
4 أسباب تجعل موافقة بوتين على إنهاء الحرب في أوكرانيا أمرا مستحيلا
في ظل التطورات الأخيرة والمحادثات الهاتفية بين القادة الروس والأميركيين، يؤكد السفير البريطاني السابق لدى كييف، سيمون سميث، أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين "يراهن" على أن الرئيس الأميركي دونالد ترامب سيفقد صبره تجاه مفاوضات وقف إطلاق النار، مما سيمكنه هو من مواصلة الحرب في أوكرانيا.
وحدد سميث في تصريح لموقع آي بيبر البريطاني 4 أسباب رئيسية وراء إصرار بوتين على موقفه:
أولا بوتين يعتقد أن الوقت والموارد في صالحه:
يشير سميث إلى أن "السبب الأساسي" لرفض بوتين الانخراط في محادثات سلام جادة هو اعتقاده، أنه لا يزال يمتلك الموارد الضرورية للاستمرار في الحرب وأن "الوقت في صالحه".
ويضيف سميث أن بوتين "من المحتمل أنه اقتنع بأن ترامب ليس مستعدًا لتخصيص أي موارد أميركية كبيرة أخرى للدفاع عن أوكرانيا، وربما لا يعتقد أن الدول الأوروبية وغيرها يمكنها سد الفجوة".
وفي ظل سيطرة القوات الروسية على خُمس أوكرانيا وتقدمها، يعتقد بوتين أنه "لا يزال لديه فرصة جيدة للنصر إذا استمر في إستراتيجية المكاسب التدريجية كما هي الحال الآن".
ثانيا، ترامب يفضل بوتين على زيلينسكي:
يرى سميث أن بوتين "سنحت له الفرصة لأخذ درجة حرارة ترامب"، ويشتبه في أن بوتين "لديه سبب وجيه للاعتقاد بأن ترامب يحبه أكثر مما يحب زيلينسكي"، في إشارة إلى الرئيس الأوكراني فلوديمير زيلينسكي.
إعلان
وحسب السفير السابق لدى كييف، فإن لقاء ترامب وزيلينسكي "الرهيب" في البيت الأبيض كشف كثيرا من الأشياء"، بما فيها أن ترامب لا يزال يكره زيلينسكي لعدم تعاونه معه في عام 2019″.
وبالنسبة لبوتين، فإن "ترامب هو نوعه المفضل من الرجال"، مما يجعله يعتقد أن الرئيس الأميركي "من المحتمل جدًا أن يسير بشكل جيد بالنسبة لروسيا".
ثالثا، بوتين مستعد "للمخاطرة" بالعقوبات الأميركية:
يؤكد سميث أن بوتين "يخاطر" مع ترامب إذ يرى أنه لن يمضي قدمًا في خطط مضاعفة العقوبات على روسيا، والتي ستكون "أخبارًا سيئة للغاية" لموسكو.
وعلى الرغم من دعوات القادة الغربيين إلى فرض عقوبات جديدة على روسيا، فإن ترامب أشار إلى أن الولايات المتحدة "ليست مستعدة للانضمام إلى جهود العقوبات الأوروبية".
ويعتقد سميث أن بوتين لا يرى أن ترامب جاد حقا في فرض عقوبات جديدة، كما أنه لا يعتقد أن الرئيس الأميركي سيغضب منه لحد فرض عقوبات جديدة على موسكو.
رابعا، بوتين يتوقع أن يمل ترامب
يرى السفير السابق أن استمرار الهجمات الروسية على أوكرانيا، على الرغم من محادثات السلام المحتملة، هو رسالة من بوتين لترامب مفادها: "عليك أن تدرك أن الجلوس إلى طاولة المفاوضات لا يعني بالنسبة لي التوقف عن متابعة الحرب".
ويأمل بوتين من وراء التلكؤ في المفاوضات إلى أن يمل ترامب ويقول: "لقد سئمت من هذا، وقد جربت هذا، وليس لأميركا أي مصلحة في التدخل، لذا سنغادر من هنا".
