logo
سكان مدينة تعز يشكون من أزمة مياه غير مسبوقة

سكان مدينة تعز يشكون من أزمة مياه غير مسبوقة

العربي الجديدمنذ 2 أيام

يعاني سكان مدينة تعز جنوب غربي اليمن من
أزمة مياه
غير مسبوقة، مع ارتفاع أسعار المياه الشحيحة المتوفرة إلى أرقام قياسية يصعب على الأسر توفيرها لشراء احتياجاتها من مياه الشرب ومياه الاستخدام المنزلي، إذ وصل سعر شاحنة الماء سعة 6 آلاف لتر إلى 75 ألف ريال يمني (نحو 30 دولاراً أميركياً).
يقول اليمني علي العباسي، من تعز، لـ"العربي الجديد": "أحاول منذ أكثر من خمسة أيام الحصول على شاحنة مياه (وايت)، لكنّني للأسف لم أستطع، إذ قال لي صاحب الشاحنة إنه يتعذر عليه تعبئتها بالماء نتيجة الزحام حول
البئر الجوفي
في منطقة وادي الضباب. نعيش في ظل أزمة مياه خانقة، ومع عدم تساقط الأمطار صرنا نعاني من حصار مفروض من الأرض ومن السماء".
وتظهر تداعيات أزمة المياه في شوارع المدينة من خلال طوابير الغالونات الفارغة المنتظرة أمام شاحنات نقل المياه "الوايتات" بانتظار الحصول على بضعة لترات من مياه الاستخدام المنزلي، في ظل شح هطول الأمطار، وجفاف معظم الآبار التي تغذي المدينة بالمياه.
تبرز الأزمة من خلال الطوابير الطويلة أمام شاحنات نقل المياه
ولجأت السلطات المحلية إلى حلول ترقيعية لم تقلص الأزمة، مع إطلاق الوعود بوضع الحلول المناسبة، وأصدر وكيل محافظة تعز، عبد القوي المخلافي، قراراً خاصاً بتسعيرة المياه التي تباع من الوايتات، ليحدّد سعر الألف لتر ماء بخمسة آلاف ريال، مهدداً باتخاذ عقوبات رادعة ضد المخالفين، غير أن أصحاب الوايتات لم يستجيبوا للقرار الذي قالوا إنه لا يعالج الأزمة، وإنه مجرد حبر على ورق.
يقول علي الشرعبي، وهو صاحب وايت مياه، لـ"العربي الجديد": "نقوم بشراء الماء بسعر مرتفع من البئر، وتبلغ كلفة الألف لتر عشرة آلاف ريال، ويضاف إليها تكاليف النقل في ظلّ ارتفاع
أسعار الوقود
، كما نضطر إلى الانتظار ساعات طويلة، وأحياناً لأيام كي نقوم بتعبئة الوايت، ونتيجة الأزمة صرنا لا نعبئ سوى وايت واحد في اليوم، وأحياناً واحد كل يومين. على المحافظة أن تفرض أسعار المياه على أصحاب الآبار، وليس على أصحاب الوايتات".
الاستهلاك العشوائي أحد أسباب أزمة المياه الحاصلة في مدينة تعز
وتكشف الإحصائيات عن كارثة مائية تعاني منها تعز، فقبل الحرب المستمرة في البلاد منذ عام 2015، كانت المدينة تعتمد على 88 بئراً، واليوم لا يعمل سوى 21 بئراً، أي أنها فقدت خلال الحرب 67 بئراً، كما فقدت أكثر من 127 كيلومتراً من شبكة توزيع المياه، ولم يتبقَّ سوى 5768 متراً مكعباً من أصل أكثر من 20 ألف متر مكعب من المياه.
