
أغنياء العالم تسببوا في ثلثي التغير المناخي حول الكوكب كله
وجدت دراسة جديدة نُشرت في مجلة "نيتشر كلايمت تشينج" أن أغنى 10% من سكان العالم مسؤولون عن ثلثي الاحتباس الحراري المُلاحظ منذ عام 1990، وما ينتج عنه من زيادات في الظواهر المناخية المتطرفة، مثل موجات الحر والجفاف.
وإلى جانب ذلك، وجدت الدراسة أن أغنى 1% من أغنى الأفراد عالميًا ساهموا بما يعادل 26 ضعفا للمتوسط العالمي في زيادات الظواهر المناخية المتطرفة شهريا.
ويعني ذلك أن تغير المناخ ليس مجرد أمر يتعلق بالحكومات، بل يُمكننا ربطه مباشرة بأسلوب حياة الناس وخياراتهم الاستثمارية، والتي هي بدورها مرتبطة بالثروة.
وبحسب الدراسة، فإن هذه الآثار المناخية المتطرفة تزداد حدة في المناطق الاستوائية المعرضة للخطر، مثل الأمازون وجنوب شرق آسيا وجنوب أفريقيا، وهي جميعها مناطق كانت تاريخيًا الأقل مساهمة في الانبعاثات العالمية.
وقد توصل العلماء لتلك النتائج باستخدام نموذج حسابي يجمع بين البيانات الاقتصادية ومحاكاة المناخ، يتمكن من خلاله الباحثون من تتبع الانبعاثات من مختلف فئات الدخل العالمية وتقييم إسهاماتها في ظواهر مناخية متطرفة مُحددة.
طبيعة الاستثمار
وفي هذا السياق، تؤكد الدراسة على أهمية الانبعاثات المضمنة في الاستثمارات المالية، بدلًا من مجرد الاستهلاك الشخصي، ويجادل المؤلفون بأنه بناء على ذلك، يمكن لمراقبة التدفقات المالية ومحافظ الأفراد ذوي الدخل المرتفع أن تحقق فوائد مناخية كبيرة.
يتمتع الأثرياء بأنماط حياة أكثر ازدهارًا، وكل ما يستخدمونه أو يشترونه يُنتج انبعاثات كربونية، فمثلا تُصدر رحلة على طائرة خاصة كمية من ثاني أكسيد الكربون للشخص الواحد تفوق مئات المرات كمية ثاني أكسيد الكربون التي تُصدرها الطائرات التجارية.
أما المنازل الكبيرة فتستهلك طاقة أكبر للتدفئة والتبريد والإضاءة والمسابح، إلخ، والسيارات الفاخرة غالبًا ما تكون أكبر حجمًا وأثقل وزنًا وأقل كفاءة في استهلاك الوقود، هذا ولم نتحدث بعد عن اليخوت التي تُصدر كميات هائلة من الانبعاثات الناتجة عن الوقود.
في هذا السياق، يمكن أن تُعادل الانبعاثات السنوية لملياردير واحد من الطائرات الخاصة وحدها انبعاثات آلاف الأشخاص من ذوي الدخل المحدود طوال حياتهم.
بالإضافة إلى ذلك، تشير الدراسة إلى أن الأمر لا يقف عند الاستهلاك الشخصي، بل يمتد إلى ما هو أعمق، حيث يميل أغنياء العالم إلى شراء أسهم شركات النفط والغاز والمشاركة في صناديق الاستثمار المرتبطة بتعدين الفحم أو الطيران ومشاريع التطوير العقاري التي تُدمر الغابات أو الأراضي الرطبة.
وبحسب الدراسة، فهذه الانبعاثات غير المباشرة هائلة، ولا يحتاج الشخص حتى إلى لمس النفط أو الفحم مباشرةً، فأمواله هي التي تُسبب الضرر.
كما أن العديد من الأثرياء هم مالكون أو رؤساء تنفيذيون أو مساهمون رئيسيون في شركات تُدير مصانع، أو تحرق الوقود الأحفوري، أو تُزيل الغابات، وباختصار فهذه الشركات تُركز على الربح أكثر من الاستدامة، بل وتُؤخر أو تُعارض اللوائح المناخية لتجنب التكاليف.