هذه النتيجة ستناسب بوتين لأنه "لا يعتقد أن أي كيان آخر يمكنه أن يسد الفجوة" التي ستخلفها الولايات المتحدة إذا انسحب ترامب من محادثات السلام مع أوكرانيا.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الجزيرة
منذ 28 دقائق
- الجزيرة
ترامب الابن: ربما أسعى لخلافة والدي في يوم من الأيام
ألمح دونالد ترامب الابن إلى احتمال ترشحه لمنصب سياسي في المستقبل أو السعي لخلافة والده الرئيس الأميركي دونالد ترامب. وقالت وكالة بلومبيرغ إن ترامب الابن سئل عن الأمر خلال مشاركته في منتدى قطر الاقتصادي فأجاب "لا أدري، ربما أسعى في يوم من الأيام إلى دخول الحياة السياسية وربما خلافة والدي في منصب الرئاسة". وأردف قائلا "أعتقد أن والدي غيّر فعلًا الحزب الجمهوري. أصبح الآن حزب أميركا أولًا، أو حزب MAGA، أيًّا كان ما تفضّلون تسميته". وعلى الرغم من أنه نادرًا ما تحدث عن طموحاته السياسية، فإن ترامب الابن أصبح شخصية بارزة في الساحة السياسية، إذ شارك في الحملة الانتخابية لوالده بانتظام، وظهر كثيرًا على وسائل الإعلام، وألقى خطابًا رئيسيا خلال المؤتمر الوطني للحزب الجمهوري. ومن جهته، لا يزال ترامب الأب يلمّح إلى إمكانية ترشحه مرة أخرى في عام 2028، رغم أن الدستور الأميركي يحدد فترتين رئاسيتين فقط. وفي فترته الأولى، لعبت ابنته إيفانكا وصهره جاريد كوشنر دورًا بارزًا كمستشارين في البيت الأبيض ، أما في الوقت الحالي فقد أصبح دورهما أقل ظهورًا. وقد أمضى ترامب الابن معظم مسيرته المهنية في منظمة ترامب التي تركز على تطوير العقارات الفاخرة، ويُعد من أبرز المدافعين عن السياسات الاقتصادية لوالده. وبرز دوره بشكل أكبر في الولاية الثانية لترامب، حيث دعم ترشيح السيناتور جيه دي فانس لمنصب نائب الرئيس. وبرز ترامب الابن كأحد أبرز أفراد العائلة منذ عودة والده إلى البيت الأبيض، رغم أنه لا يشغل أي منصب رسمي في الإدارة. بدلًا من ذلك، انضم إلى شركة "1789 كابيتال"، وهي شركة استثمار تركز على الشركات ذات التوجهات المحافظة، أسسها المستثمر عميد مالك. ومن على منصة المنتدى في الدوحة، وجّه ترامب الابن انتقادات لبيئة الأعمال في أوروبا، مشيدًا ببيئة الاستثمار في الخليج، مشيرًا إلى أن "الناس هنا يعملون بجدّ، ولا يتعاملون مع مناخ تنظيمي خانق كما هو الحال في أوروبا الغربية".


