
الصحفي حسام شبات في رسالة نشرت بعد مقتله "إذا كنت تقرأ ذلك فهذا يعني أنني قُتلت"
"خاطرت بكل شيء لنقل الحقيقة" كلمات كتبها الصحفي الفلسطيني، حسام شبات، الذي يعمل لصالح قناة الجزيرة مباشر القطرية في غزة، قبل مقتله، في غارة إسرائيلية قرب بلدة بيت لاهيا في شمال القطاع.
وبحسب الدفاع المدني الفلسطيني في غزة، فإن شبات (23 عاماً) قُتل أثناء عمله في غارة جوية إسرائيلية خلال تغطية لقناة الجزيرة مباشر، إحدى القنوات التابعة للشبكة القطرية.
وأظهرت لقطات لوكالة فرانس برس أنّ السيارة - التي كانت تحمل شعار تلفزيون للدلالة على أنها تابعة لفريق تلفزيوني وكذلك شعار القناة - أصيبت في جزئها الخلفي، وعثر على جثة الصحفي ممددة أرضاً على مقربة منها.
وبحسب المكتب الإعلامي الحكومي في غزة، ارتفع عدد الصحفيين الذين قتلوا في حرب غزة إلى 208 منذ السابع من أكتوبر/ تشرين الأول 2023.
وأدان المكتب في بيان نشره عبر حسابه على منصة تلغرام "استهداف وقتل واغتيال الاحتلال الإسرائيلي للصحفيين الفلسطينيين" داعياً، كل الأجسام الصحفية في كل دول العالم، إلى "إدانة هذه الجرائم الممنهجة ضد الصحفيين والإعلاميين الفلسطينيين في قطاع غزة".
وقال الجيش الإسرائيلي الثلاثاء، إن صحفي الجزيرة الذي "تمت تصفيته" في غزة - في إشارة إلى شبات - كان "قناصاً إرهابياً، يقاتل في صفوف حماس".
وقال المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي أفيخاي أدرعي في تدوينة على منصة إكس الاثنين، إن الجيش استهدف أكثر من 100 شاحنة "يستخدمها عناصر حماس لأغراض إرهابية".
واتهمت إسرائيل في أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، شبات وخمسة صحفيين آخرين يعملون في قناة الجزيرة، بانتمائهم إلى حركتي حماس والجهاد الإسلامي، وهو ما نفاه شبات، وفق لجنة حماية الصحافيين - منظمة غير ربحية ومقرها في الولايات المتحدة.
الرسالة الأخيرة
ونشر فريق قائم على عمل صفحتي حسام شبات عبر منصة إكس ومنصة إنستغرام - رسالته الأخيرة بعد مقتله، استهلها بالقول "إذا كنت تقرأ هذا، فهذا يعني أنني قُتلت - على الأرجح مستهدَفاً - على يد قوات الاحتلال الإسرائيلي".
الرسالة كتبت باللغة الإنجليزية.
ويقول شبات في رسالته "عندما بدأ كل هذا كنت في الحادية والعشرين من عمري فقط، طالب جامعي لديه أحلام كأي شخص آخر. وعلى مدار ثمانية عشر شهراً مضت، كرّستُ كل لحظة من حياتي لشعبي. وثّقتُ الأهوال في شمال غزة لحظة بلحظة، مصمماً على أن أُظهر للعالم الحقيقة التي حاولوا دفنها. نِمت على الأرصفة، في المدارس، في الخيام - أينما استطعت. كان كل يوم معركة من أجل البقاء. تحملْت الجوع لشهور، ومع ذلك لم أفارق شعبي أبداً".
ويضيف في الرسالة المنسوبة إليه: "والله قد أديت واجبي كصحفي، وخاطرت بكل شيء لنقل الحقيقة، والآن استرحت أخيراً، وهو أمر لم أعرفه منذ 18 شهراً".
ومنذ بداية الحرب في غزة، وثَّق حسام صوراً ومقاطع فيديو إضافة إلى نشر أخبار قصيرة عن الحرب في القطاع بينها معاناة النازحين، عبر حساباته على مواقع التواصل الاجتماعي.