ويبلغ عدد الأحواض المائية التي تغذي الشبكة العامة لتوصيل المياه في محافظة تعز 5 أحواض، يقع 2 منها تحت سيطرة الحوثيين، وهما الحيمة حبير والحوبان؛ و2 منها على الخطوط الأمامية للنزاع، ولا يمكن للمؤسّسة المحلية للمياه والصرف الصحي الوصول إليهما، وهما الضباب والحوجلة، ولا يزال أحدها تحت سيطرة الحكومة الشرعية، وهو حوض المدينة.
ووفقاً لمؤسّسة المياه والصرف الصحي في تعز، كان هناك 543 ألف شخص متصلين بشبكة إمدادات المياه العامة في عام 2014، ما يعني 83% من سكان المدينة، وكانت شبكة المياه توفر 6 ملايين و430 ألف متر مكعب من المياه سنوياً، ما يغطي 61% من الاحتياجات الفعلية للسكان، وفي عام 2021، وهو العام الأخير الذي نشرت فيه المؤسسة بيانات رسمية، كانت الشبكة تغطي 16% فحسب من سكان المدينة، وتضخ 900 ألف متر مكعب من المياه سنوياً. بينما حاجة المدينة الفعلية من الماء تبلغ 12 مليوناً و600 ألف متر مكعب سنوياً.
ويقول أستاذ الجيوفيزياء بجامعة تعز، أمين نعمان، لـ"العربي الجديد"، إن "أسباب أزمة المياه متعدّدة، وتشمل قلة الموارد المائية، التي يتحكم فيها الموقع الجغرافي، فاليمن يقع في منطقة مناخها جاف أو شبه جاف، والتضخم السكاني ينتج زيادة في الطلب على المياه، وهناك ضعف في إدارة الموارد المائية، وتعدد للجهات المعنية بملف المياه، وتداخل في اختصاصاتها، كما يفتقد اليمن للموارد المائية السطحية كالأنهار والبحيرات".
قضايا وناس
التحديثات الحية
أزمة المياه في ريف دمشق... جهود جماعية غير كافية
ويشير نعمان إلى أن "سبب الأزمة الحاصلة في تعز هو الاستخدام العشوائي للمياه، فالآبار تضخ حوالى 22 ساعة يومياً، وهذه الآبار ترخيصها زراعي في الأرياف، وشخصي في المدن، و99% ممن حصلوا على تراخيص زراعية لحفر الآبار يقومون باستخدامها في بيع المياه، وهذه الآبار يجب أن تغلق لوقف الاستنزاف السريع للمياه، فمعظم الآبار جفت، ما يعني أن هناك استنزافاً كبيراً لمخزون المياه من دون أي ضوابط، إذ نعاني من غياب للرقابة، وغياب دور هيئة الموارد المائية، وهيئة مياه الريف".
يتابع: "مقدار الضغط على موارد المياه، أو ما يسمى بالإجهاد المائي، يبلغ في تعز 300%، أي أننا نستهلك ثلاثة أضعاف المياه التي تدخل إلى الأحواض المائية، وهذا أمر كارثي، ولمعالجته يجب أن تكون لدينا موازنة مائية، أي لا نسحب أكثر من المياه التي تدخل الأحواض، وعلينا أن نزيد مقدار تغذية الأحواض عبر الاستفادة من المياه السطحية، ولدينا في تعز مشروع الحماية من كوارث السيول، ولو استغلت هذه المياه ستقلص مشكلة المياه، ويمكن بناء حواجز مائية في الأودية، وإعادة تأهيل المدرجات والمراعي، كما أن هناك وسيلتَي تغذية، طبيعية وصناعية للمياه الجوفية، ويمكن الاستفادة منهما، ويمكن تعظيم التخزين عبر تقليل استهلاك المياه من خلال معالجة مياه الصرف الصحي، التي يمكن استخدامها في الزراعة، كما يمكن أيضاً اللجوء إلى تحلية مياه البحر ضمن الحلول المقترحة".