أدوات سياسية
ويشير المؤلفون إلى أن نتائجهم يمكن أن تُحفز أدوات سياسية تستهدف النخب المجتمعية، مشيرين إلى أن مثل هذه السياسات يمكن أن تعزز أيضًا القبول الاجتماعي للعمل المناخي.
إعلان
ويوضح الباحثون أن إجبار الأفراد الأثرياء الملوِّثين على دفع ثمن التلوث يمكن أن يساعد أيضًا في توفير الدعم الضروري للتكيف مع الخسائر والأضرار في البلدان المعرضة للخطر.
ويخلص الباحثون إلى أن إعادة التوازن في مسؤولية العمل المناخي بما يتماشى مع أثر الانبعاثات الفعلية أمرٌ أساسي، ليس فقط لإبطاء الاحتباس الحراري، بل أيضًا لتحقيق عالم أكثر عدلًا ومرونة.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الجزيرة
منذ 3 أيام
- الجزيرة
من الروبوتات البشرية وحتى آلات المراقبة.. الذكاء الاصطناعي يغير الحياة في الصين
قدّمت الحرب التجارية الضروس التي تخوضها حكومة الصين ضد إدارة ترامب فرصة ذهبية للشركات الصينية العاملة في قطاع التقنية، وتحديدا شركات تطوير الروبوتات والذكاء الاصطناعي. وأدركت حكومة شي جين بينغ بعد سنوات من اضطهاد عمالقة التكنولوجيا أن شركاتهم قادرة على دعم الاقتصاد الصيني وإنقاذه من الأزمة المقبلة بعد انحدار قيمة الاستثمار العقاري وضعف الطلب على المنتجات الصينية عامة. وربما كانت لحظة نجاح " ديب سيك" وإبهار العالم أحد العوامل التي جعلت حكومة الصين تدرك أهمية القطاع التكنولوجي، إذ تمكنت الشركة من تقديم نموذج ذكاء اصطناعي يوازي ذلك الذي تقدمه الشركات الأميركية ولكن بتكلفة أقل كثيرا. ورغم أن تأثير هذا النموذج على الاقتصاد الأميركي كان سلبيا فإن أثره كان معاكسا على الاقتصاد الصيني الذي شهد رغبة الملايين الاستثمار في الشركة الناشئة. معادلة من 3 أطراف يمكن تقسيم سلسلة تطوير الروبوتات عموما إلى 3 أجزاء، الأول وهو العقل أو الذكاء الاصطناعي الذي يدعم الروبوت ويجعله يقوم بوظائفه المختلفة، والثاني هو الهيكل المعدني أو العضلات التي تتحرك استجابة لأوامر العقل، وأخيرا النظرة الإبداعية التي تتمكن من دمج هذا الروبوت وسط وظائف المجتمع بشكل يناسب كلا الطرفين. وبينما تبدع الصين منذ اللحظة الأولى في الجزأين الثاني والثالث لكن التحدي الحقيقي كان في بناء الذكاء الاصطناعي القادر على التعامل مع الأوامر المعقدة وتنفيذها، لذا فإن ظهور "ديب سيك" على الساحة كان كفيلا لتلبية هذا الاحتياج وإتمام معادلة تطوير الروبوتات. ورغم أن شركات الروبوتات الصينية قد لا تعتمد مباشرة على النسخة مفتوحة المصدر من نموذج "ديب سيك" فإن مجرد ظهور النموذج كان كفيلا لإنارة الطريق أمام هذه الشركات، إذ أثبت أن تطوير نموذج ذكاء اصطناعي خارق لا يحتاج إلى الشرائح فائقة الأداء التي لا تستطيع هذه الشركات الوصول إليها. وهذا لا يعني أن الطريق أصبح ممهدا أمام الشركات الصينية لتطوير روبوتات ذكاء اصطناعي خارق، إذ لا تزال العقبات المعتادة في هذا القطاع تقف أمامها مثلما تقف أمام الشركات الأميركية، فبينما يمكن تطوير نموذج لغوي فائق عبر الاعتماد على البيانات المتاحة مجانا في الإنترنت فإن تدريب الروبوتات يحتاج إلى نوع آخر من البيانات يتمحور حول آلية التحرك في الفضاء الفيزيائي والتعامل مع الأشياء، وبفضل طبيعتها الخاصة فهي بيانات شحيحة التوافر. 