
مستقبل جمهور إيران في الأردن والمنطقة.
حاتم النعيمات
دخلت الهدنة بين "إسرائيل" وإيران حيّز التنفيذ قبل أيام، ولأن هذه الهدنة غير مكتوبة وفرضت بتصريح لترامب ومن خلال توقف أحد الأطراف عن القصف، فإن استمرارها قد يكون غير مضمون مئة بالمئة؛ فهذا النوع من الهُدَن يمكن اعتباره جزءًا من إجراءات الحرب لا السلم. لذلك، فالراجح أن هذه الهدنة -إذا استمرت- قد تكون عصا الأميركيين المرفوعة في وجه الإيرانيين للموافقة على ما هو مطلوب في المرحلة القادمة. من هنا، فإن السؤال الحقيقي لن يكون حول من انتصر ومن خسر كما يعتقد بعض الأردنيين والعرب، بل حول ترتيبات مستقبل إيران داخليًا وخارجيًا.
على الساحة الأردنية، يدور نقاش (النصر والهزيمة) -الذي بدأ منذ عام 1967 ولم ينتهِ حتى اليوم للأسف- حيث تقوم بعض التيارات المؤمنة بالدور الإيراني في "تحرير فلسطين' بمحاولة التعمية على أضرار إيران وخسائرها ظنًا منهم أنهم يخدمون القضية بذلك.
هؤلاء، بطبيعتهم الأيديولوجية، لا يدركون أن إيران اليوم ليست كما كانت بالأمس؛ فحتى "البروباغندا" الإيرانية التي كانت تدّعي من خلالها رغبتها في تحرير فلسطين قد لا نسمعها في المستقبل، والقادم سيفصل في ذلك.
صحيح، "إسرائيل" مُحتل يستحق المقاومة حسب جميع الأعراف والقوانين، لكن من المدهش أن يكون بيننا من يعتقدون أن مقاومة "إسرائيل" تفرض "بالضرورة' التبعية لإيران، وأن إيران ذاتها متضررة أو مستفيدة من تحرير أو احتلال فلسطين. يريدون منا أن نقبل بتحول الاحتلال الإسرائيلي إلى ذريعة للقوى الإقليمية لتنفيذ مشاريعها ومخططاتها تحت عنوان المقاومة ومناكفة "إسرائيل". هؤلاء تحديدًا يريدون أن تُسقِط مبادئ السياسة والجيوسياسة والمنطق وتؤمن أن دولة تبعد 1700 كم عن فلسطين مهتمة بتحريرها.
مشكلة أتباع إيران في الأردن والمنطقة العربية أنهم لا يقارنون بين ردّة فعل إيران عند استهداف أي من أذرعها، مع ردّة فعلها عند استهدافها هي نفسها. ولو تابعوا بعقل بارد المشهد الأخير، لفهموا أن إيران كانت عقلانية جدًا في إدارة حربها الأخيرة؛ حيث لم تُغلِق لدقيقة قنوات اتصالها مع البيت الأبيض والأوروبيين منذ بداية الهجوم الإسرائيلي وحتى نهايته، واستمر ذلك إلى ما بعد المشهد الختامي المتمثل باستهداف قاعدة العديد الأميركية في قطر، بعد إبلاغ الأميركيين بذلك لحفظ ماء الوجه أمام "الداخل الإيراني".
هذا الفعل الذي قامت به إيران كان محمودًا وذكيًا وعقلانيًا، لكنه معاكس تمامًا لسلوك من درّبتهم وسلّحتهم في منطقتنا الذين تم تدميرهم غالبيتهم خلال أقل من عامين.
الخلاصة: إيران رضخت، ولكن بطريقة أنيقة لم تعلمها لوكلائها العرب.
جمهور إيران في الأردن والوطن العربي لا يزال يعتقد أن الفيصل في المشهد هو تكرار بنود "البروباغندا" الإيرانية؛ أقصد أنهم عالقون حتى اليوم في مرحلة ما قبل السابع من أكتوبر (على الأقل)، ولا يدركون وضعهم الجديد بعد الحرب الأخيرة.