الجزيرة
منذ 41 دقائق
- الجزيرة
"تجارة الجنازات".. الفساد يلاحق قتلى الحرب في أوكرانيا
في ظل الحرب المستمرة بأ وكرانيا ، لم تسلم جثث الجنود من الاستغلال، حيث تحوّلت مراسم الدفن إلى قطاع للربح غير المشروع وسط غياب الرقابة والمحاسبة، وهو مشهد يعكس عمق الأزمة الأخلاقية والمؤسسية في زمن الحرب. وفي تقرير نشرته صحيفة "وول ستريت جورنال"، ذكر الكاتب أليستر ماكدونالد أنه في ربيع عام 2023، وأثناء احتدام الحرب في أوكرانيا، عقد مدير جنازات وموظف حكومي صفقة في مقبرة بمدينة زابوريجيا لنقل 23 جثة لجنود قتلى. ووفقا للادعاء، منح الموظف مدير الجنازات عقد نقل الجثث مقابل ربع المبلغ الذي ستدفعه له البلدية، والتقى مدير الجنازات بالموظف لاحقا ليسلمه حصته البالغة أكثر من 13 ألف هريفنيا، أي نحو 320 دولارا. وأوضح الكاتب أن هذه الصفقة -التي تخضع الآن للتحقيق القضائي- تعكس واقع انتشار الفساد في أوكرانيا والبلدان التي كانت جزءا من الاتحاد السوفياتي سابقا. وتحتل أوكرانيا المرتبة 105 من 180 دولة في مؤشر الشفافية الدولية ، ويُظهر التحقيق في هذه الواقعة كيف يلاحق الفساد الأوكرانيين في كل جوانب حياتهم، حتى بعد الموت. ورغم الاحترام الذي يحظى به قتلى الحرب بأوكرانيا في أوساط المجتمع، فإنهم أصبحوا مصدر دخل للمسؤولين الفاسدين، حيث تدفع دور الجنازات رشاوى للفوز بعقود نقل ودفن الجنود، وتفرض أسعارا مرتفعة على المجالس المحلية مقابل شواهد قبور الجنود وتوابيتهم، ويتقاسمون الأرباح مع المسؤولين، وفقا للشرطة. وستظل مكافحة الفساد من أهم التحديات التي تواجهها أوكرانيا بعد انتهاء الحرب، إذ يؤثر الفساد سلبا على التعافي الاقتصادي، ويعرقل جهود الانضمام للاتحاد الأوروبي الذي يضع شروطا صارمة بشأن معالجة الكسب غير المشروع، وقد شهدت سنوات الحرب تزايد قضايا الفساد المرتبطة بالمشتريات العسكرية والرشاوى لتجنب التجنيد. ويُقدّر عدد الأوكرانيين الذين قُتلوا منذ بدء الحرب الروسية الأوكرانية في فبراير/شباط 2022 ما بين 40 و100 ألف قتيل. رشاوى بامتداد أوكرانيا وفي مدينة بولتافا الأوكرانية، طلب المسؤول سيرهي نيتشيبورينكو من مدير الجنازات ألكسندر بورغاردت نقل بعض الجثث من الخطوط الأمامية لدفنها في مناطقهم الأصلية. وسلّم بورغاردت، نيتشيبورينكو حصته المالية في وقت لاحق من الشهر نفسه، إلا أن الأخير نفى الحصول على رشوة، وأكد محاميه أن العقود التي يُزعم أنها فاسدة تم توقيعها قبل توليه هذا المنصب الحكومي. وقال بورغاردت إنه أبلغ الشرطة بعد طلب نيتشيبورينكو المزيد من الرشاوى، مضيفا أن هناك حدودا يجب احترامها، خاصة عندما يموت الشباب في الحرب. ولا يقتصر دفع الرشاوى لإجراء جنازات عسكرية على بولتافا فقط، ففي الشهر الماضي، أعلنت الشرطة في كريفي ريه اعتقال 8 مسؤولين محليين ومالك دار جنازات بتهم رشوة، تتعلق بنقل جثث الجنود وجرائم أخرى مرتبطة بخدمات الجنازات. ويقول مسؤولون آخرون إن مشكلة الفساد التي تتسلل إلى جنازات الجنود القتلى منتشرة في جميع