
سكان مدينة تعز يشكون من أزمة مياه غير مسبوقة
أزمة مياه
غير مسبوقة، مع ارتفاع أسعار المياه الشحيحة المتوفرة إلى أرقام قياسية يصعب على الأسر توفيرها لشراء احتياجاتها من مياه الشرب ومياه الاستخدام المنزلي، إذ وصل سعر شاحنة الماء سعة 6 آلاف لتر إلى 75 ألف ريال يمني (نحو 30 دولاراً أميركياً).
يقول اليمني علي العباسي، من تعز، لـ"العربي الجديد": "أحاول منذ أكثر من خمسة أيام الحصول على شاحنة مياه (وايت)، لكنّني للأسف لم أستطع، إذ قال لي صاحب الشاحنة إنه يتعذر عليه تعبئتها بالماء نتيجة الزحام حول
البئر الجوفي
في منطقة وادي الضباب. نعيش في ظل أزمة مياه خانقة، ومع عدم تساقط الأمطار صرنا نعاني من حصار مفروض من الأرض ومن السماء".
وتظهر تداعيات أزمة المياه في شوارع المدينة من خلال طوابير الغالونات الفارغة المنتظرة أمام شاحنات نقل المياه "الوايتات" بانتظار الحصول على بضعة لترات من مياه الاستخدام المنزلي، في ظل شح هطول الأمطار، وجفاف معظم الآبار التي تغذي المدينة بالمياه.
تبرز الأزمة من خلال الطوابير الطويلة أمام شاحنات نقل المياه
ولجأت السلطات المحلية إلى حلول ترقيعية لم تقلص الأزمة، مع إطلاق الوعود بوضع الحلول المناسبة، وأصدر وكيل محافظة تعز، عبد القوي المخلافي، قراراً خاصاً بتسعيرة المياه التي تباع من الوايتات، ليحدّد سعر الألف لتر ماء بخمسة آلاف ريال، مهدداً باتخاذ عقوبات رادعة ضد المخالفين، غير أن أصحاب الوايتات لم يستجيبوا للقرار الذي قالوا إنه لا يعالج الأزمة، وإنه مجرد حبر على ورق.
يقول علي الشرعبي، وهو صاحب وايت مياه، لـ"العربي الجديد": "نقوم بشراء الماء بسعر مرتفع من البئر، وتبلغ كلفة الألف لتر عشرة آلاف ريال، ويضاف إليها تكاليف النقل في ظلّ ارتفاع
أسعار الوقود
، كما نضطر إلى الانتظار ساعات طويلة، وأحياناً لأيام كي نقوم بتعبئة الوايت، ونتيجة الأزمة صرنا لا نعبئ سوى وايت واحد في اليوم، وأحياناً واحد كل يومين. على المحافظة أن تفرض أسعار المياه على أصحاب الآبار، وليس على أصحاب الوايتات".
الاستهلاك العشوائي أحد أسباب أزمة المياه الحاصلة في مدينة تعز
وتكشف الإحصائيات عن كارثة مائية تعاني منها تعز، فقبل الحرب المستمرة في البلاد منذ عام 2015، كانت المدينة تعتمد على 88 بئراً، واليوم لا يعمل سوى 21 بئراً، أي أنها فقدت خلال الحرب 67 بئراً، كما فقدت أكثر من 127 كيلومتراً من شبكة توزيع المياه، ولم يتبقَّ سوى 5768 متراً مكعباً من أصل أكثر من 20 ألف متر مكعب من المياه.
ويبلغ عدد الأحواض المائية التي تغذي الشبكة العامة لتوصيل المياه في محافظة تعز 5 أحواض، يقع 2 منها تحت سيطرة الحوثيين، وهما الحيمة حبير والحوبان؛ و2 منها على الخطوط الأمامية للنزاع، ولا يمكن للمؤسّسة المحلية للمياه والصرف الصحي الوصول إليهما، وهما الضباب والحوجلة، ولا يزال أحدها تحت سيطرة الحكومة الشرعية، وهو حوض المدينة.