هذه العقلانية التي استخدمتها إيران لم تكن حاضرة لدى أذرعها العربية أو جمهورهم في المنطقة بشكل عام. ورغم أن بعض هذه الأذرع استدرك نفسه في الرمق الأخير كحزب الله والمليشيات العراقية، إلا أن بعضها ما زال خارج نطاق الاستيعاب؛ فحماس تضع مستقبل مليوني فلسطيني في غزة في كفّة، ومستقبلها كحركة في الكفّة الأخرى، والحوثي لا يعطّل مصالح اليمن لأجل علاقته مع طهران التي ستتخلى عنه عاجلًا أم آجلًا.
صحيح أن إيران ملأت فراغًا تركته المنظومة العربية فيما يخص الملف الفلسطيني، لكن هذا لا يعني أبدًا أن نوجّه نضالنا لاستدعاء الحرس الثوري وفيلق القدس والباسيج بغية ملء هذا الفراغ، وبالتالي تسليمهم المنطقة. فهذا الجهد النضالي يجب أن يُوجّه أولًا للدول والحكومات لحثها على تقوية المنظومة العربية، وثانيًا للشعوب العربية للتوقف عن شحنها عاطفيًا وتحويلها إلى وقود لتحريك مصالح الآخرين.
بكل الأحوال، هذه المنطقة ستدخل في حالة هدوء نسبي قد تفتح المجال أمام الفكر والمراجعة وما قد يوصلنا إلى الإيمان بمفهوم الدولة لا المليشيا، وإلى الاعتقاد بأن العلم ورفاه الإنسان هما السبيلان لمقارعة الاحتلال ومواجهة مستقبل العالم المتقلّب.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة

سرايا الإخبارية
منذ 19 دقائق
- سرايا الإخبارية
بعد سخرية ترامب .. هل بدأ زيلينسكي "دبلوماسية الأزياء"؟
سرايا - أثار تغيير الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي لطابعه العسكري المعتاد إلى مظهر مدني أكثر رسمية موجة من التساؤلات، وسط تكهنات بأن الخطوة جاءت استجابة للانتقادات العلنية التي تلقاها من الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، ومحاولة لإعادة ضبط العلاقة مع واشنطن في لحظة حاسمة من الحرب. واستبدل زيلينسكي ملابسه العسكرية التقليدية وقمصانه ذات الأكمام الطويلة بسترات وقمصان سوداء؛ ما أضفى على مظهره طابعًا أكثر رسمية، وإن ظل يحمل طابعًا خشنًا يوحي بظروف الحرب. ولطالما حرص زيلينسكي، المعروف بمتابعته الدقيقة لوسائل الإعلام، على إظهار تضامنه مع القوات الأوكرانية على الجبهات، إلا أن مراسلًا أمريكيًّا وجّه له انتقادًا علنيًّا لعدم ارتدائه بدلة رسمية خلال لقائه مع ترامب في البيت الأبيض، وهو اجتماع شهد توترًا حادًّا حول مدى امتنانه للدعم الأمريكي في زمن الحرب. ومنذ ذلك الحين، عمل زيلينسكي على إعادة ترميم علاقاته مع واشنطن، التي لا تزال كييف تعتمد بشكل كبير على مساعداتها العسكرية، رغم أن ترامب لم يُبد أي نية لاستئناف إمدادات الأسلحة التي بدأها سلفه جو بايدن، بحسب "رويترز". وعندما التقى زيلينسكي بترامب مجددًا، خلال جنازة البابا فرنسيس في روما في أبريل/نيسان، ارتدى سترة عسكرية سوداء ثقيلة وقميصًا أسود مغلقًا حتى الياقة، دون ربطة عنق. وظهر بالمظهر ذاته تقريبًا خلال لقائه رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر في لندن يوم الاثنين، ثم في حفل العشاء الذي أقامه ملك هولندا مساء الثلاثاء قبيل قمة حلف شمال الأطلسي (الناتو) في لاهاي. دبلوماسية بصرية ورغم أنه