"معجزة بالنسبة لعائلتي"
وكتب في تغريدة في 9 فبراير/ شباط الماضي، "أن أخرج على قيد الحياة من هذه الحرب كانت معجزة بالنسبة لعائلتي".
وكتب في أخرى، يوم 14 يناير/ كانون الثاني، "لم أتصور أنني سأخرج من هذه الحرب على قيد الحياة"، وذلك بعد ورود أنباء عن قرب التوصل إلى اتفاق وقف إطلاق النار آنذاك بين إسرائيل وحماس الذي اكتملت مرحلته الأولى فقط.
واستأنفت إسرائيل القصف والغارات المكثفة على غزة الأسبوع الماضي، بينما تقول وزارة الصحة في غزة إن 730 فلسطينياً على الأقل قتلوا منذ استئناف الضربات الإسرائيلية.
ونُشر تنويه عبر حساب حسام شبات على منصة إنستغرام بعد مقتله، بأن الصفحة "لن تتوقف".
شبات درس في الكلية الجامعية للعلوم التطبيقية في غزة، وكان هدفه قبل الحرب "بناء شركة إعلامية وتسويقية والاستقرار المالي" وقال إنه كان "شغوفاً بقطاع الضيافة ويعوّل على مصدر رديف للرزق، هو مطعم جرّفته" إسرائيل لاحقاً - بحسب ما ذكرت مواقع فلسطينية.
لكن مع بدء الحرب تفرق شبات عن عائلته التي نزحت جنوباً.
وكتب شبات في 15 فبراير/ شباط 2024، عبر منصة "إكس"، إن منزل عائلته في بيت حانون، مسقط رأسه، قُصف أمام عينيه. وقال حينها، إنه أُجبر على مغادرة هذه المدينة "بسبب فقدان جميع معدات التصوير وتقييد الإنترنت"، مشيراً إلى أنه كان مفترقاً عن أهله منذ أكثر من 130 يوماً بسبب الحرب.
ونقلت قناة الجزيرة عن مراسلها قوله إن الجيش الإسرائيلي استهدف سيارة شبات "بدون إنذار مسبق"، مشيرة إلى أن شبات تعرض سابقاً لإصابة في غارة إسرائيلية لكنه "أصر على استمرار تغطيته الصحفية".
وبثت الجزيرة فيديو قالت إنه لصحفيين بينهم شبات يحاولون الهرب حينما كانت قوات إسرائيلية تطلق النار عليهم في غزة في 21 فبراير/ شباط 2024.
كما قتل محمد منصور، مراسل تلفزيون فلسطين التابع لحركة الجهاد الإسلامي في غارة في جنوب القطاع، بحسب الدفاع المدني الفلسطيني، الذي أشار إلى أنّ منصور قُتل بضربة على منزله في خان يونس، الاثنين.
شبات كان قد نشر الخبر عبر حسابه على منصة إنستغرام، قبل وقت قصير من مقتله.
وأدانت قناة الجزيرة في بيان لها، "اغتيال" إسرائيل، لشبات، مؤكدة "التزامها باتخاذ جميع الإجراءات القانونية لمقاضاة مرتكبي هذه الجرائم بحق صحفييها".
وطالبت القناة، المجتمع الدولي، بـ "اتخاذ إجراءات عملية عاجلة لمعاقبة المتورطين في هذه الجرائم البشعة"، مؤكدة "تضامنها مع الصحفيين في غزة حتى تحقيق العدالة ومعاقبة المسؤولين".