ووفقاً لمؤسّسة المياه والصرف الصحي في تعز، كان هناك 543 ألف شخص متصلين بشبكة إمدادات المياه العامة في عام 2014، ما يعني 83% من سكان المدينة، وكانت شبكة المياه توفر 6 ملايين و430 ألف متر مكعب من المياه سنوياً، ما يغطي 61% من الاحتياجات الفعلية للسكان، وفي عام 2021، وهو العام الأخير الذي نشرت فيه المؤسسة بيانات رسمية، كانت الشبكة تغطي 16% فحسب من سكان المدينة، وتضخ 900 ألف متر مكعب من المياه سنوياً. بينما حاجة المدينة الفعلية من الماء تبلغ 12 مليوناً و600 ألف متر مكعب سنوياً.
ويقول أستاذ الجيوفيزياء بجامعة تعز، أمين نعمان، لـ"العربي الجديد"، إن "أسباب أزمة المياه متعدّدة، وتشمل قلة الموارد المائية، التي يتحكم فيها الموقع الجغرافي، فاليمن يقع في منطقة مناخها جاف أو شبه جاف، والتضخم السكاني ينتج زيادة في الطلب على المياه، وهناك ضعف في إدارة الموارد المائية، وتعدد للجهات المعنية بملف المياه، وتداخل في اختصاصاتها، كما يفتقد اليمن للموارد المائية السطحية كالأنهار والبحيرات".
قضايا وناس
التحديثات الحية
أزمة المياه في ريف دمشق... جهود جماعية غير كافية
ويشير نعمان إلى أن "سبب الأزمة الحاصلة في تعز هو الاستخدام العشوائي للمياه، فالآبار تضخ حوالى 22 ساعة يومياً، وهذه الآبار ترخيصها زراعي في الأرياف، وشخصي في المدن، و99% ممن حصلوا على تراخيص زراعية لحفر الآبار يقومون باستخدامها في بيع المياه، وهذه الآبار يجب أن تغلق لوقف الاستنزاف السريع للمياه، فمعظم الآبار جفت، ما يعني أن هناك استنزافاً كبيراً لمخزون المياه من دون أي ضوابط، إذ نعاني من غياب للرقابة، وغياب دور هيئة الموارد المائية، وهيئة مياه الريف".
يتابع: "مقدار الضغط على موارد المياه، أو ما يسمى بالإجهاد المائي، يبلغ في تعز 300%، أي أننا نستهلك ثلاثة أضعاف المياه التي تدخل إلى الأحواض المائية، وهذا أمر كارثي، ولمعالجته يجب أن تكون لدينا موازنة مائية، أي لا نسحب أكثر من المياه التي تدخل الأحواض، وعلينا أن نزيد مقدار تغذية الأحواض عبر الاستفادة من المياه السطحية، ولدينا في تعز مشروع الحماية من كوارث السيول، ولو استغلت هذه المياه ستقلص مشكلة المياه، ويمكن بناء حواجز مائية في الأودية، وإعادة تأهيل المدرجات والمراعي، كما أن هناك وسيلتَي تغذية، طبيعية وصناعية للمياه الجوفية، ويمكن الاستفادة منهما، ويمكن تعظيم التخزين عبر تقليل استهلاك المياه من خلال معالجة مياه الصرف الصحي، التي يمكن استخدامها في الزراعة، كما يمكن أيضاً اللجوء إلى تحلية مياه البحر ضمن الحلول المقترحة".

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


العربي الجديد
منذ 2 أيام
- العربي الجديد
السبّاحون المنقذون... حراس البحر ضدّ الغرق في المغرب