60 درجة من الحرية في عالم الروبوتات توجد ما يعرف باسم "درجات الحرية"، وهي مفهوم يشير إلى قدرة الروبوت على التحرك في محاور مختلفة، وبالتالي تأدية وظائف أكثر تعقيدا وتطلب تحركات أكثر تعقيدا. ومن أجل فهم هذا المصطلح يمكن القول إن الذراع الروبوتية التي تمتلك مفصلا واحدا فقط وتتحرك بزاوية 360 درجة توصف بأنها ذات درجة حرية واحدة، وفي حال امتلاك الذراع أكثر من مفصل ترتفع درجات الحرية الخاصة بها، وعموما، فإن الأذرع الروبوتية تمتلك درجات حرية بين 3 و7 درجات. واستطاعت الشركة الصينية "يونيتري" تقديم روبوت ذكاء اصطناعي يدعى "إتش 1" قادر على الركض وتأدية حركات راقصة، وكان هذا الروبوت إحدى أبرز اللحظات في حفل مهرجان الربيع الصيني لهذا العام، إذ كان الروبوت يمتلك 27 درجة من درجات الحرية، ولكن بحسب ما يصف الخبراء فإن الروبوت القادر على محاكاة الوظائف البشرية يجب أن يمتلك 60 درجة من درجات الحرية. وفي مقابلة مع صحيفة "غارديان" قال روي ما الخبير الصيني في القطاع التكنولوجي والمقيم في سان فرانسيسكو إن تطوير الذكاء الاصطناعي واستخدامه مع الروبوتات سرّعا عملية تطوير الروبوتات بشكل كبير، وأتاحا وجود العديد من الروبوتات التجارية التي تقدم الوظائف البسيطة. أداء الوظائف البسيطة ورغم أن روبوت "إتش 1" تمكن من إحداث ضجة كبيرة عالميا فإنه كان نموذجا استعراضيا في المقام الأول، فكل ما قام به كان مدربا عليه ولا يستطيع القيام بأي فعل آخر غيره، ولكن اختلف الأمر مع العديد من الروبوتات المصغرة الأخرى على عكس الروبوتات البشرية. وفي مدينة شنتشن -التي تعرف بكونها عاصمة المسيّرات في الصين- يظهر مشهد معتاد لطائرة مسيرة صغيرة تحلق بسرعة كبيرة طمعا في الوصول إلى وجهتها وتسليم الطعام قبل أن يصبح باردا، وذلك عبر مجموعة من كبائن تسليم الطعام التي انتشرت في أرجاء المدينة والحدائق المختلفة. وتعمل شركة "ميتوان" -التي تعد إحدى أكبر شركات توصيل الطعام في الصين- على توسيع أسطولها من المسيّرات القادرة على تسليم طلبات الطعام إلى الأماكن المختلفة عبر كبائن التسليم ضمن رحلة للتغلب على أوقات تسليم الطعام البشرية بمقدار 10%. وفي شوارع شنغهاي اعتاد المارة على رؤية الكلاب الآلية تلعب مع الأطفال أو تحمل الحقائب وتسير إلى جوار ملّاكها في الأماكن المختلفة، ناهيك عن أسطول "بايدو" من التاكسيات الآلية التي تغزو مدنا صينية عدة. أما في حدائق بكين العامة فبدأت الإدارة بالاعتماد على العربات ذاتية القيادة في مراقبة الحديقة والطرق المختلفة، وذلك عبر تزويدها بكاميرات ذات دقة عالية وقدرة على تتبع الحركة بشكل واضح وسريع، وذلك من أجل خفض تكلفة المراقبة الحديثة والحفاظ على أمن زوارها. المزيد من الاستخدامات الأمنية ورغم أن الحكومة الصينية لم تتوسع بعد في الاستخدامات الأمنية للروبوتات وتقنيات الذكاء الاصطناعي فإنه من المتوقع توسعها في هذه الاستخدامات بشكل