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


شفق نيوز
منذ 5 ساعات
- شفق نيوز
دخول 90 شاحنة مُحمّلة بالمساعدات إلى غزة، وتحذيرات من أن "نصف مليون نسمة معرّضون للموت جوعاً"
واصلت شاحنات عديدة مُحمّلة بالدقيق، ومواد غذائية للأطفال الرُضّع ومساعدات أخرى، دخول قطاع غزة يوم الخميس. وقالت الأمم المتحدة إن بعض المساعدات الغذائية التي دخلت غزة على متن نحو 90 شاحنة يوم الأربعاء، وصلت الآن إلى المستودعات المُعدّة لها، وإن الدقيق وصل إلى المخابز في القطاع. ودخلت المساعدات من خلال معبر كرم أبوسالم، وذلك بعد ثلاثة أيام من إعلان إسرائيل تخفيف حصار مُطبق دام 11 أسبوعاً. ورأت الأمم المتحدة أن هذه الإمدادات "بعيدة عمّا يكفي لتلبية الاحتياجات الكبيرة في غزة" ولسدّ العجز الذي أحدثه الحصار الإسرائيلي. وقال أمجد الشوا، مدير شبكة المنظمات الأهلية الفلسطينية في غزة، إنه يتوقع أن تُنتج المخابز في القطاع الخبز في وقت لاحق اليوم الخميس". وأضاف الشوا، لوكالة رويترز للأنباء، أن 90 شاحنة فقط دخلت غزة، مشيراً إلى أنه في أثناء الهُدنة، كان يدخل إلى القطاع 600 شاحنة يومياً - وعليه فإن هذه الكمية تعتبر "قطرة في محيط" على حد تعبيره. Reuters "هذه الخطة ليست حلا، إنما هي قرار سياسي" فيما قالت إسرائيل إنها سمحت بدخول 100 شاحنة تحمل مواد غذائية للأطفال ومُعدات طبية لقطاع غزة يوم الأربعاء، بعد إعلان أوّل تخفيف للقيود التي تفرضها على القطاع - وهي الخطوة التي جاءت من الجانب الإسرائيلي استجابة لضغوط دولية متزايدة. وتتسبب قيودٌ إسرائيلية ومخاوف من تعرُّض المساعدات للنهب في تأخُّر وصولها، وتقول إسرائيل إن حركة حماس تصادر هذه المساعدات لمقاتليها، وهي التهمة التي تنفيها الحركة الفلسطينية. وفي حديث لبي بي سي، قال أنطوان رينارد من برنامج الأغذية العالمي، إن منظمات الإغاثة في غزة لا توظِّف مُسلّحين لحراسة المخازن نظراً لِما يكتنف ذلك من خطورة شديدة. وفي مؤتمر صحفي مساء الأربعاء، قال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتيناهو إن أياماً قليلة تفصلنا عن تنفيذ خطة جديدة لتوصيل المساعدات في غزة – فيما يُعرف بـ "منطقة مُعقّمة خالية من حماس" – حيث سيُنقَل الغزيّين للحصول على الإمدادات. وأعلنت الأمم المتحدة ومنظمات أخرى أنها لن تتعاون مع الخطة الإسرائيلية، قائلين إنها تتعارض مع المبادئ الإنسانية الأساسية وإنها كما يبدو "تتّخذ من المساعدات سلاحاً". وقال رينارد لبي بي سي: "هذه الخطة ليست حلا، إنما هي قرار سياسي ... ينبغي أن يذهب الغذاء إلى الناس، لا أنْ يذهب الناس إلى الغذاء". "نصف مليون نسمة معرّضون للموت جوعاً" وحذّرت منظمات إنسانية من تسجيل مستويات حادة من الجوع بين 2.1 مليون نسمة، في ظل ارتفاع نسبة الأطفال الذين يعانون سوء التغذية الحادّ بسبب نقص الأغذية الأساسية وارتفاع الأسعار بشكل كبير في القطاع. وفي ذلك، قال رينارد، من برنامج الأغذية العالمي: "بحسب أسعار السوق في غزة الآن، تقدّر تكلفة كل حافلة محملة بالدقيق بنحو 400 ألف دولار". وأضاف رينارد لبي بي سي: "الحلّ هو دخول مئات ومئات الشاحنات يومياً" إلى القطاع، مشيراً إلى أنّ "قلّة أعداد الشاحنات الداخلة للقطاع تعني مزيداً من الخطر والقلق بين سُكانه". ويشير التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي (الذي تدعمه الأمم المتحدة) إلى أن نصف مليون نسمة معرّضون للموت جوعاً في الأشهر المقبلة. ومن جانبها، تصرّ إسرائيل على أنه لم يكن هناك نقص