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

الغلاء يحرم التونسيين من الأضاحي
الغلاء يحرم التونسيين من الأضاحي

العربي الجديد

timeمنذ 15 ساعات

  • العربي الجديد

الغلاء يحرم التونسيين من الأضاحي

لا تزال تداعيات أزمة الجفاف التي عاشتها تونس في السنوات الخمس الأخيرة تُلقي بظلالها على أسواق المواشي، حيث تظهر آثار أزمة نقص المراعي في أسعار الخرفان المعدّة للتسويق بمناسبة عيد الأضحى. ويشكو التونسيون منذ أسابيع من تواصل غلاء الأضاحي هذا العام، رغم تحسّن العوامل المناخية وتساقط الأمطار بكميات هامة، ما قد يؤدي إلى حرمان طيف واسع من المواطنين من فرحة العيد. عيد الأضحى، بالإضافة إلى مكانته الدينية، مناسبة لاستهلاك لحم الضأن الذي تحوّل إلى غذاء عصيّ على موائد التونسيين بسبب الغلاء المشطّ لأسعاره وانهيار القدرة الشرائية للتونسيين. وعلى مدى السنوات العشر الأخيرة، ارتفعت أسعار اللحوم أسرع بكثير من رواتب الموظفين، إذ تضاعف ثمن لحم الضأن بأكثر من ثلاث مرات ونصف المرة ما بين سنوات 2010 و2025، ليصعد من 14 ديناراً (4.5 دولارات) للكيلوغرام إلى نحو 55 ديناراً (17.7 دولاراً)، في المقابل لم يتطوّر الحد الأدنى للأجور بالسرعة ذاتها خلال نفس الفترة، إذ ارتفع من 272 ديناراً (88 دولاراً) إلى 528 ديناراً (170 دولاراً). ويقول نصيب الزغواني، وهو مربٍّ للمواشي، إن تحسّن العوامل المناخية وتساقط الأمطار هذا العام ساهما في تحسين نوعية المواشي، غير أن الأسعار لا تزال مرتفعة بسبب نقص العرض وفقدان جزء كبير من القطيع خلال أعوام الجفاف. وأكد نصيب الزغواني في تصريح لـ"العربي الجديد" أن آثار الجفاف كانت قاسية جدّاً على مربي المواشي، ولا سيما الصغار منهم، حيث فرّط العديد منهم في القطعان، سواء بالبيع أو ذبح الإناث، ما يجعل تجدّد القطيع أمراً صعباً ويبقي الأسعار في مستويات عالية لسنوات مقبلة. أسواق التحديثات الحية لحوم التجزئة تعوض الأضاحي في تونس.. وانفلات بالأسعار وحسب بيانات حديثة للمرصد التونسي للفلاحة، يبلغ عدد مربّي الأغنام حوالي 274 ألف مربٍّ، ومربّي الأبقار 112 ألف مربٍّ. ويتكوّن المربّون بنسبة 73% من صغار المربّين (من خمس إلى ست أبقار). ويتوزع إنتاج اللحوم الحمراء أساساً بين 50 ألف طن لحوم أبقار، و60 ألف طن لحم ضأن محلي. تقسيط ثمن الأضاحي ويعتبر المربي نصيب الزغواني أن قانون العرض والطلب يحكم بورصة أسواق الأضاحي، مرجحاً أن تلجأ العديد من الأسر إلى الاكتفاء بشراء كميات قليلة من اللحوم ومقاطعة عادات العيد، خاصة في غياب إمكانيات الدفع بالتقسيط. وأضاف: "يتم تداول أسعار الخرفان الجيدة في أسواق الدواب أو لدى مربي الماشية ما بين 1000 و1200 دينار (333 و400 دولار)، وهو ما يعادل متوسط أجر الموظف الحكومي تقريباً". شهد استهلاك اللحوم الحمراء في تونس انخفاضاً مطرداً في السنوات الأخيرة، حيث انخفض من 11 كيلوغراماً للفرد سنويّاً عام 2015 إلى 8.3 كيلوغرامات عام 2021، مع توقعات بتراجع مستوى الاستهلاك إلى سبعة كيلوغرامات فقط حاليّاً، وفق بيانات حكومية. يُعزى هذا الاتجاه المُقلق إلى عدة عوامل مترابطة، منها التضخم، والمضاربة، والمشاكل الهيكلية في قطاع اللحوم الحمراء. ويشكّل سعر الكيلوغرام الواحد من لحم الضأن 10% من الأجر الأدنى المضمون، بينما لا يتجاوز السعر 3% في المغرب و4% في الأردن. ويبلغ الإنتاج الوطني للحوم الحمراء في تونس 127 ألف طن سنويّاً، وهو ما لا يكفي لتغطية الاحتياجات المقدّرة بـ130 ألف طن.