كبير خلال السنوات المقبلة، وربما كان ما تفعله إدارة حدائق بكين هو مجرد مثال بسيط على ما ينتظر الشعب الصيني. لكن هذه الاستخدامات تعتمد مباشرة على تطور الروبوتات البشرية وقدرتها على أداء المزيد من الحركات المعقدة ذات محاور الحركة الأكثر تعقيدا، ولكن مشهد ضباط الشرطة وقوات فض الاشتباك الآلية لن يكون غريبا خلال السنوات المقبلة. دعم حكومي واسع في مارس/آذار الماضي خرج رئيس الوزراء الصيني لي تشيانغ بتصريح مباشر، واعدا الشركات التقنية بأنه سيطلق العنان لإبداع الاقتصاد الرقمي مع تركيز خاص على مفهوم "الذكاء الاصطناعي المتجسد"، أي استخدام الذكاء الاصطناعي في الروبوتات. ويبدو أن الحكومة الصينية تنوي دعم هذا التصريح بشتى الطرق، إذ أعلنت حكومة إقليم قوانغدونغ -الذي يضم مدينة شنتشن- نيتها استثمار ما يقارب 7 ملايين دولار لتطوير مراكز الابتكار ودمج تقنيات الذكاء الاصطناعي. وبحسب تقدير هيئة الطيران الصينية، فإن قطاع المسيّرات -التي تحلق على ارتفاع منخفض- سيشهد في السنوات المقبلة نموا واسعا يصل إلى 5 أضعاف الوضع الحالي خلال القرن المقبل، ومن المتوقع أن يزداد النمو أكثر من هذا. يشار إلى أن جاك ما مؤسس شركة "علي بابا" الشهيرة -والذي كان مطاردا في السنوات الماضية من الحكومة الصينية- حصل على دعوة خاصة لمقابلة الرئيس الصيني، إلى جانب مجموعة من مؤسسي كبرى الشركات التقنية الصينية، وهو ما يعزز توجه الحكومة الصينية في دعم التقنية والشركات الخاصة بها.


الجزيرة
منذ 5 أيام
- الجزيرة
ارتفاع قياسي لتسرب الميثان من الوقود الأحفوري
رغم الجهود العالمية المتزايدة للحد من الانبعاثات، فإن تلوث غاز الميثان الناجم عن صناعة الوقود الأحفوري بقي قريبا من المستويات القياسية المرتفعة في عام 2024. وقد تزامنت هذه الزيادة مع مستويات هائلة في إنتاج النفط والغاز والفحم، وفقا لتحليل جديد. ويُشير التحليل الذي أصدرته وكالة الطاقة الدولية، إلى أن معالجة غاز الميثان لا تزال تمثِل إحدى أبسط وأسرع الطرق لتبريد الكوكب، ومع ذلك فإن التقدم بطيء. وحذر التقرير من أن العديد من البلدان لا تبلغ عن المعلومات الحقيقية عن تسربات غاز الميثان، وخاصة من البنية التحتية للطاقة مثل خطوط الأنابيب ومعدات الحفر والمواقع المهجورة. ويعدّ الميثان، المكون الرئيسي للغاز الطبيعي، مساهما رئيسيا في ظاهرة الاحتباس الحراري، وهو أقوى بكثير من ثاني أكسيد الكربون في منع الحرارة من التسرب إلى الغلاف الجوي للأرض. ويأتي الميثان في المرتبة الثانية بعد ثاني أكسيد الكربون من حيث مساهمته في تغير المناخ. ولكن على عكس ثاني أكسيد الكربون، لا يبقى في الغلاف الجوي لقرون، بل يتحلل في غضون عقد تقريبا، مما يعني أن خفض انبعاثاته قد يحدث تحسنا سريعا في المناخ. ومع ذلك، لا تزال الحكومات تعجز عن الوفاء بوعودها. وتشير تقديرات وكالة الطاقة الدولية إلى أن انبعاثات الميثان الفعلية من قطاع الطاقة أعلى بنحو 80% مما تُبلغ عنه الدول للأمم المتحدة، وهو ما اعتبرته فجوة هائلة. ويشير تقرير الوكالة إلى أن قطاع الطاقة وحده مسؤول عن