أنحاء البلاد، من أوديسا إلى زابوريجيا. ومن حق أي عائلة فقدت جنديا أن تطالب بحوالي 360 دولارا من الدولة لتغطية تكاليف الجنازة، ويمكن للعائلات التي تحصل على هذا المبلغ أن تقرر مكان إجراء المراسم، ولكن دون تحديد من يقوم بذلك. وتطرح السلطات المحلية دفن الموتى في مناقصات، وتقوم دور الجنازات بتقديم عطاءات للحصول على حق إجراء المراسم على دفعات. وتدفع دور الجنازات في بعض الأحيان أموالا للسلطات للفوز بهذا العمل، وفقا لثلاثة مسؤولين على دراية بعملية المناقصة في مدينة زابوريجيا. شروط بالمقاس ويقول أحد المسؤولين إنه في كثير من الأحيان يتم تخصيص شروط المناقصة بطريقة لا يمكن أن يفوز بها سوى مقدم عطاء واحد، مثل تحديد التوابيت وفقا لمعايير لا تتبعها سوى شركة واحدة. وأوضح الكاتب أن عائلات الجنود أعربت عن استيائها من عدم قدرتها على اختيار جهة تنظيم الجنازة. فلم يكن لدى لاريزا أوفتشارينكو الحق في اختيار من يتولى جنازة ابنها الجندي المتوفى، بدنيبرو في أكتوبر/تشرين الأول الماضي، حيث قُدم لها نعش رخيص وباقة من الزهور، وقد أنفقت الأم نحو 723 دولارا أميركيا من مالها الخاص لتحسين القبر. وحسب الكاتب، فإن أوكرانيا قامت بإصلاح نظامها القضائي ونفذت تدابير أخرى للتصدي للكسب غير المشروع، في ظل إدراك الرئيس فولوديمير زيلينسكي لأهمية هذه الإجراءات لضمان مواصلة الحصول على الدعم المالي والعسكري من الدول الغربية. وأشار الكاتب إلى أن عدد الإدانات في قضايا الفساد ارتفع بنسبة 10% منذ عام 2021، لتصل إلى نحو 5 آلاف و235 إدانة العام الماضي، ويأتي هذا في وقت تشير فيه تقديرات الأمم المتحدة إلى أن عدد سكان أوكرانيا انخفض بنحو الربع، حسب الباحث أندري بيلتسكي. وتختم الصحيفة تقريرها بأن دفن الموتى في أوكرانيا أصبح بؤرة للفساد منذ اندلاع الحرب، وقد أدى ذلك إلى استبعاد دور الجنازات التي ترفض الانخراط في هذه الممارسات، ومن بينها دار "سورو" للجنازات في رودينسكي، التي رفضت دفع الرشاوى ما جعلها تخسر نصف زبائنها، وفقا لمالكها أرتيم بوبوف.


الجزيرة
منذ ساعة واحدة
- الجزيرة
هل تنجح "خارطة الطريق" الأوروبية في فك الارتباط بإمدادات الطاقة الروسية؟
بعد أكثر من 3 سنوات من اندلاع الحرب الروسية في أوكرانيا ، توصلت المفوضية الأوروبية أخيرا إلى طرح "خارطة طريق" للتخلي التدريجي عن الطاقة الروسية بحلول عام 2027. وقد تم وضع هذا الهدف منذ بدء الحرب في عام 2022 للحد من التبعية الطاقية لروسيا وقطع الطريق على مصادر تمويل نفقات الدفاع الروسية، ومن المتوقع أن يدرس البرلمان الأوروبي في يونيو/حزيران 2025 مقترحات تشريعية لتطبيق بنود خارطة الطريق، حيث يتعين مبدئيا أن تحظى التشريعات في النهاية بموافقة كاملة من الدول الأعضاء لدى التصويت عليها. ومع ذلك، تحيط بالخارطة الجديدة العديد من الشكوك بشأن فرص نجاحها في الواقع، في ظل استمرار اعتماد بعض الدول الأوروبية على سوق الطاقة الروسي، إضافة إلى الانقسامات السياسية داخل الاتحاد وصعوبات موضوعية تعيق