لم يُدع إلى القمة نفسها، إلا أن زيلينسكي التقى بترامب عقبها، وكان يحمل جدول أعمال يتضمن قائمة مشتريات من الأسلحة يأمل بالحصول عليها. وقد لفت هذا التغيير البصري انتباه وسائل التواصل الاجتماعي، كما علّقت إحدى المجلات الأوكرانية، الأربعاء، على مظهره الجديد، واصفة إياه بأنه "دبلوماسية بصرية من نوع جديد". وكان العديد من الأوكرانيين، الذين وحّدهم دعمهم لزيلينسكي منذ شن روسيا حربًا على بلادهم في فبراير/شباط 2022، انتقدوا التركيز السلبي على ملابسه في البيت الأبيض، معتبرين ذلك تبسيطًا مخلًّا لسياق سياسي وعسكري شديد التعقيد. Today, I had a substantive meeting with UK Prime Minister @Keir_Starmer. Our main objective right now is to stop Russian terror and force Russia into peace. We discussed the development of defense cooperation. Collaboration in this area will allow Ukraine to receive stable… — Volodymyr Zelenskyy / Володимир Зеленський (@ZelenskyyUa) June 23, 2025 Zelensky no longer disguises himself in camouflage in Europe: he arrived at the residence of the King of the Netherlands in The Hague for the NATO summit in a suit. — First Source Report (@FirstSourceNew) June 25, 2025


سواليف احمد الزعبي
منذ ساعة واحدة
- سواليف احمد الزعبي
تقرير: الضربات الأمريكية لم تدمر قدرات إيران النووية
#سواليف قال تقرير سري إن #الضربات_العسكرية التي نفذتها #واشنطن ضد 3 #منشآت_نووية_إيرانية لم تتمكن من #تدمير المكونات الأساسية لبرنامجها النووي، حيث اقتصرت على إعاقة تقدمها لبضعة أشهر فقط. تظهر هذه الصورة الملتقطة عبر الأقمار الصناعية من شركة ماكسار تكنولوجيز منظرا أقرب للحفر والرماد على سلسلة من التلال في منشأة فوردو للتخصيب في إيران بعد الضربات الأمريكية. ووفقا لتقييم أعدته وكالة استخبارات الدفاع الأمريكية، تتعارض النتائج الأولية مع التصريحات المتكررة للرئيس دونالد ترامب، التي أكد فيها أن الضربات دمرت بالكامل منشآت التخصيب النووي الإيرانية، وكذلك مع تصريحات وزير الدفاع بيت هيغسيث الذي قال إن الطموحات النووية الإيرانية 'قد دمرت بالكامل'. وأشار التقييم إلى أن مخزون إيران من اليورانيوم المخصب لم يتأثر بالضربات، كما أن أجهزة الطرد المركزي بقيت سليمة إلى حد كبير، مع وجود تقارير عن نقل #اليورانيوم_المخصب من المواقع قبل الضربات. ورد البيت الأبيض على هذا التقييم بالرفض، حيث وصفته المتحدثة الرسمية كارولين ليفيت بأنه 'خاطئ تماما'، واتهمت مسؤولا منخفض المستوى في المجتمع الاستخباراتي بتسريبه لوسائل الإعلام بهدف التقليل من شأن الرئيس ترامب وتشويه سمعة الطيارين الذين نفذوا المهمة. من جانبه، واصل ترامب التأكيد على نجاح الضربات ووصفها بأنها 'من أنجح الضربات العسكرية في التاريخ'، مؤكدا أن المواقع النووية الإيرانية 'دمرت بالكامل'. وأظهرت المعلومات أن الضربات التي نفذتها القاذفات الأمريكية من طراز بي-2 باستخدام قنابل ثقيلة زنة 30 ألف رطل على منشآت تخصيب اليورانيوم في فوردو