في المساعدات، متّهمةً حماس بسرقة الإمدادات وإعطائها لمقاتليها أو بيعها من أجل الحصول على الأموال. وتقول إسرائيل إنها فرضت الحصار كوسيلة للضغط على حماس من أجل إطلاق سراح 58 رهينة لديها في غزة، بينهم حوالي 23 رهينة يُعتقد أنهم أحياء. ووصل عدد الأطفال الذين قتلوا في قطاع غزة، منذ اندلاع الحرب في السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، 16 ألفاً و503 أطفال، وفقاً لوزارة الصحة الفلسطينية. وبحسب الوزارة، توزّعتْ الفئات العمرية لهؤلاء الأطفال على النحو التالي: "الرُضّع - أقل من عام: 916 قتيلا؛ الأطفال من 1-5 أعوام: 4365 قتيلا؛ الأطفال من 6-12 عاماً: 6101 قتيلاً؛ الفِتية من 13–17 عاماً: 5124 قتيلا". "مناطق قتال خطيرة" في غضون ذلك، ومع وصول أوّل دُفعة من المساعدات إلى القطاع، واصل الجيش الإسرائيلي هجماته على غزة، مما أدى إلى مقتل ما لا يقل عن 35 شخصاً يوم الخميس، وفقاً لمصادر صحيّة فلسطينية. ويقول الجيش الإسرائيلي إنه يحرص على عدم وقوع إصابات بين المدنيين، وإنه يستهدف مسلّحين فقط. وأصدر الجيش الإسرائيلي أوامر بالإخلاء من 14 من الأحياء الواقعة في شمال غزة، بما فيها بيت لاهيا وجباليا. وقال الجيش إن هذه الأحياء هي "مناطق قتال خطيرة". وقال أفيخاي أدرعي، المتحدث باسم الجيش للإعلام العربي، إن الجيش الإسرائيلي "سيقوم بتوسيع نشاطه العسكري في مناطق وجودكم بشكل ملحوظ ... من أجل أمْنكم أخلوا فوراً جنوباً". ويأتي إنذار الجيش يوم الخميس غداة إطلاق مقذوفات من غزة على إسرائيل، سقط بعضها داخل القطاع.


شفق نيوز
منذ 5 ساعات
- شفق نيوز
فرنسا تفكك شبكة اعتداءات جنسية على الأطفال بينهم كاهن
شفق نيوز/ أعلن مكتب حماية القصّر في فرنسا، يوم الخميس، القبض على 55 رجلا في جميع أنحاء البلاد، بتهم حيازة ونشر ومشاهدة اعتداءات جنسية على أطفال دون سن العاشرة، تعمل عبر خدمة تلغرام للرسائل المشفرة وجرت عملية إيقاف المشتبه بهم بين الاثنين (19 أيار/مايو 2025) والخميس (22 أيار/مايو 2025) بعد تحقيق استمر عشرة أشهر. وقال رئيس قسم العمليات في المكتب كانتان بيفان لوكالة فرانس برس إن المشتبه بهم الذين تتراوح أعمارهم بين 25 و75 عاما، ومن بينهم كاهن وجدّ وسائق سيارة إسعاف و"أرباب عائلة طيبون" ومعلّم موسيقى وأشخاص عازبون، كانوا يتواصلون عبر تلغرام وكانوا على اتصال مع أشخاص "خطرين للغاية" ضالعين في جرائم جنسية ضد الأطفال مسجونين منذ الصيف الماضي. وجرت عمليات الاعتقال في 42 مقاطعة فرنسية، بتهمة حيازة وتوزيع ومشاهدة صور إباحية تتعلق بأطفال "تحت سن العاشرة". ويتعامل مع القضية 42 نيابة عامة في ظل لامركزية الملف في هذه المرحلة. وبدأت هذه العملية الواسعة النطاق باعتقال عناصر مكتب حماية القصّر في فرنسا خلال الصيف الماضي لأشخاص كانوا يعتدون على أطفال وينشرون اعتداءاتهم عبر تلغرام. وأوضح كانتان بيفان أن "هذه الحملة استغرقت عشرة أشهر من التحقيقات للوصول إلى هؤلاء المعتدين الجنسيين على الأطفال. عشرة أشهر من التسلل إلى آلاف الرسائل وتحليل صور الاعتداء الجنسي على الأطفال وكشفها، من جانب فريق عمل شُكِّل في مكتب حماية القصّر". وأشار إلى أن "تلغرام لا تزال المنصة المفضلة لمرتكبي الجرائم الجنسية ضد الأطفال". وفي حين أقر بالتقدم المحرز في تعاون المنصة مع المحققين منذ اعتقال رئيسها بافيل دوروف في مطار لو بورجيه قرب باريس في آب/ أغسطس الماضي، فإنه رأى أن تلغرام "بالكاد تفي بالحد الأدنى من التزاماتها القانونية" في هذا المجال.