الاستغناء التام عن الغاز والنفط الروسيين. يسلط هذا التقرير الضوء على تراجع ارتباط أوروبا بإمدادات الطاقة الروسية، ويفحص احتمالات نجاح خطة الانفصال النهائي عن هذه العلاقة الحيوية. تراجع كبير للإمدادات من روسيا قبل طرح "خارطة الطريق"، بدأت دول التكتل الأوروبي منذ 2022 بالحد بشكل كبير من وارداتها الطاقية من روسيا عبر إيقاف واردات الفحم الروسي، الذي كان يمثل قرابة نصف إجمالي الاستهلاك في دول الاتحاد. وفي العام نفسه، خفّض الاتحاد وارداته النفطية من روسيا بنسبة تقارب 90%، لتنخفض حصة النفط الروسي إلى 3% فقط من إجمالي الواردات الأوروبية، مقارنة بنسبة 27% قبل اندلاع الحرب في أوكرانيا. ويقر المفوض الأوروبي للطاقة والإسكان، دان يورغنسن، بأن واردات الاتحاد من الغاز الروسي منذ عام 2022 تجاوزت قيمة المساعدات التي قدمتها دول الاتحاد لأوكرانيا خلال الحرب. وأوضح، بحساب تقريبي، أن قيمة مشتريات أوروبا من الغاز الروسي تعادل تكلفة شراء 2400 طائرة مقاتلة من طراز "إف-35". وبشكل عام، تراجع الاعتماد الأوروبي على واردات الغاز الروسي منذ 2022 بنسبة 19% من إجمالي احتياجاتها في عام 2024، مقارنة بـ45% في عام 2021. ومن المتوقع أن تنخفض هذه النسبة إلى نحو 13% في عام 2025، وفق ما تخطط له المفوضية الأوروبية في "خارطة الطريق". وفي تقدير الخبير في شؤون الاتحاد الأوروبي حسين الوائلي، فإن التخلص من اعتماد أوروبا على الغاز والنفط الروسيين بات ممكنا، خاصة مع التراجع الكبير في حجم الواردات الروسية، إلى جانب توجه الاتحاد الأوروبي المتزايد نحو مصادر الطاقة المتجددة، وهي سياسة بدا تطبيقها بالفعل بهدف تجاوز نسبة 42% بحلول عام 2030. ويشير الوائلي في تحليله للجزيرة نت إلى أن هناك إصلاحات تشريعية مرتقبة في البرلمان الأوروبي ضمن إستراتيجية تهدف إلى تقليص الاعتماد على الطاقة الروسية عبر سنّ قوانين ملزمة. من جانبه، يربط الباحث والمحلل الاقتصادي كانغان هالدر، في تحليل على موقع "بابرجام" المتخصص في أسواق المال، هذا التراجع الملحوظ في الاعتماد على الغاز الروسي إلى الجمع بين خفض واردات خطوط الأنابيب وزيادة تنويع مصادر الإمدادات، بما في ذلك زيادة واردات الغاز الطبيعي المسال من دول مثل الولايات المتحدة والنرويج وأذربيجان. ويشير هالدر أيضًا إلى أن التطور السريع لمحطات إعادة تحويل الغاز الطبيعي المسال إلى حالته الغازية في دول مثل ألمانيا وهولندا وفنلندا يعكس إرادة سياسية قوية، وقدرة مؤسساتية على تقليل الاعتماد على الطاقة الروسية. وفي هذا السياق، تسعى المفوضية الأوروبية إلى المضي قدما في سياسة فك الارتباط التدريجي، وصولا إلى الانفصال الكامل عن الغاز والنفط الروسيين، من خلال تشريعات داعمة لخارطة الطريق الأوروبية. ماذا تتضمن خارطة الطريق؟ تتضمن خارطة الطريق التي طرحتها المفوضية الأوروبية 9 إجراءات رئيسية، من أبرزها: إلزام مشترِي الغاز الروسي بالإفصاح عن معلومات عقود الاستيراد، وتبادل المعلومات بشكل منتظم بين السلطات الجمركية والهيئات العامة المعنية. التزام الدول الأعضاء بوضع خطط وطنية واضحة تتضمن إجراءات وجدولا زمنيا محددا للتخلي عن الغاز الروسي، على أن يتم تقديم هذه الخطط بحلول نهاية عام 2025. حظر استيراد الغاز الروسي بموجب عقود جديدة وعقود فورية قائمة بحلول نهاية 2025، إضافة إلى وقف الاستيراد بموجب عقود طويلة الأجل بحلول نهاية 2027 كحد أقصى. فرض قيود على العقود الجديدة لاستيراد اليورانيوم واليورانيوم المخصب وغيره من المواد النووية ذات المنشأ الروسي. استمرار العقوبات وتطبيقها على الكيانات و"السفن الشبح" التي يُشتبه في نقلها للنفط الروسي بطرق غير مشروعة. أما بالنسبة للخطوات المقبلة، فتعتزم المفوضية تقديم مقترحات تشريعية إلى البرلمان الأوروبي في يونيو/حزيران المقبل، تمهيدا لتطبيق ملزم لخارطة الطريق على الدول الأعضاء. وفي هذا السياق، أكد يورغنسن أن الاتحاد يظهر اليوم قوته وعزيمته في مواجهة روسيا، مشيرًا إلى أن الرسالة واضحة: وضع حد لسياسات الابتزاز للدول الأعضاء، ومنع ضخ المزيد من الأموال في خزائنها، ووقف استيراد الغاز وحظر الأنشطة السرية للسفن. واعتبر يورغنسن أن هذه الإجراءات تمثل خطوة مهمة نحو تحقيق الاستقلال الطاقي للاتحاد الأوروبي وإنتاج طاقة نظيفة بأسعار معقولة بدلا من استيراد الوقود الأحفوري باهظ الثمن. ورغم ذلك، تصطدم الإرادة الأوروبية بواقع مغاير تؤكده الأرقام. الأرقام تصب لمصلحة روسيا رغم التراجع الفعلي في إمدادات الطاقة الروسية إلى أوروبا، فإن بيانات هيئة الطاقة الأوروبية تظهر أن روسيا صدرت في عام 2024 نحو 52 مليار متر مكعب من الغاز الطبيعي المسال إلى 10 دول في الاتحاد الأوروبي، بالإضافة إلى 13 مليون طن من النفط لـ3 دول، وما يقارب 2800 طن من اليورانيوم المخصب أو على هيئة وقود إلى 7 دول أوروبية. وبالأرقام أيضا، لا تزال روسيا تحتفظ بموقع مهم في سوق الغاز الطبيعي المسال بالنسبة للاتحاد الأوروبي، إذ تمثل صادراتها نحو 20% من إجمالي احتياجات الاتحاد من هذا المورد، لتأتي في المرتبة الثانية بعد الولايات المتحدة التي تغطي نحو 45%. فقد ضخت روسيا نحو 20 مليار متر مكعب من الغاز الطبيعي المسال إلى أوروبا في عام 2024، من إجمالي 100 مليار متر مكعب تم استيرادها، مما يوفر لها عائدات تقدر بمليارات اليوروهات. وتقر المفوضية الأوروبية بأن الغاز الروسي، حتى بعد التوقف المتوقع لعبوره عبر أوكرانيا بنهاية عام 2025، سيظل يشكل نسبة تقارب 13% من إجمالي واردات الاتحاد الأوروبي من الغاز. ويقول هالدر إن هذا التدفق المستمر للطاقة الروسية يعكس طبيعة الاعتماد الدائم عليها من قبل دول الاتحاد الأوروبي، وهو ما يثير تساؤلا جوهريا حول حقيقة الاستقلال الطاقي لدول التكتل". وهناك مظهران على الأقل يدعمان تلك التساؤلات: الأول يتعلق بدولتي المجر وسلوفاكيا اللتين تحتفظان بعلاقات وثيقة مع روسيا، إلى جانب دولة التشيك التي لا تزال جميعها تستفيد من إمدادات خط الأنابيب الروسي "درويجبا". والثاني أن موسكو تمكنت من وضع آليات