دمشق الأبد في زمن ما بعد الأسد
دمشق الأبد في زمن ما بعد الأسد

العربي الجديد

timeمنذ يوم واحد

  • العربي الجديد

دمشق الأبد في زمن ما بعد الأسد

"وفي الشام شام لكل زمان"، قال الشاعر محمود درويش. رؤيا تتأمل في حاضر راسخ ومجاز وجداني عريق. جاءت القصيدة من تاريخ بعيد، يروي حكاية أم المدن على هذه الأرض، التي منها بدأ التبشير بالمسيحية، وتوجه الإسلام إلى العالم، وسافر على طرقها الحجاج والتجار، وسكنها المتصوفة الكبار واليمام. دمشق القديمة أول الحكاية، التي تشكلت بجوار الجامع الأموي، وتمددت إلى حي القيمرية، حيث أسرار جمال وبقاء الحرف اليدوية، ومن ثم انتقلت إلى باب توما، ذي الأغلبية المسيحية، بكنائسه وأديرته ومدارسه الخاصة، وهو يتواصل في باب شرقي، والحي اليهودي، الذي هجرته الغالبية العظمى من سكّانه منذ منتصف تسعينيات القرن الماضي، ورحل القسم الأكبر منهم إلى الولايات المتحدة. حيوية لافتة في دمشق يبدأ حي القيمرية من مقهى النوفرة، عند نهاية سوق الحميدية، أو من الطرف الأيسر للجامع الأموي، عن طريق ما يعرف بـ"مقام الست رقية" بنت الحسين، الذي تحول إلى مزار يقصده شيعة قادمون من إيران والعراق على نحو خاص، لكن حركة هؤلاء تراجعت بعد سقوط نظام بشار الأسد، بسبب عدم الترحيب بهم من قبل الوسط العام، الذي عانى من التمييز الطائفي، واستغلال إيران للرموز الدينية. ويعتبر بعض أهل الحي أن اهتمام إيران ببعض المظاهر الدينية في سورية، يرجع لأسباب سياسية، وتحول نشر التشيع، وإقامة حسينيات وأضرحة، إلى وسيلة لتغيير الهوية الدينية لجزء من السوريين ، وذريعة للتدخل العسكري، وإسناد رئيس نظام الأسد، سواء بخبرات أمنية وعسكرية وأموال إيرانية، أو عن طريق مليشيات لبنانية، عراقية، باكستانية، وأفغانية، تتبع للحرس الثوري الإيراني، وأهمها حزب الله اللبناني، الذي تجاوز حدود الدفاع عن المراقد الدينية، إلى اجتياح مدن بأكملها، ووصلت قواته حتى الحدود السورية العراقية في مدينة البوكمال، حيث أقامت قاعدة عسكرية تحت إشراف الحرس الثوري باسم الإمام علي بن أي طالب. يمتاز حي القيمرية بحيوية لافتة. هو يعج بالمطاعم والمقاهي المتخصصة بتقديم النركيلة. ويقول النادل أبو حسن في مقهى النوفرة، إن الحي شهد تحولاً بدأ منذ أعوام عدة، حين اكتشف التجار أهمية الأحياء القديمة في جذب السيّاح من داخل البلد وخارجه، وصاروا يحولون البيوت القديمة إلى فنادق، بعضها من خمس نجوم مثل "بيت الوالي" في باب شرقي، الذي يعد من بين أغلى الفنادق في العاصمة، حيث يتجاوز مقابل منام الليلة الوحدة، في الأحوال العادية، 250 دولاراً. حركة الزوّار الشيعة تراجعت بعد سقوط نظام الأسد، بسبب عدم الترحيب بهم من قبل الوسط العام حمل الحي في القرن التاسع عشر اسم "الهند الصغرى"، كونه يمتاز بحضور كبير لمشاغل أصحاب المهن والصناعات اليدوية، التي تختص بها دمشق، وتتفوق بها على غيرها من المدن السورية . بعضها تمّ توارثه منذ عدة أجيال، ومن ذلك حياكة الحرير والنسيج والصدفيات وفن الزخرفة وصناعة الصابون وتطعيم الخشب، والعطارة والطباعة. اللافت هنا، تمسك سكّان الحي ببيوتهم التي أضفوا عليها لمسات من التجميل. يتوارث ذلك الأولاد والأحفاد، بالتوازي مع نقل المهن من الآباء والأجداد، ما أسهم في ترسيخ وحفظ التقاليد المهنية، والخبرات اليدوية التقليدية، وازدهارها مع الزمن. ومع ذلك تعاني الثروة التراثية الهائلة من إهمال رسمي. يطمح أصحاب المهن والحرف وساكنو المنطقة، إلى اعتبارها تراثاً مادياً، يستلزم الحفظ والصيانة والدعم والحماية من طغيان الأنماط السياحية، التي بدأت بالزحف على أحيائها، وتحويل بعض بيوتها ومشاغلها إلى مطاعم وحانات ومقاهي النارجيلة، التي تشكل ظاهرة تستحق الدراسة، كونها منتشرة على نحو كبير في الأحياء كافة، بلا استثناء، ويقدم عليها الرجال والنساء بالنهم ذاته. هناك ملاحظة مهمة وهي أن عدد النساء المحجبات من بين مدخنات النرجيلة، لا يقل عن عددهن من غير المحجبات، وهن في الحالين تجاوزن سن الثلاثين، وهذا يشير إلى أن الحجاب ليس دليلاً على التشدد أو التعصب، بل هو خيار اجتماعي ثقافي. ومن الملاحظ أن الحي لا