يبدأ السباحون المنقذون في المغرب مع كل عطلة صيفية مهمّتهم الموسمية بيقظة وصبر، وهم ينتشرون على امتداد الشواطئ والمسابح منذ مطلع يونيو/حزيران وحتى نهاية أغسطس/آب، لمواجهة حوادث الغرق وتوجيه المصطافين إلى أماكن السباحة الآمنة. هؤلاء الشبان، من فئات عمرية مختلفة، يشكّلون خط الدفاع الأول، ويتدخلون بسرعة لإنقاذ الأرواح، والحيلولة دون تحول الاصطياف إلى ذكرى رحيل مؤلمة. يقول أشرف (25 سنة)، منقذ موسمي في شاطئ عين الذئاب بمدينة الدار البيضاء: "أعرف هذا البحر منذ كنت في العاشرة. كنت أسبح هنا مع أسرتي، وشهدت مواقف غرق كثيرة. كنت أرى منقذين ومواطنين يتدخلون لإنقاذ الغرقى، فكبر في داخلي حبّ هذه المهمة. واليوم، أحرس هذا البحر كما لو كنت واحداً من أبنائه". يضيف "نحن لا ننتظر أن يغرق أحدهم لنهرع لإنقاذه، بل نعمل طوال اليوم على توعية المصطافين وتوجيههم نحو السباحة الآمنة، لكن المشكلة أن كثيرين يتجاهلون التحذيرات، ويتعاملون مع نصائحنا وكأنها غير ضرورية، مع أنها قد تُنقذ حياتهم". ويتابع: "مرات كثيرة نحذر شباباً وأطفالاً من الاقتراب من مناطق خطرة، كالحفر و التيارات القوية ، لكنهم يصرّون على السباحة فيها بدعوى أنهم متمرسون". التحاق الشباب بمهنة السبّاح المنقذ لا يتم بشكل عشوائي، بل عبر مباراة تنظمها المديرية العامة الوقاية المدنية في المغرب، فكما يشرح حسام (26 سنة)، وهو منقذ موسمي للعام الرابع على التوالي: "التحقت أول مرة بشاطئ المحمدية، ومنذ عامين أعمل في شواطئ الدار البيضاء. المباراة التي ينظمها جهاز الوقاية المدنية ليست سهلة، وتشمل اختبارات بدنية صارمة: سباحة تحت الماء، إنقاذ دمى، قذف طوق نجاة بدقة، واختبارات معرفية في الإسعافات الأولية، ودورة تكوينية لمواجهة مختلف سيناريوهات الغرق والإنقاذ في بيئة شديدة التقلب. البحر لا يرحم، والخطأ الواحد قد يُكلّف حياة". سبّاح مغربي يراقب المصطافين من أعلى برج خشبي (العربي الجديد) يواصل: "نشتغل 12 ساعةً يومياً تحت الشمس، من الثامنة صباحاً إلى الثامنة مساءً، دون أي امتياز أو حماية. الراتب لا يتعدى 2500 درهم (278 دولاراً) وغالباً ما يتأخر، وهو بصعوبة يغطي تكاليف التنقل والتغذية والعلاجات التي نحتاجها بسبب ضربات الشمس والتهابات الجلد...". بدوره يتحدث السبّاح بدر، وهو طالب في أحد مراكز التكوين المهني، عن البُعد الإنساني العميق لهذه المهنة، قائلاً: "صحيح أن عملنا يقتصر على فصل الصيف، لكنه لا يخلو من مسؤولية أخلاقية كبيرة. عندما تنجح في انتشال غريق وتقديم الإسعافات الأولية له، وعندما تسمع من ذويه عبارات مثل: "حي يرزق"، تشعر بطاقة هائلة، كل منقذ يحمل في ذاكرته قصة لا تُنسى، إنها لحظات لا تُقدر بثمن". ويستدرك، "لكن في المقابل، نحن أيضاً نتأثر بمن يغادرون الحياة أمام أعيننا، ثم يلفظهم البحر بعد أيام. حتى وإن لم نكن مقصرين، يبقى الألم حاضراً. لهذا نُناشد المصطافين أن ينتبهوا لصفاراتنا وتوجيهاتنا. ما نقوم به ليس عبثياً ولا استعراضياً، بل نابع من رغبة صادقة في حماية الأرواح". تظلّ عيون السباحين المنقذين يقِظة، تحسّباً لأي طارئ (العربي الجديد) من الساعة الثامنة صباحاً حتى الثامنة مساءً، يتمركز السبّاحون المنقذون في مواقعهم المخصصة على امتداد الشواطئ والمسابح العمومية في المغرب، سواء من أبراج خشبية أو تحت مظلات. ولا تقتصر مهامهم على التدخل في حالات الغرق فقط، بل تشمل أيضاً المراقبة الدقيقة للمياه، وتنبيه المصطافين إلى المناطق الخطرة، وتوجيه