للالتفاف على العقوبات الأوروبية، مما أدى إلى تقليص نطاق الحظر الأوروبي، وأعطى هذا نتائج مثمرة من حيث العائدات المالية. وتعتقد صحيفة "لوموند" الفرنسية في تحليل لها، أنه سيكون من الصعب على دول الاتحاد الأوروبي اللجوء إلى العقوبات للقطع نهائيا مع واردات الطاقة الروسية. ووصفت خطتها الأخيرة بـ"المخاطرة" في الوقت الذي تحتاج فيه مثل هذه القرارات الى موافقة جماعية من كامل الدول الأعضاء بينما من المتوقع أن تعترض المجر عليه. ولم يتأخر رد الفعل المجري عند طرح خارطة الطريق، حيث وصف وزير الخارجية بيتر زيجارتو الخطوة بالـ"خطأ بالغ الخطورة". وتخطط المفوضة الأوروبية للجوء إلى آليات قانونية بديلة كالاكتفاء بتجميع الأغلبية من الأصوات بدل الأغلبية الكاملة. هل تملك أوروبا بدائل؟ لا توجد ضمانات حقيقية للاتحاد الأوروبي بشأن إمدادات بديلة للطاقة الروسية، ورغم التوقعات الكبيرة المعقودة على الغاز الأميركي، فإن استمرار المفاوضات الرامية لتفادي حرب تجارية مع واشنطن يثير مخاوف لدى خبراء أوروبيين من احتمال الوقوع في تبعية جديدة لحليف متقلب. وأشارت تقارير أوروبية إلى أن الرئيس الأميركي دونالد ترامب مارس في مطلع أبريل/نيسان ضغوطًا كبيرة على الأوروبيين لتوقيع عقود ضخمة لاستيراد الطاقة الأميركية، تصل قيمتها إلى نحو 350 مليار دولار. وقد حذرت عضو البرلمان الأوروبي عن حزب الخضر ماري توسان من خطر "استبدال إدمان بإدمان آخر"، بينما قال مفوض الطاقة يورغنسن "نحن لا نريد أن نكون معتمدين على أي دولة، بما في ذلك الولايات المتحدة". ويقول الوائلي للجزيرة نت: "نلاحظ رغبة أميركية للهيمنة على الواردات الأوروبية من الغاز، لكن أوروبا يمكنها أن تذهب في اتجاهات متعددة، لديها قطر وأذربيجان والنرويج والمملكة المتحدة إلى جانب الجزائر". وأضاف الوائلي أن الاتحاد الأوروبي يمضي قدما نحو هدفه، لكن لا يمكن التغافل عن بعض العراقيل التي تتمثل أولا في الدول الأعضاء، مثل سلوفاكيا والمجر ودول أخرى لديها رغبة في الإبقاء على علاقات وطيدة مع الروس". إلى جانب ذلك، يلفت خبراء إلى أن إقدام الشركات الأوروبية على إنهاء عقود الغاز الروسية من طرف واحد، قد يعرضها لدعاوى قضائية وعقوبات مالية، نظرًا للحماية التي توفرها القوانين الدولية لهذه العقود. وفي نظر الباحث هالدر، يحد هذا الواقع القانوني من قدرة الاتحاد الأوروبي على الانسحاب الكامل من الغاز الروسي على المدى القصير والمتوسط، بغض النظر عن النوايا السياسية. كما يشير إلى أن وتيرة الانتقال الطاقي في أوروبا أبطأ من المطلوب لتحقيق الاستقلال الكامل، إذ تتوقع خارطة الطريق الأوروبية إنتاج 35 مليار متر مكعب من الميثان الحيوي بحلول 2030، بينما لم يتجاوز الإنتاج في 2023 سوى 3.5 مليارات متر مكعب فقط. ويضيف هالدر في تحليله: "رغم تزايد الاستخدام الواسع النطاق للمضخات الحرارية وكهربة أنظمة التدفئة في أوروبا الغربية، فإن هذه التقنيات لا تزال غير كافية لاستبدال الاحتراق عالي الحرارة اللازم للصناعات الثقيلة".