ونطنز لم تتمكن من القضاء الكامل على أجهزة الطرد المركزي أو اليورانيوم عالي التخصيب، حيث اقتصرت الأضرار على المنشآت فوق الأرض بما في ذلك البنية التحتية للطاقة والمرافق المستخدمة في تحويل اليورانيوم إلى معدن لصنع القنابل. وبينما أشار التقييم الإسرائيلي إلى أن الأضرار في منشأة فوردو كانت أقل من المتوقع، إلا أن المسؤولين الإسرائيليين يعتقدون أن العمليات العسكرية المشتركة أعادت البرنامج النووي الإيراني إلى الوراء لمدة عامين، على افتراض قدرة إيران على إعادة البناء دون عوائق. لكن الخبراء يشككون في هذه التقديرات، حيث أشار جيفري لويس الخبير في شؤون الأسلحة إلى أن العديد من المنشآت النووية الرئيسية تحت الأرض بقيت سليمة ويمكن أن تشكل أساسا لإعادة إحياء سريع للبرنامج النووي. وفي تطور متصل، ألغيت إحاطات سرية كان مقررا عقدها لكل من مجلس النواب والشيوخ الأمريكيين حول نتائج الضربات، مما أثار تساؤلات حول الأسباب الحقيقية لهذا الإلغاء، خاصة في ظل التناقض بين التصريحات الرسمية المتفائلة والتقييمات الاستخباراتية الأكثر تحفظا. كما أثيرت تساؤلات حول فعالية القنابل الأمريكية 'محطمة القبو' في اختراق المنشآت النووية الإيرانية المحصنة تحت الأرض، حيث فضلت الولايات المتحدة استخدام صواريخ توماهوك في ضرباتها على أصفهان بدلا من هذه القنابل، بسبب شكوك في قدرتها على اختراق المستويات العميقة للمنشأة.


رؤيا
منذ 5 ساعات
- رؤيا
إدارة ترمب تقرر تقليص مشاركة المعلومات السرية بعد تسريب تقييم حول ضرب منشآت إيران النووية
البيت الأبيض: الإدارة ستقلل من المعلومات التي تُعرض على الكونغرس قررت إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترمب تقليص حجم المعلومات السرية التي تُشارك مع الكونغرس، في أعقاب تسريبات صحفية أثارت ضجة واسعة بشأن نتائج الضربات الأمريكية الأخيرة على إيران. ونقلت شبكة "سي إن إن" عن مسؤول رفيع في البيت الأبيض قوله إن الإدارة تعتقد أن تقريرًا أوليًا أعدته وكالة استخبارات الدفاع قد سُرّب بعد نشره على نظام مخصص لمشاركة المعلومات السرية مع الكونغرس، ليلة الإثنين. وأوضح المسؤول أن الإدارة ستقلل من المعلومات التي تُعرض على هذا النظام، في خطوة تهدف للحد من احتمالية التسريب. وأضاف أن تحقيقًا جارٍ لمعرفة الجهة التي تقف وراء تسريب التقرير. وبحسب المسؤول، من المقرر أن يعقد وزراء الدفاع بيت هيغسيث، والخارجية ماركو روبيو، ورئيس هيئة الأركان المشتركة دان كين، ومدير وكالة الاستخبارات المركزية جون راتكليف، جلسة إحاطة مغلقة لمجلس الشيوخ يوم الخميس بشأن تطورات الملف الإيراني. وكانت تقارير صحفية أمريكية قد ذكرت أن التقييم الاستخباراتي الأولي يشير إلى أن المكونات الأساسية للبرنامج النووي الإيراني، بما فيها مخزون اليورانيوم المخصب وأجهزة الطرد المركزي، لم تُدمّر نتيجة الضربات الأمريكية الأخيرة. وقد أثار نشر هذه التقارير موجة غضب داخل الإدارة، ودفع كبار المسؤولين، بمن فيهم الرئيس ترمب، إلى نفي ما ورد في تلك التقارير وتكذيب وسائل إعلام بارزة مثل "سي إن إن" و"نيويورك تايمز".