يختلف، على مستوى الملابس، عن بقية أحياء دمشق. هناك نسبة قليلة من النساء ترتدي النقاب. وعلى خلاف ما يظن البعض أن هذه الظاهرة قدمت إلى دمشق بعد سقوط النظام، بالتزامن مع دخول مقاتلين من فصائل ذات خلفية جهادية، وبعض هؤلاء النساء من أرياف دمشق، والبعض الآخر قدمن من محافظات أخرى، ولكن الغالب هو أن المرأة الدمشقية التقليدية، لم تغير عاداتها في الملبس الذي درجت عليه منذ زمن طويل، وهو لا يحمل أي مظهر للتشدد، وهي منخرطة في مجرى الحياة العام، تعمل وتتسوق وتركب الحافلات المكتظة بالرجال، من دون شعور بالحرج. في دمشق القديمة، مهن وصناعات يدوية تمّ توارثها منذ عدة أجيال الطراز العمراني يتراوح بين بيوت طينية قديمة، وأخرى من الحجر الأسود، وهو في الحالين يتطلب عناية كبيرة من قبل هيئات دولية، تتولى الترميم، وتوظف أدوات الحداثة لصيانة هذا التراث من التلف، ومن ثم الانهيار، أو القيام بأعمال صيانة تخالف الأصول، وتؤدي مع الزمن إلى نتائج سلبية على البيئة العامة. قضايا وناس التحديثات الحية عيد الأضحى في دمشق.. لقاءات تعيد الأمل وسط العادات المتوارثة أحياء عصرية وأخرى محافظة باب توما هو الحي المسيحي الدمشقي بامتياز. يضم العديد من الكنائس والأديرة المهمة، ليس على مستوى سورية فقط، بل الشرق، وفيه تقع أهم كنيستين للروم الأرثوذكس، الأولى الكنيسة المريمية المبنية على الطراز الروماني، والتي تعد ثاني كنيسة تمّ بناؤها في تاريخ كنائس الشرق بعد كنيسة القدس، وكنيسة حنانينا التي يقترب عمرها من ألفي عام، وتعود إلى الفترة الرومانية، وتم تجديدها مرات عدة، وآخر عملية توسعة جرت في عام 1815. هناك كنائس أخرى للسريان والأرمن والطوائف المسيحية الأخرى، والتي تتميز بأنها حافظت على دورها بوصفها بيوت عبادة من جهة، ومن جهة ثانية حفظ تراث المسيحية الشرقية، التي عانت بدورها من النظام السابق، الذي كان يقدم نفسه حامياً للأقليات، لكنه كان يزج الشباب المسيحيين بقتال أشقائهم السوريين، ولذلك هاجر جيل بأكمله خلال العقد الأخير، كي لا ينخرط في المقتلة بين السوريين، التي نظمها الأسد من أجل الدفاع عن نظام حكمه. الحجاب في دمشق ليس دليلاً على التشدد أو التعصب، بل هو خيار اجتماعي ثقافي يقول أحد الآباء المسيحيين، ورعاة الكنيسة، إن رصيد مسيحيي الشرق يتمثل في أنهم دعاة محبة بين الأديان، ولم يسبق لهم أن انخرطوا عبر التاريخ في أي نزاع سياسي داخلي. ويعترف بأن بعض الرموز سكتوا على القمع وهادنوا النظام السابق، لكنهم عارضوا مشاركة أبناء الطائفة بالقتل والتهجير والاستيلاء على أملاك الآخرين. وعلى هذا فإنهم ينتظرون من الدولة الجديدة أن تراعي ذلك، وتتعامل مع أبناء الطائفة على أساس المساواة في المواطنة، والحد من الخطاب الذي بدأ يشيع في بعض الأوساط حول تكفير بعض معتنقي الأديان الأخرى. ويضيف أن المرجو من الإدارة السورية فتح صفحة جديدة مع الطوائف المسيحية تؤدي إلى طمأنتها وتشجع عودة عشرات آلاف الشباب الذين غادروا البلد لرفضهم الخدمة في جيش النظام لقتل إخوتهم السوريين. يعد باب توما من بين أحياء دمشق التي تتميز بالحيوية والانفتاح الاجتماعي، ورغم ما يشاع عن أجواء تشدد في بعض مناطق العاصمة، ترافق مع وصول الإدارة الجديدة، فإن باب توما يقدم صورة تنفي ذلك كلياً. يقول إلياس وهو صاحب مطعم يقدم المشروبات الكحولية، إن الحي لم يشهد تغييرات، وكما ترون هناك زبائن يتناولون بعض المشروبات، ولا أحد يتعرض لهم. ويعترف بحصول بعض التجاوزات، ولكنها طفيفة جداً، وليست مبنية على سياسات عامة، ويقول إن المطاعم التي تمّ إغلاقها لم تكن تحمل رخصة رسمية لتقديم المشروبات الكحولية، وما أن تلائم وضعها مع القانون حتى تعاود العمل، مشيراً إلى محل لبيع المشروبات يقع مقابل مطعمه، وهو مفتوح ويعرض بضاعته بصورة علنية، خلافاً للشائعات التي تتحدث عن خوف ومنع، ومثله هناك العديد من المحلات في شارع 29 أيار، ومنطقة شارع العابد، وفي أحياء المالكي وأبو رمانة والقصاع. ينتظر المسيحيون من الدولة الجديدة أن تتعامل مع أبناء الطائفة على أساس المساواة في المواطنة تقول قصيدة الشاعر محمد الماغوط "جميلة عيون النساء في باب