الأطفال، والتدخل السريع. إنهم العين الساهرة في مواجهة الخطر. في أحد المسابح العمومية بمدينة الدار البيضاء، يروي سعيد، وهو سبّاح منقذ موسمي، جانباً من تجربته قائلاً: "العمل في المسبح يختلف كثيراً عن الشاطئ، لكنه لا يقل خطورة. هنا نركّز أكثر على مراقبة الأطفال، لأنهم الأكثر عرضة للحوادث. أحياناً، لحظة واحدة من الغفلة قد تكون كافية لوقوع مأساة. لذلك نعمل بيقظة كاملة طوال اليوم". فيما يقول طارق، أحد السباحين المنقذين في شاطئ بالدار البيضاء، وهو شاب في منتصف العشرينيات: "إن عطلة نهاية الأسبوع تمثل التحدي الأكبر خلال الموسم، فالشاطئ يمتلئ بالناس، وعلينا أن نكون في حالة تأهب دائم". ويرى المتحدث أن التيارات الساحبة تعد من أبرز مخاطر البحر، قد تسحب الشخص إلى الأعماق، حتى لو كان ماهراً. خطورتها في أنها لا تُرى بالعين، وغالباً ما تكون في أماكن تبدو هادئةً وخاليةً من الأمواج". سبّاح منقذ يوجّه المصطافين حرصاً على سلامتهم (العربي الجديد) ويكشف طارق عن معجم خاص يتداوله السبّاحون المنقذون فيما بينهم لتسهيل التواصل الميداني، قائلاً: "نستعمل مصطلحات مثل "المقلة" أو "الشواية"، وهي تشير إلى مناطق يتعرض فيها أكثر من عشرة أشخاص للغرق. حينها نتحرّك بسرعة، وننسّق فيما بيننا لتكون عملية الإنقاذ دقيقة وسريعة، لأن كل لحظة قد تصنع الفارق". على مدى موسمين، شارك طارق في أكثر من مائة عملية إنقاذ، بعضها بشكل فردي، ومعظمها ضمن فريق. تجربة يعتبرها جزءاً من شخصيته، علمته كيف يقدر قيمة الحياة. شاطئ عين الذئاب بمدينة الدار البيضاء (العربي الجديد) يُعد شاطئ عين الذئاب في مدينة الدار البيضاء من بين أكثر الشواطئ المغربية استقطاباً للمصطافين، إذ يشهد خلال فصل الصيف توافد آلاف الزوار يومياً. ويعمل في هذا الشاطئ وحده، أكثر من 50 سباحاً منقذاً موسمياً، تابعين لمصالح الوقاية المدنية، يتوزعون على امتداد الشاطئ بهدف التدخل السريع وإنقاذ الأرواح. ووفق شهادات عدد من السباحين، يتمركز في كل منطقة ما بين خمسة إلى ستة منقذين، في محاولة لتأمين المساحات الأكثر عرضة لحوادث الغرق. ويؤكد عدد من السباحين المنقذين أن الوسائل والمعدّات المتوفرة تظلّ محدودة وغير كافية لأداء مهامهم بالشكل المطلوب، أو لمنع وقوع حوادث الغرق بشكل أكثر فعالية. في هذا السياق، يقول أمين وهو سبّاح منقذ راكم خمس سنوات من الخبرة في المجال: "كان من أحلامي أن أشتغل سبّاحاً منقذاً. البحر علمني أشياء كثيرةً، لكن أهم شيء هو أن تفهمه جيداً، وتكون شجاعاً ومقداماً، وتقرأ التيارات والمخاطر بعين تختلف عن المصطاف. هذه القدرة لا تأتي من فراغ، بل تكتسب من خلال التكوينات والتجربة الميدانية، وهي عناصر أساسية في هذه المهنة". يشمل يوم أمين مراقبة الشاطئ وتوجيه المصطافين، لكنه يصف لحظة التدخل لإنقاذ غريق بأنها الأصعب:"السبّاح المنقذ يغامر بحياته من أجل إنقاذ الآخرين. لذلك نحتاج إلى التفاتة حقيقية من الجهات المعنية، خاصة في ما يخص تحسين الرواتب. الإمكانيات ضعيفة جداً، ونحن نفتقر إلى المعدات الأساسية". ويشرح: "كل منقذ يجب أن يتوفر على bouée (عوامة النجاة)، ولباس