شفق نيوز
منذ 21 ساعات
- شفق نيوز
"المزاج يتغير": تصاعد الأصوات الإسرائيلية الغاضبة من حرب غزة
بينما تدخل الحرب الإسرائيلية في غزة مرحلة جديدة من العنف، تتصاعد الأصوات الرافضة لها في إسرائيل، وللطريقة التي تتعامل بها الحكومة. وكان يائير غولان، السياسي اليساري البارز ونائب القائد السابق للجيش الإسرائيلي، قد أشعل موجة غضب يوم الاثنين عندما قال: "إسرائيل تسير نحو أن تُصبح دولة منبوذة، كما حدث مع جنوب أفريقيا، إذا لم نعد إلى رشدنا كدولة". وأضاف أثناء حديثه في برنامج إخباري صباحي في إذاعة إسرائيل: "الدولة العاقلة لا تخوض حرباً ضد مدنيين، ولا تمارس قتل الرضّع كهواية، ولا تتبنى هدفاً يتمثل في إجلاء السكان من مناطقهم". وردّ رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، على تلك التصريحات، ووصفها بأنها "محض افتراء". أما موشيه "بوغي" يعالون، وزير الدفاع ورئيس أركان الجيش الإسرائيلي السابق، فذهب لما هو أبعد من ذلك في تصريحاته. وقال في منشور على منصة إكس يوم الأربعاء: "ما يحدث ليس 'هواية'، بل سياسة تتبعها الحكومة، وغايتها النهائية هي التشبث بالسلطة، تلك السياسة تجرّنا نحو الدمار". هذه التصريحات كان لا يمكن تصوّرها، قبل 19 شهراً فقط، عندما اجتاز مسلحو حركة حماس السياج الحدودي إلى داخل إسرائيل وقتلوا نحو 1200 شخص، معظمهم من المدنيين، بحسب بيانات الحكومة الإسرائيلية، واحتجزوا 251 رهينة آخرين في غزة. أما الآن، فغزة غارقة في الدمار، وأطلقت إسرائيل هجوماً عسكرياً جديداً، وعلى الرغم من إعلانها الموافقة على إنهاء الحصار الذي دام 11 أسبوعاً، فإن المساعدات التي وصلت حتى اللحظة لا تزال ضئيلة جداً. وكشف استطلاع رأي أجرته القناة 12 الإسرائيلية مؤخراً أن 61 في المئة من الإسرائيليين يرغبون في إنهاء الحرب وضمان عودة الرهائن، في حين يؤيد 25 في المئة فقط تصعيد العمليات العسكرية واحتلال غزة. وتصر إسرائيل على تدمير حماس وإنقاذ الرهائن المتبقين، كما يصرّ نتنياهو على قدرته على تحقيق "انتصار كامل"، معتمداً في ذلك على قاعدة دعم شعبية قوية لا تزال متمسكة به. لكن الشعور السائد بين فئات أخرى داخل المجتمع الإسرائيلي هو "الإحساس باليأس والصدمة، وغياب الشعور بالقدرة على إحداث أي تغيير"، وفقاً لما قاله غيرشون باسكين، المفاوض الإسرائيلي السابق في قضايا الرهائن. وأضاف: "الغالبية العظمى من عائلات الرهائن ترى جميعها أن الحرب يجب أن تنتهي، مع ضرورة التوصل إلى اتفاق". كما ترى نسبة ضئيلة أن الهدف الرئيسي يجب أن يكون القضاء على حماس أولاً، ثم تحرير الرهائن. وشهد