نحو ثلث إجمالي انبعاثات غاز الميثان الناتجة عن الأنشطة البشرية، كما أن جزءا كبيرا من تلك الانبعاثات ناجم عن تسرّبات غالبا ما تمر دون أن تلاحظ أو يبلّغ عنها. وقد تحدث أثناء الصيانة أو نتيجة لخلل في البنية التحتية وفي كثير من الحالات، يكون إيقافها بسيطا للغاية وبتكلفة معقولة. وتشير أحدث البيانات إلى أن تنفيذ برنامج الحد من انبعاثات غاز الميثان لا يزال أقل من الطموحات، وهو ما أكده المدير التنفيذي لوكالة الطاقة الدولية فاتح بيرول. ففي عام 2024، أطلق قطاع الوقود الأحفوري أكثر من 120 مليون طن من غاز الميثان، وهو ما يقرب من الكمية القياسية المسجلة في عام 2019. وتصدّرت الصين القائمة، ويعود ذلك أساسا إلى صناعة الفحم، وجاءت الولايات المتحدة في المرتبة الثانية مدفوعة بتكثيف إنتاجها من النفط والغاز، تليها روسيا ثم تركمانستان. تعهدات كبيرة وتقدم ضئيل وحسب التقرير لا يتسرب غاز الميثان فقط من الحقول العاملة حاليا، بل أيضا آبار النفط القديمة المهجورة ومناجم الفحم التي تعد أيضا من الأسباب الرئيسية للانبعاثات. ويقول التقرير إن تم اعتبار هذه المصادر المنسية دولة، فإنها ستحتل المرتبة الرابعة من حيث أكبر مصدر لانبعاثات غاز الميثان، حيث كانت مسؤولة عن إطلاق 8 ملايين طن من غاز الميثان في العام الماضي وحده. وتتولى وكالة الطاقة الدولية رسم صورة أوضح لتلوث الميثان عبر تقنية الأقمار الصناعية، حيث يقوم أكثر من 25 قمرا صناعيا بمسح الكرة الأرضية بحثا عن أعمدة الميثان. ويمكنها اكتشاف التسربات فور حدوثها، حتى في المناطق النائية. ويأتي نحو 40% من الميثان من مصادر طبيعية كالأراضي الرطبة. أما الباقي، وخاصة من الزراعة والطاقة، فيمكن السيطرة عليه، ويتفق العلماء على أن الميثان الناتج عن الوقود الأحفوري هو الأسهل معالجةً. وتعهدت أكثر من 150 دولة بخفض انبعاثات غاز الميثان بنسبة 30% بحلول عام 2030. وحددت العديد من شركات النفط والغاز أهدافا لعام 2050، ولكن حتى الآن كان التقدم الفعلي مخيبا للآمال. وتقول وكالة الطاقة الدولية إن خفض انبعاثات الميثان من الوقود الأحفوري قد يمنع نحو 0.1 درجة مئوية من ظاهرة الاحتباس الحراري العالمي بحلول عام 2050. وذكر التقرير أن "هذا من شأنه أن يكون له تأثير هائل، مماثل للقضاء على جميع انبعاثات ثاني أكسيد الكربون من الصناعة الثقيلة في العالم بضربة واحدة". ويمكن عمليا للتقنيات الحالية خفض 70% من انبعاثات غاز الميثان في قطاع الطاقة، ولكن عمليا يفي 5% فقط من إنتاج النفط والغاز العالمي الحالي بمعايير انبعاثات غاز الميثان القريبة من الصفر. ويشير مركز أبحاث الطاقة "إمبر" إلى أنه من أجل تحقيق أهداف صافي الانبعاثات الصفري، يجب خفض انبعاثات الميثان الناتجة عن الوقود الأحفوري بنسبة 75% بحلول عام 2030. وفي ظل مساع دولية للحد من أضرار المناخ، يُعدّ خفض انبعاثات الميثان أمرا بديهيا، ولكن ما لم تأخذ الحكومات والصناعة المرتبطة بالوقود الأحفوري هذا الأمر على محمل الجد وفي أقرب وقت، فإن فرصة تجنب أسوأ آثار الاحتباس الحراري ستظل تضيق، حسب التقرير.