توما". هنا تسير النساء بكامل الحرية في الملبس، لم يتغير شيء. ملابس الصيف تعري الشائعات التي تتحدث عن التشدد. هناك نساء بألبسة تقليدية ومحجبات والغالبية بملابس عصرية ومن دون حجاب، وليس بالضرورة انتماء كل هؤلاء النسوة إلى الفئات المسيحية. عكس جانباً من ذلك جو الاختلاط في حفل مسائي، أقيم في باب شرقي، لإحياء أول ذكرى سنوية للسينمائي باسل شحادة، الذي قتله النظام السابق هو وأربعة من رفاقه في 28 مايو/أيار 2013. اللافت هو حضور نسبة ملحوظة من الشابات المحجبات للحفل التأبيني، رغم أن شحادة ينتمي إلى اليسار، ومن الطائفة المسيحية. قبل كل شيء هو فنان معارض، سقط وهو يصور مجازر جيش الأسد في حمص. باب شرقي الذي كان حيّاً شعبياً قبل نصف قرن، تحول إلى حي عصري، وقد تجددت الكثير من بيوته، وصارت من بين أغلى الأحياء المطلوبة للسكن، وذلك بفضل الانتشار الكبير لأماكن الترفيه الشبابية الخاصة بالسهر والطعام، حيث تنتشر المقاهي والمطاعم ومحلات الوجبات السريعة والساندويش، بالإضافة إلى "الغاليريهات" التي تعرض الفنون والصناعات التقليدية. يمتاز باب شرقي بأنه حي مختلط، يعيش فيه سوريون من مختلف الطوائف والمدن، وكذلك الأجانب، على خلاف باب توما ذي الغالبية المسيحية. ويبدو واضحاً أن هناك حركة ترميم للكثير من البيوت التي تحولت إلى استثمار، يتم تأجيرها بالغرفة وخصوصاً للطلبة، ومن بينهم الأجانب القادمون لتعلم اللغة العربية، حيث تعد دمشق أفضل وجهة على هذا المستوى، فيتحول البيت إلى شبه فندق صغير، يتشارك سكانه الحمّامات والمطبخ، في تجربة تتيح المجال للتعارف والتبادل الثقافي. حي اليهود، أو حارة اليهود كما يحلو للبعض تسميتها، تتداخل مع باب شرقي. ولولا بعض الكتابات القديمة على جدران شبه مهدمة، لكان من الصعب تمييز البيوت اليهودية عن غيرها من تلك التي عاش فيها جيران مسلمون أو مسيحيون. وبحسب أكثر من مصدر، فإن بعض ممتلكات اليهود الذين غادروا لا تزال قائمة، لكن بعضها الآخر تمّ الاستيلاء عليه بطرق غير مشروعة. بعض المتورطين في الاستيلاء كانوا على صلة بالنظام السابق، حيث زوّروا الوثائق للاستيلاء على الممتلكات. بحسب أكثر من مصدر، فإن عدد اليهود الباقين في دمشق لا يتجاوز عشرة أشخاص، بعد أن هاجر حوالي 5 آلاف في مطلع تسعينيات القرن الماضي، بعد تدخل من الرئيس الأميركي الأسبق جورج بوش الأب، لدى الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد. ويتحدث سكان من الحي عن إعادة فتح أماكن العبادة اليهودية. هناك كنيس، وأحياناً يأتي رئيس الطائفة ويفتحه، فيجتمع 2-3 أشخاص، لكن لا تُقام الصلوات فيه بشكل مستمر. وهناك تقديرات عن عودة بعض يهود سورية من المقيمين في الولايات المتحدة وأوروبا، بعد سقوط الخوف وانتهاء التمييز، الذي مارسه النظام السابق ضدهم. وما يشجع على ذلك زيارة الحاخام الأكبر يوسف حمرا للعاصمة السورية في 18 فبراير/شباط الماضي، وتفقد الكنيس اليهودي في منطقة جوبر المدمرة، وما بقي لليهود من ممتلكات. هناك ملاحظات عدة حول أسرار جاذبية دمشق وبقائها، تتشكل لدى من يقوم بجولة في المدينة القديمة. الأولى، تعدد الألوان والأحوال في الشخصية الدمشقية. الجذر شامي، لكن الفروع ترجع إلى الحي والعائلة والطائفة. الجوهر هو الانفتاح واللطف والعقل التجاري، وهذا ما يفسّر عدم تضرر اقتصاد المدن الكبرى على غرار الأرياف، فبالإضافة إلى المرونة التي يتحلى بها سكان الأحياء القديمة، فهم يتصفون بالقدرة على التجدد والابتكار. لا يقبلون لتجارتهم أن تفسد، يغيرون نمط الإنتاج بسرعة، يجدون بضاعة وزبائن بسهولة. الثانية، الذكاء المديني الفطري، الذي يلم بتفاصيل لا تخطر على بال الزائر، وهو ما يمكن تعريفه حسب ما هو دارج من مفاهيم بذكاء التاجر الشامي، الذي يجتهد دائماً لكسب رضا الزبون وتحقيق الربح المناسب. الثالثة، التضامن بين أبناء المهن، وتوريثها من جيل إلى آخر. وهذا يوفر أمرين، عدم خروجها من الدائرة، والثاني أنه يتوجب على كل جيل أن يضع لمسته الخاصة، بما يحافظ على الأصول، ويتماشى مع التطورات. أسواق التحديثات الحية أسواق دمشق تتنفس من جديد... "التجار الشوام" يعودون للحياة

