logo
باريس ــ ميونيخ... «ناتو» ولحظة الحقيقة

باريس ــ ميونيخ... «ناتو» ولحظة الحقيقة

العرب اليوم١٩-٠٢-٢٠٢٥

ثمانية عقود منذ انتهاء الحرب العالمية الثانية، التي لعبت فيها الولايات المتحدة الأميركية دوراً رئيسياً في الفوز على دول المحور، وتالياً تعززت العلاقات بين ضفتي الأطلسي من خلال نشوء وارتقاء حلف «ناتو» عام 1949.
نجح الحلف في البقاء صفاً وسداً في مواجهة تهديدات حلف «وارسو»، طوال أربعة عقود من الحرب الباردة، كما كانت واشنطن من دون أدنى شك عاملاً داعماً ومسانداً لأوروبا الغربية في أعقاب سقوط حائط برلين وتفكك الاتحاد السوفياتي.
على أن التساؤل المطروح اليوم على طاولات النقاش الأوروبية بنوع خاص: ما هو مستقبل العلاقات الأميركية - الأوروبية، وارتدادات الأمر على مستقبل حلف «ناتو»؟
المعروف جيداً أنه قبل قيام سيد الكرملين فلاديمير بوتين بعمليته العسكرية في أوكرانيا، ترددت كثيراً مقولة «الموت السريري» لحلف «ناتو»، وقد كان من الطبيعي جداً أن تفكر أوروبا بعقل فرنسي في تكوين قوة عسكرية خاصة، حتى وإن لم يكن الخيار يعني البديل المؤكد لحلف «ناتو».
ومع عودة الرئيس دونالد ترمب مرة أخرى إلى البيت الأبيض، باتت الأقلام الدولية تتطلع إلى مستقبل العلاقة من واشنطن إلى بروكسل، والجميع يرددون «أهي صحوة للديغولية من جديد»، أي بدايات تراجع عن زمن التحالف العسكري الأميركي - الأوروبي، كما جرى في عهد الرئيس الفرنسي شارل ديغول، من خروج عن سياقات «ناتو» في ستينات القرن المنصرم؟
مشهدان يؤكدان أن خللاً جسيماً ربما سيصيب وحدة الصف الأميركي - الأوروبي التقليدية، حال مضت إدارة ترمب في رؤاها التي تجلت عبر مشهدين مثيرين في الأسابيع القليلة الماضية، والغريب أن الفاعل الرئيسي فيهما لم يكن الرئيس ترمب، بل نائبه الشاب جي دي فانس، الذي أشرنا من قبل إلى أنه - وعن حق - القوة الضاربة الفكرية في هذه الإدارة، والأداة الناجزة لمؤسسة «هيرتاغ فاونديشن»، صاحبة مشروع 2025، لأميركا الأخرى المنقلبة على الدولة الفيدرالية البيروقراطية التقليدية.
فانس وفي باريس أثار قلقاً كبيراً من توجهات البيت الأبيض لجهة عالم الذكاء الاصطناعي، المنافية والمجافية لكثير من الرؤى الأوروبية. بالنسبة لأميركا اليوم، لم يعد الذكاء الاصطناعي مفهوماً نظرياً أو مستقبلياً، بل أصبح القوة الحاسمة التي تشكّل هيكل القوة العالمية والهيمنة الاقتصادية والتحول المجتمعي. من هذا المنطلق، وبالتحديد عند مشروع «ستارغيت» يبدو واضحاً أن ترمب وجماعة الأوليغارشية التقنية، قد وضعوا الذكاء الاصطناعي حجرَ زاوية وركيزةً رئيسية لأجندتهم الأمنية والوطنية والاقتصادية، وبرفض كامل وشامل للحذر التنظيمي الذي اتبعته الإدارات الأميركية السابقة، لصالح استراتيجية عدوانية مؤيدة للنمو والمنافسة.
في باريس وجّه دي فانس سهاماً شديدة القسوة للأوروبيين، محذراً إياهم مما أسماه «فرض قيود مفرطة» على هذا النوع من التكنولوجيات الحديثة، التي أقرَّها قانون الخدمات الرقمية في الاتحاد الأوروبي، بالإضافة إلى قواعد الخصوصية الإلكترونية.
من باريس سوف ينتقل دي فانس، رجل منظمة «الأوبس دي» العتيقة في فرعها الأميركي، إلى ميونيخ، وهناك سيهاجم الأوروبيين بسبب ما يعدُّه تراجعاً في الدفاع عن «حرية التعبير». ويعدّ تصريحه بأن «التهديد الذي يقلقني أكثر من أي شيء آخر فيما يتصل بأوروبا ليس روسيا، ولا الصين، ولا أي طرف خارجي آخر، ما يقلقني هو التهديد من الداخل، تراجع أوروبا عن بعض قيمها الأساسية»، كلاماً قاسياً جداً على الأوروبيين الذين قادوا حركات التنوير وأفسحوا الطريق واسعاً لحرية التعبير والإيمان والمعتقد منذ عصور الرينسانس وحتى الساعة.
أكثر من ذلك، مضى دي فانس في تصريحاته ليؤيد «حزب البديل من أجل ألمانيا» اليميني الشعوبي؛ ما جعل المستشار الألماني أولاف شولتس، يعدّ الأمر تدخلاً في الحملة الانتخابية الألمانية.
هل خرجت الديمقراطيات الغربية عن النهج التقليدي، أي عدم مهاجماتها بعضها بعضاً، عسكرة أو سياسة؟
المخاوف حول حلف «ناتو» تجلّت بأكثر من صورة من خلال تصريحات وزير الدفاع الأميركي بيت هيغسيث، الذي أخبر الأوروبيين بأن «ناتو» لن يشارك في أي قوة مستقبلية قد تكون مطلوبة لحفظ السلام في أوكرانيا.
عطفاً على ذلك، أكد أن أي قوات أميركية لن تشارك في مثل هذه العملية، وأن الأوروبيين الذين سيشاركون هم من سيدفعون تكاليف المشاركة، فيما الضربة القاضية تتعلق بأن حلف «ناتو» لن يهبّ لإنقاذ أي دولة أوروبية مشاركة في تلك القوة إذا تعرضت لهجوم من جانب روسيا، ما يخالف المادة الخامسة من ميثاق حلف شمال الأطلسي.