الجزيرة
١٣-٠٥-٢٠٢٥
- الجزيرة
الكنز المنسي: استثمار في العقول وعوائد بمليارات الدولارات
ما الذي يمنع دولة عربية واحدة فقط من أن تقلب المعادلة رأسًا على عقب.. ليس بحقول النفط، بل بحقوق العقول؟ تخيلوا هذا السيناريو البسيط: دولة عربية تقرر إنشاء "معهد الخوارزميات العربية"، مؤسسة معرفية تكنولوجية، لا تتطلب أكثر من مليون دولار كاستثمار أولي. لكن في المقابل؟ عوائد بمليارات الدولارات خلال سنوات معدودة، ناهيك عن الأثر الحضاري والثقافي والسيادي الذي لا يُقدّر بثمن. الفكرة ليست ضربًا من الخيال، بل رؤية عملية: استقطاب 100 من نخبة العقول العربية الشابة من الجامعات العالمية، من مهندسي البرمجيات، ومطوري الذكاء الاصطناعي، ورواد الخوارزميات. يتم توظيفهم بعقود مجزية، في بيئة عمل محفزة، بهدف واحد: تطوير خوارزميات عربية تُحدث فرقًا في سوق التطبيقات العالمي. معهد لا يُنتج نظريات بل تطبيقات الهدف ليس تأليف الأوراق العلمية فقط، بل خلق منتجات رقمية حقيقية: خوارزميات للترجمة، للتعليم، للأمن السيبراني، للروبوتات، للقطاع الصحي والمالي.. منتجات تُباع عالميًّا وتستخدم عربيًّا، تطبيقات تُحمَّل بالملايين وتدرّ أرباحًا مستدامة لصاحب المشروع. ولِمَ لا؟ ألم تبدأ شركات عالمية كـ"واتساب" أو "تيك توك" من مكتب صغير وفريق محدود؟ لماذا لا نكون نحن أصحاب النسخة العربية القادمة من هذه الموجات التقنية الجارفة؟ إعلان نحن لا نفتقر إلى العقول، بل إلى من يؤمن بها الشباب العربي يبدع في وادي السيليكون، وفي جامعات كندا وأوروبا، لكنه يُهمل في أرضه، ويُحبط في وطنه، ويُتهم في بلده بأنه "حالم أكثر من اللازم". لكن الحقيقة أن المشكلة ليست في الشباب، بل فيمن لا يستثمر فيهم. نحن نملك عقولًا قادرة على كتابة شفرات تُغير العالم، تمامًا كما غيّر "البيرقدار" خريطة الحروب الحديثة! الفرق أن الأولى تحتاج فقط من يحتضنها في معمل، لا في معسكر. في زمن يُقاس فيه النفوذ بالبيانات، وصُنّاع القرار يركبون خوارزميات الذكاء الاصطناعي، نحن ما زلنا نتجادل في "جدوى الاستثمار في التقنية" من المليون إلى المليار.. طريق أقصر مما نظن مليون دولار هو رقم صغير في موازنات الدول، لكنه كفيل بإطلاق مشروع نهضوي معرفي، يبدأ بخطوات صامتة وينتهي بصدى عالمي. معهد صغير، لكنه بإدارة احترافية، وبخطة واضحة، يمكنه أن يخلق اقتصادًا رقميًّا موازيًا، يدرّ أرباحًا تفوق ما تحققه بعض شركات النفط والسياحة.. والأهم من ذلك: يُعيد الثقة للعربي في ذاته، وفي قدرته على إنتاج المعرفة، لا استهلاكها فقط. منصة للتطبيقات.. ومنصة للكرامة في زمن يُقاس فيه النفوذ بالبيانات، وصُنّاع القرار يركبون خوارزميات الذكاء الاصطناعي، نحن ما زلنا نتجادل في "جدوى الاستثمار في التقنية". لا نحتاج إلى ثروات ضخمة بل إلى إرادة واعية.. نحتاج إلى من يؤمن بأن العقول أغلى من الحقول. هي دعوة موجهة لكل من بيده القرار: ماذا لو كانت النهضة القادمة عربية؟ ماذا لو صدّرنا للعالم تطبيقًا يعلّم أبناءه كما علمناهم الحروف قديمًا؟ ماذا لو أطلقنا معهدًا، لكنه يصبح منصة للكرامة العربية الرقمية؟ ويكفينا في هذا السياق أن نتذكر القول البليغ: "لا تحقرنّ صغيرة، فإنّ الجبال من الحصى.".. فمليون دولار قد يكون مجرد حجر، لكنه إذا وُضع في المكان الصحيح، قد يُطلق جبلًا من الإمكانات.