يوم الأحد خروج نحو 500 متظاهر، العديد منهم يرتدون قمصاناً تحمل عبارة "أوقفوا الرعب في غزة"، ورفعوا صوراً لأطفال قُتلوا في الضربات الجوية الإسرائيلية، ونظموا مسيرة من مدينة سديروت إلى الحدود مع غزة، احتجاجاً على الهجوم العسكري الجديد لإسرائيل. ونظمت التظاهرة مجموعة تُطلق على نفسها "الوقوف معاً"، وهي مجموعة صغيرة يتزايد عددها من مواطنين يهود وفلسطينيين داخل إسرائيل يعارضون الحرب، وسعوا إلى إغلاق طريق، واعتُقل قائد المجموعة، ألون-لي غرين، وثمانية آخرون. وقال غرين لبي بي سي: "أعتقد أنه من البديهي ملاحظة وجود صحوة بين الإسرائيليين، وملاحظة تبني المزيد من الأشخاص لموقف صريح". ولفت أوري فيلتمان، أحد نشطاء مجموعة "الوقوف معاً"، إلى أنه يعتقد أن ثمة قناعة تتزايد بأن استمرار الحرب "لا يضر المدنيين الفلسطينيين فحسب، بل يعرض حياة الرهائن، وحياة الجنود، وحياة الجميع منا للخطر". جدير بالذكر أن الآلاف من قوات الاحتياط الإسرائيلية، من مختلف أسلحة الجيش، وقّعوا في شهر أبريل/نيسان الماضي، رسائل تطالب حكومة نتنياهو بوقف المعارك والتركيز على التفاوض من أجل إعادة الرهائن المتبقين. وعلى الرغم من ذلك تتفاوت وجهات النظر الأخرى بين الكثيرين في إسرائيل. وأجرت بي بي سي، عند معبر كرم أبو سالم المؤدي إلى غزة، يوم الأربعاء، مقابلة مع غيديون هاشافيت، عضو في مجموعة تحتج على السماح بدخول المساعدات. ووصف الموجودين في غزة بأنهم "ليسوا أبرياء، لقد اتخذوا قرارهم، عندما اختاروا الانتماء إلى منظمة إرهابية". وأعلنت المملكة المتحدة، الثلاثاء، فرض عقوبات جديدة على بعض من أكثر الفئات تطرفاً في المجتمع الإسرائيلي، وهي جماعات المستوطنين. وفي أقوى إجراء اتخذته حتى الآن، أوقفت المملكة المتحدة محادثات متعلقة باتفاقية تجارية مع إسرائيل واستدعت سفير الدولة، كما وصف وزير الخارجية البريطاني، ديفيد لامي، التصعيد العسكري في غزة بأنه "غير مبرر أخلاقياً". كما أعلن الاتحاد الأوروبي عن مراجعة اتفاقية الشراكة مع إسرائيل، التي تحكم العلاقات السياسية والاقتصادية بينهما، وقالت مسؤولة السياسة الخارجية، كايا كالاس، إن "أغلبية قوية" من الأعضاء يؤيدون إعادة النظر في هذه الاتفاقية التي مضى عليها 25 عاماً. وشاركت أيضاً المملكة المتحدة وفرنسا وكندا، يوم الاثنين، في توقيع بيان مشترك شديد اللهجة، يدين العمليات العسكرية الإسرائيلية، ويحذر من "اتخاذ مزيد من الإجراءات الحاسمة" في حال عدم تحسّن الوضع الإنساني في غزة. وقال فيلتمان: "الأجواء تتغير، والرياح بدأت تعصف في الاتجاه المعاكس".