعف كثيرا من إيران. بل ذهبت الصحيفة إلى أن ومن المفارقات أن الضربة الإسرائيلية قد تُفضي الآن إلى النتيجة ذاتها التي كانت إسرائيل تأمل في منعها، وهي إعادة إيران إلى طاولة المفاوضات. ومع استمرار الحرب في غزة، سيتعين على إسرائيل والولايات المتحدة تحديد ليس فقط متى فُتحت "أبواب الجحيم"، بل أيضاً متى وكيف تُغلقانها، إذا لم تُدمَّر جميع المواقع النووية، فسيتعين اتخاذ قرار بشأن ما يُعتبر نجاحاً "مُغير لقواعد اللعبة"، بحسب "هآرتس". ولا تستبعد الصحيفة العبرية في نهاية المطاف، أن تتجه إسرائيل وواشنطن نحو صِدام؛ إذ قد يعتبر ترامب تجديد الاتفاق النووي إنجازاً كبيراً ناتجاً عن الضربة، في المقابل، قد تعتقد إسرائيل أي اتفاق من هذا القبيل فشلاً، خاصة إذا استمرت إيران في السعي وراء قدراتها النووية، حتى مع تقييد تخصيب اليورانيوم.

سرايا الإخبارية
منذ 4 ساعات
- سرايا الإخبارية
ترامب أمام الكونغرس: ميلانيا قد تسرق الأضواء وتأخذ مكاني
سرايا - في مشهد طغى عليه المزاح والجدّية في آنٍ معاً، لم يتوانَ الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عن الإشادة بمبادرة زوجته ميلانيا، التي نالت دعماً واسعاً من الحزبين الجمهوري والديمقراطي في الكونغرس، مُعتبراً أنّ هذا النجاح قد يؤهلها، مازحاً، لـ"أخذ وظيفته". وخلال كلمة ألقاها في الحديقة الجنوبية للبيت الأبيض ضمن فعاليات النزهة السنوية للكونغرس، قال ترامب: "لقد اجتمعنا على أساس حزبي، بفضل السيدة الأولى العظيمة، من أجل تمرير قانون Take It Down Act، الذي يحمي شبابنا من الاستغلال عبر المواد الإباحية الانتقامية والصور المزيفة المصنوعة بالذكاء الاصطناعي". وكانت ميلانيا تقف إلى جانبه على شرفة ترومان، حيث وجّه لها الشكر على دورها القيادي، إلى جانب أعضاء الكونغرس الذين دعموا القانون قائلاً: "أشكركِ ميلانيا، وأشكر الجميع هنا". وأضاف مازحاً: "حين رأيت أن مشروع القانون قد تم تمريره بدعم الحزبين، قلت: أعتقد أنّكِ ستأخذين وظيفتي يا ميلانيا! لا نحظى غالباً بدعم حزبي واسع كهذا". وتابع ترامب بأنّ ميلانيا، رغم أنّها مولودة في سلوفينيا وغير مؤهلة دستورياً لتولي الرئاسة، فقد أظهرت قدرة لافتة على تحقيق التوافق في العاصمة، مشيراً إلى أنّها تساءلت ذات مرة عن سبب صعوبة تمرير قوانين بدعم من الحزبين، فأجابها: "لا يوجد سبب لذلك، لكنكِ فعلتِها. تهانينا، لقد كان عملاً رائعاً". وكان ترامب قد وقّع قانون Take It Down Act الشهر الماضي، وهو القانون الذي قادته السيدة الأولى بنفسها، وقد أُقرّ بالإجماع في مجلس الشيوخ، بينما صوّت ضده في مجلس النواب نائبان جمهوريان فقط، هما توماس ماسي وإريك بيرليسون.


البوابة
منذ 11 ساعات
- البوابة
ترامب يتوعد إيران بـ"هجمات أكثر وحشية": أسلحة فتاكة في طريقها إلى الكيان الإسرائيلي
في تصعيد لافت، وجّه الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب تحذيرًا شديد اللهجة لإيران، مؤكدًا أن "الهجمات القادمة المخطط لها ستكون أكثر وحشية"، معلنًا أن كميات ضخمة من الأسلحة الأميركية "الأكثر فتكًا في العالم" في طريقها إلى الكيان الإسرائيلي. وقال ترامب، في منشور على منصته "تروث سوشيال"، إنه منح إيران "فرصة تلو الأخرى لعقد اتفاق"، مضيفًا: "خاطبتهم بأشد العبارات، وقلت لهم فقط افعلوها. ورغم اقترابهم من تحقيق ذلك، لم يتمكنوا من إبرام الاتفاق". وأضاف أن ما ينتظر إيران سيكون أسوأ بكثير مما تتوقعه أو سمح لها بمعرفته، مشيرًا إلى أن الولايات المتحدة تصنع "أفضل وأكثر الأسلحة فتكًا في العالم، وبفارق كبير"، وأن "لدى إسرائيل كميات كبيرة منها، والمزيد في الطريق"، مؤكدًا أن "الإسرائيليين يعرفون جيدًا كيف يستخدمون تلك الأسلحة". وأشار ترامب إلى أن بعض المتشددين الإيرانيين "تحدثوا بشجاعة" دون أن يدركوا ما كان بانتظارهم، قائلاً: "جميعهم باتوا أمواتًا الآن، والوضع سيزداد سوءًا". ورغم هذا التصعيد، اعتبر أن هناك فرصة لا تزال قائمة لوقف ما وصفه بـ"الذبح"، داعيًا إيران إلى المسارعة في إبرام اتفاق "قبل أن لا يبقى شيء"، وإنقاذ ما تبقى مما كان يُعرف يومًا بـ"الإمبراطورية الفارسية". وختم ترامب منشوره برسالة مزدوجة: "لا مزيد من الموت، لا مزيد من الدمار، فقط افعلوها، قبل فوات الأوان. بارك الله فيكم جميعًا".