خاص، كما أن كل نقطة مراقبة يجب أن يتوفر على دراجة مائية، وقارب مطاطي، ونقالة، وحقيبة للإسعافات الأولية". قضايا وناس التحديثات الحية حوادث الغرق تتفاقم خلال الصيف في العراق ويستعيد المتحدث واحدة من أصعب اللحظات في مسيرته: "أصعب موقف عشته كان في شاطئ بمدينة الجديدة، حين غرقت عائلة بأكملها. حاولت التدخل، لكن زملائي كانوا منشغلين مع مصطافين آخرين ولم ينتبهوا لإشارتي، ولم أستطع إنقاذهم وحدي. شعرت حينها أنني فقدت السيطرة... بل إنني أوشكت على مفارقة الحياة، رأيت الموت بعينيّ". ورغم كل التحديات، يؤمن أمين بقيمة هذه المهنة النبيلة التي تتطلب قدراً كبيراً من التفاني والانضباط. ويوجّه دعوة للمصطافين إلى ارتياد الشواطئ المحروسة فقط، والإنصات لتوجيهات السباحين المنقذين حفاظاً على سلامتهم وسلامة أسرهم. كما يناشد الجهات المختصة بضرورة الالتفات إلى أوضاع هذه الفئة، سواء من خلال توفير الإمكانيات والمعدّات الضرورية، أو مراجعة الأجور التي يتقاضونها، مطالباً بأن تُرفع – على الأقل – إلى مستوى الحد الأدنى للأجور (السميك)، واعتبار ذلك أبسط اعتراف بقيمة ما يقدمونه من تضحيات. ورغم ارتباطهم العميق بهذه المهنة، يتحفّظ عدد من السباحين المنقذين عن ذكر أسمائهم كاملة أو الظهور بوجه مكشوف، مخافة فقدان فرصة العمل الموسمي التي لا تدوم أكثر من ثلاثة أشهر في السنة. بعضهم يعود بعدها إلى فصول الدراسة أو التكوين المهني، بينما يبدأ آخرون رحلة البحث عن مصدر رزق جديد، في انتظار صيف آخر قد يحمل لهم فرصة عمل مؤقتة.


العربي الجديد
٢٨-٠٧-٢٠٢٥
- العربي الجديد
مبادرات محلية لتوفير المياه لأهالي ريف تعز
يعاني أهالي عدة مناطق في مديرية مشرعة وحدنان بريف تعز جنوب غربي اليمن من أزمة مياه متفاقمة نتيجة قلة هطول الأمطار، ما تسبب بكارثة حقيقية، ما دفع إلى إطلاق مبادرات مجتمعية لإغاثة السكان بالمياه. يقول اليمني سعيد ناصر لـ"العربي الجديد": "عمري 70 سنة، ولم أشهد في حياتي أزمة جفاف مثل هذا العام، ولم يحصل أن أتى فصل الصيف ونحن لا نجد مياه شرب، فنحن نعتمد على السقايات لتخزين ماء المطر خلال الصيف، وهو يكفي للاستخدام طوال العام مع وجود فائض في الغالب، وكل أسرة لديها سقايتها الخاصة، لكن هذا العام جفت المياه في جميع السقايات بسبب قلة هطول الأمطار". وأطلق الشاب محمد العزي مبادرة تحمل اسم "سقيا الماء"، مستغلاً وسائل التواصل الاجتماعي للتخفيف من معاناة أبناء منطقته الذين يقارب تعدادهم 40 ألف نسمة، بعد أن جفت مياه "السقايات"، وهي الخزانات التي يستخدمها الأهالي لجمع مياه الأمطار. يقول العزي لـ"العربي الجديد": "حين وجدت أبناء منطقتي لا يمتلكون احتياجاتهم الدنيا من المياه نتيجة الجفاف، قررت محاولة تخفيف حجم الكارثة، فأنشأت مبادرة (سقيا الماء)، ونقلت صوراً عن حجم المأساة عبر وسائل التواصل، وفتحت باب التبرعات أمام المغتربين من أبناء المنطقة. كان الخيار المتاح لإنقاذ الأهالي يتمثل بشراء الماء من آبار المدينة، وتوزيعه بالمجان". يضيف: "واجهنا عقبات تتمثل بعدم قدرة شاحنات نقل الماء على الوصول إلى القرى نتيجة وعورة الطريق، فجهزنا