سكان مدينة تعز يشكون من أزمة مياه غير مسبوقة
سكان مدينة تعز يشكون من أزمة مياه غير مسبوقة

العربي الجديد

timeمنذ 2 أيام

  • العربي الجديد

سكان مدينة تعز يشكون من أزمة مياه غير مسبوقة

يعاني سكان مدينة تعز جنوب غربي اليمن من أزمة مياه غير مسبوقة، مع ارتفاع أسعار المياه الشحيحة المتوفرة إلى أرقام قياسية يصعب على الأسر توفيرها لشراء احتياجاتها من مياه الشرب ومياه الاستخدام المنزلي، إذ وصل سعر شاحنة الماء سعة 6 آلاف لتر إلى 75 ألف ريال يمني (نحو 30 دولاراً أميركياً). يقول اليمني علي العباسي، من تعز، لـ"العربي الجديد": "أحاول منذ أكثر من خمسة أيام الحصول على شاحنة مياه (وايت)، لكنّني للأسف لم أستطع، إذ قال لي صاحب الشاحنة إنه يتعذر عليه تعبئتها بالماء نتيجة الزحام حول البئر الجوفي في منطقة وادي الضباب. نعيش في ظل أزمة مياه خانقة، ومع عدم تساقط الأمطار صرنا نعاني من حصار مفروض من الأرض ومن السماء". وتظهر تداعيات أزمة المياه في شوارع المدينة من خلال طوابير الغالونات الفارغة المنتظرة أمام شاحنات نقل المياه "الوايتات" بانتظار الحصول على بضعة لترات من مياه الاستخدام المنزلي، في ظل شح هطول الأمطار، وجفاف معظم الآبار التي تغذي المدينة بالمياه. تبرز الأزمة من خلال الطوابير الطويلة أمام شاحنات نقل المياه ولجأت السلطات المحلية إلى حلول ترقيعية لم تقلص الأزمة، مع إطلاق الوعود بوضع الحلول المناسبة، وأصدر وكيل محافظة تعز، عبد القوي المخلافي، قراراً خاصاً بتسعيرة المياه التي تباع من الوايتات، ليحدّد سعر الألف لتر ماء بخمسة آلاف ريال، مهدداً باتخاذ عقوبات رادعة ضد المخالفين، غير أن أصحاب الوايتات لم يستجيبوا للقرار الذي قالوا إنه لا يعالج الأزمة، وإنه مجرد حبر على ورق. يقول علي الشرعبي، وهو صاحب وايت مياه، لـ"العربي الجديد": "نقوم بشراء الماء بسعر مرتفع من البئر، وتبلغ كلفة الألف لتر عشرة آلاف ريال، ويضاف إليها تكاليف النقل في ظلّ ارتفاع أسعار الوقود ، كما نضطر إلى الانتظار ساعات طويلة، وأحياناً لأيام كي نقوم بتعبئة الوايت، ونتيجة الأزمة صرنا لا نعبئ سوى وايت واحد في اليوم، وأحياناً واحد كل يومين. على المحافظة أن تفرض أسعار المياه على أصحاب الآبار، وليس على أصحاب الوايتات". الاستهلاك العشوائي أحد أسباب أزمة المياه الحاصلة في مدينة تعز وتكشف الإحصائيات عن كارثة مائية تعاني منها تعز، فقبل الحرب المستمرة في البلاد منذ عام 2015، كانت المدينة تعتمد على 88 بئراً، واليوم لا يعمل سوى 21 بئراً، أي أنها فقدت خلال الحرب 67 بئراً، كما فقدت أكثر من 127 كيلومتراً من شبكة توزيع المياه، ولم يتبقَّ سوى 5768 متراً مكعباً من أصل أكثر من 20 ألف متر مكعب من المياه. ويبلغ عدد الأحواض المائية التي تغذي الشبكة العامة لتوصيل المياه في محافظة تعز 5 أحواض، يقع 2 منها تحت سيطرة الحوثيين، وهما الحيمة