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

الاتحاد الأوروبي: اتخاذ قرار برفع العقوبات الاقتصادية عن سورية
الاتحاد الأوروبي: اتخاذ قرار برفع العقوبات الاقتصادية عن سورية

خبرني

timeمنذ ساعة واحدة

  • خبرني

الاتحاد الأوروبي: اتخاذ قرار برفع العقوبات الاقتصادية عن سورية

خبرني - قالت كايا كالاس مسؤولة السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي اليوم الثلاثاء إن الاتحاد اتخذ قرارا برفع العقوبات الاقتصادية عن سورية. وفي أول تعليق رسمي للحكومة السورية، وجه وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني الشكر للاتحاد الأوروبي اليوم الثلاثاء على رفع العقوبات الاقتصادية عن بلاده، معتبرًا الخطوة تحوّلًا إيجابيًا في العلاقات الدولية مع دمشق. وقال الشيباني في منشور على منصة إكس "نحقق مع شعبنا السوري إنجازا تاريخيا جديدا برفع عقوبات الاتحاد الأوروبي المفروضة على سورية. كل الشكر لدول الاتحاد الأوروبي، ولكل من ساهم في هذا الانتصار". وأضاف "سيعزز هذا القرار الأمن والاستقرار والازدهار في سورية". تأتي هذه الخطوة الأخيرة من الاتحاد الأوروبي بعد خطوة أولى في فبراير/شباط تم فيها تعليق بعض العقوبات على قطاعات اقتصادية سورية رئيسية.

الاتحاد الأوروبي يعلن رفع العقوبات الاقتصادية عن سوريا
الاتحاد الأوروبي يعلن رفع العقوبات الاقتصادية عن سوريا

سرايا الإخبارية

timeمنذ ساعة واحدة

  • سرايا الإخبارية

الاتحاد الأوروبي يعلن رفع العقوبات الاقتصادية عن سوريا

سرايا - أعلن الاتحاد الأوروبي، اليوم الثلاثاء، رفع العقوبات الاقتصادية عن سوريا. وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي يقررون رفع العقوبات الاقتصادية عن سوريا - مسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي ومن جانبه وجه وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني الشكر للاتحاد الأوروبي اليوم الثلاثاء على رفع العقوبات الاقتصادية عن بلاده. وقال الشيباني في منشور على منصة إكس "نحقق مع شعبنا السوري إنجازا تاريخيا جديدا برفع عقوبات الاتحاد الأوروبي المفروضة على سوريا. كل الشكر لدول الاتحاد الأوروبي، ولكل من ساهم في هذا الانتصار". وأضاف "سيعزز هذا القرار الأمن والاستقرار والازدهار في سوريا".

مسؤولون بالبيت الأبيض: ترمب يشعر بالإحباط بسبب الحرب المستمرة في غزة وصور معاناة الأطفال
مسؤولون بالبيت الأبيض: ترمب يشعر بالإحباط بسبب الحرب المستمرة في غزة وصور معاناة الأطفال

رؤيا

timeمنذ 2 ساعات

  • رؤيا

مسؤولون بالبيت الأبيض: ترمب يشعر بالإحباط بسبب الحرب المستمرة في غزة وصور معاناة الأطفال

مسؤولون بالبيت الأبيض: ترمب يريد إنهاء الحرب وعودة المحتجزين ودخول المساعدات وبدء إعادة الإعمار أكسيوس عن مسؤول "إسرائيلي": نتنياهو لا يشعر حاليا بضغط كبير من ترمب كشف موقع "أكسيوس" نقلاً عن مصادر "إسرائيلية" وأمريكية، أن الرئيس الأمريكي دونالد ترمب يشعر بالإحباط من استمرار الحرب في قطاع غزة، خاصة مع تصاعد صور معاناة الأطفال، وطلب من مساعديه نقل رسالة مباشرة إلى رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو مفادها أنه "يريد منه إنهاء الأمر". وبحسب مسؤولين في البيت الأبيض، فإن ترمب منزعج من طول أمد الحرب وتداعياتها الإنسانية، فيما أشار مسؤولون إسرائيليون للموقع ذاته إلى أن نتنياهو لا يشعر حاليًا بضغط كبير من الرئيس الأمريكي. وأضافت المصادر أن مسؤولين "إسرائيليين" يرون أنه إذا أراد ترمب دفع صفقة تبادل للمحتجزين ووقفًا لإطلاق النار في غزة، فعليه تكثيف الضغط على كلا الجانبين. وتأتي هذه التطورات في وقت يواجه فيه الاحتلال الإسرائيلي ضغوطًا دولية متزايدة لوقف عدوانه على غزة، وسط أزمة إنسانية متفاقمة ومجازر يومية بحق المدنيين.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store