صهاريج مياه سعة 2000 لتر على سيارات الدفع الرباعي، ومن ثم اشترينا الماء من المدينة ونقلناه عبر هذه السيارات إلى القرى، كذلك فتحنا باب التبرعات أمام المغتربين لتغطية النفقات، وبدأنا بتوزيع صهريج أو اثنين يومياً على كل قرية، بحيث تحصل الأسرة يومياً على 20 لتراً من الماء، ومع نشاط المبادرة زادت الكميات الموزَّعة". ويشير العزي إلى أن "صهريج الماء سعة 2000 لتر يكلف 80 ألف ريال (نحو 30 دولاراً)، ويُجلَب الماء من منطقة الضباب التي تبعد نحو 15 كيلومتراً عن المنطقة، لكننا مضطرون إلى الشراء لكونها الطريقة الوحيدة، ونشد على يد الميسورين للاستمرار في تقديم الدعم لإغاثة الأهالي". طابور لتعبئة المياه في ريف تعز (العربي الجديد) بدوره، يقف عبد الله هزاع (58 سنة) في طابور طويل على أطراف قريته في مشرعة وحدنان، حاملاً غالون مياه فارغاً بانتظار وصول السيارة التي تحمل صهريج الماء لتوزيعه على الأهالي ضمن مبادرة أطلقها فاعلو خير لإغاثة السكان الذين يعانون من أزمة جفاف غير مسبوقة. ورغم قرب المنطقة من مدينة تعز (10 كيلومترات)، إلا أنها محرومة مشاريع المياه، ما جعل الأهالي يعتمدون على جمع مياه الأمطار في السقايات لتوفير الاحتياجات، خصوصاً أن المنطقة خالية من الآبار وعيون الماء. والسقاية عبارة عن حوض عميق مبني على شكل صهريج، ويتضمن بركة ودرجاً يفصل بينهما ما يسمى بـ"باب العقد"، وتُسقف بالغالب بالخرسانة، وتراوح سعة السقايات المنزلية في المتوسط ما بين 20 متراً مكعباً، و100 متر مكعب، وتعد المصدر الأساسي للحصول على المياه التي تستخدم في الشرب والاحتياجات المنزلية، كذلك تستخدم أيضاً في الري. وتسببت أزمة الجفاف أيضاً بخسارة الأهالي للموسم الزراعي، ما فاقم أزماتهم المعيشية المتردية أصلاً في ظل الارتفاع الكبير في أسعار المواد الغذائية بالتزامن مع الانهيار المتسارع في سعر صرف العملة الوطنية مقابل العملات الأجنبية. قضايا وناس التحديثات الحية الحوثيون يمنعون دخول صهاريج المياه من الحوبان إلى تعز وتتزامن الأزمة مع أزمة مياه تشهدها مدينة تعز في ظل ارتفاع سعر "وايت" الماء سعة 6000 لتر من 30 ألف ريال إلى 120 ألف ريال، كذلك ارتفعت أسعار مياه الشرب بنحو أربعة أضعاف، ويبلغ الإجهاد المائي في تعز نحو 300%، أي إن المدينة تستهلك ثلاثة أضعاف المياه التي تدخل إلى أحواضها المائية. وكانت مدينة تعز قبل الحرب التي اندلعت في عام 2015، تعتمد على 88 بئراً، واليوم لا يعمل منها سوى 21 بئراً، أي إنها فقدت خلال الحرب 67 بئراً، كذلك فقدت أكثر من 127 كيلومتراً من شبكة توزيع المياه، ولم يتبقّ في الخزانات سوى 5768 متراً مكعباً من أصل أكثر من 20 ألف متر مكعب من المياه. ويبلغ عدد الأحواض المائية التي تغذي الشبكة العامة لتوصيل المياه في محافظة تعز 5 أحواض، يقع 2 منها تحت سيطرة جماعة الحوثيين، وهما حوضا الحيمة حبير والحوبان، و2 منها يقعان على الخطوط الأمامية للنزاع، ولا يمكن للمؤسّسة المحلية للمياه والصرف الصحي الوصول إليهما، وهما حوضا الضباب والحوجلة، ولا يزال أحد الأحواض تحت سيطرة الحكومة الشرعية، وهو حوض المدينة.