حبير والحوبان؛ و2 منها على الخطوط الأمامية للنزاع، ولا يمكن للمؤسّسة المحلية للمياه والصرف الصحي الوصول إليهما، وهما الضباب والحوجلة، ولا يزال أحدها تحت سيطرة الحكومة الشرعية، وهو حوض المدينة. ووفقاً لمؤسّسة المياه والصرف الصحي في تعز، كان هناك 543 ألف شخص متصلين بشبكة إمدادات المياه العامة في عام 2014، ما يعني 83% من سكان المدينة، وكانت شبكة المياه توفر 6 ملايين و430 ألف متر مكعب من المياه سنوياً، ما يغطي 61% من الاحتياجات الفعلية للسكان، وفي عام 2021، وهو العام الأخير الذي نشرت فيه المؤسسة بيانات رسمية، كانت الشبكة تغطي 16% فحسب من سكان المدينة، وتضخ 900 ألف متر مكعب من المياه سنوياً. بينما حاجة المدينة الفعلية من الماء تبلغ 12 مليوناً و600 ألف متر مكعب سنوياً. ويقول أستاذ الجيوفيزياء بجامعة تعز، أمين نعمان، لـ"العربي الجديد"، إن "أسباب أزمة المياه متعدّدة، وتشمل قلة الموارد المائية، التي يتحكم فيها الموقع الجغرافي، فاليمن يقع في منطقة مناخها جاف أو شبه جاف، والتضخم السكاني ينتج زيادة في الطلب على المياه، وهناك ضعف في إدارة الموارد المائية، وتعدد للجهات المعنية بملف المياه، وتداخل في اختصاصاتها، كما يفتقد اليمن للموارد المائية السطحية كالأنهار والبحيرات". قضايا وناس التحديثات الحية أزمة المياه في ريف دمشق... جهود جماعية غير كافية ويشير نعمان إلى أن "سبب الأزمة الحاصلة في تعز هو الاستخدام العشوائي للمياه، فالآبار تضخ حوالى 22 ساعة يومياً، وهذه الآبار ترخيصها زراعي في الأرياف، وشخصي في المدن، و99% ممن حصلوا على تراخيص زراعية لحفر الآبار يقومون باستخدامها في بيع المياه، وهذه الآبار يجب أن تغلق لوقف الاستنزاف السريع للمياه، فمعظم الآبار جفت، ما يعني أن هناك استنزافاً كبيراً لمخزون المياه من دون أي ضوابط، إذ نعاني من غياب للرقابة، وغياب دور هيئة الموارد المائية، وهيئة مياه الريف". يتابع: "مقدار الضغط على موارد المياه، أو ما يسمى بالإجهاد المائي، يبلغ في تعز 300%، أي أننا نستهلك ثلاثة أضعاف المياه التي تدخل إلى الأحواض المائية، وهذا أمر كارثي، ولمعالجته يجب أن تكون لدينا موازنة مائية، أي لا نسحب أكثر من المياه التي تدخل الأحواض، وعلينا أن نزيد مقدار تغذية الأحواض عبر الاستفادة من المياه السطحية، ولدينا في تعز مشروع الحماية من كوارث السيول، ولو استغلت هذه المياه ستقلص مشكلة المياه، ويمكن بناء حواجز مائية في الأودية، وإعادة تأهيل المدرجات والمراعي، كما أن هناك وسيلتَي تغذية، طبيعية وصناعية للمياه الجوفية، ويمكن الاستفادة منهما، ويمكن تعظيم التخزين عبر تقليل استهلاك المياه من خلال معالجة مياه الصرف الصحي، التي يمكن استخدامها في الزراعة، كما يمكن أيضاً اللجوء إلى تحلية مياه البحر ضمن الحلول المقترحة".

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store