العربي الجديد
٠٧-٠٧-٢٠٢٥
- العربي الجديد
الحر يُشعل أسعار الدجاج في المغرب... أضرار للمنتجين والمستهلكين
لم يسلم قطاع الدواجن في المغرب من تأثيرات موجات الحر التي يشهدها البلد في الفترة الأخيرة. فقد أثرت الحرارة المرتفعة على معدلات الإنتاج في المزارع، الأمر الذي أدى إلى صعود لهيب الأسعار في الأسواق. وواصلت مديرية الأرصاد الجوية في المغرب تعميم النشرات الإنذارية من الطقس الحار. وحظيت هذه النشرات باهتمام كبير من قبل العديد من القطاعات الإنتاجية، لا سيما بعدما تعدت درجات الحرارة القصوى 40 درجة في عدة مناطق، وهو معدل يتجاوز المستوى الموسمي. ويعد قطاع تربية الدواجن من أكثر القطاعات مراقبة لدرجات الحراة. فقد أكد رئيس الجمعية الوطنية لمربي دجاج اللحم، محمد عبود، في تصريح لـ"العربي الجديد"، أن درجات الحرارة المرتفعة كان لها تأثير على ظروف الإنتاج في ضيعات تربية الدواجن والأسعار. وأشار إلى أن درجات الحرارة تؤثر على نمو الكتاكيت، حيث يختلف ذلك التأثير، حسب المناطق، لكنه يشدد على أنه، بشكل عام، يستغرق نمو الكتاكيت كي تصير دواجن تزن كيلوغرامين 34 يوماً في الظروف العادية.، لكن هذه المدة ترتفع إلى 54 يوماً في ظل موجات الحر الأخيرة. ويشدد عبود على أن الظروف المناخية المتسمة بارتفاع درجات الحرارة تفرض تكاليف إضافية على مربي الدواجن، حيث يفترض توفير أعلاف إضافية بجودة عالية. ويشير عبود إلى أن موجة الحر تفضي كذلك إلى نفوق الدواجن، خاصة في الضيعات الصغيرة التي لا يتوفر أصحابها على تجهيزات لتخفيف تأثيرات درجات الحرارة عن الكتاكيت والدواجن، مؤكداً أن تلك التجهيزات لا تتاح سوى لأصحاب الضيعات الكبيرة. وأضاف أن وتيرة نفوق الدجاج تختلف حسب المناطق وحسب عمر الدجاج. فعندما يكون صغيراً يتمكن من مقاومة الحرارة، غير أن يصبح مع ارتفاع وزنه أكثر عرض للمخاطر المنذرة بنفوقه. ويتجلى أن تأخر نمو الكتاكيت ونفوق الدواجن بسبب الحرارة المرتفعة، أفضى، نسبياً إلى تقليص العرض من الدجاج، في سياق يشهد ارتفاع الطلب في الصيف، ما أدى إلى تسجيل زيادات في الأسعار. ووصل سعر الدجاج في سوق الجملة في الدار البيضاء، السبت الماضي، ما بين 1.75 و1.8 دولار للكيلوغرام الواحد، بعدما بلغ في اليومين الأخيرين في ضيعات الإنتاج في تلك المدينة وضواحيها حوالي 1.6 دولار للكيلوغرام. اقتصاد الناس التحديثات الحية موجات حر تهدد سواعد المغرب ومحاصيله وأكد عبود أن سعر الدجاج في سوق التجزئة يتراوح في الدار البيضاء والمدن القريبة منها بين 1.9 ودولارين للكيلوغرام، غير أن ذلك السعر سيرتفع في مدن أخرى بعيدة عن العاصمة الاقتصادية ليتراوح بين 2.1 و2.2 دولار للكيلوغرام. وقد كان العرض من الدواجن وفيراً في الأشهر الأخيرة، حيث كان المنتجون راهنوا على زيادة إقبال الأسر على شراء الدجاج بعد إلغاء شعيرة عيد الأضحي، وهو القرار الذي كان اتخذ في فبراير/شباط الماضي. وشهد المغرب في العام الماضي ارتفاعاً قوياً لأسعار اللحوم الحمراء في الأشهر الأخيرة في سياق الجفاف وغلاء الأعلاف، حيث راوحت في الصيف الماضي بين 12 و14 دولاراً للكيلوغرام الواحد، بعدما كانت تراوح في فترات سابقة بين ثمانية وتسعة دولارات. غير أن عبود اعتبر أنه رغم ارتفاع الأسعار في الفترة الأخيرة، فإن ذلك لا ينعكس بشكل ملحوظ على أرباح منتجي الدجاج، خاصة الصغار منهم الذين يتحملون تكاليف كبيرة ويعانون من تراكم المديونية تجاه تجار الأعلاف والمصارف. وكانت الحكومة قد وقعت مع الفيدرالية البيمهنية في قطاع الدواجن عقد برنامج في مايو/أيار 2023، يراد منه إنجاز استثمارات في حدود 200 مليون دولار في أفق 2030، حيث سيساهم العاملون في القطاع بـ140 مليون دولار والدولة بـ60 مليون دولار. وينتظر أن يفضي ذلك، حسب البرنامج، إلى رفع إنتاج لحوم الدواجن من 782 ألف طن إلى 912 ألف طن.